Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الأصنــــــــــــام
إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
التوراة وأبراهيم والآثار
الأصنام فى القرآن
شكل الله
محمد والآيات الشيطانية
سجودهم للأصنام والأوثان
محمد وأديان العرب
من هو أبو كبشة
الله وقسمه الغريب
الشيطان ومحمد والغرانيق العلى
الإسلام والله قرباناً
الحجر الأسود
الإسلام وآلهة الأمم
محمد صلى للعنزة
الإسلام وإعارة الفروج
تماثيل الله إلاه القمر
محمد والرجز فأهجر
عادات الإسلام الوثنية
الله على نعل الأحذية
أسماء العرب أسماء وثنية
أصل أسم الله بالنصوص القديمة
الرحمنن أو الرحمـن
الهلال محور العقيدة الإسلامية
الله أكــبر
عروسة المولد النبوى
عبد العرب ثالوثاً وثنياً
أعداء الصنم أعداء القبيلة
آلهة كواكب واجرام سمائية
الأسماء الحسنى أسماء لأصنام
هو =الله بالقرآن
أصل كلمة تعالى
العبادات الوثنية الشمس والصلاة
بيوت العبادة الوثنية
الله متمم نوره
مراسيم الحج الوثنية
ماليزيا والله
جلوس محمد على عرش الله
محمد والحسين
رب عين القمر
الله والشيطان والوحى بالقرآن
الشرك بالله إلاه القمر
تلبية العرب الوثنيين
صلعم وصلم
أسم الله فى لسان العرب
معنى هلل فى لسان العرب
عبادة القمر فى الشعر العربى
معنى كلمة لاه
معنى الهِلالُ فى القاموس المحيط
Untitled 3273
الله وبناته
Untitled 3274
Untitled 3275
Untitled 3276
Untitled 3277
Untitled 3278
الكعبات معابد إله القمر
أوثان وأصنام العرب

Hit Counter

********************************************************************************

موقع تاريخ أقباط مصر .. يهتم بالقارئ العادى كما يهتم بالأخص بالباحثين والدارسين والقراء الذين على مستوى عال من العلم , لهذا سوف تلاحظ أننا ننقل أمهات الكتب والمراجع الهامة كما هى بدون أدنى تغيير وقد نلجأ فى بعض الأحيان إلى بعض التغيير الطفيف جدا ليتناسب ولغة العصر الحديث ونؤكد أن هذا التغير يتم بدون تغيير فى المعنى , وذلك فى حالة إذا كان المرجع ضارب فى القدم , وقد نعلق على بعض فقرات المراجع فى بعض الأحيان فنذكر جملة " تعليق من الموقع .. "  حتى نلفت نظر القارئ إلى نقطة هامة سقطت من نقاط البحث أو لتوضيح الحدث أو ما إلى ذلك  .

وهذه الصفحة منقولة بدون تغيير من الجزء الثالث الفصل التاسع والستون ص 721 -  742 لكتاب المؤرخ العلامة جــــواد عــلى وأسم المرجع هو " المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام " ونقلناها كما هى على أساس أنه مرجع من المراجع الهامة التى يعتمد عليها الباحثين فى التاريخ والدارسين له , وقد وضعنا لكل فقرة عنوان حتى نساعد القارئ على الإستيعاب وللدارس وللباحث تدوين ملاحظاته - ولأن العلامة الدكتور / جواد على توسع بكم هائل من المعلومات عن الأصنام فأوردناها كما هى , إحقاقاً للحق وصوناً للتاريخ وإعلاء لعلم هذا الدكتور العظيم.

كلمة صلعم إختصار لـ صلى الله عليه وسلم هى فى الأصل كلمة صلم وتعنى وثن عند العرب الوثنيين راجع ج2 ص 687 كتاب المفصل لجواد على

 

