جريدة ألأهرام 12/3/2008 السنة 132 العدد 44291 عن خبر بعنوان [ بعد قرار الرئيس مبارك بتمليكهم أراضيهم لأول مرة.. أهالي النوبة في حوار رسمي مع الدولة ] كتب ـ عـبدالفتاح إبراهـيم:
لأول مرة وبعد قرابة نصف قرن من الزمان يلتقي أبناء النوبة وزراء من الحكومة وممثلين من الجهات المعنية لتنفيذ قرار الرئيس حسني مبارك بتمليك ابناء النوبة لاراضيهم.. حسما لقضية كثرت المتاجرة بها دون وجه حق.
ويقول مسعد هيركي ـ رئيس النادي النوبي.. قرار الرئيس مبارك أعاد الاطمئنان لابناء النوبة بعدما شعروا في وقت من الاوقات بأنهم أقلية في بلدهم فلاول مرة وفي مؤتمر رسمي يشارك به وزراء الزراعة واستصلاح الاراضي والموارد المائية والاسكان والتضامن الاجتماعي ومحافظ اسوان الي جانب ممثلي الوزارات والجهات المعنية في حوار مباشر مع ابناء النوبة بعيدا عن المزايدات رغم انقسام ابناء النوبة انفسهم بين مؤيد ومعارض للجهود المبذولة من أجل التوطين حول بحيرة السد العالي حيث الموقع القديم للنوبة.ويضيف رئيس النادي الذي تأسس في يناير عام1969: بان الملف النوبي علي مدي43 عاما منذ تم تهجير النوبيين الي كوم امبو في اسوان حيث أنشئ السد العالي وهاجر منهم الي مدن القناة والاسكندرية وقنا ولم يشهد سوي تدويل لصراخات لم تجد من يديرها من أجل مصلحة ابناء النوبة حيث انتقلت القضية لشكل يحوي الفكر الجديد والرؤية الاشمل للتعامل مع القضية لتكون هادفة والابتعاد عن الشكل الفردي حتي يمكن الدخول بشكل جماعي مع الجهات المعنية والتحاور معها من أجل تقديم الخدمات التي دخلت حيز التنفيذ بدلا من التشعب والصراخات وحتي لا تتحول القضية النوبية بين مغترب خارج ارض النوبة وبين مهاجر في محافظة آخري فضلا عن أن هناك من لم يرحلوا بعيدا عن الوجه القبلي.
ويشير رئيس النادي.. ففي نصر النوبة ـ بكوم أمبو ـ بمحافظة اسوان ـ سكن العدد الاكبر من ابناء النوبة الذين رفضوا الرحيل وسكنوا منازلهم التي قدمتها الحكومة منذ43 عاما شهدت التصدع نتيجة عدم صلاحية الارض للبناء وحاجة1792 منزلا منها لعمليات الاحلال والتجديد والبعض الي الاحلال الجزئي والبعض الي الترميم مما دفع النادي والمحافظة لعمل مسح شامل لمنازل النوبيين فهناك حصر يؤكد أن1113 منزلا في حاجة لاحلال كلي و231 منزلا لاحلال جزئي و448 منزلا في حاجة الي ترميمات بتكلفة تصل الي146 مليون جنيه فيما تم طلب تحديد المدد الزمنية التي تتطلبها عمليات الاحلال والتجديد.
ويقول مسعد هيركي رئيس النادي النوبي لما كانت الاصوات تتسابق مطالبة بالتوطين حول بحيرة السيد العالي بدأت خطوات ايجابية من جانب النادي في مناقشات مستفيضة مع السيد سمير يوسف محافظ اسوان بناء علي رغبة ابناء النوبة بالعودة حيث الموقع القديم وجاء قرار المحافظ بتخصيص200 مليون جنيه لانشاء5 قري للنوبيين علي ضفاف بحيرة السد العالي يتم خلالها تسكين5221 اسرة من المغتربين النوبيين وتم ارسال اسماء الاسر المستفيدة من انشاء القري الخمس لكافة الجمعيات النوبية في القاهرة ونصر النوبة بكوم امبو وقنا والمقيمين بمدن القناة للحصول علي خطابات رسمية من رؤساء الجمعيات والمجالس المحلية والعمد والمشايخ لبيان مدي رغبتهم في الاقامة حول البحيرة باعتباره حلما يراود ابناء النوبة بعدما اصبح حقيقة بقرار محافظ اسوان باقامة الـ5 قري وتخصيص الـ200 مليون جنيه حيث رغبوا في الحصول علي10 الاف فدان علي ضفاف البحيرة بجوار منازلهم الجديدة فجاءت الاستجابة السريعة وتم تخصيص الافدنة لاقامة مشروعات صغيرة عليها لصالح المستفيدين لاحياء تراث النوبة وبالفعل تم الانتهاء من انشاء43 قرية علي ضفاف البحيرة( جرف حسين ـ توماس ـ عافيه ـ كلابشة) بواقع350 منزلا ومن خلال خطة توسعات مستقبلية ستصل الي10 قري علي ان تكون القري الـ5 الجديدة لشباب الخريجين للقضاء علي فترة تأخر سن الزواج بين الشباب وارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات النوبيات وحتي لا يمثلوا عبئا علي كاهل الاباء الذين يتحملون العبء.
