منهج كريستوف لوكسنبرغ في القراءة السريانية للقرآن
يقول لوكسنبرغ :
"قرات كتاب ابو موسى الحريري "القس والنبي "[الذي استشهدنا به في الجزء الأول من المقال ] وبكتاب لاحق بعنوان :" المسيحية في ميزان المسلمين" .كتب ابو موسى الحريري بان القرآن ترجمة عن انجيل ورقة بن نوفل وهو ما يسمى "بالأنجيل بحسب العبرانيين ". وقلت في نفسي القرآن يختلف عن الأنجيل. يكفي القوافي في القرآن ليست موجودة في الأنجيل .فإذن ليس صحيحا ان تكون الترجمة حرفية ، ممكن الأفكار مأخوذة من ألأنجيل ولكن بتصرف ..ليس من الضروري ان ارى في انجيل ورقة بن نوفل ان القرآن مترجم منه ام ليس مترجم منه . انذاك اتخذت اسلوبا آخر بان اقرأ القرآن لأنظر هل هناك ترجمة ام لا . فلو كان مترجم فالمفروض ان يكون هناك عبقري ليلاحظ ان هناك ترجمة .وهنا
ابتدات بقراء ة القرآن ولم اكن اعرف عن القران سوى سورة الفاتحة . بدات بقراءة القرآن بدون تأثير خارجي . اي دون التاثير بالدراسات ألأسلامية ولا الأساطير الأسلامية ولا من التفاسير ألأسلامية . ولكن المرجع الأول كان الطبري في تفاسيره للنصوص القرآنية . ما جذبني في دراسة القران هو ما كتبه الطبري في تفسيره لبعض الآيات القرانية في قوله :"إختلف اهل التاوييل في تأويل ذلك".
فتسائلتُ لأيّ سبب هناك اختلاف في التاويل وتفسير النصوص القرآنية ؟ لماذا اهل التاويل مختلفين في تفاسيرهم لنص واحد من نصوص القرآن ؟ فابتدات أن ابحث فيما إذا كان للكلمات في القرآن معنى سرياني . وبهذه الطريقة تدريجيا اكتشف ماهي المعاني السريانية ، ولكن قد تكون هناك كلمات عربية صحيحة ولكن بدون معنى في سياق القرآن . في هذه الحالة كان من المفروض ترجمتها الى السريانية لأتَّخذ المفهوم في التعبير السرياني المعنى المطابق لسياق القرآن . طبعا هذه الدراسة لم اكتشفها بين ليلة وضحاها . واستمريت 20 سنة ومازلت مستمر لأبحث عن لغة القرآن لأكتشف يوميا تقريبا كلمات (سريانية الأصل في القرآن ) . واصبح شعاري :"أعطنا كلمتنا كفاف يومنا "[ اعطنا خبزنا كفاف يومنا في الصلاة الربانية التي علمها الرب يسوع المسيح لتلاميذه ]. في كل يوم افتش ولو على كلمة غامضة في القرآن لأرجع الى جذورها السريانية.
فوجدت كمثال : آخر آية لسورة مريم 98:
﴿ وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هَلۡ تُحِسُّ مِنۡهُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا﴾
اعتبر اهل التأويل بحسب الطبري انه لابد انه سمع صوت واعتبروا كلمة "الركز" بمعنى الصوت الخفيّ . ولكن "ركز" بمعنى الصوت لامعنى له لا باللغة العربية ولا باللهجات العربية ولا بالسريانية
إذن هنا حصل خطأ بالأستنساخ
حصول اخطاء في النقل (اي بسبب النقل من الكتب السريانية الى العربية بسبب رسم الحروف ) الراء (ر) والدال (د) بالسرياني متشابهان بالرسم ولكن الدال توضع تحتها نقطة فقط لتمييزها عن الراء التي تكون النقطة فوقها ولكن الرسم واحد. وعند نقلها الى العربية حدث خطا فتحولت احيانا الراء الى الدال والعكس . فحدث ان الناقل نقل الراء(ر) والدال(د) السريانية بنفس الشكل العربي يعني ألراء راء .
ووضع نقطة على ثاني ( راء ) فاصبحت "ركزا" . لكن في الحقيقة النقطة فوق الراء(ر) تكون راء سريانية ، ولكن المفروض ، اول راء(ر) تكون من تحت سريانية ، فتُقرأ ذال (ذ) عربيا . ولذا "لم تسمع لهم ( ذِكرا) وليس (ركزا).
