Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة اثنتين وثلاثين ومائتين موت أبي جعفر الواثق

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة220 وخلافة الواثق
سنة228 وسنة229
سنة230
سنة231
سنة232 وموت الواثق

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة اثنتين وثلاثين ومائتين
ذكر الحرب مع بني نمير

في هذه السنة سار بغا الكبير إلى بني نمير، فأوقع بهم.
وكان سبب ذلك أن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير الخطفي امتدح الواثق بقصيدة، فدخل عليه، وأنشده، فأمر له بثلاثين ألف درهم، فأخبر الواثق بإفساد بني منير في الراض، وإغارتهم على الأنس وعلى اليمامة وما قرب منها؛ وكتب الواثق إلى بغا يأمره بحربهم وهوبالمدينة، فسار نحواليمامة، فلقي من بني منير جماعة بالريف فحاربهم، فقتل منهم نيفاً وخمسين رجلأن وأسر أربعين رجلاً.
ثم سار حتى نزل مرأة، وأرسل إليهم يدعوهم إلى السمع والطاعة، فامتنعوأن وسار بعضهم إلى نحوجبال السود، وهي خلف اليمامة، وبث بغا سراياه فيهم، فأصابت منهم، ثم سار بجماعة من معه، وهم نحومن ألف رجل، سوى من تخلف في العسكر من الضعفاء والأتباع، فلقيهم وقد جمعوا لهم وهم نحومن ثلاثة آلاف بموضع يقال له روضة الأمان على مرحلة من أضاخ، فهزموا مقدمته، وكشفوا ميسرته، وقتلوا من أصحابه نحواً من مائة رجل وعشرين رجلاً وعقروا من إبل عسكره نحوسبع مائة بعير، ومائة دابة، وانتهبوا الأثقال، وبعض الأموال، ثم أدركهم الليل، وجعل بغا يدعوهم إلى الطاعة.
فلما طلع الصبح ورأوا قلة من مع بغا عبأوأن وجعلوا رجالتهم أمامهم، ونعمهم ومواشيهم وراءهم، وحملوا على بغأن فهزموه، حتى بلغ معسكره، وأيقن من معه بالهلكة.
وكان بغا قد أرسل من أصحابه مائتي فارس إلى طائفة منهم، فبينا هوقد أشرف على العطب، إذ وصل أصحابه إليه منصرفين من وجوههم، فلما نظر بنومنير ورأوهم قد أقبلوا من خلفهم ولوا هاربين، وأسلموا رجالتهم، وأموالهم، فلم يفلت من الرجالة إلا اليسير، وأما الفرسان فنجوا على خيلهم.
وقيل إن الهزيمة كانت على بغا مذ غدوة إلى انتصاف النهار، ثم تشاغلوا بالنهب، فرجع إلى بغا من كان انهزم من أصحابه، فرجع بهم، فهزم بني منير، وقتل فيهم من زوال الشمس إلى آخر وت العصر زهاء ألف وخمس مائة راجل، وأقام بوقع الوقعة، فأرسل أمراء العرب يطلبون الأمان، فأمنهم، فأتوه فقيدهم، وأخذهم معه إلى البصرة، وكانت الوقعة في جمادى الآخرة. ثم قدم واجب الأشروسني على بغا في سبع مائة مقاتل، مدداً له، فسيره بغا في آثارهم، حتى بلغ تبالة من أعمال اليمن، ورجع، وكان بغا قد كتب إلى صالح أمير المدينة ليوافيه ببغداد بمن عنده من فزارة، ومرة، وثعلبة، وكلاب، ففعل، فلقيه ببغداد، فسارا جميعأن وقدم بغا سامرا بمن بقي معه منهم، سوى من هرب وقتل في الحروب يزيدون على ألفي رجل، ومائتي رجل من منير، وكلاب، ومرة، وفزارة، وثعلبة، وطيء.
ذكر موت أبي جعفر الواثق
في هذه السنة توفي الواثق بالله أبوجعفر هارون بن محمد المعتصم في ذي الحجة لست بقين منه، وكانت علته الاستسقاء، وعولج بالإقعاد في تنور مسخن، فوجد لذلك خفة، فأمرهم من الغد بالزيادة في إسخانه، ففعل ذلك، وقعد فيه اكثر من اليوم الأول، فحمي عليه، فأخرج منه في محفة، وحضر عنده احمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن عبد الملك الزيات، وعمر بن فرج، فمات فيهأن فلم يشعروا بموته، حتى ضرب بوجهه المحفة، فعلموا.
وقيل إن أحمد بن أبي دؤاد حضره عند موته، وغمضه، وقيل إنه لما حضر الوفاة جعل يردد هذين البيتين:
الموت فيه جميع الناس مشترك ... لا سوقة منهم تبقى ولا ملك
ما ضر أهل قليل في تفاقرهم ... وليس يغني عن الأملاك ما ملكوا
وأمر بالبسط فطويت، وألصق خده بالأرض، وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه، ارحم من زال ملكه.(3/219)
