Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

ا 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
عودة لأحتلال آل عثمان
New Page 1789
New Page 1790
New Page 1791
New Page 1792
أتاتورك ونهاية العثمانيين
منزل عمر الملطى وأخوه
معاهدة لوزان
‏سبيل‏ ‏الأمير‏ ‏عبد‏ ‏الله‏ ‏العثماني
كتابة تاريخ الإحتلال العثمانى
آخر ورثة الإمبراطورية العثمانية
New Page 3146
New Page 3147
New Page 3148
New Page 3149
New Page 3150

Hit Counter

 

وفى 1 شهر رجب الفرد سنة 1216 هـ - الموافق 8 نوفمبر 1801م سافر سليمان آغا تابع صالح آغا الى اسلامبول‏.‏
وفيه أمر الوزير الأمراء المحبوسين بأن يكتبوا كتابًا الى الانكليز بأنهم أتباع السلطان وتحت طاعته وأمره إن شاء أبقاهم في إمارتهم وإن شاء قلدهم مناصب في ولايات أخرى وإن شاء طلبهم يذهبون إليه فلا دخل لكم بيننا وبينه وكلام في معنى ذلك فأرسلوا يقولون إن هذا الكلام لا عبرة به فإنهم مسجونون وتحت أمركم ومكتوب المقهور المكره لا يعمل به فإن كان ولابد فأرسلوهم إلينا لنخاطبهم ونعلم ضميرهم وحقيقة حالهم فلما كان ليلة الاثنين تاسعه أحضر الوزير ابراهيم بك والأمراء وأعلمهم أن قصده إرسالهم الى بر الجيزة عند الانجليز ليتفسحوا ذلك اليوم ويخبروهم أنهم مطيعون للسلطان وتحت أوامره وأن المراسلة التي أرسلوها عن طيب قلب أمنهم وليسوا مكرهين في ذلك فأظهر ابراهيم بك القنع عن الذهاب وأنه لا غرض له في الذهاب الى مخالفين الدين فجزن عليه ووعده خيرًا وعاهدهم وحلفهم فنزلوا وركبوا من عنده في الصباح ( قتال بين المغاربة والإنكشارية ) .‏

فى يوم 9  شهر رجب الفرد سنة 1216 هـ - الموافق 15 نوفمبر 1801م أحضر الوزير إبراهيم بيك والأمراء وأعلمهم أن قصده إرسالهم إلى بر الجيزة عند الإنجليز ليتفسحوا ذلك اليوم , ويخبروهم أنهم مطيعون للسلطان وتحت أوامرة , وأن المراسلة التى أرسسلوها عن طيب قلب منهم , وليسوا مكرهين فى ذلك , فأظهر أبراهيم إبراهيم بيك التمنع عن الذهاب , وأنه لا غرض له فى الذهاب إلى مخالفى الدين , فجزم عليه ووعده خيراً , وعاهدهم , وحلفهم , فنزلوا وركبوا من عنده فى الصباح , وما صدقوا بالخلاص , وعدوا إلى الجيزة , وذهبوا إلى عند الإنجليز , فتبعهم أتباعهم ومماليكهم يرمحون إليهم ويلحقون بهم , فأقاموا هناك , ولم يرجعوا , فإنتظر الوزير رجوعهم خمسة

فى يوم السبت 14  شهر رجب الفرد سنة 1216 هـ - الموافق 20 نوفمبر 1801م عملوا جمعية ببيت الشيخ السادات
واجتمع المشايخ والوجاقلية وذلك بأمر من الوزير وأرسل إليهم مكاتبة وفي ضمنها النصيحة والرجوع الى الطاعة فأرسلوا في جواب الرسالة يقولون إنهم ليسوا مخافين ولا عاصين وأنهم مطيعون لأمر الدولة وإنما تأخرهم بسبب خوفهم وخصوصًا ما وقع لإخوانهم باسكندرية وأنهم لم يذهبوا الى عند الانجليز إلا لعلمهم أنهم عسكر السلطان ومن المساعدين له على أعدائه ومتى ظهر لهم أمر يرتاحون فيه رجعوا الى الطاعة ونحو ذلك من الكلام‏.‏
وفي يوم الجمعة 27  شهر رجب الفرد سنة 1216 هـ - الموافق 3 ديسمبر 1801م حضر عابدي بك نسيب مولانا الوزير فخرج إليه غالب أعيان العثمانية والجاويشية وطاهر باشا وعسكر الأرنؤد وتلقوه ودخل بحموله في موكب جليل وكان حضرة الوزير حاصلًا عنده توعك وغالب أوقاته محتجب عن ملاقاة الناس‏.‏
وفيه ورد الخبر بسفر قبطان باشا من ساحل أبي قير الى اديار الرومية في منتصف الشهر وأما محمد باشا الوالي على مصر فإنه لم يزل مقيمًا بأبي قير وحضر خازنداره وسكن ببيت البكري بالأزبكية‏.‏

شيخ يدس السم لآخر فتموت أبنته 
وفى يوم الثلاثاء1  شهر شعبان ب سنة 1216 هـ - الموافق 7 ديسمبر 1801م  فيه حضر يوسف أفندي وبيده مرسوم بولايته على نقابة الأشراف ( سلالة العرب الذين أستعمروا مصر ) فبات ببولاق وأرسل ناسًا يعلمون بحضوره فلم يخرج لملاقاته أحد ثم أن بعض الناس أحضر إليه فرسًا فركبه في ثاني يوم وحضر الى مصر وأشاع أنه متولي نقابة الأشراف ومشيخة المدرسة الحبانية وخبر ذلك الإنسان أنه كان يبيع الخدرة واليميش بحانوت بخان الخليلي وهو من متصوفة الأتراك الذين يتعاطون الوعظ والإقراء باللغة التركية فمات شيخ رواق الأروام بالأزهر فاشتاقت نفسه للمشيخة على الرواق المذكور فتولاها بمعونة بعض سفهائهم فنقم عليه الطائفة أمورًا واختلاسات من الوقف فتعصبوا عليه وعزلوه وولوا مكانه السيد حسين أفندي المولى الآن فحنق من ذلك وداخله قهر عظيم وحقد على حسين أفندي المذكور وأضمر له في نفسه المكروه فدعاه يومًا الى داره ودس له سمًا في شرابه فنجاه الله من ذلك وشربت ابنة يوسف أفندي الداعي تلك الكاسة المسمومة غلطًا وماتت وشاع ذلك وتواترت حكايته بين الناس ورجع كيده عليه وذاق وبال أمره‏.‏

