Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الحكم الطولونى المستقل أثناء الخلافة العباسية

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أبن المدبر والى مصر
أحمد أبن طولون
البابا خائيل3 الـ56
البابا شنودة1 الـ 55
البابا غبريال1 الـ57
البابا قسما 1الـ 58
الولاة المستقلين الطولونيين

Hit Counter

أحمد بن طولون
 

(1) أحمد بن طولون (254-270)

(2) خمارويه بن أحمد (270-282)

(3) أبو العساكر جيش بن خمارويه (282-283)

(4) هارون بن خمارويه (283-292)

(5) شيبان بن أحمد بن طولون (292-292)

 

أهدى نوح بن أسد الساماني إلى المأمون مملوكا تركياً أسمه أبن طولون سنة200  وعندما تربى كان من اكفأ الجنود التركية وولد له أحمد ابنه بسامرا سنة220 فربيّ في حلبة أولئك الجنود ولم يكن ذو مهارة فى الجندية ولكنه أتقن اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم وكان ذا خلق قويم ولما بلغت سنه العشرين توفي أبوه طولون فحل أبنه بعده في ضمن جنود بايكباك ذكرناه سابقاً .

-أحمد بن طولون:
وقد بنى الجامع المنسوب إليه في القاهرة. ومن آثاره قلعة يافا بفلسطين.
كان أبوه مولى لنوح بن أسد الساماني، أمير بخارى وخراسان، وأهداه نوح في جُملةٍ من المماليك إلى المأمون، فرقّاه المأمون. ووُلد له أحمد في سامراء، فتفقه وتأدّب، وتقدم عند الخليفة المتوكل إلى أن ولي إمارة الثغور وإمرة دمشق، ثم مصر سنة 254هـ ، وانتظم له أمرُها مع ما ضم إليها. ووقعت له مع الموفق العباسي أمور، فرحل بجيش إلى أنطاكية فمرض فيها، فركب البحر إلى مصر، وتوفي بها سنة 270هـ ـ 884م.
وهو أحمد بن طولون ، كان والده أحد الأتراك الذين أرسلوا إلى الخليفة المأمون العباسي حيث نال إعجاب الخليفة الذى ظل يمنحه المناصب حتي وصل طولون إلى منصب " أمير الستر " وهو يشبه منصب رئيس الحرس الخاص وظل طولون يخدم الخلفاء العباسيين حتي عهد الخليفة المأمون ثم الخليفة المعتصم بالله فى مدة بلغت عشرين عاما ، وقد أنجب طولون عدة أبناء منهم ابنه أحمد الذى ولد سنة 220 هـ / 835 م
كانت ولاية مصر يتولى بايكباك الأهتمام بها وقد إختار أميرها ففي سنة254 اختار لها أحمد بن طولون لما رأى من كفايته وشجاعته فاعطى مصر ليحكمها وحكمها أحمد من رمضان وكان يتقلد القصبة ( الخراج) وحدها وكان معه أحمد بن محمد الواسطي كاتب بايكباك.
لما توفي الخليفة العباسى المعتز سنة255وتولى الخليفة العباسى المهتدي وقتل بايكباك حل محله أماجور وكان صهراً لأحمد بن طولون لأن أحمد بن طولون كان زوج ابنته فكتب إليه أماجور : " تسلم من نفسك لنفسك وزاده الأعمال الخارجية عن قصبة مصر " فعظمت لذلك منزلته واتسع ملكه

