أولاً: العلمانيون المدنيون الذين جلسوا أو رشحوا للمنصب الباباوى
العلماني في المفهوم الكنسي هو المشتغل بمهنة حرفة أو العامل في الدنيا، أي بعمل فى الدنيا بين الناس ويأكل عيشة ويسترزق من عمل ما فى الدنيا ..ويُذكر العلماني في القوانين الكنسية مقابل رجل الدين أو صاحب الرتبة الكهنوتية ويطلق عليهم الإكليروس وهم طائفتين أحدهما الكهنة وهم الذين مهنتهم وعملهم خدمة الشعب فى العالم ولهم كنائسهم التى يخدمون فيها وهم يسترزقون من تبرعات وعطايا الشعب والطائفة الثانية هم الرهبان وهم المتعبدون فى الجبال والبرارى والأديرة منعزلون عن العالم ويقتاتون من عمل يديهم كأعمال يدوية أو بزراعات وتربية حيوانات وطيور فى العصر الحديث .
وهناك علمانيين مدنيين متزوجين تمت رسامتهم باباوات بطاركة وصل عددهم إلي نحو ٤٢، ومطارنة وأساقفة منذ دخول المسيحية مصر، علي يد مار مرقس الرسول البطريرك الأول في تاريخ الكنيسة القبطية ٦٥ ـ 86م، ومن أمثال هؤلاء حنانيا إنيانوس البطريرك رقم ٢ ٨٦ ـ ٣٨م، والبابا يسطس البطريرك رقم ٦ ٨١١ ـ ٩٢١م، والبابا أمانيوس البطريرك، رقم ٧ (٩٢١ ـ ١٤١م، البابا
والبابا مرقيانيوس البطريرك، رقم ٨ ١٤١ ـ ٢٥١، والبابا ألكسندورس الأول البطريرك رقم ٩١ ٢١٣ ـ ٨٢٣م، والبابا أثناسيوس الأول الرسولي البطريرك، رقم ٠٢ ٨٢٣ ـ ٣٧٣م، والبابا تيموثاوس الأول البطريرك، رقم ٢٢ ٩٧٣ ـ ٥٨٣م. وهؤلاء جميعهم من العلمانيين. وعاصر بعضهم كبار الرهبان من أمثال الأنبا بولا ٨٢٢ ـ ١٤٣م، والأنبا أنطونيوس ١٥٢ ـ ٦٥٣م، والأنبا مكاريوس الكبير ٠٠٣ ـ ٠٩٣م، والأنبا باخوميوس أب.
ترشيح علمانيين
وحتي بداية النصف من القرن العشرين كان يتم ترشيح بعض العلمانيين لمنصب البطريركية والأسقفية، ومثال من تم ترشيحهم لمنصب البطريركية الأستاذ وديع بشاي ـ صار فيما بعد الراهب القمص داود المقاري ومؤسس كنيسة السيدة العذراء بروض الفرج، بعد نياحة البابا يؤانس البطريرك رقم ٣١١ ٨٢٩١ ـ ٢٤٩١م.
ترشيح الدكتور وهيب عطالله جرجس ـ صار فيما بعد الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ـ عقب نياحة البابا يوساب الثاني البطريرك رقم ٥١١ ٦٤٩١ ـ ٦٥٩١م.
وممن تم ترشيحهم لمنصب الأسقفية الأرشيدياكون حبيب جرجس (من تلاميذه قداسة البابا شنودة الحالي البطريرك ٧١١)
وكان مدير الكلية الإكليريكية ليتولي مطرانية الجيزة والقليوبية ومركز قويسنا فبراير ٩٤٩١م، ولكنه رفض ذلك المنصب، وفضل البقاء في عمله السابق ذكره.
ثانيًا الرهبان
لجأ الأقباط لترشيح الرهبان لصعوبة وجود المواصفات المطلوبة فى العلمانيين والراهب متبتل وليس له رتبة كنسية إلا إذا كان أخذ رتبة كاهن وقد كانت المدرسة اللاهوتية بالأسكندرية هى مركز لإختيار البابا القبطى ولكن أغلقت المدرسة الإكليريكية اللاهوتية في أواخر القرن الخامس الميلادي،وفى القرن العاشر الميلادي.بدأ الأقباط فى الاختيار من بين الرهبان،
ولتاريخ الكنسي القبطي يسجل لنا أن من بين ٧١١ بطريركًا، كان هناك ١٧ بين الرهبان.
