Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

دير السلطان

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أكتشاف وثيقة بدار الكتب
كنيسة العذراء بدير السلطان
الأنبا باسيليوس ودير السلطان
صور دير السلطان المغتصب
الأنبا أنطونيوس ودير السلطان
وقفة إحتجاجية

 دير السلطان: يتكون دير السلطان من مجموعة من المبانى القديمة المتناثرة، وفيه أرض خالية تصل مساحتها إلى ألف متر وحوله سور بارتفاع يقرب من 4.5 متر، يفصل بين الدير وبطريركية الأقباط، وفى نهايته باب خاص بالأقباط وحدهم، ويوجد باب ثالث لهذا الدير من الناحية الشرقية على الطريق العمومى المجاور للمبانى المعروفة بالمصبنة.

 

ويعد القمص ميصائيل الأورشليمى الراهب المصري الوحيد الذي توجد له قلاية داخل دير السلطان المغتصب

 

وعندما زار صلاح الدين الأيوبى المدينة المقدسة أورشليم شخصياً نزل فى دار القسوس المجاور لكنيسة القيامة , ثم رأى ان يعوض القبط عما اصابهم من اضرار نتيجه لإضهاده لهم فى بداية حكمه وإضطهاد الفرنجة لهم بإستيلائهم على ممتلكاتهم وإعتبارهم هراطقة وعدم السماح لهم بزيارة الأراضى المقدسة طيلة إحتلالهم لأورشليم , ولما كان يعمل معه كتبه من الأقباط وفى سائر الإدارات وخاصة بناء القلعة فى مصر فمنحهم المكان الذى أصبح معروفاً بإسم "دير السلطان نسبة إليه , كما رد إليهم جميع ممتلكاتهم التى استولى عليها الفرنجة فى الأماكن المقدسة , ولما كان الأقباط قد حرمو من زيارة الأماكن المقدسة فقام بإعفاء الأقباط من ضريبة الزيارة لأورشليم لإزالة المعاناه التى عانوها و " راعى القبط والأحباش وثبتهما فى أماكنهما لأن القبط  كانوا من رعاياه والأحباش من جيرانه " قصة الأرض المقدسة لديمترى رزق ص 21.. وذكر ايضا  تاريخ القدس لمعارف باشا العارف ص 78- 79 , قصة الأرض المقدسة لديمترى رزق ص 21 وأستشهد بأبى المكارم المؤرخ القبطى الذى كان آخر ما كتبه فى سنة 1208 م : " حينما استولى الفرنجة على القدس منعوا مسيحى لبشرق بأن يسعدوا بزيارة الأماكن المقدسة , فلما أسترجعها صلاح الدين منهم فتحها مرة اخرى لزيارتهم لها

جاء فى تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا القمص ص 549

: " مذكرة بملكية دير السلطان بالقدس للأقباط ألرثوذكس أصدرها الأنبا ياكوبوس مطران الكرسى ألأورشليمى فى أغسطس سنة 1953 , وأيدها الأنبا باسيليوس خليفته بمذكره اصدرها فى مارس 1961 م .. وقد جاء على ص 1 من المذكرة الأولى ما نصه : " يجدر بنا قبل ان نستعرض الأسانيد التى تثبت ملكية القبط لدير السلطان من أن نتحرى أسباب هذه التسمية إذ لا نسبه بين "الدير"  و "السلطان" إلا إذا كانت نسبة الهبة  للواهب , والهبة لا تأتى جزافاً بل لا بد لها من حافز مثل نفع ذى صلة كصلة القربى أو صلة التبعية . وما دام السلطان هو الواهب فلا ريب إن الصلة كان أساسها التبعية أو الرعوية .. وجاء على ص2 ما نصة : " .. وهل ننسى من حاربوا فى صفوف جيوش الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن ايوب الذى يقول لنا التاريخ عنه أنه لما تم الصلح فى فلسطين عم السرور بين الفريقين ونادى المنادون أن البلاد الإسلامية والنصرانية واحدة فى الأمن والمسالمة ... وتوجه الملك إلى القدس لتفقد أحوالها , وأقام فيها مدة يقطع الناس ويعطيهم دستوراً ويتأهب للسير إلى مصر .. " راجع ايضاً ص 755 من المجلد العاشر من دائرة المعارف العمومية للبستانى , تاريخ القدس لمعارف باشا العارف ص 78 , قصة الأرض المقدسة لديمترى رزق ص 123- 344 حيث أورد الوثائق والخطابات المتبادلة بين مطارنة الكنيسة القبطية للكرسى ألورشليمى وبين المسؤولين من رجال الدين ورجال الدولة .. وكلها تؤيد ملكية الأقباط لدير السلطان

المحكمة الإسرائيلية تؤيد حق الأقباط فى دير السلطان  

قامت القوات‏ ‏الإسرائيلية‏ ‏في‏ ‏عيد‏ ‏القيامة‏ ‏يوم 25/4/1970 م بإخراج الرهبان الأقباط وسلمته‏ ‏للأحباش ‏. ‏وكان‏ ‏هذا‏ ‏الحادث‏ ‏مخالفا‏ ‏للتعهد‏ ‏الذي‏ ‏تعهدت‏ ‏به‏ ‏إسرائيل‏ ‏بأن‏ ‏تبقي‏ ‏كل‏ ‏شيء‏ ‏كما‏ ‏هو‏ ‏في‏ ‏الأماكن‏ ‏المقدسة‏ ‏وتحترم‏ ‏أحكام‏ ‏الاستاتيسكو‏ (‏الوضع‏ ‏الراهن)‏ ‏وتحافظ‏ ‏عليه‏ ‏دون‏ ‏تغيير‏ . ‏كما‏ ‏ذكر‏ ‏الراهب‏ ‏القمص‏ ‏أنطوني‏ ‏في‏ ‏كتابه (وطنية‏ ‏الكنيسة‏ ‏القبطية‏ ‏وتاريخها‏ ‏المعاصر‏) "‏اضطر‏ ‏مطراننا‏ ‏في‏ ‏القدس‏ ‏إلي‏ ‏رفع‏ ‏دعوي‏ ‏أمام‏ ‏محكمة‏ ‏العدل‏ ‏العليا‏ ‏الإسرائيلية‏ ‏ضد‏ ‏الحكومة‏ ‏الإسرائيلية‏ , ‏وضد‏ ‏وزيري‏ ‏الشرطة‏ ‏والأديان‏ ‏وضد‏ ‏أسقف‏ ‏الأحباش ‏,‏ وقدم‏ 25‏ صورة‏ ‏فوتوغرافية‏ ‏تثبت‏ ‏تبعية‏ ‏الدير‏ ‏للأقباط‏ ‏من‏ ‏واقع‏ ‏الكتابات‏ ‏القبطية‏ ‏والعربية‏ ‏علي‏ ‏أحجبة‏ ‏الكنائس‏ ‏وما‏ ‏فيها‏ ‏من‏ ‏فن‏ ‏قبطي‏ ‏ـ‏ ‏وتمت‏ ‏المعاينة‏ ,‏و أثبتت‏ ‏أحقيتنا‏."‏

ورفع مطران القدس (المصري) دعوي امام المحكمة العليا الاسرائيلية بالقدس فأصدرت حكما في 16 مارس 1971 بالإدانة الصريحة للقوات الاسرائيلية ، واثبت الحكم الاعتداءات علي رجال الدين الاقباط وحكمت المحكمة بإعادة الدير المغتصب ولكن الحكومة الاسرائيلية ماطلت ورفعت دعوي امام المحكمة العليا بالقدس فحكمت هذه المحكمة العليا بالقدس ايضا بالاجماع في 9 يناير 1979 بأحقية الكنيسة المصرية في تسلم دير السلطان وكرر الحكم ادانة المحكمة لتصرفات الحكومة الاسرائيلية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأماكن المقدسة

((احد الشعانين عند الحبش 1936-الاثيوبيين))الكهنة والشعب الاثيوبى الارثوذكسى يقومون بالدوران حول كنيسة القيامة عام 1936م
 ‏أصدرت‏ ‏محكمة‏ ‏العدل‏ ‏العليا‏ ‏الإسرائيلية‏ ‏قرارها‏ ‏رقم ‏70/109 ‏في‏ صالحنا ‏وأدانت‏ ‏التعدي‏ ‏علي‏ ‏ديرنا ‏وذكرت‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏حدث‏ ‏كان‏ ‏ضد‏ ‏الأمن‏ ‏وضد‏ ‏النظام‏ ‏العام ‏.‏ وأمرت‏ ‏وزير‏ ‏الشرطة‏ ‏بإعادة‏ ‏مقدساتنا‏ ‏المغتصبة‏ ‏إلينا ‏, ‏كما‏ ‏قامت‏ ‏بتغريم‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏وزير‏ ‏الشرطة‏ ‏وأسقف‏ ‏الأحباش‏ ‏بمبلغ‏ 1500‏ ليرة‏ ‏إسرائيلية ‏, ‏ونشر‏ ‏قرار‏ ‏المحكمة‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏الصحف‏ ‏العربية‏ ‏والإنجليزية والعبرية ‏.

‏وفي ‏1971/3/28 ‏أصدرت‏ ‏الحكومة‏ ‏قرارا‏ ‏بتشكيل‏ ‏لجنة‏ ‏من‏ ‏و‏ ‏وزراء‏ ‏الخارجية‏ ‏والعدل‏ ‏والشرطة‏ ‏والأديان‏ ‏لدراسة‏ ‏الموضوع‏ ‏وتقديم‏ ‏التوصيات‏ ‏لمجلس‏ ‏الوزراء‏ ‏في‏ ‏جلسته‏ ‏المقبلة ‏, ‏ولم‏ ‏يتقدم‏ ‏الموضوع‏ ‏خطوة‏ ‏واحدة ‏.‏
يرفع‏ ‏مطراننا‏ ‏دعوة‏ ‏ثانية‏ ‏أمام‏ ‏محكمة‏ ‏العدل‏ ‏الإسرائيلية‏, ‏وإذا‏ ‏بالمدعي‏ ‏العام‏ ‏الذي‏ ‏يترافع‏ ‏عن‏ ‏الحكومة‏ ‏يطلب‏ ‏من‏ ‏المحكمة‏ ‏عدم‏ ‏الضغط‏ ‏علي‏ ‏الحكومة‏ ‏لأن‏ ‏القضية‏ ‏لها‏ ‏أبعاد‏ ‏سياسية‏ ‏ولكن‏ ‏للمرة‏ ‏الثانية‏ ‏أدانت‏ ‏المحكمة‏ ‏الحكومة‏ ‏الإسرائيلية ولكن‏ ‏الاعتداء ‏أستمر‏ ‏كما‏ ‏هو ‏,‏ واضطرت‏ ‏مطرانيتنا‏ ‏في‏ ‏القدس‏ ‏إلي‏ ‏إلغاء‏ ‏كل‏ ‏احتفالاتنا‏ ‏في‏ ‏الأعياد‏ ‏لأن‏ ‏الطريق‏ ‏إلي‏ ‏كنيسة‏ ‏القيامة‏ ‏مغتصب

مشاجرة بين سالب الحق والمسلوب حقه

ففي عام 2002 تشاجر رهبان من الكنيسة الاثيوبية والكنيسة القبطية المصرية، اللتين تتنافسان منذ سنوات على السيطرة على سطح الكنيسة، بسبب مكان كرسي على السطح.
ويرجع التنافس بين ستة طوائف مسيحية الى فترة ما بعد الحملات الصليبية والانقسام الكبير بين المسيحية في الشرق والغرب في القرن الحادي عشر.
ولمنع الخلافات تضطلع عائلتان مسلمتان بمسؤولية الحفاظ على مفتاح المدخل الوحيد للكنيسة منذ عام 1178 عندما اسند اليهم السلطان صلاح الدين هذه المهمة

دارت معركة فى كنيسة القبر المقدس رحاها بين مجموعتين من القساوسة المصريين والأثيوبيين فى تقرير من شبكة الأخبار بى .بى .سى فى 30/ 7/ 2002م. أحد القساوسة يكشف رأسه المصابة

واندلع الخلاف الذي تبادل خلاله الجانبان اللكمات والضربات بالعصي والقضبان الحديدية والكراسى ، بعدما حرك أحد القساوسة التابعين للكنيسة القبطية كرسيه فوق سطح الكنيسة .

لكن الكنيسة ظلت موضع تنافس بين مختلف الطوائف المسيحية، وآخرها الحادث الذي وقع يوم الأحد الماضي.

وتتنافس الكنيستان المصرية والأثيوبية منذ عدة سنوات على سطح كنيسة القبر المقدس ودير السلطان .

وعندما احتج القساوسة الأثيوبيون على قيام قس مصري بنقل كرسيه من مكان إلى آخر حتى يتجنب الشمس بدأت المعركة بين الجانبيين .

واعتبر القساوسة الأثيوبيون أن هذه الخطوة تعتبر انتهاكا لاتفاق سابق يحدد ملكية كل طائفة من حجارة ومصابيح وحوائط الكنيسة.

أسفرت هذه المعركة عن 11 جريحا بينهم سبعة قساوسة أثيوبيين وأربعة مصريين.

 

    http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_2163000/2163204.stm  راجع تقرير : مارك دوفي ، مراسل الشؤون  الدينية

 

*******
دير السلطان ... القصة وما فيها
اولا وصف الدير :
دير السلطان هو من حيث الوصف دير معقد جغرافيا فهو مبنى على ممر و هو كمبنى يعتبر مدخل كنيسة القيامة و من اجل الدخول الى مدخل كنيسة القيامة لابد من المرور على كنيسة "الحيوانات الاربعة المقدسة الغير متجسدة" ومساحتها 42 متر ومن ثم تدخل الى كنيسة الملاك ميخائيل "التى سقط سقفها" ومساحتها 35 متر بينما باقى الدير قائم على سطح كنيسة الملكة هيلانة ومساحة الدير الكلية 1800 متر مربع به المدرسة الانطونية للاهوت والتى تعتبر درة الدراسات اللاهوتية الشرقية الى وقت قريب و الدير يقع بين دير الانبا انطونيوس بالقدس و سور كنيسة القيامة و يفصل فى احد حدوده بين كنيسة الملكة هيلانة و سور كنيسة القيامة وبالتالى هو الدير الملاصق مباشرة للكنيسة المقدسة .

ثانيا تاريخ الدير :
بنى الدير فى عهد السلطان الناصر صلاح الدين الايوبى و قد اهداه السلطان للاقباط كتعويض عن ما لاقوه من سوء المعاملة من الدولة الايوبية و ما اثبتوه من وطنية و ولاء عوضا عن تخوينهم و اضطهادهم على يد الحكام الذين عينهم الناصر فاهداهم السلطان الدير و كنيسة كانت مملوكة للارمن فى مصر.
لما كانت الضرائب باهظة على مدار التاريخ على كنائس اورشليم عامة و فشل الرهبان الاحباش فى دفع الضرائب مرة تلو اخرى فكانت الحكومة العثمانية تطردهم من كنائسهم باورشليم المقدسة ولما لم يكن لهم مكان و كانت كنيستهم هى ابنة الكنيسة القبطية نعين لهم اسقفا قبطيا يرعاهم قامت الكنيسة القبطية باحتضانهم فى دير السلطان كضيوف ولكن كان للضيوف رأى اخر و تخطيط اخر للسيطرة على اهم دير قبطى فى العالم المسيحى .

