Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

م

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
هل قبر المسيح هو الأصلى
مقدمة الرحلة للأماكن المقدسة
كنيسة المهد تراث عالمى
Untitled 6446
Untitled 6447
السنة ألأولى من رسالة المسيح
السنة الثانية من رسالة المسيح
السنة ألثالثة من رسالة المسيح
قبة الصخرة والمسجد الأقصى
Untitled 6454
Untitled 6455
Untitled 6456
Untitled 6457
Untitled 6459
Untitled 6460
كنيسة تلميذى عمواس

 

كنيسة ودير الأنبا أنطونيوس بيافا :

بعد سيامة نيافة الأنبا باسيليوس الكبير ( 1856 - 1899م ) مطرانا للكرسى الأورشليمى والوجه البحرى ، سافر قبل عيد القيامة الى يافا على أن يأخذ منها طريقه الى القدس كالمعتاد وقتئذ ، وهناك كان فى استقباله لفيف من الرهبان الأقباط بالقدس ورئيس دير الأرمن بيافا مع عدد من رهبانه وممثل عن الحكومة وبعض كهنة الروم الأرثوذكس ، وبعدما صافح نيافته مستقبليه وشكرهم توجه الى دير الأرمن للنزول به كالمعتاد ريثما تتهيأ له وسائل السفر الى القدس . فلما بلغ الى الدير وجد جمعا من حجاج الأقباط الفقراء جالسين بجانب الدير ، لأن امكانياتهم المالية لا تسمح لهم بدفع أجر النزول فيه ، وليس لطائفتهم بيافا مكانا يلجاون اليه الى ان يتيسر لهم السفر الى القدس ، فعز عليه ان يبيت نيافته داخل الدير، ويقيم ابناؤه فى العراء . واثر ان يعتذر لرئيس دير الارمن ويسعى توا للبحث عن مكان ينزل فيه مع شعبه . فعرض احد اعيان يافا من طائفه الروم ان يبيعه حديقه بها منزل صغير لا يسكنه احد ، فقبل نيافته هذا العرض دون تردد ، وبعد معاينه المنزل والحديقه تم الاتفاق على شرائهما، فدفع نيافته جزءا من الثمن واستلمهما فورا . وكم كانت فرحة الحجاج عظيمة عندما ذهب اليهم شخص بهذه البشرى ، ودعاهم الى المبيت فى مكان صار ملكا للأقباط قبل أن تغرب عليهم شمس النهار .
و لما أنتهت أيام العيد وعاد نيافته الى مصر ، قام بجمع تبرعات مكنته من تسديد باقى الثمن وبناء دير وكنيسة على اسم القديس الأنبا أنطونيوس . والكنيسة بهذا الدير بنيت سنة 1858 م ، ولها مذبح واحد وأيقوناتها على الطراز البيزنطى ، وتؤدى فيها الصلوات كل يوم احد اسبوعيا ، وتحت الهيكل توجد مقبره ، دفن فيها بعض مطارنه الكرسى الاورشليمى ، منهم نيافه الانبا باسيليوس الثانى (1856-1899 م ) ، ونيافه الانبا باسيليوس الثالث (1925-1935 م ) .
اما الدير فمكون من طابقين ، بكل منهما ست غرف فسيحه ، ويحوط الطابق الأرضى شرفة من الجهات الأربع ، أما الطابق العلوى فشرفته لها نوافذ زجاجية ملونة ، وبجانب الدير توجد بركة مياه كانت تستعمل فى رى الحديقة التى تحوى أشجار الفاكهة . وقد بنى نيافة الأنبا ثاوفيلس الأول ، مطران الكرسى الأورشليمى. (1935-1945م) ، دارا فى جزء من الحديقة بجوار الكنيسة . وفى عام 1977 م قام نيافة الأنبا باسيليوس الرابع (1959-1991م) ، بتجديد أجزاء كبيرة من الدير وترميمه . وفى عام 1993 م قام نيافة الأنبا أبراهام المطران الحالى للكرسى الأورشليمى والشرق الأدنى (أطال الله حياته) ، بترميم الدير من الداخل فى الطابق العلوى ، وتم تجديد شبكات المياه والمجارى والكهرباء ، وقام بأنشاء سور حول الكنيسة والدير ، كما قام بتجديد الكنيسة كلية . كما قام نيافته سنة 1995 م بتجديد السطح العلوى للدير وغرف الدور الأرضى . ويبذل نيافته قصارى جهده لاعادة الدير لرونقه السابق ، ويشرف على هذا الدير حاليا الراهب القس ميخائيل الأنبا بولا .
كنيسة ودير الأنبا أنطونيوس بأريحا :
أريحا أو مدينة النخيل ، مدينة قديمة وكانت محصنة بأسوار عالية ، نزل فيها السيد المسيح ضيفا فى بيت زكا العشار . لا يعرف على وجه التحديد متى أهتم الأقباط بالتواجد فى أريحا أو متى شكلوا لهم كيانا فيها ، ولكن من الثابت أن الحجاج الأقباط كانوا يمكثون بعض الأيام فيها وهم فى طريقهم الى نهر الأردن للتبرك من مياهه فى المكان الذى أعتمد فيه السيد المسيح ، وأيضا فى طريق عودتهم الى القدس .
قام نيافة الأنبا باسيليوس الثانى (1856-1899م) بشراء قطعة أرض كبيرة ، لبناء دير وكنيسة فيها ، لكن لم تمهله المنية من البدء فى البناء . فقام نيافة الأنبا تيموثاوس الأول (1899-1925م)ببناء الكنيسة فى سنة 1922م ، على اسم القديس أنطونيوس ، وانتهى من بنائها سنة 1924 م ، أما مبنى الدير فقد شيد فى عهد الأنبا باسيليوس الثالث (1925-1935م) . وكنيسة الدير لها مذبح واحد ، وقام نيافة الأنبا باسيليوس الرابع (1959-1991م) ، بتجديد الكنيسة سنة 1962م ، وتم وضع أيقونات جميلة بها وايصال التيار الكهربائى لها ، ووضعت فيها مقاعد خشبية جديدة . وفى عام 1993 م ، قام نيافة الأنبا أبراهام ، المطران الحالى للكرسى الأورشليمى والشرق الأدنى (أطال الله حياته ) ، بتعمير وتجديد الكنيسة مرة أخرى ، وبناء أسوار للدير وعمل بركة مياه وشبكة رى بالتنقيط ، كما قام نيافته فى عام 1994-1995م ، بتجديد مبنى سكن الرهبان والمضيفة بأشراف القمص سيداروس السريانى ، ويشرف على الدير حاليا الراهب القس مينا الأورشليمى .
كنيسة ودير مار زكا والقديس أندراوس بأريحا :
(1) سعى نيافة الأنبا تيموثاوس الأول (1899-1925م) الى شراء قطعة أرض أخرى بأريحا ، وقد كلف نيافته القميص فيلبس المقارى ، وكيل دير الأقباط بأريحا وقتئذ بذلك . وحوالى سنة 1935 م ، فى أيام المتنيح الأنبا باسيليوس الثالث ( 1925-1935) ، تمكن القمص فيلبس المقارى بشراء قطعة أرض بها تل صغير ، فى المكان الذى كان يعتقد أنه بالقرب من بيت زكا العشار ، الذى أستضاف فيه السيد المسيح - له المجد - وعندما تم تنظيف المكان من الأتربة الموجودة بالتل ، أكتشفت آثار كنيسة بيزنطية على اسم القديس مار أندراوس ، وتقع آثار هذه الكنيسة فى وسط قطعة الأرض . كما عثر على فسيفساء فى أرضية الكنيسة ، عبارة عن كتابة باللغة اليونانية ترجمته الآتى : "مغنيانوس الجندى يقدم الشكر للقديس أندراوس . وقد وضع هذا الفسيفساء بمعاونة القس هيراكليوس والشماس قسطنطينوس وبوليخرونيوس " . ومما تجدر الاشارة اليه أن هذه الكنيسة من قيمة أثرية كبيرة ، فقد قرر نيافة الأنبا باسيليوس الرابع (1959-1991م) ، اقامة كنيسة كبيرة فى الطابق العلوى من المكان على اسم القديس اندراوس ، مع العمل على حفظ وصيانة الفسيفساء الموجودة فى أرضية الكنيسة .
و فى عام 1993 م ، قام نيافة الأنبا أبراهام ، المطران الحالى - للكرسى الأورشليمى - باستبدال سقف الكنيسة المتهدم بسقف جديد به خمس قباب على الطراز القبطى ، وتم كسوة جدران الكنيسة من الداخل بالحجر بعد ازالة الجدران التى من اللبن . وقد بنى نيافته قلالى للرهبان ودورات مياه جديدة ، وأحاطة المكان كله مع الحديقة بالأسوار ، باشراف القمص سيداروس السريانى . وكان يشرف على الدير المتنيح القمص نحميا الأنطونى .
كنيسة ودير مار يوحنا المعمدان على نهر الأردن :
يزور الحجاج الأقباط الذين يفدون الى الديار المقدسة ، نهر الأردن للتبرك من مياهه ، فى المكان الذى اعتمد فيه السيد المسيح له المجد ، وتلك عادة قديمة درج عليها المسيحيين الذين يزورون الأماكن المقدسة . ويقول Ibry ، الذى زار الأرض المقدسة فى سنة 1818 م فى كتابة : ""Travels in Egypt , Syria and the Holy Land ، أنه شاهد على نهر الأردن مسيحيين من كل الجهات يونان ، وأقباط من مصر ، وأحباش من أثيوبيا " .
هذا وقد سكن فى برية الأردن الكثيرين من الرهبان والنساك الأقباط ، ومنهم على سبيل المثال القديسة مريم المصرية ، التى قضت سبعة وأربعين سنة تتعبد هناك والراهب القس زوسيما . وفى العصورالمختلفة كان هناك بعض الرهبان الأقباط ، الذين يفدون الى الديار المقدسة اما للزيارة أو لتأدية الخدمات الدينية ، يؤثرون التعبد فى برية الأردن ، ومن هؤلاء الذين تعبدوا فى أوائل القرن العشرين الراهب شنوده الأنطونى والقمص فيلبس المقارى .
و للكنيسة القبطية بجوار نهر الأردن ، دير على اسم القديس يوحنا المعمدان ، ويشتمل الدير على بناءين : البناء الرئيسى ، يحتوى على عدة غرف وليس به كنيسة ، وكان الأقباط فى الماضى يقيمون قداسهم على مذبح متنقل ، والمبنى الثانى ، يستعمل كمخزن وبه البئر ، ويوجد على الدرجات المؤدية للبئر كتابة غير واضحة وتاريخ هو "سنة 1929م" ، وعلى بعد عشرة أمتار من هذا المخزن توجد بعض قبور للأقباط . وقد قام نيافة الأنبا ثاوفيلس الأول (1935-1945) ، بوضع أساس كنيسة القديس يوحنا المعمدان ، غير أن بناءها لم يكتمل بعد ، وقد قام نيافة الأنبا ياكوبوس الثانى (1946-1956م) ببناء عدد من الغرف فى الدير ، وقد خصصت واحدة كبيرة منها لاستعمالها ككنيسة لحين اكتمال بناء الكنيسة الأصلية للدير ، أما باقى الغرف ، فقد كان من وقت طويل يقيم فيها الحجاج والزوار الأقباط ، وقت زيارتهم نهر الأردن وقتذاك . ونظرا لأن المكان حاليا غير صالح للزيارة فان الدير مهجور ، ويذهب أبناء الطائفة القبطية مع نيافة مطران القدس ، مرة واحدة فى السنة (يوم عيد الغطاس) لاقامة صلوات تبريك الماء على شاطئ نهر الأردن بجوار الدير .
كنيسة السيدة العذراء والبشارة بالناصرة :
بدأ التفكير فى بناء كنيسة بالناصرة فى سنة 1936 م ، عندما زار نيافة الأنبا ثاوفيلس الأول مدينة الناصرة ، وحث الشعب القبطى هناك على اقامة كنيسة لهم لرعايتهم روحيا . ولما خلفه نيافة الأنبا ياكوبوس (1946-1956م) ، اشترى قطعة أرض ، وبنى عليها كنيسة دعيت باسم "كنيسة السيدة العذراء والبشارة القبطية الأورثوذكسية " . وهى كنيسة جميلة بالقرب من كنيسة البشارة للروم الأرثوذكس فى قلب مدينة الناصرة . وجدران هذه الكنيسة مكسوة بالحجر الأبيض الجميل ، وبها مذبح واحد ، ولها شرفة من الناحية الغربية بالطابق الثانى ويعلوها منارتان بها جرس . كما أن بجوار الكنيسة يوجد سكن للأباء الرهبان وصالة كبيرة بملحقاتها وساحة كبيرة تستعمل كنادى للشباب .
و فى عام 1993 م ، قام نيافة الأنبا أبراهام ، المطران الحالى للكرسى الأورشليمى ، بشراء منزل ملاصق للكنيسة من الناحية الغربية لاستخدامه كدار للحضانة ، ويقوم نيافته حاليا ببناء قاعة كبيرة ومضيفة لخدمة أنشطة الكنيسة . ويخدم شعب الأقباط فى هذه الكنيسة القمص سيدراك الأنطونى والقس بيشوى سيدراك .
الأماكن المسيحية فى الأرض المقدسة
أسوار مدينة القدس وأبوابها
" ارفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن وارتفعن أيتها الأبواب
الدهريات فيدخل ملك المجد . من هو هذا ملك المجد ! رب
الجنود هو ملك المجد " ( مزمور 24 : 9-10)
أجمع علماء الآثار ، على أن السور الحالى لمدينة القدس ، هو السور الرابع من تاريخ اقامة أسوار لهذه المدينة . والأسوار فى صورتها الحالية تعود الى أيام السلطان العثمانى "سليمان الكبير" . حوالى سنة 1542 م ، ومتوسط ارتفاعها حوالى 12 مترا ، وطول السور حوالى 4 كيلومترات ، وتواجه جوانبها الأربعة الجهات الأصلية للبوصلة تقريبا ، ورتابة السور يقطعها 34 برجا وثمانية أبواب هى :
1 - باب العمود :
يقع فى شمال السور ، وهو الأكثر زخرفة ويعتبره الكثيرون الأجمل ، بنى فى عهد سليمان الكبيرسنة 1537، من هذا الباب كان يبدأ الطريق الى دمشق ، لذا سماه الغربيون أيضا "باب دمشق" ، وهو ما زال مفتوحا حتى الآن . ويعتقد أنه أقيم علي انقاض باب الصليبيون، وقد تبين من الحفريات أن هناك بقايا بابين أحدهما من أيام هدريانوس والثاني بناة هيرودس أغرييباس
2 - الباب الجديد "باب عبد الحميد"
هو الباب الوحيد الذى لم يبنه سليمان الكبير ، فتح سنة 1887 م لتسهيل عبور اللاتين من الحى المسيحى الى كنائسهم وأديرتهم خارج الأسوار ، ويسمى أيضا "باب عبد الحميد" ، وهو يقع في الشمال الغربس للسور . ويرجع سبب إقامتة لزيارة الأمبراطور غليوم الثاني للقدس سنة 1887
3 - باب الساهرة "باب هيرودس" ،باب الزهور:
يقع فى الحائط الشمالى للسور ، وسمى خطأ "باب هيرودس" بسبب افتراض أن فى هذا المكان كان يوجد بيت هيرودس أنتيباس . توجد زخرفة على شكل ورود على الباب ، لذا يطلق عليه بالعبرية "باب الزهور" . كان مغلقا حتى سنة 1875 م .