ثالثا الأساقفة
وعن الدوافع وراء اختيار البطريرك من بين أساقفة ومطارنة الإيبارشيات يقول الباحث ظهر تيار داخل الكنيسة في الربع الأول من القرن العشرين ينادي بأنه ليس في تاريخ الكنيسة ولا عقيدتها ولا طقوسها ولا قوانينها ما يمنع من اختيار البطاركة من بين أساقفة ومطارنة الإيبارشيات الذين سبق رسامتهم لأقاليم الكرازة، وأنه خير للكرسي الباباوي أن يختار له من سبق أن عرفه الشعب عمن لم يعرفه من العلمانيين والرهبان، ويأتي ذلك علي ضوء ما اكتسبه من خبرات في شئون الإدارة وفن القيادة لرعايته.
البابا خائيل الأول البطريرك رقم ٦٤ ٣٤٧ ـ ٧٦٧م، الذي ساير الكنيسة الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية في اختيار البطاركة من الرهبان، وقد انتخب علي هذا الأساس البابا مينا البطريرك رقم ٧٤ ٧٦٧ ـ ٦٧٧ الذي جاء بعده، وصارت قاعدة مستقرة.
وشهد القرن العشرون اختيار العديد من بين أساقفة ومطارنة الكنيسة لكرسي البطريركية، وهم علي وجه التحديد الباب يؤانس التاسع عشر البطريرك رقم ٣١١ ٨٢٩١ ـ ٢٤٩١م، الذي كان مطرانا للبحيرة دمنهور،
والبابا مكاريوس الثالث البطريرك رقم ٤١١ ٤٤٩١ ـ ٥٤٩١م الذي كان مطرانًا لأسيوط والبابا يوساب الثاني البطريرك رقم ٥١١ ٦٤٩١ ـ ٦٥٩١م الذي كان مطرانًا لجرجا.
أسباب الاعتراض علي اختيار البطريرك من أساقفة ومطارنة الإيبارشيات يقول الدكتور ماجد ـ إن كانت حجة المنادين لهذا الرأي هي الخبرة السابقة التي اكتسبها أثناء ولايته في الإيبارشية، فهذا أمر يصعب قبوله من الناحية الروحية لأن عمل الأسقف ليس فقط إداريًا مدنيًا سياسيًا بل هو صلاة وخدمة الكلمة، والروح القدس الذي حل عليه حين تم اختياره أسقفًا هو نفسه الذي يحل علي العلماني أو الراهب ويعطيه الحكمة في تدبير الأمور، إذا اختير للكرسي البطريركي، فلا يمتاز هذا عن ذاك في هذا المضمار.
القانون رقم ٣١ من قوانين الرسل الذي ينص علي: أيما أسقف ترك كرسيه وعمله وإيبارشيته وتدبير شعبه ومضي إلي غير بلده حتي ولو كان محتاجا أو مضطرًا فلينف ويلقي من رتبته إلا أن يسأل من الأساقفة من يقيم عندهم إلي أن تنقضي حوائجه وهو ما ينص عليه أيضًا كل من القوانين رقم ٥١ مجمع أنطاكية، وقانون رقم ١ و٣ من قوانين مجمع سرديكيا سنة ٧٤٣م، وقرار البابا خائيل الأول البطريرك رقم ٦٤ ٣٤٧ ـ ٧٦٧م، وقرار مجمع الأساقفة في الكنيسة القبطية عام ٥٦٨١م.
البابا ليس رئيساً إدارياً
ونظرًا لأن البابا ليس رئيسًا إداريًا للكنيسة بدرجة رئيس أساقفة بل هو أسقف بين إخوته الأساقفة ومتساو في الرتبة، كما أن السلطة العليا في الكنيسة ليست له بل لمجمع المطارنة والأساقفة، فإن قوانين الكنيسة تحرم علي أسقف الإسكندرية أن يكون قد سبق له أن كان أسقفًا لكي ينتقل إلي كرسي آخر هو كرسي مدينة الإسكندرية العظمي، كما أن انتقاله إلي كرسي البطريركية يعتبر ترقية له وليس رسامة أي شرطونية وضع أيدي الأساقفة، لذا يبقي كرسي أسقفية الإسكندرية شاغرًا طوال حياته حتي وإن كان من الممكن أن يكون له وكيل نائب مساوياً لوكيل بطريركية القاهرة، ولوكيل القاهرة والإسكندرية حق التمع بعضوية مجمع المطارنة والأساقفة.