ثالثا موقف الاحباش :
منذ ثلاثة قرون طرد الرهبان الاحباش من اديرتهم وكنائسهم تباعا على يد الحكومة العثمانية وذلك بسبب عجزهم عن دفع الضرائب فلم يجدوا ملاذ الا حضن الكنيسة القبطية الام لكنيستهم و مع اضطراب العلاقات بين الكنيستين فى بداية القرن العشرين بدأ التخطيط للسيطرة الكاملة من الاحباش على الدير و وصل الامر للتعدى بالعصى على مطران القدس القبطى و مع سيطرة الاسرائيليين على الاراضى بدأ الاحباش فى اصطناع المشاكل مع الكنيسة القبطية و هو ما انتهى بالانفصال فى 1959 و استمرار ازمة دير السلطان الذى اثبتت الكنيسة القبطية ملكيته لها فى كل ازمة تحدث حتى اخر حكم من المحكمة الاسرائيلية العليا ولم يقدم الاحباش ما يفيد اى شئ.
ان ما يتحجج به الاحباش ان الكنيسة الحبشية هى شريك للكنيسة القبطية فى الدير كوريث شرعى لها "وكأن الكنيسة القبطية ماتت ونوزع ارثها" وللاسف هو ما يردده البعض الان مع العلم ان الاحباش بنفس المنطق يشاركونا فى اديرة المحرق و الانبا بولا وانبا انطونيوس وباقى اديرة مصر
لم تكن الكنيسة القبطية شريك للكنيسة الحبشية ولكن استولت الكنيسة الحبشية على ما تملكه الكنيسة القبطية .
مع نكسة 1967 و رفض الكنيسة القبطية لاجتياح اسرائيل الاراضى المصرية و موقفها الوطنى استغل الاحباش حالة القطيعة القبطية لاسرائيل و لا يخلو الامر من مزايدات ما بعد اتفاقية السلام "كامب ديفيد" وعمل يهود الفلاشا "اليهود الاحباش" بكل قوتهم على تمكين ابناء وطنهم من ممتلكات الكنيسة القبطية حتى بعد صدور قرار المحكمة الادارية العليا الاسرائيلية.

رابعا موقف الكنيسة القبطية :
مما سبق نستنتج ان الكنيسة القبطية قد استضافت الكنيسة الحبشية داخل ممتلكاتها بمنتهى المحبة لتصحو على كارثة مطالبة الضيف بطرد المالك وهو ما دعمته اسرائيل كعقاب للكنيسة القبطية على مواقفها من الاجتياح الاسرائيلى تارة ومن اتفاقية السلام "كامب ديفيد" تارة اخرى و بالتالى وجدت الكنيسة نفسها خاضعة فى ممتلكاتها فى اورشليم الى اتفاقية السلام التى وقعتها اسرائيل مع الاردن دون اى غطاء من الحكومة المصرية و قامت الكنيسة بتقديم اوراق ثبوتية الملكية للدير اكثر من مرة للمحاكم الاسرائيلية حتى صدور اخر حكم من المحكمة الادارية العليا الاسرائيلية عام 1979 و بناء عليه صدر قرار المجمع المقدس للكنيسة القبطية الارثوذكسية بمنع الاقباط من زيارة القدس فى 26 مارس 1980 "قبل التحفظ على البابا شنودة بشهور قليلة" وذلك ردا على تعنت السلطات الاسرائيلية فى تسليم الدير للكنيسة القبطية.
تجمد الموقف على هذا الوضع حتى منتصف اكتوبر 2018 فقد وقع سقف كنيسة الملاك ميخائيل و رفضت السلطات الاسرائيلية ان تقوم الكنيسة القبطية بترميم السقف "موجود به رسومات وكتابات قبطية" و صدر قرار الترميم لصالح الكنيسة الحبشية مما يهدد بتغيير معالم المكان وهويته وبالتالى زرع ادلة "غير حقيقة" على ملكية الاحباش للكنيسة وهو الموقف الذى انتهى بوقفة اليوم 22 اكتوبر 2018 و سحل الراهب مكاريوس الاورشليمى والقبض عليه واطلاق سراحه فى نفس اليوم بجهود الخارجية المصرية.
الكاتب الصحفي صموئيل العشاي

==================

خطاب البابا بطرس الجاولى البطريرك 109 إلى القس داود الأنطونى رئيس دير الأنبا انطونيوس الذى كان فى مهمة من أجل تفشى هرطقة فى أثيوبيا سنة 1541ش وتكلم فى الخطاب عن دير السلطان ومعاملة الكنيسة القبطية للأحباش الطيبة .

 

البركة الكاملة والنعمة الشاملة إلى ذات ولدنا الحبيب الكاهن المؤتمن القمص داود رئيس دير أبينا العظيم أنطونيوس كوكب البرية بارك الرب عليك بأفضل البركات الروحية وجزيل الخيرات السماوية والنعم الإلهية .

تعلم أن سابق تاريخه أرسلنا لكم ولحضرات أخينا المطران أنبا سلامة مطران الحبشة ثلاثة خطابات مضمونها أن الآن بعد توجهكم بمدة وردت خطابات من القدس أحدها من جناب أخينا المطران داود مطران طائفة الأرمن بالقدس ووكيل دير مار يعقوب والثانى من أولادنا الكهنة المقيمين هناك المندوبين من طرفنا يخبروننا فيها بخصوص قضية مفتاح كنيسة الملاك ( أى الكنيسة الموجودة فى دير السلطان) الذى أخذه الحبش وأرسلنا نعرفكم ونعرف أخانا المطران عن ذلك بأنه صار اعمال الدولة المذكورة على يد سعادة متصرف القدس وحضرة القاضى بالمدينة ذاك الطرف وأعيان مدينة القدس وميخائيل وكيل عن الجيش وبحضور حضرة المطران المشار إليه أولادنا الكهنة المقيمين هناك من طرفنا , وصار ما صار , وأخيراً أخذ مفتاح الكنيسة المتقدم ذكره من الحبش وأستلمه أولادنا الكهنة كما كان مثل الأول بأمر سعادة المتصرف حضرة القاضى .

وأستخرجنا عنها أعلامات شرعية وصار عرض تلك القضية إلى الأسيتانة العليا لأجل أستخراج فرمان سلطانى عن ذلك لتقويتهم لأجل عدم القيل والقال فى الآواخر يا ولدنا صرف فى شأن ذلك خسارة كبيرة مبلغ 50 ألف قرش بمائة كيس فمبلغ مقدارها 500  2 فرانسة والسبب فى ذلك هم الحبش وذلك صار أمن أخينا المطران المبدى ذكره ومن أولادنا الكهنة بغير علمنا ولا خاطبونا عن ذلك قبل الشروع فى أعمال هذه القضية ولكن لعله خير خصوصاً يا ولدنا أن أولادنا الحبش الذين يحضرون من بلادهم إلى القدس وخلافه من قديم الزمان ونحن حاملون ثقلهم فى المصاريف التى تصرف عليهم سنوياً عن كل سنة 5000 قرش وكسور فصار جملة الذى يصرف عليهم والذى صرف عليهم نحو 200ألف قرش وكسور فى مدتنا نحن فقط , فصار جملة الذى صرف عليهم والذى صرف الان فى هذه القضية مبلغ 500 كيس وزيادة فضلاً عن مأكولاتهم ولوازم موتاهم وكسوتهم وسفرياتهم فى الذهاب والإياب .

فيقتضى الأمر يا ولدنا أنكم تفهمون أولادنا "جذدمات أوبيه Jesdamat O biah" و " رأس عالى " وباقى اولادنا الذين أرسل لهم الخطابات ومن تفهموهم بمعرفتكم بذلك وتفهموهم جيداً لأجل أن يصير أولاً معلومهم بذلك المبلغ المقدم ذكره الذى صرف على الحبش لينظروا معاملتنا أياهم .

ولكى يتحقق لدى الجميع وتبطل بذلك الفتنة بالقول إننا لم نعامل أولادنا الحبش مثل أولادنا القبط بل يعلم للجميعأنه صائر منا الإلتفات والمعاملة للحبش فى كل لوازمهم وثانياً : إياك أن يرسلوا لنا شيئاً وكذا يبقى فى علمهم ما عملوه وما صرف عليهم حتى ينظروا لهم طريقة فى حق الذى يحصل منهم الأمور الغير مرئية , ومن الآن فصاعداً تنبهون على كل من يحضر لهذا الظرف من أولادنا الحبش لزيارة القدس وخلافة لا يحضر من ذلك الطرف إلا بورفة من حاكمه ويكون عليها ختم حضرة أخينا المطران أنبا سلامة ولذا يكون معروفاً

الخـــــــــاتم الذى ختم به البابا بطرس الرسالة التى كتبها وأرسلها للحبشة وعليها : بطرس بطريرك الكرازة المرقسية

 

حكم بأمر السلطان العثمانى عبد الحميد فى تثبيت ملكية دير السلطان للأقباط الأرثوذكس :

 في عصر البابا كيرلس الرابع الذى أطلق عليه المؤرخون أبى الصلاح نجح مطران القدس الأنبا باسيليوس في الحصول على حكم تثبيت ملكية القبط لدير السلطان في القدس بأمر السلطان عبد الحميد .

*************

..ريحان:الصليبيون اغتصبوا دير السلطان من المسيحيين المصريين في القدس

 صدي البلد | الخميس ١٠ يناير ٢٠١٣ -

أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء أن للكنيسة المصرية أملاك بفلسطين منذ عهد صلاح الدين الأيوبى دخلت ضمن أرض فلسطين المحتلة أشهرها دير السلطان الملاصق لكنيسة القيامة من الناحية الجنوبية الشرقية والذى اغتصبه الصليبيون من مسيحيي مصر ورده إليهم القائد صلاح الدين ولهذا سمى دير السلطان . وقال إن هذا الدير سمحت سلطة الاحتلال للرهبان الأحباش بالاستيلاء عليه فى 25 إبريل عام 1970عندما قاموا بطرد الرهبان الأقباط بمعاونة وتواطؤ رجال الأمن الصهيونى والامتناع عن طردهم فى مخالفة لإتفاقية "الأشاتسكو" 1878 التى تنص على عدم المساس بالوضع الراهن فى الأماكن المقدسة ودعمتها معاهدة "برلين" التى أُبرمت فى نفس العام وبمقتضاها تعترف إسرائيل بملكية الكنيسة المصرية لدير السلطان وأحقيتها فى الإشراف عليه. واشار ريحان الي أن أول قافلة مسيحية مصرية هبطت إلى القدس كان فى أواسط القرن الرابع الميلادى بقصد الاشتراك فى تدشين كنيسة القيامة والقافلة الثانية كانت فى عهد صلاح الدين الذى رد إليهم أملاكهم المغتصبة وكان يدير شؤون أقباط مصر بالقدس رجال الكنيسة الأنطاكية السريانية واستقلوا عنهم عام 1235م وصار لأقباط مصر مطران يدير شئونهم بالقدس . وتم الاتفاق بين الكرسى الأنطاكى والسكندرى على أن يتولى أبرشية القدس حبر قبطى يعينه البابا الجالس على الكرسى المرقسى وأن يجرى التكريز باسم البطريرك الأنطاكى وأن أول مطران قبطى رسم على القدس هو الأنبا باسيليوس عام 1236م وجاء بعده 17 مطران آخرهم المطران الأنبا ياكوبوس عام 1946 عندما كان بالقدس خمسمائة قبطى. ويطالب ريحان بعودة هذه الأملاك للكنيسة المصرية لتحديد كيفية إدارتها وأن ترفع سلطة الاحتلال يدها تماماً عن هذه الأملاك وتسلمها فوراً للحكومة المصرية لحين عودة القدس وفلسطين أرض الكنعانيين لأصحابها الفلسطينيون وتنفيذ سلطة الاحتلال لحكم محكمة العدل الإسرائيلية رقم 109 لسنة 1971الصادر بتاريخ 16 مارس من نفس العام برد دير السلطان للكنيسة القبطية المصرية.

بيان صادر من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالأراضى المقدسة

بخصوص دير السلطان باورشليم / القدس فى إسرائيل

نبذة تاريخية

يرجع دير السلطان فى القدس إلى عهد السلطان عبد الملك بن مروان (684م - 705م) الذى وهبه للأقباط ولذا سمى بـ "دير السلطان "

وقد تم التأكيد على ملكية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لدير السلطان صلاح الدين الأيوبى فى القرن الثانى عشر .

يقع دير السلطان على سقف كنيسة القيامة ويعد جزءا من بطريركية الأقباط وبه الممر المؤدى إلى كنيسة القيامة ويمتد على مساحة 1800 متر مربع ويتكون من : الساحة الخارجية وبها كنيسة القديسة هيلانة فى المنتصف وكنيستين  أثريتين فى الجانب الجنوبى الشرقى من الدير إحداهما على إسم الملاك ميخائيل والثانية بإسم الأربح كائنات غير المتجسدين فى الجانب الشرقى من الساحة يوجد بعض الغرف يستضيف الأقباط فيها بعض الرهبان الأحباش إلى جانب غرفة الرباطية وهو رئيس الدير وما زال يقيم فيها راهب قبطى .

فى النصف الأخير من القرن السابع عشر إلتجأ الأحباش للكنيسة القبطية ليجدوا لهم مأوى مؤقت للإقامة لديهم إلى أن تحل مشكلتهم ويعودوا إلى أماكنهم التى إنتقلت فى عام 1645م إلى كنيستى الروم والأرمن بسبب عدم قدرة الكنيسة الأثيوبية على دفع الضرائب ، فإستضافت الكنيسة القبطية الرهبان الأحباش كضيوف فى بعض غرف دير السلطان بصفة مؤقتة .

فى عام 1820م قامت الكنيسة القبطية بأعمال الترميم بدير السلطان مما إستدعى إخلاء الدير من كل قاطنيه (للأقباط والأحباش ) يوم 17/10/1820م وسمح لهم بالعودة للإقامة كضيوف بالدير فى عام 1840م تقريبا بإعتبارهم من أبناء الكنيسة القبطية ، وقد قام بعض أصحاب المصالح من الحكومات الخارجية ببث بذور الشقاق بين الأقباط والأحباش  وحفزوا الرهبان ألأحباش على القيام بمحاولات متكررة للإستيلاء على الدير ومنها : -

(1) فى نوفمبر 1850م حاول الأحباش الإستيلاء على مفتاح دير السلطان ولكنه أعيد للأقباط بوثيقة رسمية من قبل الدولة العثمانية فى 3/2/1851م . الدير الذي جدد الوالي القبطي منصور التلباني في القرن الحادي عشر هو ديرا مصريا خالصا يربط بين دير الانبا انطونيوس والبطريركية القبطية وكنيسة القيامة وكان مستقرا واستراحة للمقدسين الاقباط طيلة تلك القرون ..والبعض يقول إن السبب التسمية أن صلاح الدين الايوبي أهداه للقبط أو سمح بتجديده وهناك روايات أخري عن سبب التسمية لكن الثابت بالوثائق أنه دير قبطي وكنا نستضيف به رهبان احباش لاننا كنيسة واحدة وتعد كنيسة اثيوبيا ابنة للكنيسة المصرية لكن من عام 1850

(2) فى عام 1860م قاموا بتكرار المحاولة وأعيد المفتاح الدير بوثيقة رسمية فى 9/4/1863م أيضا فى عهد الدولة العثمانية .

(3) فى عام 1888م قام الأقباط بتجديدات فى إحدى كنائس دير السلطان بإذن رسمى من المجلس البلدى بـ القدس وقد قام الرهبان الأحباش بالتعرض للأقباط لمحاولة منعهم من الإصلاحات فقام الأقباط برفع دعوى لوزارة العدل العثمانية فى الأستانة فى 2/12/1891م وقد كان قرار السلطان العثمانى بتاريخ 18/1/1894م باحقية الأقباط فى دير السلطان وإلزام الأحباش بعدم التعرض .

(4) فى عام 1906م طلب الرهبان الأحباش القيام بترميم الدير كخطوة أولية فى محاولة الإستيلاء عليه ولذلك  اسرعت الكنيسة القبطية بتقديم طلب للقيام بالترميم والذى وافقت عليه السلطات الرسمية المختصة فى عام 1810م مؤكدة بذلك أحقية الأقباط كأصحاب الشأن والتصرف فى دير السلطان .

(5) وفى عام 1945م فى فترة الإنتداب البريطانى قام الأحباش بطلاء إحدى الغرف التى كانوا بقبمون فيها فأرسل محافظ القدس خطابا يؤكد فيه أن ذلك العمل لا يمكن إعتباره فى المستقبل قرينة تؤيد حق لهم فى دير السلطان ، ووجه صورة هذا الخطاب لمطران الأقباط آنذاك.

(6) فى فبراير 1959م قام الأحباش بتضليل المتصرف الأردنى بالقدس وأقنعوه بأحقيتهم فى دير السلطان ومن ثم قامت الحكومة الأردنية بتسليم دير السلطان للأحباش بالقوة الجبرية فى 22/2/1061م مما إضطر ثداسة البطريرك كيرلس السادس بإرسال وفد من المطارنة لمقابلة جلالة ملك الأردن وعرض الأمر على جلالته مدعوما بالمستندات والوثائق التى تثبت ملكية الكنيسة القبطية للدير فأصدر جلالته قرارا بتاريخ 1/4/1961م بةقف القرار السابق وتشكيل لجنة وزارية لدراسة المستندات والوثائق المقدمة ، وبناء عليه أصدرت اللجنة قرارا ببطلان وقف القرار الصادر بتاريخ 22/2/2961م وأكدت أحقية الأقباط فى ملكية الدير وضرورة إعادة الوضع إلى ما كان عليه بإرجاع مفاتيح الدير للكنيسة القبطية .