افتراضي
4 - باب الخليل "باب يافا":
يقع فى الحائط الغربى للسور ، ويسميه الغربيون أيضا "باب يافا" ، نظرا لأنه كان نقطة البداية فى الطريق الى يافا ، المدينة ذات الميناء الهام . فهو منفذ للتجارة
5 - باب صهيون "باب النبى داود" ،" باب الحي اليهودي:
يقع فى الحائط الجنوبى للسور ، ويسمى أيضا "باب النبى داود" ، وهو يربط الحى الأرمنى بجبل صهيون.
6 - باب المغاربة :
يقع فى الحائط الجنوبى للسور . وهو أقرب الأبواب الى حائط المبكى ، معظم نفايات المدينة كانت تنقل الى وادى قدرون بواسطة نفق مجارى قديم يجرى من تحت هذا الباب لذا يسمى أيضا "باب الدمن" أو"باب الزبالة" . عرضه يكفي لمرور رجل وحماره.
7 - الباب الذهبى "باب الرحمة وباب التوبة" ،"الأبواب الدهرية" ، باب توما:
يقع فى الحائط الشرقى للسور .في الجنوب من باب الأسباط وهو فى الحقيقة بابان : باب الرحمة وباب التوبة ، هما بابان متلاصقان سدا فى أيام الأتراك . فى وسط البابين عمود ضخم يرتكز عليه قوسان من الفن البيزنطى . ويسمى أيضا "الأبواب الدهرية" ، حيث أن التقليد المحفوظ يقول أن السيد المسيح دخل من هذا الباب الى أورشليم "القدس" قادما من جبل الزيتون فى يوم أحد الشعانين عبر هذا الباب . ويخبرنا التاريخ أيضا أن هرقل دخل المدينة عبر هذا الباب ، عندما استرد القدس من الفرس ، حاملا معه جزء من خشبة الصليب المقدس الذى استولى عليه كسرى الثانى ملك الفرس سنة 614 ميلادية . ويسميه الفرنجة الباب الذهبي لجماله ويسمي أيضا باب توما
8 - باب الأسباط ،باب الأسود ، باب استفانوس باب ستنا مريم:
يقع هذا الباب فى الحائط الشرقى للسور ، ويسمى أيضا "باب الأسود" لأن زوجا من الأسود نقشا على جانبى الباب . ويطلق عليه أيضا "باب استفانوس" ، حسبما يقول التقليد أن القديس استفانوس أخرجوه من هذا الباب ليرجم . أما المسيحيون فيطلقون عليه "باب ستنا مريم" نظرا لأنه يقع فى مقابل الجثسيمانية حيث قبر السيدة العذراء . وقد بني أيام سليمان القانوني
الناصرةNAZARETH
"و فى الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله الى مدينة من الجليل اسمها ناصرة الى عذراء مخطوبة لرجل
من بيت داود اسمه يوسف . واسم العذراء مريم . فدخل اليها الملاك وقال : سلام لك أيتها الممتلئة نعمة . الرب معك .
مباركة أنت فى النساء ئز فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية . فقال الملاك لا
تخافى يا مريم لأنك وجدت نعمة عند الله . وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع " (لوقا 1 :26-33) .
+ الاسم والموقع :
"الناصرة" اسم عبرى معناه "غصن" أو " المحروسة" ، وهى تقع فى الشمال من الجليل الأسفل ، وترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالى 400 مترا وتبعد نحو 27 كيلومترا عن بحيرة طبرية من الغرب ، وحوالى 150 كيلومترا الى الشمال من أورشليم . وكانت الناصرة فى أيام الحكم الرومانى وفى فترة حياة السيد المسيح فيها ، قرية يهودية ليست لها أية أهمية ، ويبدو أن سمعتها كانت سيئة " أمن الناصرة يمكن أن يكون شئ صالح" (يو 1 : 46) .
+ الناصرة فى العهد الجديد :
ترجع أهمية الناصرة فى العهد الجديد للآتى :
- القديس يوسف النجار والسيدة العذراء ، كانا من الناصرة وسكنا فيها (لوقا 2: 39) .
- فى الناصرة ظهر ملاك الرب للعذراء ليبشرها بأنها ستكون أما لمخلص العالم " (لوقا 1: 26) .
- رجعت العائلة المقدسة من أرض مصر وسكنت فى الناصرة (متى 2: 23) .
- فى الناصرة قضى السيد المسيح القسم الأكبر من حياته على الأرض (مرقس 1 : 9) .
- السيد المسيح دعى بـ "يسوع الناصرى" نسبة الى الناصرة (متى 23:2 ، متى 11:21 ، مرقس 24:1) . ولكن للأسف أهل الناصرة رفضوا السيد المسيح مرتين (متى13:4 ، لوقا28:4 ، يوحنا 43:4) .
+ كنيسة البشارة للاتين :
خلال الحفريات التى قام بها فريق من علماء الآثار سنة 1955 م ، تم اكتشاف بقايا الكنيسة القديمة الأولى ، وقرر العلماء انها ترجع الى القرن الثانى الميلادى ، وقد بنيت قرب المغارة المقدسة التى كانت جزءا من بيت السيدة العذراء والقديس يوسف ، حيث سكنا عقب عودتهما من أرض مصر . وحسب التقليد المسلم أن فى هذا المكان بشر الملاك جبرائيل العذراء مريم بالحبل البتولى ، بالسيد المسيح وفى القرن الخامس (تقريبا سنة 427م) ، حلت كنيسة ذات الطراز البيزنطى محل الكنيسة الأولى ، ولكن هدمها الفرس سنة 614 م ، وأعاد بناءها الصليبيون فى بداية القرن الثانى عشر ، فدك بناؤها الملك بيبرس سنة 1263 م .
حصل الآباء الفرنسيسكان على ملكية المكان سنة 1620 م ، فشيدوا كنيسة صغيرة سنة 1730 م ، وبقيت هذه الكنيسة حتى سنة 1955 م ، حينما هدمت لأجل بناء الكنيسة الموجودة حاليا ، ذات القبة المخروطية . هذه الكنيسة أنتهى من بنائها سنة 1969 م ، وعمل تصميمها المهندس البروفيسور Giovanni Muzio من ايطاليا . وللكنيسة طابقين : فالطابق السفلى يتبع آثار أساسات الكنيسة الصليبية وفى الوسط مغارة البشارة التى ينفتح السقف أمامها كالعين لتبصر النور ، وهى تحت قبة الكنيسة العليا .
مداخل الكنيسة من الجانبين الجنوبى والغربى ، وفى الواجهة الغربية يوجد مشاهد محفورة لها صلة بالتجسد مستلهمة من العهدين القديم والجديد . القبة المخروطية التى تشتهر بها كنيسة البشارة ، تظهر من الداخل مثل كأس زهرة الزنبق ولونها الأبيض الذى يشير الى الطهارة والبتولية . فى قمة القبة ما يشبه عدسة ضوئية ذات الأضلاع الثمانية ، ينزل منها نور النهار ليضئ صحن الكنيسة "كان النور الحقيقى الذى ينير كل انسان آتيا الى العالم" (يوحنا 9:1) . كما ينعكس النور على القضبان لحديدية لأوراق الزهرة التى فيها الحرف "M" الذى هو أول حرف لكل من Maria & Messias أى المسيا وماريا .
+ كنيسة القديس يوسف :
و تسمى أيضا "كنيسة العائلة المقدسة" . تقع هذه الكنيسة الى شمالى كنيسة البشارة ، وبين الاثنين يوجد دير الفرنسيسكان الضخم (بنى سنة 1930م) مع المدرسة بجواره . المبنى الأول يرجع الى القرن السادس الميلادى ،
و الذى شيد فوق المغارة التى يخبرنا التقليد أنها كانت بمثابة ورشة النجارة (أو محل) للقديس يوسف ، حيث كان الطفل يسوع يساعده أيضا فى عمله فيها .
فى سنة 1911 م شيدت الكنيسة الحالية على الطراز الصليبى بالقرب من بقايا الكنيسة البيزنطية ، التى يمكن حتى وقتنا هذا أن نشاهدها بالمغارة ، والكنيسة حاليا ملك الآباء الفرنسيسكان . ومن المعروف أن القديس يوسف كان يعمل فى مهنة النجارة ، حيث ورد فى انجيل متى على لسان بعض اليهود قائلين : "من أين لهذا هذه الحكمة والقوات ؟ أليس هذا اين النجار " (متى 54:13-55) .
+ كنيسة الملاك جبرائيل :
هى مل لطائقة الروم الأرثوذكس ، ويطلقون عليها أيضا اسم "كنيسة البشارة للروم الأرثوذكس" . وهى تقع بالقرب من الطريق الرئيسية التى تؤدى الى طبرية . هذه الكنيسة شيدت سنة 1750 م على أنقاض ثلاث كنائس متوالية قديمة ، الكنيسة الأولى تعود الى فترة الحملات الصليبية ، وبقاياها يمكن مشاهدته بداخل كهف ، حيث يوجد بئر ماء يسمى "بئر العذراء مريم" . ولدى الكنيسة اليونانية تقليد يقول أن الملاك جبرائيل ظهر للعذراء مريم وبشرها بالحبل الالهى عندما تستقى ماء من تلك البئر ، لكن لا يوجد سند حقيقى يدعم صحة هذا التقليد .

عين كارم EN KEREM
زيارة العذراء لاليصابات
" هوذا أليصابات نسيبتك هى أيضا حبلى بابن فى
شيخوختها ، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا …. فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا . ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات " (لوقا 36:1-45) .
+ الاسم والموقع :
عين كارم قرية صغيرة فى غربى القدس ، لم يأت ذكرها فى الكتاب المقدس صراحة ، غير أن التقليد وعلم الآثار يشير الى كونها مسقط رأس يوحنا المعمدان . ويرى بعض العلماء أن "عين كارم" اسم معناه "عين جبل الكرمة" . ويوحنا المعمدان هو السابق الذى مهد الطريق للرب "صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب" (مرقس 3:1) ، ولم يأت من نفسه بل مرسل من الله "كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا . هذا جاء للشهادة ليشهد للنور ، لكى يؤمن الكل بواسطته" (يوحنا 6:1-7) .و من أهم معالم عين كارم : كنيسة القديس يوحنا المعمدان - كنيسة الزيارة .
+ كنيسة القديس يوحنا المعمدان :
و هى تقع ضمن دير للآباء الفرنسيسكان . نفذت عمليات تنفيب دقيقة عن يمين كنيسة مار يوحنا المعمدان ، فتبين أن الكنيسة الأولى بنيت فى هذا المكان فى القرن الخامس الميلادى ، وأعاد بناؤها الصليبيون ، وفى سنة 1621 م امتلك الآباء الفرنسيسكان موضع الآثار ، ثم قاموا ببناء الكنيسة الحالية التى ترجع الى سنة 1885 م . وحسب التقليد الدقيق ثبت أنها بنيت فى مكان بيت زكريا وأليصابات ، وبداخل الكنيسة توجد على يسار الهيكل الرئيسى ، مغارة صغيرة ، فيها ولد القديس يوحنا المعمدان .
+ كنيسة الزيارة :
"فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ، ثم رجعت الى بيتها" (لو 56:1)
عند عودتنا من كنيسة مار يوحنا المعمدان نمر قرب عين ماء تسمى "عين العذراءمريم" وعلى رأس التلة كنيسة تسمى "كنيسة الزيارة" ، وهو المكان حيث زارت القديسة مريم العذراء أليصابات نسيبتها . أثناء القيام بعملية البناء ظهرت آثار بقايا الكنائس السابقة القديمة ، خاصة كنيسة من العصر البيزنطى وأخرى من فترة الحملات الصليبية أو بعدها بقليل (حوالى القرن الثانى عشر ) .
البناء الحالى للكنيسة تم بناؤه وتزيينه خلال السنوات من 1938 حتى 1955 ميلادية ، وهو من تصميم المهندس الايطالى Antonio Barluzzi ، وكان الفرنسيسكان قد حصلوا على ملكية المكان سنة 1679 م . فى واجة الكنيسة نشاهد منظرا من الموزاييك ، يبين السيدة العذراء يرافقها الملائكة فى الطريق من الناصرة لزيارة أليصابات نسيبتها . وعلى الجدار المقابل للكنيسة ترجمة نشيد العذراء وهو
"تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى … " (لوقا 46:1-55) بأحدى وأربعين لغة .
و الكنيسة طابقين : الكنيسة العلوية ، وهى تستعمل فى اقامة القداسات بصفة دائمة ، أما الكنيسة السفلية فهى تحتوى على مغارة وينبوع ماء ، حيث يقول التقليد أنه فى لحظة تقابل السيدة العذراء مع أليصابات وسلمت عليها تفجر ينبوع ماء فى المكان .
و فى المغارة توجد ملاحظة جديرة بالذكر ، حيث يوجد بجوار الحائط الأيمن حجر مطبوع عليه آثار جسم طفل ، ويقول التقليد أن الطفل الصغير يوحنا المعمدان ترك هذه الآثار على الحجر حينما خبأته أمه من جنود هيرودس خلف هذا الحجر .
بيت لحم BETHLEHEM
( مدينة الميلاد )
" فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب : أنه
ولد لكم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب " (لوقا 10:2-11) .
+ الاسم والموقع :
"بيت لحم اسم معناه "بيت الخبز" ، وكان يطلق عليها "أفراتة" أى "المثمرة" ، وهى مدينة تقع على بعد 7 كيلومترات الى الجنوب من أورشليم (القدس) ، وترتفع نحو 770 مترا فوق مستوى سطح البحر . ويخبرنا سفر التكوين أن "راحيل" دفنت فى طريق أفراتة التى هى بيت لحم (تكوين 19:35) ، ولقد سكنت راعوث الموآبية فى بيت لحم مع بوعز رجلها ، كما كان النبى داود ابن يس من بيت لحم (صموئيل الأول 12:17) ، وجاء صموئيل النبى الى بيت لحم ليمسح داود ملكا خلفا لشاول الذى رفضه الرب .
و يبدو أن بيت لحم - بعد زمان داود النبى - فقدت أهميتها ، ولكن ميخا النبى تنبأ عنها ، أن السيد المسيح سيولد فيها قائلا : "أما أنت يا بيت لحم أفراتة ، وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا ، فمنك يخرج لى الذى يكون متسلطا على اسرائيل ، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 2:5) ، وهذا ما تم فعلا ، حيث يخبرنا الكتاب المقدس : "و لما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية ، فى أيام هيرودس الملك ، اذا مجوس من المشرق قد جاءوا الى أورشليم قائلين : أين هو المولود ملك اليهود" (متى 1:2-2) ، وفى بيت لحم أيضا حدثت مذبحة الأطفال الأبرياء ، بأمر هيرودس الملك (متى 8:2) ، وأن هادريان Hadrian (سنة 135م) قد خرب بيت لحم تماما وأقام فى موضعها نصبا للاله " أدونيس" .
+ قبر راحيل :
" راحيل" اسم عبرى معناه "شاة" أو "نعجة" ، وهى زوجة يعقوب ، وأم ولديه يوسف وبنيامين ، وهى الابنة الصغرى للابان الآرامى ، أخى رفقة أم يعقوب ، فكانت راحيل ابنة خال يعقوب . وافق يعقوب على أن يخدم لابان سبع سنين ليأخذ راحيل زوجة له (تكوين 17:29-20) ، وبعد أن انقضت تلك السنوات ، خدع لابان يعقوب وأعطاه ليئة بدلا من راحيل ، وعندما أحتج يعقوب على ذلك ، أعطاه لابان راحيل أيضا ، بشرط أن يخدمه سبع سنوات أخر (تكوين 21:29-29) . كانت راحيل فى البداية عاقرا ، لكن بعد ذلك فتح الرب رحمها ، فولدت ليعقوب يوسف وبنيامين ، وقد ماتت راحيل أثناء ولادة ابنها بنيامين ، ودفنت فى بيت لحم "فماتت راحيل ودفنت فى طريق أفراتة التى هى بيت لحم . فنصب يعقوب عمودا على قبرها" ( تكوين 19:35-20) .
و رغم أن ذلك العمود قد اندثر ، الا أن موقعه ما زال معروفا الى يومنا هذا ، والتاريخ يخبرنا أن الصليبيين هم أول من أقاموا قبة فوق قبر راحيل فى الفترة ما بين القرن الثانى عشر والثالث عشر ، وسموها "قبة راحيل" . والقبر فى شكله الحالى يرجع الى منتصف القرن التاسع عشر ، وتم تجديده فى سنة 1996 م ، هذا وقد حصل اليهود على مفتاح قبر راحيل سنة 1841 ميلادية .
+ كنيسة المهد :
"و هذه لكم العلامة : تجدون طفلا مقمطا مضجعا فى مذود" (لوقا 12:2) .
بنيت هذه الكنيسة فوق مغارة الميلاد والمذود ، بأمر من الامبراطور قسطنطين وباشراف أمه الملكة هيلانة فى سنة 326 م ، وفى سنة 529 م ، هدم السامريون الكنيسة بأكملها وأشعلوا فيها النار . عوضا عنها شيد الامبراطور يوستنيان Justinian سنة 534 م الكنيسة الحالية ، وقد أعرض الفرس عن تدميرها كلية سنة 614 م بسبب لوحة ملوك الفرس (المجوس) على واجهتها ، وقد نجت أيضا من الخليفة "الحاكم بأمر الله" سنة 1009 م احتراما لمهد السيد المسيح . وفى يوم عيد الميلاد من سنة 1101 م ،توج الملك بلدوين Baldwin ملكا على المملكة اللاتينية فى فلسطين (وأصبحت القدس عاصمتها) ، كأول ملك صليبى . وزين الصليبيون الكنيسة بالفسيفساء والرخام ، وسلمت الكنيسة الى رعاية الآباء الفرنسيسكان سنة 1347 م ، الذين أجروا فيها الاصلاحات اللازمة فى سنة 1480 م .
و بعد مجئ الأتراك سنة 1517م ، نال الروم الأرثوذكس امتيازات أوسع على الكنيسة ، فرمموها سنة 1670 م ، ثم حصل أيضا الأرمن الأرثوذكس على حقوق فى كنيسة المهد ، كما حصل الأقباط الأرثوذكس على حقوق الصلاة فيها فى عشية عيد الميلاد ويوم العيد . وقد رممت الكنيسة للمرة الأخيرة سنة 1842 م ، وقد تم اكتشاف أرضية الفسيفساء البيزنطية ، اثر دراسة أثرية أجريت سنة 1933 م حول الكنيسة .
تحيط بجدران كنيسة المهد ثلاثة أديرة : دير الفرنسيسكان - دير الروم الأرثوذكس - دير الأرمن الأرثوذكس . مدخل الكنيسة صغير جدا ، ولذا يسمى أحيانا "باب الاتضاع" ، وعتبة البوابة اليوستنيانية مرئية فوق القوس الصليبى ، وفى سنة 1500 م ضيقت البوابة لمنع دخول خيل الجنود الى الكنيسة . طول الكنيسة 54 مترا وعرضها 26 مترا ، وصحن الكنيسة ينقسم الى خمسة أجنحة ، يفصل بينها أربعة صفوف من الأعمدة ، عددها 44 عمودا . نرى على جدران صدر الكنيسة الرئيسى بعض بقايا الفسيفساء التى كانت تزين الكنيسة فى القرن الثانى عشر ، كما توجد أيا بعض الفسيفساء فى أرضية الكنيسة من بقايا الكنيسة البيزنطية الأولى .
تقع مغارة المهد تحت صحن الكنيسه الى الشرق ،و هى المزار الرئيسى فى هذا المكان المقدس ، وهناك درجان يؤديان الى المغاره على جانبى مذبح المهد ، وحسب التقليد ان فى هذه المغاره ولد السيد المسيح ، وتشير اليه نجمه فضيه تحمل الكتابه التاليه باللغه اللاتينيه (1852) " وترجمته باللغة العربية "هنا ولدت العذراء مريم يسوع المسيح" (1852م) وعن يمين المغارة نجد "المذود" ، الذى تغطيه الآن لوحات من الرخام ، وحسب التقليد أن الرعاة جاوا الى هذا المكان ساجدين . الباب فى آخر المغارة صلة وصل مع المغاور الأخرى المجاورة ، التى يمكن الدخول اليها من كنيسة الآباء الفرنسيسكان . من المغارة صعودا نحو الجناح الشمالى ، ندخل الى كنيسة القديسة كاترين الأسكندرية ، والتى بناها الفرنسيسكان سنة 1881 م . والى اليمين ، الدرج الذى يؤدى الى مغارة عاش فيها القديس جيروم Hieronymus (385-420م) ، وقد قام بترجمة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد الى اللغة اللاتينية المعروفة بـ "Vulgata" فى هذه المغارة (تقع تحت كنيسة القديسة كاترينة) .
كذلك عثر على مغارة أطفال بيت لحم ، وهى المغارة التى دفنت فيها أجساد الأطفال الأبرياء الذين أمر هيرودس الملك بقتلهم وهو يبحث عن الطفل يسوع ليقتله ويوجد فوق باب المغارة مذبح على اسم "أطفال بيت لحن" والى جواره مذبح على اسم "يوسف النجار" . ومن هذه المغارة يفتح باب الى كنيسة القديس جورجيوس ، كما توجد على يسار المغارة منارة مرتفعة توجد بها عدة أجراس ، يمكن من خلالها مشاهدة معظم معالم بيت لحم .

