Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

محتــــــــــــــــوى البدعة النسطورية

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
محتوى البدعة النسطورية
البابا ومقدمة قانون
مدرسة الأسكندرية وانطاكية
مدرسة أنطاكية
الأقباط والكنيسة الأشورية
كنيسة الفرس النسطورية
العذراء مريم والدة الإله
العذراء والكنيسة القبطية

 

 

النسطورية أو تعاليم نسطوريوس بطريرك القسطنطينية

ولكن يقول الأنبا إيسوذورس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483: " ولما أستحوذ على المنصب ورقى إلى هذا المنصب الرفيع , وعظم شأنه سلك الكبرياء والعظمة كل مسلك وأعجب بذاته وكان يوماً ما يعظ فى الكنيسة فوجه خطاباً نحو الإمبراطور  ثيودوريوس الثاني وقال له : " , فلم يلبث مدة حتى سقط فى الهرطقة مجدفاً على الكلمة المتجسد فميز الإله عل حدة والإنسان على الأخرى وفصل المسيح إلى طبيعيتين وأقنومين وأستنتج من هذه المقدمات أمرين أحدهما أن العذراء لم تلد سوى الإنسان ولذلك لا يجب أن تلقب بأم الإله والثانى أن الإله لم يولد ولم يتألم ولذلك لا ينبغى أن يقال أن الإله مات  " .

الدكتور موريس تواضروس يرد على بدعة " نسطور "

الأقباط متحدون الاربعاء ١٦ اكتوبر ٢٠١٣ -

 تناول الدكتور " موريس تاوضروس " - أستاذ العهد الجديد واللغة اليونانية بالكلية الاكليريكية – خلال المؤتمر اللاهوتى الأول بالمركز الثقافى الأرثوذكسى - رسائل القديس كيرلس عمود الدين للرد على بدعة نسطور التي نادت بـ:

 1- جعل في المسيح أقنوميّن منفصلين ومتمايزين، لذلك رفض عقيدة الاتحاد بين الناسوت واللاهوت كاتحاد حسب الطبيعة كاتا فيزين kata fuVin كما رفض الاتحاد الأقنومي، رفض الوحدة بحسب الأقنوم بكونه اتحادًا يفوق الوصف والإدراك أنه اتحاد حقيقي لا يمكن أن ينفصل.

 2 - اعتبار أن العلاقة بين اللاهوت والناسوت هي مجرد اتصال

 3- اعتبار أن الكلمة هو ابن الله، وأن يسوع هو ابن العذراء مريم. ومن هنا فإن للسيد المسيح أقنومين وشخصين متحدين إتحاداً خارجياً وطبيعتين منفصلتين، فهو حين يصنع المعجزات يكون ابن الله، وحين يتألم ويجوع ويعطش ويصلب ويموت يكون ابن مريم.

 4- اعتبار أن الإنسان مُختار من الكلمة وقد أنعم عليه الله الكلمة بكرامته وألقابه، ولذلك نعبده معه بعبادة واحدة. ولا يخفى أن هذا النوع من الشرك في عباده الله

