Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

البابا خائيل الأول البطريرك رقم 46

ذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أبو المكارم والبابا خائيل

مصر ونهاية الحكم الأموى

رجال الله الأبطال يواجهون الموت

 الكرسى الشاغر وديمقراطيه الشعب القبطى

 بالنسبه للكنيسة القبطية حدث أنه بعد وفاه  ثيؤودورس البابا رقم 45 إستمرت نار الإضطهاد  قائمه بلا هواده فلم يتمكن الأقباط من إنتخاب خلف له وإنشغل الأساقفه فى جمع رعاياهم وتثقيفهم وشفاء جروحهم سواء الجسميه او المعنويه لأن القاسم الوالى قد أمر بالجلد علنا لمن ليس له القدره على دفع الجزيه مع أن ما أقره عمرو بن العاص هو عدم جلد أو تعذيب الأقباط بسبب الجزية كما كان يفعل البيزنطين والرومان من قبلهم ، وظل كرسى مرقس الرسول شاغرا لمده 3 سنين   

ومما زاد فى صعوبه إختيار البابا الإنشقاق الذى حدث بين كهنه كنائس الإسكندريه التاوضوسيون ( نسبه إلى تاودروروس البابا السابق ) وكهنه باقى القطر المصرى ، وفى نفس الوقت سمع الخليفه هشام بالفظائع التى إرتكبها القاسم بن عبيد الله الوالى على مصر وتحرك المسلمين والمسيحيين عليه بالثوره ، فإستدعاه الخليفه مقبوضاً عليه وكان فى ضيق شديد فى حراسه كتيبه من الجند خوفا عليه من بطش المصريين ، وعندما علم الأقباط أن الوالى سيغادر مصر قصدوا دار الولايه ليبلغوه برغبتهم فى إنتخاب راعيا لهم ويأخذوا أمراً بإنتخاب بابا فلم يجدوه وعلموا أنه فى طريقه لمغادره مصر فعلا فلحقوا به فى بلبيس ، وطلبوا منه السماح لهم بإقامه بطريرك فطلب منهم رشوه فأبوا أن يعطوه ، فقال ثيؤودوروس أسقف بابليون الى مويسيس أسقف أوسيم ( محافظه الجيزه حاليا): " تأمل يا أبى سلوك القاسم وشره الذى زاد عن كل ما رأيته وسمعته أثناء إقامتى فى بابليون0" فقال أسقف أوسيم " إغفر لى يا أبى لأنه أن عاد الوالى الى مصر ثانيه فلا يكون الله تعالى تحدث على فمى أنا الغير مستحق "  

الحكام المعاصرون

00وتحققت نبؤه أسقف أوسيم بل أن الخليفة أرسل وأخذ كل ماله وعبيده وجواريه وسراريه وأستولى عليها إذ خلع الخليفه والى مصر القاسم بن عبيد الله وعين مكانه والياً إسمه حفص بن الوليد الحضرمى وكان له مكانه بين مسلمى مصر – وكان سنياً على مذهبهم  

وعندما وصل الوالى الجديد قابله الأساقفه والأراخنه ألأقباط وطلبوا ان يأذن لهم بالتشاور لإنتخاب البابا فمنح لهم الإذن فى الحال ، وعلى الفور إجتمعوا فى كنيسه الأنبا شنوده حيث قاموا بالصلاه وبعدها مكثوا فى فتره صمت ، وإستمروا عشره أيام فى صلاه مستمره وإقترح البعض إسم راهب إلا أنهم لم يقتنعوا به ، ثم إقترحوا إنتخاب ابرآم أسقف الفيوم وكان طول حياته عابدا وناسكا فى بريه وصحراء دير أبى مقار ولكنه كان ضعيفا لكبر سنه , وكان من الموافقين عليه مويسيس أسقف أوسيم , ومينا أسقف تمى  ويعقوب أسقف سهرجت , وإسحق أسقف سمنود وأبراها أسقف بلبيس  وبطرس أسقف ترنوط ، خايل أسقف أتريب فلم يستقر رأى المجتمعين عليه ، وفى اليوم التالى قدم أحد الشعب إسم أحد الأساقفه فقال أسقف بابليون: " إذا رضى به الجميع فهو أصلح من سواه0" وذهب كهنه الأسكندريه إلى حفص الوالى وسألوع أن يأذن لهم فى إختيار بطريرك فقال لهم : " إذا إستقر رأيكم على إنسان إحضروه إلى حتى أبصره " فخرجوا من عنده وذهبوا إلى كنيسه الأنبا شنودة وصلوا وجلسوا وكان كل واحد من الشعب جالساً مع أبيه الأسقف بمدينة الأسكندرية فى سكينة ووقار وكانت وجوه الأساقفه والشعب مطرقه للأرض صغيراً وكبيراً وبعد الساعه السادسة رفع الأنبا مينا أسقف تما وجهه وقال بصوت خافت لأنبا أبرآم أسقف الفيوم : " يا أبى أغفر ما تراه ما نحن مجتمعون بسببه " فقال له : " يا أبى السيد المسيح والقديس مار مرقس الرسول يدبر الأمور كلها لأنه رئيس نفوسنا وأجسادنا "  ووقفوا وصلوا فلما إنتهت الصلاه إتفقوا أن يعاد الإجتماع اليوم التالى , وفى ثانى يوم إتفق أساقفه الوجه البحرى فعلم أبنا ابراهام أسقف الفيوم يإتفاقهم فقال لهم أنبا بطرس أسقف ترنوط ( كان قد أمضى معظم حياته فى بريه أبى قطر وهو حسن السيرة جيد الأفعال والأقوال وكان كبير السن ذو حكمة ): " إحذروا أن تضعوا يدكم على الذين يقدمونه لكم بدون إتفاق الجميع عليه " فقال الشخص: " من حق الشعب الإنتخاب وما على الأساقفه إلا الرسامه0"  فقال أسقف الفيوم: " لكم الحق أن تنتخبون أى إنسان إذا كان موافقا ، وإذا رأى الأساقفه أنه صالحا سنقوم برسمه وإن لم يكن صالحا فلن نقوم برسمه0 " وإنقسمت الأراء الى قسمين الرأى الأول يؤيده كهنه الإسكندريه وبعض الأساقفه الذين إتفقوا على أختيار واحد وقالوا: " لا نرسم سواه0" أما الرأى الثانى الذين هم أساقفه الصعيد فلم يكونوا موافقين عليه وإستمر الإنقسام لمدة عشر أيام فى يوم 14 توت حدث خلاف عظيم تسبب فى حزن وبكاء بعض الأساقفه من عدم الإتفاق على رأى واحد وصرخ أساقفه الوجه البحرى وكهنه الأسكندرية قائلين : " إن لم تنتخبوا هذا الذى كتبنا إسمه ورشحناه فلن نرضى أن يكون هناك بطريركاً " فحدث إنشقاق كبير فطرح الله فى قلوبهم فكراً أن يحضروا الأنبا موسى أسقف أوسيم وقد ظل مريضا لمدة ستة شهور والأنبا بطرس أسقف ترنوط للفصل بين الفريقين والحكم بينهما  ولم يكونوا مع المجتمعين ولم يحضروا المناقشات الأخيره لأن الأول كان مريضا والثانى معه مقيمين بجبل أوسيم بدير نهيا فى بر الجيزه الغربى فأحضروا الأنبا موسى محمولا على قطعه من الخشب نظرا لضعفه وعدم قدرته على ركوب دابه ، أما بطرس فقد أتى الى الإجتماع ممتطيا دابه وكان معهم جمع كثير 0