عين كارم EN KEREM
زيارة العذراء لاليصابات
" هوذا أليصابات نسيبتك هى أيضا حبلى بابن فى
شيخوختها ، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا …. فقامت مريم فى تلك الأيام وذهبت بسرعة الى الجبال الى مدينة يهوذا . ودخلت بيت زكريا وسلمت على أليصابات " (لوقا 36:1-45) .
+ الاسم والموقع :
عين كارم قرية صغيرة فى غربى القدس ، لم يأت ذكرها فى الكتاب المقدس صراحة ، غير أن التقليد وعلم الآثار يشير الى كونها مسقط رأس يوحنا المعمدان . ويرى بعض العلماء أن "عين كارم" اسم معناه "عين جبل الكرمة" . ويوحنا المعمدان هو السابق الذى مهد الطريق للرب "صوت صارخ فى البرية أعدوا طريق الرب" (مرقس 3:1) ، ولم يأت من نفسه بل مرسل من الله "كان انسان مرسل من الله اسمه يوحنا . هذا جاء للشهادة ليشهد للنور ، لكى يؤمن الكل بواسطته" (يوحنا 6:1-7) .و من أهم معالم عين كارم : كنيسة القديس يوحنا المعمدان - كنيسة الزيارة .
+ كنيسة القديس يوحنا المعمدان :
و هى تقع ضمن دير للآباء الفرنسيسكان . نفذت عمليات تنفيب دقيقة عن يمين كنيسة مار يوحنا المعمدان ، فتبين أن الكنيسة الأولى بنيت فى هذا المكان فى القرن الخامس الميلادى ، وأعاد بناؤها الصليبيون ، وفى سنة 1621 م امتلك الآباء الفرنسيسكان موضع الآثار ، ثم قاموا ببناء الكنيسة الحالية التى ترجع الى سنة 1885 م . وحسب التقليد الدقيق ثبت أنها بنيت فى مكان بيت زكريا وأليصابات ، وبداخل الكنيسة توجد على يسار الهيكل الرئيسى ، مغارة صغيرة ، فيها ولد القديس يوحنا المعمدان .
+ كنيسة الزيارة :
"فمكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ، ثم رجعت الى بيتها" (لو 56:1)
عند عودتنا من كنيسة مار يوحنا المعمدان نمر قرب عين ماء تسمى "عين العذراءمريم" وعلى رأس التلة كنيسة تسمى "كنيسة الزيارة" ، وهو المكان حيث زارت القديسة مريم العذراء أليصابات نسيبتها . أثناء القيام بعملية البناء ظهرت آثار بقايا الكنائس السابقة القديمة ، خاصة كنيسة من العصر البيزنطى وأخرى من فترة الحملات الصليبية أو بعدها بقليل (حوالى القرن الثانى عشر ) .
البناء الحالى للكنيسة تم بناؤه وتزيينه خلال السنوات من 1938 حتى 1955 ميلادية ، وهو من تصميم المهندس الايطالى Antonio Barluzzi ، وكان الفرنسيسكان قد حصلوا على ملكية المكان سنة 1679 م . فى واجة الكنيسة نشاهد منظرا من الموزاييك ، يبين السيدة العذراء يرافقها الملائكة فى الطريق من الناصرة لزيارة أليصابات نسيبتها . وعلى الجدار المقابل للكنيسة ترجمة نشيد العذراء وهو
"تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى … " (لوقا 46:1-55) بأحدى وأربعين لغة .
و الكنيسة طابقين : الكنيسة العلوية ، وهى تستعمل فى اقامة القداسات بصفة دائمة ، أما الكنيسة السفلية فهى تحتوى على مغارة وينبوع ماء ، حيث يقول التقليد أنه فى لحظة تقابل السيدة العذراء مع أليصابات وسلمت عليها تفجر ينبوع ماء فى المكان .
و فى المغارة توجد ملاحظة جديرة بالذكر ، حيث يوجد بجوار الحائط الأيمن حجر مطبوع عليه آثار جسم طفل ، ويقول التقليد أن الطفل الصغير يوحنا المعمدان ترك هذه الآثار على الحجر حينما خبأته أمه من جنود هيرودس خلف هذا الحجر .
بيت لحم BETHLEHEM
( مدينة الميلاد )
" فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب : أنه
ولد لكم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب " (لوقا 10:2-11) .
+ الاسم والموقع :
"بيت لحم اسم معناه "بيت الخبز" ، وكان يطلق عليها "أفراتة" أى "المثمرة" ، وهى مدينة تقع على بعد 7 كيلومترات الى الجنوب من أورشليم (القدس) ، وترتفع نحو 770 مترا فوق مستوى سطح البحر . ويخبرنا سفر التكوين أن "راحيل" دفنت فى طريق أفراتة التى هى بيت لحم (تكوين 19:35) ، ولقد سكنت راعوث الموآبية فى بيت لحم مع بوعز رجلها ، كما كان النبى داود ابن يس من بيت لحم (صموئيل الأول 12:17) ، وجاء صموئيل النبى الى بيت لحم ليمسح داود ملكا خلفا لشاول الذى رفضه الرب .
و يبدو أن بيت لحم - بعد زمان داود النبى - فقدت أهميتها ، ولكن ميخا النبى تنبأ عنها ، أن السيد المسيح سيولد فيها قائلا : "أما أنت يا بيت لحم أفراتة ، وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا ، فمنك يخرج لى الذى يكون متسلطا على اسرائيل ، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 2:5) ، وهذا ما تم فعلا ، حيث يخبرنا الكتاب المقدس : "و لما ولد يسوع فى بيت لحم اليهودية ، فى أيام هيرودس الملك ، اذا مجوس من المشرق قد جاءوا الى أورشليم قائلين : أين هو المولود ملك اليهود" (متى 1:2-2) ، وفى بيت لحم أيضا حدثت مذبحة الأطفال الأبرياء ، بأمر هيرودس الملك (متى 8:2) ، وأن هادريان Hadrian (سنة 135م) قد خرب بيت لحم تماما وأقام فى موضعها نصبا للاله " أدونيس" .
+ قبر راحيل :
" راحيل" اسم عبرى معناه "شاة" أو "نعجة" ، وهى زوجة يعقوب ، وأم ولديه يوسف وبنيامين ، وهى الابنة الصغرى للابان الآرامى ، أخى رفقة أم يعقوب ، فكانت راحيل ابنة خال يعقوب . وافق يعقوب على أن يخدم لابان سبع سنين ليأخذ راحيل زوجة له (تكوين 17:29-20) ، وبعد أن انقضت تلك السنوات ، خدع لابان يعقوب وأعطاه ليئة بدلا من راحيل ، وعندما أحتج يعقوب على ذلك ، أعطاه لابان راحيل أيضا ، بشرط أن يخدمه سبع سنوات أخر (تكوين 21:29-29) . كانت راحيل فى البداية عاقرا ، لكن بعد ذلك فتح الرب رحمها ، فولدت ليعقوب يوسف وبنيامين ، وقد ماتت راحيل أثناء ولادة ابنها بنيامين ، ودفنت فى بيت لحم "فماتت راحيل ودفنت فى طريق أفراتة التى هى بيت لحم . فنصب يعقوب عمودا على قبرها" ( تكوين 19:35-20) .
و رغم أن ذلك العمود قد اندثر ، الا أن موقعه ما زال معروفا الى يومنا هذا ، والتاريخ يخبرنا أن الصليبيين هم أول من أقاموا قبة فوق قبر راحيل فى الفترة ما بين القرن الثانى عشر والثالث عشر ، وسموها "قبة راحيل" . والقبر فى شكله الحالى يرجع الى منتصف القرن التاسع عشر ، وتم تجديده فى سنة 1996 م ، هذا وقد حصل اليهود على مفتاح قبر راحيل سنة 1841 ميلادية .
+ كنيسة المهد :
"و هذه لكم العلامة : تجدون طفلا مقمطا مضجعا فى مذود" (لوقا 12:2) .
بنيت هذه الكنيسة فوق مغارة الميلاد والمذود ، بأمر من الامبراطور قسطنطين وباشراف أمه الملكة هيلانة فى سنة 326 م ، وفى سنة 529 م ، هدم السامريون الكنيسة بأكملها وأشعلوا فيها النار . عوضا عنها شيد الامبراطور يوستنيان Justinian سنة 534 م الكنيسة الحالية ، وقد أعرض الفرس عن تدميرها كلية سنة 614 م بسبب لوحة ملوك الفرس (المجوس) على واجهتها ، وقد نجت أيضا من الخليفة "الحاكم بأمر الله" سنة 1009 م احتراما لمهد السيد المسيح . وفى يوم عيد الميلاد من سنة 1101 م ،توج الملك بلدوين Baldwin ملكا على المملكة اللاتينية فى فلسطين (وأصبحت القدس عاصمتها) ، كأول ملك صليبى . وزين الصليبيون الكنيسة بالفسيفساء والرخام ، وسلمت الكنيسة الى رعاية الآباء الفرنسيسكان سنة 1347 م ، الذين أجروا فيها الاصلاحات اللازمة فى سنة 1480 م .
و بعد مجئ الأتراك سنة 1517م ، نال الروم الأرثوذكس امتيازات أوسع على الكنيسة ، فرمموها سنة 1670 م ، ثم حصل أيضا الأرمن الأرثوذكس على حقوق فى كنيسة المهد ، كما حصل الأقباط الأرثوذكس على حقوق الصلاة فيها فى عشية عيد الميلاد ويوم العيد . وقد رممت الكنيسة للمرة الأخيرة سنة 1842 م ، وقد تم اكتشاف أرضية الفسيفساء البيزنطية ، اثر دراسة أثرية أجريت سنة 1933 م حول الكنيسة .
تحيط بجدران كنيسة المهد ثلاثة أديرة : دير الفرنسيسكان - دير الروم الأرثوذكس - دير الأرمن الأرثوذكس . مدخل الكنيسة صغير جدا ، ولذا يسمى أحيانا "باب الاتضاع" ، وعتبة البوابة اليوستنيانية مرئية فوق القوس الصليبى ، وفى سنة 1500 م ضيقت البوابة لمنع دخول خيل الجنود الى الكنيسة . طول الكنيسة 54 مترا وعرضها 26 مترا ، وصحن الكنيسة ينقسم الى خمسة أجنحة ، يفصل بينها أربعة صفوف من الأعمدة ، عددها 44 عمودا . نرى على جدران صدر الكنيسة الرئيسى بعض بقايا الفسيفساء التى كانت تزين الكنيسة فى القرن الثانى عشر ، كما توجد أيا بعض الفسيفساء فى أرضية الكنيسة من بقايا الكنيسة البيزنطية الأولى .
تقع مغارة المهد تحت صحن الكنيسه الى الشرق ،و هى المزار الرئيسى فى هذا المكان المقدس ، وهناك درجان يؤديان الى المغاره على جانبى مذبح المهد ، وحسب التقليد ان فى هذه المغاره ولد السيد المسيح ، وتشير اليه نجمه فضيه تحمل الكتابه التاليه باللغه اللاتينيه (1852) " وترجمته باللغة العربية "هنا ولدت العذراء مريم يسوع المسيح" (1852م) وعن يمين المغارة نجد "المذود" ، الذى تغطيه الآن لوحات من الرخام ، وحسب التقليد أن الرعاة جاوا الى هذا المكان ساجدين . الباب فى آخر المغارة صلة وصل مع المغاور الأخرى المجاورة ، التى يمكن الدخول اليها من كنيسة الآباء الفرنسيسكان . من المغارة صعودا نحو الجناح الشمالى ، ندخل الى كنيسة القديسة كاترين الأسكندرية ، والتى بناها الفرنسيسكان سنة 1881 م . والى اليمين ، الدرج الذى يؤدى الى مغارة عاش فيها القديس جيروم Hieronymus (385-420م) ، وقد قام بترجمة الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد الى اللغة اللاتينية المعروفة بـ "Vulgata" فى هذه المغارة (تقع تحت كنيسة القديسة كاترينة) .
كذلك عثر على مغارة أطفال بيت لحم ، وهى المغارة التى دفنت فيها أجساد الأطفال الأبرياء الذين أمر هيرودس الملك بقتلهم وهو يبحث عن الطفل يسوع ليقتله ويوجد فوق باب المغارة مذبح على اسم "أطفال بيت لحن" والى جواره مذبح على اسم "يوسف النجار" . ومن هذه المغارة يفتح باب الى كنيسة القديس جورجيوس ، كما توجد على يسار المغارة منارة مرتفعة توجد بها عدة أجراس ، يمكن من خلالها مشاهدة معظم معالم بيت لحم .