 5- يرفض تسمية السيدة العذراء" والدة الإله" ويسميها " (ثيؤتوكوس) والدة المسيح" (خريستوتوكوس) ومن ثم كانت رسائل القديس كيرلس (عمود الدين) إلى نسطور التي قدم فيها شرحا مستفيضا لعقيدة الكنيسة الجامعة في شخص المسيح وكانت هي الوثيقة الرئيسية التي أعتمد عليها مجمع أفسس في الرد على هرطقة نسطور وقد جاء فيها: "لأنه لم يولد أولا إنسانا عاديا من العذراء القديسة ثم بعد ذلك حل عليه الكلمة، بل إذ قد اتحد بالجسد الذي من أحشائها، فيقال أن الكلمة قد قبل الولادة الجسدية، لكي ينسب إلى نفسه ولادة جسده الخاص". "وهكذا نقول أيضا أنه تألم وقام، ليس أن كلمة الله تألم في طبيعته الخاصة أو ضُرب أو طُعن أو قبل الجروح الأخرى، لأن الإلهي غير قابل للتألم حيث أنه غير جسمي. لكن حيث أن جسده الخاص، الذي وُلد عانى هذه الأمور، فأنه يقال أنه هو نفسه أيضا قد عانى هذه الأمور لأجلنا. لأن ذاك الذي هو غير قابل للآلام كان في الجسد المتألم. وعلى نفس النسق نفكر أيضا عن موته. إن كلمة الله حسب الطبيعة غير مائت وغير فاسد لكونه هو الحياة ومعطي الحياة. ولكن بسبب أن جسده الخاص ذاق بنعمة الله الموت لأجل الجميع كما يقول بولس (عب9:2)، لذلك يقال أنه هو نفسه قد عانى الموت لأجلنا". "وهكذا فنحن نعترف بمسيح واحد ورب، ليس أننا نعبد إنسانا مع الكلمة، حتى لا يظهر أن هناك انقساما باستعمال لفظة "مع" ولكننا نعبد واحدا هو نفسه الرب حيث أن جسده لا يخص غير الكلمة الذي باتحاده به يجلس عن يمين أبيه. ليس كابنين يجلسان مع الآب..

إنكاره كون السيدة العذراء والدة الإله

وابتدأ فيها بإنكار كون السيدة العذراء والدة الإله إذ قال: "إني أعترف موقناً أن كلمة الله هو قبل كل الدهور إلا أني أنكر على القائل بأن مريم والدة الإله فذلك عين البطلان لأنها كانت امرأة والحال أنه من المستحيل أن يولد الله من امرأة ولا أنكر أنها أم السيد المسيح إلا أن الأمومة من حيث الناسوت"، وهو بذلك قسَّم السيد المسيح إلى شخصين (طبيعتين) معتقداً أن الطبيعة الإلهية لم تتحد بالإنسان الكامل وإنما ساعدته في حياته فقط .

وهذا التفكير قد جرأه على أن يلغى من ترنيمة الثلاث تقديسات الكنسية العبارة الأخيرة (1) ومن المعروف فى التقليد الكنسى أن الثلاث تقديسات هى التى تمجّد الملائكة الرب الإله في ملكوت السموات بترتيل ترنيمة الثلاث تقديسات: "قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ" (إشعياء 6: 3) وقيل أنها تسبحة قديمة ترجع إلى عصر الرسل . قيل أنه نظمها يوسف الرامي ونيقوديموس عند تطييب جسد السيد المسيح إذ ظهر لهما ملاك يسبح المصلوب عند دفنه.

قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي ولد من العذراء (2) ،

ويؤكد الأنبا إيسوزوروس (3) إلغاء نسطور عبارة من الثلاثة تقديسات " الذي ولد من العذراء " فيقول  : " قرأت ذلك فى كتاب قديم موجود الآن فى البطريركية مكتوب عليه كعبة أمانة آبائنا السريان كان موجود عند السعيد الذكر عريان بك تادرس "

بداية الإنشقاق فى القسطنطينة

 كان الشقاق لا يزال مستحكماً في العاصمة بين أتباع آريوس وأتباع أبوليناريوس. وكان من الطبيعي أن يشترك في الجدل بين هذين المعسكرين بعض الكهنة والشمامسة الأرثوذكسيين. ويستدل مما جاء في بعض المراجع الأولية، أن كاهنا أنطاكياً من ناحية نسطوريوس يدعى انستاسيوس تدخل في الجدل القائم وقال أن مريم بشر وكبشر لا يمكنها أن تلد إلهاً ولذا فإنه لا يجوز القول عنها أنها والدة الإله Theotokos. وتضيف هذه المراجع نفسها أن نسطوريوس أبى أن يلوم انستاسيوس وأنه تحاشى هو بدوره استعمال التعبير "والدة الإله". وجاء في مخلفات المجمع المسكوني الثالث أن دوروثيوس أسقف مركيانوبوليس حرم استعمال الاصطلاح "والدة الإله" وأن نسطوريوس سكت عن هذا التحريم ولم يقطع دوروثيوس من الشركة.

