Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الكعبة وجذورها الوثنية
إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
كسوة حجارة الكعبة
معابد الله باليمن
المقة
المسيحية فى الجزيرة العربية
إنشاء كعبة حديثة

 

العرب من السجود تجاه القدس للسجود تجاه الكعبة
كات قبلة محمد نبى الإسلام القدس / أورشليم - ثم غيرها لمكة التى كانت معقل للعبادة الوثنية فكانت فى داخلها صور وعلى جدرانها من الخارج 360 وثن حيث كانت كل قبيلة لها صنم خاص (إلهاً خاص) وكان أفراد لاقبيلة يأتون ليسجدوا إلى إلههم الوثنى خارج الكعبة أما تغيير القبلة من القدس لمكة بناء لمشورة عمر بن الخطاب ونزولاً لرغبة قريش وقال عمر بن الخطاب عبارة أثبتها رسول الإسلام على أنها آية انزلت فى القرآن - وكان العرب الوثنيين يكسون تماثيلهم ملابس مطرزة بالذهب والجواهر فلما أزال محمد التماثيل وأستولى على الذهب الذى كان عليها ظل العرب بعد الإسلام يسجدون خارج الكعبة وألبسوا حجارة الكعبة ثياباً مطرزة بالذهب والأحجار الكريمة أيضا
فلمن يسجد المسلمون اليوم ؟ إذا عرفنا أن الله كان له تمثالاً يعبده العرب وهو إلاه القمر الوثنى !!!   

الكعبة لم تكن مكعبة بل كان بها ستة أعمدة وكانت مستطيلة ولكن الحجر الأسود هو الذى كان مكعباُ

ذكر الأزرقي في أخبار مكة في باب ما جاء في ذكر بناء قريش الكعبة في الجاهلية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بمحو الصور التي في الكعبة سوى صورة مريم وعيسى عليهما السلام.
الإسناد الأول
قال حدثني جدي قال حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال جلس رجال من قريش في المسجد الحرام - فذكر خبرا طويلا في بناء الكعبة وقال في آخره - وجعلوا في دعائمها صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة فكان فيها صورة إبراهيم خليل الرحمن شيخ يستقسم بالأزلام وصورة عيسى ابن مريم وأمه وصور الملائكة عليهم السلام أجمعين . فلما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت فأرسل الفضل بن العباس بن عبد المطلب فجاء بماء زمزم ثم أمر بثوب مبتل بالماء وأمر بطمس تلك الصور فطمست . قال ووضع كفيه على صورة عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام وقال: " امحوا جميع الصور إلا ما كانت تحت يدي " فرفع يديه عن عيسى ابن مريم وأمه
.(الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 272)
الإسناد الثاني: قال وحدثني جدي قال حدثنا داود بن عبد الرحمن قال أخبرني بعض الحجبة عن مسافع بن شيبة بن عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يا شيبة امح كل صورة فيه إلا ما تحت يدي ، قال فرفع يده عن عيسى ابن مريم وأمه .
الإسناد الثالث: قال حدثني جدي عن سعيد بن سالم قال حدثنا يزيد بن عياض بن جعدبة عن ابن شهاب صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3173),سنن أبو داود المناسك (2027). أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة يوم الفتح وفيها صور الملائكة وغيرها فرأى صورة إبراهيم فقال قاتلهم الله جعلوه شيخا يستقسم بالأزلام ثم رأى صورة مريم فوضع يده عليها وقال امحوا ما فيها من الصور إلا صورة مريم .
الإسناد الرابع: قال أخبرني محمد بن يحيى عن الثقة عنده عن ابن اسحاق عن حكيم بن عباد بن حنيف وغيره من أهل العلم أن قريشا كانت قد جعلت في الكعبة صورا فيها عيسى ابن مريم ومريم عليهما السلام قال ابن شهاب قالت أسماء بنت شقران امرأة من غسان حجت في حاج العرب فلما رأت صورة مريم في الكعبة قالت بأبي وأمي إنك لعربية فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمحو تلك الصور إلا ما كان من صورة عيسى ومريم .

 

ويقول الأزرقى [ أخبار مكة 1: 11. - 113 ] في تزيين الكعبة الحجازية :" وزوقوا سقفها وجدرانها من بطنها ودعايمها وجعلوا في دعايمها صور الأنبياء وصور الملايكة ، فكان فيها صورة إبراهيم خليل الرحمن شيخ يستسقم بالأزلام وصورة عيسى بن مريم وأمه وصورة الملايكة عليهم السلام أجمعين ، فلما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله البيت فأرسل الفضل بن العباس بن عبد المطلب فجاء بماء زمزم ثم أمر بثوب فبُل بالماء وأمر بطمس تلط الصور فطمست ، قال ووضع كفيه على صورة عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام وقال امحوا جميع الصور إلا ما تحت يدي ، فرفع يديه عم عيسى بن مريم وأمه ...

*********************************************************************************************************

الجزء التالى للمؤرخ العلامة جــــواد عــلى فى موضع آخر من كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام دار العلم للملايين ، بيروت ، الطبعة الثانية الجزء الثالث 1980م الفصل الرابع والسبعون - الكعبة  - ص  762 - 767 ( تعليق من الموقع : نقلنا هذه الصفحة بدون تغيير ولكننا وضعنا لكل فقرة عنوان )
**********************************************************************************************************

كعبة مكة
وكعبة مكة، هي الكعبة الوحيدة التي بقيت محافظة على اسمها ومقامها حتى اليوم، من بين الكعبات التي كانت في الجاهلية. فقد اندثر أثر الكعبات الأخرى وزالت معالمها، ولم يبق لها مكان. والى الإسلام يعود ولا شك فضل بقاء "البيت الحرام". وبفضل الإسلام أيضاً جمع العلماء ما تمكنوا من جمعه من تأريخ المدينة القديم والمعالم المتصلة بها، ومن أخبار قريش، لما لهذا التأريخ من صلة بظهور الإسلام.