 

وإجتمعوا فى اليوم الثامن من الشهروحضر كهنه مصر والصعيد وكان معهم أرشدياكن كنيسة القديس أبى سرجة والشيوخ والأراخنة منا وبولس وكثير من كبار وفادة أهل مثر ( القاهره) ولما بدأت المناقشات وتشبث كل حزب برأيه وزاد الشر ، قال أساقفه الوجه البحرى : " لن نرسم إلا ما هو مكتوب فى أوراقنا " وقال الأنبا أبراهام أسقف الفيوم : " ما له معنا نصيب " ثم قال أيضاً : " إن سمعتم منى طلبنا إلى الرب جميعنا كما أمرت القوانين ونطلب منه أن يرشدنا فى الإختيار ولا يقسم الكنيسة إلى قسمين " فوفقت مجموعه من أساقفه الوجه البحرى ولم يوافق أساقفه الصعيد فتحامل الأنبا موسى على نفسه بعد أن كان راقدا على قطعه خشب من شده آلام المرض والسفر وقال لكهنه الأسكندرية : " ماذا تقولون أنتم " فقالوا ما يقوله أبونا الأنبا مينا أسقف تمى هو رأينا ونحن الذين نرشح البطريرك وليس أنتم "   ، فغضب من هذا الإنشقاق وكان بجانبه جريده يتوكأ عليها فأمسك بيده هذه الجريده (فرع من النخيل) فقام متكئاً عليها ثم جرى خلفهم وضربهم بالجريدة حتى أخرجهم من الباب وكان يقول لهم بصوت عال : " أخرجوا من بيننا لا تخربوا وتقسموا كنيسة الرب لأجل شهوات قلوبكم " وطرد بعض كهنه الإسكندريه الذين كانوا أكثر تعصبا وشغبا ، تماما كما طرد سيدنا المسيح الباعه من الهيكل ، ثم إلتفت إلى الأنبا مينا ومن معه من أساقفه الوجة البحرى وقال : " أنه لا يوجد بينى وبين الأنسان الذى إخترته شيئاً ولكن هذا الأنسان لم يختارة السيد المسيح وأنت تريدة وتفرح به , وإن كنت تعرف شيئاً من فضائلة أذكرها لنا فى وسط هذا الجمع وإن رضينا به كان هذا أمر الرب يسوع " فلما سمع الأنبا مينا قال الكتب أنكرت هذا ومن رأيتم صلاحع قدموه للأنتخاب ثم صنع مطانية وقبل أن يخرج قال : " إذا إتحدتم وإتفقتم أمون أنا برئ من هذا " وخرج الأنبا مينا وذهب كل واحد إلى مكانه بعد الساعة السادسة والكل فى حزن شديد وكآبه فلم يجدوا إنساناً يتفق عليه الجميع  وإنقضى النهار دون الإتفاق على واحد0ونام الكل معا والكل أفكاره منشغله بموضوع الإنتخاب

 وفى نصف الليل إستيقظ شماسا كان مرافقا للأنبا موسى وقال له: "أغفر لى يا أبى أنى أيقظتك فى هذا الوقت  أنا أعرف إنسانا يستحق الإنتخاب دون غيره0 " فسأله عنه فقال: " هو القس خائيل ببيعه أبى مقار وهو إنسان فيه روح الله بتول وطاهر وتربى فى دير الأبنا مقار كما أنه مشهور بالتقوى والعلم0" وكان الأنبا بطرس فى نفس المكان فصرخ قائلا: " هذا الشماس تكلم بروح المسيح إن هذا القس ميخائيل مستحق هذه المنزلة0 " وفى الصباح إجتمعوا مره أخرى وذكر كل من أسقف اوسيم والأنبا بطرس ما حدث فى الليله السابقه وسمع المجتمعين إسم القس خائيل أجمع الكل على إنتخابه وقالوا بالحقيقة هذا المستحق " وتوجهوا الى الوالى لإخباره برأيهم وسألوه أن يكتب لشيوخ وكهنه وادى هبيب ليسلموا لهم القس خائيل وبينما هم ذاهبين قابلوه فى الطريق مع بعض الرهبان فأخذوه من الدير ومضوا به الى الوالى وإلتمسوا منه رفع الأتاوه ( المبالغ )الباهظه التى كانت تدفع كرشوه لمجرد  الموافقه على إنتخاب البطريرك فوافق الوالى فشكروا المسيح على هذا العفو  كما وافق الوالى على إتمام المراسيم الدينيه وكان الشعب يقطعون من ثيابه للبركة  0وأقاموه بطريركا فى إحتفال عظيم فى 17 توت سنة 739 م بالأسكندرية وخرج جميع الأقباط بالأسكندرية خلق بلا عدد ولما وصلوا إلى شوارع المدينة تحرك الركب بالشموع والصلبان والأناجيل وحدث بعد رسامته أن هطل مطراً غزيراً على أرض مصر وإستمر ثلاثه أيام فتفائل الأقباط خيراً به وتفائلت قبائل المسلمين خيراً أيضاً وقالوا مبارك دخول هذا الرجل مدينتنا وذلك لإنقطاع المطر عن مصر لمده سنتين .  سمى البابا ميخائيل نفسه خائيل لتواضعه حتى لا يكون إسمه كإسم رئيس الملائكه ميخائيل 0 وفى هذه الأثناء تنيح أثناسيوس بطرك أنطاكية وجلس بعده يوحنا

 

قتل الخليفة وتولى القاتل الخلافة

 