المرجع التاريخى لتعبير أم الإله
والاصطلاح -الإيمان بـ- "والدة الله" قديم العهد فيما يظهر. فالكسندروس الإسكندري استعمله بدون تلكف وغريغوريوس النزينزي لعن من لا يعتبر مريم أم الله.
ورأى نسطوريوس أن هذا الاصطلاح لم يرد في الأسفار المقدسة وأن الآباء لم يستعملوه في نيقية. وذكر القول النيقاوي "ابن الله تجسد من الروح القدس ومريم العذراء" فرأى في هذا اعترافاً بطبيعتين، طبيعة ابن الله المساوي للآب في الجوهر وطبيعة الإنسان المولود من العذراء. فرأى في الاصطلاح "والدة الإله" خلطاً بين اللاهوت والناسوت. واقترح القول "والدة المسيح".
اللاهوت والناسوت: علَّمت الكنيسة منذ البدء أن مخلصنا الوحيد إله كامل وإنسان كامل رب واحد لمجد الله الآب. فقام آريوس وأنكر على الكنيسة الاعتقاد بطبيعة لاهوت الكلمة المتأنس فعقد المجمع المسكوني الأول وحكمت عليه وعلى تعليمه وقررت حقيقة كمال لاهوت المخلص. ثم قام أبوليناريوس وقال بنقص في طبيعة المسيح البشرية فعلَّم أن اللاهوت في المسيح قام مقام العقل في الإنسان. فعقدت الكنيسة المجمع المسكوني الثاني وحكمت على ابوليناريوس وقررت حقيقة كمال ناسوت المخلص.

ولما لم تقم الكنيسة بتحديد هذا الفرق بعبارات مضبوطة تشير فيها وجه العلاقة بين الطبيعتين الإلهية والبشرية ووجه الإتحاد بين اللاهوت والناسوت فى المسيح . فأدى هذا إلى تفاوت في فهم التعبير ونشأ عنه اختلاف في العليم وخصام ونزاع أفضى فيما بعد إلى الانشقاق النسطوري والأوطاخي.
 


1- رفض عقيدة الإتحاد حسب الطبيعة كاتا فيزن أي رفض الإتحاد بين اللاهوت والناسوت .
2- إعتبار أن العلاقة بين اللاهوت والناسوت هي إتصال Conjoining  وليس اتحاد Union   .
3- إعتبار أن الكلمة ابن الله ، وأن يسوع هو ابن العذراء مريم . والتعليم بابنين وأقنومين ( إبن الله – إبن الإنسان ).
4- اعتبار أن الانسان يسوع مختار من الكلمة وقد أنعم عليه الله الكلمة بكرامته وألقابه ولذلك نعبده معه بعبادة واحدة.
5- يرفض تسمية السيدة العذراء والدة الإله ويسميها " أم المسيح " .... يرفض " ثيئوتوكوس " وينادي ب " خرستوطوكوس " ( والدة المسيح الإنسان ).
ويقصد بالمسيح الثاني وليس المسيح الأول لأنه يعلم بمسيحين .
6- إن الله ليس هو الفادي : وبالتاي يفقد الفداء قيمته وفاعليته ولا محدوديته !!
وعن هذا نقول أنه إذا لم يكن يسوع المسيح هو هو نفسه الله الكلمة فما قيمة صلب يسوع المسيح؟
لقد قال القديس بولس الرسول أن : " يسوع المسيح هو هو امساً واليوم إلى الأبد " ( عب 13 : 8 ) وقال الرب في سفر إشعياء " أنا أنا الرب وليس غيري مخلص " ( أش 43 : 11 ).
7- رفض الاتحاد الأقنومي ( Hypostatic Union ) :
ذلك لأن نسطور قد جعل في المسيح أقنومين منفصلين ومتمايزين فكما أنه رفض الوحدة بحسب الطبيعة هكذا رفض الوحدة بحسب الأقنوم , وإعتبر أن الكلمة قد إتخذ شخصاً من البشر وإتصل به في وحدة خارجية بحسب الشخص الخارجي أو الهيئة ، التي هي في نظره صورة الله التي إتحدت بصورة الإنسان يسوع المسيح الذي سكن فيه الكلمة ووحده بكرامته وأسبغ عليه بألقابه.
وتعليم كيرلس يقول أنه لا يوجد شخص بشري إتحد به أقنوم الكلمة ، وأن كلمة الله بحسب ألوهيته هو غير متألم ولكن إبن الله تألم بالجسد أو حسب الجسد.
جاء بشخصه أي أن آلام الجسد هي آلامه هو . وهكذا نسب إلى شخصه الآلام والموت.
دخوله إلى المجد معناه أن يتمجد جسده بمجد اللاهوت.
السيد المسيح اخفى مجده إلى القايمة ومن بعدها الصعود.
وهكذا يدخل المسيح من مجد إلى مجد.
قال القديس اثناسيوس في رسالته إلى إبكتيتوس : " يا للعجب أن كلمة الله المتجسد هو في آن واحد متألم وغير قابل للألم ". وقال أيضا في نفس الرسالة " لقد جاء الكلمة في شخصه الخاص "
وقال في الفصل التاسع من كتاب تجسد الكلمة :
" إن كلمة الله إذ لم يكن قادرا أن يموت أخذ جسداً قابلاً للموت ، لكي باتحاده بالكلمة الذي هو فوق الكل يصير جديراً أن يموت نيابة عن الكل ".

