Home Up مسجد أبوالحجاج الأقصرى كنيسة بالأقصر المقبرة رقم 55 هل تبقت أسرار | | جريدة الأهرام 10/11/2007م عن مقالة بعنوان [ الملك إخناتون.. وأسرار المقبرة رقم(55)! ] بقلم: د. زاهي حواس مازالت المقبرة رقم(55) في وادي الملوك بالأقصر تحتفظ بالعديد من الأسرار التي لم تبح بها بعد.. أحد هذه الأسرار يكمن في الهيكل العظمي الذي عثر عليه بداخلها ولا يزال من الألغاز التي لم يستطع علماء الآثار والأنثروبولوجي حلها إلي الآن.
علي الرغم من خلو المقبرة(55) من الزخارف والكتابات فإنها إحدي أهم مقابر الوادي الساكن وذلك من الناحية الأثرية, وتقع المقبرة بين مقبرتي الملك رمسيس السادس والملك رمسيس التاسع, وعلي مقربة من مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون. وقد كشف عن هذه المقبرة إدوارد أرتون عام1907 م, وهي منحوتة في صخر جبل وادي الملوك وتبدأ بدرج حجري مكون من21 درجة يؤدي إلي مدخل مغلق غير محكم البناء من شظايا وقطع الأحجار الجيرية, وخلفه وجد حاجز من الحجر الجيري المثبت بالملاط, وعليه ختم هو الوحيد الذي عثر عليه بهذه المقبرة, ويصور الختم ابن آوي رابضا علي الأسري التسعة الأعداء الرمزيين للمصريين القدماء, وهو الختم نفسه الذي وجد علي مدخل مقبرة الملك توت عنخ آمون وترك بواسطة حراس الجبانة الملكية. ويلي هذا المدخل مدخل آخر مسدود بجدار, مما قد يدل علي أن المقبرة قد فتحت من قبل وأعيد إغلاقها, وخلف هذا الجدار نصل إلي ردهة مليئة بقوالب من الحجر الجيري; هذا الحشو يرتكز علي مقصورة من الذهب فوقها باب ذو مفصلات نحاسية مازالت في مواضعها, والمقصورة في حالة هشة لم يتبق منها سوي لوحتين من الخشب محفوظتين بالمتحف المصري بالقاهرة. ويوجد في الناحية الأخري من الردهة حجرة كبيرة مستطيلة الشكل خالية من النقوش والمناظر, وفي الجانب الشمالي نحتت حجرة الدفن وبها عثر علي التابوت.
وللأسف تعرضت المقبرة إلي التلف الشديد; نتيجة وجود شرخ طولي في سقف الدهليز مسدود بملاط لم يمنع تسرب مياه الأمطار إلي داخل المقبرة; الأمر الذي أدي إلي تلف محتوياتها, هذا إلي جانب التدمير المتعمد للمقبرة, حيث نري محاولات واضحة لمحو الأسماء من التابوت وكذلك نزع القناع الذهبي من علي الوجه, ومحو الخراطيش التي كانت تسجل اسم صاحب المومياء من علي الشرائط الذهبية التي تحلي لفائف المومياء التي تآكلت, الأمر الذي لا يترك مجالا للشك في أن هذه المقبرة قد أعيد فتحها وانتهكت محتوياتها عن عمد. ولقد أطلق العلماء علي هذه المقبرة اسم( خبيئة العمارنة); نظرا لوجود آثار واضحة بالمقبرة تعود إلي هذا العصر ـ عصر الملك إخناتون.
أما أهم ما عثر عليه أرتون داخل المقبرة فهو: مظلة مصنوعة من الخشب المطلي برقائق من الذهب, ثلاث مقاصير من الخشب للملك أمنحتب الثالث والد الملك إخناتون مغطاة برقائق من الذهب, بقايا تابوت من الخشب والذهب لـإخناتون, تمثال لحية من البرونز, قدم تمثال من الخشب لـإخناتون, تمائم من الذهب والفيانس لـإخناتون, أربعة أوان كانوبية نسبة إلي بلدة كانوب بأبي قير, أوان من الفخار والفيانس لكل من الملك أمنحتب الثالث وإخناتون وأمه الملكة تي والملك ست آمون, مجموعة من التمائم واحدة منهن للملكة تي والباقي لـإخناتون, أوستراكا( قطع حجرية صغيرة منقوشة) من الحجر الجيري للملك أمنحتب الثالث والفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. بالإضافة إلي قطع أثرية خشبية عليها اسم إخناتون وتي وأختام طينية علي بعضها اسم توت عنخ آمون.
وعلي الرغم من ذلك الكنز الأثري فسيظل الهيكل العظمي الذي وجد بالمقبرة هو أهم ما عثر عليه داخل هذه المقبرة, وقد اختلف العلماء فيما بينهم حول نسب هذا الهيكل العظمي, فبعضهم اعتقد أنه يخص الملك إخناتون, وبعضهم قالوا إنه يخص الملك سمنخ كارع, الذي لا نعرف عنه سوي اسمه, ويقال إنه أخو الملك توت عنخ آمون وحكم قبله. كما يعتقد البعض أيضا أن سمنخ كارع هو نفسه الملكة نفرتيتي التي غيرت اسمها بعد أن حكمت مصر بعد وفاة إخناتون مباشرة, ولذلك فإن البحث في هذا الموضوع يعتبر من الأمور الشيقة جدا.