(7) فى يوم 25/4/1970م وأثناء لإقامة قداس عيد القيامة بكنيسة القيامة أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات عسكرية قامت بتمكين الرهبان الأحباش من دير السلطان بتغيير الكوالين وسلموا المفاتيح الجديدة للأثيوبيين ، وعندما علم الرهبان الأقباط بهذا هرعوا إلى دير السلطان لأستعادة ممتلكاتهم ، ولكن القوات الإسرائيلية منعت بالقوة دخول مطران الأقباط وكل من معه إلى دير السلطان .

وقد تقدم مطران الأقباط فورا بدعوى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية والتى أقرت بالإجماع بإعادة مفاتيح الكنيستين  وابواب الممر لأيدى الأقباط وذلك بتاريخ 16/3/1971م إلا ان الحكومة الإسرائيلية ما زالت تمتنع عن تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية إلى يومنا هذا ، بالرغم من الدعاوى العديدة التى قدمت فى الفترة ما بين 1971م وحتى يومنا هذا .

الأحداث الأخيرة

فى يوم 22/9/2017م يقط حجر صغير من سقف كنيسة الملاك ميخائيل وهى إحدى الكنيستين بدير السلطان نتيجة للترميمات الواقعة فوق سطح الكنيسة فى المنطقة التابعة لكنيسة الروم الأرثوذكس ، مما أدى إلى غلق الكنيسة بواسطة قسم المبانى الخطرة ببلدية القدس إلى حين الإنتهاء من الإصلاحات وإزالة الضرر بسقف الكنيسة ، ومن العجيب أن جميع المشاورات المبدئية قد تمت بدون إخطار الكنيسة القبطية مالكة العقار ، فتوجهنا إلى الإدارات والسلطات المعنية للتعبير عن إستيائنا لهذا التجاهل فى المشاورات ، فتوجه إلأينا بعض المسئولين لمناقشة إمكانية حل المشكلة ، فطالبنا خطيا القيام بالإصلاحات الضرورية لمعالجة الضرر على نفقتنا الخاصة ، فقوبل هذا الطلب بالرفض وعرضت  الحكومة قيامها بالإصلاحات كجهة محايدة ، فكان لنا بعض الشروط لقبول هذا الأمر وقد أرسلما رسالة خطية تفيد بذلك.

وإذ لم نتلق أى الرد  ا{سلنا مخاطبات عديدة لاحقة للتأكيد على إستعدادنا للترميم على نفقتنا وقمنا بإرفاق التقرير الهندسى المختص بترميم الأماكن الأثرية للبدء فى الإصلاحات اللازمة ، ولكن بم نتلق اى رد كتابى حتى تاريخه.

فى مساء يوم الخميس 19/10/2017م فوجئنا بالمهندس المعين من قبل الحكومة يحاول غدخال معدات للبدء فى التصليحات بدون إخطارنا وموافقتنا كتابيا ، فأسرعنا جميعا رهبان وشمامسة وخدام وعلى رأسنا نيافة المطران ووقفنا إحتجاجا بطريقة سلمية أمام باب دير السلطان لنحول دون دخول أى معدات خاصة بأعمال التصليحات وقد حاول بعض المسئولين من الجهات المختلفة  لإقناعنا بإدخال المعدات فرفضنا رفضا تاما دخول اى معدات دون التنسيق المسبق حفاظا على حقوقنا ، وقد تدخلت السفارة المصرية فى الأمر مما أدى إلى تأجيل العمل لحين التنسيق المسبق كتابيا  .

جدير بالذكر أن وزتارة الخارجية المصرية تقف بقوة مساندة للكنيسة القبطية فى مطالبتها الشرعية بحقها فى إستعادة أثر قبطى مصرى .

بإعتبار أن دير السلطان قضية تهم مصر وليس الكنيسة القبطية فقط ونحن نهيب بكل الجهات المعنية فى مساندة الكنيسة القبطية للحفاظ على أملاكها فى الأراضى المقدسة

دير السلطان وصراع قرون
فنار مصر 29 أكتوبر، 2018 منير بشاى
خلال الاسبوع الاخير من شهر اكتوبر 2018 شهدت منطقة دير السلطان بالقدس القديمة احتجاجات قام بها رهبان الكنيسة القبطية الارثوذكسية ادت الى اعتقال السلطات الاسرائيلية لاحد الرهبان لفترة ثم افرج عنه. كانت هذه جزءا من احتجاجات اعتراضا على اغفال السلطات الاسرائيلية حق الاقباط فى ملكية دير السلطان وتسليمه للاحباش. وفى هذه المرة كان الاحتجاج على محاولة السلطات الاسرائيلية ترميم الدير دون الرجوع للكنيسة القبطية صاحبة الملكية الشرعية. هذا فى الوقت الذى كانت الكنيسة القبطية تعتزم الترميم ورفضت السلطات طلبها.
لم تكن هذه المرة الاولى التى ظهر فيها هذا الصراع. لقد كان مجرد حلقة من سلسلة حلقات على مدى تاريخ الدير الطويل.
تعود ملكية الكنيسة القبطية للدير الى قرون عديدة. فيقال ان الدير قد اعطى هدية للاقباط من السلطان عبد الملك بن مروان. وفى القرن الثانى عشر فى عهد صلاح الدين الايوبى أعاد تسليمه للاقباط مكافأة لهم على اخلاصهم. ومن هنا جاءت تسميته بدير السلطان.
فى النصف الثانى من القرن السابع عشر طلب الرهبان الاحباش من الكنيسة القبطية ان تسمح لهم بالاقامة المؤقتة بالدير لحين ايجاد مكان آخر لهم. وكان الاحباش قد اضطروا الى مغادرة مقرهم بسبب عجزهم عن دفع الضرائب الباهظة المقررة عليهم .
ولكن الضيوف الاحباش تحولوا الى منازعين لاصحاب البيت من الاقباط . واستمر هذا النزاع خلال فترة حكم الخلافة العثمانية وحتى اليوم. وقد حاول الاحباش فى عدة مرات الاستيلاء على الدير ولكن الكنيسة القبطية تمكنت من استعادته فى كل مرة.
فى فبراير 1959 نجح الاحباش فى اقناع المسئول الاردنى بالقدس بملكيتهم للدير وتسليمه لهم. ولكن قداسة البابا كيرلس السادس ارسل وفدا لمقابلة ملك الاردن لعرض الوثائق التى تثبت ملكية الاقباط للدير وأوقف القرار بقرار آخر صدر فى فى 22 فبراير 1961,.
ولكن فى 25 ابريل 1970 ارسلت السلطات الاسرائيلية قوات لتمكين الاحباش من الدير بتغيير الكوالين وسلموهم المفاتيح الجديدة ومنعوا الاقباط من الدخول او حتى استعادة ممتلكاتهم التاريخية النفيسة.
رفع الاقباط دعوى امام المحكمة الاسرائيلية العليا التى اقرت بالاجماع بتاريخ 16 مارس 1971 بحق الاقباط فى ملكية الدير وباعادة مفاتيح الدير لهم .
من الواضح ان دير السلطان حق قبطى اصيل ولكن لاطماع من اشقائنا الاحباش حاولوا الاستيلاء عليه. وقد ساعدتهم على هذا السلطات الاسرائيلية لاسباب سياسية معروفة. فموقف الكنيسة من تاييد الشعب الفلسطينى واضح. كما ان قرار قداسة البابا شنودة من موضوع التطبيع مع اسرائيل بعد توقيع اتفاقية كامب دافيد ايضا واضح وهو رفض ان يوصم الاقباط بخيانة القضية الفلسطينية بعودة زيارة القدس قبل الحل الكامل للقضية الفلسطينية.
استمر النزاع والمراوغة والتعنت رغم صدور احكام اسرائيلية لصالح الاقباط. وعندما احتج الرهبان على تعدى السلطات الاسرائيلية على حقهم التاريخى المشروع لجأت السلطات الاسرائيلية الى التعامل بالعنف مع رهبان يطالبون بحقهم مستخدمين اسلوب الاحتجاج السلمى.
نحن نتعرض هنا لقضية حق يجب ان يعود لاصحابه. ولا فارق فى الامر اذا كان المعتدى على الحق الاحباش المسيحيون او السلطات الاسرائيلية اليهودية، الدين لا دخل له فى الامر.
هذا والتأييد المطلق غير المشروط لمواقف اسرائيل حتى الظالم منها نتيجة توجهات خاص فى تفسير نبوات الايام الاخيرة، لا مبرر له. النبوات قد يختلف المفسرون فى فهمها وتأويلها ولكن المبادىء من محبة وعدل وسلام ثابتة لا يمكن الخلاف عليها ولا يجب التنازل عنها. وكمثال توضيحى فان حادثة الصلب تعتبر ركنا هاما فى العقيدة المسيحية مؤيد بالعديد من النبوات. ولكن هذا لا يمنع من النظر الى عملية صلب المسيح البرىء على انها جريمة كبرى يجب ادانتها.
فى المقابل فان العداء غير المبرر لليهود نتيجة اعمال مرفوضة ترتكبها دولة اسرائيل هو ايضا مرفوض. من الممكن ان نعترض على بعض سياسات اسرائيل، اما بالنسبة لليهود فنعلم ان الله يحبهم ويفتح احضانه ويقبلهم مثلما يقبل جميع الناس. وهذا ايضا ما ينبغى ان نعمله نحن.
الخلاصة ان موقفنا الذى لا يجب ان يتغير هو رفض الظلم والوقوف فى صف الحق مع جميع الناس وفى كل الاوقات.

