رِجْسة الخراب | رِجْس المخرّب | جناح الارجاس
والأصل العبرى لكلمة " رجسة " هى " شاكاس " بمعنى " بغيض " أو مكروه " وقد استخدمت الكلمة للدلالة على أشكال العبادات الوثنية المقيته كآلهه العمونيين والموآبين ( 1 مل 11 : 5 و 7 ، 2مل 23 : 13 ) .
وعندما أراد دانيال أن يوصف شراً رهيباً يتعارض بشدة مع الأخلاق واللياقة ، ويدعو للاشمئزاز اذ ينشر الفساد ويترك كل شئ وراءه خراباً ، لم يجد أقوى من هذا التعبير الذى يجمع بين " الرجس " و " الخراب " .
أشار السيد المسيح إلى رجسة الخراب فى ( مت 24 : 15 ، مرقس 13 : 14 ) فقال : "فمتى نظرتم "رجسة الخراب" التي قال عنها النبي دانيال قائمة في المكان المقدس – ليفهم القاريء" ولاترد عبارة رجسة الخراب التى ذكرها السيد المسيح بنصها هذا فى نبوه دانيال ، ولكنه أشار إليها أربع مرات بصور مختلفة فى " معصية الخراب لبذل القدس والجند مدوسين " ( دانيال 8 : 13 ) ، " وفى وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة وعلى جناح الأرجاس مخرَّب حتى يتم ويُصب المقضى على المخِّرب " ( دانيال 9 : 27 ) ، و " تقوم منه أذرع وتنجس المقدس الحصين وتنزع المحرقة الدائمة وتجعل الرجس المخِّرب " ( 11 : 31 ) ، ومن وقت إزالة المحرقة الدائمة وإقامة رجس المخِّرب ألف ومئتنان وتسعون يوماً " ( 12 : 11 ) وقد وردت هذه التعبيرات المختلفة بمعنى " رجسة الخراب " فى الترجمة السبعينة للعهد القديم ، وهى الترجمة اليونانية التى أقتبس منها غالبية كتَّاب العهد الجديد .
وعبارة ليفهم القارئ أى يرجع القارئ ويفهم نبوات العهد القديم التى ذكرها دانيال النبى (ص 9: 27 و11: 31 و12: 11) "ويثبت عهداً مع كثيرين في أسبوع واحد، وفي وسط الأسبوع يبطل الذبيحة والتقدمة، وعلى جناح الأرجاس مخرب حتى يتم ويصب المقضي على الخراب" فهو تحذير والإنذار بأن الأصنام ستقام في الهيكل في أورشليم. وقد رأى اليهود تحقيق النبوة الواردة في دانيال 11: 31 عندما أقيم هيكل للأوثان في مكان هيكل إله اليهود فى جبل المريا فى أورشليم، وقد أقامه أنتيوخس الرابع أبيفانيس king Antiochus IV Epiphanes ملك سورية الوثنى في سنة 168 ق.م. وأمر بتقديم ذبيحة خنزير للإله زفس اولمبيوس فيه (1 مكا 1: 54 و6: 7 و2مكا 6: 2) وأراد أن يمحو العبادة اليهودية ( 1 مك 1: 54 – 60 )
وهذا هو ما يعرف "برجسة الخراب".
وحوالى 200 عاماً بعد ما حدث في الهيكل بتقديم أنتيوخس أبيفانيس في سنة 168 ق.م. خنزير ذبيحة للإله زفس اولمبيوس فى مكان هيكل سليمان
وما جاء فى نبوة دانيال ، ما هو إلا تسجيل لما فعله أنطيوكس الرابع ( إيبقانس ) ملك سورية الوثنى عندما ذبح خنزيرة على المذبح المقدس فى هيكل أورشليم فى 165 ق.م
ولكن الرب يسوع يشير فى كلامه إلى حادث سيتم فى المستقبل بما سيحدث للهيكل الذى بناه هيرودس في أورشليم مما جعل بعض المفسرين أن يروأ أن ذلك قد تم فى خراب أورشليم والهيكل على يد تيطس الرومانى فى 70 م .
وعندما أنذر السيد المسيح بأنه متى رأى المؤمنون في اليهودية رجسة الخراب التي تكلم عنها دانيال قائمة في المكان المقدس أن يهربوا إلى الجبال. وحدث أنه عندما اقتربت الجيوش الرومانية بشارتها ورموزها الوثنية في سنة 70 ميلادية رأى المؤمنون المسيحيون في هذا تحذيرًا لهم فهربوا إلى فحل في شرق الأردن قبل خراب أورشليم. وفي هذه النبوات انذر ضد العبادة الوثنية والخراب الذي تحدث نتيجة لممارستها.
و يعتقد علماء آخرين أن المسيح كان يشير الي أن المسيح الدجال، سيفعل شيئاً مماثلاً لما قام به الحاكم الروماني في القديم. ومما يؤكد ذلك أن بعض الأحداث التي تنبأ بها النبي دانيال لم تحدث في عام 167 قبل الميلاد. إذ أن الحاكم لم يعقد عهداً مع اسرائيل لمدة سبع سنوات. فالمسيح الدجال هو الذي سيعقد العهد مع اسرائيل لمدة سبعة أعوام ثم سيخرق العهد بفعل شيء مماثل لما حدث في الهيكل من قبل.
ومها كان مستقبل رجسة الخراب، فأن ما سيحدث سيزيل أي شك في قلب أي انسان بأن هذا هو فعلاً المسيح الدجال. وسفر الرؤيا 14:13 يخبرنا بأنه سيصنع صورة أو تمثالاً معيناً وسيرغم الجميع على عبادته. هذا وأن تحويل الهيكل الى مكان لعبادته بدلاً من عبادة الإله الحي شيء بغيض ورجس في عيني الرب بنفس مقدار تدنيس الهيكل. والذين سيكونون موجودين على الأرض وقت الإضطراب العظيم يجب وأن يترقبوا هذا الحدث كبداية لأسوأ ثلاثة سنوات ونصف على الأرض وأن يعلموا يقيناً أن رجوع المسيح الثاني للأرض وشيك. "اسهروا إذاً وتضرعوا في كل حين، لكي تحسبوا أهلاً للنجاة من جميع هذا المزمع أن يكون، وتقفوا قدام ابن الإنسان" (لوقا 36:21).
ولكن يرى الكثيرين من المفسرين أن ما ذكلاه الرسول بولس عن " انسان الخطية " ( 2 تس 2 : 3 – 12 ) ، هو الاتمام الكامل لأقوال الرب يسوع ونبوات دانيال ويربط الرسول بكل وضوح بين " إنسان الخطية " و " رجسة الخراب " ومجئ الرب ثانية ولذلك لكى نفهم نبوات دانيال واقوال الرب يسوع وما ذكره الرسول بولس في الأصحاح الثاني من رسالته الثانية إلى الكنيسة فى تسالونيكى ، يجب أن نرجع إلى الفصول الكتابية المتعلقة بالأخرويات ( الرجا الرجوع إلى مادة " الأخرويات " فى المجلد الأول من دائرة المعارف الكتابية ) .
************************
المراجع
(1) موقع ألأنبا تكلا