+ كنيسة مغارة الحليب :
تقع كنيسة مغارة الحليب على بعد أمتار من كنيسة المهد . وأول كنيسة بنيت فى هذا المكان ترجع الى القرن الخامس الميلادى ، فوق مغارة تسمى "مغارة الحليب" حيث يخبرنا التقليد أن السيدة العذراء كانت تقيم بعض الوقت فى هذه المغارة مع الطفل يسوع ، وهى فى طريقها الى أرض مصر هربا من هيرودس الملك ، وفى ذات يوم بينما كانت العذراء ترضع الطفل يسوع سقطت نقطة من اللبن على الأرض ، وبمعجزة الهية صبغت هذه النقطة صخور المغارة باللون الأبيض ، وهذا هو سبب تسمية الكنيسة بـ "كنيسة مغارة الحليب" . الكنيسة الحالية بنيت سنة 1871 م ، وبداخلها المغارة المقدسة ، وهى ملك الآباء الفرنسيسكان .
+ كنيسة حقل الرعاة :
"و كان فى تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم ، واذا ملاك الرب وقف بهم ، ومجد الرب أضاء حولهم ، فخافوا خوفا عظيما . فقال لهم الملاك : لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب : أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب …… وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوى مسبحين الله وقائلين : المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لوقا 8:2-14) .
هذه الكنيسة توجد فى بلدة "بيت ساحور" ، وهى تقع شرقى بيت لحم بمسافة صغيرة ، شيدت هذه الكنيسة باشراف الملكة هيلانة فى القرن الرابع ، فى مكان ظهور الملاك للرعاة ، وهذا ما أكده القديس جيروم (385-420م) فى كتاباته عن الميلاد ، وقد ذكر أخبار هذه المغارة ، التى ما زالت موجودة حتى الآن . الكنيسة الحالية شيدت سنة 1954م على شكل خيمة فى حقل الرعاة ، حيث المغارة التى كانوا يبيتون فيها ، والكنيسة مبنية على أطلال الكنيسة القديمة .

أريحا JERICHO
عماد السيد المسيح - التجربة على الجبل
"حينئذ جاء يسوع من الجليل الى الأردن الى يوحنا
ليعتمد منه …. هذا هو أبنى الحبيب الذى به سررت
(متى 13:3-17) . "ثم أصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس فبعدما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة ، جاع أخيرا فتقدم
اليه المجرب ….. " (متى 1:4-11) .
+ نهر الأردن :
يخبرنا الكتاب المقدس أن يوحنا المعمدان كان يعمد فى نهر الأردن ، فى "بيت عبرا" ، حيث يقول : "هذا كان فى بيت عبرة فى عبر الأردن حيث كان يوحنا يعمد" (يوحنا 28:1) ، وبذلك يكون السيد المسيح أعتمد أيضا عند "بيت عبرا" ، وبيت عبرا هذه تقع على بعد 97 كيلومترا جنوب بحر الجليل (بجيرة طبرية) ، ويصل اليها سكان اليهودية بسهولة ، وتسمى هذه المنطقة من نهر الأردن "بحر الشريعة" ، وهى بالقرب من أريحا .
يبدأ نهر الأردن بالتقاء أربعة نهيرات هى "براغيت - الحصبانى - اللدان - البانياس ، فى الجزء الأعلى من سهل بحيرة الحولة (فى أقصى شمال فلسطين) ، ويسير نهر الأردن فى مجراه من الشمال الى الجنوب حاملا معه مياه جبل حرمون (جبل الشيخ) المتجمد فى انحدار سريع متجها الى بحيرة طبرية ، ثم يخرج من بحيرة طبرية بسرعة تتباطئ حتى يصب فى البحر الميت . اذا قسنا طول نهر الأردن حتى يصب فى البحر الميت نجد طوله مئة وأربعة عشرة كيلومترا فى خط مستقيم ، لكن نظرا لتعرجاته الكثيرة فيصل طوله الى حوالى ثلاثمائة وخمسين كيلومترا .
+ المغطس :
"فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء ، واذا السماوات قد انفتحت له ، فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه ، وصوت من السماوات قائلا : هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت " ( يوحنا 16:13-17) .
على حافة نهر الأردن ، يوجد مكان أثرى شهير ، يسمى "المغطس" ، وحسب التقليد ، يقال أنه نفس المكان الذى اعتمد فيه الرب يسوع على يد يوحنا المعمدان ، ويقع على بعد نحو ستة كيلومترات شرقى أريحا . وفى سنة 1957 م شيد المكان الحالى ، وهو بناء صغير بجوار المغطس تذكارا للعماد المقدس ، واليه يفد آلاف السائحين ، حيث يصلون اليه من خلال درجات سلم كبير . والمكان محاط بسياج حديدى ، حيث يقف الكهنة والرهبان ، الذين يتولون رش الجموع بالماء للبركة ، وذلك خلال الاحتفالات التى يشهدها المكان سنويا بمناسبة عيد الغطاس. ويوجد فى نفس المنطقة أديرة على اسم يوحنا المعمدان لكل من الأقباط والسريان واللاتين والأحباش . ونظرا لأن المكان حاليا غير معد للزيارة فى غير يوم عيد الغطاس ، فأنه قد أعد مكان آخر بالقرب من بحيرة طبرية للتبرك بمياه نهر الأردن .
+ أريحا جغرافيا ومكانتها فى الكتاب المقدس :
"أريحا" اسم معناه "مدينة القمر" أو "مكان الروائح العطرية" . وهى تقع على بعد حوالى أربعة وثلاثين كيلومترا الى الشمال الشرقى من القدس ، وحوالى ثمانية كيلومترات غربى نهر الأردن ، وتنخفض أريحا نحو 250 مترا تحت مستوى سطح البحر . وهى تقع بحسب ما جاء فى سفر التثنية (تث 49:32) مقابل جبل نبو ، وتدعى أيضا "مدينة النخل" (تث 3:34) ، وكانت محاطة بسور (يشوع 15:2) ولها بوابة تغلق ليلا (يشوع 5:2) .
و قد دفع الرب أريحا بيد يشوع بن نون ، وأسقطت أسوارها عندما طيف حولها سبع مرات (يشوع 1:6-25) . ومع أن يشوع تنبأ قائلا "ملعون قدام الرب الرجل الذى يقوم ويبنى هذه المدينة أريحا . ببكره يؤسسها وبصغيره ينصب أبوابها (يشوع 26:6) ، فقد أعاد بناءها جيئيل البيتئيلى ، وتحققت نبوءة يشوع جرقيا "بأبيرام بكره وضع أساسها وبسجوب صغيرة نصب أبوابها ، حسب كلام الرب الذى تكلم به عن يد يشوع بن نون"(1 ملوك 34:16) ، وما زالت أريحا القديمة غير مبنية حتى وقتنا هذا .
كانت فى أريحا فى أيام أليشع النبى مدرسة للأنبياء (2 ملوك 5:2) ، كما كانت راحاب الزانية تعيش فى أريحا فى زمن دخول بنى اسرائيل الى أرض كنعان بقيادة يشوع بن نون (يش 1:2-22 ، يش 17:6-25). وفى العهد الجديد نجد أنه فى أريحا كان يقيم زكا العشار ، وفى منزله استقبل السيد المسيح ، الذى أعلن له : "اليوم حصل خلاص لهذا البيت" (لوقا 1:19-10) ، وبالقرب من أريحا نشاهد جبل عال ، يقال له "جبل قرنطل Quarantal " وهى كلمة يونانية من أصل لاتينى معناها "الأربعين" ، حيث يخبرنا الكتاب المقدس أن السيد المسيح قضى أربعين يوما وأربعين ليلة صائما فى البرية ، كما جرب من ابليس على هذا الجبل ، وانتصر عليه (متى 1:4-11) و(لوقا1:4-13) .
جاء الى البلاد مجموعة من علماء الآثار ، وقاموا بعمل حفريات فى أريحا ، وبحسب تقاريرهم ذكر أن هناك ثلاثة مدن لأريحا :
- أريحا الحديثة (الحالية) : وهى تنتشر فوق أريحا البيزنطية والصليبية .
- أريحا القديمة : وأطلق عليها "تل السلطان" ، وهى غير مبنية حتى الآن ، وبالقرب منها (على بعد 500م) يوجد "عين السلطان" أو "نبع أليشع" ، هذا النبع كانت مياهه ردية ومره ، فخرج أليشع الى نبع الماء ،
و طرح فيه حفنه من الملح فصار الماء صالحا (2ملوك 19:2-22) ، تراكمت أنقاض المدن عبر العصور حتى كونت تلة ارتفاعها 25 مترا ، لكن من حسن الحظ أكتشفت بقايا السور القديم .
- أريحا هيرودس : تقع أريحا هيرودس ، عند فوهة "وادى القلط " Wadi Kelt " حيث الحفريات بعثت الى النور قصر هيرودس ، ومجموعة آثار من العصر المكابى ، زد على ذلك "قلعة كيبروس" التى شيدها هيرودس ، ودعاها على اسم والدته ، لحراسة الطريق .
+ جبل الأربعين Quarantal وديره :
و يسمى أيضا "جبل الأربعين أو جبل التجربة" ، حيث يخبرنا التقليد ، أنه على هذا الجبل قضى السيد المسيح الأربعين يوما والأربعين ليلة صائما ثم جرب من ابليس على قمة هذا الجبل أيضا . يقع هذا الجبل على بعد سبعة كيلومترات شمالى غرب أريحا ، وفى قمة هذا الجبل أيضا . يقع هذا الجبل على بعد سبعة كيلومترات شمالى غرب أريحا ، وفى قمة هذا الجبل يوجد دير للروم الأرثوذكس . يرجع تاريخ بناء الدير الى عام 1892 م ، وقد أقيم فوق أنقاض دير ، يرجع تاريخه الى عام 328 م (باشراف الملكة هيلانة) . وتوجد كنيسة صغيرة بداخل الدير مزينة بالأيقونات ، وداخل الكنيسة سلم صغير يؤدى الى مغارة بها صخرة يقال أن السيد المسيح كان يستند على هذه الصخرة فى فترة وجوده على الجبل ، كما يوجد بالدير بئر ماء لاحتياجات الرهبان بالدير .
+ وادى القلط Wadu Kelt :
يبعد وادى القلط حوالى خمسة كيلومترات غربى أريحا ، ويقول التقليد أن ايليا النبى عاش فترة من حياته على احدى جبال وادى القلط . بوادى القلط يوجد دير للروم الأرثوذكس على اسم القديس جورجيوس . مبنى الدير فريد من نوعه ، حيث يلتصق فى تناسق بالصخور فى بطن الجبل . أنشأ الدير راهب مصرى متوحد يسمى "يوحنا" من طيبة فى القرن الخامس تكريما للسيدة العذراء ، وقد هدم الفرس هذا الدير سنة 614 ميلادية ، وفى القرن التاسع عشر ثم اعادة بناؤه من قبل راهب اسمه جورجيوس من Choziba عاش فى هذا الجبل .
السامرة SAMARIA
( نابلس NABLUS )
السيد المسيح عند بئر يعقوب
" كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا . ولكن من
يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد ،
بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية " (يوحنا 13:4-14) .
+ موقعها ومكانتها فى الكتاب المقدس :
"السامرة" اسم عبرانى معناه "الحارس" ، وهى تقع على بعد نحو 35 كيلومترا الى الشمال من القدس . والسامرة هى عاصمة الأسباط العشرة ، التى هى مملكة اسرائيل (المملكة الشمالية) . وقد بنيت المدينة أو أصلح بناؤها أيام عمرى بن آخاب ملك اسرائيل (876-842 ق.م.) ، على تل اشتراه بوزنتين من الفضة ، وكان صاحب الأرض اسمه "شامر" الذى يعنى مراقب أو حارس (1ملوك 24:16) . وكانت المدينة محصنة ببرج عظيم ، وكان حولها سور عرضه خمسة أقدام ، وقد كان المكان حسنا جدا حتى أنه بقى عاصمة للمملكة الشمالية الى وقت السبى . كانت السامرة فى البداءة مدينة وثنية وبنى فيها آخاب هيكلا للبعل (1ملوك 32:16) وعمل أيضا سوارى ، وطل الوثن الى أن قام ياهو وأستأصل البعل من اسرائيل بكل قوة (2ملوك18:10-30) .
و فى عام 724 ق.م. هاجم شلمناصر ملك أشور مدينة السامرة (2ملوك3:17-6) ، وتغلب عليها فى سنة 721 ق.م. على يد خلفه سرجون الذى أخذ المدينة وأسكن فيها قوم من بابل عوضا عن بنى اسرائيل ، فامتلكوا السامرة وسكنوا فى مدنها (2ملوك 24:17) ، وسبى اسرائيل الى آشور . وفى عام 332 ق.م. استولى الاسكندر الأكبر على المدينة ونقل سكانها الى شكيم ، وأسكن بدلا منهم مقدونيين وسوريين .
و فى أثناء الثورة المكابية بقيادة يوحنا هيركانوس (134-104 ق.م.) ، استطاع أن يحتل جرزيم وشكيم ، وخرب معابد السامريين وهدمها وأراد أن يمحو ذكر المدينة ، الا أن أثناء الثورة المكابية الثانية بقيادة اسكندر حناؤس (103-76 ق.م.) ، عمرت المدينة بالسكان وأعيد بناؤها . ثم أعاد هيرودس الكبير (37-4 ق.م.) بناؤها وتحصينها ودعاها اسم "سباستيه" ، كمدينة رومانية> اكراما لامبراطور روما (وهى غير سباسطية الموجودة ببلاد أرمينيا الصغرى) ، وبنى هيرودس فى السامرة (القديمة) هيكلا رائع الجمال فوق موقع الملوك الاسرائيليين القدامى ، ولا زالت آثار هيكل هيرودس باقية الى اليوم .
و فى سباستيه (السامرة القديمة) ، بشر فيلبس أهلها بالمسيح ، وصنع آيات كثيرة وشفى مرضى وأخرج أرواح نجسة . وقد آمن أهل السامرة بالمسيح ، وسيمون الساحر أيضا آمن وأعتمد ، ولما سمع الرسل الذين فى أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله ، أرسلوا اليهم بطرس ويوحنا لكى يقبلوا الروح القدس (أعمال الرسل 1:8-25). هذا وقد رفض أهل السامرة السيد المسيح فى بداية خدمته ، وأشتد غضب يعقوب ويوحنا على السامرة ، وأرادا أن تنزل عليها نار من السماء (لوقا 52:9-56) . وفى سنة 529 ميلادية قتل السامريون كثيرا من المسيحيين فيها وهدموا كنائسهم .