لقد نشر ثيودور دافيز هذه المقبرة ونسبها إلي الملكة تي زوجة الملك أمنحتب الثالث, علي الرغم من أن الهيكل العظمي يخص رجلا وليس لسيدة, وكانت الأدوات الصغيرة التي نقش عليها اسم الملكة تي وكذلك رؤوس الأواني الكانوبية التي ظن أنها تمثل وجه الملكة تي, هي كل الأدلة التي ارتكز عليها في نسب المقبرة إلي الملكة تي, إضافة إلي وجود نص يشير إلي أن المقبرة أقيمت خصيصا بأمر من الملك إخناتون.
أما العالم آرثر ويجال فقد اعتقد أن العظام التي عثر عليها داخل التابوت هي خاصة بالملك إخناتون وليست للملكة تي وأن عظامه نقلت من العمارنة إلي هذه المقبرة ثم انتهكت بعد ذلك وقد حاول ويجال أن يدعم نظريته بوجود محاولات محو كل ما يدل علي إخناتون وإبقاء كل ما يدل علي الملكة تي, إلي جانب ما وجد من خراطيش الملك علي قوالب الحجر الذي وجد في المقبرة. ونتيجة لهذا الخلاف فقد تم فحص المومياء أكثر من مرة لتوضيح هويتها وهو ما سيلي تفصيله فيما بعد.
أما التابوت فقد تم فحصه عام1931 م, وأعتقد أن الكتابات الهيروغليفية تشير إلي أن التابوت يخص الملك سمنخ كارع, وقد لاقي هذا الرأي قبولا بين العلماء, إلي أن جاء أستاذ اللغة المصرية القديمة وأعظم من تخصص فيها وهو سير آلان جاردنر وذلك عام1957 م, وقام بدراسة النقوش بطريقة جديدة وهي الموجودة علي التابوت بعد أن تم ترميمها ووجد أن النصوص تخص الملك إخناتون, بعدها أكد سيريل ألدريد أن آثار إخناتون تنم عن معاناة نتيجة اضطرابات في الغدة النخامية مصحوبة بتضخم في الفك السفلي, وهو تشخيص يتطابق مع رفات المومياء التي عثر عليها بالمقبرة رقم(55). وكان الهيكل العظمي الذي عثر عليه بالمقبرة(55) أو بخبيئة العمارنة كما سميت موضوعا داخل تابوت ملكي مطعم بالزجاج الملون علي شكل الريش. وكان وجه التابوت مدمر إلي حد كبير, كما أن الخراطيش الملكية قد أزيلت. وكان العالم الكبير آلان جاردنر علي اعتقاد كبير بأن هذا التابوت كما قلنا من قبل مخصص للملك إخناتون, وإن كان لا يوجد أي دليل علي هذا النسب. وكان جزء من سقف المقبرة قد سقط علي التابوت مما أدي إلي كسر غطائه كما أصاب المومياء ضرر كبير وتعرضت للتحلل. وعلي الفور وبعد اكتشافها في عام1907 م, قام طبيبان بالتعرف علي ما بقي من المومياء في أثناء زيارتهما الأقصر في ذلك الوقت وذكرا أنها لأنثي ولكن الدراسات اللاحقة أثبتت أن عظام الهيكل العظمي لذكر, وقد عثر داخل المقبرة علي بعض القطع التي ـ كما أشرنا من قبل ـ يحمل بعضها أسماء ملكية ما بين عصر الملك أمنحتب الثالث وعصر الملك توت عنخ آمون مرورا بـإخناتون, وقد لاحظ دوجلاس ديري الذي قام بدراسة الهيكل ومومياء الملك توت عنخ آمون وجود تشابه كبير بين شكل الجمجمة حيث إن كليهما به استطالة من الخلف كما أن الدراسات اللاحقة للدم قد أثبتت أن كليهما ينحدر من الفصيلة نفسها. وكما قلت إن سميث الذي كان أول من أشار إلي أنه لذكر وحدد عمر الوفاة ما بين25 ـ26 عاما. وقد حددت أشعةX)) التي أجريت علي العظام عام1963 م, علي يد هاريسون أن عمر الوفاة22 عاما أو أقل وذلك بناء علي درجة التحام عظام الجمجمة كما أن ضروس العقل لم تتلف بعد. وكان تحديد عمر إخناتون بـ26 عاما أمرا غير معقول حيث إنه اعتلي العرش في سن كبيرة ونعرف أنه حكم مصر لمدة17 عاما. لذا قيل إن الاحتمال الأكبر لصاحب الهيكل هو سمنخ كارع ذلك الملك الغامض. وفي عام1984 م; قام كل من طبيب الأسنان جيمس هاريس وعالمة الأنثروبولوجيا فوزية حسين بدراسة عظام الهيكل العظمي مرة أخري وتوصلا إلي أن صاحب هذا الهيكل العظمي قد توفي عن عمر35 عاما, وهو ما أعاد الاعتقاد بنسب هذا الهيكل إلي إخناتون إلي حيز الوجود مرة أخري. وفي عام2000 م; خضعت عظام الهيكل العظمي مرة أخري للدراسة علي يد جويس فيلر من المتحف البريطاني, الذي أرجع عمر الوفاة ببداية العشرينيات. أما دراسة نتائج الأشعةCT-Scan التي قام بها د. أشرف سليم وفريق العمل المصري فقد أثبتت أن ضرس العقل العلوي الأيمن غير تالف وهو ما لاحظته دراسات سابقة ولكن ليست مؤشرا كافيا علي عمر صاحب الهيكل عند الوفاة. وكان العنصر الشيق في الأمر هو الكشف علي العامود الفقري الذي كان به اعوجاج جانبي بسيط مما يدل علي وجود تغيرات جوهرية تشير إلي أن صاحبه توفي عن عمر يتجاوز60 عاما, وهذا يزيد الموضوع تعقيدا ويفتح المجال للدراسة لحل غموض هذا الهيكل وكشف السر الدفي |