بالاتحاد بكلمة الله غير المحدود صار الجسد المحدود يموت نيابة عن الكل .... نقل كلمة الله إليه ( أي إلى الجسد ) الجدارة أو الإستحقاق. وما يخص الجسد ننسبه إلى كلمة الله مثل الميلاد والآلام . إننا ننسب غير المحدودية إلى الذبيحة على الصليب ، لأن الإستحقاقات الأدبية للكلمة تخص هذه الذبيحة. الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة تجمع خصائص الطبيعتين بغير امتزاج ولم تنهدم خصائص الطبيعتين بسبب الاتحاد ولكن كل هذه الخصائص تنسب إلى كلمة الله المتجسد الواحد لسبب إتحاد الطبيعتين .
إنه اتحاد يفوق الوصف والإدراك ولكنه اتحاد حقيقي لا يمكن أن ينفصل .
وفي القسمة السريانية نقول : { لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ولا عن نفسه هكذا نؤمن وهكذا نعترف وهكذا نصدق.. واحد هو عمانوئيل إلهنا وغير منقسم من بعد الاتحاد ، وغير منفصل إلى طبيعتين } .

 بعض من تعاليم نسطور
رفض الاتحاد بين الطبائع
الله منزه عن التجسد
الله منزه عن الاتصال والاتحاد بالمادة
اللاهوت يتصل بالروح الانسانية كوسيط وليس بالجسد الانساني للمسيح.
اللاهوت اتصل بروم المسيح لذلك فالاتصال بالجسد هواتصال بوسيط
الفصل بين الطبيعتين وتوحيد الكرامة
الانسان والله يعبدا معا لأن الله الكلمة أعطى للمسيح الإنسان ألقابه
كلمة الله إذ علم بسابق علمه أن يسوع سوف يكون قديسا ، فقد اختاره وأنعم عليه بألقابه الإلهية ، موحدا اياه معه في الكرامة . وأنه قد رافقه في البطن ، وفي الميلاد والصلب وقواه ثم أقامه من الأموات أي أن المسيح الكلمة يرافق المسيح الانسان.
ومن الواضح من الأقوال التي ذكرها القديس كيرلس عن نسطور أن نسطور قد علّم بإبنين ومسيحين الواحد منهما الله والكلمة والآخر إنسان ، وقد نتج عن الهرطقة النسطورية أمران خطيران :
أولاً : إنزال يسوع الناصري إلى مرتبة نبي أو انسان قديس حل عليه أقنوم الكلمة بعد أن اختاره بسابق علمه وقوّاه . وقد رفض القديس كيرلس هذا التعليم الذي ظهر أثره جليا بعد ذلك في القرن السابع الميلادي .
ثانيا : الشرب بالله في العبادة بأن يُعبد إنسان مع الله بعبادة واحدة نتيجة أن الله قد أعطى هذا الإنسان كرامة مساوية لكرامة الله وهذا قد فتح الطريق لرفض المسيحية بعد ذلك .
عند جماعات كبيرة من الناس قُبِل الأمر الأول باعتباره شيء ممكن ورُفِض الأمر الثاني باعتباره شِرك بالله وكفر ، وبهذا قدم نسطور أسوأ صورة للمسيحية تؤدي إلى رفض ما فيها من حق وقبول ما هو ليس فيها في آن واحد .
لذلك فإن نسطور قدم المسيحية بصورة يسهل مهاجمتها ورفضها
وبناء على التعليم النسطوري يترتب أنه لما فارق الروح الجسد على الصليب ، أي فارق اللاهوت المتصل بالروح الجسد ، أصبح جسداً غير متصل باللاهوت نهائيا .
ففصَل اللاهوت عن الجسد فصلا تاما في حال موت السيد المسيح
لم يكتف بفصل الطبائع من جهة الاتحاد بل فصل الاتصال أيضاً