+ السامرة حاليا :
ان مدينة نابلس Nablus حاليا هى مركز محافظة السامرة ، وتقع بين جبلين هامين : جبل "جرزيم" وجبل "عيبال" ، وبعد انقسام مملكة سليمان (930 ق.م.) ، أصبح جبل جرزيم جبلا مقدسا ، شيد على قمته هيكلا ينافس هيكل سليمان فى القدس . ولا زال هناك جماعة قليلة من السامريين تقيم فى الناحية الغربية من نابلس (شكيم القديمة) وحولها ، ولهم مجمع يحفظون به مخطوطا قديما للكتب الخمس الأولى من التوراة (و لا يقبلون غيرها من الكتاب المقدس) . وينصب السامريون خيامهم على جبل جرزيم ثلاث مرات فى السنة خلال أعياد : الفصح - الخماسين - المظال ، ويحضر الجميع تقدمة الذبائح الدموية فى أيام الفصح . والى الأعلى بقليل من المكان الذى تنتشر فيه الخيام ، توجد آثار كنيسة مسيحية شيدها الامبراطور زينون على أنقاض الهيكل القديم .
+ بئر يعقوب :
"فأتى الى مدينة من السامرة يقال لها سوخار ، بقرب الضيعة التى وهبها يعقوب ليوسف ابنه .و كانت هناك بئر يعقوب . فاذ كان يسوع قد تعب من السفر ، جلس هكذا على البئر " (يوحنا 3:4-6) .
يقع بئر يعقوب عند فوهة الوادى بين جبل جرزيم وجبل عيبال ، التى تسمى "شكيم" وهى تبعد ثمانية كيلومترات عن نابلس ، والتى يخبرنا عنها سفر التكوين قائلا : "ثم أتى يعقوب سالما الى مدينة شكيم التى فى أرض كنعان ، حين جاء من فدان أرام . ونزل الى المدينة . وأبتاع قطعة الحقل التى نصب فيها خيمته من يد حمور أبى شكيم بمئة قسيطة . وأقام هناك مذبحا ودعاه "ايل اله اسرائيل" (تكوين 18:33-20) .
فى شكيم حفر يعقوب بئرا سميت "بئر سميت "بئر يعقوب " عند هذه البئر جلس الرب يسوع ليستريح من السفر ، وتكلم مع المرأة السامرية عن الماء الحى (الروح القدس) ، وحقيقة عبادة الرب بالروح والحق "تأتى ساعة، وهى الآن ، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق ، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له" (يوحنا 23:4) . لقد كرم اليهود هذا المكان ثم انتقل الى أيدى المسيحيين ، وقد بنى المسيحيون بجوار بئر يعقوب كنيسة فى القرن الثالث الميلادى ، وقد تهدمت ، وأعيد بناؤها فى أيام الامبراطور قسطنطين ، وهذه الكنيسة أيضا تهدمت ، ثم أعاد بناؤها الصليببيون ، فتهدمت سنة 1187 م . وقد امتلك الروم الأرثوذكس المكان سنة 1860 م ، فباشروا بتشييد كنيسة سنة 1910 م ، توقف العمل فيها سنة 1914 م . ثم تم استكمالها سنة 1962 م . وبالقرب من بئر يعقوب ، وعلى سفح جبل عيبال ، توجد قرية صغيرة هى "قرية عسكر " التى تعتبر "سوخار" القديمة موطن المرأة السامرية .
الجليل GALILEE
السيد المسيح يكرز ببشارة الملكوت
" الشعب السالك فى الظلمة أبصر نورا عظيما . الجالسون فى
أرض ظلال الموت أشرق عليهم نورا" (اشعياء 1:9-2)
+ الاسم والموقع :
الجليل اسم معناه "الدائرة" أو "المنطقة" . ودعى أيضا "جليل الأمم" ، ويبدو أن الأسم قد أستخدم فى الأصل للدلالة على اقليم نفتالى (يشوع 7:20،32:21) . رغم أن حملة يشوع وانتصاره على البلاد ، ثم انتصار الأسباط الشمالية بقيادة دبورة وباراق (قضاة 4) قد أضفيا على اسرائيل مهابة كبرى الا أن سبط نفتالى لم يقدر على طرد السكان الأصليين (قضاة 33:1) .
و فى زمن سليمان ، أطلق الاسم على منطقة أوسع شملت اقليم أشير ، وفى أرض الجليل كانت تقع المدن التى أعطاها سليمان لحيرام (يشوع 27:19 ، 1ملوك 11:9) . وقد فشل سبط أشير فى امتلاك بعض المدن التى وقعت فى نصيبهم ، فظل الأمم يعيشون وسطهم ، ولعل ذلك هو سبب تسمية الجليل "جليل الأمم" (اشعياء 1:9 ) حيث كان يعيش خليط من اليهود والأمم .
و قد ذكر المؤرخ يوسيفوس حدود الجليل بالتفصيل ، فقال : تحيط بها فينيقية وسوريا ، ويحدها من الغرب مدينة بتولمايس (عكا حاليا ) وجبل الكرمل ، وتتاخم الجليل من الجنوب السامرة ومدينة سكيثوبوليس (بيسان حاليا) حتى نهر الأردن . ويحدها من الشرق جبال الجولان ، بينما تقع على حدودها الشمالية صور وبلادها . وقد قسم يوسيفوس الجليل الى قسمين : الجليل الأعلى والجليل الأسفل .
+ التاريخ المتأخر للجليل :
فى عام 47 ق.م. صار هيرودس الكبير - وهو فى الخامسة والعشرين من عمره - حاكما عسكريا على الجليل ، واكتسب شهرة كبيرة لنجاحه فى قمع عصابات اللصوص التى أزعجت البلاد . وباعتلائه العرش فى عام 37 ق.م. بدأ عصر من الرخاء فى الجليل استمر الى سنة 40 م حين طرد ابنه هيرودس أنتيباس ، وكان هيرودس أنتيباس قد صار رئيس ربع على الجليل عند موت أبيه فى سنة 4 ق.م. وقد عاصر فى ملكه حياة الرب يسوع كلها ما عدا طفولته . وبعد أن نفى أنتيباس انتقلت الجليل الى سيادة أغريباس الأول ، الذى حكمها حتى مماته فى سنة 44 م . وأعقب ذلك فترة من حكم الرومان لها ، أعطوها بعدها لاغريباس الثانى الذى انحاز الى جانبهم فى الحروب التالية ، وهكذا أمكنه الاحتفاظ بعرشه حتى سنة 100 م .
و من الجدير بالذكر ، أن هيرودس أنتيباس ، بنى مدينة جديدة على الساحل الغربى لبحر الجليل ، وأطلق عليها اسم "طبرية" تكريما للامبراطورية طيباروس - امبراطور الجليل : كورازين - بيت صيدا - كفر ناحوم - الناصرة - قانا الجليل - نايين - طبرية - مجدلة - جرجيسا ………
+ بحر الجليل :
"بعد هذا مضى يسوع الى بحر الجليل ، وهو بحر طبرية" (يوحنا 1:6) .
بحر الجليل ، سطح الماء فيه ينخفض بمقدار 200 مترا عن مستوى سطح الماء فى البحر المتوسط ، ويتراوح عمقه ما بين 40 - 45 مترا . ومياه البحيرة عذبة صافية يستخدمه الأهالى لكل الأغراض . وقد غلب اسم المدينة "طبرية" التى بناها هيرودس أنتيباس على بحر الجليل فأصبح يسمى "بحيرة طبرية". واذا نظرنا من فوق الجبال الى هذا المسطح من الماء ، فاننا نراه أزرق جميلا ، حتى اننا لا نبالغ اذا قلنا انه - فى فصل الربيع - يبدو كأنه ياقوتة زرقاء فى اطار من الزبرجد ، وكثيرا ما يطلقون عليه " عين الجليل" .
و ترتفع الجبال فى الشرق والغرب الى نحو 600 مترا ، وتبلغ مرتفعات نفتالى الى الشمال أقصى ارتفاعها فى جبل حرمون (جبل الشيخ) الذى تتوج قمته الثلوج . والتربة على السهول المحيطة بالبحيرة بالغة الخصوبة . وبسبب أن موقع البحيرة يحيطها الجبال من كل جهة ، يجعلها عرضة للعواصف المفاجئة ، فالهواء البارد من المرتفعات ينحدر الى الأغوار فى سرعة عنيفة ويصطدم بالمياه ، فتحدث أنواء عاتية وهى تعرض المراكب الصغيرة للغرق . كما أن مهنة اصطياد السمك منتشرة نظرا لتوافر أنواع كثيرة من الأسماك .
الأماكن المسيحية المقدسة فى الجليل
توجد فى الجليل أماكن كثيرة مقدسة ، يصعب أن نذكرها كلها ، لكن بقدر الامكان سوف نركز على بعض المناطق الهامة مثل : قانا الجليل - كفر ناحوم - التابغة - جبل تابور .
]1[ قانا الجليل KANA
(عرس قانا الجليل)
" وفى اليوم الثالث كان عرس فى قانا الجليل ، وكانت أم
يسوع هناك . ودعى أيضا يسوع وتلاميذه الى العرس . ولما
فرغت الخمر قالت أم يسوع له : ليس لهم خمر ……. أما
أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة الى الآن . هذه بداية الآيات
فعلها يسوع فى قانا الجليل" ( يوحنا 1:2-11)
+ خمر :
فى اللغة العبرية توجد احدى عشرة كلمة تستخدم فى العهد القديم للدلالة على الخمر ، لكن هناك كلمتين يكثر استخدامهما ، هما : "يايين Yayin " ، " تيروش Tirosh " . أما فى العهد الجديد ، فالكلمة المستخدمة فى اليونانية هى "أوينوس Oinos " .
- كلمة "يايين Yayin " تستخدم لوصف الخمر من كل نوع والمسكر منها ، وكان محرما على الكهنة أن يشربوا خمرا "يايين" عند دخولهم الى خيمة الاجتماع للخدمة (لاويين 9:10) ، كما كان محرما على النذير كل أيام نذره أن يشرب خمرا "يايين" (عدد 3:6 ، 20) .
- كلمة "تيروش" وهى تستخدم للدلالة على عصير العنب الطازج غير المختمر ، ويعبر عنه عادة فى الترجمة العربية بكلمة "سلاف" أو "العصير" . وهى التى استخدمها السيد المسيح فى سر الأفخارستيا ، وفى معجزة تحويل الماء الى خمر .
- أما فى العهد الجديد ، فتستخدم للدلالة عليه فى اليونانية كلمة واحدة هى "أوينوس" فى جميع أسفار العهد الجديد .
لزم التنويه ، وتوضيح معنى كلمة "خمر" ، لئلا يظن ذو النفوس الضعيفة أن المسيح له المجد أباح شرب الخمر .

