Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

وقعة مرج راهط وقتل الضحاك والنعمان بن بشير

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
بيعة مروان بن عبد الحكم
وقعة مرج راهط
التوابين
فراق الخوارج لأبن الزبير
قدوم المختار الكوفة
مسير التوابين وقتلهم
بيعة عبد الملك وعبد العزيز

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

سنة أربع وستين

ذكر وقعة مرج راهط وقتل الضحاك
والنعمان بن بشير

ثم إن مروان لما بايعه الناس سار من الجابية إلى مرج راهط، وبه الضحاك بن قيس ومعه ألف فارس، وكان قد استمد الضحاك النعمان بن بشير وهو على حمص فأمده بشرحبيب بن ذي الكلاع، واستمد أيضاً زفر بن الحارث وهو على قنسرين فأمده بأهل قنسرين، وأمده ناتل بأهل فلسطين، فاجتمعوا عنده، واجتمع على مروان كلب وغسان والسكاسك والسكون، وجعل على ميمنته عمرو بن سعيد وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد، وكان يزيد بن أبي الغمس الغساني مختفياً بدمشق لم يشهد الجابية، فغلب على دمشق وأخرج عامل الضحاك بن قيس وغلب على الخزائن وبيت المال وبايع لمروان وأمده بالأموال والرجال والسلاح، فكان أول فتح على بني أمية.
وتحارب مروان والضحاك بمرج راهط عشرين ليلة واقتتلوا قتالاً شديداً، فقتل الضحاك، قتله دحية بن عبد الله، وقتل معه ثمانون رجلاً من أشراف أهل الشام، وقتل أهل الشام مقتلة عظيمة، وقتلت قيس مقتلة لم يقتل مثلها في موطن قط، وكان فيمن قتل هانىء بن قبيصة النميري سيد قومه، كان مع الضحاك، قتله وازع بن ذؤالة الكلبي، فلما سقط جريحاً قال:
تعست ابن ذات النوف أجهز على فتىً ... يرى الموت خيراً من فرارٍ وألزما
ولا تتركني بالحشاشة إنني ... صبورٌ إذا ما النكس مثلك أحجما
فعاد إليه وازع فقتله.
وكانت الوقعة في المحرم سنة خمس وستين، وقيل: بل كانت في آخر سنة أربع وستين.
ولما رأى مروان رأس الضحاك ساءه ذلك وقال: الآن حين كبرت سني ودق عظمي وصرت في مثل ظمء الحمار، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها ببعض! ولما انهزم الناس من المرج لحقوا بأجنادهم، فانتهى أهل حمص إليها وعليها النعمان بن بشير، فلما بلغه الخبر خرج هرباً ليلاً ومعه امرأته نائلة بنت عمارة الكلبية وثقله وأولاده، فتحير ليلته كلا، وأصبح أهل حمص فطلبوه، وكان الذي طلبه عمرو بن الجلي الكلاعي، فقتله ورد أهله والرأس معه، وجاءت كلب من أهل حمص فأخذوا نائلة وولدها معها.
ولما بلغت الهزيمة زفر بن الحارث الكلابي بقنسرين هرب منها فلحق بقرقيسيا وعليها عياض الحرشي، وكان يزيد ولاه إياها، فطلب منه أن يدخل الحمام ويحلف له بالطلاق والعتاق على أنه حينما يخرج من الحمام لا يقيم بها، فأذن له، فدخلها فغلب عليها وتحصن بها ولم يدخل حمامها، فاجتمعت إليه قيس.
وهرب ناتل بن قيس الجذامي عن فلسطين فلحق بابن الزبير بمكة، واستعمل مروان بعده على فلسطين روم بن زنباع واستوثق الشام لمروان واستعمل عماله عليها.

