Home Up القديس بولس الرسول2 Untitled 2378 | | شخصية القديس بولس الرسول(2) وطنى 11/7/2010م للمتنيح الأنبا غريغوريوس علي الرغم من مكانة القديس بطرس الرسول, فقد حدث منه في أنطاكية تصرف لامه عليه القديس بولس, وعده منه(رياء). وقد أشار إليه صراحة في رسالته إلي أهل غلاطية حيث قال(عندما جاء بطرس إلي أنطاكية قاومته وجها لوجه لأنه كان يستحق اللوم) (غلاطية2:11).ذلك أن بطرس كان في أنطاكية يؤاكل المؤمنين الذين من أصل غير يهودي, فلما جاء من أورشليم إلي أنطاكية مسيحيون من أصل يهودي امتنع بطرس أن يأكل مع الذين من أصل غير يهودي خوفا من المؤمنين الذين من أصل يهودي, فحزن الرسول بولس علي هذا التصرف وعده رياء, وسلوكا غير قويم لا يتفق مع حق الإنجيل.ولما رأي أن برنابا أيضا سلك نفس السلوك, لم يخجل أن يوجه إليه أيضا اللوم قائلا(إن برنابا أيضا انقاد إلي ريائهم) (غلاطية 2:13). ويقول في روايته لهذه المواجهة الصريحة: (فلما رأيت أنهم لا يسلكون بإستقامة حسب حق الإنجيل, قلت لبطرس بمحضر منهم كلهم: إذا كنت وأنت يهودي تعيش كغير اليهود لا كاليهود, فكيف تلزم غير اليهود أن يتهودوا؟ نحن بالطبيعة والميلاد يهود...ومع ذلك نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس, بل بإيمان يسوع المسيح). (غلاطية2:11-16). من خصائص شخصية الرسول بولس: علي أن هذه الحادثة تكشف عن شخصية القديس بولس الرسول وأمانته, وشدة استمساكه بحق الإنجيل, كما تكشف عن شجاعته وصراحته وقوة مواقفه في المحاماة عن الإنجيل(فيلبي1:7). فعلي الرغم من علمه بمكانة القديس بطرس وهو من الاثني عشر تلميذا, وهم المعتبرون بمنزلة أساطين الكنيسة وعمدائها(غلاطية2:9), ولابد أن يكون الرسول بطرس هو أحد هؤلاء المعمدان والأساطين الذين وضعوا أيديهم علي بولس, فصار أسقفا معهم وشريكا لهم في الخدمة الرسولية(أعمال13:2, 3),(غلاطية2:9) وعلي الرغم أيضا من أن القديس برنابا الرسول, شريك بولس في الخدمة الرسولية, وقد نال الدرجة الأسقفية معه بوضع أيدي الرسل المعتبرين أعمدة الكنيسة(أعمال 13:2, 3) (غلاطية2:9). وعلي الرغم من أن برنابا هو الذي جاء ببولس أولا إلي الرسل بعد أن كل التلاميذ كلهم يخشونه ويخافونه غير مصدقين أنه تلميذ, وهو الذي روي لهم كيف أن شاول أو بولس قد رأي الرب وأنه كلمة ودعاه لخدمته(أعمال 9:26, 27), ثم إن برنابا هو الذي ذهب إلي بولس في طرسوس وجاء به إلي أنطاكية ليزامله في الخدمة... نقول إن بولس لم يكتم حق الإنجيل علي الرغم من علمه بمكانه بطرس وبرنابا, ويقول صراحة(وأما المعتبرون أنهم شئ, مهما كانوا لا فرق عندي, لأن الله لا يحابي أحدا من الناس) (غلاطية2:6). والجميل في حياة الآباء الرسل وطهارة قلوبهم, أنه لا بطرس ولا برنابا حقد علي بولس أو كرهه أو غضب منه, فإن كلا منهما يعلم مدي غيرته علي الحق الإلهي, وقد حملوا كلهم هذا الخلاف بينهم لا علي المستوي الشخصي, وإنما علي المستوي العقائدي والإيماني. ولم يمنع هذا الخلاف الذي جري بين الرسل في أنطاكية أن يشيد القديس بطرس في إحدي رسائله بالقديس بولس الرسول ويصفه بالحكيم فيقول عنه في رسالته الثانية إلي المؤمنين (واحسبوا أناة ربنا خلاصا, كما كتب إليكم بذلك أخونا الحبيب بولس, بحسب ما أوتي من الحكمة, كما هي الحال في جميع رسائله) (2.