+ موقع قانا الجليل :
"قانا" كلمة عبرية معناها "قصب" أى غاب ، وهى قرية فى الجليل لا تذكر الا فى انجيل يوحنا ، فهناك صنع الرب يسوع أولى معجزاته بتحويل الماء الى خمر (يو 1:2-11) . وفى هذه القرية أيضا شفى ابن خادم الملك (يو46:4-54) الذى كان طريحا مريضا فى كفر ناحوم وشفى بمجرد كلمة من الرب يسوع ، دون أن يذهب اليه . ويخبرنا أيضا انجيل يوحنا أن أحد الاثنى عشر تلميذا وهو "نثنائيل " كان من قانا الجليل (يو2:21) .
و فى أثناء الثورة اليهودية ضد الرومان ، التى انتهت بتدمير القدس سنة 70م ، أصبحت "قانا" المقر الرئيسى للدفاع عن الجليل ، بقيادة يوسيفوس الذى أسره الرومان ، وهو الذى أصبح بعد ذلك المؤرخ اليهودى المشهور . وهذه المدينة يذكرها انجيل يوحنا فى كل مناسبة على انها "قانا الجليل" تمييزا لها عن "قانا" التى تقع على تخم يساكر فى فينيقية (لبنان) . ويطلق على قانا الجليل حاليا اسم "كفر كنا Kafr Kanna " ، وهى بحسب التقليد ، الموقع الذى أقيم فيه عرس قانا الجليل ، وهى تقع على بعد نحو ثمانية أميال الى الشمال الشرقى من الناصرة ، على الطريق الى طبرية .
+ كنيسة المعجزة :
توجد بقرية "كفر كنا " كنيسة بناها الفرنسيسكان سنة 1879م ، ويوجد فى أرضية الكنيسة طبقة من الفسيفساء عليها كتابات يهودية بالآرامية تعود الى القرن الثالث أو الرابع الميلادى ، مما يدفع الى الظن بأن الكنيسة بنيت على أطلال مجمع يهودى . وعلماء الآثار يؤيدون أن هذه الكنيسة مبنية فى مكان صنع المعجزة ، لذا تسمى "كنيسة المعجزة " ، هذا بالاضافة الى التقليد الذى يفيد نفس الغرض . وتوجد كنيسة صغيرة أخرى بناها الآباء الفرنسيسكان ، يقال أنها بنيت فوق بقايا بيت "نثنائيل" .
]2[ كفر ناحوم CAPERNAUM
السيد المسيح يعلم - بيت بطرس الرسول
"و ترك الناصرة وأتى فسكن فى كفر ناحوم التى عند البحر فى تخوم زبولون ونفتاليم " (متى 13:4) . "ثم دخلوا كفر ناحوم ، وللوقت دخل لمجمع فى السبت وصار يعلم . فبهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة " (مرقس 21:1) .
+ موقع كفر ناحوم :
"كفر ناحوم " تعنى "قرية ناحوم" ، ولكن لا نعلم من هو ناحوم هذا ، وليس من دليل على أنه ناحوم النبى صاحب سفر ناحوم فى العهد القديم . وهى مدينة فى الجليل ، اتخذ منها الرب يسوع مركزا لخدمته فى الجليل ، حيث علم الجموع وشفى مرضاهم وصنع معجزاته ، وهى تقع فى الشمال الغربى من بحر الجليل (بالقرب من بحيرة جنيسارت) . لقد ثار جدل كثير حول الموقع الأكيد لكفر ناحوم ، لكن من خلال انجيل مرقس نستدل من قوله "فى تخوم زبولون ونفتالى" ، فقد كان سبط نفتالى يتاخم الشاطئ الغربى لبحر الجليل . وهناك أمران يساعدانا على تحديد الموقع وهما : أنها كانت قريبة من نهر الأردن ومن الحدود السياسية ، فقصة قائد المئة (متى5:8-17 ولوقا 1:7-10) تدل على أنه كانت هناك حامية عسكرية صغيرة من نحو مئة جندى ، وهو عادة ما كان يوجد فى قرى الحدود . كما أن قصة لاوى العشار (متى الرسول فيما بعد) ودعوة السيد المسيح له لاتباعه ، تدل على أن المدينة كانت على الحدود ، حيث يوجد مركز للجباية (الضرائب) ، (راجع متى 9:9 ومرقس 14:2 ولو27:5)
+ أحداث جرت فى كفر ناحوم :
على ضوء الكتاب المقدس (العهد الجديد) ، نعرف أن كفر ناحوم ، كانت مركزا لصيد السمك ، وقد اتخذ منها الرب يسوع مركزا لخدمته فى الجليل ، حتى أن البشير متى يسميها "مدينته" (متى1:9) ، وبالقرب منها دعا السيد المسيح سمعان بطرس واندراوس أخاه صيادى السمك ليتبعاه ، كما دعى يعقوب بن زبدى ويوحنا أخاه
(مرقس 16:1-20 ومتى 18:4-22 ولوقا 1:5-11) ، كما دعى جابى الضرائب متى الرسول (متى9:9
و مرقس 13:2-14) . وفى كفر ناحوم كان السيد المسيح يخرج الأرواح النجسة (مرقس23:1-28 ولوقا 31:4-37) ، وشفى غلام قائد المئة (متى5:8-13 ولوقا 38:14-41) ، كما أٌقام أيضا ابنة يايروس من الموقت (متى 18:9-26 ومرقس 21:5-43 ولوقا 40:8-56) . وفيها أيضا شفى المفلوج (متى 1:9-8 ولوقا 17:5-26 ومرقس 1:2-12) . كما شفى الرب يسوع فى كفر ناحوم الرجل صاحب اليد اليابسة (مرقس1:3-6) ، وشفى ابن خادم الملك (يو46:4-54) ، وفيها حدث الحوار بين التلاميذ عن العظمة (مرقس33:9-37) ، وحديث الرب عن الخبز النازل من السماء (يوحنا 1:6-59) ، والحديث عن الصوم (متى14:9-17) ، وغير ذلك من الأحداث لا يسع المجال لذكرها . وبالرغم من كل هذه الأحداث ، الا أنها قابلت كل هذا بغير مبالاة .
+ بيت القديس بطرس الرسول :
" ولما خرجوا من المجمع جاءوا للوقت الى بيت سمعان واندراوس" (مرقس 29:1) .
امتلك الآباء الفرنسيسكان فى سنة 1894 م ، موقعا ذا أهمية دينية وأثرية ، فباشر بالحفر عالم الآثار كول وواتزينجر ، وأتمها الأب أورفالى الفرنسيسكان سنة 1921 م حتى سنة 1926 م . حيث وجدوا أطلال مجمع يهودى ، يرجع فى الغالب الى القرن الثالث الميلادى ، ويبدو أنه بنى فوق بقايا المجمع القديم الذى بناه قائد المئة ، والذى علم فيه الرب يسوع له المجد (لوقا5:7) . وقد رمم الأب أورفالى جزءا من المجمع اليهودى ، وبعد اكتشاف أرضية فسيفسائية فى جوار المكان (حيث حسب التقليد ، أنه مكان بيت بطرس الرسول) ، توقف عن عمليات البحث . لم يعد الآباء الفرنسيسكان الى الحفر ثانية الا بعد خمسين سنة ، حيث تم اكتشاف مكان بيت بطرس الرسول بأكمله ، والكنيسة الحالية مبنية فوق أطلال بيت القديس بطرس ، وهى على شكل دائرى .
و للفائدة نورد تقارير الأبحاث والاكتشافات التى تحققت :
- ظهر مجمع من السكن يعود الى القرن الأول الميلادى .
- فى هذا المجمع السكنى البسيط ، كان مسيحيو اليهود المحليون يكرمون بيتا تكريما خاصا منذ القرن الأول الميلادى ، وقد حولوه الى كنيسة ، بينما استمروا يعيشون فى الغرف المحيطة به .
- أن جماعة مسيحى اليهود الأول ، كرمت "البيت -الكنيسة " ، منذ السنوات الأولى لنشأة المسيحية ، ثم وسعته بأن أضافت اليه بهوا (شرقا) وتوابع (شمالا) ، محيطين بالجزيرة الصغيرة المؤلفة من بيت القديس بطرس بسياج مقدس .
- الجماعة المسيحية (التى من أصل يهودى) والحجاج عبروا عن معتقداتهم برموز محفورة وبلوحات على جدران القاعة المكرمة ، على أنها بيت القديس بطرس بحسب التقليد .
- فى منتصف القرن الخامس تقريبا ، شيدت كنيسة مؤلفة من مثمنين ذى مركز مشترك فوق بيت القديس بطرس ، مع أروقة تشمل خمسة أضلاع ، وغرفة لحفظ أوانى الخدمة وملابس للصلاة ، وملحقات بالنسبة للأضلع الثلاثة الأخرى .
+ المجمع اليهودى الذى علم فيه السيد المسيح :
فى سنة 1968 م ، قرر الآباء الفرنسيسكان محاولة تحديد العصر الذى يعود اليه بناء المجمع اليهودى والمدرسة الدينية (بيت ميدراش) ، حيث كان الاعتقاد السائد أنهما من القرن الثانى الميلادى . ولكن بعد الكشف والتحليل الدقيق ، تقرر أن المجمع بنى أولا فى القرن الأول الميلادى ، ثم بعد ذلك بنيت المدرسة الدينية فى القرن الثانى أو الثالث الميلادى ، وأثناء عملية الحفر تم اكتشاف بقايا مساكن تعود الى القرن الثالث الميلادى . كما وجدت بعض قطع من الفخار والنقود ، بعد فحصها تقرر أنها تعود الى القرن الرابع الميلادى . وحسب التقليد أن المجمع اليهودى الذى تم اكتشافه هو نفسه الذى علم فيه السيد المسيح .

3[ التابغة TABGHA
اشباع الجموع - التطويبات - ظهور المسيح القائم
+ أ . كنيسة تكثير الخبز :
"فأخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين ، ورفع نظره نحو السماء وبارك وكسر وأعطى الأرغفة للتلاميذ ، والتلاميذ للجموع . فأكلوا الجميع وشبعوا . ثم رفعوا ما فضل من الكسر : اثنتى عشر قفة مملوءة . والآكلون كانوا نحو خمسة آلاف رجل ، ما عدا النساء والأولاد " (متى 14:14-21 ومرقس 30:6-44) .
"التابغة Tabgha " : اسم مترجم عن الكلمة اليونانية "Heptapegon" أو "Heptapegai" ومعناها العيون السبعة (و كان شائعا أن مياه هذه العيون تجلب السعادة) . فى زمن السيد المسيح ، امتدت منطقة كفر ناحوم من العيون السبعة Tabgha وحتى نهر الأردن . وعلى ما يبدو أن التابغة ، كانت ذلك المكان القفر (ارموس Eremos) ،الذى يطل على البحر ، حيث اعتاد الرب يسوع أن يقصده للاختلاء . والتابغة تبعد نحو ثلاث كيلومترات عن كفر ناحوم . وفى القرون الأربعة الأولى للميلاد ، كانت كفر ناحوم مأهولة بصورة شبه كلية باليهود المسيحيين (اليهود الذين آمنوا بالسيد المسيح) ، حيث تناقلوا ذكرياتهم بشأن حياة السيد المسيح بالمنطقة (التابغة) ، كتقاليد مقدسة مسلمة من الأب للابن . وقد أمكن من خلال هذه التقاليد واكتشافات علماء الآثار أن يتحدد ثلاثة أماكن لها أهمية خاصة ، وقد أقيمت ثلاث كنائس فى هذه الأماكن هى :
كنيسة تكثير الخبز (مت 13:14-21 ومرقس 30:6-44) - كنيسة التطويبات (متى 5،6،7) - كنيسة ظهور المسيح القائم من الأموات (يوحنا 21) .
هذا وقد قدمت الى البلاد المقدسة الزائرة "ايجيرية Egeria " فى عام 383م ، وزارت الأماكن المقدسة الثلاثة فى التابغة ودونت تقريرا عن هذه الزيارة ، حيث تم حفظه ووصل لدينا . لقد كتبت على سبيل المثال : "أنه على الحجر ، الذى وضع عليه السيد المسيح الخبز ، أقيمت كنيسة ، كانت الصخرة فيها بمثابة المذبح " . ويمكن أن نرى اليوم بقايا أساسات هذه الكنيسة القديمة التى بنيت حوالى عام 350 م ، تحت الزجاج الواقى على يمين المذبح فى الزاوية الشمالية . ثم حول هذا الموقع المقدس عام 450 م تقريبا لكنيسة بيزنطية ، خلافا للكنيسة القديمة ، حيث بنيت ووجهتها نحو الشرق تماما ، أما الحجر المقدس ، الذى حدثت عليه معجزة تكثير الخبز والسمك ، وضح تحت المذبح . بمرور عشرات السنين ، زينت أرضية الكنيسة برسومات فسيفسائية ، تعد من أجمل وأفخر الفسيفساء الذى عثر عليها فى الأرض المقدسة ، وتظهر فيها مؤثرات مصرية ، تنسب الى الأسقف مارتيروس الأورشليمى Martyrios (479-486م) ، الذى عاش فترة طويلة فى مصر ، وقد ذكر اسمه فى الكتابات الفسيفسائية على يسار المذبح كمن صمم الأرضية .
و من الذين زاروا هذه الكنيسة القديس يوحنا سابا ، مؤسس الدير الكائن بجوار بيت لحم المعروف بـ "مارسابا" . وفى عام 614 م ، خربت هذه الكنيسة بأيدى الفرس ، والأسقف أركالوف Arkulf يشهد أنه فى عام 670م ، قد رأى أعمدة ملقاة دونما انتظام قرب العيون السبعة (التابغة) . أكثر من 1300 عام ، كان هذا الموقع مدفونا تحت الردم حتى تم حفره سنة 1932 م من قبل علماء الآثار ومنهم Mader & Schneider وتم اكتشاف المبانى القديمة ، مع أرضيات الفسيفساء ، وفيما بعد تمت اقامة كنيسة مؤقتة عليها .
و فى عام 1982م ، تم بناء الكنيسة الحالية على الأساسات البيزنطية المتبقية ، وتم برعاية الكاردينال Hoffner من Koln تدشينها . الكنيسة والمبانى المحيطة بها هى ملك الجمعية الألمانية بالأرض المقدسة
Verein Vom Heiligen Land der Deutsche "" ، ويوجد بجوار الكنيسة بيت ضخم لرعاية المعاقين وبين للشباب . أما معجزة تكثير الخبز والسمك الثانية والتى وردت فى متى 32:15-39 ومرقس 1:8-10 ، فهى حدثت على الشاطئ الشمالى لبحيرة طبرية ، فى منطقة بيت صيدا (سهل البطيحة اليوم) ، على ما يبدو على "تل هدار" .
+ ب . كنيسة جبل التطويبات :
"فلما رأى الجموع صعد الى الجبل ، فلما جلس تقدم اليه تلاميذه . فعلمهم قائلا : طوبى للمساكين بالروح ، لأن لهم ملكوت السموات ، طوبى ……" ( متى 5 ، 6 ، 7) .
+ تاريخ بناء الكنيسة :
لبحيرة طبرية منظر جميل من قمة الجبل ، والى اليمين طريق مزار كنيسة التطويبات ، وهو على مقربة من بيت صيدا (على ساحل بحيرة جنيسارت) . وهو جبل عال يطلق عليه حتى الآن "جبل التطويبات" ، حيث علم السيد المسيح المفهوم الحقيقى للعبادة ، ونطق بفمه الطاهر التطويبات الثمانية التى ذكرها متى الانجيلى فى بشارته .
الكنيسة الحالية ثمانية الأضلاع وتسمى "كنيسة التطويبات" ، قام بتصميمها المهندس الايطالى Anyonio Barluzzi سنة 1936م وانتهى من تشييدها سنة 1938م . انها كنيسة بسيطة لكنها آية فى الجمال ، وقد كتب على قباب النوافذ الزجاجية الثمانية ، التطويبات الثمانية باللغة اللاتينية . وتحت قدسية هذا المكان فى صمته وهدوءه ، وتحت سماء صافية كالبلور ، ومنظر بحيرة طبرية الأزرق ، تتدفق مشاعر روحية فياضة ، تدفع بالانسان للاتجاه بالشكر الى الله ، وتذكر السيد المسيح وهو جالس يلقى بصوته الحنون الدافئ ، عظته على الجبل مشتملة على التطويبات الثمانية .
و الجدير بالذكر أنه حسب التقليد المتوارث ، بنيت هذه الكنيسة فوق مكان العظة ، على أنقاض كنيسة بيزنطية ترجع للقرن الرابع أو الخامس الميلادى ، هذه الكنيسة هدمها الفرس سنة 614 م ، وأعيد بناؤها فى أواخر القرن السابع أو الثامن الميلادى .
+ جـ . كنيسة ظهور المسيح القائم من الأموات :
"بعد هذا أظهر يسوع نفسه للتلاميذ على بحر طبرية ….. هذه مرة ثالثة ظهر يسوع لتلاميذه بعدما قام من الأموات … قال يسوع لسمعان بطرس : يا سمعان بن يونا ، أتحبنى أكثر من هؤلاء ؟ قال له : نعم يا رب أنت تعلم أنى أحبك " (يوحنا 21) .
+ تاريخ بناء الكنيسة :
فى منطقة التابغة أيضا ، يوجد مسطح صخرى يقع على شاطئ بحيرة جنيسارت مباشرة ، يسمى "مائدة المسيح Mensa christi ، وهى المكان الذى ظهر فيه الرب يسوع لتلاميذه بعد القيامة ، وكان ضمن أهداف هذا الظهور الذى نحن بصدده هو رد بطرس الرسول الى زمرة التلاميذ مرة أخرى ، بعدما أنكره ثلاث مرات ، وهذا يعطينا فكرة عن حنان المسيح الفائق الحد ، الذى وعد "من يقبل الى لا أخرجه خارجا " .
فى مكان هذا الظهور ، بنيت أول كنيسة فى القرن الرابع الميلادى ، فى أيام الامبراطور قسطنطين ، وقد هدمت هذه الكنيسة ضمن كنائس المنطقة على أيدى الفرس ، وفى القرن السابع أو الثامن الميلادى أعيد بناؤها . وحيث أن الكاثوليك يعتبرون أن بطرس الرسول هامة الرسل ، لذا سموها "كنيسة الرياسة" بدلا من " كنيسة الظهور" ، وجعلت المائدة التى أكل عليها التلاميذ ، ضمن اطار الخورس الأمامى للكنيسة ، فى مواجهة المذبح ، وهى ما زالت موجودة حتى اليوم .
و فى القرن الحادى عشر ، أعاد الصليبيون تجديدها وترميمها ، لكن ما تزال بقايا الكنائس القديمة السابقة ظاهرة للعيان ، وهذه الكنيسة أيضا تهدمت سنة 1217م وأعيد بناؤها فى منتصف القرن الثالث عشر ، لكن دمرها السلطان بيبرس سنة 1265م . فبقيت على هذه الحالة حتى أقام الآباء الفرنسيسكان سنة 1933م الكنيسة الحالية .
جبل تابور TABOR
تجلى السيد المسيح
"و بعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم الى جبل عال منفردين . وتغيرت هيئته قدامهم ، وأضاء وجهه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور " (متى 1:7-8) .
+ موقع الجبل ومكانته فى الكتاب المقدس :
جبل تابور هو الجبل الذى وصل اليه تخم "يساكر" (يشوع22:19) ، ويحتمل أنه الجبل الذى تنبأ موسى بأن زبولون ويساكر سيدعوان القبائل اليه (تثنية 19:33) . فبوقوفهم على الحدود بين الأسباط ، يمكنهم أن يدعوا أن لهم حقوقا متساوية فى المقدس على القمة . ويبدو من هذه النبوة أن الجبل كان مزارا مقدسا . وجبل تابور ، هو هضبة مرتفعة منعزلة ، ترتفع فى أقصى الركن الشمالى الشرقى لسهل "أسدرالون" (يزرعيل) ، على بعد نحو خمسة أميال الى الغرب من الناصرة . وقد أحتفظ الجبل بصبغته المقدسة ، وما زال حتى الآن مزارا مقدسا ، اذ على هذا الجبل تحتشد الجموع الآن من كل بلاد العالم احتفالا بعيد التجلى .
و على قمة هذا الجبل ومنحدراته جمعت "دبورة" و"باراق" عشرة آلاف رجل للزحف لقتال "سيسرا" فى السهل العظيم (قضاة6:4-14) . ويرى يوسيفوس المؤرخ أن مثل هذا الموقع البارز المتميز كان مدعاة للتحصين دائما ، فكانت به قلعة اسمها "أتابيريون Atabyrion " ، استولى عليها أنطيوكس الكبير فى سنة 218 ق.م. بخدعة حربية ، ثم استعادها اليهود بقيادة يوحنا بن سمعان المكابى (105-70ق.م.) . وبعد ذلك سقط هذا الموقع فى أيدى الرومان بقيادة بومبى . وعلى مقربة من هذا الجبل ، ذاق اسكندر بن ارستوبولس مرارة الهزيمة ، على يد جابينيوس والى سورية سنة 55 ق.م.
و هناك تقليد يرجع الى القرون الأولى للمسيحية يذكر أن التجلى قد حدث على الطرف الجنوبى الشرقى من قمة جبل تابور . وقد أقيمت عليه عدة كنائس منذ القرون الأولى للمسيحية ، تذكارا لهذا التجلى . وقبل نهاية القرن السادس بنيت عليه ثلاث كنائس تذكارا للمظال الثلاث التى طلب بطرس الرسول أن تقام هناك . ان جبل تابور أحد الجبال الرائعة المنظر بين جبال فلسطين . ارتفاع الجبل حوالى 415 مترا ، ويرتفع حوالى 550 مترا فوق مستوى سطح البحر . ويبدو الجبل للناظر من الجنوب على شكل نصف كرة ، ومن الغرب على شكل مخروط . أما المنظر من قمة جبل تابور فهو أجمل جميع مناظر فلسطين ، فيظهر منه الى الشمال والشرق جبل الشيخ (حرمون) وبحر الجليل وجبال حوران وجلعاد ، والى الجنوب والغرب مرج ابن عمير (تسمى الآن عامر) وجلبوع والكرمل والبحر الأبيض المتوسط .
و بالوقوف أمام هذا المنظر الرائع ، يدرك الانسان كيف جمع المرنم بين جبل حرمون وجبل تابور فى المزمور "لك السماوات . لك أيضا الأرض . المسكونة وملؤها أنت أسستها ، الشمال والجنوب أنت خلقتهما . تابور وحرمون باسمك يهتفان" (مزمور 11:89-12) . وقد أشار ارميا النبى الى جبل تابور قائلا "حى أنا يقول الملك رب الجنود ، اسمه كتابور بين الجبال " (ارميا 18:46) .
+ تاريخ بناء كنيسة التجلى :
منذ القرون المسيحية الأولى ، أقيمت فى مكان التجلى على جبل تابور ما يشبه قاعة صغيرة للعبادة تذكارا للتجلى . لكن أول كنيسة شيدت فى المكان ، كانت فى القرن الرابع الميلادى . وقد تهدمت هذه الكنيسة وأعيد بناؤها فى القرن السادس ، وتلك أيضا هدمت فى سنة 1113م مع غالبية الأديرة التى كانت بالمنطقة . وقد أعيد بناؤها ، وهدمت مرة أخرى سنة 1183م ، ثم أعيد بناؤها بعد نحو خمسة وعشرين سنة ، لكن هدمها السلطان بيبرس سنة 1263م ، وأصبح الجبل لفترة من الزمن مكانا مهجورا .
بعدئذ انتقلت ملكية المكان الى الآباء الفرنسيسكان سنة 1631م ، أما الكنيسة الحالية فقد تم بناؤها سنة 1924م . وقد كشف علماء الأثار عن الكثير من أطلال مبانى الكنائس القديمة ، تمثل خصائص كل العصور وحتى يومنا هذا
بركة بيت حسدا BETHESDA
كنيسة القديسة حنة
" وفى أورشليم عند باب الضأن بركة يقال لها بالعبرانية "بيت حسدا" لها خمسة أروقة … وكان هناك انسان به مرض منذ ثمان وثلاثين سنة …… قال له يسوع : قم . احمل سريرك وامش " (يوحنا 1:5-9) .