هنا اول ملاحظ وجدت انّ هناك كتابة سريانية المسمّات" بالكرشوني" ، وفي اول محاولة لنقلها الى الخط العربي حصلت هذه الأخطاء . وسوف نرى اكثر من ذلك
اذا في المرحلة ألأولى :مراجعة الطبري الذي يذكرالمفسرين ثُمَّ يُبدي رأيَهُ . أي ليس الطبري هو الذي يشرح ولكن يعتمد على السلف ويعطي الحق لفلان وفلان ولكن احيانا حصلَ أنَّه احد المفسرين جاء بشرح صحيح إنَّما رفضه الطبري.. ولكن علينا ، في هذه الحالات ، ان نبين لماذا هذا الرأيي الوحيد هو الصحيح ، طبعا بالأثباتات اللغوية اي بالمراجع اللغوية
ثانيا : إذا لم نحصل حلا من الطبري ، علينا ان نراجع لسان العرب (القاموس العربي ). حيث نجد في لسان العرب تعبير، كان سرياني بالأساس ، موجودا في اللغة العربية ، لكن فقد معناه حاليا ، وهذا يساعدنا للوصول الى الحل الصحيح ، وإلا سنرى وجود خطأ في التنقيط . حسب بحثي التنقيط لم يحصل الا في المرحلة الرابعة لتدوين القرآن [ راجع مقال الكاتب الجزء الثاني ، كما في الموقع التالي ، عن مراحل تطور القران ]
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=738961
المرحلة الأولى المفروض أن تكون بالخط السرياني . ليس عندنا اي شواهد بان القرآن مكتوب بالخط السرياني ، ولكن ألأخطاء التي حصلت في المرحلة الثانية ، من تطور القرآن ، أي عندما نُقل من الخط الكرشوني (السرياني ) الى الخط العربي ، حصلت اخطاء بالنص العربي لايمكن شرحها الا على اساس شكل الحروف السريانية .
في المرحلة الثالثة ، حصل نقل من العربي الى العربي ، وحصلت اخطاء بالرسم ، لايمكن شرحها الا على اساس شكل الحروف العربية .
فاذا في المرحلة الثالثة الرسم كان فقط بدون أي تنقيط . التنقيط حصل فيما بعد في المرحلة الرابعة . وفي هذه المرحلة اي في مرحلة التنقيط حدثت اغلب الأخطاء . من جملتها ال"ركز" المفروض ان تكون" "ذِكر" وليس " ركز"
خامسا : وهي المرحلة الأخيرة هي التشكيل . والتشكيل كما نعرفه من طبع القاهرة سنة 1924 وهي آخر مرحلة لتدوين القرآن . لم احصل على مخطوط مُشكَّل كطبعة القاهرة ولكن لااعرف متى تم تشكيل القرآن ،لدينا فقط طبعة القاهرة. [فإذن ممكن ان نجد مخطوط سابق كما هو مشكّل في طبعة القرآن في القاهرة] . ثم بتغيير التنقيط ممكن ان نحصل على كلمات عربية صحيحة . يعني ممكن ان يحصل خطأ حتى في الكلمات العربية .وإذا لم تكن عربية فمن الممكن ان تكون سريانية فمثلا بالنسبة للتنقيط سورة
الأحزاب"فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر".
السؤال ما معنى قضى نحبه ؟ دخل هذا التعبير في اللغة الفصحى بمعنى توفيّ ، اي مات . لكن قضى نحبه لاعلاقة له بالموت . نحبه التنقيط خطأ ، سريانيا "بحنا" معناها عربيا "إمتحَنَ " مَحَنَ "، قضى "محنتهُ" ، وعدوا الله واوفوا بوعدهم .فإذن قضوا محنتهم ، وليس بمعنى ماتوا . إذن منهم من قضى محنتهم ومنهم من ينتظر ، هذا هو المعنى .
هذا الخطأ حدث بالتنقيط لكن المعنى الصحيح هو سرياني وليس عربي . ولذا القُرّاء العرب لم يفهموا هذا التعبير ، لذا جعلوا له تنقيط غير موجود في اللغة العربية "نحبه " ولكن "بحنه" موجود في اللغة السريانية ومعناه محنتهُ، وهو الصحيح.