*****************************************************************************************

الفصل التاسع والستون
الاصنام


نجد في كتاب الأصنام لابن الكلبي في المؤلفات الإسلامية الأخرى، أسماء عدد من الأصنام كان الجاهليون يعبدونها، وهي على الأكثر أصنام كان يتعبدها أهل الحجاز ونجد والعربية الشمالية،وذلك قبيل الإسلام. ومن هذه الموارد الإسلامية استقينا علمنا عن هذه الأصنام. وقد ذكر أهل الأخبار ان بعض هذه الأصنام اناث. وهن اللات، والعزى، و مناة. وهي أصنام ذكرت في القرآن الكريم: ) أ فرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى(. ويجب ان نضيف اليها الشمس.
الــــلات
و اللات من الأصنام القديمة المشهورة عند العرب. ذكر ابن الكلبي أنه كان صخرة مربعة بيضاء، بنت ثقيف عليها بيتاً صاروا يسمرون اليه، يضاهون به ما كان في مكة وفي بيوت الآلهة الأخرى.
ويرى ابن الكلبي ان الصنم "اللات" هو أحدث عهداً من مناة. أما نحن فلا نستطيع ان نجرؤ فنقول بهذا القول، لأن الصنمين هما من الاصنام القديمة التي ورد ذكرها في كتابات النبط والصفويين ثم ان هيرودوتس اشار الى اللات كما ساذكر بذلك وليس من السهل حتى بالنسبة الى ابن الكلبي او غيره ممن تقدم عليه بالزمن الحكم على زمن دخول عبادة الصنمين الى جزيرة العرب لان ذلك يعود الى زمن سابق لا تصل ذاكرة الرواة اليه.
ومكان بيت اللات في موضع مسجد الطائف،أو تحت منارة مسجد الطائف. وقد عرف البيت الذي بني على اللات بيت الربة، ويقصدون بالربة اللات، لأنه أنثى في نظر عابديه. ولا ندري أكان انشاء مسجد الطائف على موضع معبد اللات رمزاً لحلول بيت الله محل بيت الربة،وبيت الأصنام، وتعبيراً عن حلول الإسلام محل عبادة اللات والأصنام، أم كان ذلك "لسبب آخر، هو وجود أسس، سابقة وحجارة قديمة موجودة، واسهل لذلك إقامة بناء المسجد في هذا المكان ? وقد فسر بعض المستشرقين إقامة المسجد في هذا المكان، بأته تخليد لذكرى الوثنية في نفوس بعض من أسلم لسانه وكفر قلبه، فسرهم قيام المسجد في هذا المكان ليبقى أثراً يذكرهم بذكرى صنمهم القديم اللات.
وللاخباريين روايات عن صخرة اللات، منها أنها في الأصل، حجرة كان يجلس عليها رجل، يبيع السمن واللبن للحجاج في الزمن الأول، وقالوا: إنها سميت باللات لأن عمرو بن لحي كان يلت عندها السويق للحجاج على تلك الصخرة، وقالوا: بل كانت اللات في الأصل رجلاً من ثقيف. فلما مات، قال لهم عمرو بن لحي: لم يمت، ولكن دخل في الصخرة، ثم أمر بعبادتها، وأن يبنوا بنياناً يسمى اللات. وقالوا: "قام عمرو بن لحي، فقال لهم: إن ربكم كان قد دخل في هذا الحجر، يعني تلك الصخرة،نصبها لهم صنماً يعبدونها. وكان فيه وفي العزى شيطانان يكلمّان الناس، فاتخذتها ثقيف طاغوتاً، وبنت لها الطبرى ان "اللات، هي من الله، ألحقت فيه. التاء، واللات، كما قيل عمرو للذكر وللأنثى عمرة، وكما قيل للذكر عباس ثم قيل الأنثى عباسة".
وورد في بعض روايات اْهل الأخبار ان الثقفي الذي كان يلت السويق بالزيت ويقدمه للناس، لما توفي قبر في موضع أللات، فعكفوا على قبره،فعبدوه وجعلوه وثناً، وزعم بعض آخر انه قبر عامر بن الظرب العدواني. فترى هذه الروايات ان "بيت الربة"، هو قبر رجل، دفن، فيه فعبد وصير الهاً. وزعم قوم انه كان رجلا من ثقيف، يقال له "صرمة بن غنم"، وكان يسلأ السمن، فيضعه على صخرة، فتْأتيه العرب، فلما مات، عبدته ثقيف.
وتفسير أهل الأخبار لاسم "اللات"، هو بالطبع من تفسيراتهم المألوفة الكثيرة التي لا يمكن أن نثق بها، ولا يمكن أن نحملها على محمل الصدق والعلم. فالاسم هو من الأسماء القديمة التي عرفت قبل الميلاد. ويرى بعض المستشرقين أنه ادغام وسط بين "الالاهت"،"ال سال هت"ِ Al Alahat والإدغام التام "اللات" "ال لت" Allat، على نحو ما حدث للفظ الجلالة: "الا لاه "ال ال ه" الذي صار "ا لله".
وفي قول أهل الأخبار أن صخرة اللات كانت ليهودي، يلتّ عندها السويق أو لرجل من ثقيف، غمز وطعن في ثقيف، وقد غمز بها في أمور أخرى أشرت اليها في مواضع أخرى. ويعود سبب هذا الغمز ان المنافسة التي كانت بين أهل الطائف وأهل مكة، ثم إلى الكراهية الشديدة التي حملها اهل العراق وأهل الحجاز وغيرهم للحجاج لأعماله القاسية، وعدم مبالاته ومراعاته للحرمات حتى بالنسبة إلى الكعبة، مما حمل الناس على كرهه وكره قومه ثقيف، وعلى وضع قصص عن ثقيف.
ولا يستبعد أن تكون صخرة اللات صخرة من هذه الصخور المقدسة التي كان يقدسها الجاهليون ومن بينها "الحجر الأسود" الذي كان يقدسه اهل مكة ومن كان يأتي إلى مكة للص ج وفي غير م وسم الحج، لذلك كانوا يلمسونه ويتبركون به. وإذا أخذنا برأي ابن الكلبي من أن عمرو بن لحي قال للناس: "إن ربكم كان قد دخل في هذا الحجر "، أو أن الرجل الذي كان عند الصخرة لم يمت، ولكن دخل فيها أو أن روح ميت حلت فيها ونظرنا إلى رأيه هذا بشيء من الجد، فلا يستبعد أن يشير هذا الرأي إلى ما يعني ب "الفتيشزم"fetichism" أي عبادة الأحجر في اصطلاح علماء الأديان. ويعنون بها عبادة الأرواح التي يزعم المتعبدون لها أنها حالة في تلك الأحجار، وخاصة الأحجار الغريبة التي لم تصقلها الأيدي، بل عبدت على هيأتها وخلقتها في الطبيعة، وهي من العبادات المنحطة بالنسبة الي عبادة الصور والتماثيل والأصنام.
وذكر ان قريشاً تعبدت للصنم اللات بموضع نخلة عند سوق عكاظ، وقيل انه كان بالكعبة. وذكر ان "اللات بيت كان بنخلةّ تعبده قريش" ويلاحظ ان من أهل الأخبار من جعل العزى بيت كان بنخلة أي هذا البيت المذكور. ويظهر من روايات أهل الأخبار ان منهم من رأى ان اللات بيت للصنم، الذي كان بالطائف، وان منهم من رأى انه كان بنخلة تعبده قريش. وأما عباد البيت الأول، فهم ثقيف. ولا أستبعد وجود بيوت عبادة اخرى. في غير هذين المكانين فيّ الحجاز وفي غير الحجاز.
واللات من الآ لهة المعبودة عند النبط أيضاً، وقد ورد اسمها في نصوص "الحجر" و "صلخد" و "تدمر"، وهي من مواضع النبطْ. وهو "ه ل ت" "ه لت" "ها لت" في النصوص الصفوية، و منها "اللات"، لأن "الهاء" حرف تعريف في اللهجة الصفوية. وقد ذكر أكثر من ستين مرة في الكتابات الصفوية. وهو أكثر آلهة الصفويين وروداً في نصوصهم، و يدل ذلك على شيوع عبادته بينهم.
ويذكر الباحثون ان النبط عدّوا اللات أماً للالهة، وهي في نظر "روبرتسن سمث" الإلهة الأم لمدينة "بطر"، وتقابل الإلهة Artemis عند أهل قرطاجة. وقد عبدت اللات في تدمر، وفي أرض "مدين" عند اللحيانين. وقد وصف "أفيفانيوس" Epiphanius معبد الإلهة اللات في مدينة "بطرا"، فذكر انه معبد "الأم العذراء Virgin mother. كما انها كانت معبودة عند أهل "الوسة" "الوس" Elusa كذلك. و يظهر ان عبادتها كانت قد انتقلت من النبط ومن القبائل العربية الشمالية إلى أهل الحجاز.
وصنم اللات، هو "أليلات" "أللات" Alilat=Alelat المذكور في تاريخ "هيرودوتس". ذكر انه من آلهة العرب الشهيرة، والتسمية عربية النجار، وقد غيرت تغيراً طفيفاَ، اقتضته طبيعة اللغة اليونانية، فذكره "هيرودوتس" على النحو المذكور. فهذا الصنم إذن هو أول صنم عربي يرد اسمه في نص مؤرخ يوناني. وهو يقابل الإله Minerva أي "أثينة" Atheneعند اليونان.
وقد ذهب بعض المستشرقين إلى أن "اللات" تمثل "الشمس"، وهي أنثى أي إلهة اًما "رينه ديسو"، فيرى أنها لا تمثل الشمس، وانما تمثل كَوكب الزهرة، وخطأ رأي من يقول إن اللات الشمس.
وقد انتهت إلينا أسماء رجال أضيفت إلى اللات، مثل: "تيم اللات"، و "زيد اللات"، و "عائذ اللات"، و "شيع اللات". و "شكم اللات"، و "وهب اللات" وما شاكل ذلك من أسماء. ومما يلفت النظر أننا لم نلاحظ ورود اسم "عبد اللات" بين أسماء الجاهليين.
وقد أقسموا باللات. كما أقسموا بالأصنام الأخرى، ونسب إلى أوس بن حجر قوله: وباللات والعزى ومن دان دينها وباللهِ، ان اللهَ منهـن أكـبـر
وهدم اللات في جملة ما هدم من الأصنام،وأحرق البيت وقوضت حجارته، هدمه بأمر الرسول المغيرة بن شعبة في أغلب الروايات. وكان الناس ينظرون إلى هدمه في خوف وفزع وهلع خشية أن ينالهم شيء من أذى انتقاما منهم، لانهم لم يدافعوا عن بيت ربتم، وكانت نساء ثقيف حسراً يبكين عليه. فلما انتهى الهدم، ولم يحدث لهن شيء، أخذ المغيرة مالها وحليها من الذهب والجزع وأعطاه أبا سفيان، وكان الرسول قد أرسله مع المغيرة في وفد ثقيف الذي جاء اليه عارضاً عليه الإسلام، فأخذه منه أبو سفيان، ليقضي نت مال اللات دين عروة والأسود ابني مسعود.
ولما أصيبت ثفيف بهزيمة، واحتمت بالطائف قال الشاعر: وفرّت ثقيف الى لاتها بمنقلب الخائب الخاسر
ويظهر من هذا الشعر الذي ينسب الى "شداد بن عارض الجشمي". وقد قاله حين هدمت وحرقت اللات: لا تنصروا اللات ان الله مهلكها وكيف نصركم من ليس ينتصر?
ان التي حرقت بالنار فاشتعلـت، ولم تقاتل لدى احجارهـا هـدر
ان الرسول متى ينزل بساحتكـم يظعن، وليس بها من اهلها بشر
ان ثقيفا بقيت مخلصة لصنمها مؤمنة به،حتى بعد هدمه وتحريقه، فقال الشاعر شعره، ينهى ثقيفاً عن العود اليها والغضب لها.
ويظهر من بيت ينسب الى كعب بن مالك الأنصاري، هو قوله: وننسى اللات والعزى وودا ونسلبها القلائد والسـيوفـا
ان الناس كانوا يعلقون القلائد والسيوف على تلك الأصنام. وروايات الأخباريين تؤيد هذه الدعوى، إذ نذكر ان الجاهليين كانوا يقدمون الحلي والثياب والنفائس وما حسن وطاب في أعين الناس هدية ونذوراً إلى الأصنام، فكانوا يعلقون ما يمكن تعليقه عليها، ويسلمون الأشياء الأخرى إلى سدنة الأصنام.
وقد ذكر الرحالة الانكليزي "جيمس هاملتون" ان صخرة اللات كانت لا تزال في ايامه بالطائف. وقد شاهدها فوصفها بأنها صخرة من الغرانيت ذات شكل خماسي، وان طولها زهاء اثنتي عشرة قدماً.
ويظهر انه كان للات بيت وقبة يحملها الناس معهم حين يخرجون إلى قتال، فينصبان في ساحة الجيش، ليشجع المحاربون فيستميتوا في القتال، وينادي المنادون بنداء تلك الأصنام مثل: يا للات، وقد كانت لبقية الأصنام بيوت وقباب أيضاً. وعادة حمل الأصنام إلى المعارك والحروب واشتراكها مع الناس في القتال بإحضارها ساحة المعارك عادة قديمة،معروفة عند العرب وعند غيرهم. وقد سبق أن قلت إن الآشوريين ذكروا أنهم أسروا أصنام "أريبي" العرب في أثناء قتالهم معهم، أسروها مراراً، وكانوا يثبتون عليها خبر الأسر. كان أن الفلسطينيين والعبرانيين وغيرهم كانوا يحملون معهم اصنامهم في القتال.
العـــــــــــــــُزى
والعزُى صنم أنثى كذلك، وهي أحدث عهداً في نظر ابن الكلبي من اللات ومناة. وأما الذي اتخذ العُرى على رواية ابن الكلبي،فهو ظالم بن أسعد. وضعت "بواد من نخلة الشامية، يقال له حراض، بازاء الغمير،عن يمين المصعد إلى العراق من مكة، وذلك فوق ذات عرق إلى البستان بتسعة أميال، فبنى عليها بيسا "يريد بيتاً"، وكانوا يسمعون فيه الصوت" وينسب اليه بيت العزى كذلك.
وقد زعم بعض اهل الأخبار ان "العزى" كان بيتاً بالطائف تعبده ثقيف. ويظهر ان هذا اشتباه قد وقع لهم، وأنهم خلطوا بين اللات والعزى، فتوهموا أن بيت اللات هو العزى فقالوا ما قالوه. ونجد في تفسير الطبري تأييداً لهذا الرأي.
وورد في بيت شعر ينسب إلى "حسان بن ثابت" ان بيت العزى كان "بالجزع من بطن نخلة".
ويظهر أن العزى كانت "سمرات"، لها حمى، وكان الناس يتقربون اليها بالنذور. وهي بالطبع عبادة من العبادات المعروفة للشجر. وقد ذكر الطبري روايات عديدة تفيد أن "العزُى" شجيرات، ولكنه أورد روايات أخرى تفيد انها حجر أبيض. فنحن إذن أمام رأيين: رأي يقول إن العزى شجيرات،ورأي يرى أنها حجر. وذكر "ابن حبيب" ان العزُى شجرة بنخلة عندها وثن تعبدها غطفان، سدنتها من بني صرمة بن مرة. وذكر غيره انها سمرة لغطفان.
وقد تسمى العرب وقريش بالعزى، فقالوا: "عبد العزى". وقد أقسموا بها، ولها يقول درهم بن زيد الأوسي: إني ورب العزى السعيدة والله الذي دون بيته سرف
وأقدم من سمي باسم "عبد العزى" في رأي ابن الكلبي هو عبد العزى بن كعب. وقد ذكر ابن دريد أسماء عدد من أهل مكة عرفوا ب "عبدالعزى"، منهم ب "عبد العزى بن قصي"، و "عبد العزى بن عبد مناف"،و "عبد العزى بن عبد المطلب".
ويظهر من هذا الشعر المنسوب إلى "زيد بن عمرو بن نفيل": تركت اللات والعزى جميعا كذلك يفعل الجلد الصبـور
فلا العزى أدين ولا ابنتيهـا ولا صنمي بني غنم أزور
ان عباد العزى كانوا يتصورونها أماً، ولها ابنتان، ولعله أراد ب "ابنتيها" اللات ومناة. وقد نسب بعض أهل الأخبار عبادة العزى إلى عمرو بن لحي جرياً على عادتهم في نسبة عبادة الأوثان اليه، فقالوا انه قال لعمرو بن ربيعة والحارث ابن كعب: إن ربكم يتصيف باللات لبرد الطائف، ويشتو بالعزى لحر تهامة. وفي رواية لابن اسحاق: ان عمرو بن لحي اتخذ العزى بنخلة، فكانوا اذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يحلوا حتى ياتوا العزى، فيطوفون بها، ويحلون عندها، ويعكفون عندها يوماً. وكانت لخزاعة. وكانت قريش وبنو كنانة كلها تعظم العزى مع خزاعة وجميع مضر. وكان سدنتها الذين يحجبونها بنو شيبان من بني سليم، حلفاء بني هاشم.
وتشير رواية من زعم ان عمرو بن لحي قال لقومه: "إن ربكم يتصيف باللات لبرد الطائف، ويشتو بالعُزى لحر تهامة"، صحت أو لم تصح، إلى وجود صلة بين اللات والعُزى. وقد ذكرت العُزى بعد اللات في القرآن الكريم.
و كذلك ترد بعد اللات في جميع روايات الاخباريين. مما يشير إلى وجود صلة بين اللات والعزى. ولا يستبعد ان تكون هذه الصلة بين الصنمين قد جاءت ان أهل الحجاز من بلاد الشام من اهل تدمر وبادية الشام والصفويين، إذ وردا وكأنهما إلهان متقابلان، فحمل ذلك بعض المستشرقين على تصور أنهما يمثلان كوكبين: كوكب الصباح وكوكب المساء.
والعزُى مثل اللات ومناة من الآلهة المعبودة عند عرب العراق وعرب بلاد الشام، وعند النبط والصفويين. وقد ذكر اسم العزى مرتين في المصادر المؤلفة. بعد الميلاد، وأشار اسحاق الأنطاكي Isaac of Antioch من رجال القرن الخامس للميلاد، إلى اسم العُزى في، حديثه عن مدينة "بيت حور" Beth-Hur ودعاها ب Beltis، وسماها "كوكبتا". ويظن ان "كوكبتا" Kawkabta، أي "كوكبة" المذكورة في المصادر السريانية، هي أنثى كوكب، تعني الكوكب الذي يظهر عند الصباح، وهو العُزى عند الجاهليين: ويراد بها "الزهرة" Venus، عند النبط. حيث اتخذوا لها معبداً في مدينة "بصرى" في منطقة "رم" عرف ب "بيت ايل،" وقد نص "بروكوبيوس"، Procopiusعلى انها "أفروديت". وهي كناية عن القمر على رأي بعض المستشرقين. ولعل العزى هي "ملكة السماء Melekheth Hash-Shamaالمذكورة في سفر "ارميا"، وقد جاء فيه: ان أهل "اورشليم" كانوا يصنعون كعكاً، يتقربون به إلى تلك الإلهة: إلهة السماء. وقد كان الجاهليون يتقربون بالخبز والكعك إلى "كوكب السماء".
ويظهر من ورود اسم امرأة هو: "امت عزى"، "أمة العزى"، في نص عربي جنوبي، ان عبادة العزى كانت معروفة هناك. وقد قدم أحد العرب تمثالا من ذهب إلى هذه الإلهة.
وقد كان آل لخم، ملوك الحيرة، ينحرون الأسرى قرباناً للعزى. وقد زعم بعض المؤرخين السريان ان "المنذر بن ماء السماء" ضحى بأربع مئة راهبة للعزى.
وذكر "إسحاق الأنطاكي" ان العرب كانوا يقدمون الأولاد والبنات قرابين للكوكبة "كوكبتا"، فينحرون لها، ويقصد ب "كوكبتا" العزى.
وكانت قريش تتعبد للعزى، وتزورها وتهدي اليها، وتتقرب اليها بالذبائح. وذكر ابن الكلبي انها كانت أعظم الأصنام عند قريش، وان قريشا كانت تطوف بالكعبة وتقول:"واللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى. فإنهن الغرانيق العلا،وإِن شفاعتهن لترتجى". و كَانوا يقولون: هن بنات الله، وهن يشفعن اليه. وكانت قريش قد حمت لها شعباً من وادي حراض، يقال له سقام يضاهون به حرم الكعبة.وكان لها منحر ينحرون فيه هداياهم، يقال له الغبغب، فكانوا يقسمون لحوم هداياهم فيمن حضرها وكان عندها.
وكانت قرِيش تستعين بأصنامها حين تحارب، تستجير بها وتستمد منها العون في الحرب، لتبعث الهمة والنشاط في النفوس بذكرها. فلما كان يوم أحد نادى "أبو سفيان: "اعلُ هبل، اعلُ هبل" فقال المسلمون:" الله أعلى وأجل". فقال "أبو سفيان": " لنا العزى ولا عزى لكم". فقال المسلمون: " الله مولانا ولا مولى لكم ".
ويقول ابن الكلبي أيضاً: " ولم تكن قريش بمكة ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئاً من الأصنام إعظامهم العزى، ثم اللات، ثم مناة.. فأما العزى، فكانت قريش تخصها دون غيرها بالزيارة والهدية. وكانت ثقيف تخص اللات كخاصة قريش للعزى وكانت الأوس والخزرج تخص مناة كخاصة هؤلاء الآخرين، وكلهم كان معظماً لها"، أي للعزى.
ولابن الكلبي رأي في اقبال قريش على العزى، إذ يقول: " فأما العزى،فكانت قريش تخصها دون غيرها بالزيارة والهدية. وذلك فيما أظن لقربها منها ". فجعل قرب بيت العزى من قريش،هو السبب في إقبال قريش عليها.
وهو يرى هذا الرأي نفسه حين تكلم على الأصنام: ود، وسواع، ويعوق، ونسر، وقارن بينها وبين الأصنام اللات والعزُى ومناة، إذ قال: "ولم يكونوا يرون في الخمسة الأصنام التي دفعها عمرو بن لحي.. كرأيهم في هذه ولا قريباً من ذلك. فظننت أن ذلك كان لبعدهم منهم ".
وقال ابن الكلبي في كتابه الأصنام " وقد بلغنا أن رسول الله، صلى الله عليه و سلم. ذكرها يوماً، فقال: لقد أهديت للعزى شاة عفراء، وأنا على دين قومي".
وكان فيمن يتقدم إلى العُزى بالنذور والهدايا، والد خالد بن الوليد. ذكر خالد أن والده كان يأتي العزى بخير ما له من الإبل والغنم، فيذبحها للعزى، ويقيم عندها ثلاثة ايام، و ممن تعبد للعزُى بنو سليم وغطفان وجشم ونصر وسعد بن بكر. وغني وباهلة وخزاعة وجميع مضر وبنو كنانة. وقد ارتبطت قبائل غطفان بعبادة العزُى وتقديمها بصورة خاصة،حتى لقد ذكر "ياقوت الحموي" ان "العزُى سمرة كانت لغطفان يعبدونها،وكانوا بنوا عليها بيتا، وأقاموا لها سدنة". وقد عرف البيت ب "كعبة غطفان". وذكر "الطبري" أن العُزى "صنم لبني شيبان"، بطن بن سليم حلفاء بني هاشم، وبنو أسد بن عبد العزى، يقولون: هذا صنمنا، وانها "كَانت بيتاً يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها". وقد تعبدت لها ثقيف كذلك، بأن اتخذت صنماً. والظاهر ان قريشاً كانت تعدّ العزى حامية وشفيعة لها.
وكان لحرم العزى شعب حمته قريش للصنم، يقال له سقام في وادي حراض.على طريقة قريش في اتخاذ حرم للكعبة. وقد صار هذا الحمى موضعاً آمناً لا يجوز التعدي فيه على أحد، ولا قطع شجره، ولا القيام بعمل يخل حرمة المكان. فذاك قول أبي جندب الهذلي تم القردي في امرأة كان يهواها، فذكر حلفها له بها: لقد حلفت جهداً يميناً غلـيظة بفرع التي أحمت فروع سقام
وينسب "ابن الكلبي" بناء "بيت العزى" إلى "ظالم بن أسعد"، إذ يقول: "بس: بيت لغطفان بن سعد بن قيس عيلان كانت تعبده. بناه ظالم بن أسعد بن ربيعة بن مالك،بن مرة بن عوف، لما رأى قريشاً يطوفون بالكعبة ويسعون بين الصفا و المروة، فذرع البيت. ونص العباب: وأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة، فرجع إلى قومه، وقال: يا معشر غطفان، لقريش بيت يطوفون حوله والصفا والمروة، وليس لكم شيء، نبنى بيتاً على قدر البيت، ووضع الحجرين فقال: هذان الصفا والمروة فاجتزئوا به عن الحج. فأغار زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة الكلبي،فقتل ظالماً، وهدم بناءه".
وجاء في رواية أخرى ان "بني صداء" قالوا: أما والله لنتخذن حرماً مثل حرم مكة، لا يقتل صيده، ولا يعضد شجره، ولا يهاج عائذه، فوليت ذلك بنو مرة بن عوف. ثم كان القائم على أمر الحرم وبناء حائطه رباح بن ظالم ففعلوا ذلك، وهم على ماء لهم يقال له بس، فلما بلغ فعلهم هذا وما أجمعوا عليه زهير بن جناب، قال: والله لا يكون ذلك وأنا حي، ولا أخليّ غطفان تتخذ حرماً أبدا، ثم سار في قومه حتى غزا غطفان، وتمكن منها، واستولى على الحرم، وقطع رقبة أسير من غطفان به، وعطل الحرم وهدمه.
وذكر بعض أهل الأخبار، ان العزى صنم كان لقريش وبني كنانة، أو سمرة عبدتها غطفان بن سعد بن قيس عيلان. أول من اتخذها منهم: "ظالم بن أسعد" فوق ذات عرق الى البستان بتسعة أميال، بالنخلة الشامية بقرب مكة، وقيل بالطائف، بنى عليها بيتاً وسمّاهُ بهاً، وقيل بساء، وأقاموا لها سدنة مضاهاة للكعبة، وكانوا يسمعون فيها الصوت، فبعث اليها رسول الله خالد بن الوليد، عام الفتح، فهدم البيت، وقتل السادن وأحرق السمرة.
ويظهر مما تقدم أن البيت هدم مرتين: مرة في الجاهلية، على يد زهير بن جناب،وقتل إذ ذاك بانيه ظالم، والمرة الثانية عام الفتح على يد خالد بن الوليد. وأما سدنة العزى، فكانوا من بني صرمة بن مرة، أو من بني شيبان بن جابر بن مرة بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن عتبة بن سليم بن منصور.فهم من بي شيبان، من بني سليم حلفاء بني هاشم.
وكان آخر سادن للعزُى "دبية بن حرمي السلمي ثم الشيباني"، قتله خالد بن الوليد بعد هدمه الوثن والبيت وقطعه الشجرة او الشجرات الثلاث وفي رواية ان هدم العزى كان لخمس ليال لقين من شهر رمضان سنة ثمان وكان سادنها افلح بن النضر السلمي من بني سليم فلما حضرته الوفاة دخل عليه ابو لهب يعوده وهو حزين فقال له مالي اراك ? حزينا قال اخاف ان تضيع العزى من بعدي قال ابو لهب فلا تحزن فانا اقوم عليها بعدك فجعل ابو لهب يقول لكل من لقي ان نظهر العزى كنت قد اتخذت عندها يدا بقيامي عليها وان يظهر محمد على العزى وما اراه يظهر فألن اخي فأنزل الله تبارك وتعالى ) تبت يدا ابي لهب وتب( وتدل هذه الرواية ان صحت على ان افلح بن النضر لم يكن آخر سادن للعزى وان الهدم لم يكن في حياته وانما كان بعد وفاته.
وتشبه هذه القصة قصة اخرى وردت في الموضوع نفسه عن ابي احيحة وأبي لهب. فلما مرض أبو أحيحة، وهو سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، مرضه الذي مات فيه، كان اهم ما شغل باله عبادة العزُى وخشيته ان لا تعبد من بعده، فلما اجابه ابو لهب مهوناً عليه الأمر: رد والله ما عبدت حياتك "لأجلك"،ولا تترك عبادتها بعدك لموتك سره هذا الجواب، وأفرج عنه. فقال: الآن علمت ان لي خليفة.
ويروي ابن الكلبي ان الرسول أمر بالقضاء على العزُى، وذلك عام الفتح، فلما افتتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد فقال له: ايت بطن نخلة، فإنك تجد ثلاث سمرات، فاعضد الأولى، فأتاها فعضدها، فلما جاء اليه عليه السلام: هل رأيت شيئاً ? قال لا، قال: فاعضد الثانية ? فأتاها فعضدها. ثم أتى النبي عليه السلام، فقال: هل رأيت شيئا قال: لا. قال: فاعضد الثالثة. فأتاها. فإذا هو بحبشية نافشة شعرها، واضعة يديها على عاتقها، تصرف بأنيابها، وخلفها دبية بن حرمي الشيباني ثم السلمي، وكان سادنها. فلما نظر إلى خالد، قال: أعـزّ شـدي شـدة لا تـكـذبــي على خالد القي ألقي الخمار وشمري
فإنك الا تقـتـلـي الـيوم خـالـدا تبوئي بذل عـاجـلاً وتـنـصـري
فقال خالد: يا عز كفرانك، لاسبحانك إني رأيت اللّه قد أهانك
ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة. ثم عضد الشجرة، وقتل دبية السادن.
ثم أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأخبره فقال: تلك العزى، ولا عزى بعدها للعرب. أما انها لن تعبد بعد اليوم.
ويظهر من شعر ل "أبي خراش الهذلي" أن "دبية" كان كريماً، يطعم الناس، عظيم القدر،له جفنة حين الشتاء، وقد مدحه، إذ حذاه نعلين جيدين، كما رثاه يوم قتل بأبيات ذكرها "ابن الكلبي" في كتابه الأصنام.
وذكر بعض أهل الأخبار أن "خالد بن الوليد" هدم بيت العزى عام الفتح، وقتل إذ ذاك سادنه "ربيعة بن جرير السلمي"وروايات الأخبارين عن العزُى يكتنفها شيء من الغموض واللبس، ويدل ذلك على أنهم لم يكونوا على علم تام بالعُزى. فبينما هم يذكرون أن العزى شجرة أو سمرة. تراهم يذكرون في روايات أخرى أنها شيطانة تأتي ثلاث سمرات، أي ان العزى هي تلك الشيطانة، لا السمرة أو السمرات الثلاث. ثم تراهم يذكرون في روايات أخرى أن العزى صنم، وان الرسول حينما أمر خالد بن الوليد بهدمه، قال له لما هدم العزى، وعاد: " أرأيت شيئاً قال: لا، قال: فارجع فاهدمه، فرجع خالد إلى الصنم، فهدم بيته، وكسر الصنم، فجعل السادن يقول: أعزى اغضبي بعض غضباتك. فخرجت عليه امرأة حبشية عريانة مولولة، فقتلها وأخذ ما فيها من حلية، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، فقال: تلك العزى، ولا تعبد العزى أبداً. ومعنى هذا أن العزى صنم، كان في داخل بيت العُزى، وأن خالد بن الوليد كسره، وهدم بيته. ولم يكن شجرة. أما تلك السمرة أو السمرات الثلاث، فلم تكن إلا أشجاراً نبتت في حرم البيت. لذلك صارت محرمة لا يجوز مسها بأي سوء كان.
وقد سمىّ بعض أهل الأخبار اسم اخر سدنة العزى "دُبيَة" و "دبية بن حرمس السلمي" وسمّاه بعض آخر "ربية السلمي"، و "ربية بن جرمي"، و "ربيعة بن جرير السلمي".
والرأي المعقول المقبول، هو ان العزى صنم، له بيت، وأمامه غبغب، أي خزانة يضع فيها العباد المؤمنون بالعزى هداياهم ونذورهم لها، كما كانوا ينحرون لها، إذ لا يعقل ان يقال إن خالداً كسر الصنم وهدم بيته ثم لا يكون العزى، صنماً بل يكون شجرة، أو شجرات. وأما الشجيرات، فإنها شجيرات مقدسة أيضاً، لأنها في حرم العزى، وشجر الحرم هو شجر مقدس لا يجوز قطعه، ولذلك كان أهل مكة يجتنبون مس شجر الحرم بسوء، فلما أراد "قصي" اعتضاده، هابت قريش عمله وخافت سوء العاقبة، ونهته عن مسه بسوء، ولكنه أقدم على قطعه، لم يبال برأيهم، ولم يحفل بنصائحهم، فقطعه. وكان بيت العزى يسمع فيه الصوت. وقد ذكر الأخباريون انه كان في كل من اللات والعزى ومناة شيطانة تكلمهم، وتظهر للسدنة وقد نسبوا ذلك إلى صنع ابليس. والظاهر ان الحبشية المذكورة التي قتلها خالد،وزعم انها شيطانة ان صح ما ذكره الرواة عن وجودها، كانت امرأة كان السادن يخفيها في موضع سري، وهي التي تجيب عن أسئلة السائلين فينسب السادن كلامها الى العزى.
ومما يؤيد رأيي في ان "العزى" صنم، ما ورد في تفسير "الطبري" من قوله: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، خالد بن الوليد إلى شعب بسقام ليكسر العزى، فقال سادنها، وهو قيمها: يا خالد أنا أحذركها إن لها شدة لا يقوم اليها شيء. فمشى اليها خالد بالفأس فهشم أنفها. مما يدل على انها كانت صنماً أنثى، أي تمثالاً لامرأة، لأنها أنثى.
ويظهر من هذا البيت: أما ودماء مائرات تـخـالـهـا على قنة العزى وبالنسر، عندما
ان عبّاد العزى كانوا قد لطخوا قنة الصنم، أي أعلاه ورأسه بدم الأضاحي. وكذلك فعل عباد الصنم نسر بقة صنمهم.
منــــــــــــاة
ويعد الصنم مناة أقدم الأصنام عند الأخباريين. وهو من الأصنام المذكورة في القرآن الكريم: ) أ فرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى (. وهذه الأصنام الثلاثة هي إناث في نظر الجاهليين.
وموضع مناة بالمشلل على سبعة أميال من المدينة، وبقديد بين مكة والمدينة، وقيل أيضاً انه بموضع "ودان" أو في موضع قريب منه. وذكر اليعقوبي ان مناة كان منصوباً بفدك مما يلي ساحل البحرْ. والرأي الغالب بين أهل الأخبار انه كان على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد. وذكر "محمد بن حبيب" أنه كان بسيف البحر وكانت الأنصار وأزد شنؤة وغيرهم من الأزد تتعبد له. واًما سدنته، فهم "الغطاريف" من الأزد. وذكر أن تلبيته كانت على هذه الصورة: "لبيك اللهم لبيك،.لولا ان بكراً دونك، يبرك الناس ويهجرونك، و ما زال حج عثج يأتونك. أنا على عدوائهم من دونك".
وتسكت أكثر روايات أهل الأخبار عن معبد "مناة" فلم تذكر شيئاً عنه، ولكن "الطبري" يشير في تفسيره إلى أنه كان بيتاً بالمشلل، وهو كلام منطقي معقول، إذ لا يعقل أن يكون هذا الصنم، مجرد صخرة أو صنم قائم في العراء تعبث به الرياح والشمس،.ثم ان له سدنة، ولا يعقل أن تكون لصنم سدنة، ثم لا يكون له بيت يؤويه. ولست أستبعد أن يكون له، "جب" يلقي المؤمنون فيه هداياهم ونذورهم. وذكر "الطبري" أيضاً أن معبده كان في "قديد". وأما عبدته، فخزاعة، وبنو كعب.
والأخباريون على خلاف فيما بينهم على هيأة "مناة" وشكله، منهم من يقول إن مناة صخرة، سميت بذلك لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها، أي تراق. ومنهم من يقول إنه صنم كان منصوباً على ساحل البحر، فهو على هيأة تمثال، وقد نحت من حجارة، وجعله بعض الرواة في الكعبة مع بقية الأصنامْ.
و الذين يذكرون أن مناة صخرة، يرون أن اناس كانوا يذبحون عندها فتمنى دماء النسائك عندها، أي تراق، فهي إذن، وبهذا الوصف مذبح تراق عنده الذبائح الذي تقدم نسيكة للالهة. ويذكرون أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك " كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركاً بها. ويتبين من ذلك ان هذا الموضع كان مكاناً مقدساً، وقد خصص بإلهه ينشر السحب ويرسل الرياح فتأتي بالأمطار لتغيث الناس، وان لهذا الإلهَ صلة بالبحر وبالماء، ولذلك أقيم معبده على ساحل البحر قد تكون هذه الصخرة مذبحاً أقيم عند الصنم، أو عند معبده لتذبح عليه ما يهل للصنم، فسمي باسمه، ولذاك يمكن التوفيق بن الرأيين: كونه صخرة، وكونه صنماً.
ويظهر من أقوال ابن الكلبي ان هذا الصنم كان معظماً، خاصة عند الأوس والخزرج، أي أهل يثرب ومن كان يأخذ مأخذهم من عرب المدينة والأزد وغسان "فكانوا يحجون ويقفون مع الناس.المواقف كلها، ولا يحلقون رؤوسهم، فإذا نفروا أتوا منآة وحلقوا رؤوسهم عنده وأقاموا عنده لا يرون لحجهم تماماً إلا بذلك. ولكن القبائل العربية الأخرى كانت تعظمه كذلك، وفي جملتها قريش وهذيل وخزاعة. وأزد شنؤة، وغيرهم من الأزد. وقيل ثقيف أيضاَ، وذكرت رواية أخرى ان العرب جميعاً كانت تعظمه وتذبح حوله. أما سدنته، فالغطاريف من الأزدْ.
وكانت خزاعة والأوس والخزرج يعظمون مناة، ويهلون منها للحج إلى الكعبة.
فمناة اذن من الأصنام المعظمة المقدسة عند "الخزرج". وكانوا يحلفون بها ويقفون عندها. وفي ذلك ورد شعر ينسب إلى عبد العزى بن وديعة المُزني أو غيره من العرب: إني حلفت يمين صدق برة بمناة عند محل آل ألخزرج
فالمحل الذي يقف فيه "آل الخزرج"، هو المحل الذي يحلف به أمام مناة. وكان العرب في الجاهلية يسمون الأوس والخزرج جميعاً: الخزرج، ولذلك يقول الشاعر في بيته: "عند محل آل الخزرج".
وترجع بعض الروايات تاريخ مناة إلى "عمرو بن لحي" فتزعم أنه هو الذي نصبه على ساحل البحر مما يلي قديداً. وقد أخذت من الرواية التي ترجع أساس عبادة الأصنام وانتشارها بين العرب إلى ذلك الرجل.
وكان المتعبدون لهذا الصنم يقصدونه، فيذبحون حوله، ويهدون له. ويظهر من روايات ابن الكلبي عن هذا الصنم، أنه.كان من الأصنام المعظمة المحترمة عند جميع العرب. وقد قصد ابن الكلبي بعبارة: "وكانت العرب جميعا ًتعظمه وتذبح حوله" عرب الحجاز على ما اعتقد. وكان سدنته يجنون من سدانتهم له أرباحاً حسنة من هذه الهدايا التي تقدم إلى معبده باسمه.
وقد بقي سدنة هذا الصنم يرتزقَون باسمه، إلى أن كان عام الفتح، فانقطع رزقهم بهدمه وبانقطاع سدانته. فلما سار الرسول في سنة ثمان للهجرة، وهي عام للفتح اربع أو خمس ليال من المدينة، بعث عليا اليه، فهدمه وأخذ ما كان له، فأقبل به إلى النبي، "فكان فيما أخذ سيفان كان الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان أهداهما له، أحدهما: يسمى مخذماً، والآخر رسوباً. وهما سيفا الحارث اللذان ذكرهما علقمة في بيته: مظاهر سربالي حديد عليهما عقيلاً سيوف: منخم ورسوب
فوهبهما النبي لعليّ، فيقال: إن ذا الفقار، سيف علي أحدهما. ويقال: إن علياً وجد هذين السيفين في الفلس" وهو صنم طيء، حيث بعثه النبي فهدمه.
وفي رواية للواقدي أن الذي هدم الصنم هو سعد بن زيد الأشهلي، هدمه سنة ثمان للهجرة. وفي رواية أخرى ان الذي هدم الصنم هو أبو سفيان.
