Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ /عزت اندراوس

 المحاكمة السادسة (مدنية):  يسوع يحاكم أمام بيلاطس مرة ثانية 

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
صــورة حكم  بيلاطس على المسيح
إنكار بطرس أمام قيافا
شهود زور
اليهود وعقوبة القتل
محاكمة بسوع الأولى
محاكمة بسوع الثانية
محاكمة بسوع الثالثة
محاكمة بسوع الرابعة
محاكمة بسوع الخامسة
محاكمة بسوع السادسة

 

المحاكمة السادسة :  يسوع يحاكم أمام بيلاطس مرة ثانية (مدنية) [يوحنا 18: 39 إلى يوحنا 19: 16] 
+ داخل دار الولاية
-----------------------

+ الساعة العاشرة صباحا ً
اتفق فيلون (المفكّر اليهودي الذى كان يعيش في الإسكندرية) وفلافيوس يوسيفوس (مؤرّخ الحرب اليهودية الرومانية) وتاقيطس (المؤرّخ الروماني) على وصف بيلاطس أنه شخص قاسٍ لا ضمير له. عامل اليهود بفظاظة واحتقار. عزله فيتاليوس، حاكم سورية، بسبب وحشيته.
 بيلاطس : " قد قدمتم اليّ هذا الإنسان كمن يفسد الشعب وها أنا قد فحصته قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه . ولا هيرودس أيضا لأني أرسلتكم إليه وها لا شيء يستحق الموت صنع منه . فانا أؤدبه وأطلقه [ أي يحكم عليه بالجلد ] . " ( لو 23 : 14 – 16 ) .

بيلاطس وجد يسوع بريئا وأرسله إلى هيرودس أنتيباس وعاد بشهادة براءه من تهم اليهود القاتلة دعا بيلاطس الشعب مع رؤساء الكهنة والعظماء، لعله يقنع الشعب أن المتهم برئ ، واقترح عليهم أن يؤدبه ويطلقوه أى يكتفوا بجلْدِه وتعذيبه ،  ونتسأل لماذا تؤدبه ؟ وعلى أى أساس تؤدبه؟  كان يعتقد  أن هذا إشفاق على المسيح يخدم حكمه بعدم ثورة اليهود ضده  وبتخليص بريء من الإِعدام، وفي الوقت ذاته يجتنب استياء اليهود منه،  فقال لهم: »أنا أؤدبه وأطلقه«. بيلاطس يؤدب المسيح بعد أن برَّأه تماماً، أليس هذا ضد العدالة. هذاكان بداية خطأه فلم يكتفى اليهود بهذا بل بعد تعذيبه طلبوا صلب يسوع.

- اليهود إختاروا : باراباس ... باراباس
* خطط رؤساء الكهنة أن يطلقوا المجرم باراباس بدلا ً من يسوع لان باراباس كان أيضا ً محكوم عليه بالصلب " وذاك كان قد طرح في السجن لأجل فتنة حدثت في المدينة وقتل " ( لو 23 : 19 ) .
- بيلاطس : " لكم عادة أن أطلق لكم واحدا في الفصح ... من تريدون أن أطلق لكم باراباس أم يسوع الذي يدعى المسيح " ، راجع ( يو 18 : 39 ، مت 27 : 17 ) .

- اليهود : باراباس ... باراباس ... " ليس هذا بل باراباس " ( يو 18 : 40 ) .
- بيلاطس : " فماذا افعل بيسوع الذي يدعى المسيح " ( مت 27 : 22 ) .
- اليهود : ( بصوت عال ) " اصلبه ... اصلبه " ( لو 23 : 21 ) .
- بيلاطس : " واي شر عمل " ( مت 27 : 23 ) .
- اليهود : ( بصوت عال ) اصلبه ... اصلبه

+ فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم ، فأطلق لهم [ باراباس ] ( لو 23 : 24 ) .