وقيل: إن عبيد الله بن زياد إنما جاء إلى بني أمية وهم بتدمر ومروان يريد أن يسير إلى ابن الزبير ليبايعه ويأخذ منه الأمان لبني أمية، فردع عن ذلك وأمره أن يسير بأهل تدمر إلى الضحاك فيقاتله، ووافقه عمرو بن سعيد وأشار على مروان بأن يتزو أم خالد بن يزيد ليسقط من أعين الناس، فتزوجها، وهي فاختة ابنة أبي هاشم بن عتبة، ثم جمع بني أمية فبايعوه وبايعه أهل تدمر، وسار إلى الضحاك في جمع عظيم، فخرج الضحاك إليه فتقاتلا فانهزم الضحاك ومن معه وقتل الضحاك.
وسار زفر بن الحارث إلى قرقيسيا واجتمعت عليه قيس، وصحبه في هزيمته إلى قرقيسيا شابان من بني سليم، فجاءت خيل مروان تطلبهم، فقال الشابان لزفر: انج بنفسك فإنا نحن نقتل، فمضى زفر وتركهما فقتلا؛ وقال زفر في ذلك:
أريني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا
أتاني عن مروان بالغيب أنه ... مقيدٌ دمي أو قاطعٌ من لسانيا
ففي العيش منجاةٌ وفي الأرض مهربٌ ... إذا نحن رفعنا لهن المبانيا
فلا تحبسوني إن تغيبت غافلاً ... ولا تفرحوا إن جئتكم بلقائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... له ورقٌ من تحته الشر باديا
ونمضي ولا يبقى على الأرض دمنةٌ ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
لعمري لقد أبقت وقيعة راهطٍ ... لحسان صدعاً بيناً متنائيا
فلم تر مني نبوةٌ قبل هذه ... فراري وتركي صاحبي ورائيا
عشية أدعو في القران فلا أرى ... من الناس إلا من علي ولا ليا
أيذهب يومٌ واحدٌ إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا؟
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتثأر من نسوان كلبٍ نسائيا
ألا ليت شعري هل تصيبن غارتي ... تنوخاً وحيي طيءٍ من شفائيا
فأجابه جواس بن القعطل:
لعمري لقد أبقت وقيعة راهطٍ ... على زفرٍ مراً من الداء باقيا
مقيماً ثوى بين الضلوع محله ... وبين الحشا أعيا الطبيب المداويا
تبكي على قتلى سليمٍ وعامرٍ ... وذبيان معذور وتبكي البواكيا
دعا بالسلاح ثم أحجم إذ رأى ... سيوف جنابٍ والطوال المذاكيا
عليها كأسد الغاب فتيان نجدةٍ ... إذا شرعوا نحو الطوال العواليا
وقال عمرو بن الجلي الكلبي:
بكى زفر القيسي من هلك قومه ... بعبرة عينٍ ما يجف سجومها
يبكي على قتلى أصيبت براهطٍ ... تجاوبه هام القفار وبومها
أبحنا حمىً للحي قيسٍ براهطٍ ... وولت شلالاً واستبيح حريمها
يبكيهم حران تجري دموعه ... ترجي نزاراً أن تؤوب حلومها
فمت كمداً أو عش ذليلاً مهضماً ... بحسرة نفسٍ لا تنام همومها
في أبيات.
يزيد بن أبي الغمس بالسين المهملة، وقيل بالشين المعجمة، وكان قد ارتد عن الإسلام ودخل الروم مع جبلة بن الأيهم ثم عاود الإسلام وشهد صفين مع معاوية وعاش إلى أيام عبد الملك بن مروان. وناتل بالنون، والتاء المعجمة من فوق باثنتين.
ذكر فتح مروان مصر
فلما قتل الضحاك وأصحابه واستقر الشام لمروان سار إلى مصر فقدمها وعليها عبد الرحمن بن جحدم القرشي يدعو إلى ابن الزبير، فخرج إلى مروان فيمن معه، وبعث مروان عمرو بن سعيد من ورائه حتى دخل مصر، فقيل لابن جحدم ذلك، فرجع وبايع الناس مروان ورجع إلى دمشق. فلما دنا منها بلغه أن ابن الزبير قد بعث إليه أخاه مصعباً في جيش، فأرسل إليه مروان عمرو بن سعيد قبل أن يدخل الشام، فقاتله، فانهزم مصعب وأصحابه، وكان مصعب شجاعاً. ثم عاد مروان إلى دمشق واستقر بها.
وقد كان الحصين بن نمير ومالك بن هبيرة قد اشترطا على مروان شروطاً لهما ولخالد بن يزيد، فلما توطن ملكه قال ذات يوم ومالك عنده: إن قوماً يدعون شروطاً، منهم عطارة مكحلة - يعني مالكاً - وكان يتطيب ويتكحل، فقال مالك: هذا ولما تردي تهامة ويبلغ الحزام الطبيين. فقال مروان: مهلاً يا أبا سليمان، إنما داعبناك! فقال: هو ذاك.