هذه هى البدعة ( الهرطقة ) النسطورية التي حرمها المجمع المسكوني في أفسس 431 م :

 

عاشرا: رؤية موجزة لفكر نسطور العقائدي


ثمة إشكاليتان أساسيتان في فكر نسطور اللاهوتي , وسوف نتعرض لهما بصورة موجزة:
1: موقف نسطور من مفهوم والدة الإله theotokos
من الواضح أن نسطور لم يكن هو – ولا حتى صديقه أناستاسيوس – أول من واجه هذا التعبير, إذ قد تعرض له ديردوروس الطرسوسي و ثيودوروس الموبسيوستي وكلاهما رفضه – وإن كان ثيودوروس أقل قليلا من معلمه ديودوروس – تبعا لمدرسة أنطاكية في تصورها الكريستولوجي كما أسلفنا القول.
وفي رأي نسطور فإن كلمة "ثيوتوكوس" لم تميز بدرجة كافية بين الناسوت واللاهوت في المسيح. ولقد قال في خطبته الأولى : " إنهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله أم إذا ؟ وفي هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التي تكلمت عن أمهات للآلهة. لكن بولس عندها يكون كاذبا لما قال عن لاهون المسيح (عب 7: 3) أنه بلا أب, بلا أم, بلا نسب. لا يا أعزائي لم تحمل مريم الله.. المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت الإنسان الذي هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح القدس الكلمة, لكنه أمد له من العذراء المطوبة هيكلا حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرم هذه الحلة التي استفاد منها من أجل ذلك الذي احتجب في داخلها ولم ينفصل عنها..أنا أفرق الطبائع وأوحد الكرامة. تبصر في معنى هذا الكلام. إن ذاك الذي تشكل في رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن الله اتخذه.. وبسبب ذاك الذي إتخذ فإن المتخذ أيضا يدعى الله".
غير أن د. ق. حنا الخضري يعرض بعض النقاط الرئيسية التي دفعت نسطور لرفض لقب والدة الإله:
1- خوفه من الخلط بين المفهوم المسيحي لمريم العذراء والمفهوم الوثني للإلهات العذارى.
2- مكانة مريم والخوف من التحول إلى عبادتها.
3- رأى نسطور في اصطلاح أم الله رائحة الهرطقة.

