ذكرت جريدة وطنى (1) : " للمرة السابعة خلال حبرية قداسة البابا شنودة الثالث:عمل الميرون المقدس في دير الأنبا بيشوي
61أسقفا يشتركون مع البابا في تقديس زيت الميرون
فيكتور سلامة
أيها الملك السمائي كمال السر العظيم الذي لهذا العيد المملوء مجدا الذي هو هذا الميرون المقدس الذي يرشم به الداخلون في الأمانة المقدسة لكي يتطهروا كلهم باسمك المبارك...النازل علي لحية هارون الكاهن وعلي جيب قميصه...هذا أيضا الذي قدمته إليك الزانية وأفرغته علي رجليك المقدسة ومسحتهما بشعر رأسها...مستحق أنت يا ملكنا هذا المجد العظيم لأنك أعطيت طعاما روحيا للأطفال الداخلين في أمانتك المقدسة...نسألك يارب يا محب البشر أن ترسل روح قدسك علي هذا الميرون الموضوع أمامنا لكي كل من ينال منه يستحق غذاء ملكوت السموات لكي من قبله نستطيع أن نطهر ونكمل ونسجد أن نطلب إليك قائلين أبانا الذي في السموات...
غمرت المكان هذه الابتهالات بصوت أبينا الطوباوي البابا شنودة الثالث خليفة مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية,وهو واقف أمام مذبح كاتدرائية الأنبا بيشوي بديره العامر ببرية شيهيت بعمراء وادي النطرون,وعيناه تشخصان في خشوع إلي صورة رب المجد في شرقية المذبح وأواني الميرون المقدس أمامه,ومن حوله 61 من الآباء المطارنة والأساقفة متسربلين بملابس الكهنوت الناصعة البياض وعشرات من الآباء الرهبان والكهنة والمرتلين والشمامسة...أحستت أن قوة روحانية ملأت نفوس الواقفين حولي وصوت الشعب يردد بكل خشوع الصلاة الربانية خلف قداسة البابا....ولكن بقيت أسئلة كثيرة تدور في رأسي حول هذا السر المقدس-الميرون- وما أن انتهي قداسة البابا من تقديس الميرون طرحت كل أسئلتي...وأدعوكم إلي حواري مع قداسته...وإلي الميرون الثامن والتاسع والعاشر وإلي منتهي الأعوام.
*هذه هي المرة السابعة التي يقوم فيها قداسة البابا بعمل الميرون المقدس خلال حبريته....لماذا؟!...أجاب قداسته:
**سر الميرون -كباقي أسرار الكنيسة السبعة-ليس مجرد طقس تمارسه الكنيسة,بل تمنح-الكنيسة-المؤمن عن طريقه ثباتا في الإيمان وتهبه نعمة حلول الروح القدس...وكنيستنا القبطية إذ تمارس هذا السر بدقة تامة علي الأطفال,والكبار المعمدين حديثا,فضلا عن تدشين الكنائس,فهي تعمل علي الدوام علي تواجد الميرون في البيعة المقدسة,وعندما يلاحظ البطريرك قلة كمية الميرون يدعو المجمع المقدس ليشترك معه في طبخ الميرون....وهذا ما تلاحظ لنا عندما دعونا إلي عمل الميرون للمرة الأولي في أبريل عام1981,وتوالت بعد ذلك مرات عمل الميرون فكانت المرة الثانية في أبريل1987,والثالثة في أبريل1993,والرابعة في أبريل 1995,أما المرة الخامسة فكانت في اريتريا عام2004,والمرة السادسة كانت في أبريل 2005...وهناك أكثر من سبب لتعدد عمل الميرون...أول سبب هو كثرة الكنائس..فتعداد السكان زاد,والمساحات السكنية زادت....حتي القاهرة أصبحت عدة مدن!!...وبالتالي كنائس كثرة شيدت في مصر وفي بلاد المهجر...في أمريكا وحدها لدينا156 كنيسة وجاري تشييد كنائس أخري...وفي أستراليا عندنا حوالي 50كنيسة وكنائس عديدة في أفريقيا السوداء-في كينيا,وزامبيا,وزيمبابوي,وكوت ديفوار,ونامبيا,وجوهانسبرج-وأماكن كثيرة أخري في الشرق العربي وفي أوربا بها الآن كنائس قبطية...وكل هذه الكنائس في احتياج إلي الميرون لتدشين المذابح,والمعموديات,والأيقونات والأواني الكنسية...والسبب الثاني هو تدقيق الآباء الكهنة في رشم المعمدين بزيت الميرون,فقد كانوا من قبل يكتفون بتغطيس الطفل في المعمودية,ورشمه عدة رشمات,أما الآن فحسب تعاليم الكنيسة يقوم الكاهن بمسح المؤمن علي جميع حواسه ومفاصله 36رشما..كل هذا جعلنا في احتياج مستمر لكميات متزايدة من الميرون المقدس.