أسماء كعبة مكة :  "البيت الحرام" و "البيت العتيق" و "البيت المعمور" و "ذات الودع"
ويذكر أهل الأخبار أن الكعبة كانت معروفة عند العرب خارج الحجاز كذلك، وأنهم كانوا يحجون اليها ويقدسونها ويقسمون بها. وأن من أقسم بها وذكر البيت في شعره "زهير" و "النابغة". وقد عرفت ب "البيت العتيق"، وب "البيت المعمور". ورووا أن "عدي بن زيد العبادي" قصدها بقوله:

كلا يميناً بذات الودع لوحدثت فيكم وقابل قبر الماجد الزارا
دعاها "ذات الودع" لأنه كان يعلق الودع في ستورها.
وقد أقسم بها شاعر جاهلي آخر، هو "عوف بن الأحوص" إذ قال: وإنى والذي حجت قـريش محارمه وما جمعت حراء
وشاعر عامري آخر، إذ قال: فاقسم بالذي حجـت قـريش وموقف ذي الحجيج إلى إلال
يريد بذلك مكة. وبمكة بيت الله.
ومعارفنا عن "البيت الحرام" ضئيلة، وفي الذي يذكره أهل الأخبار عنه ما لا يمكن قبوله ولا الأخذ به، لأنه لا يدخل في حدود التأريخ، ولغلبة الطابع القصصي عليه. ثم إن بعضه يناقض بعضاً، وفي بعضه تحيز وتعصب لبيت قرشي على بيت آخر. وحتى القسم الذي يتناول الأيام القريبة من الإسلام، لا يخلو من اضطراب ومن تناقض، وفيه شعر نحل على أناس، أقحمت أسماؤهم في قصص مكة، لتثبيته على طريقتهم في تثبيت الأخبار برواية شعر يتعلق بها.

لا يوجد سند تاريخى لأصل الكعبة بمكة
ولم يعثر حتى الآن على كتابة جاهلية تكشف القناع عن تأريخ "البيت الحرام".ولذلك انحصر علمنا بتأريخه بما ورد في الموارد الإسلامية عنه.
وقد نص في القرآن الكريم، على ان إبراهيم وإسماعيل هما اللذان رفعا القواعد من البيت )وإذ جعلنا البيتَ مثابة للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى،وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود. وإذ قال إبراهيم ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر. قال) ومن كفر فأمتعّه قليلاً ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير. وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبّل منا انك أنت السميع العليم(. وقد كان تأسيس البيت في ايام العرب الأولى،في ايام جرهم، على روايات أهل الأخبار،وفيهم تزوج. وفيهم تزوج. وفي عهده ظهر ماء زمزم.

مكة الحرم الآمن
ويذكر أهل الأخبار ان مكة حرم آمن، لا يحلّ فيه قتال،ولم يكن أهله يقاتلون فيه، وان أول بغي وقع فيه، كان حرب وقعت بين "بني السباق بن عبد الدار" وبين "بني على بن سعد بن تميم"، حتى تفانوا. ولحقت طائفة من "بني السباق" بعك،فهم فيهم. وقيل أول بغي كان في قريش: بغي"الأقايش"، وهم "بنو أقيش " من بني سهم، بغى بعضهم على بعض،فلما كثر بغيهم على الناس،أرسل الله عليهم فأرة تحل فتيلة، فأحرقت الدار التي كانت فيها مساكنهم فلم يبق لهم عقب.
وقد بقي البيت معبوداً مقدساً عند أهل مكة وعند غيرهم، غير أن المشركين حوّلوه إلى بيت لعبادة الأصنام والأوثان والشرك حتى عام الفتح، حيث أزال الرسول عنه آثار الجاهلية، وأمر بطمس معالم الوثنية. وصار حرماً آمناً خاصاً بالإسلام لا يدخله مشرك ولا تطأ أرضه أقدام غير مسلم مؤمن باللّه وبرسوله. ويذكر أهل الأخبار أن أهل مكة كانوا يعظمون البيت،وأن من سنن تعظيمهم له، أن من علا الكعبة من العبيد، فهو حرّ لا يرون الملك من علاها،ولا يجمعون بين عزّ علوّها وبين الرق.
وانهم لم يكونوا يبنون بنياناً مربعاً بمكة تعظيماً للكعبة. وان أول من بنى بها بيتاً مربعاً، "بديل بن ورقاء" الخزاعي،وهو أول من أتخذ بمكة روشناً، وكانوا قبل ذلك يتحامون التربيع في البناء كيلا يشبه بناء الكعبة وأن أول من سقف بمكة سقفاً "قصي بن كلاب"، وكان الناس قبل ذلك إنما ينزلون في العريش وأن أول من بوب بمكة باباً "حاطب بن بلتعة".
و "بديل بن ورقاء(،هو "بديل بن ورقاء بن عبد العزى"،شريف كتب اليه التي يدعوه إلى الإسلام، وكان له قدر في الجاهلية بمكة. فلو أخذنا برواية من قال انه كان أول من بنى بيتاً مربعاً بمكة، وأول من اتخذ بها روشناً، وجب جعل حدوث ذلك في ايام النبي، أو بسنين قليلة قبل المبعث،فهل يعقل ذلك ?والروشن الرف، و "الرشن" الكوة، من الألفاظ المعربة عن الفارسية.
وأما "حاطب بن أبي باتعة" فهو "حاطب بن أبي بلتعة بن عمرو بن سلمة بن صعب بن سهل اللخمي"،حليف بني أسد بن عبد العزى،من الصحابة وممن شهد بدراً، كان حليفاً للزبير،وكان قد كتب كتاباً إلى قريش يخبرهم بتجهيز رسول الله اليهم، فضبط الكتاب قبل وصوله مكة، واعتذر.
فهو من الصحابة،وذكر ان الرسول أرسله إلى "المقوقس" صاحب الاسكندرية.
فهل يعقل أن يكون أول من بوّب باباً بمكة، وقد كانت البيوت قبله بمكة منذ وجدت، فكيف كان يدخل الناس اليها،وقد رأينا قصصاً لأهل الأخبار يروونه عن امتناع "الحمس" عن دخول البيوت من أبوابها، والحمس هم قريش وأهل مكة قبل دخول "حاطب" اليها ! ويذكر أهل الأخبار أن البيت قد تهدم مراراً، وأن السيول قوضت قواعده عدة مرّات،لذلك لم يتمكن "بيت إبراهيم وإسماعيل" من البقاء، ولكن الجاهليين حرصوا على المحافظة على أسسه وشكله وموضعه. وإنهم كانوا بعد كل هدم أو تصدع يصيبه يحاولون إرجاعه إلى ما كان عليه في أيام آبائهم وأجدادهم جهد امكانهم،لا يحدثون فيه تغييراً ولا يدخلون على صورة بنائه تبديلاً.