ومن يحفر بئراً ليوقع غيره ***** سيوقع بالبئر الذى هو حافر
ثم أنه سافر الى اسلامبول وأقام هناك مدة إقامة الفرنسيس بمصر ولم يزل يتحيل ويتداخل في بعض حواشي الدولة وعرض بطلب النقابة ومشيخة الحبانية فأعطوه ذلك لعدم علمهم بشأنه وظنهم أنه أهل لذلك بقوله لهم إنه كان شيخًا على الأزهر ومعرفته بالعلم فلما حصل بمصر وظهر أمره تجمعت أعيان الأشراف وقالوا لا يكون هذا حاكمًا ولا نقيبًا علينا أبدًا وتنوقل خبره وظهر حاله لأكابر الدولة وحضرة الصدر الأعظم فلم يصغوا إليه ولم يسعفوه وأهمل أمره وهكذا شأن رؤساء الدولة أدام الله بقاءهم إذا تبين لهم الصواب في قضية لا يعدلون الى خلافه‏.‏
من الحوادث أنه تقيد بأبواق القاهرة بعض من نصارى القبط ومعهم بعض من العسكر فصاروا يأخذون دراهم من كل من وجدوا معه شيئًا سواء كان داخلًا أو خارجًا بحسب اجتهادهم وكذلك ما يجلب من الأرياف وزاد تعديهم فعم الضرر وعظم الخطب وغلت الأسعار وكل من ورد بشيء يبيعه يشتط في ثمنه ويحتج بأنه دفع عليه كذا وكذا من دراهم المكس فلا يسع المشتري إلا التسليم لقوله والتصديق له وقبول عذره والسبب في ذلك أن الذين تقيدوا بديوان العشور بساحل بولاق دس عليهم بعض المتقيدين معهم من الأقباط بأن كثيرًا من المتاجر التي يؤخذ عليها العشور يذهب بها أربابها من طريق البر ويدخلون بها في أوقات الغفلة تحاشيًا عن دفع ما عليها وبذلك لا يجتمع المال المقرر بالديوان فيلزم أن يتقيد بكل باب من يترقب لذلك ويرصده ويأخذ ما يخص الديوان من ذلك فأذن كبراء الديوان بذلك فانفتح لهم بذلك الباب فولجوه ولم يحسبوا للعاقبة من حساب وزادوا في الجور والفضائح وأظهروا ما في نفوسهم من القبائح فساءت الظنون واستغاثت المستغيثون وأكثر سخاف الأحلام مما لا طائل تحته من الكلام كما قيل فى هذا المعنى :

وكنا نستطب إذا مرضنا *** فصار الداء من قبل الطبيب

إلى أن زاد التشكي وأنهى الأمر الى الوزير فأمر بإبطال ذلك وانجلت تلك الغمة‏.‏
وفيه أيضًا عرض طائفة القبانية وتشكوا مما رتب عليهم من الجمرك السنوي فأطلق لهم الأمر برفعه عنهم‏.‏
وفيه قبضوا على رجل من المفسدين بإقليم المنوفية يقال له راضي النجار وأحضروه الى مصر وقطعت رأسه بالرميلة‏.‏

فرمان إلى العربان (قبائل العرب) التى تعيث فى مصر فساداً

وفيه : كتب فرمان إلى ناحية البحية وهذا صورته :

" صدر الفرمان إلعالى السلطانى , وأمرنا الجليل الخاقانى ... إلى قدوة النواب المتشرعيين   نائب البحيرة زيد علمه , وإلى كامل المشايخ من عربان الهنادى والأفراد والجمعيات والبهجة وبنى عونة عموماً - زيد فى عشيرتهم - بعد وصول التوقيع الرفيع الهمايونى الحكمى :

تحيطون علماً أنكم أنهيتم إلى ديواننا الهمايونى , أنكم من قديم الزمان منازلكم أباً عن جد فى فيافى البحيرة وفدافدها (يعتقد تعنى جمع فدان)  , أنكم تحت قدم الطاعة ! والمحافظة على الرهايا والطرقات الواقعة بناحية البحيرة , وإلتمستم من عواطف مراحم سلطتنا السنية , ودولتنا الخاقانية , إستقراركم فى منازلكم القديمة كما كنتم , حكم السنين الخوالى , فحيث أنه جرت العادة أن قبائل العربان فى الديار  المصرية , كل قبيلة لها منزلة مخصوصة بهم لا ينازعها فيها غيرهم .

ومنزلة البحيرة من قديم الزمان منزلكم فبحسب إلتماسكم من مراحم دولتنا العلية .. قد أقررناكم فى منازلكم المزبورة كما كنتم قديماً نازلين بها من غير منازع لكم .... بالشروط التى تعهدتم بها , وقبلتموها فى حضور صدرنا الأعظم , وكتبتم بها سنداً عليكم , وهى أن توفوا بعدم التعدى وإيصال الرزية والمضرة ولو مقدار ذرة , إلى الرعايا وديعة خالق البرايا , والمحافظة على الطرقات وعدم إتلاف شئ من مزروعات أهل البلاد , وإضاعة مواشيهم , وألا تسكنوا عنكم شقياً من اللصوص وقطاع الطريق , ونهب أموال الناس , وقتل النفوس بغير حق شرعى

وفد نذرتم على أنفسكم أنه متى أختل شرط من هذه الشروط المذكورة تقومون بدفع مائتى ألف قرش إلى خزينة مصر .

فبناء على ذلك .. أصدرنا فرمانناً الشريف وأمرنا العالى المنيف , ليكون معلومكم أنه من قاعدة الديار المصرية كل قبيلة من العربان لها منزلة تنزلها مخصوصة بها , وقد أقررناكم فى منازلكم القديمة فى فيافى البحيرة وفدافدها (يعتقد تعنى جمع فدان) بالشروط السابقة الذكر , التى إلتزمتموها , والنذور التى قبلتموها , وتعهدتم بها , وكتبتم على أنفسكم سنداً أنه متى أختل شرط من الشروط المذكورة , بعد بيان دفعكم 200 ألف قرش , يكون إخراجكم من البحيرة وبلادها وفيافيها , والطلوع من حقكم .