وضع اليد
قوانين الكنيسة تمنع وضع اليد للدرجة الكهنوتية الواحدة مرتين إن رسامة مطران أو أسقف لأية إيبارشية بطريركا أي أسقفا لمدينة الإسكندرية هو تكرار لبدعة ميليتوس أسقف ليكوبولس أسيوط في أوائل القرن الرابع والتي شجبها مجمع نيقية المسكوني الأول الأمر الذي تستنكره الكنيسة وتعتبره شرا يجب مقاومته علي أية حال، جميع الباباوات السابقين علي مدي 1734 سنة كانوا يستعينون بالرهبان كمساعدين لهم دون ترقيتهم إلي رتبة الأسقفية، وقد ظل 107 بطاركة يسيرون علي هذا النظام، حتي قام البابا مرقس الثامن البطريرك رقم 108 1796-1809م برسامة مساعده الراهب أسقفا،
تجاوزات الكنيسة القبطية للقوانين
أولا أن البابا بطرس الجاولي البطريرك رقم 109 1809-1852م الذي ترهب بدير الأنبا أنطونيوس استدعاه البابا مرقس الثامن البطريرك رقم 108 1796-1809م ورسمه قسا ثم قمصا باسم مرقوريوس ثم مطرانا عاما علي إثيوبيا باسم ثيؤفيلوس لكنه ظل ستة أشهر مقيما مع البطريرك بالقاهرة حتي تنيح البابا سنة 1809م فرسم بالإجماع بطريركا بعد ثلاثة أيام في 24 ديسمبر 1809م باسم البابا بطرس السابع وجلس علي كرسي مارمرقس 42 سنة.
وثانيا أن البابا كيرلس الرابع البطريرك رقم 110 1854-1861م الذي كان اسمه الراهب داود الأنطوني، رشح للبطريركية ثلاثة مرات، وقد زكاه في الجولة الأولي 9 أساقفة وفي الثانية 13 أسقفا، ثم سمي فقط دون رسامة أي وضع اليد مطرنا عاما في 17 أبريل 1853م، وبعد سنة وشهرين رسم بطريركا،
وللأمانة العلمية في ذلك الوقت كانت الكنيسة القبطية تمر بظروف فتنة، في عهد الباشا عباس حلمي الأول 1265-1271هـ 1848-1845م، وتدخلت جهات أجنبية تمثلت في قنصل إنجلترا في مصر، وبطريرك الأرمن الأرثوذكس للإسراع برسامة البطريرك كيرلس الرابع الذي عرف في التاريخ بـأبوالإصلاح،
وثالثا: لما كان من غير الجائز أن توضع اليد علي المرشح للكرسي البطريركي من الأساقفة العموميين مرتين للدرجة الكهنوتية الواحدة، ولما كانت درجة الأسقفية هي نفسها درجة البطريركية حسبما سبقت الإشارة، طبقا للقانون الكنسي، فإن نفس ما يتبع معه كما حدث مع كل الباباوات الذين كانوا أساقفة أو مطارنة يؤانس التاسع عشر البطريرك 12 ومكاريوس الثالث البطريرك 113 ويوساب الثاني البطريرك 115، الذين كانوا مطارنة إيبارشيات قبل اختيارهم بطاركة فلم توضع عليهم اليد الشرطونية أي الرسامة، وهم يقولون إن عدم وضع اليد في هذه الحالة ليس معناه عدم نوال الروح القدس مرة أخري بعد أن سبق وناله كل منهم في طقس رسامته الأولي أسقفا وهو لم يفارقه طوال مدة أسقفيته، بل إنه يأخذ منه نعمة جديدة للرعاية مثلما يأخذ الأسقف حين يرقي إلي رتبة المطران والقس حين يرقي إلي القمصية.
وأخيرا أن هذا المبدأ مأخوذ به في الكنيسة الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية الشقيقة، وقد طبق عند رسامة البطريرك إسحاق الأنطاكي.
لائحة 28
ثم شرح الباحث ظروف لائحة 1928 وتنصيب أول مطران بطريركا فقال: ومع أوائل القرن العشرين بدأت الدولة تتدخل في اختيار البطريرك عن طريق فكرة العمل بنظام اللوائح، ونذكر علي سبيل المثال
البابا يؤانس التاسع عشر البطريرك رقم 113 1928-1942م، فبعد أن تنيح توفي البابا كيرلس الخامس البطريرك 112 في 17 أغسطس 1927م تحركت أطماع بعض المطارنة نحو المنصب، فظهر مرشحان لمنصب النيابة البطريركية هما الأنبا يؤانس الذي اشتهر بمعارضة المطالب الإصلاحية وبخصومته الشديدة للمجلس المحلي، والأنبا مكاريوس الذي رشحه أنصار النهضة الإصلاحية، وحين ارتفعت راية العصيان ووقف رجال الدين موقف المعاندين، دعا أحد الأساقفة إلي عقد اجتماع كبير يعقد في فندق الكونتيننتال
لاختيار القمص يوحنا سلامة كاهن أرمل لتولي شئون البطريركية، وخلال هذه الصراعات تدخل الملك فؤاد الأول 1917-1936م وأصدر أمرا بتعيين الأنبا يؤانس قائمقام لإدارة شئون البطريركية، حتي تسني للحكومة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق اختيار البطريرك.