2 – فكرة الاتحاد بين شخصين في المسيح
هناك من يرى أن مشكلة نسطور الرئيسية هي في أنه آمن بان ثمة شخصين مستقلين في المسيح وأن ما حدث هو اتحاد خارجي فقط في الصورة , مثلما قال بذلك ديردوروس الطرسوسي.وربما يظهر ذلك بوضوح من الفقرة المقتبسة فيما يتعلق بالميلاد من العذراء مريم في الفكرة السابقة. وفي خطبة أخرى نقلت عنه قال فيها:" إنهم يدعون اللاهوت معطي الحياة قابلا للموت, ويتجاسرون على إنزال اللوجوس إلى مستوى الخرافات المسرح , كما لو كان (كطفل ) ملفوفا بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس اللاهوت – بل حلة اللاهوت. ولم يكن اللوجوس هو الذي لف بثوب كتاني بواسطة يوسف الرامي.. لم يمت واهب الحياة لأنه من الذي سوف يقيمه إذا مات .. ولكي يصنع مرضاة البشر اتخذ المسيح شخص الطبيعة البشرية. . أنا أعبد هذا الإنسان مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب ..والثوب الحي الذي للملك.
غير أن هناك الكثيرون ينفون ذلك ويؤكدون أن نسطور لم يؤمن مطلقا بوجود مسيحين أو ابنين ودائما ما يؤكد وحدة البرسبون (الأقنوم). "فبحسب مفهوم نسطور أن عملية الاتحاد بين الهيئتين أو البروسبونين تمت عن طريق تبادل الهيئتين واختراقهما الواحدة للأخرى وبذلك أصبحت هيئة العبد هي هيئة الله وهيئة الله هي هيئة العبد (في 2: 6 – 11) فإن هيئة العبد "يسوع" أصبح معبودا ومكرما كاللاهوت واللاهوت أصبح بدوره عبدا".
وأخيرا فإن هذه المشكلة لابد أن نفهمها في سياق كل ما سبق ذكره بشأن الاختلاف بين مدرسة أنطاكية التي كان ينتمي إليها وبين مدرسة الإسكندرية التي شكلت عدوه الرئيسي. وأيضا ما يتعلق بالصراعات لفرض السطوة والنفوذ. كما يمكننا أن نزعم أنه بلا شك فإن اللاهوت الكريستولوجي في تلك الفترة لم يكن قد وصل إلى مرحلة كافية من النضج التي تؤهله لقبول أو رفض فكرة ما بشكل قاطع وسليم.
كلمة أخيرة
هل كان نسطور هرطوقيا حقا؟ أي هل كانت عقيدته فعلا تنكر بعض من أهم مبادئ الإيمان المسيحي القويم؟ أم تراه قد أدين لافتقاده إلى الأساليب والحيل الماكرة والعقل المتزن غير المتهور, وكذا لشراسة وسعة حيلة كيرلس عدوه السكندري اللدود ؟ هل من أدانوه فهموا عقيدته بشكل صحيح؟ أم تراهم أدانوا فقط صورة مشوهة من أفكاره؟ ثمة أسئلة لم يتوصل العلماء إلى إجابات لها , هذه الأسئلة تزداد تعقيدا لميل بعض المؤرخين إلى تفسير الصراع النسطوري في ضوء أحداث وموضوعات تالية بعدها. حتى أن الكثير من البروتستانت رأوا في نسطور رائد ومبشر بالبروتسانتية , ليس لشيء سوى رفضه للقب "والدة الإله".
أما من جهة رأيي الشخصي , فإنني أرى أن نسطور ربما يكون قد أخطئ في بعض الأفكار والاتجاهات ولكن بلا شك فإن ما تعرض له كان مجحفا بشكل كبير. ونحن نحتاج اليوم أن نعيد النظر بشكل موسع وموضوعي – بقدر الإمكان – إلى الفكر الكريستولوجي الخاص بنسطور وكذا مواقفه ضد بعض التعبيرات التي مازالت تستخدم حتى الآن – وكثيرا ما تستخدم بشكل خاطئ أو غير دقيق. علينا الآن ونحن ندرس نسطور أن نسعى بكل اجتهاد لتنقية هذا الصراع من كل العناصر غير الشريفة التي شابته – وهي في تصوري كثيرة للغاية – وإن نعمل على دراسة القضايا اللاهوتية دراسة لاهوتية فقط. أعترف أن هذه الفكرة تبدو بعيدة المنال بل وربما خيالية ومستحيلة , لكنني أؤمن أن ثمة إمكانية لحدوثها إن أردنا نحن ذلك.
وفي النهاية يبقى نسطور نموذجا لرجل مخلص وخطيب بارع لكنه قليل الدهاء, آمن بفكرة ونادى بها بكل ما أوتي من قوة , ودفع ثمن إيمانه غاليا جدا من شهرته وكرامته ومكانته و تاريخه واسمه الذي ظل لقرون عديدة ملطخا بوصمة الهرطقة.