فإعملوا بموجب مضمون أمرنا الشريف كما هو مشروح , وتجنبوا خلاف ما هو مسطور وموضوح ... أعلموه وأعتمدوه غاية الإعتماد " والحذر ثم الحذر من المخالفة !! "

وكتب بمضمونه حجة ,امضى عليها قاضى العسكر , وقيدت بالسجل , وهى من أنشاء صاحبنا اللبيب الأديب , الناظم النائر , جامع الفضائل المآثر السيد أسماعيل الشهير بالخشاب ونصه : -

لما ورد الفرمان الشريف الواجب القبول والإجلال والإعظام والتشريف , اليسانعة أزاهر رياض فصاحته , المحلاة بعقود البلاغة أجياد معانىعبارته , المشتمل على فصول من الترغيب والترهيب , التى يعجز كل بليغ لبيب عن سلوك أسلوبها العجيب , من حضرة مولانا الصدر الأ عظم , والمشير المفخم , عضد الدولة العلية ولسانها , وحسامها الماضى وسنانها ... من أنجلى عنا ظلام الشرك بصباح غرته السنية وإشراق ضياء حسن سيرته المرضية , مولانا الوزير يوسف باشا - بلغة الله من المرادات ما شاء - خطاباً إلى سائر الحكام والمتشرعين والنواب وسكان أقليم البحيرة من قبائل الأعراب , ومن ألتحق بهم من الأبناء والذرارى , والعشائر والمنجمين معهم فى تلك الفدافد والبرارى , وما تضمنه من تأمينهم فى منازلهم وأوطانهم وعشيرتهم وجيرانهم , والنظر إليهم بعين الإحسان والرعاية وإدخالهم سرادق الحفظ والوقاية , بشرط أن يكونوا على قدم الطاعة , وأن يسلكوا سبيل السنة والجماعة , وأن يتجنبوا الخلاف , ويعاملوا من يمر بهم بالإكرام والإعزاز والإنصاف , واردين مشرب الوفاق , وأن لا يتجمعوا على ضلال ويتحزبوا , ولا يقطعوا الطريق على من يمر بهم ويتعصبوا " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا ويصلبوا "

وأقطع حضرة مولانا الصدر الأعظم المشار إليه - خلد الله جزيل نعمة وفضله عليه - كل قبيلة منهم منازلهم المخصوصة بهم المعهودة , وأظلهم بظلال أمانة الظليلة الممدودة حين ألتمسوا ذلك من مراحم دولته , وعوارف عواطف رأفته ... بعد إلتزامهم بما سلف من الشروط , على الوجة المشروح المحرر المضبوط , وعلى أنهم إن عصوا أمره وخالفوه , ونسوا ما تلى عليهم أو نسخوه , أو قطعوا الطريق ونهبوا الأموال , أو آووا شقياً ممن يفعل ذلك بحال من ألحوال - أخذتهم صاعقة العذاب والهوان , وحل بهم البلاء مالا يطيقون , ووقعوا من غضب هذه الدولة العلية عليهم فى العذاب الشديد ... " ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام العبيد . " وبعد أن تسلب أموالهم ويتلاشى حالهم , حتى يصيروا لا عين ولا أثر , ولا مخبر ولا خبر , ولا معالم ولا معاهد ولا مشارع ولا موارد ... جزاء بما أسلفوا , وعقاباً على ما ما أقترفوا إذا خالفوا ! .

وعاهد رؤسائهم حضرة مولانا الصدر الأعظم المشار إليه على ما تقدم ذكره , وكتب لهم بذلك التوقيع السلطانى , والأمر الخاقانى , المتضمن لما تقدم من المعانى , والمتوج بالعلامة الشريفة , والطرة السلطانية المنيفة , المبدأ بذكره , والمؤرخ بتاريخة .

وحضر به غلى حضرة مولانا شيخ الإسلام المومى إليه أعلاه , كل فلان وفلان , وهم مشايخ عربان البحيرة المرقومون .

 ولما تأمل فيه , وأحاط علمه الكريم ببديع معانيه , ونزه طرفه فى رياض فصوله , ورآه جارياً على قواعد الشرع وأصوله , وألتمس منه الجماعة المذكورون فى كتابة الحجة متضمنة لفحواه , مؤكدة له مقوية لمعناه ... أمر بكتابة هذا المرسوم الوكيل , وأخذه إلى بيته وعملوا عليه مائتين وعشرين كيساً .