و "البيت الحرام" بناء مكعب، ولذلك قيل له "الكعبة". وصفه أهل الأخبار،فقالوا كانت الكعبة قبل الإسلام بخمسة أعوام صنماً، أي حجارة وضعت بعضها على بعض من غير ملاط، فوق القامة، وقيل كانت تسع أذرع من عهد إسماعيل،ولم يكن لها سقف، وكان لها باب ملتصقة بالأرض. وكان اول من عمل لها غلقاً هو تبع. ثم صنع "عبد المطلب"، لها باباً من حديد، حلاها بالذهب من ذهب الغزالين. وهو اول ذهب حليت به الكعبة. ووصف أهل الأخبار لها على النحو المذكور، يجعلنا نتصورها وكأنها خربة بدائية بسيطة، هي ساحة تكاد تكون مربعة أحيطت بجدار من أحجار رضمت يعضها فوق بعض من غير مادة بناء تمسك بينها، تحط في فنائها الطيور وسباع السماء، ولا يحول بين أرضها وبين أشعة الشمس المحرقة والأمطار التي تنزل على مكة أحياناً على شكل مياه خارجة من أفواه قرب، أي حائل. إنها في الواقع حائط من أحجار لا يزيد ارتفاعه على قامة إنسان.
ويذكر بعض أهل الأخبار أن أول من بنى جدار الكعبة، "عامر" الجادر من الأزد. فقيل له: "الجادر". و كان أول من جدر الكعبة بعد إسماعيل. وأول تسقيف لها كان - كما يذكر أهل الأخبار - في التعمير الذي أجري عليها في النصف الأول من القرن السابع للميلاد، وذلك قبل الإسلام بخمس سنين، وعمر الرسول يومئذ خمس وثلاثون سنة. وسبب ذلك حريق أصابها - كما يزعمون - فقرروا إعادة بنائها، واجتمعوا وعملوا رأيهم فكان قرارهم تسقيفها بخشب، وقد أقيم السقف على ستة أعمدة من الخشب،وزعت في صفين. وزادا فيها تسع أذرع، فصارت ثماني عشرة ذراعاً، ورفعوا بابها عن الأرض، فكان لا يصعد اليها إلا في درج أو سلّم. ورفعوا من جدرانها التي بنوها بساف من حجر وساف من خشب، حتى زادت على ما كانت عليه في الأصل. وورد في الأخبار ان رسول الله لما دخل الكعبة عام الفتح، قام عند سارية فدعا، وفيها ست سوارٍ.
وذكر أهل الأخبار، ان سبب بنيان الكعبة، هو انها كانت رضمة فوق القامة، وانها كانت قد تصدعت حتى تداعت جدرانها وتساقطت أحجارها، فأرادوا رفعها وتسقيفها، وذلك ان نفراً من قريش وغيرهم سرقوا كنز الكعبة، وانما كان يكون في بئر في جوف الكعبة، فأجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها. ولم يكن هذا البناء الجديد بناءً فخماً،كما يظهر من الوصف الوارد في كتب أهل الأخبار. كل ما فيه أنه غرفة سقفت الآن بخشب، أقيم سقفها على صفين من أعمدة، كل صف ذي ثلاثة أعمدة. وأما حيطانها، فقد زيد ارتفاعها فصار ثماني عشرة ذراعاً، بعد أن كانت تسع أذرع، أو ارتفاع قامة أو أعلى من ذلك بقليل. وقد بنيت هذه المرة من مادة بناء قوية، جعلت مدماكاً من حجارة ومدماكاً من خشب، فكان الخشب خمسة عشر مدماكاً،والحجارة ستة عشر مدماكاً. وجعلوا سقفها مسطحاً له ميزاب، يسيل منه ماء المطر. وهو على الجملة لا يقاس بشيء بمعابد العربية الجنوبية مثل معبد "المقه" بمدينة مأرب أو المعابد الأخرى التي تمكن الباحثون من الوقوف على أسسها ومعالمها، من حيث مساحة البناء أو الفن أو الروعة والعظمة.
ويذكر أهل الأخبار أن أهل مكة استعانوا بتسقيف البيت بخشب سفينة رجل من تجار الروم رمى البحر بسفينته إلى الساحل إلى "الشعيبة"، وهو مرفأ السفن من ساحل الحجاز، وكان مرفأ مكة، ومرسى سفنها قيل "جدة". فجاؤوا بالخشب إلى مكة، وكان بها نجار "قبلطي"، استعين به في تسقيف البيت بذلك الخشب. وذكر أن الذي سقف البيت علج كان في السفينة، يحسن النجارة اسمه "باقوم"، فجئ به مع الخشب، وسقف الكعبة. وقد سألهم عن كيفية تسقيفها هل يجعل السقف قبة أو مسطحاً، فامروه أن يكون مسطحاً، فعمله على ما أمروه به. ويذكرون أن قريشاً حين أرادوا بناء الكعبة أتى "عبد الله بن هبل ابن أبي سالم"، ومعه مال، فقال: دعوني أشرككم في بنائها، فأذنوا له فبنى الجانب الأيمن، ف "لبني كلب يد بيضاء في نصرتهم لقريش حين بنوا الكعبة"، وصاحب هذا الخبر هو "ابن الكلبي"، ولا استبعد أن يكون خيره هذا من وحي العاطفة فى قومه الكلبيين.
وذكر أن "باقوم" الرومي، كان يتجر إلى "المندب"، فانكسرت سفينته بالشعيبة، فخرجت اليه قريش فأخذوا خشبها، وقالوا له ابنها على بنيان الكنائس، وقال لقريش: هل لكم أن تجروا عيري في عيركم، يعني التجارة، وأن أمدكم بما شئتم من خشب ونجار، فتبنوا به بيت ابراهيم.