ويختم رئيس النادي النوبي بأن الحلم اصبح حقيقة فلاول مرة يعقد علي ارض مصر مؤتمر لابناء النوبة يوم22 مارس الحالي ويشهده4 وزراء من الحكومة ومحافظ اسوان لتذليل كافة العقبات مع الجهات المعنية لتنفيذ قرار الرئيس مبارك بتمليك ابناء النوبة لاراضيهم حول بحيرة السد العالي وعلينا الاستفادة من الاستثمار الذي تقدمه الحكومة بما يعود بالنفع علي أهل النوبة.
*****************
وصف الرحالة «ديتون» لعمائر النوبة، أثناء الحملة الفرنسية على مصر عام ١٧٩٨، حيث ذكر أنها تمتاز بالروعة فى مظهرها، وتتناسق عمارتها، برغم إقامتها من اللبن الممزوج بجريد النخيل وجذوعه.
كان للبيت النوبى القديم سور خارجى، به بوابة من الطوب اللبن، تعلوها باكية يغلقها باب خشبى، حيث تقودك تلك البوابة لفناء مكشوف، تحيط به غرف الدار من جميع الجهات، ولا يزال البيت النوبى رغم موجات التحديث يحتفظ بطرازه المميز، حيث يتم بناء الجدران الخارجية للبيت النوبى على قطعة مربعة أو مستطيلة من الأرض، تتسع لصحن داخلى تتوسطها مكونات الدار وهى، مدخل البيت،
ويوجد به المندرة المخصصة لاستقبال الضيوف، ثم الفناء الذى يعرف فى النوبة باسم «الحوش السماوى»، وتحيط به غرف النوم التى يطلقون عليها «القباوى»، يجاورها فى أحد الأركان «المخزن» الذى يحتوى على كل احتياجات المنزل من غلال، ثم المطبخ الذى يعرف فى النوبة باسم «الديوكة»، ثم الحمام، وفى مواجهة بوابة المنزل فى الفناء ترى «المزيرة» الخاصة بوضع «أزيار» الماء، وتضم «المزيرة» النوبية ٣ عيون يوضع بكل منها «زير» مخروطى الشكل.
وللبيت النوبى باب رئيس خاص بدخول النساء والخروج منه، دون المرور بجوار المضيفة، يعرف هذا الباب عند عرب العليقات باسم «نقادة»، وعند الكنوز والفديجا، باسم «السر». ويتجسد عشق النوبى للألوان والزخارف فى تصميم بيته، حيث تزين جدران المنزل من الخارج بنقوش شبه غائرة، تجمع بين الأشكال الهندسية، وصور الكوكب والنجوم. كما يلجأ النوبى فى تزيين بيته لاستخدام أطباق خزفية ترشق فى الجدران، وتحمل غالباً اللون الأبيض أو الأزرق، وهما لونان يحملان دلالات تراثية لدى النوبى، لمنع السحر والحسد.
ومن الممكن أن ترى فى أعلى بوابات البيوت النوبية غزلانًا أو تماسيح أو طيورًا محنطة. ولا تخفى عليك لمسات المرأة النوبية عند دخولك البيت هناك، فالنظافة الشديدة هى العنوان الأول فى كل البيوت، يليها الاهتمام ببعض التفاصيل التراثية التى تتضح معالمها فى سلال الخوص، وأشغال الخرز، وأكلمة الصوف التى تزين الأرضيات بألوان غاية فى الإبداع، إلى جانب لوحات جدارية يرسمونها على الحائط لتجسد حياة النوبيين اليوميةلمقارنة بين مساحة البيت النوبى القديم، ومساحة المنازل التى بنتها الحكومة فى قرى التهجير، قد تعطيك بعض الإجابة عن سبب رفض النوبيين ممن تم تهجيرهم تلك البيوت، فالبيت النوبى القديم كما فى منطقة غرب سهيل على سبيل المثال، تتراوح مساحته بين ٥٠٠ و٢٠٠٠ متر، بينما البيت فى قرى التهجير لا تزيد مساحته على ٣٠٠ متر.