وكان فى البداية يدعى للخليفة العباسى على منابر مصر  أولاً  ثم أستبدلها أحمد ابن طولون لـ أماجور ثم أستبدلها أحمد بن طولون لنفسه عندما مات أماجور سنة258 فاستقل أحمد بمصر ودعي له بها وحده بعد الدعاء للخليفة وضبط ابن طولون بلاد مصر أحسن ضبط وخضد شوكة الثائرين الأقباط والمسلمين الذين كانوا يثورون بها من وقت لآخر.
وفي سنة262 كان المعتمد هو الخليفة ولكنه كان خليفة أسمياً وكان أخوه الموفق هو المتحكم الفعلى فى كل شئ حصل بينه وبين أبي أحمد الموفق تنافر أدت إلى عداوة استحكمت حلقاتها فكتب أبو أحمد إلى ابن طولون يهدده بالعزل فأجابه جواباً فيه بعض الغلظة فسير إليه الموفق جيشاً يقوده موسى ابن بغا فلما بلغ الرقة أقام فيها عشرة أشهر ولم يمكنه المسير لقلة الأموال وطالبته الجنود بالعطايا فلم يكن معه ما يعطيهم فاختلفوا عليه وثاروا بوزيره فاضطر ابن بغا أن يعود إلى العراق وكفى ابن طولون شره وفي سنة263 ولى المعتمد أحمد بن طولون طرطوس ليقوم بحفظ ذلك الثغر عن الروم الذين كانوا قد تطرقوا البلاد لضعف قوة الخلافة.
وفي سنة264 ولما كانت بلاد الشام من أملاك أماجور فلما توفى دخل ضم فى حوزته بلاد الشام والثغور  فاتسع ملكه اتساعاً عظيماً حتى كانت حدود مملكته تنتهي إلى نهر الفرات وبذلك تم له إستقل عن بني العباس من أقاصي الغرب إلى نهر الفرات فضاقت مملكة بني العباس واقتصرت على العراق والجزيرة الفراتية على ما فيها من الثورات والاضطرابات وبلاد الري والأهواز.
وكان الموفق مشغولاً بحرب الدعي صاحب الزنج فإجتنب أحمد ابن طولون هذه الفرصة ليقوي أمر ملكه وكان يعلم ما بين المعتمد الخليفة وبين أخيه من الفتور فأراد أن يكسب من هذه الفرقة وتصادف أن أرسل المعتمد إلى ابن طولون يشكو له مما هو فيه من استبداد الموفق عليه وأنه ليس له من الخلافة إلا الاسم فأشار عليه ابن طولون أن يلحق به بمصر ولو تم ذلك لانتقلت الخلافة العباسية إلى القطائع مدينة أحمد بن طولون بمصر ولكن حال دونه والى الموصل والجزيرة الذي أرسل إليه الموفق أن يبذل جهده في منع المعتمد من المسير إلى مصر فلما بارح المعتمد سامرا ووصل إلى ولاية الموصل منعه الوالى من المسير فعاد ثانية إلى سامرا وبسبب ذلك اتسعت مسافة الخلف بين الموفق وابن طولون حتى أن ابن طولون قطع خطبة الموفق وأسقط اسمه من الطراز فتقدم الموفق إلى المعتمد يبلغه ففضل مكرها لأن هواه كان مع ابن طولون.

وفي سنة270 توفي أحمد بن طولون

*******************************************************************************
قصة أبن طولون والصياد وأبنه

ذكر المؤرخ المقريزى المسلم فى كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الثالث  119 / 167 : " قال جامع السيرة الطولونية‏:‏ وركب أحمد بن طولون في غداة باردة إلى المقس فأصاب بشاطىء النيل صيادًا عليه خلق لا يواريه منه شيء ومعه صبيّ له في مثل حاله وقد ألقى شبكته في البحر فلما رآه رقّ لحاله وقال‏:‏ يا نسيم ادفع إلى هذا عشرين دينارًا فدفعها إليه ولحق ابن طولون فسار أحمد بن طولون ولم يبعد ورجع فوجد الصياد ميتًا والصبيّ يبكي ويصيح فظن ابن طولون أن بعض سودانه قتله وأخذ الدنانير منه فوقف بنفسه عليه وسأل الصبيّ عن أبيه فقال له‏:‏ هذا الغلام وأشار إلى نسيم الخادم دفع إلى أبي شيئًا فلم يزل يقلِّبه حتى وقع ميتًا‏.‏
فقال‏:‏ فتشه يا نسيم فنزل وفتشه فوجد الدنانير معه بحالها فحرّض الصبيّ أن يأخذها فأبى وقال‏:‏ هذه قتلت أبي وإن أخذتها قتلتني فأحضر ابن طولون قاضي المقس وشيوخه وأمرهم أن يشتروا للصبيّ دارًا بخمسمائة دينار تكون لها غلة وأن تحبس عليه وكتب اسمه في أصحاب الجرايات وقال‏:‏ أنا قتلت أباه لأنّ الغني يحتاد إلى تدريج وإلاّ قتل صاحبه هذا كان يجب أن يُدفع إليه دينارًا بعد دينار حتى تأتيه هذه الحملة على تفرقة فلا تكثر في عينه‏.‏