ويذكر الأخباريون انه كان في بطن البيت قرنا كبش معلقان في الجدار تلقاء من دخلها يخلّقان ويطيبّان اذا طيب البيت، وقد علق عليهما معاليق من حليّ كانت تهدى الى الكعبة. ويرمز القرنان إلى قرني الكبش النبي ذبحه ابراهيم الخليل، وقد بقيا في الكعبة إلى ايام "عبد الله بن الزبير" فاحترقا مع الكعبةْ. وقد زوقت الكعبة بعد هذا الحريق، زوق سقفها وجدرانها من بطنها ودعائمها، وجعلت " في دعاماتها صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة، فكان فيها صورة ابراهيم الخليل الرحمان، شيخ يستقسم بالأزلام، وصورة عيسى بن مريم وأمه، وصورة الملائكة عليهم السلام أجمعين. فلما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، البيت، فأرسل الفضل بن العباس بن عبد المطلب، فجاء بماء زمزم، ثم أمر بثوب فبلّ بالماء، وأمر بطمس تلك الصور فطمست. ووضع كفيه على صورة عيسى بن مريم وأمه عليهما اسلام وقال: أمح جميع الصور، إلا ما تحت يدي، فرفع يديه عن عيسى بن مريم وأمه ونظر إلى صورة ابراهيم، فقال: قاتلهم الله جعلوه يستقسم بالأزلام، ما لابراهيم والأزلام. وقد بقيت صورة عيسى بن مريم وأمه، إلى ايام عبد الله بن الزبير، فلما تهدم البيت، تهدمت الصورة معه.
وأعاد الجاهليون - كما يذكر أهل الأخبار - الصنم هبل إلى مكانه، نصبوه أمام "الغبغب"، وأعادوا معه بقية الأصنام، التي كانت تتعبد لها بعض القبائل. ووضعوا حول الكعبة أصناماً أخرى، يجب أن تكون من الدرجة الثانية في المنزلة أي أصنام قبائل ضعيفة، لذلك وضعت خارج البقعة المقدسة. وقد أوصلت الروايات عدة أصنام الكعبة عام الفتح إلى "365" صنماً، كان بعضها منحوتاً من الحجارة، وبعضها معمولاً من النحاس، وبعضها قوارير، وكان صنم خزاعة قوارير صفر. ولما دخل الرسول مكة، أمر بها فأزيلت وحطمت، فلم يبق من يومئذ بها صنم. وذكر ان النبي دخل مكة "وحول الكعبة ثلاثماثة وستون نصباً. فجعل يطعنها بعود كان بيده. ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً ".
وذكر في بعض الروايات أن رسول الله بعد أن طاف بالبيت سبعاً على راحلته دخل الكعبة فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحهاْ. وأنه لما طاف بالبيت وجد حولها أصناماً مشدودة بالرصاص، فحطمت، وأعظمها "هبل" صنم قريش.
ويتبين من الروايات الواردة عن بناء الكعبة وعن اختلاف أهل مكة وتشاحنهم وتنافسهم فيما بينهم. على شرف وضع "الحجر الأسود" في مكانه أنه كان لهذا الحجر أهمية خاصة في نظرهم، وأنه كان أقدس شيء عندهم. وإلا لما اختلفوا هذا الاختلاف على وضعه، حتى ليمكن أن يقال إنه كان فوق أصنام الكعبة منزلة، بدليل عدم ورود لشارة ما إلى وقوع اختلاف بشان إعادة صنم من تلك الأصنام إلى مواضعها. ولو كانت الأصنام أقدس منه، لكان الاختلاف على شرف وضع تلك الأصنام لا الحجر الأسود بالطبع. وهذا التقديس الزائد يحملنا على التفكير في أسبابه وفيَ الميزة النبي ميزت هذا الحجر على الأصنام وهي في طبيعتها حجارة مثله. لقد ذهب "ولهوزن" إلى أن قدسية البيت عند أهل الجاهلية، لم تكن بسبب الأصنام التي فيه، بل كانت بسبب هذا الحجر. لقد كان هذا الحجر مقدساً في ذاته، وهو الذي جلب القدسية للبيت، فصار البيت نفسه مقدساً، مقدساً في حد ذاته، بحجره هذا الذي هو فيه، ولعله شهاب "نيزك"، أو جزء من معبود مقدس قديم.
وقد ذهب بعض المستشرقين إلى ان اابيت لم يكن إلا بمثابة إطار للحجر الأسود الذي كان من أهم معبودات قريش، لأنه بمثل بقايا حجر قديم كان مقدساً عند قدماء الجاهليين، غير أنه لم يكن معبود قريش الوحيد.
ويلاحظ ان التقرب إلى الأحجار في بيوت العبادة كانت شائعة بين الجاهليين.
وقد ذكر ان في "غيمان" موضع عبادة وفيه "حجر قحمم" "حجر قاحمم" "حجر قاحم"، وهو يشبه الحجر الأسود الذي كان يتقرب اليه الجاهليون في مكة. والحجر الذي كان في كعبة نجران وفي "تسلال"، وفي مواضع أخرى عديدة ذشرها "الهمداني". وقد عثر على مقابر جاهلية عديدة تبين للذين نقبوا فيها ان لها صلة بعبادة الأحجار، وان تلك المقابر أقيمت عند موضع مقدس لوجود حجر مقدس فيه.
وقد كان الجاهليون يلمسون الحجر الأسود للتبرك به، وهو مبني في جدار
الكعبة، فيكون اللمس بالطبع للجانب البارز منه. وبين موضع "الحجر الأسود" وباب البيت يكون "الملتزم"، وفي الناحية الشمالية الغربية "الحجر" أو "الحطيم".
وكانت الجاهلية تتحالف وتحلف عنده. ويقال للجهة التي فيها "الحجر الأسود" "الركن". وذكر ان العرب في الجاهلية كانت تطرح بموضع الحطيم ما طافت به من الثياب، فيبقى حتى يتحطم بطول الزمان، فسمي الموضع حطيماً. وقد كانت الجاهلية تتحالف عند "الملتزم" بالأيمان، وتدعو على الظالم، وتعقد الحلف.