وفي 5  شهر شعبان ب سنة 1216 هـ - الموافق 11 ديسمبر 1801م نزل محمد باشا توسون والي جدة من القلعة في موكب وتوجه الى العادلية قاصدًا وفي يوم الأربعاء تاسعه قبضوا على ثلاثة من النصارى الأروام المتزيين بزي العساكر الانكشارية ويعملون القبائح بالرعية فرموا رقابهم أحدهم بالدرب الأحمر والثاني بسوق السلاح عند الرفاعي والثالث بالرميلة‏.‏
وفي يوم الخميس 10  شهر شعبان ب سنة 1216 هـ - الموافق 16 ديسمبر 1801م أيضًا قطعوا رأس علي جلبي تابع حسين أغاشنن بباب الخرق بين المفارق بأمر من الوزير والسبب في ذلك أن المرحوم يوسف باشا المذكور الكبير المتوفى بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام كان أودع عند حسين أغاشنن وديعة فلما ملك الفرنسيس مصر وجرى ما جرى من ورود العرضي والصلح ونقضه فاعتقد قصار العقول أن الأمر انتهى للفرنسيس فتجاوزوا الحد وأغروا ببعضهم وتتبعوا العورات وكشفوا عن المستورات ودلوا الفرنسيس على المخبآت وتقربوا إليهم بكل ما وصلت إليه همتهم وراجت به سلعتهم والمسكين المقتول مد يده الى بعض ودائع سيده فاختلس منها وتوسع في نفسه وركب الخيول واتخذ له خدمًا وتداخل مع الفرنسيس وحواشيهم فاستخفوا عقله فاستفسروا منه فأخبرهم بالوقائع والخبايا فاستخرجوها ونقلوها وكانت شيئًا كثيرًا جدًا وأظهر أن ذلك لم يكن بواسطته ليواري ما اختلسه لنفسه ويكون له عذر في ذلك فلما حضر له سيده صحبة العرضي ذهب إليه وتملق له وربط في رقبته منديلًا فأهمل أمره الى هذا الوقت حتى اطمأن خاطره ثم أنه أخبر بقصته الوزير لعلمه أنه سيطالب بوديعة يوسف باشا فأمره بأن يرفع قصته الى القاضي ويثبت تلك الدعوى لتبرأ ساحته عند الدولة ففعل ثم أمر الوزير بقتل علي جلبي المذكور فقتل وترك من ميا ثلاثة أيام بلياليها‏.‏
وفى يوم الأربعاء 1 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 5 يناير 1802م ولم يعمل فيه شنك الرؤيا على العادة خوفًا من عربدة العساكر والمحتسب كان غائبًا فركب كتخداه بدلًا عنه بموكبه فقط ولم يركب معه مشايخ الحرف فذهب الى المحكمة وثبت الهلال تلك الليلة ونودي بالصوم من الغد‏.‏
وفيه أمر الوزير محمد باشا العربي بالسفر الى البلاد الشامية فبرز خيامه الى خارج باب النصر وخرج هو في ثالثه وسافر وأشيع سفر الوزير أيضًا وذلك بعد أن حضرت أجوبة من الباب الأعلى‏.‏
وفي يوم الجمعة 3 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 7 يناير 1802م ارتحل محمد باشا المذكور‏.‏
وفي خامسه انتقل رئيس أفندي من بيت الألفي وسكن في بيت اسمعيل بك وشرعوا في تعميره وإصلاحه لسكن والي مصر‏.‏
وفي 12 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 16 يناير 1802م وصل محمد باشا والي مصر الى شلقان‏.‏
وفي 13 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 17 يناير 1802م ضربت عدة مدافع من الجيزة صباحًا ومساء فقيل إنه حضر ستة قناصل الى الجيزة

وفي 15 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 19 يناير 1802م حضر القناصل المذكورون الى بيت الوزير وقابلوه فخلع عليهم خلعًا ورجعوا الى أماكنهم في الجيزة‏.‏
وفي ذلك اليوم وصل محمد باشا والي مصر الى جهة بولاق ونصب وطاقه بالقرب من المكان المعروف بالحلي ثم انتقل الى جهة قبة النصر فلما كان يوم الجمعة سابع عشره وصل الى المدينة من باب النصر في موكبه وطوائفه على غير الهيئة المعتادة ولم يلبس الطلخان تأدبًا مع الوزير لحصوله بمصر فتوجه الى بيت الوزير وأفطر معه‏.‏
وفي تلك الليلة عزل خليل أفندي الرجائي من دفتردارية الدولة وقلد عوضه حسن أفندي باش محاسب وسببه أن الوزير طلب خلعًا ليخلعها على والي مصر وقناصل الانكليز فتأخر حضورها فحنق وسأل عن سبب تأخير المطلوب فقال الرسول إن الخازندار قال حتى استأذن الدفتردار فحنق الوزير وأمر بحبس الخازندار وعزل الدفتردار وهرب السفير الذي كان بينهما‏.‏
وفيه انتقل الأمراء المصرلية المرادية من الجيزة الى جزيرة الذهب ونصبوا وطاقهم بها وأرسلوا ما كان عندهم من الحريم الى دورهم بمصر واستمر ابراهيم بك وعثمان بك الحسيني ومحمد بك المبدول وقاسم بك أبو سيف بالجيزة ولم يعلم حقيقة حالهم ثم في ثاني يوم لحق ابراهيم بك وباقي الجماعة بالآخرين وخرج إليهم طلبهم ومتاعهم وأغراضهم

فلما كان ليلة الاثنين 19 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 23 يناير 1802م ركبوا ليلًا بأجمعهم الى الصعيد من الجهة الغربية وتخلف عنهم قاسم بك أبو سيف لمرضه وكذلك تخلف عنهم محمد آغا أغات المتفرقة وآخرون‏.‏
وفي  يوم الثلاثاء 20  شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 24 يناير 1802م نودي بالأمان على المماليك وأتباعهم ومن تخلف عنهم أو انقطع منهم وكذلك في ثاني يوم‏.‏
وفيه قلد محمد باشا والي مصر حسن آغا وألبسه على جرجا‏.‏
وفي 28 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 5 يناير 1802م عزل الباشا محمد آغا المعروف بالزربة من الكتخدائية وهو من المصرلية وولاه كشوفية الغربية وتقلد عوضه في الكتخدائية يوسف آغا أمين الضربخانة سابقًا وتقلد كشوفية المنوفية وتقلد كشوفية القليوبية‏.‏
وفي ليلة الأربعاء 29 شهر رمضان سنة 1216 هـ - الموافق 2 فبراير 1802م ذهب يوسف أفندي الى عند والي مصر فقلده نقابة الأشراف وألبسه فروة بعد أن كان أهمل أمره‏.‏
وفيه عزل أغات الانكشارية وتولى آخر عوضه من العثمانية ونزل المعزول الى بولاق ليسافر الى جهة الصعيد‏.‏
شهر شوال سنة 1216 استهل بيوم الخميس

في يوم السبت 3 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 6 فبراير 1802م خرج جاليش الوزير الى قبة النصر ونودي بخروج العساكر ويكون آخر خروجهم يوم الاثنين فشرعوا في الخروج بأحمالهم ودوابهم