ألا يكفي وضع الميرون في مياه المعمودية لتقديس المعمدين؟!...وهل المعمدين الذين لم يدهنوا بالميرون36رشما لم يمنحوا الروح القدس؟
عندما نضع الميرون في مياه المعمودية يكون لتقديس الماء لكي يولد الذي يغطس-في مياه المعمودية من الماء والروح القدس,لكن في سر الميرون يسكن الروح القدس في المعمدين-فهما سران منفصلان-كما في الكهنوت...الكاهن يأخذ الروح القدس لإتمام أسرار الكنيسة,ويأخذ مغفرة الخطايا بالروح القدس...أما عن السؤال الثاني فأذكر هنا أن هناك ثلاثة أعمال يعملها الكاهن في منح الروح القدس للمعمد,فهو أولا يدهنه بالميرون المقدس حسب عقيدة الكنيسة,وثانيا يضع الكاهن يده علي رأس المعمد ليحل الروح القدس عليه,وثالثا ينفخ في وجهه ويقولإقبل الرح القدس وكن إناء مختارا ليسوع المسيح مثلما فعل السيد المسيح لتلاميذه بعد قيامته...لذلك أرجو ألا نتشكك عندما يهمل الكاهن في عدد الرشومات.
*كيف تم عمل الميرون المقدس؟
**بدأنا في الاستعداد لعمل الميرون المقدس للمرة السابعة منذ فترة...فطلبت من نيافة الأنبا سرابيون أسقفنا في جنوب كاليفورنيا وهاواي إرسال القمص جورجيوس عطا الله كاهن كنيسة مار يوحنا بكوفينا في كاليفورنيا لتحضير مواد الميرون خلال شهر أبريل الحالي بدير الأنبا بيشوي,والقمص جورجيوس كان كاهن بكنيسة القديسين جورجيوس والأنبا أنطونيوس بالنزهة في القاهرة قبل سفره إلي أمريكا,وكان يشترك معنا في إعداد مواد الميرون منذ المرة الأولي حيث كان أستاذا بكلية العلوم قبل سيامته كاهنا,ومعه أيضا في هذه المهمة الدياكون الدكتور رشدي واصف مدرس اللاهوت الطقوسي بالكلية الإكليريكية...وبدأنا في إحضار جميع المواد وبالكميات المحدودة...المواد الموجودة في مصر نستحضرها,والمواد الموجودة بالخارج نستحضرها من الخارج,وقد طلبنا من نيافة الأنبا أبرآهام مطران القدس إحضار بعض المواد من القدس فنحن نضع كل أنواع العطور المذكورة في الكتاب المقدس والتي جاءت في سفر الخروج وفي المزامير أيضا-27مادة من مواد العطور-في حين أن العطور الأولي المذكورة في الأصحاح الثلاثين من سفر الخروج لا تتعدي عدد أصابع اليد...وعندما تجمعت كل المواد قمت بمباركتها بالدير صباح الخميس 3أبريل 2008 وقام معنا عدد من الآباء الأساقفة بزفتة مكونات الميرون داخل كنيسة الأنبا بيشوي,وفي اليوم التالي-الجمعة4أبريل-بدأنا في طحن بعض مكونات الميرون التي تحتاج إليسحق,ووضعت بيدي-في أنية النقع-مكونات الطبخة الأولي مساء الخميس 10أبريل ولارتباطي ببرنامج سفرياتي خلال هذا الشهر فقد اضطررت أن أسافر إلي إنجلتر,وإلي أثيوبيا...لكن أعمال الإعداد استمرت بالدير,وقمت يوم الاثنين الماضي-14أبريل-بنقع مكونات الطبخة الرابعة...ويوم الخميس 17أبريل2008-قمنا بمشاركة 61أسقفا بتقديس الميرون والغاليلاون وصلاة قداس القربان,وسنحضر يوم الاثنين 28أبريل-شم النسيم-لإضافة الخميرة للميرون والغاليلاون,وبعدها يعبأ فيقواريرمختلفة الأحجام كبير تعطي للإيبارشيات,وبعضها صغير تعطي للكنائس.