وذكر "اليعقوبي" ان الجاهليين كانوا قد وضعوا "إسافاً" و"نائلة"، داخل ألمسجد الحرام. وضعوا كل واحد منهما على ركن من أركان البيت، فكان الطائف اذا طاف بدأ، بإساف فقبله وختم به. وذكر انهم نصبوا على الصفا صنماً، يقال له "مجاور الريح"، وعلى المروة صنماً يقال له "مطعم الطير". وفي روايات أهل الأخبار عن تزويق الكعبة بالصور لبس وغموض وهي روايات عديدة، يفهم من بعضها أن هذه الصور كانت بالزيت، رسمت على دعائم السقف. ويفهم من بعض آخر أنها كانت قد رسمت على أشياء متنقلة، وأنها كانت معلقة على جدران البيت. ويفهم من بعض الروايات ان الرسول أمر فطمست معالم جميع الصور، ويفهم من بعض آخر، أنه استثنى منها صورة مريم وابنها عيسى، وأنها بقيت كما ذكرت إلى ايام عبد الله بن الزير. فلما تهدم البيت: تهدمت الصورة معه. أما رسم شجر أو صور ملائكة أو أشباه ذلك في الكعبة، فأمر لا اعتراض عليه، إذ يجوز أن يكون ذلك في معبد وثني، يضم الأصنام. ولكن ما للوثنية والانبياء، وما شان للشرك بمريم وبابنها وببقية للرسل حتى ترسم صورهم على جدران أو أعمدة البيت ? ثم هل كانت الكعبة مزوّقة قبل هذا التزويق بالرسوم وللصور ? وهل كانت هذه الصور من بقايا صور قديمة ? أم هي صور حديثة رسمت بعد أن أعادت قريش بناء البيت ? ورأيي ان هذه للصور هي من عمل عمّال نصارى أراهم للروم الذين جلبهم أهل مكة مع " باقوم" بعد تحطم سفينتهم عند الساحل للاتجار معهم ولبناء للكعبة.
و "باقوم" كما يقول الاخباريون. هو الذي أشرف على إقامة البناء و هندسته. وهو الذي سقف للبيت وأقامه على عمد. ولا أستبعد ان يكون هو الذي رسم تلك الصور وحده أو بالاستعانة بإخوانه من بني جنسه الروم. وقد كان هؤلاء نصارى، فرسموا على جدران البيت أو أعمدته صور قصص كتابي، ومنه صور الانبياء، للزينة والزخرف. لم يجد أهل مكة فيها ما يناقض عقيدتهم في الاصنام. ومن يدري، فلعله رسم لهم ذلك على أن له صلة بعقيدتهم التي كانوا عليها، فلم يعترضوا لذلك عليه. أما طمس الإسلام لتلك الصور، فللعلماء في ذلك كلام. وقد أشير اليه في كتب الحديث، وأكثرهم على أن الرسول لم يستثن من ذلك الطمس صورة.
وفي الحرم بئر "زمزم"، وهناك مقام ابراهيم، وبين زمزم ومقام ابراهيم كان موضع الذبح، ذبح القرابين. ويري "ولهوزن" احتمال كون موضع المقام هو المكان الذي كان الجاهليون يذبحون فيه.
ويرجع الأخباريون تأريخ بئر "زمزم" إلى يوم بناء الكعبة وعهد اسماعيل. ويقال لها "بئر اسماعيل" أيضاً. وهي في الحرم في جهة الجنوب الشرفي من للكعبة في الجهة المقابلة للركن. ولا نعرف من أمرها شيئاً يذكر. ويظهر من روايات أهل الأخبار عنها انها دفنت في ايام جرهم، وان أهل مكة صاروا يستقون الماء من آبار أخرى احتفروها، ويستوردونه من الخارج اليها، حتى اذا كانت ايام عبد المطلب، القى في قلبه ان يحتفرها، فحفرها واستخرج منها كنزأَ، وظهر الماء بها منذ ذلك اليوم. ولأهل الأخبار تفاسير عديدة للفظة "زمزم"، تدل على انهم لم يكونوا على علم باًصل التسمية، مما جاء فيها ان الملك "سابور" لما حج للبيت اشرف عليها وزمزم فيها، فقيل لها "زمزم". وهكذا جعلوا "سابور" من المؤمنين الحجاج للبيت الحرام، المتبركين بماء زمزم !
وكان حرم "الكعبة" كما يظهر من روايات أهل الاخبار واسعاً شاسعاً ذا نبت وشجر. ولم يجرؤ أحد على احتطاب شجره أو قطعه لحرمة المكان ولحرمة ما فيه، فبقيت أشجاره على ما هي عليه، حتى إذا ما كانت ايام "قصي"، ضاقت مكة بمن وفد عليها من قريش، ممن جاء بهم "قصي" اليها، وقطعها "قصي" رباعاً، وأرادوا للبنيان، ولكنهم هابوا قطع شجر الحرم للبنيان، وتذكر رواية أنهم قالوا لقصي: كيف نصنع من شجر الحرم ? فحذرهم قطعها وخوفهم العقوبة في ذلك. فكان أحدهم يحوف بالبنيان حول الشجرة حتى تكون في منزله. وتذكر روايات أخرى العكس. تذكر أن قريشاً هابت قطع شجر الحرم في منازلهم، فقطعها قصي بيده، وأعانوه. وبذلك تقلصت أرض الحرم وقلت أشجاره بالتدريج.
وتذكر رواية ان اهل مكة كانوا يهابون حتى في الإسلام قطع شجر الحرم.
وقطع كل شجرة دخلت من أرض الحرم في دور أهل مكة. وان "عمر" لما قطع "دوحة" كانت في دار "اسد بن عبد العزى"، وكانت تنال أطرافها ثياب الطائفين.بالكعبة، وذلك قبل ان يوسع المسجد، و دّاها بقرة. وتذكر ايضاً ان "عبد الله بن الزبير" حين ابتنى دوراً ب "قعيقعان" ترخص في قطع شجر الحرم للبنيان، وجعل دية كل شجرة بقرة. وذكر ان "أبا حنيفة "، قال إن كانت الشجرة التي في الحرم مما يغرسها الناس ويستنبتونها فلا فدية على من قطع شيئاً منها، وإن كان من غيرها ففيه القيمة بالغاً ما بلغت.