أولا: بيلاطس يعاقب يسوع بعقوبة الجلد
---------------------------------------------
+ الساعة الحادية عشر ظهرا ً
+ " فحينئذ اخذ بيلاطس يسوع وجلده " ( يو 19 : 1 ) .
+ * كانت عقوبة الجلد غير عقوبة الموت صلبا ً وقد عوقب يسوع بالعقوبتين .
+ كانت عقوبة الجلد في القانون الروماني هي " عقوبة نصف الموت " لان من يجلد يكون قد اقترب من الموت فلا يجوز أن يحكم عليه بالصلب موتا ً .
+ " أما يسوع فجلده " ( مت 27 : 26 ) .
+ " فعروه وألبسوه رداء قرمزيا وضفروا إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه وقصبة في يمينه وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود . وبصقوا عليه واخذوا القصبة وضربوه على رأسه " ( مت 27 : 28 – 30 ) .

+ بعد الجلد عادوا بيسوع ليمثل أمام بيلاطس . ونتيجة للصخب الذي عملوه اليهود . وقف بيلاطس يكلمهم .
 دار الولاية وهو موضع إقامة الوالي الروماني بيلاطسان وكان الوالي الروماني يقيم عادة في قيصرية (أع 23: 33) مكان تمركز القوة العسكرية الرئيسية فى المنطفة  وبمناسبة الأعياد الكبرى أو في أوقات القلاقل، كان يصعد إلى أورشليم.  وقد  ظهر أسم بيلاطس للمرة الأولى في إنجيل يوحنا ولم يزيد شيئا عن هويته لأنه ركز على السيد المسيح وبيلاطس كما يذكر المؤرخون . كان حاكماً لليهودية منذ سنة 26 إلى سنة 36. وقد اكتشفت حديثاً مدوّنة في قيصرية البحرية وهي تورد إسمه فأثبتت الأثار أن ما قاله الإنجيل عنه صحيح .
ويختلف المؤرخون : بعضا منهم من قال أن محاكمة بيلاطس كانت في االقصر التي بناه هيرودس غربيّ المدينة. والغالبيه منهم قالوا في قلعة أنطونيا الواقعة شمالي الهيكل، والتقليدُ المسيحى يعود إلى القرن الثاني عشر يقول أن يسوعَ حوكم أمام بيلاطس فى قلعة أنطونيا وهو الأرجح لأن مهمة بيلاطس وحضوره من قيصرية هو لحفظ النظام فى الفصح حيث تزدحم أورشليم بحولى ثلاثة أرباع مليون يهودى يحتفلون بالفصح فى أورشليم وكانت قلعة أنطونيا المليئة بالجنود ملاصقة للهيكل ومشرفه عليه والسبب الآخر أن اليهود كانوا يعتبرون أن قلعة أنطونيا نجسة ولم يدخلوها بينما قصر هيرودس الكبير كان يوجد به رؤساء اليهود أثناء إستشارته عن مكان ولادة ملك اليهود بعد ذهاب المجوس من عنده
بيلاطس الوثنى يريد إطلاق يسوع دَعَا بِيلَاطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ، وَقَالَ لَهُمْ: »قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هذَا الْإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الْإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلَا هِيرُودُسُ أَيْضاً، لِأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ. وَهَا لَا شَيْءَ يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ صُنِعَ مِنْهُ. فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ
الجلد والتنكيل
»وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلَايَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيّاً، وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: »السَّلَامُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!« وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ« (متى 27:26 ب-30).
أخذ الجنود الرومان المسيح وجعلوه بين أيديهم. سمعوا أنه تلقَّب ملكَ اليهود فقصدوا أن يسخروا به كملك. أخذوه إلى داخل دار الولاية، وجمعوا عليه كل الكتبة، وعرُّوه وألبسوه رداء قرمزياً (ثوب أرجوان) وضفروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأسه. وقصبة في يمينه (إشارةً إلى قضيب المُلْك والصولجان). وكانوا يجثون أمامه استهزاءً قائلين: »السلام يا ملك اليهود«. وكانوا يخطفون من يده القصبة ويلطمونه ويضربونه بها على رأسه ويبصقون عليه، ثم يعيدون السجود له.
وتمّ الجلد والتكليل بالشوك في الداخل بين خروجين لبيلاطس . ليس الجلد بداية العقاب الذي يجد ذروته في الصليب، ولا محنة جسدية تتوخّى أضعاف المحكوم عليه أو إجباره على الإقرار. بل في تجعل يسوع شبيهاً بالكلمة المتجسد المتألم "الذي سلّم ظهره للذين يضربونه" (أش 50: 6). مشهد التكليل هو مهزلة في نظر الجنود، ولكنها تعبّر في نظر القارىء المؤمن عن حقيقة حول يسوع الملك المُهان والسافك دمه وجد طريقا لخلاص بنى البشر . كما يشكّل المشهد أيضاً مواجهة بين الملك المشوّه والشعب اليهودي.