*****************************************************************************************

قال المقريزى  المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثالث  ( 129 من 167 )  : " الروضة اعلم أنّ الروضة تُطلق في زماننا هذا على الجزيرة التي بين مدينة مصر ومدينة الجيزة وعرفت في أوّل الإسلام بالجزيرة وبجزيرة مصر ثم قيل لها جزيرة الحصن وعرفت إلى اليوم بالروضة ... بني أحمد بن طولون الحصن وبها كانت الصناعة يعني صناعة السفن الحربية أي كانت بها دار الصناعة وبها كان الجنان والمختار

========================================================================

 

عدد العبيد فى عصر أبن طولون الذين تكون منهم الجيش
ذكر المقريزى فى كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الأول  -  21 / 167 فقال : ومات كندر في ربيع الآخر سنة تسع عشرة ومائتين وولي ابنه المظفر مصر من بعده فسار إلى يحيى وقاتله في بحيرة تنيس وأخذه أسيرًا فانقرضت دولة العرب من مصر وصار جندها العجم والموالي من عهد المعتصم إلى أن ولي الأمير أبو العباس أحمد بن طولون مصر فاستكثر من العبيد وبلغت عدّتهم زيادة على أربعة وعشرين ألف غلام تركيّ وأربعين ألف أسودًا وسبعة آلاف حرّ مرتزق ثم استجدّ ابنه الأمير أبو الجيش خمارويه بعده عدّة من شناترة حوف مصر