وفي الحديث ان الله حرم مكة، وحرم شجر الحرم في جملة ما حرمه على الناس. ويظهر ان أرض مكة كانت كلها في الأصل قبل ايام "قصي" حمى للكعبة، على عادة الجاهلين.في تخصيص "حمى" لأربابهم تكون حول بيوتها، ولهذا كانت أشجار هذا الحمى أشجاراً مقدسة لا يجوز قطعها ولا احتطابها، سوى أخذ بعض أغصانها أو لحائها لعمل قلائد منها للاحتماء منها، فلما استباح أهل مكة لأنفسهم ا!تطاول على الحرم، أي على هذا احمى، بقطع شجره وتحويل أرضه إلى بناء، أو بابقاء بعض أشجاره في داخل الدور، بقوا ينظرون إلى ذلك الشجر الباقي في البيوت نظرة هيبة وتقدير، باعتبار انه من بقايا الحرم القديم. وبذلك صغرت مساحة الحرم، وقلت مساحته، حتى اضطر الخليفة "عمر" إلى توسيعه بشراء البيوت التي أقامها الناس عليه وادخالها في الحرم من جديد، وذلك حين ضيق الناس على الكعبة وألصقوا دورهم بها، فقال: " إن الكعبة بيت الله، ولا بد للبيت من فناء، وانكم دخلتم عليها ولم تدخل عليكم "، فاشترى بعض الدور من أهلها وهدمها وبنى المسجد المحيط بها، ثم اشترى عثمان دوراٌ أخرى وأغلى في ثمنها ثم زاد في المسجد من جاء بعدهما حتى وصل الى النحو الذي هو عليه الآن.
ولم يكن للحرم في الجاهلية سور، إنما كانت تحدد معالمه وحدوده أنصاب نصبت على اطرافه. لتكون علامة على ابتدائه وانتهائه. أما ما نراه في الوقت الحاضر من وجود سور مرتفع له، أي حائط به غرف، فإنه مما حدث في الإسلام. وذكراهل الأخبار ان الحرم قد شرب على حدوده بالمنار- القديمة التي بيَن ابراهيم مشاعرها، وكانت قريش تعرفها في الجاهلية والإسلام، لانهم كانوا سكان الحرم، ويعلمون ان ما دون المنار إلى مكة من الحرم، وما وراءها ليس من الحرم. فما كان دون المنار،فهو حرم لا يحل صيده ولا يقطع شجره، وما كان وراء المنار، فهو من الحل يحل صيده، إذا لم يكن صائده محرماً.
الكسوة
وكسوة البيت عادة قديمة، كان يقوم بها الجاهليون. ينسبها الأخباريون إلى "تبع أسعد الحميري"، فيذكرون انه كساها بالأنطاع، ثم كساها بثياب جدة من عصب اليمن، أغلى ثياب معروفة في تلك الأوقات. ولا يستبعد ان يكون الإكساء من بقايا المنشأ القديم للبيت، حيث كان خيمة في الأصل. وقد ورد في الأخبار أنه كان في موضع البيت خيمة قبل ان تكون الكعبةا. وكذلك كان معبد بني اسرائيل خيمة في الأصل قبل أن يبنى الهيكل.
ويذكرون أن التبع الذي.كسا البيت، هو التبع الذي أتى به "مالك بن عجلان" إلى يثرب لطرد اليهود عنها. وذكروا أن ذلك التبع هو "أسعد ابو كرب الحميري". وقد كساها الوصايل، ثياب حبرة من عصب اليمن. وكانت الكعبة تكسى بالحبرة واليرود وغيرها من عصب اليمن، تكسى بها ويوضع ما يفضل منها في خزانة الكعبة. فإذا تمزقت الكسوة، تستبدل بكسوة أخرى تؤخذ من الخزانة. تكسى من الداخل والخارج، وتطيب بالخلوق وتبخر بالمجامر.
وقد سبق لي أن تحدثت عن "التبع اسعد"، وذكرت ما قاله رواة الأخبار عنه، وما جاء عنه في نصوص المسند. وكان قد علق في ذاكرة أهل الأخبار أشياء عنه وعن بعض من جاء بعده، زوقت ونمقت على طريقتهم في رواية أكثر أخبار اليمن. ولعل ما ذكروه عن اكسائه البيت، هو من مصنوعاتهم التي وضعوها في الإسلام ليجعلوا لأهل اليمن فضلاً على الكعبة، فضل يسبق فضل العدنانيين عليها، وقد رأينا أنهم أوجدوا لهم جملة أنبياء نسبوهم إلى قحطان، ووضعوا أشياء أخرى كثيرة، في اظهار فضل للقحطانيين على الاسماعيليين المتعربين يوم فات الحكم من قحطان وصار في اهل مكة في الإسلام. فكان النزاع القحطاني العدناني المعروف.
ولو جارينا أهل الأخبار، واخذنا بروايتهم في ان التبع "لسعد ابو كرب الحميري"، كان أول من كسا الكعبة، نكون قد رجعنا بمبدا تأريخ إكساء الكعبة إلى نهاية القرن الرابع و أوائل القرن الخامس للميلاد. وقد سبق ان تحدثت عن هذا الملك في الجزء الثاني من هذا للكتاب.
ويظهر من روايات أهل الأخبار ان كسوة الكعبة"لم تكن كسوة واحدة، ولا من نسيج واحد، بل كانت انطاعاً، أي أبسطة من أدم، وحبرة وبروداً، وغيرها من عصب اليمن. وهي برود يمنية يعصب غزلها ثم يصبغ وينسج، فياًتي موشىًَ، وقيل هي برود مخططة. وذكر ان النبي كساها الثياب اليمانية، وان عمر وعثمان كسواها بالقباطي.
وذكر ان أول من كسا البيت الحرير "نتيلة بنت جناب بن كليب" وهي من "بني عامر" المعروف بالضحيان، وكان من ملوك ربيعة. وكان العباس ابن عبد المطلب ابنها، قد ضاع وهو صغير، فنذرت امه إن وجدته ان تكسو للبيت الحرير، فكسته، فهي أول من كساه ذلك. وقيل أول من كسا للبيت للديباج خالد بن جعفر بن كلاب. أخذ لطيمة من البر وأخذ فيها أنماطاً فعلقها على للكعبة،.