ويخرج بيلاطس مرّة ثالثة فيعلن أيضاً براءة يسوع المرتدي الشارات الملوكية (التاج، اللباس الأرجواني)، قال: هوذا الرجل. عبارة تدلّ على الهزء من قبل بيلاطس واليهود. أما القارىء المسيحي فهو يعرف أن هذا الإعلان حقيقي بحقيقة تتجاوز بيلاطس واليهود. لقد وصل الإنتظار المسيحاني الطويل إلى نهايته. فالإنسان (أو: الرجل) وابن الإنسان هو هنا. هو ملك يُهزأ به. غير أنه يُتمّ في مسيرته الذليلة الطريق المجيد الذي يقود إلى الوحي الكامل.
وهكذا بدت الهوّة الكرستولوجية واضحة بين اليهود والمسيحيين. فما يعتبره اليهود تجديفاً (يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله) يعبّر عن إيمان حقيقي لدى المسيحيين الذين يعترفون بيسوع أنه ابن الله.
ويقول جناب الأسقف بولس الفغالى : "يختلف الإنجيليون في تحديد موقع هذه الأحداث. حسب مرقس ومتى، يجلد يسوع ويهزأ به في نهاية المحاكمة: أرسل بيلاطس يسوع ليجلد ويصلب. أما الجنود الرومان فأخذوه إلى الدار ليهزأوا به. والكلمة حول جلد يسوع (مر 15: 15) تعود إلى مرقس أو المرجع الأول لخبر الآلام كما استقى منه. ونقول الشيء عينه عن مشهد الهزء (مر 15: 16- 20). هل نحن أمام حدثين منفصلين؟ لا، بل عملان يصوّران معاً. وهذا ما نجده عند لوقا (23: 11) حيث الهزء بيسوع يقف في وسط محاكمة يسوع ويكون عملَ هيرودس وجنوده معاً. فبعد أن عاد يسوع من عند هيرودس، قال بيلاطس مرتين (لو 23: 16، 22) إنه سيجلد يسوع ويطلقه، ولكن النصّ لا يقول لنا إنه فعل. عند لوقا، العمل الوحيد الذي قام به الجنود الرومان ضدّ يسوع كان هزءهم منه حين كان يحمل صليبه (لو 23: 36- 37). أما يوحنا، شأنه شأن مرقس ومتى، فقد تحدّث عن جلد الجنود الرومان وهزئهم بيسوع. ولكنه تبع لوقا حين جعل الجلد في وسط المحاكمة.
كيف جرى مشهد الهزء بالتفصيل؟ يبدو خبر لوقا مستقلاً عن خبر سائر الأناجيل. ولا يبدو خبر يوحنا قريباً منه. ثم هناك اختلافات بين متى ومرقس، وإن كان الخبران متشابهين. نشير هنا إلى أن متى جعل مشاهد العنف بعد مشاهد اللاعنف.
يقول مت 27: 29: ضفروا إكليلاً من شوك وجعلوه على رأسه. وهذا ما يقوله يوحنا  يجعل متى الإكليل بعد اللباس، ويوحنا قبل اللباس الأرجواني. واقترب يوحنا من مرقس وإن لم يكن كل الإقتراب حيث تحدّث عن الجنود والفرقة كلها، عن اجتذاب يسوع إلى داخل الدار، عن وضع إكليل الشوك على الرأس، عن اللباس الأرجواني وعن تحية يسوع بملك اليهود. كل هذا يعني ارتباط يوحنا بمرقس ومراجعه، مع الإفادة من خبر متى.
كان الجلد والهزء في نظر متى ومرقس جزءاً من الصلب. في نظر لوقا، كان الهزء تعبيراً عن احتقار هيرودس ليسوع. وأثار يوحنا مسألة تعتبر أن الجلد والهزء كانا جزءاً من مخطّط بيلاطس لكي يطلق يسوع. فقبل هذا الحدث وبعده، أكّد بيلاطس أن يسوع بريء. لهذا نستطيع أن نفترض أن بيلاطس أراد تهدئة "اليهود" ليقنعهم بأن يسوع أضعف من أن يحمل أي تهديد.
حين هزىء الجنود من يسوع وسخروا منه كملك، قاموا "بطقس" معروف في أوساط الجنود. فإن فيلون يصوّر لنا رجلاً يلبسونه ثوباً ملوكياً، ويضعون على رأسه "تاجاً" وفي يده عصا كأنها "صولجان". ثم يركعون أمامه ويحيّونه كأنه ملك. قد يكون الجنود صنعوا الشيء عينه مع يسوع."(أ. هـ )
+ خارج دار الولاية
=============
- بيلاطس : انظروا ها أنا احضره إليكم لتعلموا إني لست أجد فيه علة واحدة . ( يو 19 : 4 ) .
- اليهود ( بصراخ ) : اصلبه ... اصلبه .
- بيلاطس : " خذوه انتم واصلبوه لأني لست أجد فيه علة " ( يو 19: 6 ) .
+ كانت كلمات بيلاطس تحديا ً شخصيا ً لرؤساء الكهنة لأنه يعلم جيدا ً انهم لا سلطان لهم علي تنفيذ حكم الموت .
- اليهود : " لنا ناموس وحسب ناموسنا يجب أن يموت لأنه جعل نفسه ابن الله " ( يو 19 : 7 ) .
+ انزعج بيلاطس جدا ً . لأنه لم يسمع قط عن احد يحاكم بتهمة كهذه ... بل تذكر كلمات زوجته ... إياك وهذا البار .