***


Antoanette Mahrous
October 27 at 1:29 AM
حكاية الخلاف
(منقول)
فقد الأحباش غالبية أملاكهم بالقدس، بسبب قلة عددهم بالإضافة إلى أسباب أخرى سنوردها فيما بعد، كما فقدوا أماكنهم وحقوقهم بداخل كنيسة القيامة بمرور الوقت. وقد طُرد الأحباش من ديرهم "دير مار إبراهيم" الملاصق للقيامة حوالي سنة 1654م، وحل محلهم الأرمن، إلى أن إنتزعه منهم الروم بأمر من الباب العالي نفذته المحكمة الشرعية حسبما جاء فى مضبطتها التى نشرها الأسقف الحبشي الأنبا فيلبس فى كتابه تحت عنوان "الوثيقة رقم 3"، ولم يكن من المعقول أن يلتمس الأحباش مكاناً يأويهم لدى أى من هاتين الطائفتين، بعدما إستولت الواحدة بعد الأخرى على أملاكهم.
ومن ثم لم يبق أمام الأحباش سوى خيار واحد هو الالتجاء إلى الكنيسة القبطية باعتبارها الكنيسة الأم لهم، وكانت كنيستنا القبطية تسمح للأحباش من الرهبان بدخول الأديرة القبطية فى مصر والإقامة بها. ولم يجد رهبان الأقباط ضيراً من أن يستضيفوهم، خاصة وأن عددهم فى ذلك الوقت كان قليلاً، لا يتجاوز الثمانية من الكهنة والعلمانيين بشهادة Pere Eugene Roger حارس الأرض المقدسة (راهب فرنسيسكانى) وغيره من الكتاب المعاصرين.
ولم يكد يمضى ثلاثون عاماً على طرد الأحباش من أماكنهم الخاصة بهم وإقامتهم مع الأقباط فى دير السلطان، حتى شرع المعلم سالم البنا فى ترميمه، بناء على إذن صادر من القاضى الشرعى له، بوصفه المتكلم عن أوقاف الأقباط بالقدس، وُصف الدير فى هذا الإذن "دير طائفة نصارى القبط بمحمية القدس الشريف المعروف قديماً بدير السلطان".
وبعدما تم الترميم، أُعيد الكشف على الدير بواسطة معمار باشى القدس، ولما وجد أن الترميم لم يتجاوز ما صدر به الإذن الشرعي، أصدرت محكمة القدس حجة بذلك لإثبات الواقع (تاريخ الحجة 13 شوال سنة 1098 هـ الموافق 22 أغسطس سنة 1686م). وبعد إنقضاء زهاء قرن على هذا الترميم، رأى المعلم إبراهيم الجوهرى، الذى كانت له رئاسة الدواوين فى مصر ، أن يُعمرّ الكنائس و الأديرة فى القدس وزيادة أوقافها، فاشترى من الحاج عبد الله أفندى نقيب القدس وشيخ حاكورة ( الحاكورة : كلمة تركية معناها قطعة أرض، ويمكن أن يكون عليها مبان أو أشجار. وقد فقد الأقباط هذه الحاكورة عندما باعها (للأسف) القس جرجس إلى الروس سنة 1859م ) بما عليها من مبان بجوار دير السلطان، وذلك بمقتضى حجة شرعية مؤرخة بتاريخ غرة ربيع الأول سنة 1198هـ الموافق 4 فبراير سنة 1782م (نقلاً عن المؤرخ المصري الجبرتي)، وكان الوكيل عنه فى توقيعها الأنبا يوساب مطران الكرسي الأورشليمي حينذاك. ولعله هو الذى أشار بشراء هذه الحاكورة بغية دير السلطان.
وفى سنة 1818م، أى فى عهد البابا الأنبا بطرس السابع، الشهير بالجاولى (1809-1854م)، سافر إلى القدس فى الأسبوع الثانى من الصوم الأربعيني المقدس، القمص يوسف كاتب البطريركية على أن يشرف على عملية ترميم دير السلطان، ويبدو أن عملية الترميم كانت تقتضى إخلاء الغرف التى كانت يقيم بها الأحباش فى دير السلطان، ولم يكن به وقتئذ سوى راهبين حبشيين هما القس عبد المسيح والقس عبد الثالوث، ولكنهما رفضا مغادرة الدير، فأعتبر الأقباط ذلك دليلاً على سوء نيتهما، ولجأوا إلى السلطات المختصة فأخرجتهما من الدير وسلّمت إليهما كل أمتعتهما بموجب كشف محرر على يد القاضي الشرعي (كان من أختصاصات القاضي الشرعي فى القدس، الأحوال الشخصية والوقف والدعاوى المدنية والجنائية وتسجيل الوكالات والتركات والعقود والديون، وهو الذى يأذن بالبناء ) بحضور مندوب المفتى والمشايخ والمحضر باشى بتاريخ 9 محرم سنة 1336هـ الموافق17 أكتوبر سنة 1820م. وفى العام نفسه (1820م)، زار Augustin Scholz مدينة القدس، وذكر فى كتابه رحلة بين الإسكندرية وفلسطين: Reise in die Gegend zwischen Alexandrien und Palestina " " قال: "أن للأقباط ديرهم الواقع خلف كنيسة القبر المقدس وتتبعه كنيسة الملاك، وفيه يقيم رئيس الدير مع بعض رهبان"، ولم يشر إطلاقاً إلى وجود أحد من رهبان الأحباش فيه، وهذا يثبت خروجهم من الدير قبل زيارته للقدس (1820م). وعلى أثر إخراج الأحباش، أُتخذت الإجراءات اللازمة لترميم دير السلطان والحاكورة ودير مارجرجس للراهبات، فأستصدر من القاضي الشرعي كشفاً بتاريخ 4 ربيع أول سنة 1236هـ الموافق 10 ديسمبر سنة 1820م، مبيناً به الأماكن المصرّح بترميمها فى الديرين والحاكورة، وبعد أحد عشر يوماً من هذا التاريخ (أى فى 15 ربيع أول سنة 1236 هـ الموافق 21 ديسمبر 1820م) أصدر والى الشام بيولوردى ( البيولوردى : مرسوم يصدره الوالي تنفيذاً لأوامر السلطان ) إلى مللا أفندي (كبير القضاة) والمفتى ونقيب الأشراف ومُتسلّم القدس (الحاكم المحلى)، كتاباً جاء فيه: "تحيطون علماً وتدركون فهماً و إذعاناً أن وكيل دير القبط، قبل تاريخه ألتمسوا من لدننا ترميم ديرهم وأنه قد آل إلى العدم والخراب، ومقدماً صدرت أوامرنا بالكشف عن الدير المرقوم من طرف الشرع الشريف، وبتاريخه حضر لنا إعلام شرعي ودفتر (كشف) ممضى بعمل اللازم ترميمه بالدير المذكور، وملتمسين الإذن من لدننا بالترميم على موجب الإعلام الشرعي، فبناء على ذلك أصدرنا لكم مرسومنا هذا، والمراد تُعطوا الأذن إلى معمار باشى فى ترميم دير القبط المسفور على موجب الإعلام الشرعي ويكون الترميم على المنهاج القديم بمعرفة الشرع الشريف" (عن كتاب مجموعة الوثائق- وثيقة رقم 4 ، 5 ، 6 لنيافة الأنبا تيموثاوس). وفى اليوم التالي لصدور هذا البيولوردى (أى فى 16 ربيع أول الموافق 22 ديسمبر)، كتب والى الشام إلى وكيل دير الأقباط يخطره بأنه أصدر أوامره بإجراء الترميم على موجب الإعلام الشرعي بلا زيادة ولا نقصان. وبعد ذلك بخمسة أيام (أى فى 21 ربيع أول الموافق 27 ديسمبر)، صدر أمر الموليخلافة (قاضى القضاة) إلى معمار باشى القدس لإجراء الترميم على موجب الإعلام الشرعي وكشف الأماكن المصرّح بترميمها فى دير السلطان والحاكورة ودير مارجرجس. وفى 11 جمادى الثانية سنة 1236هـ أى 16 مارس سنة 1821م، أصدر قاضى القدس حجة شرعية لإثبات أنه كشف على جميع ما عُمّر ورمم بالديرين والحاكورة، ووجده مطابقاً لما صدر به الإذن.
من الوثائق السابقة يتضح الآتى:
- أن دير السلطان معد لسكنى طائفة الأقباط وأنه جار فى تصرفهم (أى ملك لهم).
- أن حق الترميم والتعمير هو لطائفة الأقباط، وهذا يثبت ملكيتهم له.
- يبدو أن الأقباط عادوا فأشفقوا على الأحباش بدافع المحبة الأخوية وإمتثالاً للتعاليم المسيحية التى تخص على إيواء الغريب فسمحوا لهم مجدداً بالإقامة فى الدير بعد ترميمه، وكان البابا الأنبا بطرس الجاولى يهمه أن يرى الأقباط والأحباش متآلفين.
-إستمرت إقامة الأحباش فى دير السلطان بإعتبارهم ضيوفاً على الأقباط، إلى أن إجتاحت الكوليرا مدينة القدس فى سنة 1838م، فلم ينج من الرهبان الأحباش سوى واحد فقط مع عدد قليل من رهبان الأقباط، كقول شاهد معاصر هو المؤرخ Neophytos فى كتابه " Annals of Palestine " والكاتب Tattam الذى زار الدير سنة 1839م وقال "إنه لم ير بدير السلطان سوى راهب حبشى واحد يعيش مع الرهبان الأقباط " Journal of a Tour through Egypt "
-كانت جميع الشواهد تقطع لكل من زار القدس حتى سنة 1850م، بأن دير السلطان ملك خالص للأقباط دون منازع، يؤكد هذا قول Tobler فى سنة 1846م فى كتابه " Descriptiones Terra Santa " الذى قال فيه "أن دير السلطان وأرضه ومبانيه هى ملك للقبط، ويؤجرون عدة غرف فيه بمثابة خان". وما ذكره Willis عن دير الأقباط وساحته الواقعة فوق كنيسة الملكة هيلانة
"The Architectural History of the Holy Sepulchre"
وكان الأحباش رغم سماح الأقباط لهم بالعودة إلى الدير بعد إخراجهم منه سنة 1820م يتوجسون من الأقباط ويخشون طردهم منه فى يوم من الأيام، لهذا بدأوا يفكرون فى الوسيلة التى يمكن بها تحاش هذا الأمر، وأهتدوا- ربما بمشورة أهل السوء- إلى أن الضمان الوحيد لدوام بقائهم فى الدير هو إدعاء ملكيتهم له، وسنحت لهم الفرصة عندما استحكم الخلاف بين الأنبا سلامة الذى رُسم مطرانا للحبشة سنة 1841م وبين إكليروس الحبشة بسبب إنحرافهم إلى تعاليم مخالفة لروح الكتاب المقدس والمبادئ الأرثوذكسية الصحيحة، وإضطر الأنبا سلامة إلى تهديدهم بسلطان الكنيسة إن لم يعودوا إلى جادة الحق، وعندئذ شكوه إلى رئيسه البابا الأنبا بطرس الجاولى- وكان على عِلم بهذه الإنحرافات وسبق أن كتب موضحاً خطأها وشارحاً معتقد الكنيسة القبطية إلى ملك الحبشة ووزيرها- فكتب إلى الأنبا سلامة يوصيه بإستعمال الرفق واللين، ولكنه رد بأن: "الموضوع الذى حصل بسببه الخلاف ليس دنياوياً حتى يمكن التساهل فيه، وأن طاعة الله أولى من طاعة الناس". وأخيراً رأى البابا أن يوفد لتسوية هذا الخلاف كاهناً فاضلاً حكيماً هو القمص داود (الذى صار فيما بعد البابا الأنبا كيرلس الرابع المعروف بأبي الإصلاح)، فسافر إلى الحبشة بصحبة راهب آخر فى سنة 1851م، وكان النجاح حليفه فى تسوية هذا الخلاف، وتثبيت الأحباش فى المعتقد الأرثوذكسي السليم. إلا أن هذا لم يرض الأجانب الذين بعثوا إلى الحبشة بإرساليات تبشيرية، فلجأوا إلى إثارة خلافات قوية بين الأحباش فى القدس والأقباط بشأن دير السلطان، فكتب الأنبا بطرس الجاولى إلى القمص داود ليعالج هذه المسألة أيضاً أثناء وجوده بالحبشة مع السلطات المسؤولة هناك، ولكنه لم ينجح فى ذلك لتمسكه بحق الأقباط الثابت فى
منقول
دير السلطان. وقد كُشف للقمص داود، بعد وقت قليل، أن العامل القوى الذى كان يحرّك الأحباش ضد الأقباط هو المطران الإنجليزي Samuel Gobat الذى كان قبلاً على رأس إرسالية الـ C.M.S بالحبشة (Church Missionary Society ) ثم نُقل إلى القدس. وبالرغم من نقله إلى القدس، إلا أن صلاته لم تتقطع بأمراء الحبشة الذين سبق أن أكرموا وفادته، وإستأنف دسائسه فى مقر عمله الجديد، وبدأ يُنسّق مع قنصل إنجلترا فى القدس دوراً هاماً فى تحريض الأحباش على مناوأة الأقباط، سجلته المراسلات الدبلوماسية التى تبودلت بين كل منهما وبين كل من وزارة الخارجية البريطانية والسفارة البريطانية بالأستانة بشأن دير السلطان (مُقتبس من كتاب: سلسلة تاريخ الباباوات بطاركة الإسكندرية- للشماس كامل صالح نخلة، ودائرة المعارف للبستانى- الجزء 6 صفحة 680 حبشة).

نيافة الحبر الجليل الأنبا أنطونيوس
ومجمع رهبان دير الأنبا أنطونيوس بالقدس والشمامسة والخدام في وقفة احتجاجية أمام دير السلطان لمنع البدء فى الإصلاحات  فى كنيسة الملاك ميخائيل بدير السلطان "القبطى"  بدون موافقة بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقدس - الخميس ١٩ اكتوبر ٢٠١٧
************


 أفاد أمين مفتاح كنيسة القيامة، أديب جودة الحسيني، بأن "انهيار جزء من سقف الكنيسة لم يسفر عنه وقوع أية إصابات"، فيما سارع مسؤولو الكنيسة إلى إخراج المصلين، حيث كان العشرات منهم يشاركون في صلوات خاصة. وأشار الحسيني إلى أن الكنيسة هي بيد الرعيه  الأحباش يقيمون صلواتهم واحتفالاتهم الدينيه بها ، وهم من  الطائفة الأثيوبية، وأنه تم إغلاقها حفاظاً على أرواح المصلين خشية وقوع انهيارات أخرى، وأن انهيار السقف تسبب في أضرار للكنيسة . وبدأت طواقم فنية مختصة برفع الجزء المنهار من السقف، بالتزامن مع إجراء أعمال فحص للتثبت والتحقق من أسباب الانهيار المفاجئ. وتقع "كنيسة الملاك" إلى جوار "دير السلطان"، وهو دير أثري للأقباط الأرثوذكس داخل أسوار البلدة القديمة من مدينة القدس، في حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة، وبالقرب من الممر الموصل من كنيسة القديسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة. ولدير السلطان أهمية خاصة عند الأقباط لأنه طريقهم المباشر للوصول من دير مار أنطونيوس، حيث مقر البطريركية المصرية، إلى كنيسة القيامة، فيما تقع ساحة الدير فوق كنيسة القديسة هيلانة، وفي الزاوية الجنوبية الغربية من الساحة تقع كنيستان تاريخيتان هما كنيسة "الأربعة كائنات الروحية غير المتجسدة" (الأربعة حيوانات)، وكنيسة الملاك ميخائيل. وللوصول من الدير إلى كنيسة القيامة يجب الدخول إلى كنيسة الأربعة حيوانات والنزول منها إلى كنيسة الملاك والخروج من بابها إلى ردهة كنيسة القيامة.
عاجل/ القوات الإسرائيلية تقتحم دير السلطان
فنار مصر   23 أكتوبر، 2018 أبو العز توفيق
قامت القوات الإسرائيلية منذ قليل باقتحام دير السلطان لمساعدة الأحباش في تنفيذ رغبتهم في ترميم الدير بالمخالفه لكافة المواثيق التي تعطي الحق للأقباط وحدهم بإجراء تلك الترميمات.
وسوف يقيم نيافة الانبا انطونيوس مطران الكرسي الأورشليمي بصلاة القداس الإلهي في تمام الساعة الخامسة والنصف ثم التوجه الي الدير للقيام بمسيره احتجاجيه ضد هذا العدوان الممنهج .
يقع دير السلطان داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، فى حارة النصارى بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة.
تبلغ مساحته حوالى ١٨٠٠م، وأعاده صلاح الدين الأيوبى للأقباط بعد استيلاء الصليبيين عليه، ولذلك عُرف من وقتها باسم «دير السلطان».
ولدير السلطان أهمية خاصة عند الأقباط؛ لأنه طريقهم المباشر للوصول من دير مار أنطونيوس حيث مقر البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة.
وتقع ساحة الدير فوق كنيسة القديسة هيلانة وفى الزاوية الجنوبية الغربية من هذه الساحة تقع كنيستان تاريخيتان، هما كنيسة الأربعة كائنات الروحية غير المتجسدة ومساحتها ٢٤٢م، وكنيسة الملاك ميخائيل وهى فى الدور الأرضى ومساحتها ٣٥م.
وللوصول من هذا الدير إلى كنيسة القيامة يجب الدخول إلى كنيسة الأربعة حيوانات والنزول منها إلى كنيسة الملاك والخروج من بابها إلى كنيسة القيامة.
أهمية الدير
ترجع أهمية دير السلطان لكونه جزءًا من كنيسة القيامة، التى تتكون من البستان المقدس والكنيسة على الطراز البازيليكى، الجزء الخاص بالقبر المقدس، وكانت الملكة هيلانة استعانت بكل من المصريين والسريان فى بناء الكنيسة لقربهم من الأراضى المقدسة، وما لهم من حضارة وتبعية للإمبراطورية البيزنطية؛ حيث إن لهم تاريخًا فى البناء والعمارة.
وحضر فى ذلك الوقت لتدشين الكنيسة، بطريرك الإسكندرية القديس إثناسيوس الرسول، بطريرك أنطاكية وأسقف أورشليم ماكسيموس، واستاكيوس مطران قيصرية.
وتقول كتب التاريخ إن الملكة هيلانة قد وهبت الأقباط الجزء الواقع من شمال شرق كنيسة القيامة؛ حيث تقع بئر الماء التى استخدمت مياهها فى بناء كنيسة القيامة ومعظم كنائس مدينة القدس.
ولقد خلد الأقباط اسم الملكة بإطلاقه على هذه البئر تكريمًا لها، وأنشأوا فوق هذه البئر كنيسة باسمها وباسم ابنها تخليدا لذكرى الملكة، واستمر هذا الوضع للكنيسة حتى منتصف القرن التاسع.
أزمات تاريخية
مر الدير بعدة أزمات منها ما حدث فى عام ٩٦٩م، عندما استولى الفاطميون الشيعة فى شمال أفريقيا على السلطة فى مصر، وبسطوا سيادتهم حتى فلسطين، وكان الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله (٩٦٩م-١٠٢١م) أشدهم فتكًا، فقد أمر بإيقاف الحج إلى البلاد المقدسة وأحرق الصلبان حيث علم بوجودها.
كما منعت مسيرة أحد السعف (الشعانين) فى القدس فى أسبوع الآلام، وفى ٢٨ سبتمبر من عام ١٠٠٨م، أمر الحاكم بتدمير كنيسة القيامة، بادعاء أن مراسيم سبت النور الفصيحة ما هى إلا أضاليل. وبحلول عام ١٠٢٤م، نهب ودمر ما يقرب من ثلاثين ألف كنيسة ضمن منطقة حكم الفاطميين، حسب الفرمان الصادر منه، ولكن بعد ذلك بقليل سمح للبطريرك نيكوفوروس أن يقيم الصلاة فى خرائب كنيسة القيامة، وبعد ذلك بثلاثة عقود عرض الإمبراطور البيزنطى قسطنطين موناخوس بعقد هدنة مع الحاكم بأمر الله، واتفق على تسريح أسرى عرب ممن كانوا فى عهدته لقاء السماح بأن يعيد موظفون بيزنطيون بناء كنيسة القيامة.
الصراع القبطى الإثيوبى
على الرغم من العلاقات بين الكنيستين القبطية الأرثوذكسية والإثيوبية، فإن الصراع على دير السلطان له تاريخ طويل وممتد حتى وقتنا هذا.
ففى عام ١٩٥١، قام الراهب القس داود الصومعى رئيس دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، الذى أصبح فيما بعد البابا كيرلس الرابع، بالذهاب إلى الحبشة لحل مشكلة أحد الآباء الأساقفة، وكذلك مشكلة دير السلطان الذى تتنازعه الكنيستان.
وبحسب ما كتب فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؛ فإنه عقب طرد الحكومة المحلية الأحباش من أديرتهم وكنائسهم منذ ثلاثة قرون لعجزهم عن دفع الضرائب المُقررة عليهم، استضافهم القبط حِرصًا على عقيدتهم، وأبقوا عليهم فى القدس على أساس أنهم ضمن أولاد الكنيسة القبطية.
وخلال القرون الثلاثة قام الأحباش محاولات عدة للاستيلاء على الدير وإخراج الأقباط منه، وكانت محكمة القدس الشرعية تُعيد الحق إلى أصحابه فى كل مرة.
كما سافر الأنبا يؤانس مطران الجيزة إلى الأردن على رأس وفد، ومعهُ مستندات ووثائق ملكية الدير السلطانى لأقباط مصر وكنيستهم.
وبعد مفاوضات دارَت بينه وبين مندوب حكومة الأردن، عاد الدير إلى أصحابه، وعلى الرغم من كل ما حدث، فقد ظلَّ الأقباط حريصين على استضافة الأحباش.
وقد تبرع الرئيس جمال عبدالناصر بخمسة آلاف جنيه لدير السلطان، إسهامًا من الحكومة المصرية فى حركة الإعمار حينها.
وفى جلسة المجمع المقدس ٢٦/ ٣/ ١٩٨٠، قرر المجمع المقدس عدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس هذا العام، فى موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة، وذلك لحين استعادة الكنيسة رسميا لدير السلطان بالقدس، ويسرى هذا القرار ويتجدد تلقائيًا طالما أن الدير لم يتم استعادته، أو لم يصدر قرار من المجمع بخلاف ذلك.
وتحت عنوان «زياراتنا للقدس مرتبطة بحل مشكلة دير السلطان»، كتبت مجلة الكرازة سنة ١٩٨١: إذا كان اليهود جادين فى «تطبيع العِلاقات» فليُرْجِعوا إلى الكنيسة القبطية دير السلطان المجاوِر لكنيسة القيامة فى القدس، والذى اغتصبوه منها وسلَّموه للأحباش بعد نكسة يونيو ١٩٦٧م. نتيجة للموقف الوطنى الذى وقفه مطراننا نيافة الأنبا باسيليوس الذى لم يجامل اليهود وقتذاك فى دخولهم القدس.
وقد أصدرت المحكمة اليهودية العُليا حكمها فى صالِحنا، وغرمت وزير الشرطة وأسقف الأحباش، وأمرت بإرجاع الدير إلى الكنيسة القبطية، ولكن السلطات اليهودية لم تنفذ قرار القضاء الإسرائيلي.
وأضافت مجلة الكرازة «حينما نستلم الدير، ستعلن الكنيسة القبطية رسميًا أنه لا مانِع من زيارة القدس، أما الآن فالكنيسة تمنع، كل ما تَسَلَّمناه حتى الآن هو وعود، ولكننا لم نتسلم الدير المجاور للقبر المقدس، قبر المسيح».
وكل الذين يفكرون حاليًا فى زيارة القبر متأثرين بدعايات تقوم بها شركات سياحية، إنما يسيئون إلى الكنيسة، وإلى ملكية هذا الدير المقدس، المَعْبَر الطبيعى لكنيسة القيامة.
كما تقابل قداسة البابا شنودة الثالث مع مطران القدس يوم ١٢ فبراير ١٩٨١، وما زلنا نتابع تطورات الموقف.