مات الخليفة الأموى هشام بن عبد الملك وتولى الخلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك وكان المسلمون يبغضونه ويكرهونه , ولما رأى ذلك هذا الخليفة الأحمق أنشأ مدينة فى الصحراء ( البرية ) ليطلق إسمه عليها  وجعلها عاصمة خلافتة , وكان الماء بعيداً عن موقع المدينة بحوالى خمسة عشر ميلاً فجمع الناس من كل مكان فى ولايات خلافتة لتهمل وتسكن فى مدينتة , فمات كثير من العمال من العطش وقلة الماء ولم يرجع الظالم عن ظلمه  وأمر بأن يحمل الماء لإحتياجات المدينة على ألف ومائتا جمل وقسمهم بالتناوب ستمائه جمل تعمل يوما وستمائه تحمل الماء اليوم التالى وكان الماء المنقول لا يكفى إحتياجات أهل المدينه والعمال, وكان يموت كل يوم كثير من الناس من ساكنى مدينتة , فوثب عليه رجل إسمه إبراهيم من بنى أمية وقتلة وإستولى على الخلافة وأطلق السرارى والشعب فذهب كل واحد إلى مدينتة  

البابا خائيل وعصر المعجزات: 

عاصر البابا خائيل الخليفه هشام بن عبد الملك الذى عين قاسم ثم حنظله بن صفوان واليا على مصر 119هجريه 736م - والخليفه الوليد بن يزيد الذى عين حسان بن عتاهيه واليا - والخليفه مروان  بن محمد الذى عين حوثره بن سهيل واليا - ثم عين الخليفه عبد الملك بن مروان واليا بعد حوثره - والخليفه أبراهيم ومروان والخليفة عبدالله ابو العباس الملقب بالسفاح - والخليفه عبدالله أبو جعفر المنصور _  والخليفه محمد بن منصور والمهدى00 وبهذا يكون البابا ميخائيل قد عاصر نهايه الحكم الأموى وبدايه الحكم العباسى0  

 إستقل البابا خائيل المنتخب مركبا ليذهب الى الإسكندريه ، وخرج الأقباط من قراهم يلوحون ويهللون للراهب المنتخب ومن معه وهو على المركب وهم على ضفتى نهر النيل العظيم ، والبعض خرجوا ينشدون الألحان الدينيه ، وإضطر البحاره أن يوقفوا المركب عده مرات ليمكنوا الشعب من تحيه رجل الله المنتخب ، وإمتلأ النهر بالمراكب المرافقه ، والممتلئه شعبا ،  ورست المركب المقله للراهب خائيل ومن معه على الشاطئ بالقرب من أوسيم ليأخذوا أسقفها ، ورست أيضا المراكب ألأخرى  وحدث ان نزل بعض المؤمنين فى أوسيم وكان لهم قريب مريض بالفالج لمده 15 سنه  فحملوه للأ سقف موسى ( مويسيس) أسقف أوسيم وكانت المراكب راسيه على شاطئ النهر ، وعندما إقترب المريض من رجل الله أمسك بملابس الأسقف ولم يتركه وصرخ  إليه متوسلا : " يا أبى إرسم على علامه الصليب ، إرسمها فقط ، يابويا أنا مؤمن ، أنا مؤمن أنى سأشفى0 "  فما كان من القديس موسى إلا أنه رسم علامه الصليب وصلى ثم نفخ فى وجهه ، فقام المريض فى الحال ومشى وهو يسبح الله فرحا ، وإنضم الأسقف أوسيم الى الركب ، المتوجه الى الأسكندريه ، وحمل الأقباط الأناجيل والشموع والصلبان والمباخر يرنمون فرحين قاصدين الكنيسه المرقسيه ، وأصبح خائيل هو البابا رقم46 ورسم فى 17 توت سنه 445 ش 739م وحدث بعد رسامته أمرا عجيبا أن هطل المطر وإستمر ثلاثه أيام بعد إنقطاع دام سنتين فتفائل الناس وإستبشروا خيرا برسامه قائدا ورجلا من رجال الله الأتقياء وإعتبره البعض علامه فرح من السماء ، ولم يذكر المؤرخين إسمه قبل رسامته إلا أنه عند رسامته بابا كان الإسم المقترح هو ميخائيل رئيس جنود ملائكه الله ، فرفض البابا أن يكون أسمه مثل ملاك الله وفضل أن يكون إسمه خائيل ومعناه الأخير وكان هذا التواضع هو عظمه رئيسا وقائدا عظيما من بطاركه كنيسه الإسكندريه مقارنه بينهم وبين رؤساء الكنائس الأخرى ورؤساء العالم المدنيين ، وفى إعتقادى الشخصى أن إسمه الذى إختاره كان بمثابه تحقيقا لأمر إلهى بإنهيار الحكم الأموى ، لإن الله إختاره للنضال مع آخر خليفه أموى ،  و كان هناك تشابها ملحوظا لهذا الخليفه الأموى مع نيرون القيصر طاغيه روما الشهير ، وسجل كلا من مروان بن محمد ونيرون الطاغيتين أعمالهما الوحشيه فى الجانب المظلم من التاريخ وأخيرا سقط عتاه الظالمين0 فكان البابا خائيل(الأخير) إسما على مسمى لأنه كان البابا الأخير فى الحكم الأموى0 

الإضطهاد: 

مات الخليفه العادل هشام وخلفه ابن اخيه الوليد بن يزيد الذى عين حسان بن عتاهيه واليا على مصر وفى مده 4 سنين توالى على كرسى الخلافه أربعه خلفاء0وسار الولاة الذين عينهم الخلفاء الأربعه فى طريق الحكم بالظلم والبطش والإرهاب وفرض ألأتاوات ، وإضطر الأقباط أن يعيشوا فى بؤس لا مثيل له فى ظل عدم ثبات الحكم ، وإضطر الأقباط الى بيع ممتلكاتهم او مقتنياتهم وقبض ثمنها الولاه ، ووصل الأمر أن بعض الأقباط باعوا أولادهم كالعبيد خوفا من قتلهم بيد الولاه الظلمه ، وهجر الأساقفه كنائسهم وفروا من بطش الأشرار وإلتجأوا الى الجبال والكهوف الغير مأهوله ، وإعتنق الكثير فى هذا العصر الإسلام كرها ، أو تخلصا من الإضطهاد الشديد ، او بعد أن وعدهم الولاه أن ينطقوا بالشهادتين ويظلون على دينهم المسيحى ، ومسلمين إسما ، والمساكين لا يعرفون قانون الرده الذى يأمر بقتل كل من يرتد ويترك الإسلام الى دينه ، وكانت النتيجه أنهم بخدعه سرقوا منهم إيمانهم المسيحى كما كانوا يسرقون تعبهم وعرقهم وأملاكهم وأرضهم بالجزيه والأتاوه والنهب والسلب ، وإعتنق الإسلام فى هذه الفتره الوجيزه 24000 أما أسقف أوسيم فكان يعزى البائسين ويجبر قلوب الحزانى ويساعد المحتاج ويقوى  الذين ضعفوا فى الإيمان ، وكان هو وكيل البابا خائيل