+ داخل دار الولاية
============
- بيلاطس : " من أين أنت ؟ " ( يو 19 : 9 ) .
+ لم يكن هذا سؤالا ً ... بل كان يتفرس فيه . تري من هو الشخص الواقف أمامي ؟ هل حقا ً ما يقولونه اليهود ، بماذا سيجاوب علي هذا السؤال ؟
+ " أما يسوع فلم يعطه جوابا " ( يو 19 : 9 ) .
+ حاول بيلاطس أن يتمالك نفسه . ولكنه اندفع هذه المرة فقال :
- بيلاطس : " أما تكلمني الست تعلم أن لي سلطانا أن أصلبك وسلطانا أن أطلقك " ( يو 19 : 10 ) .
- يسوع : " لم يكن لك عليّ سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق لذلك الذي أسلمني اليك له خطية أعظم " ( يو 19 : 11 ) .
+ كانت كلمات يسوع قوية حركت قلب بيلاطس ... ولكن زاد الصياح في الخارج ... فلم يستطيع بيلاطس أن ينطق . ولكنه اقتنع أكثر ببراءته .

+ خارج دار الولاية
============
- اليهود : " إن أطلقت هذا فلست محبا لقيصر كل من يجعل نفسه ملكا يقاوم قيصر " ( يو 19 : 12 ) .
* لما سمع بيلاطس هذا الكلام ... خاف وتراجع ... لكي لا تتصاعد القضية وتصل الي مسامع " طيباريوس قيصر " ... فيقرر عزله فجلس علي كرسي الولاية وبدا بكلمات متراخية .
- بيلاطس : " هوذا ملككم " ( يو 19 : 14 ) .
- اليهود ( بصراخ ) : " خذه خذه اصلبه " ( يو 19 : 15 ) .
- بيلاطس : " ااصلب ملككم " ( يو 19 : 15 ) .

* كانت كلمات بيلاطس محاولة منه أن يحرك الجماعة ليبرر موقفه ويعلن ولاءه للقيصر وقد انتهر رؤساء الكهنة الموقف وقالوا
- رؤساء الكهنة : " ليس لنا ملك إلا قيصر " ( يو 19 : 15 ) .

* ولكي يؤكد بيلاطس نظافة يده من القضية ( في حين هو شريك فيها ) ... طلب ماء وغسل يده .
- بيلاطس : " إني بريء من دم هذا البار " ( مت 27 : 24 ) .