الأبعاد القانونية والسياسية والدينية في قضية دير السلطان والممتلكات القبطية والطوائف المسيحية في الأراضي المقدسة الخاضعة لسلطة الاحتلال الإسرائيلي

اذا تكلمنا على الوضع القانوني للممتلكات القبطية والطوائف الأخرى المسيحية فالذي يحكمها هو اعلان الـ "ستاتسكو" "الوضع الراهن Status quo الذى صدر في ٨ فبراير ١٨٥٢ نتيجة الصراع المستمر والخلافات حول أحقية على بعض الكنائس مثل كنيسة القيامة، قبر السيدة العذراء وبيت لحم.
ويعنى الستاسكو ( الوضع الراهن ) الذى تم استخدامه في الكنائس وخصوصاً كنيسة القيامة والذي حدد ملكية الأماكن المقدسة وبالأخص المسافات والمساحات داخل هذه الكنائس وحتى الأوقات والدهاليز وكيفية استعمالها وتحقيقها ومعرفتها حتى في الترانيم أو القراءات البسيطة. وفصله القانون عام ١٩٢٤ بفض النزاعات والخلافات في حق المرور الى كنيسة القيامة مرورا من دير السلطان .بالرغم من إقرار حق الملكية لدير السلطان بناء على حكم المحكمة العليا الإسرائيلية . أما الحيازة الفعلية للدير ومفاتيحه "الحيازة الهادية المستقرة" فهي في يد سلطة الاحتلال ، والفصل فيها فهى من شأن قانون سلطة الاحتلال هي التي تقيم الدنيا وتقعدها لعدم الحصول الحيازة الهادئة المستقرة لدير السلطان وخلق وضع قائم جديد بتغيير طابعه وهويته القبطية من خلال أعمال الترميم في الدير باستخدام القوة "للسيطرة الفعلية" من سلطة الاحتلال على وضعية القدس والممتلكات الكنيسة في الأراضي المقدسة
ويشير اعلان "الوضع الراهن" بالمفهوم السياسي الواسع علاقة الطوائف المسيحية مع دول وحكومات المنطقة والذى تكون الخلافات بين الطوائف والنزاعات القانونية حول الملكية والحيازة تخضع للعلاقات السياسية بين الدول وحكومات الكنائس وسلطة الاحتلال الإسرائيلي
والجدير بالذكر أن الطوائف الرسمية غير اللاتين هم اليونان، الأرمن، الأقباط والسريان ...ولذلك لم يعترف بالأحباش والكنيسة الأثيوبية كطائفة رسمية في اعلان "الوضع الراهن" وكان رهبان الأحباش بعد بيع ممتلكاتهم لدفع الضرائب وطردهم من أماكنهم واستضافتهم في دير السلطان المملوك للكنيسة القبطية وقامت إسرائيل بدور الطرف "المؤيد" للأحباش ويهود أثيوبيا الفلاشفا والكنيسة الأثيوبية في تحقيق النفوذ الإسرائيلي والسيطرة الفعلية على القدس وفقا لقانون الكنيست ١٩٨٢ المتعلق بتغيير هوية وطابع القدس وممتلكاته. وقانون الدولة اليهودية والقومية اليهودية الصادر العام الجارى ٢٠١٨.
(عوض شفيق)

 

 

فى سنة 1902م سافر الأنبا متاؤس مطران الحبشة وبصحبته الأنبا يوأنس مطران المنوفية والبحيرة، والأنبا مرقس مطران إسنا والأقصر، إلى القدس لمحاولة تسوية مسألة دير السلطان بطريقة تُبقى على العلاقات الروحية بين الأقباط والأحباش. وهناك قابلهم القنصل الايطالى بالقدس Karlintie ، وسلّمهم رسالة من إمبراطور الحبشة منيليك، طالب فيها بتسليم مفاتيح الدير إلى الأحباش، وبعدما قام المطارنة الثلاث ببحث الموضوع وفحص المستندات، رفعوا تقريراً إلى البابا الأنبا كيرلس الخامس بتاريخ 5 بشنس سنة 1618ش (13 مايو سنة 1902م)، جاء فيه أن Karlintie اقتنع بقوة مستندات الأقباط وأخذ ملخصاً منها ووعد بإرساله إلى روما لترجمتها إلى اللغة الحبشية وإرسالها إلى الإمبراطور منيليك بمعرفة وزارة الخارجية الايطالية، (مجموعة الوثائق- وثيقة رقم 25- الأنبا تيموثاوس). ولكن الإمبراطور لم يقتنع بذلك وأصر على أن الدير منحه من الملكة هيلانة، ومن ثم قطع العلاقات مع البطريركية القبطية بالقاهرة.

وفى سنة 1905م، أرسل الإمبراطور بعثة إلى القدس ، إتصلت برؤساء الطوائف المسيحية فيها ، لأخذ شهادات منهم بملكية دير السلطان للأحباش ، تمهيداً لتقديمها إلى الباب العالى والحصول منه على وثيقة بذلك. وقد أهمل الأقباط شأن هذه البعثة إعتقاداً منهم بأن رؤساء الطوائف سوى لا يشهدون إلا بالحق ولا يخرجون عما فعله أسلافهم بتوقيعهم على وثائق رسمية عديدة تقر بملكية الدير للأقباط، ولكن يبدو أن الأقباط كانوا مُبالغين فى التفاؤل، كما سنبين من الآتى:

- دميانوس بطريرك الروم الأرثوذكس: شهد بأن الأحباش مقيمون بدير السلطان منذ زمن بعيد، دون أن يشهد للحق بأن ملكية الدير هو للأقباط.

- بطريرك الأرمن الأرثوذكس: شهد بأن الأحباش مقيمون فى الدير المسمى دير السلطان منذ زمن وأن مفاتيحه فى يد الأقباط، دون أن يذكر صراحة شيئاً عن ملكية الدير، إلا أن فى قوله أن مفاتيحه فى يد الأقباط، شهادة ضمنية بملكيته للأقباط.

- النائب البطريركى للاتين: اكتفى بنقل شهادة وجهاء طائفته الذين يقولون أن الدير هو موضع خلاف بين الأقباط والأحباش من قديم، وأنه يُستنتج من إقامتهم الصلاة فى كنيسته أنه فى تصرفهم. للأسف تناسى النائب البطريركى أن مفاتيح الكنيسة كانت فى يد الأقباط.

- مطران الموارنة بالقدس: قدم شهادة محررة باللغة الفرنسية، تفيد أنه رأى وسمع أن الدير ملك الأحباش وإنهم مقيمون به.

- مطران السريان: قال فى شهادته المحررة باللغة التركية والموجهة إلى رئيس البعثة الحبشية، إنه لا يعلم سوى أن الأحباش يقيمون فى دير السلطان من قديم الزمن وأنهم يقيمون شعائرهم الدينية فيه.

وهكذا، جاءت الرياح بعكس ما تشتهى السفن، فجاءت شهادة رؤساء الطوائف بعيدة كل البعد عن الحق الذى فى المسيح. وكان ذلك مصدر جزن للأقباط فى القدس ومطرانهم نيافة الأنبا تيموثاوس. وسافر بعد ذلك الجنرال الحبشى مششا على رأس الوفد الحبشى إلى الأستانة حاملاً فى حقيبته الشهادات سالفة الذكر، وهناك تمكن بمساعدة الروس من استصدار إرادة سنية بتاريخ 20 يناير سنة 1906م مؤداها إنه: "ولو أن الحكومة تعترف بإلتزامها بالمحافظة على مبدأ الوضع الراهن Status Quo بالأماكن المقدسة، إلا أنه من إيجاب الحال عدم رد الوفد الحبشى الذى إلتجأ إلى السدة السنية الملوكانية وإرجاعه مطيب الخاطر، وإنه نظراً لأن الأقباط يعترفون بوجود الأحباش بالدير بصورة مسافرين عندهم (ضيوف)، فلذلك إستتب مجلس الوكلاء إعطاء مفتاح آخر للأحباش وعليه يلزمكم وضع الإجراء طبقاً للإرادة السنية المتعلقة بذلك".

ولما أَبلغ رشيد باشا متصرف القدس هذه الإرادة السنية إلى الأنبا تيموثاوس مطران الكرسى الأورشليمى، طلب الأخير إمهاله إلى أن تظهر نتيجة إتصالات الرئاسة الدينية بمصر مع الباب العالى، فرد عليه رشيد باشا فى مذكرة أواخر يناير سنة 1906م. جاء فيها: "أنه نظراً لأن إقامة الأحباش فى دير السلطان هى على سبيل الضيافة، فإن إعطاء مفتاح لهم لا يخل بحقوق الأقباط المعروفة لدى الدولة من وجهة التغييرات وجميع الخصوصيات الأخرى الداخلة فى الستاتوكو، ولا يُحتمل تأويله بإعطاء حق جديد للأحباش لأن الأمر لا يعدو كونه مجاملة من المضيف لضيفه..".

ولما أصرّ الأقباط على عدم إعطاء مفتاح ثان للأحباش، إقترح متصرف القدس – حلاً للإشكال- فتح باب خاص لهم فى الجهة الشرقية. وصدرت إرادة سنية ثانية تقول: ".... إنه لما كان غرض الحكومة من إعطاء مفتاح للأحباش هو لتسهيل مرورهم وعبورهم من دير السلطان لتقليل المشاكل بينهم وبين الأقباط، وأن الأحباش ليس لهم فى الدير سوى حق المسافرة (الضيافة) فقط، فإذا رعى فتح باب فى الجهة الشرقية فلا مانع إذا كان بنوع لا يطرأ منه خلل على الستاتوكو بالدير المذكور".

ونظراً للتسامح المتناهي للأقباط، نُفَّذ الإقتراح المشار إليه، مما زاد تشجع الأحباش بتساهل الحكومة العثمانية على مواصلة السعي للحصول على مكاسب أخرى. فطلبوا من الباب العالى إعطاءهم كنيسة الملاك بالدير وإستلام مفاتيحها، وبالتالي مفاتيح الدير، وإضطر السلطان تحت الضغط الروسي إلى إصدار أمره بإعادة النظر فى الموضوع، لما فى ذلك من تأييد ميل الأحباش نحو الحكومة السنية، وأبلغته وزارة الخارجية التركية إلى مجلس القدس بمذكرة خاصة، فقام المجلس ببحث الموضوع بحثاً دقيقاً وأصدر قراراً بعدم إمكان قبول مطالب جديدة من قبل الأحباش، للأسباب الواردة فى المضبطة المؤرخة فى 22 ذى القعدة سنة 1325هـ الموافق 27 ديسمبر سنة 1907م، وهى تتلخص فيما يلى:

1- أن المستندات التى قدمها الأحباش ليست سوى التسوية التى عُملت فى سنة 1272هـ، والتى على أساسها بُنى فرمات الستاتوكو، وبمقتضى هذه التسوية تبقى الطوائف فى الأمكنة التى فى حوزتها قبل حدوث النزاع (أى قبل سنة 1820م التى بدأ فيها الأحباش ينازعون الأقباط فى دير السلطان)، ولكن رهبان الأحباش أوّلوا ذلك بمعنى أنه يعطيهم حق البقاء فى الأمكنة التى كانوا شاغلين لها أثناء التسوية.

2- مع أن الأحباش سبق أن خطفوا مفتاح دير السلطان فى وقت من الأوقات، إلا أنه بناء على إعتراض الأقباط، أجريت تحقيقات دقيقة سنة 1282هـ ثبت فيها ملكية الأقباط فى الدير، وسُلّم إليهم مفتاح القفل الذى عمل جديداً.

3- أنه عندما أراد الأقباط توسيع باب الدير منذ 17 سنة، عامل الأحباش مطران الأقباط معاملة مهينة فمنعهم الأقباط من الصلاة التى كانوا يجرونها فى الكنيسة العليا (الأربعة الأحياء غير المتجسدة) بدير السلطان، وبقيت هذه الكنيسة مغلقة فى وجه الأحباش منذ 17 سنة (أى منذ سنة 1891م)، أما بالنسبة لكنيسة الملاك، فلم يحدث أن أجرى الأحباش فيها صلاة، ومفاتيح الكنيستين كانت دائماً بيد الأقباط.

4- أن الإعلام الشرعي المؤرخ فى 5 ربيع أول سنة 1280هـ أثبت حقوق الأقباط ومستنداتهم سبق تدقيقها فى مجلس إدارة المتصرفية.

5- ليس فى المذكرة المحررة من قلم الديوان الهمايونى ما يدل على سبق وجود دير أو كنيسة يخصان الأحباش فى القدس كما تدعى المذكرة المقدمة من الوفد الحبشى، بل على العكس أن العُهد والفرمانات مُصرح بها أن الأحباش والكرج (هم الرهبان من جورجيا فى روسيا) والصرب هم تحت إدارة بطريركية الروم.

6- إن الفرمانات الصادرة فى سنتى 1268هـ ، 1269هـ بوجوب المحافظة على الوضع الراهن (الستاتوكو) لا يوجد بها إشارة تتعلق بالأحباش.

7- أنه بإجراء التحقيقات ثانية لم يوجد أى تسجيل بالمحكمة الشرعية بخصوص إعطاء وثيقة من قبل عمر الفاروق والسلطان سليم الأول بإثبات حق التصرف للأحباش فى دير السلطان.

8- إن الثابت من القيودات والوثائق الرسمية أنه لم يكن للأحباش ديراً مستقلاً بالقدس وكنيسة ومحلاً للزيارة.

9- إن دير السلطان من تاريخ فرمان الستاتوكو هو تحت إدارة الأقباط.

10- إن إبقاء محلات الزيارة بالقدس على حالها القديم أمر نصت عليه المادة 62 من معاهدة برلين المعطوفة على معاهدة باريس.

11- إن الأحباش لم يمكنهم إثبات حقوق تصرفهم فى القدس (إثبات أملاكهم) قبل تاريخ معاهدة باريس والخط الهمايونى الصادر سنة 1272هـ، ولذا فلا يمكن إعطاءهم حقوق خاصة بطوائف أخرى.

12- إن كسب ميل الأحباش نحو الحكومة طبقاً للإرادة السنية حاصل بالمساعدة التى قدمت لهم قبل سنتين فى أوائل سنة 1906م بفتح باب فى دير السلطان وإعطاء مفتاحه لرئيسهم الروحانى، وهو قد أمتنّوا لهذه التعطفات الخاصة وأبدوا شكرهم، أما قبول طلبهم الأخير فيخالف أحكام الستاتوكو ويؤدى إلى نزاع قضائى، ولا يمكن إجراء أية مساعدة خلاف المساعدات التى عُملت لهم، لأن المعاهدات تمنع ذلك.