فلما كان يوم الاثنين 5 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 8 فبراير 1802م خرج الوزير على حين غفلة الى قبة النصر وتتابع خروج الأثقال والأحمال والعساكر وحصل منهم في الناس عربدة وأذية وأخذ بعضهم من عطارين القصر ابن ثلاثة أرطال بن ثمنها مائة وعشرون نصفًا فرمى له عشرين نصفًا فصرخ الرجل وقال أعطني حقي فضربه وقتله فأغلق الناس الحوانيت وانكفوا في دورهم فاستمرت جميع حانيت البلدة مغلوقة حتى سافرت العساكر وانتقلت من قبة النصر ولازم حضرة محمد باشا والي مصر وطاهر باشا على المرور والطواف بالشوارع بالتبديل وثياب التخفيف ليلًا ونهارًا ولولا ذلك لحصل من العسكر ما لا خير فيه‏.‏
وفيه كتبت فرمانات وألصقت بالشوارع ومفارق الطرق مضمونها بأن لا أحد يتعرض بأذية لغيره وكل من كان له دعوى أو شكية فليرفع قصته الى الباشا وكل إنسان يمشي في زيه وقانونه القديم ويلازموا على الصلوات بالجماعة في المساجد ويوقدوا قناديل ليلًا على البيوت والمساجد والوكائل والخانات التي بالشوارع ولا يمر أحد من العسكر من بعد الغروب والذي يمشي بعد الغروب من أهل البلد يكون معه فانوس أو سراج ويبيعون ويشترون بالحظ والمصلحة ولا أحد يخفي عنده أحدًا من عسكر العرضي والذي يبقى منهم بيده يعاقب وأن القهاوي المحدثة جميعها تغلق ولا يفتح لا القهاوي القديمة الكبار ولا يبيت أحد من العسكر في قهوة ولا يبيعون المسكرات ولا يشترونها إلا الكفرة سرًا وأمثال ذلك فانسرت القلوب بتلك الفرمانات واستبشروا بالعدل‏.‏
وفيه خرجت عساكر وسافرت الى جهة قبلي وعدتهم ستة آلاف وذلك بسبب الأمراء المصرلية الهربانين وقرر لهم بأن من أتى برأس صنجق فله ألف دينار أو كاشف فله ثلثمائة أو جندي أو مملوك فله مائة‏.‏
وفي يوم السبت 10 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 13 فبراير 1802م ركب الوزير من قبة النصر وارتحل العرضي الى الخانكة وعند ركوبه حضر إليه السيد عمر أفندي النقيب وبعض المتعممين لوداعه فأعطاهم صررًا وقرؤوا له الفاتحة وركب وخرج أيضًا في ذلك اليوم بقية المشايخ وذهبوا الى الخانكة أيضًا ودعوه ورجعوا‏.‏
وفي يوم الاثنين 12 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 15 فبراير 1802م أحضر الباشا محمد آغا الوالي وسليم آغا المحتسب وأمر برمي رقابهما فقطعوا رأس الوالي تحت بيت الباشا على الجسر والمحتسب عند باب الهواء وختم على دورهما في تلك الساعة وشاع خبر ذلك في البلد فارتاع الناس لذلك واستعظموه وداخل الخوف أهل الحرف مثل الجزارين والخبازين وغيرهم وعلقوا اللحم الكثير بحوانيتهم وباعوه بتسعة أنصاف بعد أن كانوا يبيعونه بأحد عشر مع قلته واحتكاره وكانوا نبهوا عليهم قبل ذلك فلم وفي صبحها يوم الثلاثاء قلد علي آغا الشعراوي الزعامة عوضًا عن محمد آغا المقتول وزين الفقار كتخدا أمين احتساب عوضًا عن سليم آغا أرنؤد المقتول أيضًا واجتمعوا ببيت القاضي وحضر أرباب الحرف وعملوا قائمة تسعيرة لجميع المبيعات من المأكولات وغيرها فعملوا اللحم الضاني بثمانية أنصاف والماعز بسبعة والجاموسي بستة وأن لا يباع فيه شيء من السقط مثل الكبدة والقلب وغير ذلك والسمن المسلي بمائة وثمانين نصفًا العشرة أرطال بعد أن كانت بثلثمائة وأربعين والزبد العشرة بمائتين وستين بعد أن كانت بمائتين وأربعين‏.‏
وجميع الخضراوات تباع بالرطل حتى الفجل والليمون والجبل الذي بخيره بثلاثة أنصاف بعد عشرة والخبز رطل بنصف فضة وكذلك جميع الأشياء العطرية والأقمشة العشرة أحد عشر والراوية الماء بعشرة أنصاف بعد عشرين وغير ذلك ورسموا بأن الرطل في الأوزان مطلقًا يكون قباني اثنى عشر وقية وأبطلوا الرطل الزياتي الذي يوزن به الأدهان والأجبان والخضراوات وهو أربعة عشر وقية فلم يستمر من هذه الأوامر بعد ذلك سوى نقص الأرطال ولما برزت هذه الرسوم هرع الناس لشراء اللحم والمأكولات حتى فرغ الخبز من الأفران وشق المحتسب فقبض على جماعة من الخبازين وخزم آنافهم وعلق فيها الخبز وكذلك الجزارون خزمهم وعلق في آنافهم اللحم وأكثر حضرة الباشا وعظماء أتباعه من التجسس وتبديل الشكل والملبوس والمرور والمشي ولزموا الأدب ومشى كل أحد في طريقته ودربه ومشت النساء كعادتهن في الأسواق لقضاء أشغالهن فلم يتعرض لهن أحد من العسكر كما كانوا يفعلون‏.‏
وفي يوم الخميس 15 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 18 فبراير 1802م ارتحل الوزير من بلبيس‏.‏
وفي يوم السبت 17 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 20 فبراير 1802م سافر خليل أفندي الرجائي الدفتردار المعزول في البحر من طريق دمياط وانتقل شريف أفندي الدفتردار الى الدار التي كان بها الأول وهي دار البارودي بباب الخرق‏.‏
وفي يوم الاثنين 19 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 22 فبراير 1802م كان موكب أمير الحاج عثمان بك وصحبته المحمل على العادة وخرج في أبهة ورونق وانسرت القلوب في ذلك اليوم الى لقائه ونجز له جميع اللوازم مثل الصرة وعوائد العربان وغير ذلك وكان المتقيد بتشهيل ذلك وبجميع اللوازم حضرة شريف أفندي الدفتردار‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 27 شهر شوال سنة 1216 هـ - الموافق 2 مارس 1802م شنقوا ثلاثة أنفار في جهات مختلفة تزيوا بزي العسكر يقال إنهم من الفرنسيس افتقدوهم من العسكر المتوجه الى الحج‏.‏
وفي ذلك اليوم عمل حضرة الباشا ديوانًا وأرسل الجاويشية الى جميع المشايخ والعلماء وخلع عليهم خلعًا سنية زيادة على العادة أكثر من سبعين خلعة وكذلك على الوجاقلية والأفندية وجبر خاطر الجميع وكانت العادة في هذا التلبيس أن يكون عند قدومه والسبب في تأخيره لهذا وفي يوم الخميس تاسع عشرينه انتقل أمير الحاج بالركب من الحصوة الى البركة‏.‏
وفيه ركب حضرة محمد باشا الى الإمام الشافعي فزاره وأنعم على الخدمة بستين ألف فضة وألبسهم خلعًا وفرق دنانير ودراهم كثيرة في غير محلها وكذلك يوم الجمعة ركب وتوجه الى المشهد الحسيني فصلى الجمعة وخلع على الإمام الراتب والخطيب وكبير الخدمة فراوي وفرق دراهم كثيرة في طريقه ورجع من ناحية الجمالية وكان في موكب جليل على الغاية‏.‏
وفيه أمر المشار إليه بنصف عدة مشانق عند أبواب المدينة برسم الباعة والمتسببين والخبازين وغيرهم وأكثر أرباب الدرك من المرور والتجسس والتخويف وعلقوا عدة أناس من الباعة على حوانيتهم وخزموهم من آنافهم فرخص السعر وكثرت البضائع والمأكولات وحصل الأمن في الطرق وانكفت العربان وقطاع الطريق فحضرت الفلاحون من البلاد وكثر السمن والجبن والأغنام وكبر العيش وكثر وجوده وانحط سعر السمن عن التسعيرة عشرين نصفًا لكثرته ولله الحمد وهاب الناس هذا الباشا وخافوه وصاروا يترنمون به في البلاد والأرياف ويغنون بذكره حتى الصبيان في الأسواق ويقولون سيدي يا محمد باشا يا صاحب الذهب الأصفر وغير ذلك وكان في مبدأ أره يظنه الظمآن ماء‏.‏
فى يوم السبت شهر ذو القعدة سنة 1216 هـ - الموافق 5 مارس 1802م فيه نهبت العربان قافلة التجار الواصلة من السويس‏.‏
وفي ثانيه حضر السيد أحمد الزرو الخليلي التاجر بوكالة الصابون بديوان الباشا وتداعى على جماعة من التجار وثبت له عليهم عشرة آلاف ريال فأمر الباشا بسجنهم‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 4 شهر ذو القعدة سنة 1216 هـ - الموافق 8 مارس 1802م حضر السيد أحمد المذكور الى بيت الباشا فأمر بقتله فقبض عليه جماعة من العسكر وقطعوا رأسه عند المشنقة حيث قنطرة المغربي على قارعة الطريق وختموا على موجوده وأخذ الباشا ما ثبت له على المحبوسين والسبب في ذلك أوشى الى الباشا أنه كان يحب الفرنسيس ويميل إليهم ويسالمهم وعند خروجهم هرب الى الطور خوفًا من العثمانية ثم حضر بأمان من الوزير‏.‏