وقد كانت القبائل تتجنب ان تجعل ظهورها على "مناة" إعظاماً للصنم، ولذلك كانت تنحرف في سيرها، حيث لا يكون الصنم إلى ظهرهاْ. وفي ذلك قال الكميت بن زيد الشاعر، أحد بني أسد بن خزيمة بن مدركة وقد آلت قبائل لا تولي مناة ظهورها متحرِّفينا
ويظهر من ورود اسم هذا الصنم في القران الكريم ومن انتشار التسمية به في مثل عبد مناة وعبدة مناةوزيد مناة وعوذ مناة وسعد مناة و اوس مناة بين القبائل المختلفة مثل طيء وكنانة. ان عبادة مناة كانت منتشرة انتشارا واسعا بين القبائل ولهذه الكلمات المتقدمة على كلمة مناة شأن كبير في وصف الصورة التي كانت مخيلة عبدة مناة عنه اذ تمثله الهاً كريما يسعد عباده ويساعدهم في المكاره والملمات ويعطيهم ما يحتاجون اليه.
والصنم مناة هو منوتن ومنوت Manavat عند النبط ويظن ان لاسمه صلة بمناة Menata في لهجة بني ارم ومنا 'Mana في العبرانية وجميعها مانوت منوت Manot وباسم الالهة منى Meni بكلمة منية وجمعها منايا في عربية القرآن الكريم وهي لذلك تمثل الحظوظ والاماني وخاصة الموت ولهذا ذهب بعض الباحثين الى ان هذه الالهة هي الهة المنية والمنايا عند الجاهليين.
وقد ذكر منى Meni مع جد Gad في العهد القديم والظاهر ان كلمة جد كانت مصدرا ثم صارت اسم علم لصنم وذكر منى مع جد له شأن كبير من حيث معرفة الصنمين فالاول هو معرفة المستقبل وما يكتبه القدر للانسان من مناية ومخبآت لا تكون في مصلحة الإنسان والثاني وهو جد لمعرفة المستقبل الطيب والحظ السعيد t yche fortune في اليونانية فهما يمثلان اذا جهنين متضادتين.
هبـــــــــــل
يقول ابن الكلبي:" وكانت لقريش اصنام في جوف الكعبة وكان اعظمها هبل وكان فيما بلغني من عقيق اخمر على صورة انسان مكسور اليد اليمنى. أدركته قريش فجعلت له يداً من ذهب. وكان أول من نصبه خزيمة ابن مدركة بن الياس بن مضر. وكان يقال له هبل خزيمة.
وكان في جوف الكعبة قدامه سبعة أقّداح، مكتوب في أولها: صريح والاخر ملصق. فإذا شكوا في مولود أهدوا اليه هدية، ثم ضربوا بالقداح، فإن خرج صريح ألحقوه، وإن خرج ملصق دفعوه. وقدح على الميت،وقدح على النكاح، وثلاثة لم تفسر لي على ما كانت. فإذا اختصموا في أمر، أو أرادوا سفراً أو عملاً، أتوه فاستقوا بالأزلام عندّه. فما خرج، عملوا به وانتهوا اليه. وعنده ضرب عبد المطلب بالقداح على ابنه عبد الله.
وتذكر رواية أخرى أن خزيمة بن مدركة كان أول من نزل مكة من مضر فوضع هبل في موضعه، فكان يقال له صنم خزيمة، وهبل خزيمة. وورث أولاده سدانته من بعده. وقد ذهب "ابن الكلبي" هذا المذهب أيضاً، إذ قال: "وكان أول من نصبه خزبمة بن مدركة ".
ولا خلاف بين أهل الأخبار في أن "هبل"، كان على هيأة انسان رجل. وهناك روايات تنسب هبل إلى عمرو بن لحي، تقول إنه جاء به إلى مكة من العراق من موضع هيت، فنصبه على البئر وهي الأخسف والجب الذي حفره إبراهيم في بطن الكعبة، ليكون خزانة للبيت، يلقى فيه ما يهدى إلى ااكعبة.، و أنه هو الذي أمر الناس بعبادته، فكان الرجل إذا قدم من سفر بدأ به على أهله بعد طوافه بالبيت، وحلق رأسه عنده، وكان على هذه الروايات من خرز العقيق على صورة إنسان، وكانت يده اليمنى مكسورة، فأدركته قريش فجعلت له يداً من ذهب. وكانت له خزانة للقربان وكان قربانه" مائة بعير. وله حاجب يقوم بخدمته.
وجاء في رواية ان عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام. في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق، وهم ولد عملاق، ويقال عمليق، وجدهم يتعبدون للاصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ? قالوا له: هذه الأصنام نعبدها، فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا. فقال لهم: أفلا تعطونني منها صنماً، فأسير به إلى أرض العرب، فيعبدوه ? فأعطوه صنماَ يقال له هبل، وأخذه، فتقدم به إلى مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته.
ولسنا نجد في كتب أهل اللغة أو الأخبار تفسيراً مقبولاً لمعنى "هبل". وقد ذهب بعضهم إلى انه من "الهبلة"، و معناها القبلة. وذكر بعض آخر انه من "الهبيلي"، بمعنى الراهب، وذكر ان "بني هبل" كانت تتعبد له. و ذكر انه من "هُبل" بوزن "زُ فَر"، ومعناها كثرة اللحم والشحم، أو من "هبل" بمعنى غنم، وما شاكل ذلك من آراء. ويكمن.سبب اضطراب العلماء في تسميته في انه من الأصنام المستوردة من الخارج التي حافظت على تسميتها الأصلية، فوقع لديهم من ثم هذا الاضطراب.
وكانت تلبية من نسك هبل: "لبيك اللهم لبيك. اننا لقاح، حرمتنا على أسنة الرماح، يحسدنا الناس على النجاح.
ويذكر أهل الأخبار ان "هبل" كان أعظم أصنام قريش، وكانت تلوذ به وتتوسل اليه، ليمن " عليها بالخير والبركة، وليدفع عنها الأذى وكل شر. وكانت لقريش أصنام أخّرى في جوف الكعبة وحولها، ولكن هبل هو المقدم والمعظم عندها على الجميع. وقد نصب على الجب الذي يقال له "الأخسف"، وهو بئر، وكانت العرب تسميها "الأخشف.
وذهب بعض المستشرقين إلى ان "هبل"، هو رمز إلى الإلهَ القمر، وهو إلهَ الكعبة، وهو الله عند الجاهليين. وكان من شدة تعظيم قريش له انهم وضعوه في جوف الكعبة. وانه كان الصنم الأكبر في البيت.
ويرى بعض الباحثين ان صورة الحية أو تمثالها يشيران إلى هبل، أو إلى هبل وود. وقد عثر على صورة لحيّة في "رم"، يظهر انها رمز إلى "هبل" أو ود.
وذكر "ياقوت الحموي" أن هبل "صنم" لبتن كنانة: بكر ومالك وملكان، و كَانت كنانة تعبد ما تعبد قريش، وهو اللات والعزى. وكانت العرب تعظم هذا المجمع عليه، فتجتمع عليه كل عام مرة. وقال غيره: " وكان هبل لبني بكر ومالك وملكان وسائر بني كنانة. وكانت قريش تعبد صاحب بني كنانة، وبنو كنانة يعبدون صاحب قريش. وقد ورد اسم هبل في الكتابات النبطية النبي عثر عليها في الحجر، ورد مع اسم الصنمين: دوشرا "ذي الشرى"، و "منوتو" "مناة". وقد تسمى به أشخاص وبطون من قبيلة كلب، مما يدل على أن هذه القبيلة كانت تتعبد له، وأنه كان من معبودات العرب الشماليين. وباسم هذا الصنم سمي "هبل بن عبد اللّه بن كنانة الكلبي جدَ زهير بن جناب.
ولما أراد النبي الانصراف عن أحد، علا صوت أبي سفيان: أعل هُبل، أعل هبلْ. فقال النبي لعمر: أجبه، قال: ما أقول له ? قال: الله أعلى وأجل. فقال: لنا العزى ولا عزى لكم. فقال النبي لعمر قل: الله مولانا ولا مولى لكم.
أصنام قـــــــــــوم نوح
وزعم ابن الكلبي أن خمسة أصنام من أصنام العرب، من زمن نوح، وهي: ودّ، و سواع، و يغوث، ويعوق، ونسر. وقد ذكرت في القرآن الكريم: "قال نوح: رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً، ومكروا مكراً كباراً، وقالوا: لا تذرون آلهتكم، ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ولا يعوق ونسراً، وقد أضلوا كثيراً". ويظهر ان ورود اسمها على هذا النحو في القرآن، هو الذي حمله على رجع هذه الأصنام إلى أيام نوح. وزعم "ابن الكلبي" ان الأصنام المذكورة كانت في الأصل قوماً صالحين، ماتوا، في شهر، وذلك في أيام "قابيل"، فجزع عليهم بنو قابيل، و ذوو أقاربهم، وقام رجل من قومهم، فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم، فصار الناس يعظمونها ويسعون حولها، ثم جاء من بعدهم من عبدها، وعظم أمرها، ولم يزل أمرها يشتد، حتى أدرك "نوح" فدعاهم إلى الله، والى نبذ هذه الأصنام، فكذبوه، فكان الطوفان، فأهبط ماء الطوفان هذه الأصنام من جبل "نوذ" إلى الأرض، وجعل الماء يشتد جريه وعبابه من أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة، ثم نضب الماءْ وبقيت على الشط، فسفت الريح عليها حتى وارتها. وبقيت مطمورة هناك أمداً، حتى جاء "رئي" "عمرو ابن لحي " وكان يكنى أبا ثمامة، فقال له: عجل بالمسير والظعن من تهامة بالسعد والسلامة. قال عمر: جير ولا إقامة فقال الرئي ايت ضف جدة تجد فيها أصناماً معدة، فأوردها ولا تهاب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجاب. فأتى شط جدة فاستثارها، ثم حملها حتى ورد تهامة. وحضر الحج، فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة. فأجابه سادات القبائل، ووزع تلك الأصنام عليهم، وأشاعوا عبادتها بين الناس، ومن ثم عبد العرب هذه الأصنام.
وذكر أيضاً ان الأصنام المذكورة هي أصنام نحتها الشيطان على صورة. خمسة بنين من أبناء "آدم"، ماتوا فجزع الناس عليهم، لأنهم كانوا عباداً صالحين.
فسول لهم الشيطان ان يصنع لهم تماثيل على هيأتهم وصورهم، لتذكرهم بهم فسرّوا برأيه، وصنعها لهم، فما لبث الناس ان عبدوها، حتى تركوا عبادة ال له، وكان "ود" أكبرهم وأبرهم، فصار أول معبود عبد من دون الله.
ود
وكان الصنم ود من نصيب "عوف بنُ عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحلف بن قضاعة"، أعطاه اياه "عمرو بن لحي" فحمله إلى وادي القرى، فأقره بدومة الجندل. وسمىّ ابنه عبد ود، فهو أول من سمي به، وهو أول من سمىّ عبد ود، ثم سمّت العرب به بعد. وقد تعبّد له بنو كلب.
ومنهم من يهمز فيقول أدٌّ. ومنه سمي "عبد ودّ" و "أد بن طابخة"، و "أدد" جد معد بن عدنان.
وجعل عوف ابنه عامراً الذي يقال له عامر الأجدار سادناً له، فلم يزل بنوه يسندونه حتى جاء الله بالإسلام.
وقد استنتج "ياقوت الحموي" من هذه الرواية التي يرويها "ابن الكلبي" أن الصنم اللات أقدم عهداً من ودّ لأن وداً على هذه الرواية قد سلم إلى عوف وعوف هو حفيد زيد اللات الذي سمي ب "زيد اللات"،نسبة الى الصنم اللات، فوّد على هذا أحدث عهداً من اللاتْ.
وفي رواية لمحمد بن حبيب أن وداً كان لبني وبرة، وكانت سدنته من بني الفرافصة بن الأحوص من كلب. ويشك "ولهوزن" Wellhausen في صحة هذه الرواية، فقد كان الفرافصة بن الأحوص على رأيه نصرانياً، وهو والد نائلة زوج الخليفة عثمان. ثم ان "الفرافصة" لم يكن من بني عمرو بن ود، ولا من بني عوف بن عذرة، فهل يعقل ان تكون السدانة اليه وفي نسله.
وود على وصف "ابن الكلبي" له في كتابه الأصنام "تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال قد ذبر عليه حلتان، متزر بحلة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوساً، وبين يديه حربة فيها.لواء، و وفضة فيها نبل". وقد أخذ ابن الكلبي وصفه هذا لود من أبيه عن مالك بن حارثة الأجداري.
ومالك بن حارثة الأجداري، هو من بني عامر الأجدار، وهم سدنة ود. وزعم ابن الكلبي ان أباه محمد بن السائب الكلبي حدثه عن مالك بن حارثه أنه قال له: إنه رأى وداً، وأن اباه كان يبعثه،وهو صغير، باللبن اليه، فيقول: اسقه إلهك فيشربه مالك، فيعود وقد شرب اللبن. أما أبوه فيظن انه قد أعطى وداً إياه.
وذكر "جارية بن أصرم الأجداري"،من بني عامر بن عوف، المعروف بعامر الأجدار،انه رأى وداً بدومة الجندل في صورة رجل. وورد أن من عبدة "ودّ" بعض تميم،و طيء،والخزرج، وهذيل، ولخمْ.
ويظهر انه "أدد" عند ثمود. وأدد من الأسماء المعروفة.وقبيلة "مرة" نسبة إلى "مرة بن أدد". وقد عرف ب "كهلن"،أي "الكاهل" "هكهل" "ها - كهل". ويظن أن الإلهَ "قوس" "قيسو" "قوسو"،هو" ود"، أي اسم نعت له. وذهب بعض الباحثين الى أن "نسراً" و "ذا غابة" "ذ غبت" يرمزان اليه.
وقد بقي ود قائماً في موضعه إلى ان بعث رسول الله خالدَ بن الوليد من غزوة تبوك لهدمه. فلما أراد خالد هدمه، اعترضه بنو عبد ود وبنو عامر الأجدار،وأرادوا الحيلولة بينه وبين هدمه، فقاتلهم وأوجعهم، وقتل منهم، فهدمه وكسره. وذكر ابن الكلبي انه كان فيمن قتل رجل من بني عبد ود يقال له قطن بن شريح،ورجل آخر هو حسان بن مصاد ابن عم الأكيدر صاحب دومة الجندل.
ويرى بعض المستشرقين استناداً إلى معنى كلمة "ود" بأن هذا الصنم يرمز إلى الود، اي الحب، وانه صنو للالهين "جيل" Gel و "بحد" Pahad عند الساميين. ويستندون في رأيهم هذا إلى بيت للنابغة مطلعه: "حياّك ود"، غير ان من العسير علينا تكوين رأي صحيح عن هذا الصنم.ولا أستبعد أن تكون كلمة "ود" صفة من صفات الله لا اسم علم له.
وهناك من يرى وجود صلة بين "ود" و "ايروس" Eros الصنم اليوناني، ويرى انه صنم يوناني في الأصل استورد من هناك، وعبدته العرب. وهو رأي يعارضه "نولدكه"، لانتفاء التشابه في الهيأة بين الصنمين. و "ود" هو الإلَه الأكبر لأهل معين. وسوف أتحدث عنه فيما بعد.
ســـــــــــــــواع
أما سواع فكان موضعه برهاط، من أرض ينبع. وذكر انه كان ضخماً على صورة امرأة، وهو صنم هذيل. وينسب ابن الكلبي انتشار عبادته - كعادته - الى عمرو بن لحي، فذكر ان مضر بن نزار أجابت عمرو بن لحي، فدفع إلى رجل من هذيل "يقال له الحارث. بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر" سواعاً،فكان بأرض يقال لها رهاط من بطن نخلة، يعبده من يليه من مضر. وذكر "ابن حبيب" انه كان ب "نعمان"، وأن عبدته: بنو كنانة، وهذيل،ومزينة، وعمرو ين قيس بن عيلان. وكان سدنته بنو صاهلة من هذيل. وفي رواية اًن عبدة سواع هم آل ذي الكلاع. وذكر "اليعقوبي" أنه كان لكنانة.
وفي رواية أخرى يرجع سندها إلى "ابن الكلبي" كذلك، تزعم أن سواعاً صنم كان برهاط من أرض ينبع، وينبع عرض من أعراض المدينة. وكانت سدنته بنو لحيان. ثم تقول إنه لم يسمع بورود اسم هذا الصنم في شعر هذيل، إنما بورود اسمه في شعر رجل من اليمن وورد في رواية أخرى ان "سواعاً" صنم من أصنام همدان.
ويرى "نولدكه" أن سواعاً لم يكن من الأصنام الكبرى عند ظهور الإسلام، وهو في نظره من الأصنام التي لم ترد أسماؤها في الأعلام المركبة، ويدل عدم ورود اسمه في هذا ا الإعلام على خمول عبادته بين الجاهليين.
وفي السنة الثامنة من الهجرة هدم سواع،وكان الذي هدمه عمرو بن العاص، فلما انتهى الى الصنم، قال له السادن: ما تريد: قال: هدم سواع،قال: لا تطيق تهدمه، قال له عمرو بن العاص: أنت على الباطل بعد. فهدمه عمرو، ولم يجد في خزانته شيئاً، ثم قال للسادن: كيف رأيت، قال: أسلمت والله. و "سواع" من الأصنام التي ورد اسمها في القران الكريم )وقالوا: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً (. وقد ذكر بعض العلماء، انه صنم عبد في زمن نوح، فدفنه الطوفان، فأشار "ابليس" على الجاهليين بالتعبد له، فعبدته همدان،ثم صار لهذيل، وكان برهاط وحجّ اليه. وقال "ابن الكلبي" انه لم يسمع بذكره في أشعإر هذيل. وقد قال رجل من العرب.: تراهم حول قيلهم عكـوفـا كما عكفت هذيل على سواع
يظل جنابه برهاط صرعـى عتائر من ذخائر كـل راع
وذكر بعض أهل الأخبار ان سواعاً وبقية الأصنام التي ذكرت معه في سورة نوح، كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم لو صوّرناهم كان أشوق لنا الى العبادة إذا ذكرناهم، فصوّروهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دبّ اليهم ابليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم. ورهاط من بلاد بني هذيل، ويقال وادي رهاط ببلاد هذيل، ذكر انه على ثلاثة أميال أو ثلاث ليال من مكة.
ونسب بعض أهل الأخبار هدم الصنم "سواع" إلى "غاوي بن ظالم السلمي" "غاوي بن عبد العزى". ذكروا أن هذا ا!صنم كان "لبني سليم بن منصور"، فبينما هو عند الصنم، اذ أقبل ثعلبان يشتدان حئ تسنّماه، فبالا عليه فقال: أربّ يبول الثعلبان بـرأسـه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
ثم قال: يا معشر سليم ? لا والله هذا الصنم لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع ! فكسره ولحق بالنبيّ عام الفتح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، ما اسمك ? فقال: غاوي بن عبد العزى. فقال: بل أنت راشد بن عبد ربه. وعقد له على قومه. وقيل إن هذه الحادثة إنما وقعت لعباس بن مرادس السلمي،.وقيل لأبي ذر الغفاري.
يغـــــــــــــــوث
وأما يغوث، فكان أيضاً على رواية ابن الكلبي، في جملة الأصنام التي فرقها عمرو بن لحي على من استجاب إلى دعوته من القبائل، دفعه إلى أنعم بن عمرو المرادي، فوضعه باًكمة مذَحج باليمن، فعبدته مذحج ومن والاها وأهل جرش. وقد بقي في أنعم إلى ان قاتلتهم عليه بنو غطيف من مراد، فهربوا به إلى نجران، فاًقروه عند بني النار من الضباب، من بني الحارث بن كعب. واجتمعوا عليه جميعاً. وفي رواية أن عبدة يغوث هم بنو غطيف من مراد.
وفي رواية أن يغوث بقي في أنعم وأعلى من مراد. إلى ان اجتمع أشراف مراد وتشاوروا بينهم في أمر الصنم، فقر رأيهم أن يكون فيهم، لما فيهم من العدد والشرف. فبلغ ذلك. من أمرهم إلى أعلى وأنعم، فحملوا يغوث وهربوا به حتى وضعوه في بني الحارث بن كعب، في وقت كان النزاع فيه قائماً بين مراد وبني الحارث بن كعب. فلما أبت بنو الحارث تسليم الصنم إلى مراد،وتسوية أمر الديات، أرسلت عليها مراد جيشاً فاستنجدت بنو الحارث بهمدان، فنشبت بينهما معركة عرفت بيوم الرزم،. انهزمت فيها مراد ومنيت بخسارة كبيرة قبيحة، وبقي الصنم في بني الحارث. وقد وافق يوم الرزم يوم بدر.
وذكر "الطبرسي" أن بطنين من طيء أخذا يغوث، فذهبا به إلى مراد،فعبدوه زماناً ثم اْن بني ناجية أرادوا أن ينزعوه منهم " ففروا به إلى بني الحارث بن كعب.
ويظهر من غربلة هذه الروايات أن الصنم يغوث كان في جرش أو على مرتفع قريب من هذه المدينة. أما سدنته، فكانوا من بني أنعم بن أعلى من طيء، وكانوا في جرش. وفي حوالي سنة 623، أي السنة التي وقعت فيها معركة بدر، حدث نزاع على الصنم: أراد بنو مراد ان يكون الصنم فيهم وسدنته لهم، وأراد بنو أنعم الأحتفاظ بحقهم فيه. فهرب بنو أنعم بصنمهم إلى بني الحارث،واحتفظوا به بعد أن وقعت الهزيمة في مراد.
وفي الحرب التي وقعت بين بني أنعم" و "غظيف" حمل عبدة "يغوث" صنمهم معهم وحاربوا، مستمدين منه العون والمدد. وفي. ذلك يقول الشاعر: وسار بنا يغوث إلى مراد فناجوناهم قبل الصبـاح
ويظهر ان "بني أنعم"، وسائر عبدة هذا الصنم، كانوا يحملون صنمهم معهم في غالب الأحوال عند قتالهم القبائل الأخرى.
ولا يستبعد ان تكون لاسم هذا الصنم علاقة بفكرة المتعبدين له عنه، بمعنى ان المتعبدين له كانوا يرون انه يغيثهم ويساعدهم. وقد ظن بعض الباحثين انه يمثل الإلَه الأسد. وانه كان "طوطم" قبيلة مذحج، يدافع عنها ويذب عن القبيلة التي تستغيث به، على نحو ما فعله الاسرائيليون من استغاثتهم ب "حية النحاس" المسماة "نحشتان" Nahushtan، التي كانت "طوطماًَ" في الأصل على رأي "سمث".
ونجد بين أسماء الجاهليين عدداً من الرجال سموا ب "عبد يغوث"، منهم من كان فيِ مذحج، ومنهم من كان في قريش، ومنهم من كان في هوازن. وقد كان قائد بني الحارث بن كعب على تميم في معركة "الكلاب" عبد يغوث، كما كان لدريد بن الصمة أخ اسمه "عبد يغوث". ومن مذحج: "عبد يغوث" ابن وقاص بن صلاءة الحارثي الذي قتلته "التيم" يوم الكلاب الثاني. ومن بني زهرة : عبد يغوث بن وهب، وعبيد يغوث، وامهما صفية بنت هشام بن عبد مناف. ويدل ذلك على ان عبادته كانت معروفة بين مذحج واًهل جرش وقربش وهوازن. وقبائل أخرى مثل تغلب.
ولم يرد اسم هذا الصنم في الكتابات. وقد ذهب "روبرتسن سمث" إلى انه "يعوش" Ye,ush المذكور في سفر التكوين، وهو أحد أجداد أدوم. وبمثله الأسد في نظر "روبرتسن سمث".
يعـــــــــــــــوق
ويعوق أيضا في جملة هذه الأصنام التي فرقها عمرو بن لحي على القبائل. لقد سلمه عمرو الى مالك بن مرثد بن جشم بن حاشد بن جشم بن خيبوان بن نوف ابن همدان فوضعه في كل موضع خيوان، حيث عبدته همدان وخولان ومن والاها من قبائل. وكان في أرحب.
وذكر "ياقوت الحموي" ان ابن الكلبي قال: "واتخذت خيوان يعوق،وكان بقرية لهم يقال لها خيوان من صنعاء على ليلتين مما يلي مكة، ولم أسمع لها ولا لغيرها شعراً. فيه. وأظن ذلك لأنهم قربوا من صنعاء واختلطوا بحمير، فدانوا معهم باليهودية أيام تهود ذي نواس، فتهودوا معه". ونسب "الطبرسي" عبادة يعوق إلى كهلان، وذكر انهم توارثوه كابراً عن كابر،حتى صار إلى همدان. وذكر في رواية أخرى ان يعوق اسم صنم كان لكنانة.
وذكر بعض أهل الأخبار: " يعوق" صنم كان لكنانة، "وقيل كان لقوم نوح عليه السلام، كما في الصحاح. أو كان رجلا من صالحي أهل زمانه. فلما مات جزعوا عليه فاًتاهم الشيطان في صورة إنسان. فقال: أمثله لكم في محرابكم حتى تروه كلما صليتم، ففعلوا ذلك به وبسبعة من بعده من صالحيهم، ثم تمادى بهم الأمر إلى أن اتخذوا تلك الأمثلة أصناماً يعبدونها".
وتشير ملاحظة " ابن الكلبي" من أنه لم يسمع بأن همدان أو غير همدان سمت "عبد يعوق" إلى أن يعوق لم يكن من الأصنام المهمة بين العرب عند ظهور الإسلام، وان عبادته كانت قد تضاءلت. وانحصرت في قبائل معينة. وهناك بيت ينسب إلى مالك بن نبط الهمداني الملقب بذي المعشار، وهو من بني خارف أو من يام بن أصى، هذا نصه: يربش الله في الدنيا ويبري ولا يبرى يعوق ولا يريش
النســـــر
وأما نسر فكان من نصيب حمير، أعطاه عمرو بن لحي قيلَ ذي رعين "معديكرب" فوضعه في موضع بلخع من أرض سبأ، فتعبدت له حمير إلى أيام ذي نواس، فتهودت معه، وتركت هذا الصنم. وكان عباد نسر آل ذي الكلاح من حمير على رواية من الروايات. وذكر "محمد بن حبيب"، أن حمير تنسكت لنسر، وعظمته ودانت له، وكان في همدان قصر ملك لليمن. وذكر اليعقوبي أنه كان لحمير وهمدان منصوباً بصنعاء.
ونسر هو "نشر" Nesher في العبرانيةْ. وهو صنم من اصنام اللحيانيين كذلك، ويجب ان يكون من أصنام العرب الشماليين لورود اسمه في الموارد العبرانية والسريانية على انه اسم إله عريي.
وأشير في التلمود إلى صنم ذكر ان العرب كانوا يعبدونه اسمه "نشرا" Neshra و "نشرا" هو "نسر". وقد ورد اسم الصنم "نسر" عند السبئين كذلك، وكان من الآلهة المعبودة عند كثير من الساميين، وقد عبد خاصة في جزيرة العرب.
ولم يشر ابن الكلبي إلى صورة الصنم نسر، ولكننا نستطيع ان نقول استناداً إلى هذه التسمية انه كان على هياًة الطائر المسمى باسمه، وقد وجدت أصنام على صورة نسر منحوتة على الصخور خاصة في أعالي الحجاز. ويؤيد هذا الرأي رواية ذكرها الطبرسي في أشكال الأصنام، أسندها إلى الواقدي، قال فيها: "كان ود على صورة رجل، وسواع على صورة امرأة، ويغوث على صورة أسد، ويعوق على صورة فرس، ونسر على صورة نسر من الطير".
عميأنس
وعميأنس "عم أنس"، هو صنم خولان، وموضعه في أرض خولان. وكان يقدم له في كل عام نصيبه المقرر من الأنعام والحروث. وذكر ابن الكلبي ان الذين تعبدوا له من خولان هم بطن منهم يقال لهم "الادوم" وهم الأسوم. وفيهم نزلت الآية: )وجعلوا الله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً، فقالوا: هذا لله، بزعمهم،وهذا لشركائنا، فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله، وما كان لله فهو يصل إلى،شركائهم، ساء ما محكمون". وكانوا "يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسماً بينه وبين الله بزعمهم. وما دخل في حق الله من حق عميأنس، ردوه عليه، وما دخل في حق الصنم من حق الله الذي سموه له، تركوه له(.
وقد ورد ذكر هذا الصنم في خبر "وفد خولان" الذي قدم على رسول الله في شعبان سنة عشر، إذ ذكر أن رسول الله. قال لهم: "ما فعل عم أنس"، فقالوا: بشرّّ وعرّ، أبدلنا اللّه به، ولو قد رجعنا اليه هدمناه. "وقد بقيت منا بعد بقايا من شيخ كبير وعجوز كبيرة متمسكون به".
وقد كانوا يقدمون له القرابين حتى في أيام الضيق وأوقات المحنة، تقرباً اليه. لقد قالوا للرسول حين سألهم: "ما أعظم ما رأيتم من فتنته" "لقد رأيتنا وأسنتنا حتى أكلنا الرمة، فجمعنا ما قدرنا عليه، وابتعنا مئة ثور، ونحرناها لعم أنس قرباناً في غداة واحدة، وتركناها تردها السباع، ونحن أحوج اليها من السباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا. لقد رأينا العشب، يوارى الرجال، ويقول قائلنا: أنعم علينا عم أنس ". وذكروا له أنهم كانوا يقتسمون لصنمهم هذا من أنعامهم وحروثهم، وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءاً له.
اساف ونائلة
وللأخبارين قصص في اساف ونائلة، وهما في زعم بعضهم إنسانان عملا عملاً قبيحاً في الكعبة، فمسخا حجرين، ووضعا عند الكعبة ليتعظ الناس بهما. فلما طال مكثهما، وعبدت الأصنام، عبدا معها. وكان أحدهما بلصق الكعبة، والآخر في موضع زمزم. فنقلت قريش الذي كان بلصق الكعبة إلى الآخر، فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما. وفي رواية أن اسافاً كان حيال الحجر الأسود. وأما نائلة، فكان حيال الركن اليماني. وفي أخرى أنهما "أخرجا إلى الصفا والمروة فنصبا عليهما ليكونا عبرة وموعظة، فلما كان عمرو بن لحي، نقلهما إلى الكعبة ونصبهما على زمزم: فطاف الناس بالكعبة وبهما حتى عبدا من دون الله".وذكر "اليعقوبي"، أن "عمرو بن لحي" وضع "هبل" عند الكعبة، فكان أول صنم وضع بمكة. ثم وضعوا به اساف ونائلة كل واحد منهما على ركن من اركان البيت. فكان الطائف إذا طاف بدأ بأساف فقبله وختم به. ونصبوا على الصفا صنماً يقال له مجاور الريح وعلى المروة صنماً. يقال له مطعم الطير". فاليعقوبي ممن يرون إن اسافاً ونائلة كانا عند الكعبة، لا على
الصفا والمروة.
وتذكر رواية أخرى ان أساف صنم وضعه عمرو بن لحي الخزاعي على الصفا، ونائلة على المروة. وكانا لقريش. وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة. أو هما رجلان من جرهم، أساف بن عمرو ونائلة بنت سهل فجرا في الكعبة، وقيل أحدثا فيها، فمسخا حجرين، فعبدتهما قريش. وورد ان موضع أساف ونائلة عند الحطيم. وورد ان اسافاً رجل من جرهم، يقال له اساف بن يعلى، ونائلة امرأة من جرهم يقال لها نائلة بنت زيد، وكان اساف يتعشقها في أرض اليمن، فأقبلا حجاجاٌ، فدخلا الكعبة، فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت، ففجر بها في الكعبة، فمسخا حجرين، فأصبحوا فوجدوهما ممسوخين،فوضعوهما موضعهما. فعبدتهما خزاعة وقريش، ومن حج البيت بعد من العرب.
وذكر "محمد بن حبيب" ان اسافاً كان على الصفا. وأما نائلة، فكان على المروة. "وهما صنمان وكانا من جرهم. ففجر اساف بنائلة في الكعبة، فمسخا حجربن، فوضعا على الصفا والمروة ليعتبر بهما.، ثم عبدا بعد". وكان نسك قريش لأساف: "لبيلك اللهم لبيلك، لبيلك، لاشريك لك إلا شريك هو لك، تملكه وما ملك ".
وورد اسم اساف في بيت شعر ينسب إلى بشر بن أبي خازم الأسدي، هو: عليه الطير ما يدنون منـه مقامات العوارك من اساف
وورد ان نائلة حين كسرها الرسول عام الفتح، خرجت منها سوداء شمطاء تخمش وجهها وتنادي بالويل والثبور.
ويظهر أن مردّ هذا القصص الذي يقصه علينا أهل الأخبار عن الصنمين، إنما هو إلى شكل الصنمين. كان "اساف" تمثال رجل على ما يظهر من روايات الأخباريين، وكان "نائلة" تمثال إمرأة. يظهر أنهما استوردا من بلاد الشام، فنصبا في مكة، فتولد من كونهما صنمين لرجل وامرأة، هذا القصص المذكور ولعله من صنع القبائل الكارهة لقريش، التي لم تكن ترى حرمة للصنمين.
وكانت قريش خاصة تعظم ذينك الصنمين وتتقرب اليهما، وتذبح عندهما وتسعى بينهما. أما القبائل الأخرى، فلم تكن تقدسهما، لهذا لم تكن تتقرب اليهما، ومن هنا لم يكن الطواف بهما من مناسك حج تلك القبائل.
وكانت قريش تحلف عند هذين الصنمين. ولهما يقول "أبو طالب"، وهو يحلف بهما حين تحالفت قريش على بني هاشم: أحضرت عند البيت رهطي ومعشري وأمسكت من أثوابـه بـالـوصـائل
وحيث ينخ الأشعـرون ركـابـهـم بمغضي السيول من أسـاف ونـائل
فكانا على ذلك الى أن كسرهما الرسول يوم الفتح فيما كسر من الأصنام. ويظهر من الشعر المتقدم، أن أسافاً ونائلة كانا في موضعين مكشوفين،وعندهما كان. ينيخ الأشعرون. ويؤيد ذلك هذا الشعر المنسوب إلى بشر بن أبي خازم الأسدي: عليه الطير ما يدنون منـه مقامات العوارك من أساف
حيث يظهر أن الطير كانت تقف مكتظة،عليه، لا تخاف من أحد، ولا تفزع من قادم، لأنها في حرمة صنم.
رضى
ورضى، ويكتب رضاء في بعض الأحيان، هو صنم آخر. وذكر ابن الكلبي انه كان لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، فهدمه المستوغر،وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. هدمه فيَ الإسلام. وتعبدت لهذا الصنم قبيلة تميم. وقد ورد اسم "عبد رى" بين أسماء الجاهليين. ويظهر ان قبيلة طيء كانت قد تعبدت له كذلك.
و "رضى" من الأصنام المعروفة عند قوم ثمود. وقد ورد اسمه في كتابات ثمودية عديدة. وكانت عبادته منتشرة بين العرب الشماليين. وورد في نصوص تدمر وبين أسماء بني ارم، كما ورد في كتابات الصفويين. وورد على هذا الشكل: "رضو" و "رضى"، و "هر ضو" "ها - رضو". ويظن انه يرمز إلى كوكب.
ويظهر من بيت شعر ينسب الى المستوغر في كسره رضى في الإسلام، هو: ولقد شددت على رضاء شدة فتركتها تلا تنازع
أسحمـا
ان الصنم "رضى" "رضاء"، هو انثى، بدليل استعمال ضمير التأنيث في لفظة " فتركتها". فهو إلهة. ويرى بعض الباحثين، انه إلهةّ أيضاً عند العرب الصفويين.
مناف
و "مناف": صنم من أصنام الجاهلية، قال عنه ابن الكلبي: "وكان لهم مناف، فيه كانت تسمى قريش "عبد مناف". ولا ادري اين كان، ولا من نصبه ?". وسمي به أيضاً رجال من هذيل. و "به سمي عبد مناف. وكانت أمه اخدمته هذا الصنم".
وفيه يقول بلعاء بن قيس: وقرن وقد تركت الطير منه كمعتبر العوارك من مناف
ويتبين من ورود اسم" مناف" بين عرب الشام أنه كان إلهاً معبوداً عندهم كذلك. وقد عثرعلى اسمه في كتابة دوَّنها شخص اسمه: "أبو معن" على حجر توجه بها إلى الإلهة مناف، ليمن عليه بالسعد والبركة، وحفرت على الحجر صورة الإلَه "مناف" على هيأة "رجل لا لحية له" يتحدر على عارضيه شعر رأسه الصناعي المرموز به إلى الإلهة الشمس، وحول جفنيه وحدقتيه خطّان ناعمان: ويزين جيده قلادة، كما ترى غالباً في تصاوير الآلهة السوريين، وعلى صدره طيات ردائه، ويرى طرف طيلسانه الإلهي الذي ينعطف من كتفه الأيسر فيتصل إلى الأيمن ويعقد به. وقد ذهب المتخصصون الذين فحصوا هذه الكتابة إلى أنها من حوران.
وقد عثر على كتابة وجدت في حوران، ورد فيها اسم"مناف " مع إلَه اخر، ورد اسم مناف فيها على هذا الشكل."MN,PHA " وقد عثرعلى كتابة أخرى وجد فيها الاسم على هذه الصورة: "منافيوس" Manaphius مما يدل على أن المراد بالإسمين شيء واحد، هو الإلَه مناف.
ذو الخلصة
أما ذو الخلصة، فكان صنم خثعم وبجيلة ودوس وأزد السراة ومن قاربهم من بطون العرب من هوازن، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، والحارث بن كعب وجرم وزبيد والغوث بن مر بن أد وبنو هلال بن عامر،.وكانوا سدنته. وذكر ابن الكلبي ان سدنته بنو أمامة من باهلة بن أعصر.
وصفته انه "كان مروة بيضاء منقوشة، عليها كهيأة التاج". وكان بتبالة بين مكة واليمن على مسيرة سبع ليال من مكة. وله بيت يحج إليه. وجعل "ابن حبيب" موضع البيت في العبلاء على أربع مراحل من مكة.
وفي رواية لابن اسحاق ان عمرو بن لحي نصب ذا الخلصة بأسفل مكة، فكانوا يلبسونه القلائد، ويهدون إليه الشعير والخطة، ويصبون عليه اللبن، ويذبحون له، ويعلقون عليه بيض النعام.
وهناك روايات جعلت ذا الخلصة "الكعبة اليمانية" لخثعم، ومنهم من سماه كعبة اليمامة. وأظن ان هاتين الروايتين هما رواية واحدة في الأصل، صارت روايتين من تحريف النساخ. ومنهم من جعل ذا الخلصة بيتاً في ديار دوس. ويستنتج من كل هذه الروايات ان ذا الخلصة بيت كان يدعى كعبة أيضاً، وكان فيه صنم يدعى الخلصة، لدوس وخثعم وبجيلة وغيرهم.
ويظهر من حديث: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة، والمعنى انهم يرشدون ويعولون إلى جاهليتهم في عبادة الأوثان، فتسعى نساء بني دوس طائفات حول ذي الخلصة، فترتج أعجازهن". ويستنتج من ذلك ان بي دوس وغيرهم كانوا يطوفون حول كعبة ذي الخلصة التي في جوفها صنم الخلصة.
وكان "بيت ذي الخلصة" من البيوت التي يقصدها الناس للاستقسام عندها بالأزلام. وكانت له ثلاثة أقدح: الآمر، والناهي، والمتربص.
وفي ذي الخلصة قال الرجّاز:
لو كنت يا ذا الخلصة الموتورا مثلي، وكان شيخك المقبورا لم تنه عن قتل العداة زورا وكان سبب قوله أنه قُتل أبوه، فأراد الطلب بثأره، فأتى ذا الخلصة، فاستقم عنه بالأزلام، فخرج السهم ينهاه عن ذلك، فقال تلك الأبيات. ومن الناس من ينحلها امرأ القيس. وذكر "ابن الكلبي" ايضاً أنه لما أقبل امرؤ القيس بن حجر، يريد الغارة على بني أسد، مرَ، بذي الخلصة، فاستقسم عنده ثلاث مرات. فخرج الناهي. فكسر القداح وضرب بها وجه الصنم، ثم غزا بني أسد، فظفر بهم.
وقد هدم البيت في الإسلام، "فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وأسلمت العرب ووفدت عليه وفودها، قدم عليه جرير بن عبد الله مسلماً. فقال له: يا جرير: ألأ تكفيني ذا الخلصة ? فقال: بلى.. فوجهه اليه. فخرج حتى أُتي بني أحمس من بجيلة، فسار بهم اليه. فقاتلته خثعم وياهلة دونه. فقتل من سدنته من باهلة يومئذ مئة رجل، وأكثر في خثعم، وقتل ستين من بني قحافة بن عامر بن خثعم. فظفر بهم وهزمهم، وهدم بنيان ذي الخلصة، وأضرم فيه النار فاحترق. وورد في رواية أن هدمه كان قبل وفاة الرسول بشهرين أو نحوهما.
ويذكر "ابن الكلبي" أن موضع بيت ذي الخلصة عند عتبة باب مسجد تبالة أما "أبن حبيب"، فذكر أنه صار بيت قصار في العبلاء. وذكر أن موضعه مسجد جامع لبلدة.يقال لها العبلات من أرض خثعم.
ويظهر من رثاء امرأة من خثعم لذي الخلصة حين هدمه جرير بن عبد الله،وأحرق بيته، وهو قولها: وبنو أمامة بالوليّة صرعوا ثملا يعالج كلهم انبـوبـا
ان "الخلصة" كان صنماً أنثى، أي إلهة، ولذلك قيل له "الولية"،كما ترى ذلك في البيت المذكور. ونجد في مواضع أخرى من روايات أهل الأخبار ما يؤيد هذا الرأي، فقد استعملوا ضميرالتأنيث للتعبير عنها، كما قالوا فيه "المروة البيضاء". وأما تعبيرهم عنه بضمير التذكير، مثل قولهم "وكان"،فإنهم أرادوا بذلك لفظ "صنم" فذكروه.
سعد
وكان لمالك وملكان، ابني كنانة، بساحل جدة وتلك الناحية صنم يقال له سعد. وكان صخرة طويلة. وذكر "اليعقوبي" انه كان لبني بكر بن كنانة. وذهب "ابن اسحاق" إلى انه في موضع قفر، وقيل انه قرب اليمامة. وقد أورد الأخباريون عنه هذه القصة: "أقبل رجل منهم بإبل له ليقفها عليه،يتبرك بذلك فيها. فلما أدناها منه نفرت منه، وكان يهراق عليه الدماء، فذهبت في كل وجه وتفرقت عليه، وأسف فتناول حجراً فرماه به، وقال: لا بارك الله فيك إلهاً. أنفرت عليّ إبلي"ا. ثم خرج في طلبها حتى جمعها، وانصرف عنه،وهو يقول: أتينا إلى سعد ليجمع شـمـلـنـا فشتتنا سعد،فلانحن من سـعـد
وهل سعد إلا صخرة بـتـنـوفة من الأرض لايدعي لغيّ ولارشد
وذكر "ابن قتيبة" أن سعداً صنم على ساحل البحر بتهامة، تعبده عك ومن يليها، ويقال كانت تعبده هذيل.
وقد ورد اسم "سعد" في أسماء الأشخاص المركبة المضافة، مثل "عبد سعد"، وهو مما يدل على أن الناس كانوا يتبركون به بتسمية أبنائهم باسمه.
وقد ورد اسم هذا الصنم في كتابات النبط، فدعي ب "سعدو". كما ورد في كتابات الصفويين، مما يدل على أنه كان بين الأصنام التي تعبد لها أولئك القوم. ويظن انه يرمز إلى كوكب.
ذو الكفين
وهناك صنم عرف عند الأخبارين ب" ذي الكفين" وكان لدوس، ثم لبني منهب بن دوس. فلما أسلموا، بعث النبي صلى الله عليه وسلم،الطفيل بن عمرو الدوسي، فحرقه وهو يقول: يا ذا الكفين لست من عبادكـا ميلادنا أكبر من مـيلادكـا
اني حشوت النار في فؤادكا
ويظهر من هذا الرجز أنه أحرقه بالنار. ومعنى هذا أنه لم يكن صنماً من حجر، وإِنما كان من خشب،أو أنه أراد بيت الصنم. وذكز أن هذا الصنم كان صنم "عمرو بن حممة الدوسي" أحد حكام العرب.
ذو الشرى
وكان لبني الحارث بن يشكر بن مبشر من الأزد، صنم يقال له ذو الشرى. وورد في رواية للاخباربين أن "ذا الشرى" صنم لدوس كان بالسراة. وقد ورد اسم هذا الصنم في الحديث النبوي، وورد بين أسماء الجاهليين اسم "عبد ذي الشرى".
ويرى بعض اللغويين ان الشرى ما كان حول الحرم، وهو إشراء الحرم،فإذا كان هذا التعريف صحيحاً،فإنه يكون في معنى "ذات حمى" عند السبئيين. وكان له حمى، به ماء يهبط من جبل حمته دوس له.
و "ذو الشرى" إله ورد اسمه في كتابات "بطرا" و "بصرى"، كما سأتحدث عن ذلك فيما بعد.
الأقيصر
أما الأقيصر، فكان صنم قضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان، وكان في مشارف الشام. وقد ذكر اسمه في شعر لزهير بن أبي سلمى، ولربيع بن ضبع الفزاري، وللشنفرى الأزدي. وكانوا يحجون اليه ويحلقون رؤوسهم عنده، ويلقون مع الشعر قرة من دقيق. وهي عادة كانت متبعة عند بعض قبائل اليمن كذلك.
ويذكر "ابن الكلبي" أن هوازن كانت تنتاب حجاج الأقيصر، فإن أدركت الموسم، قبل أن يلقي القرة، أي قبضات من دقيق، قال أحدهم لمن يلقي: "أعطنيه. فإني من هوازن ضارع، وإن فاته، أخذ ذلك الشعر بما فية من القمل والدقيق، فخبزه وأكله. وقد عبرت هوازن في ذلك، فقال معاوية بن عبد العُزى بن ذراع. الجرمي، في "بني جعدة" وكانوا قد اختصموا مع بني جرم في ماء لهم إلى النبي يقال له العقيق، فقضى به رسول الله لجرم،شعراً منه: ألم تر جرمـاً أبـحـدت وأبـوكـم مع القمل في جفر الأقيصر شارع ?
إذا قرة جاءت بقـول:أصـب بـهـا سوى القمل? إني من هوازن ضارع
ويظهر من بيت شعر رواه "ابن الأعرابي"، هو: وأنصاب الأقيصر حين أضحت تسيل على مناكبها الـدمـاء
ومن بيت لزهير بن أبي سلمى، هو: حلفت بأنصاب الأقيصر جاهداً وما سحقت فيه المقاديم والقمل
انه كان عند الصنم الأقيصر أنصاب ينحر الناس عليها ذبائحهم التي يتقربون بها إلى هذا الإلَه. وكانت أكثر من نصب واحد، وقد تلطخت بالدماء من كثرة ما ذبح عليها.
وأشير إلى "أثواب الأقيصر" في بيت للشنفرى الأزدي. ويظهر ان عباده كانوا يطوفون حوله، وهم يلبون ويغنون.
نهم
وكان لمزينة صنم يقال له: نهم، كسره سادنه خزاعي بن عبد نهم، وهو من مزينة من بني عداء، وأعلن إسلامه. ويظهر من ابيات لأمية بن الأسكر ان أتباع الصنم كانوا يقدمون. الذبائح له، ويقسمون به. وقد سمى منهم جملة رجال عرفوا ب "عبد نهم" من بني هوازن وبجيلة وخزاعة. وهذا مما يدل على انتشار عبادة هذا الصنم بين هذه القبائل أيضاً.
عائم
وكان لأزد السراة صنم يقال له عائم.ورد اسمه في شعر لزيد الخير،المعروف أيضاً بزيد الخيل
سعير
أما سعير، فهو صنم عنزة. وكان الناس يحجون اليه ويطوفون حوله، ويعترون العتائر له، وقد ورد في شعر لجعفر بن خلاس، الكلبي، وكان راكباً ناقة له، فمرت به، وقد عترت عنزة عنده، فنفرت ناقته منه، فأنشأ يقول؛ نفرت قلوصي من عتائر صرعا حول السعير تزوره ابنا يقـدم
وجموع يذكر مهطعين جنـابـه ما ان يحير اليهم بـتـكـلـم
وبين أسماء الرجال أناس عرفوا ب "سعير". والسعير النار واللهب، ولا استبعد وجود صلة بين هذا المعنى وبين هذا الصنم. بان يكون هذا الصنم ممثلاً للشمس.
الفلس
وكان لطيء صنم يقال له الفلس، وكان أنفاً أحمر في وسط جبلهم الذي يقال له أجأ، أسود، كأنه تمثال إنسان. وكانوا يعبدونه، ويهدون اليه، ويعترون عنده عتائرهم، ولا يأتيه خائف إلاّ أمن عنده، ولا يطرد أحد طريدة فيلجأ بها اليه إلاّ تركت له ولم تخفر حويته أي حوزته و حرمه. ذكر "ابن حبيب" انه كان بنجد، وكان قريباً من فيد وسدنته بنو بولان.
وبولان جد بني بولان هو الذي بدأ بعبادته على رواية ابن الكلبي. وكان آخر من سدنه منهم رجل يقال له صيفي " فاًطرد ناقة خلية لامرأة من كلب من بني عُليَم، كانت جارة لمالك بن كلثوم الشمجي، وكان شريفاً، فانطلق بها حتى وقفها بفناء الفلس. وخرجت جارة مالك، فأخبرته بذهابه بناقها، فركب فرساً عُرياً وأخذ رحمه، وخرج في أثره،. فادركه وهو عند الفلس، والناقة موقوفة عند الفلس، فقال له: خل سبيل ناقة جارتي. فقال: انها لربك. قال: خل سبيلها. قال: أتخفر إلهك ه ?فبوأ له الرمح، فحل عقالها،وانصرف بها مالك، وأقبل السادن على الفلس، ونظر إلى مالك، ورفع يده وقال، وهو يشير بيده اليه:
يا ربّ إن مالك بن كلـثـوم أخفرك اليوم بنابٍ علـكـوم
وكنت قبل اليوم غير مغشوم
يحرضه عليه. وعدي بن حاتم يومئذ قد عثر عنده وجلس هو ونفر معه يتحدثون بما صنع مالك. وفزع لذلك عدي بن حاتم وقال، انظروا ما يصيبه في يومه هذا. فمضت له أيام لم يصبه شيء. فرفض عدي عبادته وعبادة الأصنام وتنصر. فلم يزل متنصراً حتى جاء الله بالإسلام، فأسلم.
فكان مالك أول من أخفره. فكان بعد ذلك السادن إذا أطرد طريدة، أخذت منه. فلم يزل الفلس يعبد حتى ظهرت دعوة النبي عليه السلام، فبعث اليه علي بن ابي طالب، فهدمه، وأخذ سيفين كان الحارث بن أبي شمر الغساني، ملك غسان قلده اياهما، يقال لهما مخذم ورسوب، فقدم بهما علي بن أبي طالب على النبي، فتقلد أحدهما، ثم دفعه إلى علي بن أبي طالب، فهو سيفه الذي كان يتقلده". وجاء في بعض الروايات ذكر ثلاثة سيوف، هي: مخذم، و رسوب، واليماني.
وقد عرف "مالك بن كلثوم بن ربيعة" الشمجي المذكور، ب "مخفر الفلس"، لأنه أخفر ذمته، وكان لا تخفر ذمته.
و "الفلس"، هو "هفلس" "ها - فلس"، عند لحيان. وقد تعبدوا له مع أصنام أخرى، وردت أسماؤها في نصوصهم.
ويلاحظ أن "ابن الكلبي" الذي يروي هذا الخبر، كان نفسه قد روى قبل ذلك أن السيفين مخذماً ورسوباً،كانا على الصنم مناة، صنم الأوس والخزرج، وان الذي أهداهما،له هو الحارث بن أبي شمر الغساني، وأن علي بن أبي طالب لما هدم مناة، أخذ السيفين معه، فجاء بهما إلى الرسول. فيظهر من ذكره للخبر مع صنمين انه وقع في هفوة أو نسي، فجعل من القصة الواحدة قصتين.
أصنام اخرى
وكانت لطيء اصنام أخرى، منها اليعبوب، وهو صنم لجديلة طيء، وكان لهم صنم أخذته منه بنو أسد، فتبدلوا اليعبوب بعده. وقد ورد ذكره في شعر لعبيد: فتبدلوا اليعبوب بعـد إلـهـهـم صنماً، فقروا، يا جديل، وأعذبوا
أي: لا تأكلوا على ذلك، ولا تشربوا.
وأما باجر، فكان صنماًً للازد ومن جاورهم من طيء وقضاعة.
ولم يذكر ابن الكلبي في كتابه الأصنام اسم الصنم الجلسد. وهو صنم كانت كندة تتعبد له، وكذلك تعبد له أهل حضرموت. وكان سدنته بنو شكامة من السكون، وهم من كندة. وكان للصنم حمى،ترعاه سوامه وغنمه، فإذا دخلته هوافي الغنم، حرمت على أربابها، وصارت ملكاً للصنم.
وقد وصف بأنه كان كجثة الرجل العظيم، من صخرة بيضاء، لها كالرأس أسود، إذا تأمله الناظر رأى فيه كصورة وجه الإنسان. وكانوا يكلمون منه، وتخرج منه همهمة، ويقربون القرابين اليه، ويلطخون بدمه، ويكترون ثياب السدنة يلبسونها حينما يقربون قرباناً اليه ويريدون مكانه.ويلاحظ أن تغيير الملابس، وابدالها للتطهر، له مثيل عند العبرانيين.
ا
لمحرق
وكان المحرق "محرق" صنماً لبكر بن وائل وبقية ربيعة في موضع سلمان. وأما سدنته، فكانوا أولاد الأسود العجلي. وقد نسب اليه بعض الرجال فورد "عبد محرق". ويظن بعض المستشرقين انه عرف ب "محرق" لأن عبدته كانوا يقدمون اليه بعض القرابين البشرية محروقة. وكان بنو بكر بن وائل وسائر ربيعة، قد جعلوا في كل حي من ربيعة له ولداً. "وكان في عنزة بلج بن المحرق. فكان في عميرة وغفيلة عمرو بن المحرق. وكان سدنته آل الأسود العجليون".
الشمس
والشمس صنم كان لبني تميم، وله بيت. وكانت تعبده بنو أد كلها: ضبة: وتميم، وعدي، وعكل، وثور. وأما سدنته، فكانوا من بني أوس بن مخاشن ابن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم. فكسره هند بن أبي هالة وصفوان بن أسيد بن الحلاحل بن أوس بن مخاشن. وقد قيل لها: الإلاهة. وذكر "اليعقوبي" ان قوماً من "عذرة" تعبدوا لصنم يقال له: شمس.
وقد ذكر بعض أهل الأخبار، ان الشمس صنم قديم. وأول من تسمى به سبأ بن يشجب. وذكر"اليعقوبي"، انه صنم قوم من
عذرة.
وقد وردت جملة أسماء منسوبة إلى الشمس،عرف أصحابها بعبد شمس،منهم من قبائل أخرى من غير تميم. ويدل ذلك على ان عبادتها كانت معروفة في مواضع مختلفة من جزيرة العرب. وعرف بعض الأشخاص ب "عمرو شمس" عند العرب الشماليين.
وفي جملة أصنام تميم الأخرى، الصنم تيم، وبه سمي رجال من تميم ومن غيرهم، مثل "عبدتيم" و "تيم الله".
وهناك أسماء أصنام أخرى لم ترد في كتاب الأصنام، إنما وردت في كتب أخرى. وقد ذكرها "ابن الكلبي" نفسه في بعض مؤلفاته. ومن هذه الأصنام: الأسحم، و الأشهل، وأوال، و البجة، و بلج، والجهة، وجريش، و جهار،و الذار، وذو الرجل، والشارق، وصدا، وصمودا، والضمار، و الضيزن،و العبعب، و عوض، و عوف، و كثرى، و الكسعة، والمدان، و مرحب، ومنهب، و الهبا، و ذات الودع و يا ليل، وذريح، و باجر، و الجد، وحلال، والحمائم، وذو اللبا، والسعيدة، وغنم، وفراض، وقز ح، وقيس،والمنطبق، و نهيك.
أما أوال، فإنه ايال، وهو صنم بكر وتغلب.
وأما جهار، فقد كان من أصنام هوازن، وموضعه بعكاظ، وسدنته آلعوف النصريون، ومعهم محارب فيه. وكان في أسفل أفطح. وكانت تلبية من نسك لجهار: " لبيلك، اللهم لبيلك، لبيلك، اجعل ذنوبا جبار، وأهدنا لأوضح المنار. ومتعنا وملنا بجهار ".
وأما الدار، فصنم سمي به عبد الدار بن قصي بن كلاب.
وأما الدوار، فصنم كانت العرب تنصبه، يجعلون موضعاً حوله،يدورون به، واسم ذلك الصنم والموضع الدوار، ومنه قول امرىء القيس: فعنّ لنا سرب كأن نعـاجـه عذارى دوار في ملاءٍ مذيل
وقد ذكر "ابن الكلبي" ان العرب تسمي الطواف حول الأصنام والأوثان الدوار. وعرف بعض أهل الأخبار الدّ وار بأنه "نسك للجاهلية يدورون فيه لصنم أو غيره".
ويظهر من دراسة ما ورد في كتب أهل الأخبار وفي كتب اللغة عن "الدوار" ان الدوار لم يكن صنماً، وانما هو طواف حول صنم من الأصنام، أي عبادة من العبادات لا تختص بصنم معين. وقد كان من عادة الجاهليين الطواف حول الأصنام. فظن بعض أهل الأخبار ان الدوار صنم معين، أو انه صنم ينصب، فيدور الناس حوله.
وأما ذو الرجل، فهو صنم من أصنام أهل الحجاز،. ويظهر ان هذا الصنم، وكذلك الصنم "ذو الكفين"، هما من الأصنام التي تغلبت صفاتها على أسمائها.، فنعتت بهذه النعوت، كأن تكون لرجل أحد الصنمين، ولكفي الصنم الآخر ميزة خاصة وعلامة فارقة مثل كسر أو دقة صنعة، جعلت الناس يدعون الصنمين بالنعتين البارزين. ويرى "نولدكه" احتمال كون هذين الصنمين حجرين في الأصل من الأحجار المقدسة Fetish التي كان يعبدها الناس في القديم، ثم تحولت إلى صنمين بعد ان رسمت عليها بعض التصاوير صيرتهما على شكل انسانين.
وسمي بالصنم "الشارق" جملة رجال عرفوا بعبد الشارق. ولكلمة الشارق علاقة بالشروق. وقد ذهب "ولهوزن" إلى ان المراد به الشمس لشروقها. و "الشريق"اسم صنم أيضاً. وعندي ان الشارق وشريقاً نعتان للالهة، وليسا اسمين لصنمين، وانهما في معنى "شرقن" الواردة في نصوص المسند، وتعني "آلشارق "، أي اللفظة المذكورة تماماً. وقد وردت نعتاً في نصوص عربية جنوبية كثيرة، مثل جملة: "عثتر شرقن"، أي "عثترالشارق".
فالشارق إذن نعت من نعوت الآلهة، أو اسم من أسماء الله الحسنى، بالتعبير الإسلامي. وقد يقابل لفظة "نور" الذي هو نعت من نعوت الله في الإسلام، كما ورد في القرآن الكريم: ) الله نور السماوات والأرض(.
وأما صدا وصمودا والهبا، فإنها من أصنام قوم عاد على رواية الأخباريين. وأما الضمار، فكان صنماً عبده العباس بن مرداس السلمي، وبنو سليم."ولما حضرت مرداس الوفاة، أوصى به إلى ابنه العباس، وطلب منه العناية به، لأنه يضر وينفع. فلما ظهر الإسلام، أحرق العباس ضماراً، واتى النبي فأسلم.
والعبعب، هو صنم كان لقضاعة ومن داناهم. وقد يقال بالغين المعجمة، فيخلط بينه وبين الغبغب. ورأيي ان الكلمتين أصلهما كلمة واحدة، حرفها النساخ فصارت كلمتين.
وأما "عوض" فهو صنم كان من أصنام بكر بل وائل. وقد ذكر مع الصنم سعير في بيت شعر نسب الى الأعشى، أو الى رشيد بن رميض العزى.
وكان "جد" "الجد" صنماً معروفاً عند عدد من الشعوب السامية، وليس من المستبعد أن يكون لاسم القبيلة الإسرائيلية "جد" "جاد" علاقة باسم هذا الصنم. وقد ورد في النبطية "جدا". وورد في الأسماء العربية "عبد جد" و "عبد الجد".
و "كثرى" من الأصنام المنسوبة إلى طسم وجديس، ظل باقياً معروفاً إلى أيام للرسول، فكسره نهشل بن عرعرة ولحق بالنبي. وقد ورد بين أسماء الجاهليين منُ دُعي ب " عبد كثرى". ويرى "نولدكه" في عدم ورود اداة التعريف "ال" مع "كثرى" في "عبد كثرى"، دلالة على ان هذا الصنم هو من الأصنام القديمة. ويرى ايضاً ان كلمة "كثرى" هي مجرد لقب من ألقاب "العزُى"، نسي فظن أنه اسم صنم مستقل.
وأما المدّان، فصنم يظهر انه كان من أصنام أهل الحجاز. وقد سمي به جملة رجال عرفوا ب "عبد المدان"، وكان له بيت.
وأما "مرحب"، فصنم من أصنام حضرموت، وبه سمي "ذو مرحب" سادن هذا الصنم. وكانت تلبية من نسك له: " لبيك. لبيك، اننا لديك. لبيك، حببنا اليك ".
وللأخباريين جملة آراء في معنى ذات الودع، وهي أنثى. وقد ورد اسمها في الشعر، وكانت العرب تقسم بها. قيل انها وثن بعينه، وقيل هي مكة لأنه كان يعلق الودع في ستورها. وقيل سفينة نوح، كانت العرب تقسم بها، فتقول بذات الودع، قال عدي بن زيد العبادي: كلا يميناً بذات الودع لو حدثت فيكم وقابل قبر الماجد الزارا
و ياليل، اسم صنم كذلك، أضيف اليه فقيل "عبد ياليل "، كما قيل " عبد يغوث " و " عبد مناة " و " عبد ودّ".
وأما "ذريح" "ذرح"، فكان لكندة بالنجير من اليمن ناحية حضرموت، يظهر أنها كانت تحج اليه، وأن له بيتاً يقصد، بدليل ورود تلبية من نسك اليه، وهي: "لبيك اللهم لبيك، لبيك، كلنا كنود، وكلنا لنعمة جحود. فأكفنا كل حية رصود ". ويظن "ولهوزن" أنه يمثل الشمس. "وذرح" اسم من الأسماء، ويرد في الأعلام العربية الجنوبية المركبة، مثل "ذرح ايل".
وذهب "نو.لدكه" إلى ان "ذرح" هو مثل الشارق و "محرق" صنم يمثل الشمس. والظاهر ان عبادة هذا الصنم لم تكن منتشرة خارج حدود العربية الجنوبية.
وأما باجر، فإنه من أصنام الأزد ومن داناهم من طيء. وقد سمي به رجال عرفوا ب "عيد باجر".
وحلال، هو صنم فزارة، أما الحمام، فإنه صنم بنو هند من بني عذرة. وكان في المشقر صنم لبني عبد القيس يسمى ذا اللبا، سدنته بنو عمرو. وكانت تلبية من نسك له: " لبيك اللهم لبيك. لبيك، رب فاصرفن عنا مضر. وسلمن لنا هذا السفر. أن عما فيهم لمزدجر. واكفنا اللهم أرباب حجر ".
وكان المنطبق صنماً، للسلف وعك والأشعريين، وهو من نحاس، يكلمون من جوفه كلاماً لم يسمع بمثله. فلما كسرت الأصنام، وجدوا فيه سيفاً،فاصطفاه الرسول، وسمّاه "مخدماً ". وذكر "ابن حبيب" ان تلبية من نسك لمنطبق: لبيك اللهم لبيك. لبيك ". ويلاحظ ان الأخباريين ذكروا ان السيف "محدم" "مخذم" كان سيفاً على الصنم مناة أو "الفلس" صنم طيء، كما ذكروا ان السيف "رسوب" كان على الصنم "مناة"، أو الفلس كذلك.
وأما الصنم نهيك، فقد كان من الأصنام الموضوعة في مكة. وذكر "الأزرقي" ان عمرو بن لحي نصب هذا الصنم عند الصفا، وانه كان يعرف ب "مجاود الريح " "مجاور الربح"، وانه نصب الصنم: مطعم الطير عند المروة، فكان الناس في موسم الحج يحجون إلى الصنمين.
ولعل هذين الصنمين كانا من الأصنام التي خصصت بالسماء،وان الناس كانوا يضعون الحبوب عندهما لتأكلها الطيور. ولذلك قيل لنهيك "مجاود الريح"، ولصنم المروة "مطعم الطير".
وغنم، ذكر أنه كان في جملة الأصنام الموضوعة بمكة. وقد ورد اسم رجال، واسم أسر.
وفراض، صنم كان بأرض سعد العشيرة. وقد حطمه رجل منهم اسمه "ذُباب"، وهو من "بني أنس الله بن سعد العشيرة". حطمه، ثم وفد إلى النبي فأسلم، وقال شعراً في ذلك، أشار فيه إلى هدمه ذلك الصنم. وكانوا يذبحون له ويلطخونه بالدم.
أما قزح "قزاح"، فالظاهر أنه صنم، كان الناس يتصورون أنه يبعث الرعد والعواصف. وقد نسي على ما يظن. ولا بد أن يكون لقوس قزح علاقة ما بهذا ا!صنم القديم. وقد يكون لاسم قزح، وهو من مواضع الحرم بمكة، علاقة باسم هذا الوثن العتيق، وقد تعبد بنو أدوم لصنم اسمه "قزح" Koze مما يدل على أنه هو الصنم العربي الذي نتحدث عنه. والظاهر أنه كان من الأصنام القديمة المعروفة، غير أنه فقد منزلته وقلَّت أهميته، فلم يكن من الأصنام الكبرى عند ظهور الإسلام. ويخالف "نولدكه" رأي بعض المستشرقين الذين ذهبوا الى أن المراد بقزح الشيطان، لا صنم من الأصنام.
و "قيس" اسم صنم قديم. نسيت عبادته، وصار السم أشخاص. ودليل كونه صنم قديم وروده في الأعلام المركبة، مثل "عبد القيس"، فإن في هذه التسمية دلالة على أن قيساً اسم إلَه. ولقيس علاقة ب "قوس" Quas، وهو إله من آلهة أدوم.
وقد ورد اسم "قيس" "قس" و "قوس" في الكتابات. وهما اسم إلهَ واحد. عثر على معبد له في مدائن صالح.
وأما "عوف"، فقد استدل من التسمية ب "عبد عوف" على انه اسم صنم، غير اننا لا نعرف من أمر عبادته شيئاً، فلعله من الأصنام التي ذهب ذكرها قبل الإسلام بزمن طويل. وقد ذكر أهل الأخبار انه "صنم"، ولم يذكروا اسم عبدته.
و ذكر "اليعقوبي " ان للأزد صنم، يقال له "رئام".
وَالسعيدة، صنم أنثى وعلامة تأنيثه وجود تاء التأنيث بآخره. وكان لسعد هذيم وسائر قضاعة إلا "بني وبرة"، وعبدته الأزد أيضاً.وكان سدنته "بنو عجلان" وموضعه بأحد "وورود ان "السعيدة" بيت كان يحجه ربيعة في الجاهلية".
وورد في جملة أسماء أهل الجاهلية اسم "سعد العشيرة". وقد ذهب أهل الأخبار إلى ان "مذحجًاً كان يعرف بذلك الاسم. و "العشيرة" اسم صنم من الأصنام القديمة، وله علاقة بعبادة الساميين. فقد كان الكنعانيون يضعون وثناً في محلات العبادة يسمونه "العشيرة"، كما كانوا يتعبدون له لأنه من آلهتهم القديمة. وهو إلهة، أي أنثى عند الكنعانيين. ويظهر ان "العشيرة" من الآلهة السامية القديمة التي كانت تعبد بصورة خاصة عند الساميين الغربيين،كما عبر بلفظة "العشيرة" عن "المذبح" "المزبح. واسم "عبد عشيرة" مرتبط بالطبع باسم هذا الإلَه.
ومن دلائل عبادة "الأشهل"، ورود الأشهل في الأعلام المركبة، مثل "عبد الأشهل". وقد ذكر "ابن دريد" ان الأشهل صنم.
وأشار "محمد بن حبيب" إلى صنم قال له: "زائدة"، لم يذكر من كان يتعبد له.
وذكر علماء اللغة اسم صنم قالوا له: "الضيزن". وقال بعضهم: "والضيزنان صنمان للمنذر الأكبر، كان اتخذهما بباب الحيرة ليسجد لهما من دخل الحيرة امتحاناً للطاعة".
وأدخل بعض علماء اللغة "ألغري" في عداد الأصنام. فقال: "والغريّ: صنم كان طلي بدمٍ". وذكر بعض آخر أن الغري: نصب كان يذبح عليه النسك. وذكروا أن الغريين بناءان طويلان، يقال هما قبر مالك وعقيل نديمي جذيمة الأبرش، وسميا الغريين لأن النعمان بن المنذر كان يغريهما بدم من يقتله في يوم بؤسه.
ومن الأصنام صنم اسمه "عير"، قيل إنه كان لعبد عمرو المعروف ب "بكرابن جبلة الكلبي"، كان قومه يعضمونه. وصنم اسمه "جريش"، اليه نسب:"عبد جريش".
وذكر بعض أهل الأخبار أن "كعباً" و "كعيباً" المذكورين في قصة "القليس" التي أقامها "أبرهة" بصنعاء، هما صنمان.
الفصل السبعون
أَصنام الكتابات
أقصد ب "أصنام الكتابات" الأصنام التي عرفنا خبرها وأمرها من الكتابات الجاهلية ومن الكتابات الاشوربة ومن كتب الكتبة "الكلاسيكيين"، وذلك تمييزاً لها عن الأصنام التي أخذنا علمنا بها من روايات الأخباريين في الغالب.
وقد سبق لنا أن وقفنا على أسماء بعض آلهة الأعراب، وذلك أثناء حديثنا عن الآشوربين والعرب. وقد ذكرت تلك الأسماء في الكتابات الآشورية لمناسبة سقوط أصنامها أسيرة في أيدي الاشوريين. وكان الأعراب الذين حاربوا الآشوريين قد حملوها معهم، اما تبركاً وتيمناً بها، وتفاؤلاً من وجودها معها بالنصر والغنائم، واما لأنها كانت معهم في خيمتها المتخذة معبداً لها فسقطت في أيدي الاشوريين باكتساح الآشوريين لمنازل أولئك الأعراب. فأخذها الآشوريون معهم، وحملوها الى عاصمتهم أسيرة كما يؤسر البشر، وسجنوها عندهم، إذلالاً لعبادها وإهانة لهم، وازدراءً بشأن تلك الآلهة المغلوبة السيئة الحظ التي لم تتمكن من مساعدة عبادها في القتال والتي لم تتمكن حتى من تخليص نفسها من الأسر، فوقعت هي نفسها أسيرة ذليلة في أيدي عبدة آلهة أخرى. وبقيت في أسرها هذا، حتى وجد الأعراب الا مناص لهم من استردادها من الاشوريين إلا باسترضائهم وبإعلان خضوعهم لهم. فذهبوا إلى نينوى، وقدموا طاعتهم لملك اشور، وأمر عندئذ بإعادة أصنامهم اليهم، وكتب الآشوريون فوقها كتابة تشير إلى سقوطها في أسرهم، والى تغلب آلهة الآشوريين على آلهة الأعراب،وتفوق إلهَ آشور على تلك الأصنام، وبعد أن نقش عليها اسم الملك. ثم أعيدت وهي على هذه الصورة اليهم.
ومن هذه الأصنام دلبت "دلبات"، و "عتر سماين" "عشتر السماء" Atarsamain "A-tar-sa-ma-a-in" و "عتر قرمية" "عتر قرمي" "Atar Kurumiaa"، و "ديه" "دايا" "Dija"="Diya"، و "نوهيا" " نخيا" "نهيا ""Nuhaia"، و "اببريلو" "Ebirillu". و هي الأصنام التي عليها أن تسجن فأعيدت إلى أصحابها، ووضعت في أماكنها وسرّ أتباعها ولا شك بهذه العودة.
وقد حرفت أسماء هذه الأصنام،حتى صار من الصعب علينا تشخيصها. ولعل اسم الصنم "دلبت" أو تحريف "ذات بعل"، أيَ "الشمس". والشمس، إلهة عند العرب، تعبدت لها قبائل عديدة، كما تكلمت عنها في موضع آخر، وقد عرفت به الإلهة عندها. وأما "عتر سمين"، فهو "عثتر السماء"، و "عثتر" من الالهة المعبودة عند العرب، وقد ورد اسمه في نصوص المسند. ويرى بعض الباحثين انه إلهة، أي أنثى. ويرمز إلى "الزهرة" في رأي غالب العلماء. وقد أشير في النصوص القتبانية إلى قبيلة عرفت ب "عتر.سمين"، أي باسم هذا الصنم، لعلها من عبدته، فنسبوا اليه.
وأما "نوهيا" "نخيا" "نهى" "نهيا"، فهو الإله "نهى ". وقد ورد في الكتابات الثمودية، اسم صنم بهذا الاسم. فلعل له صلة بالصنم المذكور.
وحدثنا "هيرودوتس" - في أثناء كلامه على حملة "قمبيز" على مصر -عن إلهين من آلهة العرب، هما: "باخوس" Bacchus و "اوزانيا ""Urania ". و ذكر ان العرب تسمي "باغوس" "اوراتل" Oratal، وتسمي "اورانيا" "أليلات"،Alilat. و "اليلات"، هو الصنم "اللات"، الذي يرمز إلى "الشمس"، فهو إلهة، أي أنثى. ويقابل "اثينة" Athene التي ظهرت عبادتها متأخرة بعض التأخر بالنسبة إلى الآلهة الأخرى. و "اللات" من الأصنام العربية المعروفة النبي ذكرت في القرآن، وفي النصوص النبطية والصفوية، كما سأتحدث عن ذلك في المواضع المناسبة. وأما Oratal، فهو تحريف.عل ما يظهر لاسم صنم من الأصنام العربية، صار من الصعب ارجاعه إلى صنم من الأصنام النبي نعرفها الآن.
وقد حفظت النصوص الجاهلية أسماء عدد لا بأس به من الأصنام، كان الناس يقضون الليالي سهراً في عبادتها والتودد اليها، لتنفعهم ولتدفع الأذى وكل سوء عنهم، وكانوا يتقربون اليها بالنذور والقرابين. ثم ذهب الناس وذهبت آلهتهم معهم. وبقيت أسماء بعض منها مكتوبة في هذه النصوص، وبفضل هذه الكتابات عرفنا أسماءها، ولولاها لكانت أسماؤها في عداد المنسيات، كأسماء الالهة التي نسيت لعدم ورود أسمائها في النصوص.
وبين هذه الأسماء أسماء يجب اعتبارها من "الأسماء الحسنى"، أي "اسماء الله الحسنى" في المصطلح الإسلامي لأنها نعوت وصفات للالهة، التصقت بها حتى صات في منزلة الأسماء العلمية. وهي تفيد المؤرخ كثيراً، إذ انها تعينه في فهم طبيعة تلك الالهة، وهي فهم رأي المؤمنين بها، في ذلك الوقت.
وفي طليعة أسماء الآلهة المدونة في نصوص المسند، اسم الإله "ود"، إلهَ معين ا!كبير، وإلَه قبائل عربية أخرى، منها "ثمود"، حيث ورد اسمه في كتاباتهم " و "لحيان"، حيث ذكر في كتاباتهم أيضاً. كما كان من الأصنام الكبرى في الحجاز عند ظهور لاسلام. وقد ذكَر في القرآن الكريم مع أسماء أصنام أخرى عبدت في عهد نوح. وقد ظن بعض المستشرقين ان هذا الصنم لم يكن معبوداً في الجاهلية القريبة من الإسلام وعند ظهور الإسلام، وهو رأي غير صحيح، إذ ورد ذكره في شعر للنابغة، وكان له معبد في دومة الجندل، وسدنة وأتباع. ولدينا أسماء جملة رجال جاهليين عرفوا ب " عبد ود". وقد ذكر ان قريشاً كانت تتعبد لصنم اسمه ود، ويقولون له أدّ أيضاً.
ونعت "ود" بالإله " ال هن" "الهن" في بعض، الكتابات، جاء في أحد النصوص "ودم الهن"، أي "ود الإلَه". و "كهلن"، أي "الكاهل" بمعنى القدير والمقتدر. وهما من صفات هذا الإلَه التي كان يراها المعينيون فيه.
ويرمز "ود" إلى القمر، عند المعينيين، وهو الإله الرئيس عندهم. وقد وردت لفظة "شهرن"، أي "الشهر" بعد كلمة "ود" في بعض الكتابات. فورد: "ودم شهرن"، أي "ود الشهر". وتعني لفظة "شهر" القمر في عربية القرآن الكريم. و "ود"، هو الإلهَ "القمر" عند بقية العرب الجنوبيين. ومتى ورد اسمه في نص، قصد به القمر.
وقد نعت "ود" ب "الأب"، تعبيراً عن عطفه على المتعبدين له وعن رحمته بهم. فورد في النصوص المعينية: "ودم ابم"، و "ابم ودم" أي "ود أب"، و "أب ود"، فهو بمثابة الأب للانسان. والأب من كان سبباً في ايجاد شيء أو اصلاحه أو ظهوره. وقد عثر على أخشاب وأحجار حفرت عليها أسماء ود أو جمل "ودم ابم" أو "ايم ودم"، وذلك فوق أبواب المباني، لتكون في حمايته ورعايته، وللتبرك باسمه وللتيمن به، كما وجدت كلمة "ود" محفورة على اشياء ذات ثقوب، تعلق على عنق الأطفال لتكون تميمة وتعويذة يتبرك بها. فعلوا ذلك كما يفعل الناس في الزمن الحاضر في التبرك بأسماء الالهة والتيمن بها لمنحها الحب والبركة والخيرات.
ويظن ان لفظة "ود"، ليست اسم علم للقمر، بل هي صفة من صفاته، تعبر عن الود والمودة. فهي من الأسماء الحسنى للقمر اذن.
وقد ورد اسم "ودّ" في كتابة ثمودية دوّنها أحد المؤمنين الفانين في حب "ودّ"، جاء فيها: " أموت على دين ودّ"، "بدين ودّ أمت "، وجاء في كتابة أخرى: " يا إلهي احفظ لي ديني، يا ودّ أيده".
وورد اسم "ودّ" في النصوص االحيانية. فتكون عبادة هذا الإلهَ قد انتشرت في العربية الغربية من أعالي الحجاز إلى العربية الجنوبية. وذلك منذ ما قبل الميلاد إلى ظهور الإسلام.
وقد اقترن اسم "ود" مع "ال" "ايل" في بعض الكتابات العربية الجنوبية، و "ايل" هو الإله السامي القديم. ولعلّ في "ود ال" "ودّ ايل " معنى "حب ايل"، فتكون "ودّ" هنا صفة من صفات الإله. واما "ايل"، فإنها قد تعني ما تعنيه كلمة "إلهَه" في عربيتنا، وقد تعني إلهاً خاصاً في الأصل هو إلهَ الساميين المشترك القديم.
وقد وردت في نص قتباني جملة: "بت ودم" أي "بيت ود"، ومعناها معبد خصص بعبادة الإلهَ "ودّ". ولا بد أن تكون هناك جملة معابد خصصت بعبادة هذا الالَه.
ويرى بعض المستشرقين استناداً إلى معنى كلمة "ودّ" أن هذا الصنم يرمز إلى الودّ، أي الحبّ وانه صنو للالهين "جيل" Gil، و "بحد" Pahad عند الساميين. ويستندون في رأيهم هذا إلى بيت للنابغة هو: حياك ودّ وأنـى لا يحـل لـه لهو النساء وان الدين قد عزما
وهناك من يرى وجود صلة بين "ود" و Eros الصنم اليوناني، ويرى أنه صنم يوناني في الأصل استورد من هناك، وعبد عند العرب. وهو رأي يعارضه "نولدكه" لعدم وجود تشابه في الهيأة بين الصنمين.
ومن آلهة المعينيين الإله: "كهلن"، أي "الكهل" و "الكاهل". وقد ورد اسمه في النصوص التي عثر عليها في الأقسام الشمالية من العربية الغربية كذلك. وهو يرمز مثل "ودّ" إلى "القمر".
وعرف "ود" ب "نحس طب" "نحسطب". "ونحس" بمعنى "نحش"، أي الحيّة، و "طب" طيب، فيكون المعنى "الحية الطيبة". والحيّة رمز لود. فيكون المراد من "نحس طب" الإلَه ودّ.
ومن بين أسماء الالهة التي ورد اسمها في النصوص المعينية،اسم الإله "نكرح". ويري بعض الباحثين انه إلهَ البغض والحر ب. وان "نكرح" في معنى "كره" فيَ عربيتنا. وانه "نكرو" أو "مكرو" Makru=Nakru عند البابليين. وهو "العدو" فهو على طرفي نقيض مع الإلَه "ود". ويرون انه يرمز إلى الشمس، وانه في منزلة "ذت حمم" "ذات الحميم" عند السبئيين.
وقد وجد من دراسة الكتابات المعينية ان آلهة المعينيين ترد مرتبة على هذه الصورة في بعض الأحيان: "عثتر" يليه "ود" ثم "نكرح"، وتذكر بعدها جملة "ال ل ات معن"، بمعنى "آلهة معين".
وهناك آلهة أخرى وردت أسماؤها في كتابات المعينيين، لا نعرف من أمرها شيئاً يذكر منها: "بلو" إلهَ البلاء والنوازل والموت، و "حلفن" "حلفان"، وهو خاص بالقسم، و "ورفو"، وهو حارس الحدود، و "منضح" "منضحت" "منفحة"، إله الماء? والري والحدود، و "متبقبط"، إله الحصاد. غير ان من الجائز في رأيي ألا تكون هذه الأسماء أسماء آلهة، وانما هي مجرد مصطلحات يراد بها أمور أخرى.