سخر الرومان من يسوع كملك ورفض اليهود يسوع كملك ولكن يسوع كلمة ألإله المتجسد هو فعلا ملك له كل سلطان على الأرض والسماء  وهدف يسوع الأول من تجسده هو : "( الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون) (1 تى 2: 4)  فهو لم يقم بأى عنف بل كان صاحب سلام وحينما كان يكلمهم كانوا يقاتلونه باطلاً ولكن ليس مقبولا أن من يسئ إليه عن قصد سيغفر له فقد قال عن يهوذا : وبل لهذا الإنسان لو لم يولد وقال لأصحاب الهيكل: هوذا بيتكم يترك لكم حرابا أما الأعداء التقليديين الرومان واليهود الذين اتفقوا علي قتله حاربوا بعضهم وقتل الألاف من الجانبين  وتشتت اليهود كأمة فى العالم وأصبحوا لا شئ وأكل الغرباء بلادهم  وإنهارت الإمبراطورية الرومانية كأقوى أمه ظهرت فى التاريخ

+ الموت صلبا ً
=========
+ الساعة الثانية عشر ظهرا ً

* فاخذوا يسوع ومضوا به . فخرج وهو حامل صليبه الي الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال بالعبرانية جلجثة . ( يو 19 : 16 ، 17 ) .

وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً، فَصَرَخُوا بِجُمْلَتِهِمْ قَائِلِينَ: »خُذْ هذَا وَأَطْلِقْ لَنَا بَارَابَاسَ!« وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْلٍ. فَنَادَاهُمْ أَيْضاً بِيلَاطُسُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُطْلِقَ يَسُوعَ، فَصَرَخُوا: »اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!« فَقَالَ لَهُمْ ثَالِثَةً: »فَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ هذَا؟ إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ، فَأَنَا أُؤَدِّبُهُ وَأُطْلِقُهُ«. فَكَانُوا يَلِجُّونَ بِأَصْوَاتٍ عَظِيمَةٍ طَالِبِينَ أَنْ يُصْلَبَ. فَقَوِيَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَأَصْوَاتُ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. فَحَكَمَ بِيلَاطُسُ أَنْ تَكُونَ طِلْبَتُهُمْ. فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْلٍ، الَّذِي طَلَبُوهُ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ« (لوقا 23:13-25).
وفشل عرض بيلاطس الأول على اليهود وهو أن يؤدب يسوع بالجلد والتعذيب والسخرية والإستهزاء  وبدأ يعرض عليهم عرضا آخر ليحول أفكار الجموع إلى أمرٍ آخر تعوَّدوه في مثل هذا الوقت من كل عام، وهو أن الوالي يُطلق أحد المسجونين تحت الحكم بالإِعدام هديةً لهم بمناسبة عيد الفصح. فلما طالبوا بيلاطس بهذه المنحة، رأى في ذلك بابَ فرجٍ للمسيح، فخيَّرهم مراعاةً لحريتهم بين المسيح وبين محكومٍ عليه بالإِعدام، اسمه باراباس، قائد زمرةِ لصوصٍ ارتكبوا فتنة وقتلاً. ولم يتصور بيلاطس أن الجمهور سيطلب منه أن يطلق لهم باراباس ويقتلَ المعلمَ الديني التقي الصالح، الذي شفى من مرضاهم وأقام موتاهم .
وفى هذه الأثناء وصلت بيلاطس رسالة سمائبه  فيها تحذير إلهى واضح  أرسلها الإله له لأن ضميرى يأبى أن يحكم على برئ بالموت فهذه الرساله كانت لترجيح كفة ضميرة فى الصراع الذى كان يدور فى دتاخله بين ضميره وبين واجبات الرياسة والولاء للإمبراطور والصفقات السياسية »وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلَايَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: »إِيَّاكَ وَذلِكَ الْبَارَّ، لِأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ " ونلاحظ أن زوجة بيلاطس أطلقت على المسيح لقب "ذلك البار" والغريب أن هذه المرأة الوثنية قد تألمت لألام هذا البار فى حلم ولم يكن فى يدها إلا أن تتكلم وتعلن وتبشر بمأ رأته فسجل الإنجيل  هذه الشهادة تذكارا لها
 وبالرغم من أن بيلاطس لم يجد فيه علة لكنه تمادى فى ظلمه  وأخرج يسوع فى منظرا ساخرا أمام اليهود" فَخَرَجَ يَسُوعُ خَارِجاً وَهُوَ حَامِلٌ إِكْلِيلَ الشَّوْكِ وَثَوْبَ الْأُرْجُوانِ. والصولجان فَقَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ: هُوَذَا الْإِنْسَانُ" فصرخ اليهود: "ليُصلَب"
لكن بينما كانت أسباب تبرئة المسيح تزيد في غرفة الوالي، كان العكس تماماً يزيد في خارجها، لأن الرؤساء بذلوا كل جهدهم ليقنعوا الجمهور أن يُصرُّوا على قَتْله بدعوى أنه جدَّف، إذْ أطلق على نفسه صفة الإله، فجريمته أعظم من جريمة باراباس، ولا سيما أنه أراد أن ينقُضَ هيكلهم المعظَّم. فلما طلب بيلاطس جوابهم، صرخوا جميعاً قائلين: »خُذْ هذا وأطلق لنا باراباس«. ولما راجعهم لعل اختيارهم كان عن إسراعٍ أو سوء فهم، وكأنه يُظِهرُ لهم مرة أخرى مَيْله لأن يطلق المسيح، كان ينتظر أن يؤثر ذلك فيهم ليغيِّروا قرارهم، ولكنهم أصرُّوا على قرارهم الأول قائلين: »أطلِقْ لنا باراباس«.
لم يكتفِ الوالي بهذا الجواب فسألهم: »ماذا تريدون أن أفعل بيسوع؟«. فكرروا صراخهم: »اصلبه اصلبه«.
 إن بيلاطس رغب في أن يرضي الشعب. وقال مت 27: 24 إن بيلاطس لم يستفد شيئاً، بل ازداد الشعب هياجاً. وأشار لو 23: 23 إلى إلحاحهم الطالب بأن يُصلب يسوع.