 

أرسل الخليفة القاتل إبراهيم والياً جديداً على مصر يقال أنه إبن عمة إسمه حسان بن عتاهية وقال مؤرخ آخر أن تولى عيسى ين أبى عطا ولاية مصر وكان كاتباً لأسامة , وكان رخاء فى مصر فى أيام ولاية أسامة وكان الذهب كثيرا مع الناس , والدينار كان مثل الدرهم هذه الأيام , ولما وصل الوالى الجديد عم غلاء ووباء فى البلاد ووصل ثمن العجل الصغير عشرون ديناراً , وأخبره أصحابه ومستشارية بضيقة أهل البلاد والغلاء , فقال: " أنا أعرف كيف أتعامل مع أهل مصر وإن عشت فسةف أدعهم يشترون النور بدينارين " – وكانت النتيجة أن خسر أهل مصر خسارة كبيرة وجوع شديد وتعب , فباعوا ممتلكاتهم ثم بهائمهم ليسدوا رمق الجوع ولما لم يجدوا شيئاً باعوا أولادهم أيضاً والوالى المسلم لم يرحمهم 0

 

تمرد المسلمين فى مصر

 

وحدث تمرد من المسلمين فقام صبى يدعى رجاء كان مساعداً لحفص الوالى السابق فحشد جنوداً وإستولى حفص بالقوة على الولاية وأصبح حاكم مصر الوحيد عندما هرب حسان بن عتاهية إلى دمشق فى هذه الأثناء أصدر حفص أمرين أولهما :-

·        أن يصلى المسلمين فى مصر بصلاة السنة

·        أن كل من يتخلى عن مسيحيته ويصير مسلماً لن تؤخذ منه جزية فأضل الشيطان كثيراً من الأقباط طمعا فى المال والراحة والحصول على مورد رزق ثابت – والحقيقه أن شيطان المسلمين إنما يفعل معهم كما فعل مع الإبن الضال الذى إشتهى أن يأكل طعام الخنازير- وشجعهم على الإنضمام إلى الجيش وهو يعرف تماماً أن أى تمرد سوف يواجه بجيش متمرن فمان الأقباط الذين أسلموا هم ضحايا مؤامرات للوصول إلى السلطة 

وكان الأنبا ميخائيل يرى ما يحدث لأولاده فإعتراه حزن شديد وكان يبكى حينما يرى أقباطا تجحد المسيح , وهرب كثير من الأساقفة إلى الصحراء تصلى إلى الرب , أما أنبا أوسيم مسكه أولادة ولم يطلقوه يذهب إلى البرية , وقالوا له : يا ابانا صلى هنا معنا مع رعيتك وسنواجه مع المسيح الذئب الشيطانى الخاطف لئلا يخطفهم وهم بدون راعى " وكان هذا الأسقف يفعل المعجزات بإسم المسيح ويعطى توبه لأولاده 0

وذهب إليه أراخنة مدينه مصر ( القاهره = بابليون والفسطاط ) وكانوا حزانى جداً وقالوا : " لقد أحصينا من أخوتنا من بنو المعمودية وغيروا دينهم إلى الإسلام كان أربعه وعشرين ألفاً على يد هذا الوالى " فقال لهم الأنبا مويسيوس : " يا أولادى آمنوا أن فى هذا الشهر سوف تنزرون بأعينكم هذا الوالى الظالم الكافر حفصاً سيحرق جسدة بالنار فى وسط فسطاط مصر ويقتل رجاء بالسيف " وحدث أن تمت نبؤته بسرعة ولم يمر الشهر حتى تحققت نبؤته 

 وأرسل الخليفة جيشاً مؤلفاً من خمسة ألآف مقاتل بقيادة الأمير حوثرة لقمع المتمردين المسلمين فإنتصر جيش الخليفة وقيد حفص الوالى السابق وحرقة بالنار وهو حى فى وسط الفسطاط وقتل رجاء بحد السيف لأنهما تمردا على حسان , وأصبح حوثرة والياً على مصر .

 وسيطر مروان بن محمد الملقب بالحمار على الخلافه مغتصبا الخلافه من الخليفه إبراهيم بن الوليد ، وعزل والى مصر حسان وعين بدلا منه حوثره بن سهيل فأراح الأقباط من الظلم ، وصرف البابا وقته فى قبول توبه بعض الذين أنكروا الإيمان المسيحى بعد أن أجبروا على تركها مكرهين ، وأمتاز حوثره بالحكمه وإتساع الأفق ، وقوه المنطق والثقافه الواسعه ، وحاول الإطلاع على مختلف الإتجاهات الفكريه والدينيه حتى شبهه معاصروه بالملك سليمان ، وبدأت حكمته فى إتباع خط العدل وإنصاف الحق للمظلوم ، الذى تميز به الملك سليمان الحكيم ، فتهلل خائيل البابا وفرح بوجود شخص بهذه المميزات يحكم مصر فبادله الزيارات ، وأخذ الوالى مشورته فى بعض أعماله ، وتوطدت الصداقه بينهم ، أما الصداقه المتينه فقد كانت بين الوالى والأسقف موسى أسقف أوسيم ، ومكث حوثره فى أوسيم حتى يكون على مقربه من القديس موسى ومكث ثلاث سنوات هو وجيشه فى أوسيم وقال ابن المقفع أن : " الأمير حوثره كان يشاور الأب أنبا مويسيوس على خلاص نفسه " فهل آمن الأمير بالمسيح ؟ فكلمة يشاورة على خلاص نفسة لها دلالة إيمان بالمسيحية  فعاشت مصر فى سلام فى هذه الفتره0 

قتال على الخلافة

حدث إضطراب فى البيت الأموى وقتال بينهم على من يستحق الخلافة وكانوا يقتلون الواحد تلو الآخر حتى أن الخليفة كان لا يستمر أكثر من سنة واحدة فى الحكم ثم قام مروان من هو أكثرهم دموية وأباد معارضية , وقال عنه إبن المقفع : " لم يستطع أحد مقاومته وكان كل سنة يسفك دماء كثيرة لمن يقاتلة " سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904      ج2 ص 150