أمّا بالنسبة للتشكيل ، متى حدث اخطاء في التشكيل تغيّر المعنى تماما. نعطي مثلا:
"شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن مباركا وهدى للعالمين " ماهو معناه ؟
فهموا بهذا التشكيل أنَّ القرآن أُنزل في شهر رمضان ، يعني خلال شهر رمضان ، وهذا غير صحيح
من يقول انه نزل في شهر رمضان ؟ الجواب القرآن . قراء أُنزل خاطئة . المفروض قراءة أَنزَل "فيه" القرآن . وايضا انزل "فيه" . "في" عربيا تعني بالنسبة له بخصوصه ، اي بخصوص شهر رمضان انزل القران تعليمات يشرح لكم كيف التصرّف في شهر رمضان . من كان في سفر وكذا وكذا ..الخ المفروض عليه ان يصوم مثلا كذا وكذا .
فإذا القرآن انزل بخصوص شهر رمضان تعليمات وليس ان القرآن نَزلَ في شهر رمضان !!!!. "في" تعني عربيا بخصوص . مثلا كتاب في التاريخ ، تعني كتاب عن التاريخ ، وليس داخل التاريخ وهذا المعنى اتى اكثر من مرة في القران ." في" بمعنى بالنسبة الى.
طبعا هذا مثل من الكثير من ألأمثال في النص القرآني التي ترجمت الكلمات السريانية الى العربية فاختلف معناها لأسباب عديدة كما جاء اعلاه ، ولايمكن معرفة معاني تلك الكلمات الا بالرجوع الى جذورها السريانية كما يقول الباحث في علم اللغات القديمة " كريستوفر لوكسنبرغ ".(6)
المصادر
(1)
السريانية والقرآن
https://dahnon.org/archives/9926”.
(2)
العلاقات الفنية في نشوء الأبجدية بين اللغتين الآرامية والعربية
http://aramean-dem.org/Arabic/Language/Bishop_Paul_Behnam.pdf
(3)
قراءة سريانية آرامية للقرآن
محاولة فكّ رموز القرآن
http://aramean-dem.org/Arabic/Language/SyrioAramaicReading.htm
(4)
معاني القرآن على ضوء علم اللسان: كتاب للمستشرق كريستوف لوكسنبرغ
(5)
هل كتب القرآن بالخط السرياني؟
https://www.youtube.com/watch?v=o4iE7ADEUx4
(6)
منهج كريستوف لوكسنبرغ في القراءة السريانية للقرآن
https://www.youtube.com/watch?v=Ljhqj2o4eqo&t=460s
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجر
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امي
**********
وبناء على ذلك يرى كريستوف لكسنبرغ إعادة قراءة القرآن اعتمادا على اللغة السريانية. وهذا هو منهجه:
• التحقق مما إذا كان يمكن العثور على تفسير معقول في تفسير الطبري ، فهو أكثر من أثر على المترجمين الغربيين
• التحقق مما إذا كان يمكن للمرء أن يجد تفسيرًا معقولاً في قاموس لسان العرب الأكثر اكتمالاً للغة العربية
• التحقق مما إذا كان للتعبير العربي جذر متجانس في السريانية أو الآرامية مع معاني مختلفة يمكن أن تتطابق مع السياق
• التحقق مما إذا كان المعنى السرياني / الآرامي لجذر الكلمة يعطي معنى أفضل للمقطع المبهم
• التحقق مما مما إذا كانت هناك كلمة سريانية منطقية في المقطع المعني
• التحقق مما إذا يمكن تغيير تنقيط وتشكيل القرآن للوصول لمعنى معقول للنص المبهم
• ترجمة الجملة العربية إلى اللغة السريانية وتحقق من الأدب السرياني للحصول على جملة يمكن ترجمتها حرفياً إلى العربية ؛ فقد يكون المعنى الأصلي باللغة السريانية أكثر منطقية من الجملة الناتجة في اللغة العربية
• التحقق مما إذا كانت هناك جملة مقابلة في الأدب السرياني القديم ، والتي يمكن أن تكون نظير جملة في اللغة العربية ، مفقودة الآن
• التحقق مما إذا كان هناك تعبير صحيح باللغة العربية مكتوب على مخطوطة عربية ولكن في تهجئة سريانية.