*******************************************************************************

قال المقريزى  المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثالث  ( 921 من 761 )  : " وقال القضاعيّ جزيرة فسطاط مصر‏.‏ قال الكنديّ‏:‏ بنيت بالجزيرة الصناعة في سنة أربع وخمسين وحصن الجزيرة بناه أحمد بن طولون في سنة ثلاث وستين ومائتين ليحرز فيه حرمه وماله وكان سبب ذلك مسير موسى بن بغا العراقيّ من العراق واليًا على مصر وجميع أمال ابن طولون وذلك في خلافة المعتمد على الله‏.‏
فلما بلغ أحمد بن طولون مسيرة استعدّ لحربه ومنعه من دخول أعماله فلما بلغ موسى بن بغا إلى الرقة تثاقل عن المسير لعظم شأن ابن طولون وقوّته ثم عرضت لموسى علة طالت به وكان بها موته وثاوره الغلمان وطلبوا منه الأرزاق وكان ذلك سبب تركه المسير فلم يلبث موسى بن بغا أن مات وكفى ابن طولون أمره ولم يزل هذا الحصن على الجزيرة أخذ النيل شيئًا بعد شيء وقد بقيت منه بقايا متقطعة إلى الآن وقد اختصر القاضي القضاعيّ رحمه الله في ذكر سبب بناء ابن طولون حصن الجزيرة‏.‏
وقد ذكر جامع سيرة ابن طولون أن صاحب الزنج لما قدم البصرة في سنة أرعب وخمسين ومائتين واستعجل أمره أنفذ إليه أمير المؤمنين المعتمد على الله تعالى أبو العباس أحمد بن أمير المؤمنين المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بن الرشيد رسولًا في حمل أخيه الموفق بالله أبي أحمد طلحة من مكة إليه وكان الخليفة المهتدي بالله محمد بن الواثق بن المعتصم نفاه إليها فلما وصل إليه جعل العهد بالخلافة من بعده لابنه المفوّض وبعد المفوّض تكون الخلافة للموفق طلحة وجعل غرب المالك الإسلامية للمفوّض وشرقها للموفق وكتب بينهما بذلك كتابًا ارتهن فيه أيمانهما بالوفاء بما قد وقعت عليه الشروط وكان الموفق يحسد أخاه المعتمد على الخلافة ولا يراه أهلًا لها فلما جعل المعتمد الخلافة من بعده لابنه ثم للموفق بعده شق ذلك عليه وزاد في حقده وكن المعتمد متشاغلًا بملاذِّ نفسه من الصيد واللعب والتفرّد بجواري فضاعت الأمور وفسد تدبير الأحوال وفاز كلّ من كان متقلدًا عملًا بما تقلده وكان في الشروط التي كتبها المعتمد بن المفوّض والموفق أنها ما حدث في مل كلّ واحد منهما من حدث كانت النفقة عليه من مال خراج قسمه واستخلف على قسم ابنه المفوّض موسى بن بغا فاستكتب موسى بن بغا عبيد الله بن سليمان بن وهب وانفرد الموفق بقسمه من ممالك الشرق وتقدّم إلى كلّ منهما أن لا ينظر في مل الآخر وخلد كتاب الشروط بالكعبة وأفرد الموفق لمحاربة صاحب الزنج وأخرجه إليه وضم معه الجيوش فلما كبر أمره وطالت محاربته أياه وانقطعت موادّ خراج المشرق عن الموفق وتقاعد الناس عن حمل المال الذي كان يُحمل في كلّ عام واحتجوا بأشياء دعت الضرورة الموفق إلى أن كتب إلى أحمد بن طولون وهو يومئذٍ أمير مصر في حمل ما يستعين به في حروب صاحب الزنج وكانت مصر في قسم المفوّض لأنها من الممالك الغربية إلاّ أن الموفق شكا في كتابه إلى ابن طولون شدّة حاجته إلى المال بسبب ما هو بسبيله وأنفذ مع الكتاب تحريرًا خادم المتوكل ليقبض منه المال فما هو إلاّ أن ورد تحرير على ابن طولون بمصر وذا بكتاب المعتمد قد ورد عليه يأمره فيه بحمل المال إليه على رسمه مع ما جرى الرسم بحمله مع المال في كلّ سنة من الطراز والرقيق والخيل والشمع وغير ذلك وكتب أيضًا إلى أحمد بن طولون كتابًا في السرّ أنّ الموفق إنما أنفذ تحريرًا إليك عينًا ومستقصيًا على أخبارك وأنه قد