وتعبد السبئيون للاله "المقه"، إلههم الكبير. ويعد في منزلة "ود" عند المعينيين، ويرمز إلى "القمر". وهو المقدم عندهم على سائر الآلهة. اليه تقرب "المكربون" والملوك بالأدعية والهدايا، واليه توسل الشعب في كل ملمة تنزل به. ونجد اسمه مدوناً في كثير من النصوص السبئية. بل تعبّد له أهل الحبشة كذلك، فنجد له معبداً عند "بحا" "يها". انتقلت عبادته اليهم من السبئيين الذين كان لهم نفوذ سياسي وثقافي على الساحل الافريقي المقابل لليمن، ويظهر أثر ذلك في الخط الحبشي حتى اليوم.
وليس للعلماء رأي واضح صحيح في معنى"المقه"، ويرى "ايوالد" Ewald ان الكلمة من أصل "لمق"، وهي بمعنى "لمع"، فيكون للاسم - على ذلك -معنى اللمعان، ويمكن أن تكون كلمة "المقه" اذن، بمعنى "الثاقب" و "اللامع". وقد كان الجاهليون يقسمون بالنجوم الثاقبة، أي النجوم التي يتوقد ضياؤها ويتوهج. ورد في القران الكريم: ) والسماء والطارق، وما أدراك ما الطارق. النجم الثاقب (. وقال المفسرون: " النجم الثاقب، يعني يتوقد ضياؤه ويتوهج ". وذكروا أن العرب كانت " تسمي الثريا: ا انجم. ويقال إن الثاقب: النجم الذي يقال له زحل. والثاقب أيضاً الذي قد ارتفع على النجوم ". وقد ذهب " هومل" إلى ان "المقه"، إنما تعني "سيده". وذهب بعض الباحثين إلى إن اللفظة من "ال" "ايل"، اسم الإلهَ " "ايل" ا لشهير، المعروف عند جميع الساميين.ومن "مقهو" بمعنى"قوي، فيكون الاسم "ايل قوى"، " ال مقهو".
وتدل روايات الأخباريين عن "المقه" على عدم وقوفهم على حقيقة هذه التسمية. فقد حاروا فيها، واضطربوا في أمرها، ولم يظهر أحد من بينهم من عرف حقيقتها. فصيرها بعضهم اسماً كل ت أسماء الملكة "بلقيس"، وصيرها بعض آخر مصنعة من مصانع الجن التي بنتها على عهد "سليمان"، وجعلها "الهمداني" الزهرة ؛ "لأن اسم الزهرة في لغة حمير: يلمقه والمق". ذكروا أن بناء "يلمقه" ظل قائماً باقياً إلى أيام غزو الحبشة لليمن، فهدموه. وإذا صحت رواية الهدم هذه، فلا يستبعد حينئذ أن يكون ذلك بسبب كونه معبداً وثنياً خصص بعبادة الأوثان،والأحباش نصارى سعوا لطمس الوثنية ونشر النصرانية في البلاد. ولعلّه أراد به معبد "المقه." بمأرب، فهدمه الحبش للاستفادة من أحجاره لبناء كنيستهم التي بنوها بهذه المدينة. وقد كان ذلك المعبد قد خصص بعبادة "المقه" إلهَ سبأ الكبير، فعرف ب ".المقه"، و "يلمقه" عند سواد الناس.
وقد حفظت لنا نصوص المسند أسماء جملة معابد خصصت بعبادة المقه، وللتمييز بينها ذكرت أسماء المواضع التي شيدت عليها تلك المعابد. ومن أشهرها معبد "المقه" الكبير بمدينة "مأرب"، المعروف بمعبد "المقه بعل اوم" "المقه بعل أوام"، وهو معبد لا تزال آثاره باقية، زارته ونقبت فيه بعثة "وندل فيلبس" الامريكية إلى اليمن. وتعرف بقايا هذا المعبد عند اًهل اليمن باسم "حرم بلقيس" و "محرم بلقيس". فأحل الدهر اسم امرأة محل اسم إلَه قديم كبير.
ووردت في بعض النصوص هذه الجملة: "المقه ثور بعل..." " ومعناها:"المقه ثور ربّ". أي "المقه الثور هو رب..." كما وردت جمل مثل: "المقه ثهون"، بمعنى: "المقه المتكلم". ومثل "المقه ثهون بعل اوم."، أي "المقه المتكلم ربّ أوم"،"أوام". ويظن أن المراد بذلك الكاهن المتكلم.باسم الرب "المقه". فقد كان لبعض المعابد كهنة، يزعمون أن الآلهة تتكلم فيها، ويقومون أنفسهم بدور الوساطة والترجمة. فإذا أراد شخص سؤال إلهه عن مشكلة يريد حلاً لها، أو عن قضية عويصهَ، أو عن سرقة وما شاكل ذلك، يذهب إلى المعابد المختصة، التي يزعم أن الالهة تجيب فيها، فيتقدم إلى الكاهن بنذر وبهدايا مناسبة، ثم يلقي سؤاله، فيظهر عندئذ صوت مسموع، يزعم أنه صوت الإلهَ اللي لا يرى،يجيب على للسؤال أو على الأسئلة، بما ينسب السؤال. وقد كنيّ عن "المقه" ب "ثور" في بعض الكتابات. ومما يؤيد أن المراد "بثور" هذا الإلَه، هو صورة رأس ثور في كثير من الكتابات، وهي ترمز اليه، كذلك رمز اليه بنسر وبصور الحيات. وهذه الصور من الرموز للدالة على الإلَه القمر عند قدماء الساميين. وقد صور العبرانيون "يهوه" على هيأة عجل. ويلاحظ أن أكثر الأوثان والصور "صلمن" التي كان الناس يقدمونها إلى معابد "المقه" وفاء لنذور نشإوها لها، اشتملت على صور ثبران، ويلاحظ كذلك أن الثيران، كانت من أكثر الحيوانات التي كان المتعبدون يقدمونها ذبائح لهذا الإلَه. وقد استنتج "دتلف نلسن" من هاتين الملاحظتين ومن تسمي أشخاص وأسر وعشائر وقبائل باسم "ثور"، أن الثور رمز يراد به هذا الإلهَ "المقه"، أي القمر.
وورد في النصوص السبئية اسم إلَه هو "هوبس" "هبس"، ورد منفرداً، وورد مع الإلَه "المقه". وقد قصد به الإله القمر. ومعنى "هوبس" على رأي "فرسنل" Fresnel اليابسة والجاف، وهو وصف للقمر. ويعلل ذلك بفعل القمر البارز في احداث الجزر حيث تنسحب المياه من الساحل مسافة إلى اابحر. وقد أشار "الهمداني" إلى أن اسم القمر "هيبس"، والظاهر ان هذه التسمية للقمر ظلت معروفة فيَ اليمن بعد الإسلام.
ووردت جملة "المقه ذ قِلم" في بعض النصوص ووردت "هوبس"، و "المقه ذ هوبس". بمعنى اليابس. وذكر بعض العلماء ان معنى ذلك "المقه" الذي يؤثر في المد والجزر، وذلك لما لاحظه المتعبدون له من وجود أثر له في احداث المد والجزر.
وقد أشير اليه ب "هلل" بمعنى هلال، وب "ربع"، أي الربع الأول من الشهر، وب "حول"، بمعنى تمام الشهر، أي القمر كاملاً. ومن صفاته "سمع"، أي سميع.