وتقرر تبليغ ذلك إلى الوفد الحبشي بواسطة نظارة الخارجية-المحبة المسيحية الحقيقية التى تعامل بها البابا كيرلس الخامس مع الأحباش إزاء هذا القرار الحاسم الذى يرفض قبول أية طلبات جديدة من الأحباش بعدما فُتح لهم باب فى الجهة الشرقية من الدير، سعوا إلى مطالبة الحكومة بتسليم مفتاح الباب الذى يصل بين الدير وساحة كنيسة القيامة (باب كنيسة الملاك) إلى بطريرك الروم الذى كان يحابيهم على حساب الحق، ليتوصلوا بذلك إلى الإستيلاء على الدير. لهذا رأى البابا الأنبا كيرلس الخامس والمجلس الملى العام، إرسال وفد إلى القدس مؤلف من السادة مرقس حنا وإلياس عوض وسيداروس بشارة، وكانت مهمة الوفد "النظر فى الأوقاف القبطية بالقدس وخصوصاً فى مسألة إستبقاء المفتاح المذكور بيد الأقباط والممانعة فى تسليمه لبطريرك الروم حسب طلب الأحباش، ومحاولة إرضاء الأحباش بقدر ما تسمح المحبة المسيحية الحقيقية". وصل أعضاء الوفد إلى القدس فى 6 أبريل سنة 1908م بصحبة مطران الكرسى الأورشليمى، وفى اليوم التالى زاروا متصرف القدس، وإنتظروا أياماً دون فتح باب المفاوضات إلى أن وصل إلى القدس الجنرال مششا الحبشى. وفيما يلى ملخص ما جاء بتقرير الوفد خاصاً بدير السلطان:

1- أن الأحباش كانوا يستعملون الدير بإعتبارهم أبناء الكنيسة القبطية، ويصلون فى كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، ولما أساءوا إلى الأنبا باسيليوس منعهم من الصلاة فيها، كما طردهم من الدير. ثم عادوا إليه بعدما إستسمحوه فصفح عنهم وسمح لهم بالبقاء فيه بغير أن يصلوا فى الكنيسة سالفة الذكر، فجعلوا من غرفتين فى غرب الدير كنيسة لهم.

2- نازع الأحباش مراراً فى ملكية هذا الدير، وحجتهم الكبرى إنهم يسكنونه من قبل معاهدة برلين (التى أقرت الوضع الراهن)، لذا يروا أنه يجب أن يبقوا فيه. ولما استمروا فى تعدياتهم على الأقباط، مُنع هؤلاء أيضاً عن الصلاة فى كنيسة الملاك التى كانوا يصلون فيها من قبل.

3- إستولى الرهبان الأحباش على كل غرف الدير، عدا غرفة واحدة أبقوها لراهب قبطى، والآن يسمحون للأقباط بحق المرور عبر الدير للوصول إلى كنيسة القيامة، أما مفاتيح الأبواب الموصلة إليها فمع الأقباط.

4- يسعى الجنرال مششا سعياً متواصلاً للحصول على دير السلطان برمته.

5- مازال الأحباش يستعينون علينا بواسطة بعض البطاركة بالقدس والقناصل لسلب الدير الذى أويناهم فيه.

6- طلب الوفد من المتصرف ومعه مدير الشئون الأجنبية، الوصول إلى طريقة توفق بين الأقباط والأحباش نهائياً.

7- رأى الوفد أن يعرض حلاً سامياً، وهو أن يأخذ الأحباش 240 متراً فى الزاوية البحرية الغربية، ولهم أن يبنوا فيه كنيسة، ويتركوا ما عدا ذلك، فرفض الأحباش هذا الحل بحجة أنهم يريدون البركة والمحلات المقدسة لا الملك.

8- عرض الوفد حلاً آخر، وهو أن يتركوا الدير بالمرة، ويأخذوا منزلاً من منازل الوقف للإقامة فيه، ونسمح لهم بالصلاة فى كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، ما دام غرضهم البركة، فرفضوا أيضاً.

9- رأى الوفد قبل العودة أن يعرض حلاً ثالثاً، هو أن يأخذ الأحباش 240 متراً مع حق الصلاة فى كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، تحت سلطة وأمر المطران، فرفضوا أيضاً.

10- رفض الأحباش بكل إصرار كل تسوية وحلول بهذا الشأن، وعرضوا أن يأخذوا قسم الدير الواقع قبلى وبحرى الدير وأن يوصلوه بكنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، ويتركوا الباقى، ولكن لما كان معنى هذا فى الواقع أن يملكوا الدير كله، فقد رُفض.

11- عرض الوفد أن يأخذ الأحباش 240 متراً بجوار كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، وأن يُفتح لهم باب خاص على الممر الموجود أمام هذه الكنيسة، على أن يبقى مفتاحه بيد المطران القبطى، وقد أرضى هذا الحل الجميع- متصرف القدس والقناصل وبطاركة الطوائف- وأظهروا أمتنانهم، وشكروا الكنيسة القبطية على تسامحها ومحبتها الحقيقية، إلا أن الجنرال مششا لم يبدى رأيه، وقال أنه لا بد من أخذ رأى مولاه الملك، وغادر القدس إلى الحبشة دون أن يبت فى الأمر.

- وهكذا عاد الوفد القبطى إلى مصر دون الوصول إلى حل مع الأحباش-وبعد مرور عامين على هذه المفاوضات، أى سنة 1328هـ (1910م)، قام الأقباط بترميم بعض قلالى الأحباش فى دير السلطان، بموجب رخصة من بلدية القدس برقم 137 وبتاريخ 18 سبتمبر 1910م (سنة 1328هـ). وفى سنة 1914م نشبت الحرب العالمية الأولى ونفى الأتراك مطران الأقباط وبطاركة الروم والأرمن والنائب البطريركى للاتين من القدس. وبعد إنتهاء الحرب- وفى أثناء إحتلال الجيش الإنجليزى للأرض المقدسة- قام وكيل مطران الأقباط فى ديسمبر سنة 1919م بترميم وتصليح بعض حوائط وغرف علوية مع الدرج وسقوف الغرف، الكائنة بداخل دير السلطان، بموجب رخصة من بلدية القدس بتاريخ 13 ديسمبر 1919م، ويلاحظ أن هذه الرخصة أقرت صراحة بملكية الأقباط للدير بقولها: دير الأقباط المعروف بدير السلطان. وفى سنة 1920م، أرسلت الإمبراطورة زاوديتو وفداً إلى مصر يحمل خطابا لقداسة الباب كيرلس الخامس تقول فيه "... نحن أمام السدة المرقسية نرجونه و قولنا هذا خوفاً من دخولنا أمام القضاء، ولكن إذا دخلنا أمام المحاكم، وثبت لنا أو لكم ، فهذا يحدث إفتراقاً بيننا وبينكم، ويضحك علينا الأعداء..." ورد عليها قداسة البابا بكتاب مؤرخ فى 21 أكتوبر 1921م نصه كالآتى: "....أننى سبق حررت لجلالة الملك منيليك رحمه الله، بأنه ولو أن دير السلطان ملك صريح للأقباط، إلا أنه يصح أن يفتح الباب للأقباط والأحباش على السواء، لأنهم أخوان شقيقان لأم واحدة هى الكنيسة الأرثوذكسية، غير أنه يظهر من خطاب جلالتك أن الأحباش يقولون بملكيتهم لهذا الدير من أيام الملكة هيلانة، ولما كانت مسألة ملكية الدير قد بُت فيها من زمن بمعرفة السلطات العليا المختصة بعد فحص المستندات التى قدمها الأقباط والأحباش، وتبين من الفحص أن مستندات الأقباط قاطعة بإثبات حقوق ملكيتهم للدير، وحيث أنه مع ملكية الدير للأقباط، ومع وجود مفاتيح أبواب الدير بيدهم، فأنا لا أمانع فى أن الأقباط يفتحون للشعب القبطي والشعب الحبشي باب هذا الدير لأنهم أبناء كنيسة واحدة". (مقتبس من: أملاك القبط فى القدس- صفحة 160- جرجس فيلوثاؤس عوض). - ولكن هذا الحل لم يرض الأحباش أيضاً-
***
منازعات النصف الثانى من القرن العشرين فى فبراير سنة 1959م، إنتهز المطران الحبشي فيلبس، فرصة خلو الكرسي البابوي بنياحة البابا الأنبا يوساب الثانى، وخلو الكرسي الأورشليمي بوفاة الأنبا ياكوبوس، وتقدم إلى متصرف القدس يطلب إسترجاع حقوق الأحباش رسمياً فى دير السلطان. وفى صيف عام 1959 عندما بدأت إجراءات إنتخاب البابا كيرلس السادس، ودعتهم البطريركية بالقاهرة إلى الإشتراك فى الإنتخاب وحضور الرسامة رفض الأثيوبيون، وأصروا على ضرورة تسوية منازعات دير السلطان، وجعلوا ذلك شرطاً للإعتراف بالبابا الجديد. فذهب وفد قبطى إلى أديس أبابا للتفاهم مع حكومتها وكنيستها، وتم الإتفاق على حضور وفد أثيوبى إلى القاهرة للتفاوض مع وفد قبطى يعينه البابا الجديد. بدأت المحادثات فى يونيو سنة 1959م وعرض أحد أعضاء الوفد بصورة غير رسمية تسوية مسألة دير السلطان بإعتبارها أحد المواضيع التى يجب حلها لتصفية الخلاف نهائياً، ولكن الوفد الأثيوبى إعترض على ذلك قائلاً، أن الوقت الباقى حتى مجئ جلالة الإمبراطور فى زيارته الرسمية للجمهورية العربية المتحدة لا يتسع إلا لنظر الأمور الخاصة بتنظيم العلاقة بين الكنيستين وتوقيع إتفاق بشأنها قبل حضوره، وللأسف كان السبب الحقيقى وراء ذلك، أن المطران الأثيوبى فى القدس أبلغهم أنه على وشك الوصول إلى حل للدير مع السلطات الأردنية (القدس وقتئذ كانت تتبع الأردن) لا يمكن التوصل إليه ودياً مع الكنيسة القبطية مهما بلغ بهم التساهل. وكان الأقباط حتى ذلك الوقت لا يعلمون شيئاً عن الطلب الذى تقدم به المطران الحبشى بالقدس فى فبراير سنة 1959م. إلى الحكومة الأردنية بشأن دير السلطان. ولما سافر إلى القدس نيافة الأنبا باسيليوس – الذى كان قد رُسم حديثاً مطراناً للكرسى الأورشليمى- وعُين عقب رسامته عضواً بالوفد القبطى فى المفاوضات مع الأحباش، أرسل نيافته خطاباً إلى قداسة البابا كيرلس السادس بتاريخ 12 أغسطس 1959م يقول فيه:"... علمت أن الأحباش قدموا التماساً إلى السلطات الأردنية ( أثناء فترة إنقطاع العلاقات بين الأردن ومصر) يطالبون فيه بملكية دير السلطان...". وفى 26 أغسطس 1959م، تلقى نيافة الأنبا باسيليوس كتاباً من محافظ القدس، يطلب فيه تزويده بملخص لمستندات الأقباط الخاصة بدير السلطان لعرضه على اللجنة المشكلة للفصل فى هذا الموضوع، فرد عليه نيافته بكتاب مؤرخ فى 27 أغسطس سنة 1959م قال فيه:"... إن ملكية دير السلطان الذى للأقباط سبق الفصل فيه نهائياً بأحكام صادرة من المحاكم الشرعية ومجلس متصرفية القدس وأقرتها الصدارة العظمى، وأن معاهدة برلين تقضى بضرورة المحافظة على الوضع الراهن فى الأماكن المقدسة "الستاتوكو"، وخَلُص من ذلك إلى إنه ليس ثمة مبرر قانوني لطلب إعادة النظر فى ملكية الدير بعد الأحكام النهائية التى صدرت لصالح الأقباط..ولما كان بابا الأسكندرية هو الرئيس الروحى الأعلى لجميع أقطار الكرازة المرقسية- ومنها أثيوبيا- فسأبادر برفع الأمر إلى قداسته عندما يتكرم عطوفة المحافظ بموافاته ببيان عن الأسس التى يستند إليها تشكيل اللجنة التى ستنظر فى مسألة دير السلطان، وهل إختصاصها قاصر على هذه المسألة بالذات أم أن لها إختصاصاً عاماً يشمل جميع المنازعات المتعلقة بالأستاتوكو بين مختلف الطوائف، وهل تعتبر قراراتها نهائية أم أنها قابلة للإستئناف وفى الحالة الأخيرة ما هى جهة الإستئناف...". وواضح أن نيافة الأنبا باسيليوس قصد من وراء هذه الأسئلة إلى معرفة ما إذا كانت اللجنة سالفة الذكر هى التى أشارت إليها المادة 14 من صك الإنتداب على فلسطين، فيمكن عندئذ التأكد مما إذا كانت تتوفر فيها الشروط الواردة فى تلك المادة. غير أن المحافظ لم يرسل جواباً على إستفسارات نيافته، بل إكتفى بإبلاغه تليفونياً أن اللجنة التى ستتولى النظر فى مسألة دير السلطان قد شكلت لهذا الغرض فقط. فأرسل إليه نيافته خطاباً بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1959م، طلب منه فيه الإفادة عما إذا كانت هناك مبررات تقتضى إخضاع الأقباط بالذات لإجراء خاص لا يخضع له غيرهم من الطوائف الأخرى، وما هى الأسانيد القانونية التى بُنى عليها إتخاذ هذا الإجراء، وهل هناك سوابق مماثلة تجاوزت فيها الحكومة الأردنية حدود الإلتزام بالمحافظة على الوضع الراهن لأية طائفة ، أو تعرضت فيها للأسس التى قام عليها ذلك الوضع. ولكن سيادة المحافظ فى هذه المرة لاذ بالصمت نهائياً، وألغيت اللجنة المشكّلة. وفى 10 سبتمبر سنة 1960م، أثير هذا الموضوع من جديد واستدعى المحافظ إلى مكتبه نيافة الأنبا باسيليوس، وكان قد سبقه إلى هناك المطران الحبشى واثنان من رهبانه، وقد بادره المحافظ بالسؤال عما إذا كان هناك أمل فى إنهاء الخلاف القائم بين الأحباش والأقباط بشأن دير السلطان، فأجاب الأنبا باسيليوس: أن الأمل معقود بقداسة البابا كيرلس السادس- بوصفه الرئيس الأعلى للكنيستين القبطية والحبشية- بتشكيل لجنة مكونة من ممثلين عن الكنيستين لبحث هذا الموضوع، لأن الرياسة الدينية هى صاحبة الكلمة النهائية وليس للمطران أن ينفرد برأيه. فاعترض على ذلك المطران الحبشي بقوله: أن بطريرك الأقباط هو خصمنا فى هذه القضية، وهو رئيس الكنيسة التى أغتصبت مِنَّا الدير (لاحظ عدم اللياقة فى الحديث)، فكيف يمكن أن نُسلّم له بأن يحكم فيه، وهو فضلاً عن ذلك لا يملك صلاحية النظر فى هذا الخلاف، وأنه يقع على عاتق الحكومة الأردنية وجوب الفصل فيه فى أقرب فرصة ممكنة. وانتهى الاجتماع بأن طلب المحافظ من الأنبا باسيليوس أن يبعث إليه بنسختين من المذكرة الخاصة بملكية الأقباط للدير، وأن يقوم المطران الحبشي فيلبس، بتزويده بصورة مما لديه من مستندات فى بحر أسبوع، على أن يتكفل المحافظ بإرسال صورة من مستندات كل طرف إلى الطرف الآخر ليبدى ملاحظاته عليها فى بحر الأسبوعين التاليين، وبعد ذلك يعكف المحافظ شخصياً على دراسة مستندات ومذكرات الطرفين، ثم يُقدم توصياته إلى الحكومة بما يراه. وقد بادر نيافة الأنبا باسيليوس بإرسال نسختين من المذكرة مع المستندات إلى المحافظ، وأبلغ ملخص ما دار فى الاجتماع إلى قداسة البابا كيرلس السادس وفى 18 سبتمبر سنة 1960م أرسل قداسة البابا إلى رئيس مجلس وزراء الحكومة الأردنية البرقية التالية: "...الوضع الراهن بدير السلطان كغيره من الأماكن المقدسة كفلته معاهدة برلين الدولية والتزمت الحكومات المتعاقبة فى فلسطين، ومنها حكومتكم بالمحافظة عليه كما هو، ولذا فالموضوع لا يمكن أن يكون محل نظر أية سلطة محلية وأى قرار فيه يكون باطلاً، نرجو إصدار تعليماتكم لعطوفة محافظ القدس بإحترام الحقوق التاريخية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، منعاً لشبهة تدخّل التأثيرات السياسية فى المسائل الدينية...". كذلك بعث قداسته بتعليمات إلى الأنبا باسيليوس بالإمتناع عن حضور أية إجتماعات يعقدها المحافظ بخصوص دير السلطان، حتى لا يؤخذ ذلك بأنه تسليم منه بصلاحية السلطات الأردنية للنظر فى هذا الموضوع وفى 2 نوفمبر سنة 1960م، أرسل محافظ القدس كتاباً إلى الأنبا باسيليوس يلومه فيه على تأخره فى موافاته بملاحظاته على ما قدّمه الأحباش من أوراق، ويتهمه بعدم الرغبة فى التعاون معه، ويقول أنه وحده (المحافظ) الموكل بشئون الأماكن المقدسة وكل إتصال يجرى مع غيره لا يلتفت إليه، وأنه لا دخل للإعتبارات السياسية فى عمله. واضح أن المحافظ يُلّمح بهذه العبارة الأخيرة إلى برقية قداسة البابا لرئيس الوزراء الأردنى. ورد نيافة الأنبا باسيليوس على هذا الخطاب بتاريخ 8 نوفمبر 1960م، قائلاً:"...أنه لا موجب لإرسال أية وثائق أو مستندات خاصة بدير السلطان طالما أنه لا يستطيع قبول إختصاص أية لجنة محلية للنظر فى هذه المسألة، وأن التمسك بالحقوق لا يصح أن يُفسّر بأنه عدم رغبة فى التعاون...". وبتاريخ 11 نوفمبر سنة 1960م، أرسل قداسة البابا كيرلس السادس إلى جلالة إمبراطور أثيوبيا برقية قال فيها: "...إن الأنبا فيلبس مطران الأحباش بالقدس، مازال يستحث السلطات فى القدس لإصدار قرار عاجل فى مسألة دير السلطان، ولذا فقد أعطيت التعليمات إلى مطراننا بالقدس برفض ما تدعيه السلطات المحلية من حق التدخل فى هذا الموضوع...". وفى 13 نوفمبر سنة 1960م، أرسل نيافة الأنبا باسيليوس خطاباً إلى محافظ القدس مؤكداً أن المرجع الأعلى فى موضوع دير السلطان كان دائماً الرياسة الدينية فى القاهرة، وعلى هذا الأساس لا يسعه أن يقوم بأى دور فيه بغير تعليمات من قداسة بابا الأسكندرية الذى أبلغ جلاله إمبراطور أثيوبيا أثناء زيارته لها التى انتهت منذ أسبوع، بأنه سيعمل على حل هذه المشكلة بما يكفل دوام المحبة بين أبنائه الأقباط والأثيوبيين، الأمر الذى لا شك تُرحب به الحكومة الأردنية ويتفق مع الغاية التي تنشدها. وبتاريخ 14 نوفمبر سنة 1960م، تلقى قداسة البابا كيرلس السادس برقية من جلالة إمبراطور أثيوبيا، جاء فيها:"....تلقينا برقية قداستكم بخصوص دير السلطان، ونعتقد أنه ما لم نتلق حلاً سريعاً ومرضياً بواسطتكم فإن كل إرجاء للإجراءات القانونية سوف لا ينجم عنه سوى سوء التفاهم كما حدث فى الماضى...". وفى 16 نوفمبر 1960م، أرسل قداسة البابا برقية مرة ثانية إلى جلالة الإمبراطور، ورد فيها:"....نريد أن نؤكد لجلالتكم أننا نبحث جادين لإيجاد حل عملى فى القريب العاجل بالروح المسيحية التى سادت محادثاتنا فى أديس أبابا، وأن اللجوء إلى جهات مدنية فى مسائل تتعلق بملك للكنيسة ضد أخوة فى العقيدة أمر لا يليق بالأسقف ولا يؤدى إلا إلى سوء التفاهم، نهيب بكل من يعنيه الأمر أن يتجنب أى موقف يؤدى إلى توتر الوضع ويشوه الجو الهادئ اللازم لتحكيمنا الأبوى، نسأل السيد المسيح أن يلهمنا جميعاً ما فيه مجد الكنيسة وسلام أبنائها...". وفى 19 نوفمبر سنة 1960م، وجه قداسة البابا كيرلس السادس، دعوة إلى المطارنة الذين سبق لهم الخدمة فى القدس وإلى عدد يربو على الخمسين من الأراخنة لإجتماع يُعقد فى المقر البابوى يوم أول ديسمبر سنة 1960م، للنظر فى مشكلة دير السلطان، وتقرر فى هذا الإجتماع الإتصال بنيافة الأنبا باسيليوس للإفادة تفصيلاً بما إنتهى إليه الأمر فى هذه المسألة وتشكيل لجنة مكونة من : المهندس يوسف سعد وكيل المجلس الملى العام، والسفيرين السابقين عدلى أندراوس وديمترى رزق والمستشار حلمى بطرس والمحامى إستفان باسيلى والمهندس فوزى إسحق، وتم توزيع التقرير الذى وُضع عن مشكلة دير السلطان. وفى أواخر سنة 1960م أثناء زيارة الإمبراطور للبرازيل حدث إنقلاب فاشل فى أثيوبيا، فكان من الطبيعى فى هذه الظروف أن يُرجأ البحث فى مسألة دير السلطان إلى أن يستتب السلام فى أثيوبيا، وتسمح الأوضاع بإيفاد مندوبين للتفاهم فى هذا الشأن مع الأقباط.