كاتب بعض أصحابك فاحترس منه واحمل المال إلينا وعجل إنفاذه وكان تحرير لما قدم إلى مصر أنزله أحمد بن طولون معه في دار بالميدان ومنعه من الركوب ولم يمكنه من الخروج من الدار التي أنزله بها حتى سار من مصر وتلطف في الكتاب التي أجاب بها الموفق ولم يزل بتحرير حتى أخذ جميع ما كان معه من الكتب التي وردت من العراق إلى مصر وبعث معه إلى الموفق ألف ألف دينار ومائتين ألف دينار وما جرى الرسم بحمله من مصر وأخرج معه العدول وسار بنفسه صحبته حتى بلغ به العريش وأرسل إلى ماخور متولي الشام فقد عليه بالعريش وسلّمه إليه هو والمال وأشهد عليه بتسليم ذلك ورجع إلى مصر ونظر في الكتب التي أخذها من تحرير فذا هي إلى جماعة من قوّاده باستمالتهم إلى الموفق فقبض على أربابها وعاقبهم حتى هلكوا في عقوبته فلما وصل جواب ابن طولون إلى الموفق ومعه المال كتب إليه كتابًا ثانيًا يستقل فيه المال ويقول‏:‏ إن الحساب يوجب أضعاف ما حملت وبسط لسانه بالقول والتمس فيمن معه من يخرج إلى مصر ويتقلدها عوضًا عن ابن طولون فلم يجد أحدًا عوضه لما كان من كيس أحمد بن طولون وملاطفته وجوه الدولة‏.‏
فلما ورد كتاب الموفق على ابن طولون قال‏:‏ وأيّ حساب بيني وبينه أو حالٍ توجب مكاتبتي بهذا أو غيره وكتب إليه بعد البسملة‏:‏ وصل كتاب الأمير أيده الله تعالى وفهمته وكان أسعده الله حقيقًا بحسن التخير لمثلي وتصييره إياي عمدته التي يعتمد عليها وسيفه الذي يصول ب وسنانه الذي يتقي الأعداء بحدّه لأني دائب في ذلك وجعلته وكدي واحتملت الكلف العظام المؤمن الثقال باستجذاب كل موصوف بشجاعة واستدعاء كلّ منعوت بغنى وكفاية بالتوسعة عليهم وتواصل الصلات والمعادون لهم صيانة لهذه الدولة وذبًا عنها وحسمًا لأطماع المتشوّقين لها والمنحرفين عنها ومن كانت هذه سبيله في الموالاة ومنهجه في المناصحة فهو حريّ أنْ يُعرف له حقه ويوفر من الأعظام قدره ومن كلّ حال جليلة حظه ومنزلته فعوملت بضدّ ذلك من المطالبة بحمل ما أمر به والجفاء في المخاطبة بغير حال توجب ذلك ثم أكلف على الطاعة جعلًا وأُلزم في المناصحة ثمنًا وعهدي بمن أستدعي ما استدعاه الأمير من طاعته أن يستعديه بالبذل والإعطاء والإرغاب والإرضاء والإكرام لا أن يُكلّف ويحمل من الطاعة مؤنة وثقلًا وإني لا أعرف السبب الذي يوجب الوحشة ويوقعها بيني وبين الأمير أيده الله تعالى ولا ثم معاملة تقتضي معاملة أو تحدث منافرة لأن العمل الذي أنا بسبيله لغيره والمكاتبة في أموره إلى من سواه ولا أنا من قبله فإنه والأمير جعفر المفوّض أيده اللهتعالى قد اقتسما الأعمال وصار لكلّ واحد منهما قسم قد انفرد به دون صاحبه وأُخذت عليه البيعة فيه أنه من نقض عهده أو أخفر ذمّته ولم يف لصاحبه بما أكد على نفسه فالأمّة بريئة منه ومن بيعته وفي حلذ وسعة من خلفه والذي عاملني به الأمير من محاولة صرفي مرّة وإسقاط رسمي أخرى وما يأتيه ويسومنيه ناقض لشرطه مفسد لعهده وقد التمس أوليائي وأكثروا الطلب في إسقاط اسمه وإزالة رسمه فآثرت الإبقاء وإن لم يؤثره واستعملت الأناة إذ لم تستعمل معي ورأيت الاحمال والكظم أشبه بذوي المعرفة والفهم وفصبرت نفسي على أحرّ من الجمر وأمرّ من الصبر وعلى ما لا يتسع به الصدر‏.‏