و "عم" هو إلَه شعب قتيان الرئيس. وقد ورد اسمه مقروناً مع الإله "أنبي" في نصوص قتبانية عديدة. وهو يقابل الإلهَ ود عند المعينيين، والإله "المقه" عند السبئيين، والإله "سن" "سين" عند أهل حضرموت. فهو الإله القمر اذن عند القتبانيين.
وكلمة "عم" من الكلمات السامية القديمة الواسعة الانتشار عند الساميين. وقد ذكرت في نص يقدر انه كتب حوالي سنة "4500" قبل الميلاد وهي من كلمات عهد الأمومة، ثم صارت من المصطلحات الدينية مثل "ال" "ايل" E l و "بعل" Baal، و "ادون" " Adon، و "ملك" Malke وما شابهها من أسماء الألوهية: كانت نعتاً في الأصل من جملة النعوت التي كان يطلقها الساميون على آلهتهم، ثم جعلت علماً لإله.


وترد لفظة "أنبي" في الكتابات القتبانية علماً على إله ذكر هو القمر. وقد وردت بعد اسمه كلمة "شيمن"، ومعناها "الحامي" والحافظ، فورد "انبي شيمن"، أي "أنبي المحامي" و "أنبى الحافظ"، والمدافع عن المؤمنين به. فهو اذن في معنى "عم". ولا بد أن يكون لهذا النعت صفات بصفات هذا الإلهَ، أي انه اسم من أسماء الله الحسنى.
ومن آلهة قتبان التي ذكرت مع "عم" الإلهَ "حوكم" و "اثرت" و "نسور" و "ال فخر". ويرى "هومل" ان الإله "اثرت" هو إلهة أنثى. هي في نظره زوج الإلهَ "عم". ويظن ان "اثرت" هي الشمس، ويظن أيضاً أن هذه الكلمة قريبة في المعنى من كلمة "عشيرة" "عشيرات" العبرانية، و "عشرتو" الآشورية البابلية، وأنها تعني في القتبانية الشروق أو الشارقة والشرقة الشديدة.
من "عثر" بمعنى شرق وإشراق، أضيف الى نهاية الكَلمة حرف للتأنيث، لأن الشمس مؤنثة، كما فعل في عتثر إذ عد مؤنثاً عند الساميين الشماليين. فصار "عتثرت" "عشترت" "عشتروت". أي أنثى. وكما فعل في "كوكب" و ""ملك"، فى "ذي الخلصى"، و "ذي الشرى"، حيث أضيفت اليها التاء، فصارت "كوكبت" "كوكبة"، و"ملكت" "ملكة"، و "الخلصت " و"شربت".
ويحتمل على رأي "هومل"، أنْ يكون "حوكم" "حوك" إله السماء، ويظهر أنه من الالهة الخاصة بشعب قتبان. أما "دتلف نلسن" فيرى احتمال كون الكَلمة من "حكم".


وقد عبر عن الإلهة "الشمس" ب"ذت حمم"، أي "ذات حميم"، "ذات حمم" ، "ذات الحميم"، أي ذات الحرارة الشديدة والأشعة المتوهجة التي تشبه الحميم من شدة الحر. وهذا المعنى قريب من "الحمون" " El-Hamon و "بعل حمون" Ba'al Hammon في العبرانية، ويراد بها الشمس. و"حمت" "حمه" Hammaفي العبرانية هي الشمس. وورد في بعض النصوص التدمرية اسم الإلهَة "حمن" Hamman وورد هذا الاسم في بعض النصوص النبطية التي عثر عليها في حوران. وهذا الإله هو الشمس. وقد كنيّ عنها بالأشعة الحارة المحرقة التي ترسلها خاصة في أيام الصيف.
وهناك من فسر "ذت حمم" ب "ذاتَ حمى" "ذات الحمى"، والحمى الموضع الذي يحمي، ويخصص بالإله أو المعبد أو الملك أو سيد قبيلة، والمكان الذي يحيط بالمعبد، فيكون حرماً آمناً لا يجوز لأحد انتهاك حرمته. وفي جزيرة العرب جملة مواضع يقال لها "حمى" ذكر أسماءها الأخباريون.
وعبر عن الشمس ب "ذت بعدن" "ذات بعدان" كذلك، أي ذات البعد. وهي كنية قصد بها الشمس حينما تكون بعيدة عن الأرض أي في أيام الشتاء. وقد استدل على ذلك بجملة وردت في نصوص المسند، هي: "بعلمن بعدن وقرين"، أي "بالعالم البعيد والقريب"، بمعنى في الماضي والحاضر. وقصد بذلك الشي، في هذا الوقت من السنة حيث تكون أشعتها غير محرقة ولا شديدة مؤذية للناس. وأنا لا استبعد أن يكون المراد من ذات البعد،الإلهة التي تشمل برحمتها وبركتها الأبعاد، أي المسافات الواسعة والأماكن البعيدة فضلاً عن القريبة أو الإلهة البعيدة عن الناس التي لا يمكن أن يصل، اليها أحد.
وكنيّ عن الشمس في النصوص القتبانية بكنى أخرى، منها: "ذت صنتم"، "ذات صنتم"، "ذات صنت"، و "ذت رحبن"، "ذات رحبان" "ذات الرحاب"، و "ذات صهرن" "ذات الصهر"، و "ذت غدرن" أي "ذات الغدر" و "ذاتَ الغدران"، و "ذت برن"، "ذات بران"، "ذات البر"، و "ذت ضهرن"، "ذات ضهران"، و "ذ محرضو ومشرقتن"، أي ذات اللون الذهبي المشرق و "مشرقتن"، بمعنى الغروب والشروق، و "تدن" "تدان" "تدون"، و "تنف"، وذلك في الكتابات السبئية، و "ذت حسولم" "ذات حسول"، أي شمس الشتاء، وذلك في النصوص المعينية.
وقد عرف إلَه حضرموت الرئيس ب "سن" "سين"، وهو القمر. وهو إلَه شعب حضرموت الخاص. وقد نعت بنعوت، مثل "ذ علم"، أي "ذو العلم"، بمعنى العالم، وبنعوت أخرى. وورد اسمه في كتابات عثر عليها في "يحا"بالحبشة.
و "عثتر" من الالهة التي ورد اسمها في نصوص، كثيرة من نصوص المسند. ورد في نصوص معينية وسبئية وحضرمية وقتبانية. ويقابله Atargatis المدون اسمه في كتب "الكلاسيكيين". و "عتر" Atar عند السريان، و "عشثر" "عشتار". وقد ذكر في نصوص الأشوريين والبابليين والكنعانيين والعبرانيين والحبش وغيرهم، مما يدل على انه كان من الآلهة التي كانت عبادتها شائعة في منطقة واسعة، وانه كان من الالهة الكبرى قبل الميلاد.
وقد ورد "ام عثتر"، و "ابم عثتر" في بعض النصوص. وقصد بالجملة الأولى: "أم عثتر"، وبالجملة الثانية "أب عثتر" "عثتر أب". وقد استنتج "دتلف نلسن" من ذلك ان "ءثتر" هنا هو بمثابة الإلهَ الرئيس، فهو أب وأم للالهة يليه القمر في الترتيب ثم الشمس. وذهب في بحث آخر له عن ديانة العرب إلى ان المراد ب "ام عثتر" الشمس، باعتدادها انثى إلهة أماً. أما ولدها فهو "عثتر". وليس بمستبعد ان يكون المراد من "ام عثتر"، ان "عثتر" بمنزلة الأم للمتعبدين لها، تريد لهم الخير والبركة وتعطف عليهم وتحبهم عطف الأم على ولدها وأن المراد من "عثتر ابم" "عثتر أب"، ان "عثتر" هو بمنزلة الأب للمتعبدين، يشفق عليهم ويحبهم، ويمنحهم الخير والصحة والبركة. وذهب بعض الباحثين إلى ان المراد من عبارة "ام عثتر"، الإلهة الشمس، لأنها أم "عثتر"، وان المقصود من "ابم عثتر" "أب عثتر" لاله القمر، الذي هو زوج الشمس، ومن زواجهما ولد الابن "عثتر".
وقد جاء في نص سبئي وجد في مدينة "صرواح" ان صاحبة النص قدمت إلى الإلهة "ام عثتر" "ام عثتر" أربعة تماثيل من ذهب،لأنها وهبت اليها أربعة أطفال، هم ولد واحد وثلاث بنات، كلهم أحياء يرزقون. ولأنها سرت قلبها بهذه الذرية. وهي لذلك قدمت هذه التماثيل، ولترجو منها ان تستمر في الإنعام عليها وعلى ابنها وبناتها بالصحة وقد قصد ب "ام عثتر" هنا الإلهة الشمس. ويتبين من هذا النص أن السبئيين كانوا ينظرون إلى "ام عثتر"، نظرة البابليين إلى "عشتار." على أنها إلهة الخصب.
وقد عثر في النصوص النبطبة، على اسم الهة هي "ربة العثر" "ربت عثر"، أي الشمس.
وورد اسم "عثتر" في عدد كبير من نصوص المسند على هذا النحو: "عثتر شرقن"، و "عثتر ذ قبضم"، و "عثتر ذ يهرق"، و "عثتر ذ يهر"، وهكذا. وتعني جملة "عثتر شرقن"، عثتر الشارق. وقد ذكر أهل الأخبار أن "الشارق" صنم كان في الجاهلية وبه سموّا عبد الشارق. مثل "عبد الشارق بن عبد العُزّى" الجهني شاعر من شعراء الحماسة. فلفظة "شرقن" إذن، نعت ل"عثتر"، معناه "الشارق".
ويرى بعض الباحثين ان "عثتر شرقن"، هو الاله الحارس للمعابد والمقابر اليه يصلي ويدعى ان تصل الهبات الى المعابد. واليه توسل المتوسلون لحفظ قبورهم من عبث العابثين بها الُمعَيرين لاحجارها الطامعين في كنوزها، ولهذا نعت ب "عثتر يغل"، أي "عثتر المنتقم".
واما جملة "عثتر ذ قبضم"، فقصد ب " قبضم" معنى القابض او "الجالس"، او اسم موضع يقال له "قبض". فيكون المعنى: عثتر رب موضع قبض. واما "يهرق" و "يهرق" "يهريق"، فهو اسم مدينة من مدن معين، كان بها معبد لعبادة "عثتر".
وورد ايضاً "عثتر غربن"، أي "عثتر الغارب"، كناية عن غروبه، او عن طلوعه عند الغروب، فهو اذن نجم الشروق ونجم الغروب، او النجم الشارق والنجم الغارب. كما ورد "عثتر نورو" "عثتر نورن"، أي " عثتر نور" و "عثتر المنير"، تعبيراً عن لمعانه وعن النور الظاهر عليه. وجاء "عثتر سحرن"، اًي "عثتر السحر"، بمعنى عثتر الذي يظهر عند السحر، وعبر عنه ب "متب نطين"، أي الحامل للرطوبة، تعبيراً عن الرطوبة التي تكون عند ظهوره، فنسبوها اليه.
وقد تكرر ذكر اسم "عثتر" في بعض النصوص، على سبيل التوكيد والتشديد في القسم وفي الدعاء، كما نفعل نحن أيضاً من اعادة اسم الله في الايمان المغلظة وفي التوسلات عند ساعات المحنة والشدة. ورد: "بعثتر شرقن، ويعثتر ذ قبضن، وود ونكرحم، وبعثتر ذ يهرق، وبكل ال ل ات معن". أي: "بعثتر الشارق وبعثتر ذو قبض وبودّ، ونكرح، وبعثتر ذو يهرق، وبكل - آلهة معين"، أو "وبحق عثتر الشارق، وبحق عثتر القابض أو رب موضع قبض، وبحق ودّ، ونكرح وعثتر رب يهرق، وبحق كل آلهة معين".
ولدينا جملة أسماء مركبة ورد فيها اسم "عثتر"، مثل "أوس عثتر" "أو سعثت" و "هوف عثت" "هو فعثت"،و "لحي عثت" "لحيعثت". و "عثب" هنا هو اختصار "عثتر".
ومن آلهة العرب الجنوبيين الإله "قينن" "قينان"، وهو إله قبيلة "سخيم"، النازلة ب "شبام"، "شبام سخيم".
ومن بين اسماء آلهة العرب الجنوبيين اسم الإله، ج "ال" "ايل"، ذكر اسمه مستقلاً كما ورد مقروناً باسم الإله "عثتر" كما في الكتابتين الموسومتين ب Halevy 144، وب150 Halevy، و قد قدم ذكره فيها على اسم الإله "عثتر". وقد ورد بكثرة في الأعلام المركبة.


ومن بين أسماء الآلهة التي ورد اسمها في النصوص العربية الجنوبية. اسم الإله "تلب ريم" "تالب ريام". وهو إله خاص بقبيلة "همدان". كما أن "المقه" هو إلهَ "سبأ" و "سين" "سن" اله حضرموت، و "عم" إله قتبان، و "ود" إلهَ معين. وقد ظهر بظهور نجم "بني بتع" واشتهر بهم. وكان ظهوره حوالى الميلاد بصورة خاصة. ففي ذلك العهد اشتد أمر أقيال همدان، فاستأثروا بالحكم، ودعوا أنفسهم ملوكاً، ورفعوا إله قبيلتهم فوق الآلهة الأخرى، فنحروا له الذبائح، وقدموا له النذور، وتنافسوا في بناء معبده. ودام عزيزاً مكرماً ما دام نفوذ ملوك همدان.
وقد كانت لهذا الإله مثل سائر الآلهة الأخرى جملة معابد، غير أن معبده الأكبر هو المعبد المعروف بمعبد "تلب ريم بعل ترعت" أي: "تاًلب ريام رب ترعت". ويظهر أن كلمة "ترعت" هي اسم موضع، أقيم المعبد عليه. وهو معبد كانت تقدم اليه أقيال "سمعى" وقبائل همدان الأخرى النذور والقرابين و الهد ايا، وتحبس له الأرضين.
ومن الآلهة التي ورد اسموا في الكتابات العربية الجنوبية، الإلَه "حول" "حويل"، والإله "جلسد" "الجلسد". وتدل لفظة "حول" على الحول والقوة. فلعلّ معنى اسم هذا الإله هو "الحويل"، أي صاحب الحول والقوة. بمعنى القوي. وهو من آلهة حضرموت.
وورد اسم الإلهَ "حلفن" في جملة أسماء الآلهة المذكورة في الكتابات العربية الجنوبية. وقد ورد في جملة نصوص تتعلق بحبس أموال وبعقد عقود. ويلاحظ ان أصحابها استعانوا بهذا الإلهَ لانزال النقمة والعذاب وأشد الجزاء بكل من يحاول أن يغير أو يبدل تلك العقود والنصوص، أو يتجرأ فيستولي على الأموال والحبوس المقررة، كما رجوا منه أن يشملهم هم وجماعتهم برحمته وبلطفه وكرمه لاخلاصهم له ولفنائهم في حبه.


ومن بين الآلهة إله عرف ب "ذ سموي"، أي "رب السماء"،وهو إله ظهر اسمه قبل الميلاد بقليل. وقد بقي اسمه متألقاً في سماء اليمن، يقدم اليه الناس النذور والقرابين إلى ما بعد الميلاد. ويرى بعض الباحثين، ان عبادته تدل على ظهور عقيدة التوحيد عند العرب الجنوبين، إذ تدعو إلى عبادة إله واحد، هو "رب السماء".
ولدينا كتابة مخرومة أسطراً، لكنها لا تزال مع ذلك مفهومة، تفيد ان جماعة من الأشرار المارقين تطاولوا على حرم "اوثن ذ سموي" أي "الوثن رب السماء"، فسرقوه، ونهبوا ما كان فيه، واستولوا على ما كان حبس له. ولكن عبدته عادوا، فجمعوا ما سرق، وأصلحوا ما أفسد، وتقربوا إلى الإله "رب السماء" بطلب التوبة والغفران، وختموا نصهم بهذ ه الجملة: "و ذ سموى ليزامتعن شعبهو"، أي "وليمتع رب السماء شعبه". ويقصد النص بشعبه أتباع هذا الإلَه وعبدته.
وإلى هذا الإله، الإلهَ: "ذ سمي" "ذ سموي"، إلَه السماء تعبدت قبيلة "امر" "أمر". ويعد "بعل سمن" "بعل سمين" " بعل السماوات" إلهاً للبركة والخصب، إذ يرسل المطر فينشر الخير للناس.

الرحمــــــــــن
ونقرأ في النصوص العربية الجنوبية اسم إله جديد، هو الإله "رحمنن"، أي "الرحمن". وهو إله يرجع بعض المستشرقين أصله إلى دخول اليهودية إلى اليمن وانتشارها هناك. وهذا الإله هو الإله "رحمنه" Rahman-a "رحمنا" في نصوص تدمر.
وورد في نص: "رحمنن بعل سمين" "رحمنن بعل سمن"، أي "الرحمن رب السماء"، أي انه إله السماء. فصار في منزلة الإله "ذ سموى". ثم لقب ب "رحمنن بعل سمين وارضن"، أي "الرحمن رب السماء والأرض" في نصوص أخرى. فصار إله السماوات والأرضين.
وقد نشر نص بالمسند، وردت فيه جملة: "الرحمن الذي في السماء واسرائيل رب يهود". وهو نص، إن صح نقله عن الأصل بدقة وعناية، وإن صح انه نص صحيح غير مزيف، يشير إلى تأثر صاحبه باليهودية وبعبارة الرحمن. وقد استشهد به من قرأه على تهود صاحبه.


ويرد اسم الإله "بعل سمن" "بعل السماء" "بعل السماوات" في الكتابات الصفوية، وفي كتابات تدمر، حيث ورد "بعل شمن" "بعل شمين"، وفي كتابات بعلبك، وفي كتابات اللحيانيين. وقد ظهرت عبادته قبل الميلاد. ويظهر لذلك انه من الآلهة المعروفة عند الساميين وعند العرب الشماليين قبل الميلاد، ومن الجائز ان يكون قد انتقل إلى العرب الجنوبيين من العرب الشماليين.
ووردت في الكتابة الموسومة. ب SE48 أسماء. آلهة هي: "م ح ر ض و" "محرضو"، و "م ش ر ق ي ت ن" "مشرقيتين" و "نسور" و "ال فخر". وقد ذهب "رودوكناكس" إلى ان المراد من محرضو ومشرقيتين الشمس. وذهب آخرون إلى ان المراد بهما القمر والزهرة. وذهب فريق آخر إلى ان المراد بذلك غروب الشمس وشروقها. أما "نسور"، فاسم إلَه، لعل له صلة ب "نسر". وقد وردت في نصم، سبئي هذه الجملة: "بت نسور وبت ال" "بيت نسور وبيت ال"، ويقصد ب "بت" "بيت" معبد لعبادة هذين الإلهين: "نسور" و "ال". و "ال" هو "ايل" "ايلو" إلهَ الساميين القديم.
ورد في أحد النصوص السبئية هذا التعبير: "أهل نسور" مؤدياً معنى "قوم نسور" و "ملة نسور"، ويراد بهم جماعة هذا الإلهَ التي كانت نتعبد له. وعرف أحد أشهر السنة في النصوص السبئية المتأخرة ب "ذ نسور"، ولعله أريد بذلك نسبة الشهر المذكور إلى هذا الإلَهْ.

نســــــــــــر
و "نسور" هو "نسر" على رأي بعض الباحثين. ويرمز إلى "القمر". وقد حصل المنقبون على أحجار حفرت عليها صورة النسر، فعلوا ذلك على سبيل التيمن والتبرك بهذا الإلَه.
وورد اسم إله دعي ب "نسر"، يظن أنه إله "ذ قلع"، "ذو قلاع"، اسم موضع أو قبيلة. ويرى الباحثون أنه الإلهَ "نسور" الذي نتحدث عنه.
و "نسر" هو اسم صنم من الأصنام التي عرفها أهل الأخبار. فقد زعموا أنه أحد أصنام نوح الخمسة، وأن "عمرو بن لحي" جاء به إلى حمير، فأشاع عبادته بينهم.

فخــــــــــر
وأما اسم الإله "ال فخر"، فيظهر أنه مؤلف من كلمتين، هما: "ال" اسم الإله "ايل" المعروف عند الساميين، و "فخر"، وهي نعت من نعوت الآلهة. كَما في كلمة "ال تعلي" في النصوص القتبانية، وهي بمعنى "الله تعالى" في لهجتنا. و "فخر" ا لعربية، هى مثل "بخرو" في الآشورية، ومنها العلم المركب: "نبخر بلو".
وورد اسم الإله: "يعوق" أي الصنم يعوق المعروف، في نص متأخر، يعود عهده الى ما بعد الميلاد، وورد معه اسم: "رحمنن بعل سمن"، أي "الرحمن رب السماء ". وقد أرخ النص بشهر "ذ دون" "ذ داون" "ذي دوأن" لسنة "574" من التأريخ الحميري. المقابلة لسنة "9 5 4" للميلاد.
وهناك أسماء آلهة لانعرف من أمرها في الوقت الحاضر شيئاً كثيراً، من بينها الإله "بلو"، وقد عبر عنه بأنه إله البلاء والموت والمنون. وإله يقال له "حلفن" "حلفان"، ويقال إنه إله القسم والحف واليمين، والإله "ورفو"، وهو إله الحدود، أيَ الإله المختص بالمحافظة على الحدود، و "منضح" "منضحت"، وهو إله الماء والري، و "متبقبط"، وهو إله الحصاد عند المعينيين ثم الإله "يهرهم"، وهو إله المطر.

قينـــن - قينـــان
ولا بد من الاشارة الى إله ورد في كتابات عثر عليها في "شبام سخيم" وهو الإله "قينن" "قينان". وهو إله "بني سخيم".
لقد تجمع لدى علماء العربية الجنوبية من أسماء آلهة العرب الجنوبيين ما ينيف على مئة اسم إلهَ، غير أن اكثر هذه الأسماء ليست في الواقع أعلاماً، وإنما هي صفات ونعوت للالهة ذكرت بدلاً من ذكر اسم الإله الخاص. أو كناية تشير إلى أسماء المواضع التي كانت فيها معابد تلك الآلهة ؛ فقد كان لبعض المدن معابد خصصت بعبادة إلهَ، ربما كان إله المدينة أو جملة آلهة لها بالطبع صلة بالمدينة وبالشعب الذي تنتمي المدينة اليه. غير أن هذه الآلهة جميعها يمكن رجعها إلى ثلاثة، هي القمر والشمس والزهرة. أي الى ثالوث يرمز الى هذه الكواكب الثلاثة.


وهناك أسماء مثل "يثعم" في السبئية، و"ككون" في المعينية، و "ارن يدع"، و "سميهت"، و "ذ اينت"، و "نقين"، و "نو شم" و "هروم"، يظن أن لها صلة بالآلهة.
وكما حفظت نصوص المسند أسماء بعض آلهة العرب الجنوييين،حفظت النصوص الثمودية واللحيانية والصفوبة والنبطية كذلك أسماء بعض آلهة تلك الشعوب. وهي كما يظهر من دراستها وتحليلها خليط من آلهة ترد أسماؤها في روايات الأخباريين، ومن آلهة ترد أسماؤها في النصوص العربية الجنوبية، كما ان بينها أسماء آلهة لم ترد لا في أخبار الأخباريين ولا في نصوص المسند. ولاتصال مواطن هذه الشعوب بمواطن الساميبن الغربيين وبمواطن الساميبن الشرقيين ومتاخمتها لعرب العراق ونجد والقبائل العربية في الحجاز ولصلاتها التأريخية القديمة بالعرب الجنوبيين،كان لدراسة الناحية الدينية عند هذه الأقوام أهمية كبيرة في معرفة التطورات الدينية قبل الإسلام، وهذا الخليط الذي أشرت اليه هو في حد ذاته دراسة قيمة تشير إلى التقاء التيارات الدينية واتصالها بهذه البقاع.


وحفظت النصوص الثمودية أسماء جملة آلهة، تعبدوا لها وتقربوا اليها بالقرابين والنذور. منها الإله: "ود" و "جد هدد" و "شمس" و "عزيز" و "نعرجد" و "عمى شجا" و "رضو" و "منت" و "كهل" و "نهي" و "ايل" "ال" و "ات" "اللات "و "عتر سم" "عتر سمن" و "صلم" و "منف" "مناف".

جــــــــــــــد
و "جد" هو إله عرف عند بني إرم وعند العرب الشماليين وفي المقاطعات السورية، وهو إله "السعد" في اليونانية، يسعد الأشخاص والبيوت. وقد سمي به موضع "بعل جد" وموضع "مجدل جد"، وأسماء مواضع أخرى فيها كلمة "جد".
وقد وجدت جملة "الإله ازيزوس الفتى الطيب" مدونة على جدران أحد المعابد باللغة اللاتينية،ووجدت جملة أخرى فيها: "الإله الطيب الفتى فوسفورس"، وفي وصف الإلهين ب "الفتى" وب "الطيب" دلالة على ان المتعبدين لهما كانا يتصوران انهما كانا فتيين طيبين خيرين يمثلان ااطيب والمودة. ونجد في نص تدمري و صفاً للالهين: "ارصو" و "ازيزو"، أي "رصو" و "عز يز"، يشبه الوصف المتقدم، إذ ورد: "لارصو ولازيزو: الإلهان الخيران المجزيان"، و "ازيزو: الإله الطيب والرحيم". فوصف الإلهان بانهما خيران، ويجزيان الناس خيراً. وهي نعوت تمثل وجهة نظر القوم إلى هذين الإلهين.
وقد عثر في "تدمر" على نص ورد فيه: " لا رصو ولا زيزو. الإلهان الخيران المجزيان. قد عمله بعكي "بعلي ?" بن ير حيبولا. أفكل ازيزو الإلَه الطيب والرحيم. لسلامته ولسلامة إخوته. في شهر اكتوبر من سنة25. فليذكر الناس يرحى النحات ".. فنحن أمام إلهين: "ارصو" و "ازبزو"، من آلهة تدمر.

