Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة ثلاث وتسعين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أم البنين
باقى سنة 86 خلافة الوليد
سنة سبع وثمانين
سنة ثمان وثمانين
سنة تسع وثمانين
 سنة تسعين
سنة إحدى وتسعين
سنة اثنتين وتسعين
سنة ثلاث وتسعين
سنة أربع وتسعين
سنة خمس وتسعين
سنة 96 موت الوليد

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

الجزء الثالث

ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين
ذكر صلح خوارز مشاه وفتح خام جرد

وفي هذه السنة صالح قتيبة خوارز مشاه.
وكان سبب ذلك أن ملك خوارزم كان ضعيفاً فغلبه أخوه خرزاد على أمره، وكان أصغر منه، وكان إذا بلغه أن عند أحد ممن هو منقطع إلى الملك جارية أو مالاً أو دابة أو بنتاً أو أختاً أو امرأة جميلة أرسل إليه وأخذه منه، وكان لا يمتنع عليه أحد ولا الملك، فإذا قيل للملك قال: لا أوى به وهو مغتاظ عليه.
فلما طال ذلك عليه كتب إلى قتيبة يدعوه إلى أرضه ليسلمها إليه، واشترط عليه أن يدفع إليه أخاه وكل من يضاده ليحكم فيهم بما يرى، ولم يطلع أحد من مرازبته على ذلك، فأجابه قتيبة إلى ما طلب وتجهز للغزو، وأظهر قتيبة أنه يريد الصغد، وسار من مرو، وجمع خوارز مشاه أجناده ودهاقنته، فقال: إن قتيبة يريد الصغد وليس يغازيكم، فهلموا نتنعم في ربيعنا هذا.
فأقبلوا على الشرب والتنعم، فلم يشعروا حتى نزل قتيبة في هزار سب، فقال خوارز مشاه لأصحابه: ما ترون؟ قالوا: نرى أن نقاتله. قال: لكني لا أرى ذلك لأنه قد عجز عنه من هو أقوى منا وأشد شوكة، ولكن أصرفه بشيء أؤديه إليه. فأجابوه إلى ذلك.
فسار خوارز مشاه فنزل بمدينة الفيل من وراء النهر، وهي أحصن بلاده، وقتيبة لم يعبر النهر، فأرسل إليه خوارز مشاه فصالحه على عشرة آلاف رأس وعين ومتاع وعلى أن يعينه على خام جرد، فقبل قتيبة ذلك.
وقيل: صالحه على مائة ألف رأس، ثم بعث قتيبة أخاه عبد الرحمن إلى خام جرد، وكان يغازي خوارز مشاه، فقاتله فقتله عبد الرحمن وغلب على أرضه، وقدم منهم بأربعة آلاف أسير، فقتلهم قتيبة، وسلم قتيبة إلى خوارز مشاه أخاه ومن كان يخالفه، فقتلهم ودفع أموالهم إلى قتيبة ودخل قتيبة إلى فيل، فقبل بن خوارزم شاه ما صالحه عليه ثم رجع إلى هزار سب.
ذكر فتح سمرقند
فلما قبض قتيبة صلح خوارز مشاه قال إليه المجشر بن مزاحم السلمي. فقال له سراً: إن أردت الصغد يوماً من الدهر فالآن فإنهم آمنون من أن يأتيهم عامل هذا، وإنما بينك وبينهم عشرة أيام. قال: أشار عليك بهذا أحد؟ قال: لا. قال: فسمعه منك أحد؟ قال: لا. قال: والله لئن تكلم به أحد لأضربن عنقك. [ج3 (2/344)]
فلما كان الغد أمر أخاه عبد الرحمن فسار في الفرسان والرماة وقدم الأثقال إلى مرو فسار يومه، فلما أمسى كتب إليه قتيبة: إذا أصبحت فوجه الأثقال إلى مرو وسر بالفرسان والرماة نحو الصغد واكتم الأخبار، فإني في الأثر. ففعل عبد الرحمن ما أمره، وخطب قتيبة الناس وقال لهم: إن الصغد شاغره برجلها، وقد نقضوا العهد الذي بيننا وصنعوا ما بلغكم، وإني أرجو أن يكون خوارزم والصغد كقريظة والنضير. ثم سار فأتى الصغد فبلغها بعد عبد الرحمن بثلاث أو أربع، وقدم معه أهل خوارزم وبخارى فقاتلوه شهراً من وجه واحد وهم محصورون.