-------
كتاب قراءة آرامية سريانية للقرآن
كرِستوف لُكسنبرغ (بالألمانية: Christoph Luxenberg)، هو اسم مستعار لمؤرخ وعالم عربيات وساميات ألماني، اشتهر بكتابة كتاب قراءة آرامية سريانية للقرآن التي افترض فيها كتابة أجزاء من القرآن باللغة السريانية.
اختار المؤلف أن ينشر الكتاب باسم مستعار مخافة أن يستهدف بأعمال انتقامية بتهمة معاداة الإسلام
دخل لوكسنبرغ في الباب العاشر في لبِّ الموضوع عبر تحليل معنى كلمة “قرآن”، فيأتي بالحجة أن كلمة قرآن مشتقة من السريانية قريانا، وهو مصطلح فني مأخوذ من الليتورجيا المسيحية ويعني “كتاب الفصول”، أي القراءات الكتابية الثابتة المستعملة في إقامة رتبة القداس الإلهي على مدار السنة. وهو يستند فيما يذهب إليه على تهجئة الكلمة كما وردت في النصوص المبكرة. فكلمة قريانا كان يكتبها محمد بلا همزة (مدة)، وفق أحد الشهود الأوائل؛ وهذا يعكس، بحسب لوكسنبرغ، أثرًا سريانيًّا.
فبحسب الموروث الإسلامي، كانت لهجة محمد تلفظ الهمزة “ضعيفة”. وبالفعل كان آراميو سوريا والرافدين المسيحيون من الناطقين بالعربية يلفظون الهمزة بنفس الطريقة، تقريبًا كالـ/ي/. وفوق ذلك فإن المعاجم العربية–السريانية، التي مازالت محافظة على عدة قراءات “جاهلية” للكلمات العربية، تقرأ الكلمة السريانية قريانا كـقرآن و/أو قريان.
ويطرح لوكسنبرغ تدرُّج تهجئة هذه الكلمة كما يلي: قريان > قر[آ]ن، مكتوبة بلا ألف، ثم قران بالألف، لتصير في النهاية قرآن بإقحام الهمزة. من هنا لم يعد المفسِّرون مدركين أن الـياء يمكن أن تمثل /آ/، وهو استعمال مبرهن عليه بشكل واسع في كتابة الأفعال المعتلة الآخِر.
ويقدِّم لوكسنبرغ في ما تبقى من الباب توضيحات لمقاطع أخرى غير واضحة، حيث يعود الغموض إلى نفس الظاهرة، أحيانًا بشكل مباشر، وأحيانًا أخرى مترافقًا مع التباسات أخرى في منظومة الكتابة، كالخطأ في تنقيط التاء أو الياء، ثم تطبيق الاشتقاق نفسه.
[23]
يُختتَم الباب بتبيان أن المعنى الفني لـكتاب الفصول مازال متضمنًا في كلمة قرآن. لكن الأكثر لفتًا للنظر هو نتيجة مفادها أن مصطلح أم الكتاب، الآرامي الأصل، ينبغي أن يكون الأصل المكتوب وأنه لم يكن في النية على الإطلاق استبدال القرآن بالأصل المكتوب. وقد يحتجُّ بعضهم بأن تفاصيل الحجة في سياق قراءة سورتي يوسف 1-2 وآل عمران 7 قد ضُغِطَتْ في هامشين، لكن الحجة بيِّنة مع ذلك.
ويقدم لوكسنبرغ البرهان على أن مصطلح قرآن نفسه هو المفتاح لفهم تلك المقاطع الغامضة التي أسقط في يد المفسرين، من داخل الموروث ومن خارجه، وهم يتناولونها. فإذا كانت كلمة قريان تعني “كتاب الفصول”، وإذا كان النص نفسه يدَّعي أنه توضيح لنصٍّ أسبق، فإن النص الأسبق لا بدَّ أن يكون كُتِب بلغة مختلفة. والمرشح الأوحد في حالتنا هو العهدان القديم والجديد باللغة السريانية، الـبشيتا.
من هنا، فإن لتأثير الآرامية على عربية محمد أصلاً نصيًّا قابلاً للتحديد.