وفي يوم الأربعاء  5 شهر ذو القعدة سنة 1216 هـ - الموافق 9 مارس 1802م حضر الباشا محمد أغات المعروف بالوسيع أغات المغاربة وأمر بقتله فقطعوا رأسه على الجسر ببركة الأزبكية قبالة بيت الباشا لأمور نقمها عليه وكتبت في ورقة وضعت عند رأسه‏.‏

وفي يوم الخميس سادسه توفي قاسم بك أبو سيف على فراشه‏.‏
 وفي يوم الجمعة 8  شهر ذو القعدة سنة 1216 هـ - الموافق 12 مارس 1802م حضر المشار إليه ( الباشا العثمانى) الى الجامع الأزهر بالموكب فصلى به الجمعة وخلع على الخطيب فروة سمور وفرق ونثر دراهم ودنانير على الناس في ذهابه وإيابه وتقيد قبي كتخداه واسمعيل أفندي شقبون بتوزيع دراهم على الطلبة والمجاورين بالأروقة والعميان والفقراء ففرقوا فيهم نحو خمسة أكياس‏.‏
وفيه عمل الشيخ عبد الله الشرقاوي وليمة لزواج ابنه ودعا حضرة المشار إليه فحضر في يوم الأحد ثانيه وحضر أيضًا شريف أفندي وعثمان كتخدا الدولة فتغدوا عنده وأنعم على ولد الشيخ بخمسة أكياس رومية وألبسه فروة سمور وفرق على الخدم والفراشين والقراء دنانير ودراهم بكثرة وكذلك دفع عثمان كتخدا وشريف أفندي كل واحد منهم كيسًا وانصرفوا‏.‏
وفي منتصف  شهر ذو القعدة سنة 1216 هـ - الموافق 19 مارس 1802م وردت الأخبار من الجهة البحرية بضياع نحو الخمسين مركبًا حلت مراسيها من ثغر اسكندرية مشحونة بمتاجر وبضائع وكانت معوقة بكرنتينة الانكليز فلما أذنوا لهم بالسراح فما صدقوا بذلك فصادفتهم فرتونة خرجت عليهم فضاعوا بأجمعهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏
وفيه طلب الباشا المشايخ وتكلم معهم في شأن الشيخ خليل البكري وعزله عن وظيفته وسأل رأيهم في ذلك فقالوا له الرأي لحضرتكم فقال إن الشيخ خليلًا لا يصلح لسجادة الصديق وأريد عزله عنها من غير ضرر عليه بل أعطيه إقطاعًا لنفقته والقصد أن تروا رأيكم بعد اختلاف كبير على تقليد ذلك لمحمد سعد من أولاد جلال الدين فلما حضروا في اليوم الثاني أخبروه بذلك وأنه يستحقها إلا أنه فقير فقال إن الفقر ليس بعيب فأحضروه وألبسه فروة سمور وأركبه فرسًا بعباءة مزركشة وأنعم عليه بثمانين ألف درهم وكان من الفقراء المحتاجين للدرهم الفرد ولما ذهب للسلام على الشيخ السادات خلع أيضًا فروة سمور عليه‏.‏
وفي يوم الاثنين 24  شهر ذو القعدة سنة 1216 هـ - الموافق 28 مارس 1802م توفي الى رحمة الله الشيخ مصطفى الصاوي الشافعي وكان عالمًا نجيبًا وشاعرًا لبيبًا وقد ناهز الستين‏.‏
وفيه جهزت عدة من العسكر الى قبلي‏.‏
وفيه نودي بأن خراج الفدان مائة وعشرون نصفًا وكذلك نودي برفع عوائد القاضي والأفندي التي كانت تؤخذ على إثبات الجامكية والجراية والرفق بعوائد تقاسيط الالتزام والإقطاع‏.‏
وكتبوا بذلك أوراقًا وألصقت بالأسواق وفي آخرها لا ظلم اليوم أي مما تقرر قبل اليوم فإن الفدان بلغ في بعض القرى بمصاريفه ومغارمه أربعة آلاف نصف فضة وأما بدعة القاضي وعوائد التقاسيط فزادت عن أيام الوزير وزاد على ذلك إهمال الأوراق ببيت الباشا لأجل العلامة شهرين وأربعة حتى يسأم صاحبها وتحفى أقدامه من كثرة الذهاب والمجيء ومقاساة الذل من الخدل والأتباع ورفع التفتيش والرشوة على التعجيل أو يتركها وربما ضاعت بعد طول المدة فيحتاج الى استئناف العمل‏.‏
استهل شهر ذو الحجة بيوم الأحد