وروي انهم كانوا يكسون الكعبة يوم "عاشوراء"، وذكر ان "بني هاشم" كانوا يكسونها يوم التروية بالديباج، لتظهر في أحسن حال، ويراها الناس على ذلك. أما اذا حلّ يوم عاشوراء، فانهم يعلقون الازار عليها. وورد انهم كانوا يكسون الكعبة بالديباج يوم التروية، فيعلق عليها القميص ولا يخاط، حتى اذا ما انصرف الناس من "منى" خيط وترك الأزار، ثم تكسى بالقباطي يوم عاشوراء، ويعلق عليها الازار، ويوصل بالديباج.
ولا نستبعد احتمال كون يوم "عاشوراء" من الأيام التي كانت لها حرمة وقدسية عند أهل الجاهلية، وإن كنا نجهل كل شيء عنه وعن سبب احتفال أهل مكة به، وصومهم فيه. وقد ذهب بعض المستشرقين إلى احتمال تأثر قريش بعاشوراء لليهود، كلن يكون أحد سادة مكة قد أخذ ذلك لليوم عنهم فعظمه، فاخذه اهل مكة عنه وجعلوه سنةَ لهم. غير ان من الجائز ألا يكون لهذا اليوم صلة بعاشوراء لليهود، وانما كان من تقاليد أهل مكة القديمة المعروفة عند غيرهم أيضاً، ولا صلة له بيوم يهود.
ويظهر انهم كانوا يضعون الأكسية الجديدة فوق الأكسية للقديمة، فلايرفعونها عنها، فكانت تتراكم بعضها فوق بعض، فلما جاء الإسلام، استمروا على ذلك أمداً، ثم رأى "شيبة بن عثمان" سادن البيت، تجريدها من أكسية الجاهلية، لأنها رجس من عمل الجاهليين فأزيلت. ثم رأى الخليفة المهدي، أن الأكسية قد أثقلت الكعبة، فأمر بتجريدها، تخفيفاً عنها، واكتفى بثلاث كسيّ من القباطي والخز والديباج.
وذكر أهل الأخبار أن اول من حلّل البيت "عبد المطلب"، جدّ النبي، لما حفر "بئر زمزم"،وأصاب فيه من دفن جرهم غزالين من ذهب، فضربهما في باب الكعبة.
المال الحلال
وقد تجنب أهل الجاهلية. بناء معابدهم بمال حرام، فلما أرادت قريش بنيان الكعبة نادى مناديهم: لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيباً. لا تدخلوا.فيه مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس. هذا ما يذكره أهل الأخبار ويروونه عن بناء البيت الحرام.
بقية محجات العرب
ومن محجّات العرب وبيوتها المعظمة: بيت عرف ب "بس" لغطفان، كانت تعبده. بناه "ظالم بن أسعد بن ربيعة بن مالك بن مرة بن عوف"، لما رأى قريشاً يطوفون بالكعبة ويسعون بين للصفا والمروة، فذرع البيت، وأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة، فرجع إلى قومه، فبنى بيتاً على قدر البيت ووضع الحجرين، فقال: هذان الصفا و المروة فاجتزئوا به عن الحج، فأغار "زهير بن جناب الكلبي "، فقتل ظالماً وهدم بناءه. وورد في رواية أخرى ان "العزى" سمرة عبدتها غطفان. أول من اتخذها "ظالم بن أسعد"، فوق ذات عرق إلى البستان بتسعة أميال، بنى عليها بيتاً وسمّاه بسّاً، وأقام لها سدنة، فبعث اليها رسول الله "خالدَ بن الوليد"، فهدم البيت وأحرق السمرة.
وفي أخبار أهل الأخبار عن بيت "العزى"، أوهام وتناقض. فتراهم يجعلون "العزى" صنماً مرة ويجعلونها "سمرة" أو "شجرة" أو ثلاث سمرات مرة اخرى، ثم تراهم يخلطون بين البيت وبين الحرم الذي كان حوله، كما بينت ذلك في اثناء حديثي عن "العزى". والذي أراه، انه كان للعزى بيت هو " بس"، فيه صنم العزى، وكان حوله حرم، كحرم مكة، به،"سمرة" أو ثلاث سمرات، كان الناس يقدسونها أيضاً ويتقربون اليها بالنذور. وهي جزء متمم لبيت العزى. فلما أمر الرسول خالد بن الوليد، بهدم العزى، هدم البيت وحطم الصنم، فرجع، فلما سأله الرسول عنه، واستفسر منه عن السمرة أو السمرات الثلاث، وعلم منه انه لم يقطعها، أمره بالعودة اليها وقطعها اجتثاثاً لكل علامة من علائم عبادة هذا الصنم. فقطعها. فقطع عن عباّدها كل صلة لهم كانت تربطهم بذلك الصنم.
ومن محجّات الجاهليين، بيت الصنم "ذو الخلصة"، ذكر أنه كان بتبالة، وكان يسمى ب "الكعبة اليمانية"، تمييزاً له عن الكعبة التي عرفت ب "الكعبة الشامية". وذكر أنه نفسه عرف ب "الكعبة الشامية"، كما دعي ب "كعبة اليمامة"، وقد تحدثت عنه في أثناء كلامي على هذا الصنم. ولما هدم البيت والصنم بأمر الرسول،صار مكانه موضع عتبة باب مسجد تبالة. وذكر أن البيت هو "ذو الخلصة"،والصنم "الخلصة"، وقيل "ذو الخلصة: الصنم نفسه" وقد عرف البيت ب "الكعبة" كذلك، لأنه كان بناءً مكعباً. وكان بيتاً في خثعم باليمن، وكانت بجيلة تعظمه كذلك. به صنم، هو "ذو الخلصة" ونصب يذبحون عليه، ويظهر أنه كان من البيوت المعظمة الكبيرة بدليل، ما ذكره العلماء من أن الرسول قال لجرير بن عبد الله البجلي: "ألا تريحني من ذي الخلصة" فذهب اليه وأحرق البيت وهدم الصنم وكسر النصب. وذكر أن موضع "ذي الخلصة"، صار مسجداً جامعاً لبلدة يقال لها: العبلات من أرض خثعم.