22 فبراير سنة 1961م، يوم حزين
دعا محافظ القدس، نيافة الأنبا باسيليوس فى يوم 22 فبراير سنة 1961م، للحضور إلى مكتبه فى الساعة الواحدة بعد الظهر، وفاجأه بإعطائه تبليغ منه، بصدور قرار إداري من مجلس الوزراء الأردنى بتاريخ 12 فبراير سنة 1961م، وفقاً لأحكام المادة الثالثة من مرسوم الأماكن المقدسة – فلسطين- الصادر بتاريخ 25 يوليو 1924م – والمادة الثانية من القانون رقم 28 لسنة 1950م- والإرادة الملكية السامية الصادرة بتاريخ 19 يوليو 1950م- ويقضى هذا القرار بتسليم دير السلطان إلى الأحباش، مع مفتاح بابه القبلى ومفتاح كنيسة الملاك ميخائيل الموصل إلى ساحة كنيسة القيامة، ومنع مرور الأقباط عبر ساحة الدير إلى كنيسة القيامة، إلا فى عيدى الصليب والفصح (يوم سبت النور)، على أن تُشرف الحكومة على هذه العملية فى وقت وزمن معين، ولا يجوز للأقباط الدخول أو المكوث فى غير هذه الأحوال، وإخراج الراهب القبطى من الدير، وإعلان ملكية الطائفة الحبشية للدير بحدوده المعروفة مع الكنائس الداخلية فيه أى كنيسة الملاك ميخائيل وكنيسة الأربعة الأحياء، وفى حالة عدم إنصياع الأقباط لهذا الأمر، يُجرى تبديل الأقفال وتسليم مفاتيحها إلى الأحباش". وإزاء هذا القرار الذى قلب الأوضاع رأساً على عقب، طلب الأنبا باسيليوس من المحافظ، مهلة للإتصال بالمراجع العليا، فرفض المحافظ وقال: إذا لم يُسلّم الدير فى الحال فإنه سيستولى عليه بالقوة"، وقد كان حاضراً مع المحافظ قائد المنطقة وقائد اللواء وقائد المقاطعة وضابط المباحث (وقد كان لذلك مغزى، يمكن أن يفهمه الأنبا باسيليوس). أكد نيافة الأنبا باسيليوس للمحافظ ولكل الحاضرين: " لن أُسلّم الدير". عندئذ طلب المحافظ من قائد المنطقة والضباط الآخرين، بأن يقوموا فوراً بكسر أبواب الدير والكنائس الموجودة به، والإستيلاء عليه، وتغيير الأقفال ووضع غيرها وتسليم مفاتيحها للأحباش. فخضعوا للأمر، ووضعوا قوة من الجنود فى الدير. بإرشاد من الله، قرر الأنبا باسيليوس الذهاب إلى عمان لمقابلة جلالة الملك حسين، فأرسل برقية إلى رئيس التشريفات، طالباً تحديد موعد للتشرف بمقابلة جلالة الملك فى أقرب وقت ممكن. وخشية العبث من الأحباش بالتراث القبطى فى كنيستى الدير والأشياء الموجودة بغرفة الراهب القبطى بعدما طُرد منها بالقوة، أرسل نيافته فى اليوم التالى إنذاراً رسمياً بواسطة كاتب العدل إلى محافظ القدس ضمنه جميع الآثار الموجودة بالكنيستين من أيقونات وأحجبة الهياكل وكتابات قبطية ونقوش وصلبان وأوانى للمذبح، وحمّله فيه كافة المسئوليات فى حالة حدوث أى تغيير أو تبديل أو تلف أو نقص أو فقدان أى شئ من هذه المقدسات نتيجة لإستيلائه على الدير، وأرسل نسخة من هذا الإنذار إلى كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. كما قام نيافة الأنبا باسيليوس بإبلاغ قداسة البابا بكافة التفاصيل التى حدثت وما ينوى نيافته من إتخاذ اللازم. فى 3 مارس سنة 1961م، أبلغت التشريفات الملكية، نيافة الأنبا باسيليوس، بأنه قد تحدد يوم السبت 4 مارس لمقابلة جلالة الملك، وفى هذه المقابلة أوضح لجلالته أن دير السلطان ملك للأقباط ومفاتيحه بأيديهم منذ مئات السنين وأنه ليس للأحباش فيه سوى حق الضيافة وألتمس منه رفع مظلمة وإعادة الوضع الراهن فى الدير إلى ما كان عليه من قبل قرار الإستيلاء، وقدّم مظلمة لجلالته، فوعد بدراسة الموضوع وإعطاء كل ذى حق حقه. وفى 8 مارس، قابل نيافته رئيس الوزراء الأردنى وقدم له فى اليوم التالى مذكرة بشأن دير السلطان، معها أربع صور فوتوغرافية لكنيستيه ظاهر بها ما فيهما من كتابات ونقوش قبطية تثبت بجلاء ملكية الدير للأقباط. فى غصون ذلك، كان قد وجه قداسة البابا دعوة لعدد من أراخنة الأقباط للتشاور فى الأمر، فى إجتماع يعقد بالمقر البابوى فى الساعة الرابعة من بعد ظهر الخميس 2 مارس، وانتهى الرأى فى هذا الاجتماع إلى ما يلى:
1- إن ملكية دير السلطان للأقباط، ويجب أن يحتفظوا به كتراث دينى وتاريخى.
2- عرض الأمر على حكومة الجمهورية العربية المتحدة، للتدخل لدى الحكومة الأردنية للعمل على رد دير السلطان لأصحابه الأقباط.
3- توجيه رسالة من قداسة البابا لجلالة إمبراطور الحبشة، وأخرى لغبطة بطريرك جاثليق أثيوبيا لمناشدتهما إعادة الحالة إلى ما كانت عليه، تمهيداً لبحثها فى جو هادئ.
4- إرسال وفد إلى المملكة الأردنية للتشرف بمقابلة جلالة الملك حسين، والمسئولين فى حكومة الأردن، على أن يحمل رسالة شخصية إلى جلالته من قداسة البابا بشأن هذا الموضوع.
5- تأليف لجنة تنفيذية للأشراف على تحقيق ما تقدم.
كذلك إنعقد المجمع المقدس فى 7 مارس، برئاسة قداسة البابا كيرلس السادس، وأيد المجمع القرارات سالفة الذكر، وشكّل اللجنة التنفيذية المشار إليها من أصحاب النيافة الأنبا يوأنس مطران الجيزة والأنبا بنيامين مطران المنوفية والأنبا بطرس مطران أخميم والأنبا ثاؤفليس أسقف دير السريان، ومن السادة: المهندس يوسف سعد وكيل المجلس الملى العام، والمستشار إسكندر حنا دميان، والسفير عدلى أندراوس والسفير ديمترى رزق والأستاذ إستفان باسيلى وكيل نقابة المحامين. وفى اليوم التالى 8 مارس 1961م، إنعقد المجمع المقدس ثانية، وقرر عدم سفر الحجاج الأقباط لزيارة الأماكن المقدسة فى موسم القيامة إحتجاجاً على قرار مجلس الوزراء الأردنى بالإستيلاء عنوة على دير السلطان وتسليمه للأحباش، وتفويض اللجنة التنفيذية المشار إليها فى إتخاذ ما تراه لازماً لإسترداد الدير. وبدأت هذه اللجنة أعمالها بإعداد مذكرة عن هذا الموضوع لرفعها للرئيس جمال عبد الناصر، فتفضل الرئيس بتكليف القائم بأعمال السفارة المصرية فى عمان ببذل كل مساعدة ممكنة، كذلك إتصل بعض أعضاء اللجنة بالمسئولين فى حكومة مصر وقدموا إليهم صوراً من المذكرة. وتقرر تأليف الهيئة التى ستُوفد إلى الأردن للتشرف بمقابلة جلالة الملك حسين والاتصال بالمسئولين فى حكومته، والوفد مكون من: الأنبا يوأنس مطران الجيزة- الأنبا بنيامين مطران المنوفية- الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج، ومن السادة: المستشار إسكندر حنا دميان- السفير ديمترى رزق- السيد إستفان باسيلى وكيل نقابة المحامين. هذا وقد أرسل قداسة البابا كيرلس السادس برقية إلى جلالة إمبراطور أثيوبيا بتاريخ 10 مارس سنة 1961م، جاء فيها ما يلى:".... فى الوقت الذى طلبتم جلالتكم وساطتنا الأبوية لحل مشكلة دير السلطان، بوصفنا الرئيس الأعلى للكرازة المرقسية، وبينما كنا نبحث هذا الموضوع بالروح المسيحية، وقعت الأحداث الدامية فى أثيوبيا، فاتجهنا للصلاة للرب من أجل عودة السلام للإمبراطورية، وفجأة علمنا مع أعمق الأسى بالقرار الإداري الذى أصدرته حكومة الأردن، دون سلطان، وخلافاً للقانون بالإستيلاء على دير السلطان وتسليمه إلى الأسقف والرهبان الأحباش، الذين بإستعدائهم هذا خرقوا قوانين الكنيسة وتقاليدها وزادوا المشكلة تعقيداً وعكّروا الجو الهادئ اللازم لتحكيمنا الأبوي، وقد أثار ذلك الأقباط كافة ويُخشى أن يؤدى إلى الإساءة للعلاقات بين أبناء الكنيسة الواحدة ما لم تتداركوا جلالتكم الموقف بحكمتكم وإخلاصكم للكنيسة بإعادة الوضع فى دير السلطان إلى ما كان عليه تحاشياً لتفاقم الأمر وصوناً لوحدة الكرازة وتوطئة لإستئناف المباحثات، وفى إنتظار الرد السريع الحاسم، نرجو الله أن يحفظكم ويلهمنا جميعاً ما فيه الخير للكنيسة...". وجاء رد الامبراطور بتاريخ 15 مارس سنة 1961م، جاء فيه ما يلى:"...تلقيت برقيتكم بخصوص دير السلطان، والموضوع سبق أن أثير أثناء حكم الإمبراطور منيليك، وكذا فى سنة 1924م عندما زرنا القدس، ومع أن المباحثة إنقطعت لفترة قصيرة أثناء الحرب فإنه لم تُتخذ أية خطوات مرضية فى المدى الطويل الذى تلاها، وأقتضى ما لوحظ من عدم الإكتراث بتسوية هذه المسألة اللجوء إلى الإجراءات القانونية، ومادام صدر قرار قانونى فمن الصعب الرجوع عنه. ولو كانت قُدمت فى الوقت المناسب إقتراحات لأجل إجراء التسوية لكان من الميسور إيجاد حلول ودية وتفادى المسلك الذى أُتبع، ومع ذلك فيسرنا أن ننظر فى الخطوات التى قد تُتخذ فى المستقبل...". سافر الوفد القبطي إلى القدس يوم الثلاثاء 21 مارس سنة 1961م، ومنها إلى الأردن يوم السبت 25 مارس 1961م وحوالي الساعة الحادية عشر تلقى نيافة الأنبا باسيليوس إشارة تليفونية من رئيس التشريفات الملكية، بأنه قد تحددت الساعة الثانية عشرة والربع للتشرف بمقابلة جلالة الملك. استقبل جلالة الملك حسين الوفد بحفاوة بالغة، وبدأ الأنبا يوأنس مطران الجيزة الحديث، فشرح مهمة الوفد وذكر أنه يحمل لجلالته من البابا كيرلس السادس كتاباً خاصاً قدمه لجلالته مع المذكرة التى أعدها الوفد بشأن موضوع دير السلطان، وأوضح ما له من أهمية خاصة دينية وتاريخية، وما يعقده الشعب القبطي فى مصر من آمال على جلالته فى إعادة الحق إلى أصحابه، ثم تحدث بعده المستشار إسكندر حنا دميان والأستاذ إستفان باسيلى والسفير ديمترى رزق، فأوضحوا كيف أن مجلس الوزراء الأردنى قد جاوز صلاحياته فى القرار الذى أصدره بالإستيلاء على الدير وتسليمه للأحباش، لأن معاهدة برلين الدولية تحظر المساس بالوضع الراهن Status Quo ، ولأن صك الانتداب على فلسطين جعل النظر فى الإدعاءات والحقوق الخاصة بالأماكن المقدسة من إختصاص لجنة معينة. وهنا قال وزير البلاط الذى كان حاضراً هذه المقابلة، أنه قام بتنفيذ توجيهات جلالته بصدد شكوى نيافة المطران باسيليوس مما أحدثه الأحباش من تغييرات فى الدير بعد إستيلائهم عليه، وإنه كلّف محافظ القدس بأن يمنعهم من إجراء أى تغيير إلى أن يُنظر فى الأمر. وأخيراً تكلم جلالة الملك، فقال أنه أمر بإعادة بحث هذا النزاع، وأضاف بأنه يشرفه هو وأسرته أن يُوكل إليهم حراسة الأماكن المقدسة، وأن من واجب الجميع- مسلمين كانوا أو مسيحيين- أن يتضافروا فى الحفاظ على التراث الدينى، وأكد جلالته أنه لا ينشد سوى أن يأخذ كل ذى حق حقه. وإستغرقت المقابلة حوالى أربعين دقيقة. وفى مساء اليوم نفسه، قابل الوفد رئيس مجلس الوزراء وتحدث معه طويلاً مبيناً أن المجلس لا يملك إصدار أى قرار يغير من الوضع الراهن فى الدير، لأن هذا من حق لجنة خاصة تشرف على تأليفها وتعيين أعضائها هيئة دولية كانت قبلاً جمعية الأمم، فاعترض رئيس الوزراء بغضب قائلاً أنه غير مستعد للمباحثة فى هذا الموضوع إذا أصر الوفد على وجهة النظر هذه، فأجاب الوفد أنه بتمسكه بهذا الدفاع لا يعنى أنه غير مستعد لإستعراض قراراته.