وكان بيلاطس يظن أن الجمهور ليس مدفوعاً كالرؤساء بعوامل الحسد ليفضِّلوا لِصاً صانع فتنة على صانع المعجزات الذي اتهموه زوراً بأنه صانع فتنة. فسأل الجمهور: »من تريدون أن أطلق لكم، باراباس أم يسوع الذي يُدعَى المسيح ملك اليهود؟« ثم دخل بعد سؤاله وجلس على كرسي الولاية ليعطي فرصة للجمهور ليقرروا من يختارون.
السلطان
ظهر من تحقيق بيلاطسُ وإستجوابه ليسوع أنه يحاول أن يصور لليهود أنه غير منحاز فأمر بتأديبه أى عقابه بدنيا ونفسيا بدون وجه حق ولكنه بعرف أن يسوع بريئا وهذا ظهر من محاولاته اليائسة المتكرره لإطلاق سراحه . ولكن بيلاطس كان مربوطا بمسئوليات وظيفته  مشتتا بين ضميرة وحكمه بالعدل لبطلق يسوع المتهم البرئ وبين المقايضات السياسية ومجاملاته مع رؤساء اليهود  وتهديدهم له ومطالبتهم إياه بقتل يسوع  تحس بضيقه من اليهود وتحس ايضا بخيرته وبأنه لا يعرف كيف يتصرّف
فهو الآن أمام اتهام ديني يتجاوز فهمه. فالخوف يدفعه إلى التحدّث عن سلطانه. ومن الواضح أن بيلاطس عيل صبره من عدم تعاون هذا الرجل الذي يحاول أن يحميه فلم يقدم يسوع شيئا له حتى يستند عليه فى دفاعه عنه  فمجهود بيلاطس في أن يجد طريقاً تتوسّط ذراعه بين الحقيقة والعالم، قد أحبط بسبب تصلّب العالم الذى يحركه رؤساء اليهود  والآن يجد أن الجانى يرفض المساومة.
إن أساس الوجود هو قول يسوع حول القدرة أو السلطان. تحدّث بيلاطس عن قدرته المادية على يسوع الأرضية الوقتة المحدودة : هو يستطيع أن يحرم يسوع الحياة الجسدية أما يسوع فكلّمه على مستوى آخر، مستوى الحقيقة والسلطة الأصيلة الفوقانية الأبدية الروحالنية الغير محدودة ولكن حتى السلطة التى يمتلكها بيلاطس على يسوع مسموح بها من فوق ولن نفهم كلام يسوع عن السلطان على ضوء (رو 13: 1) (لا سلطان إلاّ من الله)، بل على ضوء (يو 10: 17- 18): أنا أبذل حياتي. لا يستطيع أحد أن ينتزعها مني. لي سلطان أن أبذلها. وساعته يحدّدها الآب وحده (12: 27). وفي سياق "الساعة" سمح الآب للبيلاطس بأن يكون لهم سلطان على حياة يسوع. وقدرة بيلاطس لا تأتيه من جنوده. بل لأنّ الإله سمح له بـعملا محددا  في هذه الساعة. أعلن يوحنا الحبيب أن قيافا تحدّث عن موت يسوع من أجل الأمة، لأنه كان عظيم الكهنة "في تلك السنة". وبيلاطس أيضاً له سلطان على يسوع، لأنه والي يهودا "في تلك السنة".
حاول بيلاطس أن يمارس سلطته على يسوع لكي يطلقه. ولكنه لم ينجح لأنه لم يسلّم نفسه كلياً للحقيقة وحاول أن يكون حيادياً ولكن عبثاً. هو لا يبغض الحقيقة من طبعه. وهكذا وصل الأمر لمشهد غسل الأيدي كما صوّره مت 27: 24- 25، فنفهم أن بيلاطس بريء من دم يسوع.
لقد كان إتهام رؤساء اليهود هو أنه جعل نفسه ابن الإله ومع كل ما سمعه الرؤساء وشاهدة الشعب اليهودى من قدرة المسيح وقوته الإلهية إلا أنهم لم يؤمنوا به وبالرغم من حياة يسوع وأعماله مكتوبة بالنص وبالتغصيل  فى سفر أشعياء النبى حتى أن المسيحيين يعتبرون هذا السفر اليهودى الإنجيل الخامس وقد شرح يسوع للفريسيين هذه التهمة عندما سألهم المسيح إبن من؟ فأجابوا : إبن داود فقال : فكيف داود يدعوه ربا وهو أبنه
والمحاكمات التى ذكرت فى الأناجيل الأربعه ذكر فيها أن يسوع أطلق على نفسه ملك إسرائيل وإبن ألإله وكلمته وإبن الإنسان .. ألخ أما الألقاب فى المحاكمات فكانت موضع سخرية وهى :  هو "ملك اليهود" هو "الرجل" "هذا الإنسان" ، هو "ابن الله" .
وأصبح هيرودس بين ثلاثة قوى تدفعه للحكم على يسوع بالقتل  وهى: الأولى تهديد اليهود المتكرر باتهامه لدى رومة. ثانيا : إتهامه  بأنه لا يحترم عادات اليهود. ثالثا: والآن صار ولائه للإمبراطور موضع تساؤل لأنه لم يحكم على يسوع المتهم بأنه حرض على عدم دفع الجزية لقيصر وكيف يكون ممثل للإمبراطور ويطلق يسوع ملك اليهود وأعلن أنه ملك بعيدا عن حكم قيصر  يبدو أن بيلاطس امتلك لقب "صديق قيصر". وقد يخسره الآن. ويعاقب عقاباً قاسياً، لأن الإمبراطور لم يكن سهلاً مع خيانة الذين أغدق عليهم الإنعامات  فخسران الحظوة هو خسران للسلطان وعندا وجد نفسه أنه امام إختيارين أخدهما السلطان والآخر الحقيقة بأن يسوع برئ إختار سلطان الحكم بالظلم وقتل إنسان برئ