ظلت مصر هادئه لمدة خمس سنين حتى عزل حوثرة وتولى مكانه عبد الملك بن موسى بن نصير من جنس حسان اليهودى ( يعتقد أنه من يهود المغرب ) وكان يبغض المسيحين جداً فأنزل تعباً شديداً على أهل مصر وفعل أموراً عظيمة فى مصر , وأخذ كل ما كان تقع عليه يداه ويرسلها إلى مروان كالذهب والفضة والنحاس والحديد .. وكان يصاحب رئيس الصناع فى مصر وأسمة عبد الرحيم  وقد إخترع إختراعاً ضد النار التى كان يرميها البيزنطين على المراكب الحربية ويحرقونها مكون من اللنطن وعقاقير أخرى خلطها مع بعضها البعض ودهن بها المراكب ثم ضربت المراكب بالنار فلم تحترق وكانت النار تنطفئ فى الحال

 

الملكيون (الأروام) يريدون الإستيلاء

على كنائس ودير مارمينا بمريوط

 

وكان هناك شماس خلقيدونى إسمه ثاوفيلكتس طمع فى البطريركية الملكيه وكان يعمل صانعاً للذهب فأوصى أقاربه ومعارفع وأصحابه أن يترجوا الخليفة بأن يصبح بطريرك الملكيين ففعل

حاول الملكيون وضع يدهم على كنيسه ودير مار مينا بمريوط ، عندما إغتصب الخليفه الأموى مروان بن محمد الحكم قام بطريرك الأروام (اليونانيين) ثاوفيلكتس فى دمشق بإهدائه عطايا وهبات فأصبح مقربا إليه ، وعلم قزما بطريرك الملكيين (اليونانيين) فى مصر بهذه العلاقه فبعث برشوه الى الخليفه وطلب إليه قائلا: " أنه كانت لنا كنائس كثيره بمصر أخذها الأقباط والأن ليس لنا إلا كنائس قليله ونجوا تسليمنا كنيسه مار مينا فى صحراء مريوط بدلا من كنائس الاروام التى إستولى عليها الأقباط لأن هذه الكنيسه كانت ملكا لنا أيضا(كانت هذه الكنيسه مزارا للأقباط والمسيحيين فى كل أنحاء العالم ، يحضر إليها الألوف سنويا يتباركون من زيارتها ويحملون معهم قوارير الماء او الزيت المقدس وقد وجدت هذه القوارير حديثا فى أوربا ، وكانت هذه الكنيسه تدر سنويا 1000 دينار وكانت بها مزارع زيتون زكروم وفاكهه 00الخ)  

فأرسل الخليفه للوالى  عبد الملك كتابا ليحقق فى الأمر ، فأمر الوالى أن يقدم كل طرف حجته ومستنداته ، فإستقل البابا مركبا من الإسكندريه ومر على أوسيم وأخذ معه أسقفها موسى وإنضم إليه ثيؤدوسيوس أسقف بابليون الذى كان إرشدياكن فى دير القديس أبى مقار بوادى هبيب وإجتمع الوالى عبد الملك بن نصير بالطرفين فى الفسطاط ، وكانوا يحضرون كل يوم إلى قصر الوالى طوال صوم الأربعين المقدسة من ياكر حتى آخر النهار وبعد مناقشات طويله وشاقه ، مل الوالى ، فأوكل الموضوع الى قاضى إسمه عيسى الذى طلب مستندات مكتوبه وحجج الملكيه حتى يستطيع الحكم فى الموضوع  فتقدم الوفد القبطى بمستندات ومحفوظات وحجج قويه تثبت ملكيه الكنيسه والمنطقه وترافع البابا خائيل قائلا: " انه فى عهد الأميرين هونوريوس وأركاديوس ، وفى اثناء باباويه ثيؤوفيلس البابا رقم 23 ، بدأ فى تشييد الكنيسه بإسم الشهيد مار مينا العجائبى لشغف هذا البابا بالبناء وولعه بإقامه الكنائس000 وأتم بناءها تيموثيؤوس البابا رقم 26 فى عهد الإمبراطور زينون الذى حاول أن يكفر عما فعله سلفه الإمبراطور مرقيانوس ضد الأقباط ، فأعطىالهبات للكنائس والأديره المصريه لأن مرقيانوس عذب الأقباط وإضطهدهم بكل وسيله0  "  

اما الملكيين (اليونانيين) فقدموا مذكره موجزه مرفقه بالهدايا طولها شبر بها كلمتين فلما قرأه القاضى ضحك ، فماطل القاضى فى إصدار الحكم أملا فى أن يقدم الأقباط هدايا أيضا ، حتى يحكم فى صالحهم ومكثت القضيه مؤجله لمده شهر من الزمان ، فقلق الأقباط من هذا الأمر فقال موسى أسقف اوسيم: " لا يمكن أن نقدم رشوه ، ونحن لم ننتظر 10 سنين ولا حتى سنه واحده ، كما إضطر آباؤنا الذين صبروا فى عده مناسبات ومشاكل فنحن نعيش فى بيوتنا ونصلى فى كنائسنا ، ولم يضطر أحدنا أن يخرج من بيته أو يترك كنائسه ويهرب الى الصحراء ، فلنصبر إذا لأن رجاؤنا فى الله وحده " وكانت ثقه القديس الأسقف فى الله كبيره ، ووضع هذا الأسقف الأمر فى يد الله حسب عاده الكنيسه القبطيه .

فلم يتم إسبوع واحد حتى أصدر الخليفه قرارا بعزل القاضى عيسى وتعيين أبوا الحسن ابن أكبر القضاه فى مصر بدلا منه ، قرأ هذا القاضى المستندات المقدمه من الطرفيين وأطلع الوالى عليها وإتفقا على أحقيه الأقباط  للكنيسه ، ثم أرسل أبو الحسن من دار الولايه طلبا لكل من الطرفيين بالحضور ، وقال قرأت مستندات كل منكما وقال للبطريرك الملكى: " عرفنى أيها الشيخ من هو أبوك وما هى ملتك " وقال البطرك الملكى : " أنا على أمانة مرقيان الملك : " فقال له القاضى : " أنت تؤمن بالملك وليس بألله  إن مستنداتك التى قدمتها تثبت أنه لا إله لك ولا دين ، ومن تقرير الكنيسه القبطيه ومستنداتهم وحججهم تثبت أنها ملك لهم ، فإن شئت إكتب تقريرا ثانيا0 " وأعطاهم عده أيام لتقديم مستنداتهم وتقريرهم وأرسل أبو الحسن فى طلب الأقباط والملكيين للمناقشه  والحكم - بدأ الجلسه بالقسم ورفض البابا خائيل أن يقسم طبقا لقول الإنجيل وأقسم بطريرك الملكيين.