وقد ذكر "أبو العلاء المعري" أن فدك كانت في الجاهلية ذات أصنام. وكانوا يقصدونها للحج، وذكر تلبيتهم لها.
وكان بيت "اللات" من البيوت المعظمة عند ثقيف. كانوا اذا عاد أحدهم من سفر، فاول ما يفعله أن يأتي "الربة"، وهي اللات ليتبرك بها. وهي الصخرة النبي كانت تعبدها ثقيف.. ولما أسلم "عروة بن مسعود الثقفي"، وعاد إلى قومه دخل منزله، فانكر قومه عليه دخوله قبل أن ياًتي الربة، يعني اللات. وفي حديث وفد ثقيف: كان لهم بيت يسمونه الربة. يضاهون بيت اللّه. وكانت ثقيف تضاهي أهل مكة، وتنافسهم على الزعامة. وكان لبيت اللات أستار وسدنة وحوله فناء معظم، يفتخرون به على من عداهم من أحياء العرب. ولأهل اليمن بيوت تعبدوا لها، وبقيت معظمة عندهم إلى الإسلام. من ذلك بيت عرف ب "بيت رئام". ذكر "ابن اسحاق" ان أهل اليمن كانوا يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون. وكانوا يعتقدون ان رئاماً كان فيه شيطان، وكانوا يملاون له حياضاً من دماء القربان، فيخرج فيصيب منها، ويكلمهم، وكانوا يعبدونه. وبيت غمدان، وقد ذكروا ان الضحاك بناه باليمن على اسم الزهرة، فجعلوه بيتاً، أي موضع عمادة، بينما هو دار حكم وبيت الملوك بصنعاء، كما سبق ان تحدثت عنه.
وذكَر بعض أهل الأخبار ان "ريام" بيت بصنعاء كان لحمير، وكان به كلب أسود. وان الحبرين اللذين ذهبا مع تبع استخرجاه وقتلاه وهدما البيت. وكان "ذو الكعبات" لبكر ولتغلب ابني وائل وإياد بسنداد، وله يقول الأعشى: بين الخورنق والسدير وبارق والبيت ذو الكعبات من سنداد
وذكر انه بيت كان لربيعة، كانوا يطوفون به، وقد ذكره الأسود بن يعفر في شعره، فقال: والبيت ذي الكعبات من سنداد
فالبيت للاسود لا للأعشى على هذه الرواية.
وقد تعرض "ابن كثير" لموضوع بيوت الأصنام: اللات والعزى ومناة، فقال: " وقد كانت بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر، تعظمها العرب كتعظيم الكعبة، غير ان هذه الثلاثة التي تنص عليها في كتابه العزيز... قال ابن اسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب وتهدى لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها". وما فات من أسماء المحجات في العربية الجنوبية والشرقية وفي نجد، قد يزيد عدده على ما ذكرنا. فات عنا، لأن أهل الأخبار لم يذكروا شيناً عنها، لانصراف اهتمامهم إلى الحجاز وما كان له صلة بالإسلام، من أرضين، فحرمنا بذلك من الوقوف على أخبار المحجات في المواضيع الأخرى من جزيرة العرب.
ويحجّ الناس إلى هذه البيوت في أشهر معينة من السنة، هي الأشهر الحرم، وهي أشهر مقدسة لايحل فيها قتال ولا اعتداء على أحد،فهي أشهر هدنة وسلام، أشهر خصصت بالآلهة "، فلا يجوز انتهاك حرمتها. وفي شهر الحج الذي يحج فيه الناس إلى أصنامهم، يجتمع، الناس في المعبد لأداء الفروض المكتوبة المعينة، فيكون الاجماع اجتماعاً دينياً وسياسياً وتجارياً يتعامل فيه الناس. ويتبادلون به السلع، ويعود على أهل الموضع الذي فيه المعبد بأرباح كبيرة ولاشك. وقد ذكرت أن هذه الحرمة لم تكن عامة، فقد كان من العرب من لا يراعيها ولا يحترمها، تم إننا لا ندري إذا كان أهل العربية الجنوبية أو العربية الشرقية كانوا يعرفونها أم لا! وليست كل المعابد محجة للناس، يقصدونها في الأيام أو في المواسم. فقد كان في الموضع الواحد جملة معابد في بعض الأحيان، ولا يحج اليها، بل كانت المعابد التي يحج اليها معدودة معينة. لا بد أن تكون لها ميزة شرفتها على سائر دور العبادة الأخرى. ولهذه الميزة قصدت في المواسم من أماكن بعيدة. واذا استثنينا ما ورد عن مكة، فإننا لا نكاد نعرف شيئاً ذا بال عن المعابد الكبيرة الأخرى. ثم إن في أكثر ما ذكره أهل الأخبار عن مكة غمًوض ومجال واسع للنقد، لأنه منقول عن أفواه رجال يظهر أنهم نقلوا ما قيل لهم دون تحفظ أو تمحيص.
المزارات
وقد عظم بعض أهل الجاهلية قبور ساداتهم ورؤسائهم واتخذوها أضرحة يزورونها ويتقربون يها ويتبركون بها، وقد بلغ من بعضهم ان جعلها حمى وملاذاً من دخل اليها أمن، ومن لجاً اليها وكان محتاجاً أغيث، ومن طلب العون واستغاث بصاحب القبر أغيث، حتى صارت في منزلة المعابد. ومنها أضرحة السدنة والكهان وسادات القبائل، فقد كان قبر "تميم" جدّ قبيلة "تميم" مزاراً معظماً عند أبناء القبيلة من احتمى به من "بني تميم" ومن غيرهم صار آمناً. ولم أجد في أخبار اهل الأخبار مما يفيد بوجود أضرحة في مكة. اتخذت مزاراً وموضعاً يتبرك به. يعظمونه ويتقربون اليه بالنذور والذبائح. قفد كان قير قصي معروفاً عند أهل مكة، ولكنهم لم يتخذوه مزاراً ومصلى على ما يتبين من روايات الأخباريين.

This site was last updated 01/07/13