وخاف أهل الصغد طوال الحصار فكتبوا إلى ملك الشاش وخاقان واخشاد فرغانة: إن العرب إن ظفروا بنا أتوكم بمثل ما أتونا به، فانظروا لأنفسكم ومعهما كان عندك من قوة فابذلوها. فنظروا وقالوا: إنما نؤتى من سفلتنا فإنهم لا يجدون كوجدنا. فانتخبوا من أولاد الملوك وأهل النجدة من أبناء المرازبة والأساورة والأبطال وأمروهم أن يأتوا عسكر قتيبة فيبيتوه فإنه مشغول عنه بحصار سمر قند، وولوا عليه ابناً لخاقان، فساروا.
وبلغ قتيبة الخبر فانتخب من عسكره أربعمائة، وقيل: ستمائة من أهل النجدة والشجاعة وأعلمهم الخبر وأمرهم بالمسير إلى عدوهم، فساروا وعليهم صالح بن مسلم، فنزلوا على فرسخين من العسكر على طريق القوم، فجعل صالح له كمينين، فلما مضى نصف الليل جاءهم عدوهم، فلما رأوا صالحاً حملوا عليه، فلما اقتتلوا شد الكمينان عن يمين وشمال فلم ير قوم كانوا أشد من أولئك. قال بعضهم: إنا لنقاتلهم إذ رأيت تحت الليل قتيبة وقد جاء سراً فضربت ضربةً أعجبتني. فقلت: كيف نرى بأمي وأبي؟ قال: اسكت فض الله فاك. قال: فقتلناهم فلم يفلت منهم إلا الشريد، وحوينا أسلابهم وسلاحهم فاحتززنا رؤوسهم وأسرنا منهم أسرى، فسألناهم عمن قتلنا فقالوا: ما قتلتم إلا ابن ملك أو عظيماً أو بطلاً، كان الرجل يعد بمائة رجل، وكتبنا أسماءهم على آذانهم ثم دخلنا العسكر حين أصبحنا، فلم يأت أحد بمثل ما جئنا به من القتلى والأسرى والخيل ومناطق الذهب والسلاح، قال: وأكرمني قتيبة وأكرم معي جماعة وظننت أنه رأى منهم مثل الذي رأى مني.
ولما رأى الصغد ذلك انكسروا، ونصب قتيبة عليهم المجانيق فرماهم وثلم ثلمةً، فقام عليها رجل شتم قتيبة، فرماه بعض الرماة فقتله، فأعطاه قتيبة عشرة آلاف. وسمع بعض المسلمين قتيبة وهو يقول كأنما يناجي نفسه: حتى متى يا سمرقند يعشش فيك الشيطان؟ أما والله لئن أصبحت لأحاولن من أهلك أقصى غاية. فانصرف ذلك الرجل فقال لأصحابه: كم من نفس تموت غداً! وأخبر الخبر. فلما أصبح قتيبة أمر الناس بالجد في القتال، فقاتلوهم واشتد القتال، وأمرهم قتيبة أن يبلغوا ثلمة المدينة، فجعلوا الترسة على وجوههم وحملوا فبلغوها ووقفوا عليها، ورماهم الصغد بالنشاب فلم يبرحوا. فأرسل الصغد إلى قتيبة فقالوا له: انصرف عنا اليوم حتى نصالحك غداً. فقال قتيبة: لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثملة، وقيل: بل قال قتيبة: جزع العبيد، انصرفوا على ظفركم، فانصرفوا فصالحهم من الغد على ألفي ألف ومائتي ألف مثقال في كل عام، وأن يعطوه تلك السنة ثلاثين ألف فارس، وأن يخلوا المدينة لقتيبة فلا يكون لهم فيها مقاتل فيبني فيها مسجداً ويدخل ويصلي ويخطب ويتغدى ويخرج.
فلما تم الصلح وأخلوا المدينة وبنوا المجد دخلها قتيبة في أربعة آلاف انتخبهم، فدخل المسجد فصلى فيه وخطب وأكل طعاماً ثم أرسل إلى الصغد: من أراد منكم أن يأخذ متاعه فليأخذ فإني لست خارجاً منها ولست آخذ منكم إلا ما صالحتكم عليه، غير أن الجند يقيمون فها.