 وتكلم البابا خائيل قائلا: " لقد شيد البابا ثيؤفيلس هذه الكنيسه ، وزينها ب 12 عمودا نقش على كل عمود فيها إسمه، كما أن تيموثيؤس أكمل بنائها ونقش إسمه على إحدى جدرانها ، وشهودى هم آبائى الذين ورثت عنهم هذا المجد " فأرسل أبوا الحسن القاضى ليتحقق من قول البابا القبطى وذهب الرسل الى مريوط ثم عادوا وإجتمعوا مره أخرى ، وذكروا ما شاهدوه أمام البابا خائيل والبطريرك الملكى وحكم القاضى أبو الحسن بعدم تسليم كنيسه مارمينا للملكيين (اليونانين) وإثبات ملكيتها للأقباط المصرين ( ذكرت فى تاريخ البطاركه مخطوطه نقله القمص شنوده الصوامعى ص146 - 152) 

مشروع وحده بين الأقباط والملكيين (اليونانيين) 

خرج الملكين وبطريركهم قسما بعد أن فشلوا فى وضع يدهم على دير مارمينا بمريوط فإلتجأوا إلى الخديعة فذهب وفد منهم ومعهم قسطنطين أسقف الملكين بمصر ( بابليون) فقالوا لأنبا ميخائيل: " أبوتك تعلم ما حدث لنا بالأسكندرية بسبب الأيمان وحتى اليوم بيننا خلاف فى الأيمان ونحن نريد أن يكون بيننا وبينك إتفاق فى الكنيسة ونعاهدك ونصير جميعا قطيعاً واحداً وإرسل إلى البابا بهذا الأمر "   قام الأقباط والأروام بمحادثات الوحده بين الكنيستين الشقيقتين فبعد الخصومات الطويله التى وضع بذورها المحتل الأجنبى بدأ المصريين فى وحده شعب السيد المسيح فالأقباط ليس عندهم إلا الحب والعطاء ، ويقول معظم المؤرخيين ان البابا خائيل كان صبورا جدا هادئ الطباع والأخلاق إستطاع أن يكسب صداقه البطريرك الملكى قزما ومحبته وأرسل بطريرك الملكيين طلبا للإنضمام الى الكنيسه الوطنيه القبطيه ، ثم أرسل البابا موسى أسقف أوسيم وفدا للتباحث فى هذا الأمر هما القس مينا كاتب البطريركيه وأمين سر البابا ( قد أصبح خليفه البابا خائيل فيما بعد)والشماس يحنس الذى كتب سير البطاركه إجتمع الإثنين مع قزما البطريرك الملكى وقسطنطين أسقف  بابليون الملكى وبعد نقاش أقرا وإعترفا بالإيمان بأن سيدنا المسيح له طبيعه واحده بعد الإتحاد وليس طبيعتين ، وطلبا منهما أن يحررا وثيقه بذلك ليحملوها الى البابا ، غلا أنهما سألا عن وضعهما وباقى الأساقفه الملكيين بعد الإتحاد وطلب البطريرك قزما أن يعامل معامله البابا خائيل ، فطلب القس مينا أن يرجع أولا الى البابا فى هذا الأمر ، وسمع ألساقفه الأقباط شروط الملكيين ، فقال الأنبا موسى: " لا يكون بطريركا مثل البابا ولكنه يكون أخا للأساقفه0 " وأرسلوا هذا الرد إليهم ، ففرح البطريرك قزما ووافق على تنفيذ هذا الإتفاق ، إلا أن شماسا كان يتبعه ، تدخل وأفسد هذا الإتفاق البدائى للوحده فقد كان يطمع أن يصبح بطريركا للملكيين ، وهكذا إنهار التفاق بين الكنيستين لتصبحا الكنيسه المصريه الواحده ، ولكن الأقباط نجحوا فى ضم قسطنطين أسقف مصر الملكى الى الكنيسه القبطيه الوطنيه فى مصر0  

 خلاف فى النوبه: 

وحدث خلاف بين ملك النوبه كرياكوس فى منطقه دنقله وأسقف بلاده ابرآم ، والسبب ان الأسقف حاول أن جهاد الأسقف معه لمنعه من ممارسه بعض العادات الرديئه فإغتاظ من توبيخ الأسقف له فطلب من البابا قطعه وإلا سيدفع رعاياه للسجود للأصنام ، فأرسل البابا برساله ترضيه له للتوفيق بينهما كما أرسل يستدعى الأسقف ليستطلع رأيه فى هذا الأمر ، وبعد نقاش من المجمع قرر أن يبقى الأسقف فى أحد الأديره ويرسل آخر عوضا عنه إلا اى الأسقف رفض هذا الأمر فقرر المجمع حرمه وإيقافه عن الخدمه وكرسوا يؤنس أسقفا بدلا منه ومضى الأسقف المعزول الى دير من أديره النوبه وأمضى بقيه حياته منفدا ومنعزلا عن العالم0

 الرعيه والراعى والخطر: 

تولى حفص بن الوليد الولايه فإضطهد الأقباط إضطهادا مريعا مما تسبب فى إعتناق الكثيرين الإسلام ، وفر الأساقفه الى الأديره خوفا فعقد البابا مجمعا كنسيا للتشاور فى هذا الأمر وقرروا ضروره إستمرار الأساقفه فى خدمه مناطقهم وخدمه شعبهم وإذا ترك أى منهم أبروشيته (منطقته) يحرم ويقطع لأنه لا يصح أن يترك الراعى رعيته وقت الخطر0 وعزل الخليفه مروان حفص وولى مكانه عبد الملك بن مروان وزوده بأوامر بمضاعفه الضرائب ومن الظاهر أن هذا الأمر كان عاما لولايات الدوله الأمويه 0وقد غالى الولاه فى تنفيذ هذا الأمر مما دفع الشعوب المختلفه المكونه للخلافه الأمويه الى الثوره ، فإنتشرت الثورات فى جميع الولايات تقريبا 0

الله فى السجن أيضا:

 اما عبد الملك فطالب البابا خائيل بمبالغ باهظه وقبض عليه وكان معه أسقف أوسيم موسى وتاودروس أسقف بابليون وغيرهما ن فامر بأن يقتل البابا ومن معه بعد أن يعذبا ، فوضع رجليه فى خشبه وطوق عنقه بطوق من حديد ، ووضعوا الجميع فى حجره نقرت فى الصخر ولا تصل إليها أشعه الشمس ، وإستمروا فى هذا الحبس من 11 توت الى 12 بابه وكان معهم 300 من  الرجال والنساء مسيحيين ومسلميين وكان المرضى يأتون للبابا فى السجن لكى يصلى عليهم ، فشفاهم ، وكان بعضهم محكوما عليه لجريمه إرتكبها ، وعندما كان البابا يعظ ويتكلم عن المسيح إشتاقوا المذنبيين أن يتركوا آثامهم وتابوا وبدأوا حياه جديده مع الله ، وتحول السجن الى كنيسه وترانيم وصلاه ، وهكذا عمل رجال الله القديسين فى السجن اعمال الله ، وكان هناك رجل قبطى يشرف  على مائده الوالى ، وكان يذهب الى البابا الحبيس من حين الى آخر يطمأن عليه ، وبعد حوالى شهر أمر الوالى بإحضار البابا من الحبس  وكل من معه وطالبه بدفع المبلغ  فإلتمس البابا أن يسمح له أن يذهب الى الصعيد ، وما يجمعه يدفعه له ، وذهب الى الصعيد إلا أنه وجد الأقباط قد أصابهم الفقر الشديد من كثره جور الولاه وفرض الجزيه الباهظه ، وكان البابا له عمل آخر بدلا من جمع أتاوه للوالى ، فكان يمر بين شعبه كملاك الله يشفى أمراضهم ويثبتهم فى الإيمان ويرد من هجر الإيمان ويعظ الذين فى ضيقه بسبب الإضطهاد ، ورجع بنصف ما يريده الوالى منه،  فقبض عليه الوالى مره أخرى وألقاه فى السجن ، 