ذكر بيعة أهل خراسان سلم بن زياد وأمر عبد الله بن خازم
ولما بلغ سلم بن زياد، وهو بخراسان، موت يزيد كتم ذلك؛ فقال ابن عرادة:
يا أيها الملك المغلق بابه ... حدثت أمورٌ شأنهن عظيم
قتلى بحرة والذين بكابلٍ ... ويزيد أغلق بابه المكتوم
أبني أمية إن آخر ملككم ... جسدٌ بحوارين ثم مقيم
طرقت منيته وعند وساده ... كوبٌ وزقٌّ راعفٌ مرثوم
ومزنةٌ تبكي على نشوانه ... بالصبح تقعد مرةً وتقوم
فلما أظهر شعره أظهر سلم موت يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد ودعا الناس إلى البيعة على الرضى حتى يستقيم أمر الناس على خليفة، فبايعوه ثم نكثوا به بعد شهرين، وكان محسناً إليهم محبوباً فيهم، فلما خلع عنهم استخلف عليهم المهلب بن أبي صفرة، ولما كان بسرخس لقيه سليمان بن مرثد، أحد بني قيس بن ثعلبة بن ربيعة، فقال له: ضاقت عليك نزار حتى خلفت على خراسان رجلاً من اليمن؟ يعني المهلب، وكان أزدياً والأزد من اليمن، فولاه مرو الروذ والفارياب والطالقان والجوزجان، وولى أوس بن ثعلبة بن زفر، وهو صاحب قصر أوس بالبصرة، هراة، فلما وصل إلى نيسابور لقيه عبد الله بن خازم فقال: من وليت خراسان؟ فأخبره، فقال: أما وجدت في المصر من تستعمله حتى فرقت خراسان بين بكر بن وائل واليمن؟ اكتب لي عهداً على خراسان. فكتب له وأعطاه مائة ألف درهم.
وسار ابن خازم إلى مرو، وبلغ خبره المهلب فأقبل واستخلف رجلاً من بني جشم بن سعد بن زيد مناة بن تميم، فلما وصلها ابن خازم منعه الجشمي وجرت بينهما مناوشة، فأصابت الجشمي رمية بحجر في جبهته، وتحاجزوا، ودخلها ابن خازم، ومات الجشمي بعد ذلك بيومين.
ثم سار ابن خازم إلى سليمان بن مرثد بمرو الروذ فقاتله أياماً فقتل سليمان، ثم سار إلى عمرو بن مرثد وهو بالطالقان فاقتتلوا طويلاً فقتل عمرو بن مرثد وانهزم أصحابه فلحقوا بهراة بأوس بن ثعلبة، ورجع ابن خازم إلى مرو وهرب من كان بمرو الروذ من بكر بن وائل إلى هراة وانضم إليها من كان بكور خراسان من بكر وكثر جمعهم وقالوا لأوس بن ثعلبة: نبايعك على أن تسير إلى ابن خازم وتخرج مضر من خراسان، فأبى عليهم، فقال له بنو صهيب، وهم موالي بني جحدم: لا نرضى أن نكون نحن ومضر في بلد واحد وقد قتلوا سليمان وعمراً ابني مرثد، فإما أن تبايعنا على هذا وإلا بايعنا غيرك. فأجابهم، فبايعوه، فسار إليهم ابن خازم فنزل على وادٍ بينه وبين هراة، فأشار البكريون بالخروج من هراة وعمل خندق، فقال أوسٍ: بل نلزم المدينة فإنها حصينة ونطاول ابن خازم نحو سنة، وقال له هلال الضبي: إنما تقاتل إخوتك وبني أبيك، فإن نلت منهم الذي تريد فما في العيش خير، فلو أعطيتهم شيئاً يرضون به وأصلحت هذا الأمر. قال: والله لو خرجنا لهم من خراسان ما رضوا. قال هلال: والله لا أقاتل معك أنا ولا رجل أو تطيعني حتى تعتذر إليهم. قال: فأنت رسولي إليهم فأرضهم.
فأتى هلالٌ أوس بنن ثعلبة فناشده الله والقرابة في نزار وأن يحفظ ولاءها. فقال: هل لقيت بني صهيب؟ قال: لا. قال: فالقهم. قال: فخرج فلقي جماعة من رؤساء أصحابه فأخبرهم ما أتى له. فقالوا له: هل لقيت بني صهيب؟ فقال: لقد عظم أمر بني صهيب عندكم، فأتاهم فكلمهم، فقالوا: لولا أنك رسول لقتلناك. قال: فهل يرضيكم شيء؟ قالوا: واحدة من اثنتين: إما أن تخرجوا من خراسان، وإما أن تقيموا وتخرجوا لنا عن كل سلاح وكراع وذهب وفضة.