بطرس3:15, 16). ثم إنه في المجمع الرسولي الذي عقده الرسل في أورشليم برئاسة القديس يعقوب الرسول أسقف أورشليم نحو سنة51/50م, وقف القديس بطرس الرسول داعيا إلي عدم التزام المؤمنين من أصل غير يهودي بالختان, ونادي بمساواتهم تماما في كل شئ مع المؤمنين من أصل يهودي وقال:( والله الذي يعرف ما في القلوب... لم يفرق بيننا وبينهم في شئ وهكذا قال يعقوب الرسول: (لذلك أري أن لا يثقل علي الذين يهتدون إلي الله من الوثنيين, بل يرسل إليهم أن يمتنعوا عن ذبائح الأصنام النجسة والزني والمخنوق والدم) وهكذا قال أيضا بولس وبرنابا. وقد أصدر المجمع قرارا بمنطوق كلمات الرسول يعقوب , وأرسلوه إلي الإخوة المؤمنين من غير اليهود في أنطاكية وسورية وكيليكية, وأوفدوا يهوذا وسيلا( مع الحبيبين برنابا وبولس) وجاء في نص القرارفقد رأي الروح القدس ورأينا نحن أن لا نحملكم من الأثقال سوي مالابد منه, وهو أن تمتنعوا عن ذبائح الأصنام, وعن الدم والمخنوق والزني, فإذا صنتم أنفسكم منها, فحسنا تفعلون). (أعمال الرسل15:1-29). خلاف أفاد: ومهما يكن من أمر, فإن هذا الخلاف بين القديس بولس والقديس بطرس في أنطاكية يكشف عن عدد من الحقائق والمؤشرات: 1- إن القديس بولس الرسول كان رسولا أمينا لرسالة سيده المسيح وهو الذي قال(فليعدنا الناس خداما للمسيح ووكلاء أسرار الله. ثم يطلب من الوكلاء أن يكون كل واحد منهم أمينا)(1.كورنثوس4:1). فلم ينحرف بولس عن فهم رسالته, ولم يحاب وجه إنسان علي حساب الحق الإلهي. وهكذا يجب أن يكون جميع الناس بعامة وخدام الله بخاصة. 2-لم يخجل الرسول بولس أن يشير إلي هذا الخلاف بينه وبين القديس بطرس والقديس برنابا, علي الرغم من مكانة كل منهما عنده, حيث إن الخلاف كان علي المستوي العقائدي والإيماني, ولم يكن علي المستوي الشخصي. 3-لم يخش القديس بولس العثرة التي تنجم عن وجود هذا الخلاف وآثاره علي الكنيسة من داخل ومن خارج, فإن الشرور الناجمة عن تعويج الحق الإلهي محاباة للوجوه, أو طلبا لمنفعة أو تجنبا للمتاعب, تزيد كثيرا علي ما يمكن أن تحدثه مواقف القوة مع الحق من ردود فعل من جانب المنافقين والخائفين. 4-ثم إن الخلاف علي المبادئ, يؤدي في نهاية المطاف إلي إرساء قواعد, وإظهار حقائق, كان يمكن أن يطمسها الخوف من العثرة. ونحن لا ننسي قول الرسول بولس عن المسيح-له المجد- إنه هو ذاته صار عثرة لليهود(نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة) (1.كورنثوس 1:23) اقرأ (رومية 9:32) (غلاطية5:11), (1.بطرس 2:8). 5-ولقد أدي الخلاف بين الرسل علي مدي التزام المهتدين إلي المسيح من غير اليهود, بالختان,وما إذا كان هناك امتياز للمسيحيين من أصل يهودي علي المسيحيين من أصل وثني, إلي انعقاد الرسل في مجمع, ووصولهم إلي قرارا مجمعي بالروح القدس, أضاف إلي التراث العقائدي صيغة إيمانية جديدة ملزمة لجميع المسيحيين في كل العصور. 6-ويعد المجمع الرسولي في أورشليم لبنة أولي في صرح مجمعية الكنيسة, وأول تطبيق عملي للقاعدة التي وضعها المسيح له المجد للتقنين في كنيسته بقوله للآباء الرسل:(الحق أقول لكم إن كل ما تربطونه علي الأرض يربط في السماوات, وكل ما تحلونه علي الأرض يحل في السماوات) (متي18:18). وبموجب هذا التصريح الإلهي صارت للمجامع الإكليريكية العامة- مسكونية وإقليمية ومحلية- شرعيتها في التقنين والتشريع الكنسي. وبذلك تصير لقرارات هذه المجامع قوة الوحي الإلهي(الله قائم في مجمع الله. في وسط الآلهة يقضي)(مزمور81:1), وتصير بالتالي قرارات المجامع الكنسية مصدرا ثالثا للتعليم الكنسي بعد الكتاب المقدس والتقليد الرسولي. كرازة القديس بولس الرسول لقد شاء الله الذي دعا شاول أو بولس ليكون خادما له ورسولا منه إلي غير المؤمنين, أن يختصه بالخدمة بين الوثنيين في الأمم غير اليهودية. يتضح هذا أولا منذ الابتداء عندما ظهر له في الرؤيا الأولي وهو في طريقه إلي دمشق, وسأله شاول: يارب, ماذا تريد أن أعمل؟ قال المسيح له المجد لبولس(قم وقف علي قدميك, فإني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادما لي وشاهدا بما رأيت, وبما سأتراءي لك فيه...سأنقذك من شعب اليهودي ومن الأمم(غير اليهودية) التي سأرسلك أنا إليهم لتفتح عيونهم, فيرجعوا من الظلمات إلي النور,ومن سلطان الشيطان إلي الله, حتي ينالوا بالإيمان بي, غفران خطاياهم وميراثا مع القديسين) (أعمال الرسل26:16-18). ثم لقد قال الرب يسوع المسيح لحنانيا الرسول, أحد السبعين, عندما ظهر له في الرؤيا وأمره بأن يذهب إلي شاول ليعمده وينير بصيرته(اذهب, لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي إلي الأمم(غير اليهودية) والملوك وبني إسرائيل) (أعمال الرسل9:15). ثم إن المسيح له المجد ظهر للقديس بولس, في أورشليم, بينما هو يصلي في الهيكل, وأمره قائلا:(أسرع في الخروج عاجلا من أورشليم,لأنهم لا يقبلون شهادتك لي...اذهب, إني سأرسلك إلي مكان بعيد, إلي الأمم(غير اليهودية)) (أعمال الرسل22:17-21). وقال القديس بولس الرسول إلي اليهود في مجمعهم ببلدة أنطاكية بيسيدية(كان يجب أن تكلموا أنتم أولا بكلمة الله, ولكنكم رفضتموها, فحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية. ولذلك نتوجه الآن إلي الأمم (غير اليهودية) فقد أوصانا الرب:قد أقمتك نورا للأمم لتكون أنت خلاصا إلي أقصي الأرض.فلما سمع غير اليهود ذلك فرحوا ومجدوا كلمة الرب). (أعمال الرسل13:46, 47). وقال الرسول بولس لأهل روما من غير اليهوديسوع المسيح ربنا, الذي به نلنا النعمة والرسالة لندعو من أجل اسمه جميع الأمم إلي إطاعة الإيمان وأنتم أيضا منهم, دعيتم لتكونوا ليسوع المسيح.(رومية1:4-6). (أقول لغير اليهود منكم, بما أني أنا رسول للأمم (غير اليهودية), أمجد خدمتي)(رومية11:13). (النعمة التي وهبها الله لي حتي أكون خادم المسيح يسوع عند الأمم (غير اليهودية), وأنا أخدم الله ككاهن, ليكون قربان الأمم (غير اليهودية) مقبولا عند الله مقدسا بالروح القدس)(رومية15:15, 16). ويقول الرسول بولس في رسالته إلي أهل غلاطية(لما سر الله الذي اصطفاني منذ كنت في بطن أمي, فدعاني بنعمته أن يعلن ابنه في لأبشر به بين الأمم(غير اليهودية) (غلاطية1:15, 16). (وأما المعتبرون...إذ رأوا أني أؤتمنت علي تبشير غير اليهودية كما أؤتمن بطرس علي تبشير اليهود, لأن الذي عمل في بطرس لرسالة أهل الختان, عمل في أيضا للأمم (غير اليهودية). ولما عرف يعقوب وبطرس ويوحنا, وهم بمنزلة أساطين الكنيسة, ما أعطيت من نعمة, مدوا إلي وإلي برنابا يمين الشركة, فنذهب نحن إلي الأمم (غير اليهودية) وهم إلي أهل الختان) (غلاطية2:6-9). وقال الرسول بولس إلي أهل أفسس(أنا أصغر جميع القديسين أعطيت هذه النعمة أن أبشر الأمم (غير اليهودية) بما في المسيح من غني لا حد له). (أفسس 3:8). ويقول في رسالته إلي تيموثيئوس: (الشهادة...وأقمت أنا لها داعيا ورسولا...ومعلما للأمم(غير اليهودية) في الإيمان والحق) (1.تيموثيئوس 2:7,6) (الإنجيل الذي أقمت له كارزا ورسولا ومعلما للأمم غير اليهودية) (2تيموثيئوس1:10, 11). اقرأ أيضا(أعمال الرسل 18:6). وقد قام الرسول فعلا بمهمة تبشير جميع الأمم, يهودية وغير يهودية, لكنه توجه علي الخصوص إلي الأمم غير اليهودية ونقل إليهم بشارة الإنجيل للخلاص, وقد صحبه في رحلاته تلك بعض المرافقين, ومنهم:برنابا,ومرقس ولوقا من بين السبعين, وآخرون من تلاميذه ومن بينهم:تيموثيئوس وتيطس. وفيما يلي نذكر شيئا عن رحلاته الأربع بحسب ترتيبها التاريخي, مع الإشارة إلي المرافقين له, والبلاد التي بشر فيها بالإنجيل. |