القديس كيرلس الكبير في رسالته إلى أكاكيوس أسقف ميليتين Melitene وهي الرسالة رقم ( 40 ) من الرسائل التي أرسلت منه وإليه ( أي القديس كيرلس ) يقول في الفقرة ( 10 ) من الرسالة :
[ قد وجدنا أن نسطور قد ألغى تماماً ميلاد ابن الله الوحيد بحسب الجسد لأنه ينكر أنه وُلد من إمرأة بحسب الأسفار المقدسة إذ يقول : " لا تقول الأسفار الإلهية في أي موضع أن الله وُلد من العذراء ، أم المسيح ( خريستوطوكوس Christotokos ) بل تقول أن يسوع المسيح ، الإبن والرب ، قد وُلد ].
وطالما يعلن هذا بوضوح كيف يمكن أن يشك أحد أنه ، بقوله هذه الأمور. يقسٍّم الإبن الواحد إلى إبنين . واحد منهما – ناظراً إليه في إنفصال عن الآخر - يقول عنه إنه إبن ومسيح ورب ، إنه الكلمة المولود من الله الآب ، أما الآخر ، وهو أيضا في إنفصال عن الآخر ، يقول عنه إنه إبن ومسيح ، ورب . وغلنه ولد من العذراء القديسة ؟ "
فقرة ( 12 ) في نفس الرسالة يقول القديس كيرلس : [ عندما كان نسطور يعظ في الكنيسة كان يقول : " لهذا السبب أيضا يسمى المسيح ( الله الكلمة ) لأنه لا إتصال لا ينقطع Uninterrupted Conjoining مع المسيح " وأيضا يقول " إذن فلنحفظ اتصال الطبيعتين الغير مختلط Unconfused Conjoining of Natures ، ولنعترف بالله في الإنسان وبسبب هذا الإتصال الإلهي ، نوقّر ونكرم الإنسان المعبود مع الله الكلي القدرة " ]
فقرة ( 13 ) [ وهكذا أنت ترى كيف أن تفكيره متناقض لأنه مملوء بكليته بعدم الوقار ، إذ يقول : " أن كلمة الله يُدعى وحده المسيح ، وله إتصال دائم مع المسيح ". لذلك ألا يقول بوضوح تام أن هناك مسيحين Two Christs ؟ ألا يعترف أنه يكرّم ويوقر إنسانا – لا أعرف كيف – يُعبد مع الله؟ " ]
فقرة ( 16 ) [ نسطور يتظاهر بأنه يعترف أن الكلمة ، بينما هو الله ، تجسد وتأنس ، ولكن إذ لم يعرف معنى التجسد ، يتحدث عن طبيعتين لكي يفصلهما عن بعضهما البعض ، فاصلا الله وحده على حده ، وأيضا الإنسان بدوره ( على حدة ) ، وهو متصل بالله بعلاقة خارجية فقط بحسب مساواة الكرامة أو على الأقل القدرة الحاكمة. لأنه يقول ما يلي : " الله ( الله الكلمة ) لا ينفصل عن الواحد ( يسوع الناصري الإنسان ) المرئي ، وبسبب هذا ، أنا لا أفصل كرامة الواحد الغير منفصل. أنا أفصل الطبيعتين لكني أوحد العبادة " ]
من الواضح أن نسطور علّم بشخصيتين إتحدا في شخص واحد في يسوع المسيح ولذلك رفض لفظ " ثيئوتوكوس " لوصف ميلاد الله المتجسد من العذراء القديسة مريم ، واعتبر أن المولود منها وهو إنسان لا غير ، متصلا بالكلمة إبن الله .
وفيما يلي بعض مقتطفات من أقواله :
1) } هما شخصان : شخص ذاك الذي ألبَس وشخص الآخر الذي لَبَس {
LH 193 ( Bazar of Heraclides ), quoted by Bernard Dupay, OP , "The Christology of Nestorius", Syriac Dialogue, Pro Oriente, OP. Cit., P. 113.