**

رجوع دير السلطان للكنيسة المصرية
أبو العز توفيق 25 أكتوبر، 2018 1٬245
دير السلطان






بأمر من جلالة الملك، شكّل رئيس مجلس الوزراء، لجنة مكونة من معالى حسن الكاتب بك وزير البلاط، والسيد إحسان هاشم محافظ القدس، والسيد شكرى المهتدى المستشار القانونى لمجلس الوزراء، لمناقشة الموضوع مع ثلاثة من أعضاء الوفد القبطى وهم: المستشار إسكندر حنا دميان والسفير ديمترى رزق والأستاذ إستفان باسيلى، فى مقر مجلس الوزراء صباح الإثنين الموافق 27 مارس 1961م، وانضم إليهم مجموعة من كبار قضاة المملكة الأردنية. وقد إنعقد الاجتماع فى موعده، وبدأ الوفد القبطى حديثه بالاعتراض على صلاحية مجلس الوزراء فى إصدار قرار للفصل فى ملكية الدير أو إحداث أى تغيير فى وضعه الراهن، حيث أن دير السلطان من ضمن الأماكن المقدسة التى طبق عليها معاهدة برلين الدولية بشأن الستاتوكو. بعد أن استمعت اللجنة الأردنية لمناقشات الوفد القبطى، بدأت اللجنة فى دراسة كل الوثائق والمستندات والحجج الموجودة لدى الأقباط والمستندات والحجج الموجودة لدى الأحباش فى جلسات خاصة. وأخيراً تم الاتفاق على أن يعود الوفد القبطى إلى الاجتماع باللجنة الأردنية فى موعد قريب سيخطر به.

ولم يفت الوفد القبطى أن يشير فى أحاديثه مع اللجنة الأردنية المُشكّلة، إلى ما فى كنيستى الملاك ميخائيل والأربعة الأحياء غير المتجسدة من أدلة مادية تقطع بأن دير السلطان ملك للأقباط، وهى كما يلى:

– أنه يوجد بحجاب كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، فى أعلى باب الهيكل كتابة باللغتين العربية والقبطية محفورة ومطعمة بالعاج، نصها: “السلام لهيكل الله الآب سنة 1103 للشهداء” أى سنة 1387م.
– أنه بأعلى باب هيكل كنيسة الملاك ميخائيل نقشت بالطريقة نفسها العبارة التالية: “عمل برسم الملاك ميخائيل بالقدس الشريف، عوض يا رب من له تعب” ويليها تاريخ صنع الحجاب مدوناً بعلامات كان يستعملها الأقباط قديماً بدلاً من الأعداد، وترجمتها كالآتى:
العلامة الأولى وتُشبه حرف “ط” تعنى8.
العلامة الثانية وتُشبه حرف “لا” تعنى 50.
العلامة الثالثة وتُشبه رقم “20” تعنى 400.
العلامة الرابعة وتُشبه حرف “د” وتحته كسرة تعنى 1000.
العلامة الخامسة هى ” m ” وهى إختصار لكلمة مارتيروس وتعنى “الشهداء”.
فيكون تاريخ صنع الحجاب هو سنة 1458 للشهداء، التى توافق 1742م. (أنظر كتاب الدرة النفيسة فى حسابات الكنيسة- القمص عبد المسيح المسعودي البراموسى). ولما كان الأحباش يجهلون اللغتين القبطية والعربية فمن غير المعقول أن يكتبوها فى كنيستهم، كما أن الزخارف والنقوش والصلبان والأيقونات القبطية الأثرية، كلها تنطق بأن أصحابها أقباط.
وبعد عدة أيام، قامت فيها اللجنة الأردنية بدراسة وتحليل الوثائق والحجج والمستندات التى لدى الطرفين (القبطي والحبشي) قانونياً، فتكشف للجنة أن جميع الوثائق والمستندات التى لدى الأقباط سليمة وقانونية ليس ما فيها أدنى ريب من أن ملكية دير السلطان هى للأقباط وليس للأحباش كما أدعوا. بعد هذه الفترة دُعى إلى مكتب رئيس الحكومة الأردنية، اللجنة الموفدة من قداسة البابا كيرلس السادس بصحبة نيافة الأنبا باسيليوس، وتلا رئيس الحكومة عليهم البيان التالى: “أن الحكومة الأردنية قد قررت تجميد قرار مجلس الوزراء الصادر فى 22 فبراير سنة 1961م، بشأن تسليم دير السلطان للأحباش وإعادة الوضع فيه إلى ما كان عليه، وأخذ مفاتيح الدير من الأحباش وتسليمها للأقباط، وفى حالة إمتناع هؤلاء عن تسليمها تُنزع الأقفال الجديدة التى كانت قد وضعت تنفيذاً للقرار المذكور وأعطيت مفاتيحها للأحباش، وتعاد الأقفال القديمة التى مازالت مفاتيحها بيد الأقباط، مع إزالة كل تغيير حدث فى الدير خلال الفترة التى كان فيها بيد الأحباش وذلك ريثما يتسنى للجنة بحث هذا الموضوع، وأَبلغ وزير البلاط الملكى هذا القرار تليفونياً – فى حضور الوفد- إلى محافظ القدس وكلّفه بالمبادرة إلى تنفيذه”.

دم الوفد بإسم قداسة البابا كيرلس السادس، شكره إلى جلاله الملك وحكومته وقضائه، وعادوا فى نفس اليوم إلى القدس، حيث توجهوا لمقابلة محافظ القدس طالبين الإسراع فى تنفيذ القرار، فأخبرهم أنه قد أبلغ المطران الحبشي بالقرار المذكور وأتخذ الترتيبات اللازمة لتنفيذه. وما كاد نبأ إعادة الدير للأقباط يصل إلى علم الطائفة القبطية بالقدس، حتى غمرتهم فرحة، وتجمعوا رجالاً ونساءً فى ساحة البطريركية مهللين بالهتاف حتى ساعة متأخرة من الليل. أما الأحباش الذين خاب أملهم بعدما أعتقدوا أن الأمر قد إستتب لهم نهائيا، فقد دقوا أجراس دير السلطان بالطريقة الحزاينى وأعلنوا الحداد فى بيان أصدروه فى اليوم التالى جاء فيه: “نحن طائفة الأحباش فى القدس، نعلن أننا لا عيد لنا فى هذا العيد الفصح المجيد، لأننا فى حزن عظيم، نظراً لأن دير السلطان المعترف به لنا أُنتزع منا. لهذه الأسباب دُقت أجراس الحزن ولا تزال تدق حزناً على ما جرى، أننا على أثر ذلك قد منعنا إخواتنا الأحباش من جميع الأقطار الحضور إلى هذا العيد”. فى اليوم التالى (الاثنين 3 أبريل)، طلب المحافظ من مطران الأحباش إستلام كل الأشياء التى وضعها فى الدير أثناء وجودهم فيه، فرفض، وعندئذ أوفد لجنة لجردها فى محضر خاص ونقلها إلى مخفر الشرطة، إلا أنه تبين أثناء عملية الجرد أن الأحباش رفعوا بعض الأيقونات القبطية من كنيستى الدير وإستبدلوا قناديل الأقباط بقناديلهم، ونزعوا العاج من الكتابات الموجودة على حجابى الهيكل محاولين طمسها ونزعوا اللوحة المكتوب عليها وقلبوها، ومحوا كل ما يثبت أنه يمت بصلة للأقباط. وبعدما تمت إجراءات إستلام الدير، عاد الوفد القبطى بسلامة الله إلى القاهرة.

الأحباش يستولون على دير السلطان

عقب حرب 1967م –
فى أعقاب حرب يونيو 1967م، أثار الأحباش مشكلة دير السلطان من جديد، وهذه هى عادة الأحباش، أن يستغلوا بكل طاقتهم كل الظروف حتى السياسية منها، كما لا يتورعوا بالإستعانة بالشخصيات الأجنبية وأسلوب الدسائس، هادفين الاستيلاء كلية على دير السلطان، ومُعاداة إخوتهم الأقباط فى سبيل الحصول على كسب ليس له حق فيه. وبعد أن إنتهت حرب يونيو 1967م، تعهدت السلطات الاسرائيلية، أمام جميع رؤساء الأديان والطوائف المختلفة بإحترام المعاهدة الدولية التى أقرت مبدأ الوضع الراهن للأماكن المقدسة Status Quo وتشمل: كنيسة القيامة- قبر السيدة العذراء الجثسيمانية- دير السلطان- كنيسة المهد ببيت لحم . وكان الوضع قد إستقر على أن دير السلطان هو ملك خالص للأقباط، أما الأحباش فهم مجرد ضيوف فيه، ويخضعوا للنظام المتبع فى الدير، وقد أقرت الحكومة الإسرائيلية ذلك دون الحاجة إلى إعادة البحث فى هذا الموضوع من جديد.

مؤامرة دنيئة:

كانت كل الأمور قد إستقرت حتى أسبوع الآلام من عام 1970م، لكن فى هذا الأسبوع وقعت مؤامرة دنيئة لم يُكشف عن تفاصيلها حتى الآن. ففى ليلة عيد القيامة وبالتحديد فى 25 أبريل عام 1970م، أحاط العشرات من رجال البوليس وحرس الحدود الإسرائيليون مسلحين بكافة أسلحتهم مقر البطريركية القبطية الأرثوذوكسية بالقدس ودير السلطان، مُدعين إنها مجرد إجراءات أمنية عادية خلال فترة الإحتفال بعيد القيامة. وفى أثناء الإحتفال بقداس العيد بكنيسة القيامة، حيث كان كل الأقباط والرهبان والكهنة يشاركون نيافة الأنبا باسيليوس فرحة هذا العيد فى صلاة القداس، قامت السلطات الإسرائيلية بتغيير أقفال الأبواب المؤدية إلى كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، وتغيير أقفال باب كنيسة الملاك ميخائيل الموصل إلى ساحة القيامة، وقاموا بوضع الحواجز الحديدية أمام أبواب الدير ومنعوا الأقباط من الاقتراب من الدير أو الذهاب إلى مقر البطريركية عبر الطريق المؤدى إليها منه. كما آثار الجنود حالة الفزع بين الشعب القبطى. وقد حاول نيافته الإتصال فوراً بالسلطات الإسرائيلية العليا، ومطالبتهم بوقف هذا التعدى على الأماكن المقدسة، والمحافظة عليها طبقاً للمعاهدة الدولية التى أقرتها وتعهدت بها السلطات الإسرائيلية، لكن باءت كل الجهود بالفشل. وقد قامت السلطات الإسرائيلية صباح اليوم التالى بتسليم أبواب الدير للأحباش. وبناء على ما حدث، قامت البطريركية برفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الإسرائيلية ضد الحكومة ووزيرى الشرطة والأديان الإسرائيلين وضد المطران الحبشى، مطالبة إياهم بعودة المقدسات المغتصبة، وتحميلهم مسئولية أى تلف أو فقدان للآثار التاريخية المقدسة داخل هذا الدير الذى ينطبق عليه مبدأ الوضع الراهن للأماكن المقدسة. وقد قامت محكمة العدل الإسرائيلية بمعاينة الدير وما حدث فيه، وقدمت البطريركية القبطية كل الوثائق والحجج الموثقة مع الفرمانات والسجلات الخاصة بملكية الأقباط لدير السلطان. وبعد أن درست المحكمة كل ذلك بدقة، أصدرت قرارها رقم ” 109/71 ” فى 16 مارس سنة 1971م، وفيه أدانت هذا التعدى، وقالت: ” إن ما حدث كان ضد الأمن والنظام العام، وأمرت رئيس الشرطة بإعادة المقدسات المغتصبة إلى أصحابها قبل 6 أبريل سنة 1971م، كما أصدرت حكمها بتوقيع غرامة مالية على كل من وزير الشرطة الإسرائيلي ومطران الأحباش”. لكن السلطات الإسرائيلية لم تستجب لقرار المحكمة، بل أصدرت قراراً مؤقتاً فى 28 مارس سنة 1971م، يقضى بتشكيل لجنة وزارية تقوم بدراسة هذا الموضوع وإبقاء الوضع على ما هو عليه حالياً، وتقديم نتائج هذه الدراسة إلى مجلس الوزراء فى جلسته المقبلة. وحتى اليوم وبعد مرور قرابة ثلاثون عاماًَ على صدور هذا القرار، لم تُقدم اللجنة الوزارية نتائج دراستها إلى مجلس الوزراء الإسرائيلي. ومازال الوضع على ما هو عليه، وما زالت الكنيسة القبطية تعرض قضيتها هذه أمام كافة الجهات الرسمية. ويبذل نيافة الحبر الجليل الأنبا أبراهام، مطران الكرسى الأورشليمى والشرق الأدنى، جهود مضنية فى سبيل عودة الدير للكنيسة القبطية. وقد ذكر رئيس الوزراء المصرى الأسبق الراحل ” كمال حسن على” فى كتابه “محاربون ومفاوضون” : (إن إعادة الدير لملاكه الأصليين، يجب أن يكون لها وزنها عند التفكير فى ميزان تطبيع العلاقات المصرية- الإسرائيلية، ولعل تسليم الدير للأقباط الأرثوذكس يُعد تنفيذاً لأكثر من ستة أحكام صدرت من المحكمة الدستورية العليا فى إسرائيل، بأحقية الكنيسة القبطية المصرية فى الدير. إن منح الحكومة الإسرائيلية هذا الدير للأحباش الأثيوبيين وهو شئ لا تملكه، يعتبر خرق فاضح للسياسة الإسرائيلية).

This site was last updated 11/04/18