والأمير أيده الله تعالى أولى من أعانني على ما أوثره من لزوم عهده وأتوخاه من تأكيد عقده بحسن العشرة والإنصاف وكف الأذى والمضرّة وأن لا يضطرّني إلى ما يعلم الله عزّ وجلّ كرهي له أن أجعل ما قد أعددته لحياطة الدولة من الجيوش المتكاثفة والعساكر المتضاعفة التي قد ضرّست رجالها من الحروب وجرت عليهم محن الخطوب مصروفًا إلى نقضها فعندنا وفي حيزنا من يرى أنه أحق بهذا الأمر وأولى من الأمير ولو أمنوني على أنفسهم فضلًا عن أن يعثروا مني على ميل أو قيام بنصرتهم لاشتدّت شوكتهم ولصعب على السلطان معاركتهم والأمير يعلم أن بإزائه منهم واحدًا قد كبر عليه وفض كلّ جيش أنهضه إليه على أنه لا نار له إلاّ لفيف البصرة وأوباش عامّتها فكيف من يجدر كنًا منيعًا وناصرًا مطيعًا وما مثل الأمير في أطالة رأيه يصرف مائة ألف عنان عدّة له فيجعلها عليه بغير ما سبب يوجب ذلك فإن يكن من الأمير أعتاب أو رجوع إلى ما هو أشبه به وأولى وإلاّ رجوت من الله عز وجلّ كفاية أمره وحسم مادّة وشرّه وأجراءنا في الحياطة على أجمل عادته عندنا والسلام‏.‏
فلما وصل الكتاب إلى الموفق أقلقه وبلغ منه مبلغًا عظيمًا وأغاظه غيظًا شديدًا وأحضر موسى بن بغا وكان عون الدولة وأشدّ أهلها بأسًا وإقدامًا فتقدّم إليه في صرف أحمد بن طولون عن مصر وتقليدها ماخور فامتثل ذلك وكتب إلى ماخور كتاب التقليد وأنفذه إليه فلما وصل إليه الكتاب توقف عن إرساله إلى أحمد بن طولون لعجزه ن مناهضته وكتب إلى ماخور أمير الشام وإلى أحمد بن طولون أمير مصر لما بلغه من توقف ما خور عن مناهضته يأمرهما بحمل الأموال وعزم على قصد مصر والإيقاع بابن ولون واستخلاف ماخور عليها فسار إلى الرقة وبلغ ذلك ابن طولون فأقلقه وغمه لا لأنه يقصر عن موسى بن بغا لكن لتحمله هتك الدولة وأن يأتي سبيل من قاوم السلطان وحاربه وكسر جيوشه إلاّ أنه لم يجد بدًّا من المحاربة ليدفع عن نفسه وتأمّل مدينة فسطاط مصر فوجدها لا تؤخذ إلاّ من جهة النيل فأراد لكبر همته وكثر فكره في عواقب الأمور أن يبني حصنًا على الجزيرة التي بين الفسطاط والجيزة ليكون معقولًا لحرمه ذخائره‏.‏
ثم يشتغل بعد ذلك بحرب من يأتي من البر وقد زاد فذكره فيمن يقدم من النيل فأمر ببناء الحصن على الجزيرة واتخذ مائة مركب حربية سوى ما ينضاف إليها من العلابيات والحمائم والعشاريات والسنابيك وقوارب الخدمة وعمد إلى سدّ وجه البحر الكبير وأن يمنع ما يجيء إليه من مراكب طرسوس وغيرها من البحر الملح إلى النيل بن توقف هذه المراكب الحربية فيوجه البحر الكبير خوفًا مما سيجيء من مراكب طرسوس ما فعل محمد بن سليمان من بعده بأولاده كأنه ينظر إلى الغيب من ستر رقيق وجعل فيها من يذوب عن هذه الجزيرة وأنفذ إلى الصعيد وإلى أسفل الأرض بمنع من يحمل الغلال إلى البلاد ليمنع من يأتي من البرّ الميرة وأقام موسى بن بغا بالرقة عشرة أشهل وقد اضطربت عليه الأتراك وطالبوه بأرزاقهم مطالبة شديدة بحيث استتر منهم كاتبه عبيد الله بن سليمان لتعذر المال وطالبوه بأرزاقهم مطالبة شديدة بحيث استتر منهم كاتبه عبيد الله بن سليمان لتعذر المال عليه وخوفه على نفسه منهم فخاف موسى بن بغا عند ذلك ودعته ضرورة الحال إلى الرجوع فعاد إلى الحرة ولم يقم بها سوى شهرين ومات من علة في صفر سنة أربع وستين ومائتين هذا وأحمد بن طولون يجدّ في بناء الحصن على الجزيرة وقد ألزم قوّاده وثقاته أمر الحصن وفرّقه عليهم قطعًا وهو في غفلة وفرّقه عليهم قطعًا قام كلّ واحد بما لزمه من ذلك وكدّ نفسه فيه وكان يتعاهدهم بنفسه في كل يوم وهو في غفلة عما صنعه الله تعالى له من الكفاية والغنى عما يعانيه ومن كثرة ما بذلك في هذا العمل قدّر أنّ كلّ طوبة منه وقفت عليه بدرهم صحيح ولما تواترت الأخبار بموت موسى بن بغا كف عن العمل وتصدّق بمال كثير شكرًا