وقيل: إنه شرط عليهم في الصلح مائة ألف فارس وبيوت النيران وحلية الأصنام، فقبض ذلك، وأتي بالأصنام فكانت كالقصر العظيم وأخذ ما عليها وأمر بها فأحرقت. فجاءه غوزك فقال: إن شكرك علي واجب، لا تتعرض لهذه الأصنام فإن منها أصناماً من أحرقها هلك. فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، فدعا بالنار فكبر ثم أشعلها فاحترقت، فوجدوا من بقايا مسامير الذهب خمسين ألف مثقال.
وأصاب بالصغد جارية من ولد يزدجرد، فأرسلها إلى الحجاج، فأرسلها الحجاج إلى الوليد، فولدت له يزيد بن الوليد.
وأمر غوزك بالانتقال عنها فانتقل. [ج3 (2/345)]
وقيل: إن أهل سمرقند خرجوا على المسلمين وهم يقاتلونهم يوم فتحها، وقد أمر قتيبة يومئذٍ بسرير فأبرز وقعد عليه، فطاعنوهم حتى جازوا قتيبة وإنه لمحتبٍ بسيفه ما حل حبوته، وانطوت مجنبتا المسلمين على الذين هزموا القلب فهزموهم حتى ردوهم إلى عسكرهم، وقتل من المشركين عدد كثير، ودخلوا المدينة فصالهم، وصنع غوزك طعاماً ودعا قتيبة، فأتاه في عدة من أصحابه، فلما بعد استوهب منه سمرقند وقال للملك: انتقل عنها، فلم نجد بداً من طاعته، ولا قتيبة قوله تعالى: " وأنه أهلك عاداً الأولى وثمود فما أبقى " النجم:50 - 51.
وحكي عن الذي أرسله قتيبة إلى الحجاج بفتح سمرقند قال: فأرسلني الحجاج إلى الوليد، فقدمت دمشق قبل طلوع الفجر فدخلت المسجد فإذا إلى جنبي رجل ضرير، فسألني: من أين أنت؟ فقلت: من خراسان، وأخبرت خبر سمرقند. فقال: والذي بعث محمداً بالحق ما افتتحتموها إلا غدراً! وإنكم يا أهل خراسان الذين تسلبون بني أمية ملكهم ثم تنقضون دمشق حجراً حجراً. فلما فتح قتيبة سمرقند قيل: إن هذا لأعدى العيرين، لأنه فتح سمرقند وخوارزم في عام واحد، وذلك أن الفارس إذا صرع في طلق واحد عيرين قيل: عادى عيرين فلما فتحها قتيبة دعا نهار بن توسعة فقال: يا نهار أين قولك.
ألا ذهب الغزو المقرب للغنى ... ومات الندى والجود بعد المهلب
أقاما بمرو الروذ رهن ضريحه ... وقد غيبا عن كل شرقٍ ومغرب
أفغزو هذا؟ قال: لا، هذا أحسن، وأنا الذي أقول:
وما كان مذ كنا ولا كان قبلنا ... ومات الندى والجود بعد المهلب
أعم لأهل الشرك قتلاً بسيفه ... وأكثر فينا مقسماً بعد مقسم
قال: وقال الشعراء في ذلك، فقال الكميت من قصيدة:
كانت سمرقند أحقاباً يمانيةً ... فاليوم تنسبها قيسيةً مضر
وقال كعب الأشقري، وقيل رجل من جعفى:
كل يوم يحوي قتيبة نهباً ... ويزيد الأموال مالاً جديدا
باهلي قد ألبس التاج حتى ... شاب منه مفارق كن سودا
دوخ الصغد بالكتائب حتى ... ترك الصغد بالعراء قعودا
فوليد يبكي لفقد أبيه ... وأب موجع يبكي الوليدا
ثم رجع قتيبة إلى مرو، وكان أهل خراسان يقولون: إن قتيبة غدر بأهل سمرقند فملكها غدراً.
وكان عمله على خوارزم إياس بن عبد الله على حربها، وكان ضعيفاً، وكان على خراجها عبيد الله بن أبي عبيد الله مولى مسلم.فاستضعف أهل خوارزم إياساً، فجمعوا له، فكتب عبيد الله إلى قتيبة، فبعث قتيبة أخاه عبد الله عاملاً وأمره أن يضرب إياساً وحيان النبطي مائةً مائةً ويحلقهما. فلما قرب عبد الله من خوارزم أرسل إلى إياس فأنذره، فتنحى، وقدم عبد الله وأخذ حيان فضربه وحلقه. ثم وجه قتيبة الجنود إلى خوارزم مع المغيرة بن عبد الله، فبلغها ذلك، فلما قدم المغيرة اعتزل أبناء الذين قتلهم خوارزمشاه وقالوا: لا نعينك، فهرب إلى بلاد الترك، وقدم المغيرة فقتل وسبى، فصالحه الباقون على الجزية، وقدم على قتيبة فاستعمله على نيسابور.