 وعلم كرياكوس ملك النوبه أن الوالى ألقى البابا فى السجن فغضب لعدم إحترام رجال الله ووضعهم فى السجن كالمجرميين ، فجهز جيشا وأعده إعدادا قويا  وسار الى الفسطاط ، وكان الغرض من هذه الحمله هو رفع الظلم ، وأثناء مسيره من النوبه الى الفسطاط قاومه بعض الحاميات الإسلاميه المتفرقه فقضى عليها ، وقبل ان يصل الى الفسطاط أرسل باحد رجاله الى عبد الملك بن مروان يطلب الإفراج عن البابا ، إلا ان الوالى الأحمق قبض على الرسول وسجنه مع البابا ، ولما لم يرجع الرسول إستمر فى تقدمه الى الفسطاط ، وإجتاح الملك النوبى خطوط المسلميين وعسكرهم فى ظاهر الفسطاط وإنتصر عليهم هنا خاف عبد الملك وتنازل عن كبرياؤه وتصلبه ، فأطلق سراح رسول الملك النوبى قائلا: " إن ما يريده الملك سينفذه ، وأن البابا سيكون حرا ، وسيعامل بعد ذلك بكل إحترام ، إلا أن المسلميين الولاه إعتادوا أن يقولوا شيئا ويفعلوا شيئا اخر ، فشك الملك فى نواياه ، ولم يكف عن القتال حتى أرسل الوالى البابا بنفسه وتوسط فى الصلح . 

البابا يخرج الشيطان: 

 عظم البابا خائيل فى عين الوالى لإنه كان له قدره على الفتك به مما فعله معه ولكنه عفى وسامح وهو فى قدرته أن يؤذيه ، وذهب فى تسامحه الى درجه ان الوالى طلب منه ان يشفى إبنته المصابه بالروح النجس لأنه سمع أنه عنده موهبه شفائها ، فصلى لهل البابا خائيل وشفاها واخرج الشيطان ، وأدى هذا العمل الى إحداث تغيير فى قلب عبد الملك والى مصر ، ومن هذا الوقت إعتاد الوالى أن يجلس مع البابا وموسى أسقف أوسيم ، وكانت يد الله مع البابا خائيل أينما ذهب ،  فأعاد بناء الكنائس المنهاره وبنى الكنائس الجديده وشدد القلوب التى ضعفت من جراء الإضطهاد

الصوم قبل صلاه القداس: 

عندما خرج البابا من السجن ذهب الى كنيسه الشهيدين سرجيوس وماخس ، للصلاه وقام يصلاه القداس الإلهى ، وبدأ يناول الشعب من المقدسات ، وكانت الكنيسه ممتلئه بعدد لا يحصى من الأقباط جاء ليرى رجل الله الذى لايهب الموت وسجن وعذب إلا ان الله وضعه فى مكانه عاليه ، وإزدحمت الكنيسه بمن يريدون أن يتناولوا من يد قديس المقدسات الإلهيه ، وفى وسط هذا الإزدحام منع البابا أن يعطى رجلا المقدسات فلم يناوله، وفى نهايه الخدمه حضر الرجل باكيا ليعرف سبب منعه ، فقال له البابا أنه لم يمنعه ، ولكن المسيح هو الذى فعل ذلك ، وطلب له أن يعترف بما فعله 00 فإعترف الرجل قائلا: " أننى كنت آكل صباحا طعام الإفطار فى بيتى قبل أن أحضر صلاه القداس الإلهى 00 وهكذا فعلت اليوم0"  فأصدر البابا تعليماته الى الكهنه لكى يحذروا النال من هذا العمل والإستهانه بمقدسات الله وسؤال كل فرد ، هل أنت صائم؟ وحرر منشورا ذكر فيه ان على القبطى الذى يريد التقدم وتناول المقدسات الإلهيه لا بد من أن يصوم 10 ساعات قبل التناول  

إنهيار الحكم الأموى: 