فرجع إلى ابن خازم، فقال: ما عندك؟ فأخبره. فقال: إن ربيعة لم تزل غضاباً على ربها منذ بعث نبيه من مضر. وأقام ابن خازم يقاتلهم، فقال يوماً لأصحابه: قد طال مقامنا، وناداهم: يا معشر ربيعة أرضيتم من خراسان بخندقكم! فأحفظهم ذلك، فتنادوا للقتال، فنهاهم أوس بن ثعلبة عن الخروج بجماعتهم وأن يقاتلوا كما كانوا يقاتلون، فعصوه. فقال ابن خازم لأصحابه: اجعلوه يومكم فيكون الملك لمن غلب، وإذا لقيتم الخيل فاطعنوها في مناخرها. فاقتتلوا ساعة وانهزمت بكر بن وائل حتى انتهوا إلى خندقهم وتفرقوا يميناً وشمالاً وسقط الناس في الخندق وقتلوا قتلاً ذريعاً وهرب أوس بن ثعلبة إلى سجستان فمات بها أو قريباً منها، وقتل من بكر يومئذٍ ثمانية آلاف، وغلب ابن خازم على هراة واستعمل عليها ابنه محمداً وضم إليه شماس بن دثار العطاردي، وجعل بكير بن وساج الثقفي على شرطته، ورجع ابن خازم إلى مرو.
وأغارت الترك على قصر اسغاد، وابن خازم على هراة، وكان فيه ناس من الأزد، فحصروهم، فأرسلوا إلى ابن خازم، فوجه إليهم زهير بن حيان في بني تميم وقال له: إياك ومناوأة الترك، إذا رأيتموهم فاحملوا عليهم. فوافاهم في يوم بارد، فلما التقوا حمل عليهم فانهزمت الترك واتبعوهم حتى مضى عامة الليل، فرجع زهير وقد يبست يده على رمحه من البرد، فجعلوا يخنون الشحم فيضعه على يده ودهنوه وأوقدوا له ناراً فانتفخت يده، ثم رجع إلى هراة؛ فقال في ذلك ثابت قطنة:
فدت نفسي فوارس من تميمٍ ... على ما كان من ضنك المقام
بقصر الباهلي وقد أراني ... أحامي حين قل به المحامي
بسيفي بعد كسر الرمح فيهم ... أذودهم بذي شطبٍ حسام
أكر عليهم اليحموم كراً ... ككر الشرب آنية المدام
فلولا الله ليس له شريكٌ ... وضربي قونس الملك الهمام
إذاً فاضت نساء بني دثارٍ ... أمام الترك بادية الخدام

This site was last updated 06/15/11