افتراضي
+ كنيسة القديسة حنة :
عند دخولنا من باب ستنا مريم "باب الأسباط" ، نجد الى اليمين وعلى بعد 20 مترا ، مبنى يسمى "الصلاحية" ، نسبة الى صلاح الدين الأيوبى ، الذى يحوى على : كنيسة القديسة حنة (والدة القديسة مريم العذراء) ، حيث توجد المغارة التى عاشت فيها مع زوجها يواقيم ، وولدت فيها ابنتها مريم ، أم المخلص - وعلى مقربة من الكنيسة ، توجد بركة بيت حسدا حيث شفى السيد المسيح المقعد .
و تعتبر كنيسة القديسة حنة ، من أروع الكنائس التى حافظت على أصالتها الصليبية فى فلسطين . أول كنيسة بنيت فوق المغارة التى ولدت فيها العذراء مريم ، كانت فى أوائل القرن الرابع الميلادى تقريبا ، لكن هذه الكنيسة هدمت ،و أقيم فى نفس مكانها كنيسة أخرى فى القرن السادس ، والتى هدمها الفرس سنة 614 ميلادية . أعاد بناؤها الصليبيون فى القرن الحادى عشر وأضافوا اليها ديرا للراهبات . على مدخل الكنيسة وفوق الباب ، نجد لوحة منقوش عليها كتابات عربية وعليها تاريخ 25 تموز 1192م ، حينما حول صلاح الدين الأيوبى الكنيسة الى مدرسة فى الفقه الاسلامى وأطلق عليها "الصلاحية" . ويعلو المدخل أيضا نافذة عليها نقوش عقود تضاهى تلك الموجودة على مدخل كنيسة القيامة .
فى فترة الحكم العربى ، سمح للآباء الفرنسيسكان أن يقيموا صلواتهم فى الكنيسة فى الأعياد فقط . وبعد الاحتلال التركى ، تنازل الأتراك عن الكنيسة لفرنسا ، بعد حرب القرم ، فاعادت فرنسا ترميمها سنة 1856 ميلادية . وقد أوكلت حكومة فرنسا الكنيسة وما يحيطها من آثار للآباء البيض ، الذين فتحوا معهدا اكليريكيا للروم الكاثوليك ، وحولوه حاليا الى مركز للدراسات الكتابية والأثرية . بدأت الحفريات تعمل سنة 1871 ميلادية تحت اشراف المهندس Mauss ، ثم استكملت عام 1954 - 1957 ميلادية ، تحت اشراف الآباء البيض ، فاسفرت الحفريات عن اكتشاف بقايا الكنائس القديمة ومغارة ميلاد السيدة العذراء .
* شرح مبسط للكنيسة :
تقسم الأعمدة الكنيسة الى ثلاثة أجنحة ، وأما سقفها فمبنى على أقواس قوطية عريضة وليس على عقد كامل ، وترتكز العقود على أعمدة ضخمة مستطيلة . وتحتوى على قبة كبيرة ترتكز على أربعة أقواس متساوية تستند بدورها على أعمدة . ويقع تحت القبة هيكل رئيسى نحته الفنان الفرنسى Phillip Kablan سنة 1954 ميلادية ، وعليه ثلاثة مشاهد انجيلية من سيرة العذراء :البشارة - ميلاد السيد المسيح - العذراء تحمل المسيح بعذ انزاله عن الصليب . وفى الجانب الأيمن للهيكل : لوحة تمثل تقديم العذراء الى الهيكل ، وفى الجانب الأيسر : عناية القديسة حنة بمريم العذراء . وتشمل الكنيسة على مغارة طبيعية ، تعلوها قبة ويتوسط حنيتها هيكل ، وقد أحيا الصليبيون فيها ذكرى ميلاد العذراء تبعا للتقليد الشرقى ، الذى حدد ميلاد العذراء فى هذه المغارة .
+ بعض التزينات فى الكنيسة :
- لوحة بارزة تمثل صندلين ، يصل بينهما ملف ، ترمز الى رباط الشركة الزوجية بين حنة ويواقيم الى اللحد . وقد استخدم فن الأيقونات الشرقية الصندل للدلالة على القبر ، والملف يدل على عقد الزواج .
- تاج عمود على شكل برميل مخطط يزين عمود .
- رأس ثور ، كرمز لانجيل لوقا .
- رأس انسان ، كرمز لانجيل متى . (كل من متى ولوقا تحدثا فى انجيليهما عن السيدة العذراء ) .
- تيجان أعمدة غير مكتملة مستوحاة من الفن الكورنثى .
= بركة بيت حسدا :
"بيت حسدا" كلمة عبرية معناها "بيت الرحمة " . يخبرنا الكتاب المقدس ، أنه فى أيام آحاز الملك ، بنيت بركه مياه لتجميع مياه الأمطار (نحو 750-700ق.م.) ، ترتبط هذه البركة بقناة لتوصيل المياه الى الهيكل (اش3:7 واش 2:36 و2ملوك 17:18) . وفى سفر يشوع بن سيراخ ، نجد أن سمعان بن أونيا الثانى (نحو 220-190ق.م.) وهو عظيم الكهنة ، قد بنى بركة عظيمة كخزان مياه لخدمة الهيكل (يشوع بن سيراخ 1:50-2) .
و على عهد هيرودس الكبير (37ق.م.) بطل استعمال البركتين ، لأن الملك هيرودس حفر "بركة اسرائيل" بقرب الهيكل عندما وسع ساحة الهيكل من جهة الشمال ، وأصبحت تستخدم مياه البركتين لغسل الحيوانات قبل تقديمها للهيكل . وفى عام 135 ميلادية زين الامبراطور هادريان ، القدس "ايليا كابتولينا" ، بأنشاء حمام بالقرب من البركة ، ومعبد للاله "اسكلابيوس Asclepios Serapis اله الطب عندهم ، ليطمس ذكرى معجزة السيد المسيح التى شفى فيها المقعد عند البركة . وقد كشفت الحفريات عن بقايا رومانية ونذور وثنية للاله اسكلابيوس . ويروى المؤرخ يوسابيوس القيصرى (265-340م) ، أن الناس كانوا يدلونه على البركتين وقد أصبحتا بلا أروقة .
تتألف بركة بيت حسدا من حوضين :شمالى وجنوبى ، ويتوسطهما سد طوله 45 مترا وسمكة 6 أمتار ، وتبلغ مساحة الحوض الشمالى 40 x 40 مترا ، أما الحوض الجنوبى فتبلغ مساحته 65 x 50 مترا ، وبعمق 13 مترا . يقع شرقى البركة مجموعة من المغاور محفورة فى الأرض ، وتتراوح مساحة كل منها بين واحد الى ستة أمتار مربعة ، ولكل مغارة مجموعة من الدرحات المحفورة فى الصخرة تؤدى الى حمام صغير بمساحة 1 X1 مترا وبعمق 2.50 مترا .
شيد المسيحيون عام 400-427 ميلادية ، كنيسة فوق البركة والمعبد الوثنى ، تذكارا لمعجزة شفاء المقعد ، بلغت مساحة الكنيسة 45 x 18 مترا ولها ثمانية أقواس ضخمة كدعائم للكنيسة ، ويستند القسم الأمامى (الشرقى) للكنيسة على بقايا معبد اسكلابيوس ، وأما القسم الخلفى (الغربى) فيرتكز على سد البركة المركزى ، ودلت الحفريات على وجود أرضية من الفسيفساء لمكان المرتيريون Martyrium (المذبح) ، منقوش على صلبان يعود تاريخها الى ما قبل عام 427 ميلادية . وفى عام 614 ميلادية هدم الفرس الكنيسة ، ولكن أحد الآباء ويدعى Modestus أعاد بناءها . وقد أزدهرت هذه الكنيسة أيام شارلمان ، وبقيت الكنيسة قائمة حتى هدمها الحاكم بأمر الله (1008-1020ميلادية) . وأختفت بعدئذ من التاريخ الى أن كشف عن بقاياها خلال الحفريات بالمنطقة ، ويمكن للزائر أن يشاهد أطلال هذه الكنيسة حتى الآن .
بيت عنيا BETHANY
اقامة لعازر
"فلما أتى يسوع وجد أنه قد صار له أربعة أيام فى القبر . وكانت بيت عنيا قريبة من أورشليم نحو خمس عشرة غلوة …. قال يسوع : ارفعوا الحجر . قالت له مرثا ، أخت الميت : يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام . قال لها يسوع : ألم أقل لك : ان آمنت ترين مجد الله ؟ …. ولما قال هذا صرخ بصوت عظيم : لعازر هلم خارجا . فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة ، ووجه ملفوف بمنديل . فقال لهم يسوع : حلوه ودعوه يذهب " (يوحنا 1:11-4) .
+ كنيسة العيزارية :
"بيت عنيا" اسم أرامى يعنى "بيت العناء" ، وهى قرية تبعد 3.5 كيلومترا شرقى القدس ، على السفح الشرقى لجبل الزيتون (يوحنا 18:11) ، على الطريق من القدس الى أريحا . وما زالت "بيت عنيا" قائمة حتى الآن ، وهى قرية صغيرة تعرف الآن باسم "العيزارية" نسبة الى لعازر الذى أقامه الرب يسوع من الأموات بعد أربعة أيام .
و كانت تعيش فى بيت عنيا مريم ومرثا وأخوهما لعازر . ويبدو أن بيت عنيا كانت مكان اقامة الرب يسوع عند زياراته لليهودية (متى 17:21 ومرقس 11:11) . كما كانت بلدة سمعان الأبرص ، حيث سكبت المرأة الخاطئة قارورة طيب ناردين كثير الثمن على قدمى يسوع (متى 6:26-13 ومرقس 3:14-9 ويوحنا 2:12-11) . كما أخرج السيد المسيح تلاميذه "خارجا الى بيت عنيا رفع يديه وباركهم . وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد الى السماء " (لوقا 50:24-51) .
نشأت قرية بيت عنيا الحالية (العيزارية) حول قبل لعازر ، أما بيت عنيا القديمة فكانت الى أعلى قليلا . وكنيسة لعازر الحالية (1952-1953م) ، تقوم فوق أساسات كنائس ثلاث قديمة سابقة . يتاح لنا المجال لرؤية صدر الكنيسة الأولى ، المبنية فى القرن الرابع الميلادى ، عند عبور الباب ، وبقايا من الأرضية المغطاه بالفسيفساء فى البهو ونرى صدر الكنيسة الثانية خلف المذبح الرئيسى ، وقطعة من الفسيفساء قرب الباب ودعامتين فى البهو . أما الكنيسة الثالثة ، التى بناها الصليبيون فما تبقى منها الا دعائم مقوية للحائط شمالا وقطع صغيرة من الفسيفساء الخشنة ، والى جنوب الكنيسة آثار دير للراهبات البندكتيات ، شيدته الملكة مليزيندا Melisande سنة 1143 ميلادية . وعند الخروج من الكنيسة نتجه يسارا فنصعد الى قبر لعازر ، ويؤدى الى القبر درج قد بالصخر مكون من 24 درجة (حفر الدرج بيد الآباء الفرنسيسكان سنة 1613م) ، وكان المدخل الأصلى للقبر من بهو الكنيسة القديمة ، ولكن لما بنى المسجد المجاور للكنيسة فى القرن السادس عشر ، أقفل المدخل . وكان القبر عبارة عن مغارة وضعت فوقها صخرة . ويوجد وراء القبر جزء من البرج الذى أقيم للدفاع عن الدير بأمر من الملكة مليزيندا ، وبالجوار كنيسة جديدة للروم الأرثوذكس (1968م) .

