ولاية عبد الملك بن رفاعة الأولى على مصر
هو عبد الملك بن رفاعة بن خالد بن ثابت الفهمي المصري أمير مصر ولي مصر بعد موت قرة بن شريك من قبل الوليد بن عبد الملك بن مران.
وليها في شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين على الصلاة فلم يكن بعد ولايته إلا أيام ومات الوليد بن عبد الملك وتخلف أخوه سليمان بن عبد الملك فأقر عبد الملك هذا على عمل مصر فدام على ذلك وحسنت سيرته فإنه كان عفيفًا عن الأموال دينًا وفيه عدل في الرعية وكان ثقة أمينًا فاضلًا روى عنه الليث بن سعد وغيره.
قال الليث بن سعد: كان يقول عبد الملك بن رفاعة: إذا دخلت الهدية من الباب خرجت الأمانة من الطاق يعني بهذا الكلام في حق كل عامل على بلد.
قلت: وهذا أيضًا في حق كل حاكم كائن من كان.
وفي الجملة فقد كان بينه وبين قرة بن شريك زحام.
وكان المتولي في أيام عبد الملك بن رفاعة على خراج مصر أسامة بن زيد التنوخي وعلى الشرطة أخاه الوليد بن رفاعة.
قال الكندي: كتب سليمان بن عبد الملك بن مران إلى أسامة : احلب الدر حتى ينقطع وأحلب الدم حتى ينصرم.
قال: فذلك أول شدة دخلت على أهل مصر.
وقال يومًا سليمان بن عبد الملك - وقد أعجبه فعل أسامة بن زيد المذكور -: هذا أسامة لا يرتشي دينارًا ولا درهمًا فقال له ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مران: أنا أدلك على من هو شر من أسامة ولا يرتشي دينارًا ولا درهمًا قال سليمان: ومن هو قال عمر: عدو الله إبليس فغضب سليمان ولما مات سليمان بن عبد الملك وتولى عمر بن عبد العزيز الخلافة وجه في عزل أسامة بن زيد المذكور قبل دفن سليمان وأقر عبد الملك بن رفاعة على عمله بمصر مدة ثم عزله بأيوب بن شرحبيل في شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين.
وكانت ولاية عبد الملك بن رفاعة على مصر في هذه المرة ثلاث سنين تخمينًا.
بن رفاعة الأولى على مصر وهي سنة ست وتسعين
وفيها عزم الوليد قبل موته بمدة يسيرة على خلع أخيه سليمان بن عبد الملك من ولاية العهد وكان الوليد قد شاور الحجاج في ذلك فأشار عليه بخلعه فكتب الوليد إلى أخيه سليمان بذلك فامتنع وكان بفلسطين فعرض عليه الوليد أموالًا كثيرة فأبى.
فكتب الوليد إلى عماله أن يخلعوا سليمان ويبايعوا لابنه عبد العزيز بن الوليد فلم يجبه إلى ذلك سوى الحجاج وقتيبة بن مسلم.
ثم قال لعمر بن عبد العزيز: بايع لابن أختك عبد العزيز فإن عبد العزيز بن الوليد كانت أمه أخت عمر بن عبد العزيز فقال له عمر: إنما بايعناك وسليمان في عقد واحد فكيف نخلعه ونتركك! فأخذ الوليد منديلا وجعله في عنق عمر بن عبد العزيز ولواه حتى كاد أن يموت فصاحت أخته أم البنين زوجة الوليد حتى أطلقه وحبسه في بيتٍ ثلاثة أيام إلى أن قالت له أم البنين: أخرج أخي فأخرجه وقد كاد أن يموت وقد التوى عنقه فقالت أم البنين: اللهم لا تبلغ الوليد في ولد عبد العزيز ما أمله.
وفيها توفي الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مران أمير المؤمنين أبو العباس الأموي الدمشقي من الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشأم وكان الوليد عند أهل الشأم أفضل خلفائهم من كونه بنى المساجد والجوامع وبنى جامع دمشق ومسجد المدينة وهو أول من اتخذ دار الضيافة للقادمين وبنى البيمارستانات للمرضى وساق المياه إلى مكة والمدينة ووضع المنابر في الأمصار غير أنه كان له مساوىء من كونه كان أقر الحجاج على العراق وأشياء غير ذلك وتولى الخلافة من بعده أخوه سليمان بن عبد الملك.
السنة الثانية من ولاية عبد الملك بن رفاعة على مصر وهي سنة سبع وتسعين.
مات بطريق مكة الخليفة سليمان بن عبد الملك.
السنة الثالثة من ولاية عبد الملك بن رفاعة على مصر وهي سنة ثمان وتسعين.
وكانت