في يوم الأربعاء 4 شهر ذو الحجة سنة 1216 هـ - الموافق 7 أبريل 1802م حضر خمسة أشخاص من الكشاف القبالي من أتباع ابراهيم بك الوالي الى مصر بأمان فقابلوا حضرة والي مصر وأنعم عليهم وألبسهم خلعًا‏.‏
وفيه أنعم على خدامهم وفيه عمل الانكليز كرنتينة بالجيزة ومنعوا من يدخلها ومن يخرج منها وذلك لتوهم وقوع الطاعون وورود الأخبار بكثرته في جهة قبلي وبعض البلاد البحرية وأما المدينة ففيها بعض تنقير‏.‏
وفي يوم الاثنين 9 شهر ذو الحجة سنة 1216 هـ - الموافق 12 أبريل 1802م  كان يوم الوقوف بعرفة وعملوا في ذلك اليوم شنكًا ومدافع وحضرت أغنام وعجول كثيرة للأضحية حتى امتلأت منها الطرقات وازدحمت الناس وأفراد العسكر على الشراء وغيمت السماء في ذلك اليوم وأمطرت مطرًا كثيرًا حتى توحلت الأزقة ونودي بفتح الحوانيت والقهاوي والمزينين ليلًا وإظهار الفرح ولاسرور وإظهار بهجة العيد واستمر ضرب المدافع في الأوقات الخمسة ونودي أيضًا بالمواظبة على الاجتماع للصلوات في المساجد وحضور الجمعة من قبل الصلاة بنصف ساعة وأن يسقوا العطاش من الأسبلة ولا يبيعون ماءها وأشيع سفر الانكليز وسفر عثمان كتخدا الدولة وتشهيل الخزينة ( الصورة المقابلة إطلاق المدافع فى الأعياد ) ‏.‏
وفي ألأحد 15 شهر ذو الحجة سنة 1216 هـ - الموافق 18 أبريل 1802م  حضر قاصد من الديار الرومية بمكاتبات وتقرير نقابة الأشراف للسيد عمر وعزل يوسف أفندي فلما كان في صبحها يوم الأحد ركب السيد عمر المذكور وتوجه الى عند الباشا فألبسه خلعة سمور ثم حضر الى عند الدفتردار كذلك وكانت مدة ولاية يوسف أفندي المعزول شهرين ونصفًا‏.‏
وفي يوم الأربعاء 18 شهر ذو الحجة سنة 1216 هـ - الموافق 21 أبريل 1802م  خرج أحمد آغا خورشيد أمير الاسكندرية الى بولاق قاصدًا السفر الى منصبه وركب الباشا لوداعه في عصريته وضربوا عدة مدافع من بولاق وبر انبابة ونودي في ذلك اليوم بأن لا أحد يواري أحدًا من الانكليز أو يخبيه وكل من فعل ذلك عوقب‏.‏
وفي يوم الأربعاء 25 شهر ذو الحجة سنة 1216 هـ - الموافق 28 أبريل 1802م  قبضوا على امرأة سرقت أمتعة من حمام وشنقوها عند باب زويلة