وقال احمد بن محمد الواثقي: كنت فيمن يمرض الواثق، فلحقه غشية، وأنا وجماعة من أصحابه قيام، فقلنا: لوعرفنا خبره، فتقدمت إليه، فلما صرت عند رأسه فتح عينيه فكدت أموت من الخوف، فرجعت إلى خلف، وتعلقت قنبعة سيفي في عتبة المجلس، فاندقت، وسلمت من جراحه، ووقفت في موقفي.
ثم إن الواثق مات، وسجيناه، وجاء الفراشون وأخذوا ما تحته في المجلس، ورفعوه لأنه مكتوب عليهم، واشتغلوا بأخذ البيعة، وجلست على باب المجلس لحفظ الميت وورددت الباب، فسمعت حسأن ففتحت الباب، وإذا جرذ قد دخل من بستان هناك، فأكل إحدى عيني الواثق، فقلت: لا إله إلا الله، هذه العين التي فتحها من ساعة، فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة.
وجاؤوا فغسلوه، فسألني أحمد بن أبي دؤاد عن عينه، فأخرته بالقصة من أولها إلى آخرها فعجب منها.
ولما مات صلى عليه أحمد، وأنزله في قبره، وقيل صلى عليه أخوه المتوكل، ودفن بالهاروني بطريق مكة.
وكان مولده بطريق مكة، وأمه أم ولد اسمها قراطيس، ولما اشتد مرضه أحضر المنجمين منهم الحسن بن سهل، فنظروا في مولده، فقدروا له أن يعيش خمسين سنة، مستأنفة من ذلك اليوم، فلم يعش بعد قولهم إلا عشرة أيام ومات.
وكان أبيض، مشرباً بحمرة، جميلأن ربعة، حسن الجسم، قائم العين اليسرى، فيها نكتة بياض، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وخمسة أيام، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة، وقيل ستاً وثلاثين سنة.
ذكر بعض سيرة الواثق بالله
لما توفي المعتصم، وجلس الواثق في الخلافة أحسن إلى الناس، واشتمل على العلويين، وبالغ في إكرامهم والإحسان إليهم، والتعهد لهم بالأموال، وفرق في أهل الحرمين أموالاً لا تحصى، حتى إنه لم يوجد في أيامه بالحرمين سائل.
ولما توفي الواثق كان أهل المدينة تخرج من نسائهم كل ليلة إلى البقيع، فيبكين عليه، ويندبنه، ففعلوا ذلك بينهم مناوبة حزناً عليه، لما كان يكثر من الإحسان إليهم؛ وأطلق في خلافته أعشار سفن البحر، وكان مالاً عظيماً.
قال الحسين بن الضحاك: شهدت الواثق بعد أن مات المعتصم بأيام، أول مجلس جلسه، فغنته جارية إبراهيم بن المهدي:
ما درى الحاملون، يوم استقلوا ... نعشه، للثواء أم للبقاء
فليقل فيك باكياتك ما شئ ... ن صباحأن وعند كل مساء
فبكى، وبكينا معه حتى شغلنا البكاء عن جميع ما كنا فيه، قال: ثم تغنى بعضهم فقال:
ودع هريرة إن الركب مرتحل، ... وهل تطيق وداعاً أيها الرجل
فازداد الواثق بكاء، وقال: ما سمعت كاليوم تعزية بأب وتغنى نفسي؛ ثم تفرق أهل المجلس. قال: وقال أحمد بن عبد الوهاب في الواثق:
أبت دار الأحبة أن تبينا ... أجدك ما رأيت بها معينا
تقطع حسرة من حب ليلى ... نفوس ما أثبن ولا جزينا
فصنعت فيه علم جارية صالح بن عبد الوهاب، فغناه زرزر الكبير للواثق، فسأله: لمن هذا؟ فقال: لعلم، فأحضر صالحاً وطلب منه شراءهأن فأهداها له، فعوضه خمسة آلاف دينار، فمطله بها ابن الزيات، فأعادت الصوت، فقال الواثق: بارك الله عليك، وعلى من رباك! فقالت: وما ينفع من رباني؟ أمرت له بشيء فلم يصل إليه! فكتب إلى ابن الزيات يأمره بإيصال المال إليه، وأضعفه له، فدفع إليه عشرة آلاف دينار، وترك صالح عمل السلطان، واتجر في المال.
وقال أبوعثمان المازني النحوي: استحضرني الواثق من البصرة، فلما حضرت عنده قال: من خلفت بالبصرة؟ قلت: أختاً لي صغيرة. قال: فما قالت المسكينة؟ قلت: ما قالت ابنة الأعشى:
تقول ابنتي، حين جد الرحيل ... أرانا سواء ومن قد يتم
فيا أبتا لا تزل عندنا ... فإنا نخاف بأن تخترم
أرانا إذا أضمرتك البلا ... د نجفى وتقطع منا الرحم
قال: فما رددت عليها؟ قلت: ما قال جرير لابنته:
ثقي بالله ليس له شريك ... ومن عند الخليفة بالنجاح
فضحك، وأمر له بجائزة سنية.

This site was last updated 07/14/11