عــــــــــزيز
وورد اسم الإله "ازيزوس" والإله "مونيموس" في كتابات عثر عليها في "الرها" وفي حوران وتدمر. وقد ظهر الإلهان في نقش، حفر عليه موكب عربة الشمس. نقش "أزيزوس"، وهو يتقدم العربة، و "مونيموس"، وهو يتبعها.
و "ارصو" "أرصو"، هو الإلهَ "ر ضو" على ما يظن. وأما "ازيزوس" "أزيزو"، فهو اسم إلهَ لعلّه "عزيز"، تحرف فصار على النحو المذكور في الكتابات اللاتينية: والإرمية. وأما "مونيموس"، فهم "منعم". وأرى أن عزيزاً ورضياً ومنعماً هي من الأسماء الحسنى، أي نعوت من نعوت الآلهة لا أسماء علم. وذلك على نحو ما نسميّ اليوم ب: "عبد الرضا "، وب "عبد العزيز"، وب "عبد المنعم".

هـــــــدد
و "هدد" هو اسم إله تعبدت له شعوب عديدة من شعوب الساميين، منهم بنو إرم والعرب الجنوبيون والشماليون، كما تعبد له الاشوريون. وقد اقترن اسمه عند الآشوريين والبابليين ب "رمان"،ودخلت عبادته اليهم من بني إرم الغربيين. و يمثل "هدد" مثل "رمان" "رمون" Rimmon=Rammon=Ramman إلهَ الهواء والرعد والعواصف، ويظهر أنه من أصل عربي هو "هد". ومن اسم هذا الصنم الاسم "بنهدد" "بن هدد" " بنحدد" المذكور في التوراة.
ولا بد ان تكون لهذا الإله صلة بالإله "جد"، ومن هذا الاقتران ظهر "جد هدد" في كتابات قوم ثمود.

رضــــــــــى
و "رضو" هو الصنم "رضى" عند الأخباريين، وهو صنم بقي حياً تتعبد له القبائل العربية حتى الإسلام، فكسر. ويرى "دتلف نيلسن"، انه يمثل الزهرة عند قوم ثمود والصفويين، وانه في منزلة "عثتر" عند العرب الجنوبيين. وقد تعبدت له "بنو ربيعة بن كعب"، كما تعبّد له أهل تدمر والنبط وأهل الصفاة، وعرف ب " ه- رضو" "هارضو"، أي بادخال "ه" "ها" أداة التعريف على الاسم. وقد انتشرت عبادته بين قبائل نجد والحجاز.
ويرى "رينه ديسو" ان "رضى" إلهة عند الصفويين، وانها كانت إلهة كذلك عند بقية العرب. أما "ارصو"، فإنه مذكر عند أهل تدمر.

عــــــــــزيز
أما "عزيز"، فإنه الإله "عزيزو"Azizo المعروف عند أهل "الرها"، الذي تحدثت عنه. وقد ذهب بعض الباحثين إلى انه يمثل كوكب الصباح، أي الزهرة. وقد وصف في كتابة مدونة باليونانية انه: Deus bonus puer phosphorus أي الإله الجميل اللماع ذو الأشعة البراقة التي تشبه في لمعانها لمعان الفوسفور.


و "كهل" أو "كاهل"، هو "كهان" المذكور في كتابة معينية. وقد ورد الاسم مقروناً في نص ثمودي بأداة التعريف "ه" "ها"، أي " ه ك ه ل" "ها - كهل" "هكهل". وتعني لفظة "كهل" المعنى المفهوم منها في عربيتنا، كما تعني "القدير".
وتعني كلمة "نهي" في الثمودية ما تعنيه لفظة "حكم" في العربية الجنوبية، أي "حكم" وحاكم و "حكيم" في بعض الآراء،.ولعلها تعني "الناهي" وتكون بذلك صفة للاله َ.وقد ورد اسم هذا الإله في مواضع عديدة من الكتابات الثمودية.
وأما "منف"، فإنه الصنم "مناف" المذكور عند أهل الأخبار. وقد تعبدت له قريش ولحيان، كما تحدثت عنه في موضعه.
وقد ورد اسم "صلم" في عدد من الكتابات الثمودية. ويظهر أن الثموديين كانوا قد أخذوا عبادة هذا الإلهَ من أهل "تيماء". فقد كانت تيماء من أهم الأماكن المتعلقة بعبادة هذا الصنم في حوالي السنة "600" قبل الميلاد. وقد جاءت عبادته اليهم من "ني إرم". ومنهم انتقلت عبادته إلى العرب. وتدل بعض الأسماء المركبة الواردة في الكتابات اللحيانية مثل اسم "صلم يهب" "صلميهب" على أنه كان معبوداً عند اللحيانيين كذلك. ومن لفظة "صلم" جاءت كلمة "صنم" على رأي بعض المستشرقين.