حوادث هذه السنة

وانقضت هذه السنة وما تجدد بها من الحوادث التي جملتها أن شريف أفندي الدفتردار أحدث على الرزق الأحباسية المرصدة على الخيرات والمساجد وغيرها مال حماية على كل فدان عشرة أنصاف فضة وأقل وأكثر في جميع الأراضي المصرية القبلية والبحرية وحرروا بذلك دفاتر فكل من كان تحت يده شيء من ذلك قل أو كثر يكتب له عرضحال ويذهب به الى ديوان الدفتردار فيعلم عليه علامته وهي قوله قيد بمعنى أنه يطلب قيوده من محله التي تثبت دعواه ثم يذهب بذلك العرضحال الى كاتب الرزق فيكشف عليها في الدفاتر المختصة بالإقليم الذي فيه الارصاد بموجب الإذن بتلك العلامة فيكتب له ذلك تحتها بعد أن يأخذ منه دراهم ويطيب خاطره بحسب كثرة الطين وقلته وحال الطالب ويكتب تحته علامته فيرجع به الى الدفتردار فيكتب تحته علامة غير الأولى فيذهب به الى كاتب الميري فيطالبه حينئذ بسنداته وحجج تصرفه ومن أين وصل إليه ذلك فإن سهلت عليه الدنيا ودفع له ما أرضاه كتب له تحت ذلك عبارة بالتركيب لثبوت ذلك وإلا نعنت على الطالب بضروب من العلل وكلفه بثبوت كل دقيقة يراها في سنداته وعطل شغله فما يسع ذلك الشخص إلا بذل همته في تتميم غرضه بأي وجه كان إما أن يستدين أو يبيع ثيابه ويدفع ما لزمه فإن ترك ذلك وأهمله بعد اطلاعهم عليه حلوه عنه ورفعوه وكتبوه لمن يدفع حلوانه ثلاث سنوات أو أكثر وكتبوا له سندًا جديدًا يكون هو المعول عليه بعد ويقيد بالدفاتر ويبطل اسم الأول وما بيده من الوقفيات والحجج والإفراجات القديمة ولو كانت عن أسلافه ثم يرجع كذلك الى الدفتردار فيكتب له علامة لكتابة الاعلام فيذهب به الى الإعلامجي فيكتب له عبارة أيضًا في معنى ما تقدم ويختم تحتها بختم كبير فيه اسم الدفتردار ويأخذ على ذلك دراهم أيضًا وبعد ذلك يرجع الى الدفتردار فيقرر ما يقرره عليها من المال يقال له مال الحماية ثم يذهب بها الى بيت الباشا ليصحح عليها بعلامته ويطول عند ذلك انتظاره لذلك ويتفق إهمالها الشهرين والثلاثة عند الفرمانجي‏.‏
وصاحبها يغدو ويروح في كل يوم حتى تحفى قدماه ولا يسهل به تركها بعدما قاساه من التعب وصرفه من الدراهم فإذا تمت علامتها دفع أيضًا المعتاد الذي على ذلك ورجع بها الى بيت الدفتردار فعند ذلك يطلبون منه ما تقرر عليها فيدفعه عن تلك السنة ثم يكتبون له سندًا جديدًا ويطالب بمصروفه أيضًا وهو شيء له صورة أيضًا فلا يجد بدًا من دفعه ولايزال كذلك يغدو ويروح مدة أيام حتى يتم له المراد‏.‏
ومنها المعروف بالجامكية ومرتبات الغلال بالأنبار وذلك أن من جملة الأسباب في رواج حال أهل مصر المتوسطين وغناهم ومدار حال معاشهم وإيرادهم في السابق هذان الشيئان وهما الجامكية والغلال التي يقال لها الجرايات التي رتبها الملوك السالفة من الأموال الميرية للعساكر المنتسبة للوجاقات والمرابطين بالقلاع الكائنة حوالي الإقليم ومنها ماهو للأيتام والمشايخ والمتقاعدين ونحوهم وكانت من أرواج الإيراد لأهل مصر وخصوصًا أهل الطبقة الذين ليس لهم إقطاع ولا زراعات ولا تجارات كأهل العلم ومساتير أولاد البلد والأرامل ونحوهم وثبت وتقرر إيرادها وصرفها في كل ثلاثة أشهر من أول القرن العاشر الى أواخر الثاني عشر بحيث تقرر في الأذهان عدم اختلالها أصلًا ولما صارت بهذه المثابة تناقلوها بالبيع والشراء والفراغ وتغالوا في أثمانها ورغبوا فيها وخصوصًا لسلامتها من عوارض الهدم والبناء كما في العقار وأوقفوها وأرصدوها ورتبوها على جهات الخيرات والصهاريج والمكاتب ومصالح المساجد ونفقات أهل الحرمين وبيت أهل المقدس وأفتى العلماء بصحة وقفها لعلة عدم تطرق الخلل فلما اختلت الأحوال وحدثت الفتن وطمع الحكام والولاة في الأموال الميرية ضعف شأنها ورخص سعرها وانحط قدرها وافتقر أربابها ولم تزل في الانحطاط والتسفل حتى بيع الأصل والإيراد بالغين الفاحش جدًا وتعطل بسبب ذلك متعلقاتها‏.‏
ولم يزل حالها في اضطراب الى أن وصل هؤلاء القادمون وجلس شريف أفندي الدفتردار المذكور ورأى الناس فيه مخايل الخير لما شاهدوه فيه من البشاشة وإظهار الرفق والمكارم غرض الناس عليه شأن العلوفة المذكورة والغلال فلم يمانع في ذلك وكتب الإذن على الأوراق كعادته وذهب بها أربابها الى ديوان الكتبة وكبيرهم يسمى حسن أفندي باش محاسب وهو من العثمانيين عارض في حسابها وقال‏:‏ إن العثماني اسم لواحد الأقجة وصرفه عندنا بالروم كل ثلاث أقجات بنصف فضة وما في دفاتركم يزيد في الحساب الثلث فعورض وقيل له إن الأقجة المصري كل اثنين بنصف بخلاف اصطلاح الروم وهذا أمر تداولنا عليه من قديم الزمان ولم يزل حتى فقد ذلك المشروع ومشوا على فقد الثلاث ورضي الناس بذلك لظنهم رواج الباقي وعند استقرار الأمر بذلك أخذوا يتعنتون على الناس في الثبوت وقد كان الناس اصطلحوا في أكثرها عند فراغها على عدم تغيير الأسماء التي رقمت بها وخصوصًا بعد ضعفها فيبيعها البائع ويأخذها المشتري بتمسك البيع فقط ويترك سند الأصل بما فيه من الاسم القديم عنده أو تكون باسم الشخص ويموت وتبقى عند أولاده فجعلوا معظمها بهذه الصورة وأخذوه لأنفسهم وأعطوا منه لأغراضهم بعد رفع الثلث الأصل وثلث الإيراد وضاعت على أربابها مع كونهم فقراء وكذلك فعلوا في أوراق الغلال وجعلوها بدارهم عن كل أردب خمسون نصفًا غلا أو رخص وزاد في القيود التي تكتب على العرضحالات المصطلحين عليها بأن يكتب عليها أيضًا قاضي العسكر بعد حسابهم مقدار العلوفة والغلال ويأخذ على كل عثماني نصفين أو أقل أو أكثر وعلى كل أردب قرشًا روميًا وكل ذلك حيلة على أخذ المال بطريق شيطاني وحرروا ما حرروه ودفعوا للناس ما دفعوه مقسطًا على الجمع والشهور‏.‏
رضوا بذلك وفرحوا به لظنهم دوامه واستعوضوا الله فيما ذهب لهم وختموا الدفتر على مقدار ما عرض عليهم وما ظهر بعد ذلك لا يعمل به ويذهب في المحلول ولما انقضت هذه السنة الأخرى وافتتح الناس الطلب قيل لهم إن الذي أخذتموه هو عن السنة القابلة وقد قبضتموها معجلة وعزل شريف أفندي الدفتردار في إثرها ووصف خليل أفندي الرجائي واضطربت الأحوال ولم ينفع القيل والقال كما يأتي‏.‏

This site was last updated 10/19/10