ويقدم لوكسنبرغ في نهاية عمله حجة قوية مفادها أن سورة الكوثر إنما هي تلميح واضح إلى بشيتا رسالة بطرس الأولى 5: 8-9.
وبالفعل فإن هذه السورة التي لا يتجاوز طولها الثلاثة سطور من أصعب السور على كلا المفسِّرين العرب والغربيين.
ويبيِّن لوكسنبرغ السبب في هذا: لأنها مؤلفة من تدوين بالعربية لنصٍّ من العهد الجديد السرياني، بمعنى أن هذه السورة تكاد لا تحوي كلمةً عربيةً واحدة. إنها نصوص “موحى” بها؛ وبمقدار ما يحوي القرآن مقبوسات منها أو تأويلات لها فإن القرآن أيضًا “وحي”.
[24]
كانت هناك في زمن محمد لهجات عربية عديدة. وفي المواضع العشرة التي يدَّعي فيها القرآن أنه كُتِبَ بالعربية، يبيِّن لوكسنبرغ أولاً أن لتلك المقاطع أشكالاً نحوية مشكلة على المفسِّرين ويختلف تأويلها من مفسِّر لآخر. فهو، مثلاً، يشير في سورة فُصِّلت 44 أن ثلاثي فصَّل العربي يعني “قسَّم”؛ لكن سياق الكلام هنا كان يتطلَّب “ميَّز” أو “أوَّل” أو “ترجم”؛ إذ لا نجد هذا المعنى لهذه الكلمة العربية في أيِّ مكان آخر، كذلك لا تورِد المعاجم السريانية–العربية أيًّا من الكلمتين كترجمة للأخرى؛ ورباعي ترجم (المأخوذ عن السريانية مباشرة) هو الدال على الترجمة بالعربية. غير أن كلمة برش/برِّش السريانية يمكن أن تعني في نفس الوقت “قسَّم” و”ترجم” (ككلمة هبديل العبرية؛ وهذا أيضًا مثال على “نسخة دلالية” أشرنا إليها أعلاه). الطبري كذلك فهم فصَّل وكأنها مرادفة لـبيَّن (سورة الدخان 3)، التي تعني أيضًا “ترجم”. إن الآية 44 من سورة فُصِّلت تشهد بوضوح على مصدر للقرآن مكتوب بلغة “أعجمية”. وعلى خطى الطبري، يسجِّل لوكسنبرغ وجود خلل في نص هذه الآية يبيِّن وجود أصل غير عربي لأجزاء من القرآن. وحجته هنا ضعيفة بعض الشيء، لولا البراهين الإضافية المستنتَجة من أحد عشر موضعًا أخرى من القرآن، حيث طبَّق لوكسنبرغ هذه الحجج عينها وحججًا أخرى مشابهة تطبيقًا متماسكًا في حلِّ مصاعب تدور جميعًا حول المصطلحات المتصلة بوحي القرآن ولغته. وهذه الحجج تترك القليل من الشك في أن لوكسنبرغ كشف الغطاء عن سوء فهم أساسي لهذه المصطلحات ضمن سياقها القرآني.
[25]
يبيِّن لوكسنبرغ في الباب الثاني عشر أنْ ليس أصل القرآن ولغته وحدهما يختلفان عما يدَّعيه المفسِّرون الذين كتبوا في الأمر بعد انقضاء مائتي سنة على الشروع فيه، إنما أيضًا أن العديد من المقاطع الأساسية يتضمن كلمات أو عبارات تمت استعارتها من السريانية إلى العربية. ففي تحليله لسورة مريم، الآية 24، حيث جاء: “فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربُّك تحتك سريَّا”، يستنتج أن هذه الآية يجب أن تُقرأ كما يلي: ” فناداها من فور أن انطرحت [لتضع] ألا تحزني قد جعل ربُّك وضعك شرعيَّا”.
إن نقاش لوكسنبرغ المسهب لتعقيدات هذا المقطع يحلَّ الصعوبات النحوية للعربية بطريقة تتناسب مع سياق الكلام: يسوع ينفح في مريم الشجاعة على مواجهة أقربائها، على الرغم من وضعها طفلاً خارج الزوجية. ثم يقدم هذا الفصل حججًا مطوَّلة تتناول مشكلات مفرداتية وقواعدية وتركيبية ونظمية في سورة هود 116-11