ذكر فتح طليطلة من الأندلس
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة غضب موسى بن نصير على مولاه طارق فسار إليه في رجب منها، واستخلف على إفريقية ابنه عبد الله بن موسى، وعبر موسى إلى طارق في عشرة آلاف، فتلقاه وترضاه، فرضي عنه وقبل عذره وسيره إلى طليطلة، وهي من عظام بلاد الأندلس، وهي من قرطبة على عشرين يوماً، ففتحها وأصاب فها مائدة سليمان بن داود، عليه السلام، وما فيها من الذهب والجوهر، والله أعلم به.
قلت: لم يزد على هذا، وقد ذكرت في سنة اثنتين وتسعين من فتح الأندلس ودخول موسى بن نصير إلى طارق ما فيه كفاية فلا حاجة إلى إعادته؛ إلا أن أبا جعفر قد ذكر أن موسى هو الذي سير طارقاً وهو بالأندلس ففتح مدينة طليطلة، والذي ذكره أهل الأندلس في تواريخهم ما تقدم ذكره.
ذكر عزل عمر بن عبد العزيز عن الحجاز
قيل: وفي هذه السنة عزل الوليد عمر بن عبد العزيز عن الحجاز والمدينة. [ج3 (2/346)]
وكان سبب ذلك أن عمر كتب إلى الوليد يخبره بعسف الحجاج أهل العراق واعتدائه عليهم وظلمه لهم بغير حق، فبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى الوليد: إن من عندي من المراق وأهل الشقاق قد جلوا عن العراق ولحقوا بالمدينة ومكة، وإن ذلك وهن. فكتب إليه الوليد يستشيره فيمن يوليه المدينة ومكة، فأشار عليه بخالد بن بد الله وعثمان بن حيان، فولى خالداً مكة، وعثمان المدينة، وعزل عمر عنهما.
فلما خرج عمر من المدينة قال: إني أخاف أن أكون ممن نفته المدينة، يعني بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : تنفي خبثها.
وكان عزله في شعبان؛ ولما قدم خالد مكة أخرج من بها من أهل العراق كرهاً، وتهدد من أنزل عراقياً أو أجره داراً، واشتد على أهل المدينة وعسفهم وجار فيهم ومنعهم من إنزال عراقي، وكانوا أيام عمر بن عبد لعزيز كل من خاف الحجاج لجأ إلى مكة والمدينة.
وقيل: إنما استعمل على المدينة عثمان بن حيان، وقد تقدم سنة إحدى وتسعين ولاية خالد مكة في قول بعضهم.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة غزا العباس بن الوليد الروم ففتح سبسطية والمرزبانين وطرسوس. وفيها غزا مروان بن الوليد فبلغ خنجرة. وفيها غزا مسلمة الروم أيضاً ففتح ماسيسة وحصن الحديد وغزالة من ناحية ملطية. وفيها أجدب أهل إفريقية فاستسقى موسى بن نصير فسقوا. وفيها كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز قبل أن يعزله يأمره بضرب خبيب بن عبد الله بن الزبير ويصب على رأسه ماءً بارداً، فضربه خمسين سوطاً وصب عليه ماءً بارداً في يوم شاتٍ ووقفه على باب المسجد فمات من يومه.
خبيب بضم الخاء المعجمة، وبائين موحدتين بينهما ياء تحتها نقطتان.
وحج بالناس هذه السنة عبد العزيز بن الوليد. وكان على الأمصار من تقدم ذكرهم إلا المدينة فإن عاملها عثمان بن حيان قدمها في شوال لليلتين بقيتا منه، وقد تقدم ذكر ولاية خالد بن عبد الله مكة في سنة تسع وثمانين، وفي سنة إحدى وتسعين قد ذكرنا أنه وليها هذه السنة.
وفيها مات أبو الشعثاء جابر بن زبد. وألو العالية البراء، واسمه زيدا بن فيروز، وكان مولى لأعرابية من بني رياح، وليس بأبي العالية الرياحي، ذاك كان موته سنة تسعين. وفيها مات بلال بن أبي الدرداء الأنصاري قاضي دمشق.

This site was last updated 06/21/11