الله تعالى على ما منّ به عليه من صيانته عما يقبح فيه عند إلاّ حدوثه وما رأى الناس شيئًا كان أعظم من عظيم الجدّ في بناء هذا الحصين ومباكرة الصناع له في الأسحار حتى فرغوا منه فإنهم كان يخرجون إليه من منازلهم في كلّ بكرة من تلقاء أنفسهم من غير استحثاث لكثرة ما سخا به من بذل المال فلما انقطع الماء لم يرد أحد من الصناع التي كانت فيه مع كثرتها كأنما هي نار صُبَّ عليها ماء فطفئت لوقتها ووهب للصناع مالًا جزيلًا وترك وكان مما حمل أحمد بن طولون على بناء الحصن أن الموفق أراد أن يشغل قلبه فسُرقت نعله من بيت حظيه لا يدخل إلاّ ثقاته وبعث الموفق إليه‏.‏
فقال له الرسول‏:‏ من قدر على أخذ هذه النعل من الموضع الذي تعرفه أليس هو بقادر على أخذ روحك فوالله أيها الأمير لقد قام عليه أخذ هذه النعل بخمسين ألف دينار فعند ذلك أمر ببناء الحصن‏.‏
وقال أبو عمر الكنديذ في كتاب أمراء مصر‏:‏ وتقدّم أبو أحمد الموفق إلى موسى بن بغا في صرف أحمد بن طولون عن مصر وتقليدها ماخور التركيّ فكتب موسى بن بغا بذلك إلى ماخور وهو والي دمشق يومئذٍ فتوقف لعجزه عن مقاومة أحمد بن طولون فخرج موسى بن بغا فنزل الرقة وبلغ ابن طولون أنه سائر إليه ولم يجد بدًّا من محاربته فأخذ أحمد بن طولون في الحذر منه وابتدأ في ابتناء الحصن الذي بالجزيرة التي بين الجسرين ورأى أن يجعله معقلًا لماله وحرمه وذلك في سنة ثلاث وستين ومائتين واجتهد أحمد بن طولون في بناء المراكب الحربية وأطافها بالجزيرة وأظهر الامتناع من موسى بن بغا بكل ما قدر عليه وأقام موسى بن بغا بالرقة عشرة أشهر وأحمد بن طولون في إحكام أموره واضطربت أصحاب موسى بن بغا عليه وضاق بم منزلهم وطالبوا موسى بالمسير أو الرجوع إلى العراق فبينا هو كذلك توفي موسى بن بغا في سنة أربع وستين ومائتين‏.‏
وقال محمد بن داود لأحمد بن طولون وفين تحامل‏:‏ بنى الجزيرة حصنًا يتسجنُ بهِ بالعسفِ والضربِ والصناعِ في تعبِ وراقب الجيزة القصوى فخندقها وكاد يًصعقُ من خوفٍ ومن رُعبِ له مراكبُ فوقَ النيِلِ راكدةٌ فما سوى القارِ للنظارِ والخشبِ ترى عليها لباس الذلِ مذ بُنيتْ بالشطِّ ممنوعة من عزَّةِ الطلبِ فما بناها لغزوِ الرومش محتسبًا لكنْ بناها غداةَ الروعِ والعطبِ وقال سعيد بن القاضي من أبيات‏:‏ ون جئتّ رأس الجسرِ فانظر تَأملًا إلى الحصنِ أو فاعبر إليه على الجسرِ ترى أثرًا لم يبق من يتسطيعُهُ من الناس في بدو البلادِ ولا حَضَرِ مآثر لا تُبلى وإن بادَ أهلُها ومجدٌ يؤدّي وارثيه إلى الفخرِ وما زال حصن الجزيرة هذا عامرًا أيام بني طولون وعملت فيه صناعة مصر التي تنشأ فيها المراكب الحربية فاستمرّ صناعة إلى أن تقلد الأمير محمد بن طفج الإخشيد إمارة مصر من قبل أمير المؤمنين الراضي بالله وسير مراكب من الشأم عليها صاعد بن الكلكم فدخل تنيس وسارت مقدّمته في البر ودخل صاعد دمياط وسار فهزم جيش مصر الذي جهزه أحمد بن كيغلغ إليه بتدبير محمد بن عليّ الماردانيذ على بحيرة نوسا وأقبل في مراكب إلى الفسطاط فكان بالجزيرة وقدم محمد بن طفج وتسلم البلد لست بقين من رمضان سنة ثلاثة وعشرين وثلاثمائة وفرّ منه جماعة إلى الفيوم فخرج إليهم صاعد بن الكلكم في مراكبه وواقعهم بالفيوم فقتل في عدّة من أصحابه وقدمت الجماعة في مراكب ابن كلكم فأرسوا بجزيرة الصناعة وحرّقوها ثم مضوا إلى الإسكندرية وساروا إلى برقة فقال محمد بن طفج الصناعة هنا خطأ وأمر بعمل صناعة في برّ مصر‏.‏
*******************************************