*نود أن يعود بنا قداسة البابا إلي عام1981 عندما شرع في عمل الميرون لأول مرة بعد عشرة أعوام من جلوسه علي كرسي مار مرقس الرسول-14نوفمبر 1971-
**أذكر أن أول مرة قمنا فيها,بعمل الميرون كانت في أبريل 1981,وبعد مضي ستة سنوات لاحظت أن كمية الميرون الموجودة أوشكت علي النفاد فدعوت لعمل الميرون للمرة الثانية في أبريل أيضا من عام1987,وكانت المرة الثالثة بعد ستة سنوات أخري-أي في أبريل1993-وفي المرات الثلاث قام الأرخن عزيز جاد الله باستيراد مكونات الميرون من بلاد الهند وأسبانيا-وكان قد قام من قبل باستيراد مكونات الميرون في عهد قداسة البابا كيرلس السادس-وكنت أتولي بنفسي كل خطوات إعداد مكونات الميرون ودقه وطحنه ونخله ووزنه وتحضير الطبخات والاشتراك في الصلوات التي كانت تتلي أثناء الطبخ,وفي تصفية الطبخات,وإضافة الخميرة,وتعبئتة في قارورات,وكان يعاوني في هذا المتنيح الإرشيدياكون الدكتور يوسف منصور أستاذ اللاهوت الطقسي بالكلية الإكليريكية وقتئذ,وكان قد اشترك أيضا في أعداد الميرون في عهد قداسة البابا كيرلس السادس,وقام بعمل نبذة عن طقس الميرون من المخطوطات القديمة.
**كان هذا في شهر أبريل1995,أي بعد عامين فقط من عمل المرة الثالثة رغم أنه في المرة الثالثة تم عمل 360كيلو جرام زيت ميرون,وهي ضعف الكمية التي تم عملها في عهد البابا كيرلس السادس,ولكن احتياجات الكنائس في مصر والمهجر أدت بشكل ملحوظ...ولم يكن هذا فقط هو وجه الاختلاف عن المرات الثلاث السابقة...الاختلاف المهم في المرة الرابعة أنني كنت قد تشاورت مع نيافة الأنبا أبرآهام مطرانيا في القدس بخصوص توفير المواد اللازمة لاعداد الميرون والحصول عليها من القدس بعد رحيل الأرخن عزيز جاد الله الذي كان يستورد مكونات الميرون من الهند وأسبانيا علي نفقته الخاصة ويقدمها تبرعا للكنيسة...وبتدبير من الرب أمكن تدبير كل مواد الميرون من القدس,وقدم أيضا دير البراموس العامر كل كمية زيت الزيتون اللازمة من باكورة إنتاج الدير...وكما تم تدبير كل مواد الميرون للمرة الرابعة,ثم أيضا تدبيرها للمرة الخامسة ولكن لعمل180 كيلو جرام,واصطحبناها معنا عند زيارتنا لأريتريا في سبتمبر2004,وتم عمل الميرون هناك للكنيسة الشقيقة وكان سبب للبركة للشعب القبطي هناك خلال عمل الميرون في المرات الخمس السابقة-1981, 1987, 1993, 1995, 2004 في اريتريا-استغدنا علميا وعمليا من حيث التأكد من صلاحية المواد,ومعرفة الجزء الخاص من النبات المستخدم في عمل الميرون-هل هو ساقي النبات أم أوراقه أو أزهاره أو ثماره أو المادة العطرية المستخلصة من النبات كذلك كيفية طبخه,وكيفية تصفيته من الأتفال في كل طبخة,وأصبحنا نستخدم27مادة عطرية في عمل الميرون,بخلاف زيت الزيتون الذي يشترط أن يكون نقي خالي من الشوائب والمواد العالقة.
*دائما ما يتم عمل الميرون المقدس في فترة الصوم الأربعين...لماذا؟
**فترة الصوم فترة روحانية تليق بالأسرار المقدسة,وكل أسرار الكنيسة-ماعدا سر التوبة-يسبقها صوم...فسر المعمودية قبله صوم,والميرون قبله صوم,والكهنوت قبله صوم,ومسحة المرضي قبله صوم,وحتي سر الزواج-قديما-كا يسبقه صوم عندما كانت الأكاليل تتم بعد رفع بخور باكرا أما الآن بعد أن أصبحت الأكاليل تقام مساء فلم يعودوا يصومون...وسر التوبة هو الوحيد الذي لا يسبقه صوم لأننا نرحب بأن يتوب أي أحد في أي وقت.
فالصوم يليق بالأسرار المقدسة علي اعتبار أن الأنسان وهو صائم يكون في حالة روحية عميقة تليق بالسر.
*وفي ختام الحديث الشيق لقداسة البابا قال:
لا تنسوا أن تشيروا إلي محبة الأنبا صرابامون رئيس دير الأنبا بيشوي الذي يتعب كثيرا في إعداد لتجهيز مكونات الميرون,وأماكن الضيافة للأباء الأساقفة والكهنة والعلمانيين...إنه القاسم المشترك في جميع مرات إعداد الميرون...."
**************************
مـــــــــــــــــراجع
(1) جريدة وطنى الصادرة فى يوم 20/4/2008م السنة 50