2) } لذلك فإن صورة الله هي التعبير التام عن الله للإنسان . فصورة الله المفهومة من هذا المنطلق يمكن أن نظن أنها الشخص الإلهي . الله سكن في المسيح وكشف ذاته للبشر من خلاله. مع أن الشخصان هما في الحقيقة صورة واحدة لله {
Rowan greer, " The Image of God and the Prosopic Union in Nestorius" , Bazar of Heraclides in Lux in Lumine, Essays to honor W. Norman Pittenger, edited by R.A. Morris Jr. New York 1966, P.50.

3) } يجب ألا ننسى أن الطبيعتين يستلزمان أقنومين وشخصين فيه متحدان بقرض وتبادل بسيط{
R. Nau, Le Livre d'Heraclide de Damas ( =L.H.), Paris 1910; P. XXVIII
=======================

المراجـــــــــــــــــع

(1) وتصلى الكنيسة القبطية أيضاً بالصلاة التالية " السلام لك , السلام لك. نسألك أيتها القديسة الممتلئة مجدا العذراء كل حين، والدة الإله أم المسيح، أصعدي صلواتنا إلى ابنك الحبيب ليغفر لنا خطايانا.
السلام للتي ولدت لنا النور الحقيقي المسيح إلهنا، العذراء القديسة، اسألي الرب عنا، ليصنع رحمة مع نفوسنا، ويغفر لنا خطايانا.
أيتها العذراء مريم والدة الإله، القديسة الشفيعة الأمينة لجنس البشرية، اشفعي فينا أمام المسيح الذي ولدته لكي ينعم علينا بغفران خطايانا.
السلام لك أيتها العذراء الملكة الحقيقية، السلام لفخر جنسنا، ولدت لنا عمانوئيل. نسألك: اذكرينا، أيتها الشفيعة المؤتمنة، أمام ربنا يسوع المسيح، ليغفر لنا خطايانا.

(2)قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي ولد من العذراء، ارحمنا. قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي صلب عنا، ارحمنا. قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي قام من الأموات وصعد إلى السموات، ارحمنا. المجد للآب والابن والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور. أمين. أيها الثالوث القدوس ارحمنا. أيها الثالوث القدوس ارحمنا. أيها الثالوث القدوس ارحمنا.
يا رب اغفر لنا خطايانا. يا رب اغفر لنا آثامنا. يا رب اغفر لنا زلاتنا. يا رب افتقد مرضى شعبك، اشفهم من أجل اسمك القدوس. آباؤنا وإخوتنا الذين رقدوا، يا رب نيح نفوسهم. يا من هو بلا خطية، يا رب ارحمنا. يا من بلا خطية، يا رب أعنا، واقبل طلباتنا إليك. لأن لك المجد والعزة والتقديس المثلث. يا رب ارحم. يا رب ارحم يا رب بارك. أمين.

 بدء قانون الإيمان : " نعظمك يا أم النور الحقيقي، ونمجدك أيتها العذراء القديسة، والدة الإله، لأنك ولدت لنا مخلص العالم، أتى وخلص نفوسنا.
المجد لكَ يا سيدنا وملكنا المسيح، فخر الرسل، إكليل الشهداء تهليل الصديقين، ثبات الكنائس، غفران الخطايا.
نبشر بالثالوث القدوس، لاهوت واحد، نسجد له ونمجده. يا رب ارحم. يا رب ارحم. يا رب بارك. أمين.
(3) الأنبا إيسوزوروس كاتب كتاب الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483 - 484

This site was last updated 10/17/13