أن الصراع الدموى على الحكم والسلطه لم يختلف فى أى عصرمن عصر من العصور فقد كان واحدا ومتشابها وإن تغيرت وجه المحتل لمصر او جنسيته او دينه الخ  وإنهيار الحكم الأموى على أرض مصر هو قصه متكرره بجميع وقائعها وتفصيلاتها مثل ما فعله البيزنطيين(الأروام اليونانيين) (راجع المقاله 8و9و10) وفى إعتقادى أن وجود الأقباط اليوم راجع الى الأصول الحضاريه التى ورثها الأقباط من الفراعنه ، وأن لم تواكب التقدم ، إلا ان الجزور الحضاريه الفلسفيه وعلاقات المحبه بين أعضاء الشعب ظلت باقيه وأضافت اليها المسيحيه العريقه قوه جديده حفظت الشعب القبطى من التدحرج والنزول الى مستوى الهمجيه والبربريه امام الأمم الأخرى ، ورأى الأقباط من قبل جنود هرقل المسيحيين يحاربون جنود الإمبراطور فوكاس المسيحيين  على أرض مصر من أجل كرسى العرش، وفى هذا العصر يرون جنود أبو العباس المسلم يحاربون جنود الخليفه مروان المسلم على أرض مصر من أجل الخلافه ، تغيرت الوجوه وتغيرت الأسماء وتغير الدين وتغير العصر ولكن الهدف واحد وهو الإستيلاء على الأرض والثروه وتكوين إمبراطوريات ومجد أرضى وقتى ، وقت إستعملوا الدين فى ظلم الأقباط والقضاء عليهم ، اما الأسباب التى ذكرها المؤرخين عن إنهيار الأمويين راجع الى عدم أستقرار الحكم ، فتغيير الخلفاء والولاه السريع فى وقت قصير أدى الى الشعور بعدم هيبه الحكم ، وسياسه القمع والإرهاب والبطش أدى الى قيام شعوب الولايات بالتمرد فقامت ثورات فى مختلف الولايات تقريبا ، وهذا بالتالى أدى الى إنهاك قوه الجيش الأموى فى القضاء على التمرد ، كما أن إزدياد المؤامرات والدسائس بين العائله الحاكمه ، ساعد على عدم الثقه فى الحكم ، وفى مصر حدث فى هذه الفتره ، ان همجيه الوالى ووحشيته فى التعامل مع أهل البلاد دفع بالجيش النوبى فى التدخل العسكرى لمنع إستبداد الوالى ووصل بجيشه  الى الفسطاط عاصمه مصر ثم ورجع مره ثانيه الى بلاده بعد أن طلب منه البابا القبطى ذلك ، وقام الأقباط والملكيين بثوره أخرى ، هذا فى الوقت الذى كانت فيه الثوره البشموريه مشتعله فى الوجه البحرى فى صوره حرب عصابات ، وإنتهز قسطنطين الخامس فرصه التمزق الداخلى فزحف بجيوشه على أسيا الصغرى وأصبح الخليفه الأموى بين نارين الهجوم الداخلى على جيوشه من المتمردين فى الداخل والهجوم الخارجى من الأروام وظهر خصم للدوله الأمويه قوى من بنى جنسه ومن عائلته ومن دينه مسلم من قريش بطالب بالخلافه هو أبو مسلم الذى رفع علم العباسيين الأسود ، وكان سياسيا لبقا كسب القبائل العربيه فى صفه وإعتمد العباسيين فى كسب التأييد على كتب الفقه التى شرعت بأنه لابد للخليفه أن يكون عربيا وأن يكون من قبيله قريش ، وإعتمدوا أيضا الى حديث مضمونه أن الخلافه إذا إنتقلت الى أولاد العباس ، ظلت فى ايديهم حتى يسلموها الى المهدى  أو عيسى بن مريم ( الحقيقه الغائبه ص65) وبهذا كسبوا تأييد شعوب الولايات التى تدين بالمسيحيه وغيره كما إستطاعوا تحت مظله الدين أن يجمعوا بالتأثير الدينى والمعنوى للمسلمين وغير المسلمين تحت رايتهم السوداء ،ولتوضيح مدى الإنهيار الذى وصل اليه الحكم الأموى حدث أن واليا أرسل يطلب نجده من مروان الخليفه الأموى فلم يرسلها فى الوقت المناسب فقال: " أنه جالس على بركان ثائر، ترى أين هم بنو أميه ؟ أنيام هم ام مستيقظون ؟ " فأرسل مروان نجده ولكن القوه التى أرسلها لم تكن كافيه ونزل مروان بنفسه الى ميدان المعركه ليقود الجيوش ولكن بعد فوات الأوان ، فقد خسر ثقه شعوب الولايات فى حكمه وإلتجأ الطاغيه الى مصر هاربا من وجه إخوته الأعداء المسلمين وظن أنه سيجمع أقباط مصر بالسيف ويحارب بهم أ إخونه الأعداء ، فوجد أن السجون مليئه بالأقباط البشموريون فى ثوره فى الشمال والبلاد فى حاله فقر شديد .

******************************

المعجزه: 

 حدث فى كنيسه العذراء بالإسكندريه ، دخل شاب مسلم ورأى صوره سيدنا المسيح على الصليب والجندى يطعنه بالحربه فى جنبه ، وسأل الشاب عن الصوره فقالوا له أن مسيحنا تعرض للقتل لأجل يخلصنا فأخذ الشاب قصبه وطعن الصوره ، فجائت القصبه فى الجانب الأيسر للمسيح ، وكان يقصد إستهزائا بالمسيح الضعيف المرسوم ، فتصلب مكانه وإلتصقت يده بالقصبه التى طعن بها صوره المسيح المصلوب ، وصار معلقا صارخا من الألم طوال اليوم ، فصلى الشعب الحاضر قائلا كيريالايسون (ومعناها يارب إرحم ) 00ولكن لم تجدى محاولات الشعب ، ولكن حينما إعترف الشاب بان هذه الصوره تمثل المسيح الحقيقى الذى صلب على الصليب ، عاد الى حالته وآمن بالمسيحيه ، إن كل المسلمين الذين آمنوا بالمسيحيه آمنوا بمعجزات خارقه للطبيعه وواضحه لهم بحيث أنهم قدموا حياتهم ليستشهدوا بلا تردد لان الذي جذبهم المسيح نفسه . والله لا يفرح بأن يؤمن به ألوف للهروب من الجزيه او لأى سبب جسدى ، أنه يريد القلب والفكر ، يريد النوعيه وليس الكميه ، فإذا سأل الله إنسان ، لماذا آمنت بى ؟ فهل سيفرح الله إذا أجاب: آمنت بك بسبب الجزيه (الفلوس)    

معجزه أخرى 

ذكر أبو المكارم المؤرخ ج1 ص 34 أن هجم العرب على دير بكفرالدير شرقيه بالقرب من بلبيس وكان به جماعه من الرهبان فحاصروا الدير ووقفوا عند الباب وصعد أخوى  رئيسهم أبو جراج الى علو الكنيسه وأخليها من الرهبان وطردوهم من الدير ودخل الأخ الأصغر لمنزل الأوغومونس ورأى صليب فى الجهه الشرقيه فسأل قائلا : أيش هو هذا الصليب ؟ قال له : هو مثال صليب السيد يسوع المسيح 0 فقال له : وأنت تعبد المسيح ! قال له : نعم .. فما كان من الأخ الأصغر أنه بزق ( بصق ) على الصليب ولعن الصليب وشتم الأغومونس فخرج من الدير حزينا هاربا والغم يحيط به فنفض ثيابه وقال : إن لم يأخذ الرب الحق من هذا الصبى لا عدت الى هذه الكنيسه مره أخرى جميع أيام حياتى , ومضى إلى مكان آخر وأقام فيه قائلا فى نفسه : أنى أصبر عشره أيام حتى أبصر ما يكون وأرى ما يفعله الله من أمر فى هذا الصبى , وبعد مضى عده أيام دخل الصبى إلى دوره المياه فنزلت أمعاؤه وجميع ما فى بطنه ومات .. فلما رأى أخيه ذلك خرج من الدير هاربا وملئ الخوف جميع القبيله وذهب يفتش على الأغومونوس إلى أن وجده وأعاده إلى الدير مكرما كما رجع إلى الدير جميع رهبانه وأعادوا إلى الدير ما سرقوه منه 0 

This site was last updated 12/23/11