جبل الزيتون MOUNT OF OLIVES
أسبوع الآلام -
+ جبل الزيتون فى الكتاب المقدس :
ورد اسم "جبل الزيتون" فى مواضع عدة فى الكتاب المقدس مثل : 2صم30:15 وزك 4:14 ومت 1:21
و مت 30:26 ومر 1:11 ومر 3:13 ومر 26:14 ولو 29:19 ويو 1:8 وأع 12:1 ، "الجبل الذى تجاه أورشليم" (1مل7:11) ، "الجبل الذى شرقى المدينة" (حز23:11) . ويطلق العرب عليه فى الوقت الحاضر اسم "جبل الطور" . تقع سلسلة جبل الزيتون الى الشرق من القدس وتخرج عن السلسلة المركزية بالقرب من وادى يهوشافاط ، وتجرى نحو ميلين الى الجنوب حتى تأتى الى الكتلة الجبلية التى تقوم عليها "كنيسة الصعود" فتتفرع الى فرعين ، يتجه أحدهما الى الجنوب الغربى مكونا الضفة الجنوبية لوادى قدرون ، وينتهى فى وادى النار . والفرع الثانى - وهو أكثرهما ارتفاعا - ينحدر الى الشرق وينتهى بعد العيزارية (الاسم الحديث لبيت عنيا)بقليل .
و السلسلة الرئيسية ترتفع كثيرا عن الموقع القديم للقدس . والقمة الشمالية للكتلة الرئيسية لجبل الزيتون ، يطلق عليها اسم "تل الجليل" ، والسبب فى ذلك ، أنه كان يوجد قديما فى تلك البقعة "خان" كان الجليليون يقيمون فيه عند زيارتهم للقدس (حسب تفسير رودلف فى سنة 1573م) . لكن "كوازموس" ذكر فى سنة 1620م. أن هذا الاسم "تل الجليل" ، أطلق على تلك البقعة ، لأنه بحسب التقليد ، أن الملاكين وقفا وخاطبا التلاميذ "أيها الرجال الجليليون" (أع 11:1) . أما القمة الجنوبية ، للكتلة الرئيسية ، يقول عنها التقليد انها "جبل الصعود" .
هذا وقد رأى حزقيال النبى فى رؤياه ، مجد الرب يصعد من على وسط المدينة ويقف "على الجبل الذى على شرقى المدينة" (حزقيال 23:11،2:43) . ويذكر الحاخام "يانا Janna " تقليدا يقول : "بأنه فى تلك المناسبة وقفت "الشكينة" أى سحابة المجد ، ثلاث سنوات ونصف على جبل الزيتون ، وظلت تنادى : "أطلبوا الرب ما دام يوجد ، أدعوه وهو قريب " . وعجيب أن يتأتى مثل هذا التقليد من مصدر يهودى ، اذ فيه اشارة صريحة الى السيد المسيح ، الذى كانت فترة كرازته ثلاث سنوات ونصف .
و زكريا النبى فى نبؤته يقول : "فى ذلك اليوم عندما تقف قدماه على جبل الزيتون ، فينشق جبل الزيتون من وسطه نحو الشرق ونحو الغرب واديا عظيما جدا ، فينتقل نصف الجبل نحو الشمال ، ونصفه نحو الجنوب" (زكريا 4:14) وهناك مفسرين ، يشرحون ذلك بصورة حرفية ، وآخرين يرون أن هذه النبؤة هى رموز لمعانى روحية لما هو عتيد أن يكون .
أما فى العهد الجديد ، فجبل الزيتون له أهمية قصوى نظرا لارتباط السيد المسيح بهذا الجبل وخاصة فى الأسبوع الأخير من حياته على الأرض . كانت الخضرة تكسو كل سفوح جبل الزيتون ، من أشجار الزيتون وبساتين التين والنخيل وشجيرات الآس وغيرها … فى هذا المكان الهادئ ، كان السيد المسيح يستريح فيه بعيدا عن ضجيج المدينة المزدحمة ، خاصة للاحتفال بعيد الفصح . وكانت "بيت عنيا" التى على طرف جبل الزيتون بمثابة مقر له فى اليهودية - كما كانت كفر ناحوم فى الجليل .
يرتبط جبل الزيتون ارتباطا وثيقا بالكثير من أحداث أسبوع الآلام ، فقد جاء الى أورشليم عن طريق "بيت فاجى" أى "قرية التين الفج" ، وهى قرية صغيرة الى الجنوب الشرقى من جبل الزيتون ، دخلها مخلصنا قبل أن يدخل بيت عنيا ، اذ كان آتيا من أريحا الى أورشليم ، حيث يخبرنا الانجيل قائلا : "و لما قربوا من أورشليم وجاءوا الى بيت فاجى عند جبل الزيتون ، حينئذ أرسل يسوع تلميذين قائلا لهما : اذهبا الى القرية التى أمامكما ، فللوقت تجدان أتانا مربوطة وجحشا معها ؛ فحلاهما واتيانى بهما " (متى 1:21-10) . ودخل الى أورشليم . وعندما برزت المدينة من وراء الأفق ورآها ، بكى عليها (لوقا 41:19) ، وأنبأ تلاميذه بمصير تلك المدينة الرابضة فى أحضان الجبل .
و على السفح السفلى لجبل الزيتون ، يوجد بستان جثسيمانى ، حيث جاهد الرب يسوع فى الصلاة ، حتى أن عرقه صار كقطرات دم ، وحيث جاء يهوذا الأسخريوطى وقبله وسلمه ليد الجنود والكهنة والكتبة والشيوخ. وبعد أحداث الصلب والقيامة خارج أسوار القدس (فى ذلك الوقت) ، أخذهم خارجا (تلاميذه) الى بيت عنيا على جبل الزيتون ثم انفرد عنهم وصعد الى السماء .
أما الكنائس الموجودة حاليا فى جبل الزيتون ، والتى سنتكلم عنها بالتفصيل ، فهى كالآتى : كنيسة أبانا الذى - كنيسة الدمعة - كنيسة النزاع - كنيسة قبر العذراء - كنيسة الصعود (فضلنا التحدث عن كنيسة الصعود بعد سرد أحداث الصلب والقيامة) - مغارة الجثسيمانية .
]1[ كنيسة أبانا الذى PATER NOSTER
"و اذ كان يصلى فى موضع ، لما فرغ ، قال واحد من تلاميذه : يا رب ، علمنا أن نصلى كما علم يوحنا أيضا تلاميذه . فقال لهم : متى صليتم فقولوا : أبانا الذى …. " (لو1:11-4) .
+ تاريخ بناء الكنيسة :
تعتبر كنيسة أبانا الذى ، أول كنيسة شيدت على جبل الزيتون (سنة 326-333م) ، بأمر من القديسة هيلانة ، والدة الامبراطور قسطنطين ، وقد سميت الكنيسة "أليونة Eleona " وهى كلمة يونانية معناها "أخدود الزيتون" أو "غابة الزيتون" . أقيمت الكنيسة فوق المغارة التى كانت مقر لصلاة الرب يسوع (فوق جبل الزيتون) ، وفى هذه المغارة علم الرب تلاميذه الصلاه الربية (المغارة ما زالت موجودة حتى الآن) .
بعض المفسرين للكتاب المقدس يقولون ، أن الرب يسوع علم تلاميذه الصلاة الربية مرتين : المرة الأولى جاءت ضمن العظة على الجبل ، التى ألقاها الرب بالقرب من بحيرة طبرية (متى 5) ، والمرة الثانية على جبل الزيتون ، فى المغارة التى توجد أسفل هذه الكنيسة الحالية . وقد كتب يوسابيوس القيصرى ، وهو أحد المؤرخين الكبار : "عندما وضع الامبراطور قسطنطين نهاية للاضطهاد ، كانت هناك ثلاثة أماكن لها قدسية خاصة : وهى مغارة القبر المقدس - مغارة الميلاد - مغارة أبانا الذى ، لذا شيدت فى هذه الأماكن كنائس فخمة للحفاظ عليها .
الكنيسة البيزنطية التى شيدت فى القرن الرابع ، هدمها الفرس سنة 614 ميلادية ، ثم أعيد بناؤها ، فهدمها الحاكم بأمر الله ، غير أن الصليبين شيدوا كنيسة فوق أنقاض الكنيستين القديمتين . وفى سنة 1868 ميلادية ، حصلت الأميرة الفرنسية " De La Tour d'Auvergne " على هذا المكان المقدس ، فبنت كنيسة فوق المغارة وديرا للراهبات الكرمليات ، ورواقا أمام الكنيسة . لقد أعطت هذه الأميرة سبعة عشرة عاما من حياتها ، بالاضافة الى انفاق الجزء الأكبر من ثروتها لأجل هذا العمل المقدس ، والتى بدون جهودها لفقد هذا المكان المبارك . وقد أقامت الأميرة على حائط الساحة الكبيرة للكنيسة 32 ترجمة للصلاة الربية . أما الآن فتوجد حوالى التسعين ترجمة ، منها ترجمة باللغة القبطية وأخرى باللغة العربية .و تخبرنا Etheria أن أسقف أورشليم ، كان يداوم باقامة مراسيم دينية ، فى هذا المكان المقدس خلال الأسبوعين اللذين يتوسطهما أحد القيامة . وقد أعتاد أن يقرأ فى يوم الثلاثاء من أسبوع الآلام ، عظات روحية ، تفسيرا لما نطق به الرب يسوع فى ذات اليوم عن أحداث المجئ الثانى وخراب أورشليم (متى 24 ، 25) ، وفى يوم خميس العهد ، كان يقرأ الخطاب الوداعى للسيد المسيح بعد العشاء الأخير وقبل أن ينزل الى بستان جثسيمانى ، وهو ما ورد فى انجيل يوحنا 15،16،17 . وفى الأسبوع الذى يلى القيامة ، كان يقود هؤلاء الذين تم عمادهم حديثا ويذهب بهم الى مغارة أبانا الذى …. " .
فى نهاية المغارة نجد درج يؤدى الى مدفن (مقبرة) ، حيث أن أساقفة القدس من سنة 334 الى سنة 614 ميلادية ، رغبوا أن توضع أجسادهم فى هذا المكان . وفى المدخل المؤدى الى الساحة ، توجد مقبرة الأميرة التى عنيت بالمكان. فى سنة 1910 م كشف علماء الآثار عن كنيسة أليونة Eleona والمغارة المقدسة . بعدئذ باشرت لجنة فرنسية أعمالها لتكون الكنيسة على صورتها الحالية .
]2[ كنيسة الدمعة DOMINUS FLEVIT
"و فيما هو يقترب نظر الى المدينة وبكى عليها قائلا : انك لو علمت أنت أيضا حتى فى يومك هذا ما هو لسلامك . ولكن الآن قد أخفى عن عينيك " (لوقا 41:19-42) .
+ تاريخ بناء الكنيسة :
يروى لوقا الانجيلى ، أنه لدى اقتراب الرب يسوع من المدينة المقدسة ، رآها وبكى عليها ، فحدد التقليد هذا الحدث الانجيلى بموضع معروف اليوم باسم "مبكى الرب Dominus Flevit" ففى عام 1955 م شيد الآباء الفرنسيسكان تحت اشراف المهندس "بارلوتسى Barloutzi" كنيسة على شكل صليب يونانى ، يمثل دمعة المسيح الكبرى ، فوق أنقاض كنيسة بيزنطية تعود الى القرن الخامس الميلادى ، اذ ما تزال جدرانها والفسيفساء فى أرضيتها والكتابات محفوظة حتى اليوم ، ويمكن مشاهدتها بداخل الكنيسة الحالية . كما تشرف الكنيسة على منظر القدس الجميل كما رآه الرب يسوع يوم بكى عليها ، للخراب الذى ينتظرها ، اذ يستطيع للناظر من موقع الكنيسة على جبل الزيتون ، أن يكشف مدينة القدس بأكملها .
و زادت شهرة المكان الحفريات التى أقامها الأب باغاتى بين السنوات 1953 - 1955 م ، والتى أسفرت عن مقبرة ، ذات أهمية قصوة ، تعود الى القرون الأربعة الميلادية الأولى ، تحوى على قبور لجماعة من المسيحيين الأول (المنحدرة من أصل يهودى) . وعثر فى المقبرة على توابيت حجرية لحفظ العظام ، منقوش عليها أقدام الرموز المسيحية ، كالصليب البيزنطى وكرمة العنب وسنابل القمح ، وبعض الأشكال الدينية الأخرى فى الفن البيزنطى ، ومن الممكن رؤية هذه القبور وبقايا العظام . على بعد أمتار قليلة من الكنيسة ، يوجد دير الآباء الفرنسيسكان فوق أنقاض كنيسة كانت قد بنيت عام 1891م وما زال بعض آثارها موجودة حتى الآن . يقوم الزوار الكاثوليك بعمل قداسات ، لها أثرها الروحى العميق ، نظرا لهدوء المكان وقدسيته .
]3[ كنيسة مغارة الجثسيمانية
"قال يسوع هذا وخرج مع تلاميذه الى عبر وادى قدرون ، حيث كان بستان دخله هو وتلاميذه . وكان يهوذا مسلمه يعرف الموضع ، لأن يسوع اجتمع هناك كثيرا مع تلاميذه " (يوحنا 1:18-20) .
+ وصف المغارة وموقعها :
يفصل وادى قدرون (وادى يهوشافاط) ، جبل الزيتون عند مدينة القدس ، وفى سفح جبل الزيتون ، يوجد بستان جثسيمانى ، فيه مغارة طبيعية طولها 17,60 مترا وعرضها 11,40 مترا وارتفاعها 3,50 مترا . والاسم "جثسيمانى" الذى أطلق على هذه المغارة وعلى المنطقة التى تحيط بها ، كلمة أرامية مركبة من "جيث - شمن" وتعنى "معصرة الزيت" ، وأثبتت الحفريات التى قام بها عالم الآثار VIRGILIO CORBO صحة هذا الاسم والتقليد الذى يقول أن هذه المغارة والبستان المجاور لها ، هى مكان الجثسيمانية التى تكلم عنها الانجيل المقدس ، وبقى هذا التقليد ثابتا منذ القرون الأولى وحتى الآن .
• و على ضوء الانجيل المقدس وقعت عدة أحداث فى هذه المغارة :

- كان السيد المسيح له المجد ، يذهب عادة مع تلاميذه الى هذا المكان فى وقت وجودهم فى مدينة أورشليم (لوقا 37:21 ولوقا 39:22) .
- الى هذا المكان ، جاء الرب يسوع وتلاميذه بعد العشاء الأخير فى خميس العهد (مر32:14 ويو2:18) .
- فى هذه المغارة ، ترك الرب يسوع تلاميذه ، وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا ليصلى "حيث الآن توجد كنيسة النزاع " (متى 26:26-37) .
- فى هذه المغارة قبل يهوذا الأسخريوطى معلمه ليسلمه (متى 47:26 ومرقس 42:14 ولوقا47:22) .
- فى هذا المكان شفى السيد المسيح أذن عبد رئيس الكهنة التى قطعها بطرس (لوقا 50:22 ويوحنا 10:18)
- بعد صلاة النزاع ، عاد الرب يسوع الى المغارة ، حيث تم القبض عليه ليصلب (يوحنا12:18) .
هذه المغارة تحولت الى كنيسة منذ أوائل المسيحية . وفى سنة 1392م ، امتلك الرهبان الكاثوليك (الفرنسيسكان) هذه المغارة ، ووضعوا فيها ثلاثة مذابح . ويحتفل الرهبان الفرنسيسكان بعيد صعود جسد السيدة العذراء ، فى هذه المغارة منذ أن طردهم الأتراك من كنيسة قبر السيدة العذراء فى سنة 1757م اذ أن الحكومة التركية انتزعها منهم وسلمتها لطائفة الروم الأرثوذكس .
]4[ كنيسة النزاع (كنيسة كل الأمم)
ALL NATIONS
" حينئذ جاء معهم يسوع الى ضيعة يقال لها جثسيمانى ، فقال للتلاميذ ، أجلسوا ههنا حتى أمضى وأصلى هناك . ثم أخذ معه بطرس وأبنى زبدى " (متى 36:26-38) .

This site was last updated 05/15/13