أحمد بن طولون ولعب الكرة
الميدان بالقلعة‏:‏ هذا الميدان من بقايا ميدان أحمد بن طولون الذي تقدّم ذكره عند ذكر القطائع من هذا الكتاب ثم بناه الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب في سنة إحدى عشرة وستمائة وعمر إلى جانبه بُرَكًا ثلاثًا لسقيه وأجرى الماء إليها ثم تعطل هذا الميدان مدّة فلما قام من بعده ابنه الملك العادل أبو بكر محمد بن الكامل محمد اهتم به ثم اهم به الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل اهتمامًا زائدًا وجدّد له ساقية أخرى وأنشأ حوله الأشجار فجاء من أحسن شيء يكون إلى أن مات فتلاشى أمر الميدان بعده وهدمه الملك المعز ابتدأ الملك الناصر محمد بن قلاون عمارته فاقتطع من باب الإصطبل إلى قريب باب القرافة وأحضر جميع جمال الأمراء فنقلت إليه الطين حتى كساه كله وزرعه وحفر به الآبار وركب عليها السواقي وغرس فيه النخل الفاخر والأشجار المثمرة وأدار عليه هذا السور الحجر الموجود الآن وبنى حوضًا للسبيل من خارجه فلما كما ذلك نزل إليه ولعب فيه الكرة مع أمرائه وخلع عليهم واستمرّ يلعب فيه يومي الثلاثاء والسبت وصار القصر الأبلق يُشرف على هذا الميدان فجاء ميدانًا فسيح المدى يسافر النظر في أرجائه وإذا ركب السلطان إليه نزل من درج تلي قصره الجوّاني فينزل السلطان إلى الإصطبل الخاص ثم إلى هذا الميدان وهو راكب وخواص الأمراء في خدمته فيعرض الخويل في أوقات الإطلاقات ويلعب فيه الكرة وكان فيه عدّة أنواع الوحوش المستحسنة المنظر وكانت تربط به أيضًا الخيول للتفسح وفي هذا الميدان يُصلي السلطان أيضًا صلاة العيدين ويكون نزوله إليه في يوم العيد وصعوده من باب خاص من دهليز القصر غير المعتاد النزول منه فإذا ركب من باب قصره ونزل إلى منفذه من الإصطبل إلى هذا الميدان ينزل في دهليز سلطانيّ قد ضرب له على أكمل ما يكون من الأبهة فيُصليّ ويسمعُ الخطبة ثم يركب ويعود إلى الإيوان الكبير ويمدّ به السماط ويخلع على حامل القبة والطير وعلى حامل السلام والاستادار والجاشنكير وكثير من أرباب الوظائف وكانت العادة أن تُعد للسلطان أيضًا خلعة العيد على أنه يلبسها كما كانت العادة في أيام الخلفاء فينعم بها على بعض أكابر أمراء المئين ولم يزل الحال على هذا إلى أن كانت سنة ثمانمائة فصلَّى الملك الظاهر برقوق صلاة عيد النجر بجامع القلعة لتخوّفه بعد واقعة الأمير علي باي فهجر الميدان واستمرّت صلاة العيد بجامع القلعة من عامئذ طول الأيام الناصرية والمؤيدية‏.

This site was last updated 01/26/11