عترســــــم
وقد ورد اسم "عترسم" "ه - عترسم" في عدد من الكتابات الثمودية.
وقد توسل فيها أصحابها منه أن يمن عليهم بالبركة والخير والصحة والسلامة.
وقد جاء اسم هذا الصنم من "عثتر سمن" "عتر سماء"،أي "عثتر السماء".
والإله "ود" هو إله معروف عند الثموديين كماِ سبق أن ذكرت. وقد تودد اليه عباده والمؤمنون به، فذكروه في كتاباتهم، ورمزوا اليه بصورة حية، كما رمز اليه العرب الجنوبيون بصورة رأس ثور. وقد تعبر صورة الحية عن الروح التي في بدن الإنسان.
وذهب "دتلف نلسن" إلى أن من بين آلهة ثمود إلهَ اسمه "ملك"، وهو يرى أن الإسم المركب "عبد ملكن"، أي "عبد الملك"، لا تعني كلمة "ملك" الواردة فيه بالمعنى السياسي الذي نفهمه منها، وإنما المراد: المراد بها اسم إله. وذهب أيضاً إلى أن لفظة " ملكن" الواردة في النص القتباني الموسوم ب Glaser 1600 لم يقصد بها ملكاً من ملوك قتبان، بل أربد بها إله اسمه ملكن، أي "الملك". وذكر أيضاً ان اسم " عبد الملك" من الأسماء المعروفة في الجاهلية " ورد في نصوص الثموديين وااصفويين.
وفي الكتابات الثمودية أسماء مركبة مثل "يعذر ال" "يعذر ايل"، و"صلم ال" " صلم ايل"، و "عزر ال" "عزر ايل"، و "سعد ال" "سعد ايل"، و "ود ال" "ود ايل"، اختتمت باسم الإله "ال" "ايل"، مما يدل على ان "ال" "ايل" كان من الآلهة التي تعبّد لها قوم ثمود.
ومن الأسماء الثمودية المركبة الأخرى "بعثتر" وفيه اسم الإله "عثتر" الذي عرفناه في المسند، و "يثع امر" "يثع أمر". وفيه اسم الإله "يثع"، وهو من الأسماء المستعملة بكثرة في العربية الجنوبية. و "صلم دع" و "صلمن دعم"، ف "صلمن" اسم الإله "صلم" من آلهة قوم ثمود المعروفة، و " تيم يغث" "تيم يغوث"، وهو اسم مركب من اسمي إلهين هما: "تيم" و "يغوث".
ووردت في الكتابات اللحيانية، اسماء جملة الهة. منها: "ذ غابت" "ذو غابة" و "عوض"، و "ود"، و "بعل سمن"، و "سلمان" "سلمن"، و "العزى"، و "منف" "منا ف"، و "جدت"، و "ال" "ايل"، و "إلهَ"، و "لت" "الت"، و "سمع"، و "نصر"، و "منت"، و "هفلس"، و "عجلبون" "عجلبن"، وأكثر هذه الالهة كما نرى معروفة، وردت أسماؤها في الكتابات وفي مؤلفات أهل الأخبار.
والإله "ذ غبت" "ذو غابة"، هو من أشهر آلهة اللحيانيين. ولعله إلههم الأول والأكبر. ومع ذلك، فإننا لا نعرف عنه شيئاً كثيراً، وقد كان له معبد في "الديدان". وخوطب بكلمة "قدست"، أي القدس أو المقدس في كتابة من كتاباتهم، وقيل انه في جملة ما قدم اليه من قرابين، قرابين من البشر.
وليست كلمة "ذ غبت" "ذو غابة"، اسم علم للاله، بل هي صفة له، تعني: "صاحب الغابة"، أو "صاحب غابة". وقد وردت لفظة "ذ غبت" في الأعلام المركبة، مثل: "عبد ذ غبت" "عبد ذوغابة"، و "فلح ذ غبت" "فالح ذو غابة"، و "خرح ذغبت" "خرح ذو غابة"، و "مر ذ غبت"، أي "مرأ ذو غابة"، و "زيد ذ غبت"، أيَ "زيد ذو غابة". وورد "عرر ذ غبت"، أي "عرر ذو غابة". والعرو والعر، الجرب، وهو مرض جلدي معروف. فكأن صاحب الكتابة أراد بها، ان الإله "ذو غابة" يرسل هذا المرض إلى مخالفيه ومن يعارض أحكامه أو يعتدي على غيره.
وأما "عوض"، فقد ورد اسمه " في الأعلام المركبة مثل: "عبد عوض"، و "جد عوض"، وقد تعبّد له الصفويون كذلك.
وأما ودّ، فهو إله عام له شهرة عند العرب، وقد عمت عبادته كل جزيرة العرب. والظاهر انه كان من الالهة العربية القديمة،وقد بقي معبوداً حتى الإسلام: وهو من الأصنام المذكورة في القرآن. وقد نعت ب "افكل"، وورد اسمه في الأعلام اللحيانية المركبة. وتعبدت له تميم، وطيء، والخزرج، وهذيل، ولخم، وقريش. وأقيم له صنم في دومة الجندل، صنع على هيأة انسان. ويرى البعض انه الإله "أدد" ءند ثمود. ويظن أن الصنم "قوس" يرمز اليه، ويرى بعض الباحثين أن "نسراً" والصنم "ذو غابت" يرمزان اليه كذلك.
وقد نعت "ود " في بعض النصوص العربية ب "نحسطب" "نحس طب"، ومعناه "الحية الطيب " "الحية الطيبة"، لأن الحية رمز للالَه "ود". ويظن أن اللحيانيين كانوا يتعبدون لهذا الإلهَ منذ كَانوا في مواطنهم الأولى، فلما هاجروا إلى "ديدان" لم ينسوه، ولكنهم بقوا يتعبدون له ويتقربون اليه، لأنه إله الآباء والأجداد وإلهَ لحيان الأكبر، كما تفعل بقية القبائل في اتخاذ إلهَ الآباء والأجداد الإلهَ الأول للقبيلة، والصنم الأكبر بين الأصنام.
وأما "بعل سمن" أي "رب السماء"،فقد تحدثت عنه، ووجدنا أنه كان معبوداً عند العرب الجنوبيين، والغالب أنهم أخذوا عبادته من العرب الشماليين. وقد كان له معبد في "ديدان". وقد نعت معبده ب "احرم" "احرام"، بمعنى "الحرم"، أي حرم الإلهَ "بعل سمين" "رب السماء". وتعبد له "النبط" وكانوا قد أقاموا له معبداً في "سيع"، وذلك فيما بين السنة 33 32 - 2 11 1 قبل الميلاد.
والظاهر أن اللحيانيين قد أخذوا هذا الإله من النبط. وقد تشرف أحدهم بتسمية نفسه ب "عبد سمن" أي "عبد السماء". وقصد ب "سمن" الإله "بعل سمن"، أي "رب السماء". وقد اختصر الاسم، فصار "سمن" "سمين"، والعزى من الأصنام المعروفة عند أهل الأخبار. وقد بقيت عبادته معروفة إلى الإسلام. وقد أشير اليه في القرآن. وقد ذكر اسمه في كتابات عثر عليها في "العلا". وتعبد له النبط كذلك، وصنعت له معبداً في "بصرى" دعي "بيت ايل". وعبر عنه ب "كوكبتا"، أي "الكواكب"، وهو أنثى، أي إلهة.
وقد ورد اسم "العزى" على هذه الصورة: "هنعزى" في كتابة لحيانية، دوّنها رجل اسمه "أوس بن حجر". ويظن بعض الباحثين، أن العزى تمثل كوكب الصباح. ويظهر أن اللحيانيين قد أخذوا عبادتها من نبط بلاد الشام. وأنها لم تكن من آلهة اللحْيانيين في الأصل، بدليل عدم ورود اسمها كورود "ذو غابة" أو الالهة اللحيانية الأخرى فيَ النصوص اللحيانية.
وورد اسم العزُى في الأعلام المركبة، مثل: "بل عزيني" "بال عزيني" و "ب ايل عزينى "، أي ب "العزينى"، وذلك في الكتابات الثمودية. و "تيم العزى" و "عبد العزى" و "امت العزى"، وفي كتابات أخرى تعود إلى ما بين القرن الخامس قبل الميلاد، والقرن الرابع بعد الميلاد.
ويظهر من بعض الأعلام اللحيانية المركبة، مثل "اوس يه" "اوس يهو"، و "عزريه" "عزر يهو"، أن القسم الثاني من الاسم، وهو "يه" "يهو"، قريب من "يهوه"، وهو الإله الكبير المعروف عند العبرانيين. ف "يه" "يهو" هو اسم إِلهَ من آلهة اللحيانيين.
وأما الإله "جدت"، فالغالب أنه إلهة، أي إلهاً أنثى بدليل وجود تاء التأنيث في آخر الاسم. والأصل هو "جد"، وهو اسم إله تكلمت عنه.
وأما "هفلس" "ها - فلس "، فإنه "الفلس"، عند أهل الأخبار. وقد ذكروا أنه كان على هيأة حجر أسود تعبدت له "سليم"، أو على صورة إنسان قدّ من حجر عند "طيء".
و "قيس" و "قيسو" من أسماء الآلهة المذكورة في الكتابات اللحيانية. وقد كان له معبد عرف ب "بت قس" "بيت قيس" في مدائن صالح. ويدل وجود اسمه في الأعلام العربية المركبة، مثل "عبد قيس" و "عبد القيس"، انه كان من الأصنام المعروفة المعبودة عند بقية العرب في مختلف أنحاء جزيرة العرب.
وورد في كتابة لحياني اسْم إله هو: "محر" "ه- محر" "همحر" وبعده اسم إله آخر، هو ""هنا كتب". ويظهر انه من الآلهة التي كانت تعبد في العربية الجنوبية وعند المعينيين الشمالبن، وتعني لفظة "محر" شريعة، أو قانون أو أمر، أو سنة. وهو من الآلهة التي آختفى اسمها في الكتابات اللحيانية المتأخرة.
وأما "هنا كتب" "هانىء كاتب" "هني" "هاني"، و "هنى كتب" "هاني كتب" المذكور مع "ه - محر" "همحر" "هامحر"، فيرى "كاسكل" W.Caskel انه الإله "توت"،Thot. و " توت" هو إله مصري، ويرمز اليه بصورة قرد. ويمثله الإلَه "نبو" عند البابليين. ويمثل "توت" "هرمس" و "المريخ" Merkur. فهو الإله الكاتب. ولعل اللحيانيين أخذوا إلههم هذا من المصريين. ولكننا لا نستطيع أن نجزم ان اللحيانيين قد تصوروا إلههم هذا على صورة " قرد" محاكاة للمصريين لأنهم أخذوه منهم، إذ لا دليل لدينا نستدل به على انهم تصوروا ذلك الإله بصورة قرد.
ووردت في بعض الكتابات اللحيانية أعلام مركبة، جاء فيها اسم هذا اإله،مثل " جرم هنا كتب"، و "زيد هنا كتب". ومعنى "جرم" و "زيد" خادم أوعبد، فيكون الاسم "عبد هنا كتب"، "عبد هنا كاتب".
وأما "سلمن" "سلمان"، فإنه من الآلهة التي ظهرت عبادتها عند اللحيانيين المتأخرين. ويرى بعض الباحثين انه والإله "اب الف" "أبو ايلاف" من الآلهة التي كان واجبها حماية القبور. وقد رمزعن "ابي ايلاف" بصورة أسد يوضع عند جانب القبر ليحميه.
وقد ورد اسم الإله "ابا لف" "ابو ايلاف" اسم علم لشخص كان كبيرا على قومه، وذلك في ايام الملك "عبدان بن ها نواس".
وقد ورد اسم إله هو "شمس"، وقد عبد عند أهل تدمر أيضاً، كما تعبدت له تميم. ونجد بين أسماء رجال قريش وقبائل أخرى أسماء تدل على تعبد الناس للشمس، ومن هذه الأسماء: "عبد شمس".
وأما الإله "عجلبن" "عجلبون" "عجل بن"، فإنه من الآلهة اللحيانية المتأخرة. ويظهر ان اسمه الأصلي هو "عجل بل" "عجل بول" "عجلى بل" أي "عجل" و "بول". ونجد اسمه مع "يرحى بول" "يرح بل" "يرحبل"، و "بل" في الكتابات التدمرية. وبظهر ان تاجراً جاء به إلى اللحيانيين، وأدخل عبادته عندهم. ويظهر انه جاء به من العراق.
ولدينا أسماء ونعوت آلهة تعبد لها أللحيانيون من غير شك، وإن لم نعثر عليها في كتاباتهم، توصلنا إلى معرفتها والوقوف عليها من دراستنا للاسماء اللحيانية المركبة، مثل "كبر ال" "كبر ايل"، و "متع ال" "متع ايل"، و "ذرح ال" "ذرح أيل" "ذر حال"، و "عذر ال" "عذر ايل،"، وأمثال ذلك، فإن اللفظة الثانية وهي "ال":ايل"، هي الإله "ايل" "ايلو"، وهو من الآلهة السامية القديمة.
ومن الأسماء التي وصلت إلينا، اسم رجل عرف ب "عبد قني" "عبد قاني"، مما يدل على ان لفظة "قني"، هي اسم إله أو نعت من نعوت الآلهة.
وورد في الكتابات اللحيانية المتأخرة اسم رجل عرف ب "عبد غث بن زد له سمم"، أي "عبد غوث بن زيد لاه بن سمم" "سموم"، كما ورد "زد غث"، أي "زيد غوث"، وذلك يدل على ان لفظة "غوث" اسم إله. وعندي ان " غوثاً" نعت من نعوت الآلهة، أي اسم من أسماء الله الحسنى لا اسم علم لإلهَ خاص.
و "خرج" من الآلهة التي تعبدها اللحيانيون، بدليل ورود اسمه في أسماء الأعلام المركبة مثل: "زيد خرج" و "عبد خرج".
ويعد "رعن" من آلهة اللحيانيين كذلك، إذ ورد في الأعلام المركبة، مثل: "ر عنا مر"، أي "رعن أمر"، وهو اسم رجل من "ديدان". ف "رعن" من آلهة اللحيانيين أيضاً، ومثل: "رعنا مد" "رعن امد"، ومعنى "امد" أغضب، و "رعنلثع"، "رعن لثع"، أي "رعز احاط" و "رعن ادرك ". ف "رعن" اذن اسم إله من آلهة اللحيانيين والديدانيين.
والإله "يثع" و "يثعن"، من الآلهة التي تعبد لها اللحيانيون، فقد ورد في النص الذي وسمه الباحثون برقم "73" وب J S 73 و M26، اسم امرأة عرفت ب "امتيثعن بنت دد"، أي "أمة يثعن بنت داد"، "أمة اليثع بنت داد"، وورد في الكتابات اسم رجل عرف ب "يثع حيو"، واسم رجل آخر هو "يثعحن"، مما يدل على ان "يثع" كان إلهاً معبوداً ومعروفاً عند "بني لحيان". وقد ورد في كتابة من كتابات "ديدان" اسم رجل عرف ب "يثع امر" "يثع أمر"، فقد ورد في النص الموسوم ب "2" من الكتابات القبورية: "كهف: يثعامر"، أي "قبر: يثعامر" "قبر يثع أمر". واسم "يثع أمر" هو من الأسماء الشعائعة المعروفة عند العرب الجنوبيين، وقد تسمى به ملوك من ملوك "سبأ". فالظاهر انه من الأسماء التي أخذها الديدانيون واللحيانيون عن العرب الجنوبيين، ومن الجاليات العربية الجنوبيهَ التي كانت قد استقرت في أيام عز الحكومات العربية الجنوبية في هذه الأماكن، ف "يثع" اذن، هو إلَه من آلهة العرب الجنوبيين في الأصل، انتقلت عبادته منهم إلى أهل ديدان واللحيانيين.
ومن الالهة التي نجد لها أثراً في عبادة اللحيانيين من دراستنا لأسمائهم، الاله: "حمد" "حميد". فقد ورد في اسم امرأة عرفت ب "امتحمد بنت عصم". وأرى ان "حمد" أو "حميد" ليس اسم إلهَ، أي اسم علم، وانما هو نعت من نعوت الالهة، أي اسم من الأسماء الحسنى، التي يسم الإنسان بها آلهته، على سبيل التأدب والاحترام.
ونرى أثر عبادة الإلهَ "مناة" عند اللحيانيين من دراستنا للأعلام المركبة أيضاً، مثل: "عبد مناة" "عبد منت"، و "اسمنت" "اوس منت"، أي "أوس مناة"، و "عبمنت" اختصار "عبد مناة" و "عبدة مناة "، و "عذ منت"، أي "عوذ مناة"، و "عابذ مناة"، و "هون منت" "هون مناة"، و "نعم منت" "نعمت" أي "نعم مناة"، و "نسمنت" "نسأ مناة" " و "قن منت" "قنمنت"، أي "قين مناة "، و "سنفمنت" "سنف مناة"، و "تهنمنت" "تهنأ مناة"، إلى غير ذلك من أعلام مركبة، ورد فيها اسم ذلك الإلهَ الذي هو إلهة، أي أنثى عند العرب. وقد ذكرت.
في القرآن الكريم. ولا أستبعد ان يكون أنثى عند اللحيان ين أيضاً. ولعل لأصل الكلمة التي أخذ اسم هذه الإلهة منه، وهو "منوتو" Manotu في النبطية، وتعني "منية" في عربيتنا صلة، بجعل الإلهَ إلهة، أي تحويلها إلى إلهة أنثى.
والصنم "اللات" من الأصنام النبطية، المعبمودة عند النبط، والمعبودة عند ثمود كذلك، وااظاهر ان عبادته انتقلت إلى عرب الحجاز ونجد من العرب الشماليين، الذين تأثروا بعبادة النبط.
ووردت لفظة "هتهم" في كتابة لحيانية، وردت بمعنى "إلاهتهم"، أي تعبيراً عن إلهة أنثى. ويظن "كاسكل"، انها تصغير "لات" "لث". و "اللات"، من إلآلهة المعروفة المعبودة عند النبط، وكذلك عند العرب الشماليين، وعند عرب الحجاز. وقد ذكرت في القرآن الكريم، وهي إلهة، أي أنثى. وترد اللفظة عندهم في إلاعلام المركبة مثل: "تيم اللات" "تيم لات".
وقد وردت "لفظة "هله" "ه - لاه" في كتابة لحيانية، وردت بصيغة التوسل والنداء والخطاب، أي بمعنى: "اللهم" و "يا الله". ووردت لفظة "لله"، أي "إلى الإله " أو "للّه"، في كَتابة أخرى. وهي لا تعني في كلَتا الحالتين إلهاً خاصاً معيناً، وانماَ تؤدي المعنى الذي تؤديه لفظة "إله" و "الإله" في عربيتنا، وgod في الانكليزية، وربما قصد بها إلهَ لحيان الأكبر "ذو غابة"، كما يقصد المسلمون باطلاقها لفظة "الله"، وذلك للتعبير عن اسم الله بأسلوب مؤدب مهذب.
ومثل: "هنا له" "هنا لاه" "هنى لاه"، و "نساله" "نسألاه" "نسى لاه"، و "ودع لاه" "ودع له"، و "مراله" "مرأ لاه"، و "تيم له" "تيم لاه"، و "وهب له" "وهب لاه"، و "زيد له" "زيد لاه"، و "جرم له " "جرم لاه"، و "سعد له" "سعد لاه"، فإن الجزء الأخير من الاسم وهو "له" "لاه"، هو "إلَه". وإله من الألفاظ الدالة على اللّه، وترد في أكثر اللغات السامية.
ويلاحظ ان أكثر استعمال "ال" "ايل" في العبرانية هو في الشعر وفي أسماء الأعلام المركبة، ولم يستعمل في النثر إلا قليلاً. أما في اللهجات العربية وفي اللغات السامية الأخرى، فقد استعملت اللفظة في الأعلام المركبة في الغالب، وفي معنى "إلَه" مثل "ال تعلى، أي "الإلهَ تعالى"، وما شاكل ذلك، بمعنى اسم من أسماء الله الحسنى وإله.
وعلى الرغم من ورود "ال" "ايل" ُ Elبصورة يستنبط منها انها قصدت إلهاً معيناً خاصاً، أي اسم علم، لا نستطيع ان نقول إن "ال" اسم علم لإلَه معين مخصوص،، مثل الآلهة الأخرى التي ترد أسماؤها في الكتابات، ذلك لأن الذين ذكروا "ال" "ايل" في الأعلام المركبة، أو في مواضع أخرى من كتاباتهم لم يقصد كما يتبين من الاستعمال إلهاً معيناً اسمه "ال" "ابل"، وانما أرادوا ما نعبر عنه بقولنا "إلهَ" والجمع آلهة. فلفظة "إِلهَ" عندنا ليست اسم علم، وانما تعبر عن اسم الجلالة دون ذكر اسمه. وهي كذلك عندهم وعند بقية الساميين بمعنى " رب"، وإله و "بعل" عند الأقدمين.
ولا يعرف العلماء معنى لفظة "ال" "ايل" على وجه علمي دقيق.ولكنهم يفسرونها عادة بمعنى "القدير" و "الحاكم". ومعنى ذلك ان "ال" نعت من نعوت الالهة، أو اسم من أسماء الله الحسنى بحسب التعبير الإسلامي. ويرى بعض، العلماء احتمال عدم وجود صلة له ب "الوهيم، Elohim الكلمة العبرانية التي تطلق على الإله.
وأما آلهة الصفويين، فهي "اللت" "لت" "هلت"، و "دين" "ديان"، و "هله" "" ه ل ه"، و "جد عوذ"، و "بعل سمن"، و "شيع ه - قوم" "شيع القوم"، و "اثع"، و "صالح"، و "ذ الشرا" "ذو الشرى"، و "رضا" "رضى"، و "جد ضيف"، و "ر حم" "ورحيم".
و "الت"، أبَ "اللات" إلهة أي أنثى، ويراد بها الشمس..وقد مثلت في بعض النصوص الصفوية بقطعة من الشمس رسمت بصورة بدائية، ورسمت في بعض النصوص السامية الشمالية بشكل امرأة عارية، رمز اليها بصورة فرس في النصوص العربية الجنوبية، والفرس من الحيوانات المقدسة التي ترمز إلى الشمس عند قدماء الساميين وعند غيرهم من الشعوب، ولذلك كان الناذرون لها يقدمون لها تماثيل مصنوعة على هيأة فرس.
ولفظة "ديان" "ديّان"، ليست اسم صنم على ما يظهر، وانما هي صفة من صفات الالهة. وهي معروفة في عربيتنا وعند المسلمين، تطلق على الله. وقد استعمل الصفويون "جد عوض" اسما لإلَه، كما استعملوا اسماء آخر قريباً منه هو "جد ضيف".
وقد ورد اسم الإلهَه: "جد عوض" "هجد عوض" في نص محفوظ في متحف دمشق، وسم با Dames 1312"وورد بعده اسم الالهين شع هقوم وشيع هقوم وهلت واللات.
وتقابل لفظة " جد" معنى الحظ في اللغة اليونانية، وقد صار في الأقاليم السورية المتحضرة الإلهَه الحارس للمدينة. و "جد عوذ" هو إلَه معروف مشهور عند الصفوبين، وورد أسهه في كتاباتهم. وقد ذهب "رينه ديسو" إلى ان لفظة "عوذ" "عويذ" هي اسم عشيرة أو قبيلة كانت تعبد للاله "جد"، وكانت سدنته منهم، فنسب اليهم وعرف ب "جد عوذ" "جد عويذ" على طريقة اله رب في ذلك العهد من نسب الأرباب إلى القبائل أو العشائر أو السدنة التي يعبدونها أو إلى الأشخاص الكبار.
وقد ورد اسم الإلهَ "جد ضيف" "جد ضف" في عدد من الكتابات الصفوية التي عثرعليها في المملكة الأردنية الهاشمية. كما ورد فيها اسم إلهَ آخر هو الإلهَه: "هجد عوذ" "ها - جد عوذ".
أما الإله "شيع القوم"، فقد ورد اسمه في النصوص النبطية في "بطرا" وفي "تدمر" وهو إلَه القوافل في نظر بعض المستشرقين.
وه اله يحمي قومه. وِقد احتمى به أهل القوافل خاصة من الأعراب وقطّاع الطرق. ولذلك كان التجار وأصحاب القوافل يذكرون اسمه وربما يحملون وثنه معهم لحمايته لهم في أثناء السفر حتى بلوغهم ديارهم سالمين.
وقد نعت في كتابة نبطية دونها أحد نبط "تدمر". بأنه "الذيَ لا يشرب خمراً". وهذا يعني ان هذا الإله كان يكره الخمور، ويكره شاربيها ": لعل في ذلك فكرة تحريم الخمر عند جماعته. وقد كان في الجاهليين ممن حرموا الخمر على أنفسهم. كما نعت ب "الالَه الطيب المجازي"، وهو نَعت نعت به وبمثله آلهة أخرى. وقد ذهب بعض، الباحثين الى احتمال وجود جماعة من النبط ومن غير النبط كانت تحرم شرب الخمر، بدليل ما جاء في النص النبي من نعته بأنه "الإلَه الطيب المجازي الذي لا يشرب الخمر ". و "يثع" هو في جملة الالهة التي تعبد لها الصفويون، كما تعبد له غيرهم أيضاَ. قد قلت سابقاً باحتمال انتقال عبادته ان هذه الأرضين مات العرب الجنوبيين الذين كانوا قد نزحوا اليها واستولوا عليها وذلك قبل الميلاد. وتعني لفظة "يثع" الحامي والناصر والمساعد، وقد حرف اليونانية الى "ايثاؤس" و "يشع". وقد ورد "يثع" في نص توسل فيه صاحبه الى هذا الإله ان يعينه على المكاره، وتوسل آخر اليه ان يثأر ممن يتبعه، وطلب اليه آخر ان يشفيه من المرض.
و "رحم" "رحيم" مثل "رحمن"، أيَ "الرحمن" " لعلهما اسمان من أسماء الله الحسنى في الأصل، ثم صارا اسمين علمين. وينطبق هذا القول على لفظة "صالح" الواردة في نصوص الصفويين.
وقد قرأ بعض الباحثين لفظة "رحم": "رحام" 0 أما "نولدكه" فقد قرأها بتشديد حرف الحاء. ولعدم وجود علامات لحركات الحروف يجوز ان تقرأ الكلمة "رحيم"، كما ذكرت آنفاً. وقد ورد اسم هذا الإلَه فيِ نص تدمري أيضاً، لأنه كان معبوداً عندهم أيضاً.
وقد ذكرت "الشمس" في نص، أو نصين أو أكثر من ذلك بقليل من النصوص الصفوية. وعبادة الشمس هي عبادة قليلة الانتشار بين الأعراب، على عكس الحضر الذين كانوا يتعبدون لها. و لهذا كان اثر الذين عبدوها من الحضر، أو من الأعراب الذين تطوروا بأن ركنوا الى حياة الحضر. أو توسطوا بين الحياتين.
وفي جملة النصوص الصفوية التي ورد فيها،اسما "الشمس" نص سجله رجل اسمه "خالص بن شهم بن عمرة بن عم". وقد توسل الى "شمس وجد عوذ و اللات " ان تنزل العمى بمن يتطاول على الكتابة فيمحوها ويطمس معالمها.
و "شمس" من هذه الالهة ا إني ذكرت في الأعلام المركبة، إذ ورد "عمشمس" "عم شهس". وهي إلهة معروفة. تعبد لها العرب الجنوبيون وغيرهم من العرب، كما انها من الالهة المعبودة عند بقية الساميين. ويرى "كاسكل" ان الشمس كانت تعد إلها ذكراً عند أكثر العرب الشماليين في هذا العهد، أي في القرن الأول قبل الميلاد.. والقرن الأول للميلاد.
ونجد اسم الإلهَ "بعل سمن" في الكتابات الصفوية كذلك والصفوِيون هم كما ذكرت قبائل عديدة طافت في هذه الأرضين التي عثر على الكتابات الصفوية بها، وهم من مواضع متعددة، ولم يكونوا من موطن ثابت، لذلك كانوا يعبدون الهة مختلفة: آلهة قبائلهم وآلهة قبائل سبقتهم، وآلهة قبائل اختلطوا بها فأخذوا عنها معبوداتهم، مثل هذا الإله "بعل سمين"، أي بعل السماء، أو ربّ السماء.
وتعد اللات من أهم الالهة عند الصفويين بدليل كثرة ورود اسمها في كتاباتهم. فقدورد اسمها في أكثر من ستين مرة في الكتابات.
و "ه ل ه"، "هله" هي بمعنى: "اللهم". فلفظة "له" هي بمعنى "إلهَ" و "لاه". وقد ذهب بعض المستشرقين إلى انها تعني "الله". و-اذا صح هذا الرأي، دلّ على ان لفظة الجلالة "الله" كانت معروفة عند العرب الجاهلين قبل الإسلام بقرون. وقد وردت في عدد من النصوص الصفوية مسبوقة بحرف "الهاء" في الغالب، وهو حرف النداء، كالذي ورد في نص صفوي سجله شخص اسمه "سني بن سني بن محنن"، ذكر فيه انه عثر على أثر عمه، ثم توسل إلى "له" إذ خالجه بقوله: فهله سلم لذ ساد وغيرت، أي: فيا الله امنح السلامة لمن سار بمعنى سافر وساعده.
و "رضى" "رضا" هو من الآلهة النبي تعبد لها الصفويون كذلك، وقد تحدثت عنه في مواضع عدة، اذ كان معبوداً عند غيرهم أيضاً. وهو "ارصو" "ارضو" في الغالب، الذي يرد في نصوص تدمر. وقد ورد اسم "رضى " في عدد من الكتابات الصفوية، يتوسل فيها أصحابه اليه أن يمنً عليهم بالسلامة والنعم، وأن يبعد عنهم شر الأعداء وكيدهم، وأن ينزل النقمة وغضبه على أعدائهم،إلى أمثال ذلك من توسلات وأدعية.
وورود "عبد حت"، أي "عبد حوت"، فيَ الكتابات المتأخرة،، يدل على ان "حوتاً" من أسماء الالهة التي تعبد لها اللحيانيون.
و "حمل" اسم إلهَ أيضا، لورود اسمه في الأعلام المركبة مثل: "عبدحمل"، وهو من الأسماء التي وردت في الكتابات اللحيانية المتقدمة.
وكثيراً ما نجد أناساً يتوسلون إلى هذه الالهة بأن تمنحهم السلام والرحمة، وان تنكل بأعدائهم، بل نجد شواخص القبور، ترجوها ان تصيب بالعمى من يطمس كتابة الشاخص، الذي يحمل اسم صاحب القبر المدفون فيه وان تنزل به الأمراض والآفات. ومعنى هذا ان المؤمنين بها كانوا يعتقدون انه! تثيب وتعاقب، تمنح السلام والخيروتنفع وتضر وتنزل الأذى بمن تريد وتشاء، ولهذا توسل الناس اليها وخاطبوها، إما لرجاء وإما لايذاء.
أما آلهة النبط، نبط "بطرا"، فهي: "ذو الشرى" Dushara، و "اللات"، وهو إلهة، "ام الآلهة"، و "منوتو"، أي "مناة"، ُ "قشح"، و "هبلو"، أي "هبل"، و "شيع القوم" خامي القوم، وإلَه القوافل.
وأما "ذو شرا" ]Duosares=Dausarys " "دوسرا"، فإنه "ذو الشرى" الذي يرد اسمه عند أهل الأخبار. وهو من آلهة "بطرا"، وقد زعم انه في منزلة "ديونيسوس" Dionysos. وعرف ب Dios Arabikos=Dieu Arabiques " في بعض الكتابات اليونانية التي عثر عليها في الأردن، والتي يعود عهدها إلى سنة "116-117" أو "126 - 127 للميلاد: مما يدل على انه كان من الآلهة المعروفة بين العرب، وانه إلههم الخاص بهم.
وذكر ان Dusares هو في منزلة Dionysus، و قد عرف عند اليونان بأنه إلهَ العرب، كما ذكرت. وانه الاله Pakades؛ عند النبط، وله معبد في "جرش" Gerash.
وورد اسم "دشر" "دوشرا".Dushares في عدد من النصوص الصفوية. ورد في هذه الجملة مثلاً: "فهلت وهدشرثار لمن حولت"، أي "فيا اللات ويا ذو الشرى، اثأروا ممن يحوّل". ويقصد ب "يحوّل"، يحول شاهد القبر الذي كتبت عليه هذه الكتابة. كما ورد في عدد من الكتابات،يرجو فيها أصحابها من هذا الإله ان ينعم عليهم بالسلامة وان يتقبل منهم أعمالهم.
وقد ورد مع اسم "ذي الشرى" في بعض الكتابات النبطية، اسم الإله "هبل" واسم "مناة". و "هبل" هو صنم قريش الرئيس. وهو إلَه الكعبة ويرمز إلى التمر. وقد وضع في الكعبة على هيأة انسان، وأمامه حفرة عبر عنها بلفظة "بغبغ"، وكانت يده اليمنى مكسورة، فعوضته قريش بيد من ذهب، والظاهر ان الحية ترمز اليه، أو إلى ود، وان الحية التي قيل انها كانت في بئر زمزم، هي رمز هبل.
وورد اسم "اللات" مدوناً في نصوص، نبطية عديدة، فقد عثر ب "صلخد" على كتابات من سنة "45" قبل الميلاد، وسنة "55" بعد الميلاد. وسنة "95" للميلاد، وعلى نصوص أخرى، وقد ذكر فيها اسم هذه الإلهة، وأشير فيها إلى تشييد معبد خصص بعبادتها والى سدنة كانوا يقوم ون بخدمتها. ووجدت كتابات في مواضع نبطية أخرى، ورد فيها اسم "اللات" وبدت كل ذلك على ان اللات كانت من المعبودات المقدره عند نبط هذه الديار.
أما الكتابات النبطية المدونة في مواضع اخرى من بلاد الشام وفي أعالي الحجاز، فقد ورد فيها اسم "اللات". ورد فيها على انه من الآلهة الكبيرة، التي يخدمها سدنة، ولها معابد خصصت بعبداتها.فقد جاء في نص مؤرخ بسنة "47" للميلاد ان شخصاً اسمه "".ملكو بن قصيو و" "مالك بن قصي"، أو "مليك بن قصي"، كان كاهنا "للات" في موضع "حبرن" "حبران"، وهو من جبل حوران.
وأما آلهة "تدمر"، فهي "بل"، أي "بعل" و "عزيزو"، و "ارصو" "ارضو"، و "شيع القوم"، و "شمش" "شمس" و "اللات"، و "ايل". و "بعل شمين"، و "سعدو". ويلاحظ ان الكتابات التدمرية تستعمل في الغالب الكنايات والنعوت الإلهية بدلاً من أسماء الآلهة، فاستعملت "تبارك اسمه"، و "رب العالم"، و "الله المحسن"، و " رب العالمين"، وأمثال ذلك كناية عن آلهة تدمر. وهي تشير إلى وجود فكرهّ التوحيد عند التدمريين. والى اغراب أهل تدمر عن التصريح بأسماء الآلهة، والاكتفاء بذكر نعوتها وأسمائها الحسنى، على طريقة العبرانيين في تجنب ذكر اسم الإله، والتكنية عنه بنعوته. وقد يكون لآراء الفلاسفة اليونان أثر في معتقدات أهل تدمر في آلهتهم.
ويرى "ليدزبارسكي"، Lidzbarski ان "بل".، هو إله تدمر الأكبر. وهو "بعل". ولمركزه الخطير عند أهل تدمر، دعاه اليونان "زيوس" Zeus أما "ملك بل"، فإنه الشمس، وأما "عجلى بل"، فهو القمر. ويقدم عادة على "ملك بل" في الكتابات. وتقدم القمر على الشمس عادة قديمة عند أهل تدمر لا بد أن يكون لها سبب بالطبع.
أما الإلهَ "عزيزو"، فهو العزى. ويؤيد ذلك ما ذكره أحد الكتبة اليونان من انه كان كوكب الصباح عند العرب، وانه الإلهَ الرؤوف الرحيم الذي عبدته العرب قبل الإسلام. ويلاحظ ان هذا النعت وارد في نص تدمري، مما يثبت كون "عزيزو" هو "العزى" الإلهَ ألشهير.
وأما "ارصو" "ارضو"، فيظن "ليسزبارسكي" انه Oratal الذي ذكر المؤرخ "هيرودوتس"، انه أحد آلهة العرب الكبرى مع الإلهَ "اللات". ويظن ان "ارصو"، هو "رضا" "رضى" الإلهَ الذي أشار اليه الأخباريون.
وأما "اللات"، فقليل الورود في النصوص التدمرية مع شيوع الأسماء المركبة المؤلفة منها ومن كلمات أخرى عندهم.
وأما "منوتو "، فإنه "مناة" المذكور في القرآن. وكان له معبد في "قديد"، بين مكة و المدينهَ، وقد صنع من حجر، وتعبدت له الأوس والخزرج، وهذيل، وخزاعة، وتعبد له النبط كذلك، وأقاموا له معبداً أشير اليه في كتابات "مدائن صالح"، كما تعبدت له ثمود ولحيان ونبط تدمر. وهو أنثى في نظر أهل الأخبار، والظاهر ان بينه وبين المنية صلة، كما بينت ذلك قبلا.
وقد عبد الإلهَ "بعل شمن" "بعل شمين" في تدمر. وقد رأينا انه عبد عند اللحيانين والصفوين، وعند غيرهم ايضاً. وقد وجد اسمه في كتابة تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، تبين منها انه كان معبودا في "بعلبك". وهو كما قلت الإلهَ "بعل سمن".
وأما "سعدو"، فقد رأى بعض المستشرقين انه الإلهَ "القمر"، وانه الصنم "سعد"، وهو من الأصنام النبي ذكرها أهل الأخبار. وقد تعبد له بعض كنانة، ويقال هذيل، كما تحدثت عنه.
وورد في بعض كتابات "حوران" اسم إلهَ دعي ب "قصي". واليه تنسب بعض الأعلام المركبة التي ورد فيها اسمه، مثل "عبد قصي". ويظن انه. الإلَه المسمى ب "زيوس كاسيوس" Zeus Kasios و ب Jupiter Casiu=Jupiter Casius في الكتابات اليونانية. وفي جملة هذه الأسماء المركبة المعروفة التي وردت إلينا، اسم "وهب لث"، اي "وهب اللاِت"، وهو اسم ابن الملك "اذينة" من زوجه "زنوبيا"، أي "الزباء".
وقد ذهب "رينه ديسو"، إلى ان للعنصر العربي كان مهماً في تدمر، وله أثر في حياة المدينة، وانه هو الذي أدخل عبادة اللات إلى تدمر. وقد عبر عنها ب "اثينا"، ولهذا ترجموا اسم ابن الزباَء، أي "وهب اللات"، ب "اثينودور" Athenodore.
وجاء في كتابات نبط "مدائن صالح" اسم إلهَ عرف ب "شيع هقوم" "شع هقم" ". هشع هقم" "شيع هاقوم" "شيع القوم"، وهو إلَه القوافل والمحاربين. يدافع عن القوافل وعن رجالها ويصد عنها لصوص الطرق وقطاّعها، ولهذا كان يتقرب اليه التجار بالنذور وبالدعوات ينزل يمن يتحرش بتجارتهم العذاب الأليم. وهو أيضا من الهة قوم ثمود والصفويبن،كما تحدثت عن ذلك. وقد بني للعزى معبد في "بصرى"، عرف ب " بت ال"، أي "بيت ايل".
وأما آلهة "ديدان"، فلا نستطيع التحدث بإفاضة عنها، لعدم وصول كتابات ديدانية إلينا، فيها ذكر لتلك الآلهة. وفي الأسماء الديدانية المركبة أسماء الهة، على رأسها "ال" "ايل" الذي ورد في "كبر - ال" "كير ايل"، و "متع ال" "متعال" "متع ايل"، و "ذرحال" "ذرح ايل"، و "وسقال" "وسق ايل"، و "ال - بر" "ايل - بر"، و "العم" "ايل - عم"، و "شيمال" "شيم - ايل"، و "الاب" "ال اب"، "ايل اب"، فإن "ايُّل" "ال" في هذه الأسماء هو الإلَه "ايل".
ثم: "إلَه" ظ و "يثع"، و "خرج"، و "رعن"، و "دد" "داد"، و "نعر"، و "قس" "قوس" "قيس". وبعض هذه الألفاظ نعوت للالهة، لا أسماء أعلام، وبعضها من أصل عربي جنوبي، مثل "يثع"، فإنها نعت من نعوت الألهة، معناه: "المساعد" "الناصر" "المؤيد"، وقد عرف عند السبئيين. وبعض آخر من أصل شمالي مثل "دد" "داد"، فإنه من معبودات الكنعانيين والنبط.
ويرى " كاسكل" ان "خرجا" هو إله، والخرج في العربية أول ما ينشأ من السحاب. وبه سمي "الخرج". وقد ورد في الاْعلام المعينية المركبة: "عبد خرج"، و "زيد خرج". ويحتمل أن يكون قد جاء إلى الديدانيين من المعينين الذين كانوا أصحاب ديدان قبل الديدانيين، ويرد" دد" "داود" في الأسماء المركبة كذلك، وكذلك بصيغة التأنيث أي "ددت" "دادت"، أي إلهة. ويعني "دد" عم فقد ورد "حي - دد" "حي داد"، و ورد "عبد ددت اي "عبد دادت"، يدل على ان "داد" اله من الآلهة المعبودة، وان "ددت" إلهة.
و "قس" أي "قوس" هو أيضاً من أسماء الآلهة، اذ ورد مكوناً لاسم رجل، عرف ب "جلتقس" أي "جلت "قوس". وورد اسم آخر في الأعلام المركبة كذلك، هو "قسط" ? في اسم "عبد قس"، ويمكن ان يقرأ "قوساً" كما يمكن ان يقرأ "قيساً"، اي "عبد قيس"، و "عبد قيس" و "عبد القيس" من الأسماء المعروفة عند العرب. ف"قوس"و "قيس" من الآلهة المعروفة عند العرب.
و "قوس" هو من آلهة "بني أدوم"، أي الادوميين،اذ كان يعبد عندهم. وقد ذهب "بروى" Braeu الى ان الإله "قيس" هو إلَه واجبه حماية الحدود.
ووردت لفظة "صلم" في الأعلام المركبة كذلك، مثل "صلمجد" أي "صلم جد ومثل "صلميحب" "صلم يحب". ومعنى ذلك ان "صلما" هو اسم إله.
يلاحظ ان بين الآلهة المذكورة أسماء، هي في الواقع ليست أسماء. وانما هي صفات، أو ما يقال له "أسماء الله الحسنى" فيِ الإسلام، استعملت وأطلقت على الألة حتى صارت في منزلة الأسماء. كما نجد صفات وضعت قبلها لفظة "ذ" أي "ذو" أو "ذت"، أي "ذات"، وأطلقت على الآلهة اطلاق الأسماء على المسميات. ومن هذا القبيل "ذعقل"، أي "ذو عقل"، و "ذ شرى"، أي "ذو الشرى"، و "ذ قبض"، أي "ذو قبض"، و "ذت انوط"، أي "ذات أنواط"، و "ذت حمم"، أي " ذات حميم"، و "ذت بعدن"، أي "ذات البعد"، فليست هذه أسماء في الأصل، وانما هي على ما ذكرت، وقد عبر بها عن آلهة معينة، حتى صارت عندهم في منزلة الأسماء.
الآلهة التي ورد ذكرها في النصوص
وأود ان أدوّن هنا أسماء ونعوت الالهة التي أشير اليها في نصوص المسند، وفي النصوص الأخرى. باختصار، ليحيط بها القارئ، وهي: "زد" إلَه معين الكبير. وقد ورد في نصوص أخرى عثر عليها في أعالي الحجاز. و "المقه" إله سبأ الكبير، و "سن" "سين،" إلهَ حضرموت الكبير، و "ورخ" و "شهر"، و "عم" إلهَ شعب قتبان. وهي كلها في معنى واحد، اذ قصد بها الاله القمر.
ومن الأسماء الأخرى: "انبي" "أنبى"، و "شرقن" "للشارق"، و "ر حم" "الرحيم" "رحيم"، و "رحمنن" "الرحمن"، و "عثتر"، و "اثرت" "اثيرت"، و. "بعل"، و "بعلت"، و "ذات انوت" "ذات أنوات"، و "ربت اثر"، و "بعدن"، و "ذت بعدن"، و "برن"، و "ذت برن"، و "غضرن"، و "ذت غضرن -"، و "حمم" "حميم"، و "ذت حمم" "ذات حمم" "ذات حمم"، و "نشقم" "نشق"، و "رحبن" "رحاب" "الرحاب"، و "ذت رحبن" "ذات الرحاب"، و "صهرن" "الصهر"، و "ذت صهرن" "ذات الصهر"، و "صنتم"، و "ذت صنتم"، و "ضهرن"، و "عم ذ دون"، أي "عم رب دأون" "هم صاحب داوان"، و "ال" "ايل"، و "كهلن" "الكاهل"، و "حرمن" "الحرم"، بمعنى الإلهَ، و "حرمت " حرمة، بمعنى الإلهة. و "هوبس"، و "حلم" "حليم"، و "حكم" "حوكم"، و ! متب قبط"، و "متب نطين"، و "نهى"، و "نكرح".، و "نسر"،و "نسور"، و "رب شهر"، و "رب ثون"، و "صدىَ" "صديق" " صادق"، و "شمس"، و "سموى" أ و "شرقن"، و "سمع""سميع" "سامع"، و "تالب" "تلب"، و "تلب ريمم" "تالب ريام، أي الإلهَ "تالب" رب موضع "ريام" لوجود معبد كبير له به.
و "عثرت"، و "عزيّ"، و "تلب سمعى" "تالب سمعى"،و "حول" "حويل"، و "ذ جربم" "ذو جرب"، و "ذ قبضم""ذو قبض" "ذو القبض" "القابض"، و "سمعى"، و شريت" "شرى"، و "عثتر شرقن"، و "عزين"، و "قزح"، و "متب مذجب"، و "نرو".
ومن اسماء آلهة ثمود: "ود"، و "جد هدد"، و "شمس"،و "عزبز"، و "نعرجد"، و "عمى شجا"، و "رضو" و "منت،و "كهل"، و "نهي"، و "ايل" "1 ل"، و "لت" "لات"،و "عثرسم" "عثر سمن"، و "صلم"، و "منف"، و "عثتر"، و"يثع"،و"يغث""يغوث"،و"بعلت"،و"يهو"،و"فلس"، و"عوذ".
وتمكن الباحثون من الحصول على أسماء عدد من آلهة لحيان، منها: "ابلف""اب الف" "ابالف"، بمعنى "أبو ايلاف"، و "عجلبن"، و "بدع سمع" " بدعسمع"، و "بعلسمن"، "بعل السماء"، و "ذ غبت" "ذوغابة، و "هنا كتب" "هانئ كتب"، و "له" "لاه"،و "لهت" "الهات"، و "لت" "لات"، و "همحر" "ها محر"،و "سلمن" "سلمان"، و "هنعزيَ" "ها نعزي"، و "و د".
وحصلنا من الكتابات الصفوية على أسماء بعض الالهة، مثل: "اللات" "لت"، و "للعزى"، و "مناة" "منات"، و "ر ضا" "رضو"، و "ه له" "ها لاه" "الله"، و "جد عوذ"، و "شمس"، و "رحم"، و "شيع هقوم" "شيع القوم"، و "اثع" "اثاع"، و "بعل سمين" "بعل سمن"، و "دو شر" "ذو الشرى" "د شر"، و "جد ضف" "جد ضيف".
 .

 

This site was last updated 08/19/09