وبعدها بدأ التعاون المشترك ما بين الكنيسة الدولة لإيجاد صفة شرعية لتعيين الأنبا يؤانس بطريركا،
فأصدر المجمع المقدس في 18 يوليو 1928م قرارا بحتمية اختيار البطريرك من المطارنة، وهو الأمر الذي دفع المجلس الملي إلي أن يرفع خطابا إلي رئيس الوزراء ينبه فيه إلي مخالفة هذا القرار للتقاليد الكنسية لأنه لا يجوز اختيار البطاركة من بين الأساقفة والمطارنة، فاقترحت الحكومة علي الملك فؤاد 1917-1936م إصدار لائحة لانتخاب البطريرك، و
هي اللائحة التي صدرت في الأول من ديسمبر 1928م، والتي تضمنت ضرورة الإسراع بانتخاب البطريرك وأن تؤلف جماعة الانتخاب من جميع المطارنة والأساقفة ورؤساء الأديرة من 24 شخصا، بالإضافة إلي أعضاء المجلس الملي ونوابه، وأربعة وعشرين شخصا آخرين من أعيان الطائفة القبطية حددوا بأسمائهم علي أن يكون من بينهم الوزراء السابقون وأعضاء في البرلمان ويكونون معروفين لدي الجميع وحدد يوم 7 ديسمبر 1928م موعدا لإجراء الانتخابات، وعلي الحكومة نشر هذه اللائحة بالصحف القومية.
علي أية حال خططت الحكومة لحتمية اختيار الأنباء يؤانس عن طريق عدة وسائل منها تحديد جماعة الاختيار، والأعيان الأقباط، وقوة البوليس التي كان هدفها حماية العملية الانتخابية ونجاح خطة الحكومة، وهو ما تحقق بالفعل بالرغم من إجراءات الاقتراع السرية، التي قيل إنها كانت مشوبة، وانتهي الأمر وأصدر الملك فؤاد الأول أمرا في 9 ديسمبر 1928م، بتعيين الأنبا يؤانس بطريركا للأقباط الأرثوكس وقد انتقدت بعض الصحف تدخل الملك في حق اختيار البطريرك فكتبت صحيفة مصر قائلة لا يمكن للحكومة إكراه الأقباط علي قبول من لا يرغبونه رئيسا دينيا عليهم وفي 10 ديسمبر 1928 نشرت الصحيفة برقية أرسلها راغب مفتاح إلي البابا يؤانس تقول لن أعترف بك بطريركا وأنت منفصل عن كنيستنا بحكم قوانينها.
لائحة 57ينقصها تعديلات ولكن الوقت غير مناسب
أما عن لائحة عام 1957 لانتخاب البطريرك والتي صدرت في 2 نوفمبر والتي اعتمد عليها في اختيار كل من قداسة البابا كيرلس السادس والبابا شنودة.
وتحت عنوان ماذا قال البابا شنودة الثالث عن اللائحة المقبلة لتوليه البطريرك المنتظر يكتب الباحث.
لقد صرح قداسة البابا شنودة الثالث في أول خطاب له يوم توليه الكرسي البطريركي في منتصف نوفمبر ١٧٩١م في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بأنه سيسعي فورًا لاستصدار لائحة جديدة لانتخاب البطريرك تسد الثغرات وتعالج العيوب التي تشوب لائحة ٢ نوفمبر ٧٥٩١م التي اختير علي أساسها ومن قبله قداسة البابا كيرلس السادس البطريرك ٦١١ ٩٥٩١ ـ ١٧٩١م، وأن ليس لديه موانع نفسية لاستصدارها.
وفي حديث لقداسة البابا شنودة الثالث البطريرك ٧٧١ نشرته جريدة وطني بعددها الصادر في ٨١ ديسمبر ٤٩٩١م قال قداسته:
إن من بين التشريعات التي لم تصدر بعد قانون انتخاب البطريرك الذي نترقب الوقت المناسب والظروف المهيأة لإقراره والتصديق عليه، دون أن تعترضه عقبات، إذ يخشي أن ينبري من يتصدي للاعتراض عليه عند عرضه،.. إذ لا يخفي أن هناك تيارات مختلفة يمكن أن تثير العقبات.
وفي موضع آخر من نفس المقال قال قداسته إنه ليس من بين تلك التيارات ما يشكل أغلبية للموافقة والتصديق...!.