قيصر ملك اليهود أم يهوه
فقد ظلوا يصيحون يطالبون بصلبه. حينئذٍ إنتقم منهم بيلاطس وأذلّهم في روحهم الوطنية. حين طالبوا بالحكم على يسوع، دلّوا على ولائهم للإمبراطور.  ولهذا قالوا: "لا ملك لنا إلاّ قيصر"! المحاكمة الحقيقية قد انتهت. فاليهود حكموا على نفوسهم بحضرة يسوع. وهم أصدروا الحكم بحقّ أنفسهم.
أعلن إسرائيل أن الرب هو ملكه (قض 8: 23؛ 1 صم 8: 7). ومنذ وعد ناتان لداود (2 صم 7: 11- 16)، وحسب لاهوت أورشليم، صارت ملكية الإله منظورة في قيادة المسيا الملك الداودي الذي جعله الإله ابنه (مز 2: 7). وفي زمن ما بعد المنفى، نمت روحانية حول المسيح الوحيد، الملك الآتي من بيت داود، حول المسيح المقبل الذي سيأتي ليقيم حكم الإله على الأرض. فالذي يقيمه الإله سيكون وحده ملك شعب الإله لن يكون من فارس ولا من أنطاكية ولا من رومة بجيشها الذي يدوس البلاد. "أيها الرب، قد استولى علينا سادة سواك، ولكننا لا نتعرّف إلا إلى اسمك" (أش 26: 13). ولكن مرّت مئات السنين على هذا الإنتظار. وها هم يفضّلون طيباريوس قيصر، ويهتفون: "دمه علينا وعلى أولادنا" (مت 27: 25).  نحن نعلم أن اليهود ظلّوا ينتظرون المسيح حتى نهاية القرن الأول المسيحي كما تقول الصلاة: "أملك علينا أنت وحدك".. واعتبروا ذلك حكمة سياسية تثبّت نفوذهم. في قولهم هذا ختموا على النبوَّة بزوال قضيب المُلْك من نسل داود متى جاء المسيح »شيلون« الذي »لَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ« (تكوين 49:10).
حمل الإله وقت ذبح الحملان
فى نفس الوقت الذي فيه تخلّى اليهود عن ملكهم وقدموه ليذبح على الصليب كان وقت ذبح الحملان من أجل عيد الفصح. اليهود الذين تركوا العهد فى نفس الساعة التى يستعدّ الكهنة لعيد يذكّر الشعب بخلاصه من عبودية مصر. وقتُ ذبح الحملان هو وقت دينونة الله للعالم. وفي هذا العيد حكموا على أنفسهم حين حكموا على الذي أرسله الله إلى العالم لا ليدينه، بل ليخلّصه
ألم يشير المعمدان على يسوع قائلاً :هذا هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم . والآن قد تمّت هذه النبوءة. فحين تذبح حملان الفصح تنتهي محاكمة يسوع، فينطلق إلى الجلجلة ليسفك دمه الذي ينقّي البشر من خطيئتهم. حقاً، إنّ الإله قد خطّط بكل عناية لهذه "الساعة".
هذا هو بيلاطس الوثنى واليهود أصحاب الشريعة والأمة التى خصصها الإله لنفسه يتحدان على قتل يسوع من جهة، أعلن بيلاطس براءة يسوع. ومن جهة ثانية، ظهر شر اليهود الذين فضلوا إطلاق سراح القاتل برأبا "اللصّ" على يسوع البريء، فدلّ أن سبب الحكم على يسوع هو غير ما يقولون. والسبب الحقيقى فيما يبدوا أنه كان مخططا مسبق من قيافا وحنان بالقبض على يسوع ليلا وإتهامه وهو إطلاق سراح باراباس الذى ثار على الرومان وتقديم يسوع البرئ بدلا منه وقد دفعوا بيلاطس فى هذا ألإتجاه كالدمية يلعبون بها وهذا يفسر تماما الأسئلة التى لا توجد إجابه عليها مثل لماذا تمت المحاكمة ليلا ؟ وبسرعه؟ وتمت محاكمته المدنية فى هذا اليوم بالذات فى يوم ووقت إطلاق أسير من السلطة الرومانية .. ألخ
إبن ألإله
بدا بيلاطس، ممثل السلطة الرومانية، خائفاً، مرتعداً. فسؤاله "من أين أنت" يستعيد موضوعاً متواتراً عند يوحنا حول أصل يسوع السرّي. وصمتُ يسوع يدلّ على الهوّة السحيقة بينه وبين بيلاطس الذي لا يستطيع تقبّل سرّ الله في يسوع. فسلطان بيلاطس (بأن يطلق أو يصلب يسوع) هو سلطان ظاهري. لا الواقع، يسوع الذي مملكته ليست من هذا العالم، يأتي من أعلى، من هذا الموضع السرّي والإلهي. لا شكّ في أن مسؤولية بيلاطس ليست على قدر مسؤولية "اليهود". ولكن الحياد غير ممكن أمام يسوع، وقد حُكم على بيلاطس لأنه فضّل العالم على تقبّل الوحي في يسوع.
وهكذا وصلت المحاكمة إلى النهاية. فهم بيلاطس أن يسوع لا يشكّل خطراً على المستوى السياسي. ونقرأ عبارة يوحنا في ترجمتين مختلفتين: أجلس بيلاطس يسوع. أو: جلس بيلاطس على منصّة القضاء. قد يكون بيلاطس أراد أن يهزأ بيسوع على أنه الديّان والقاضي، كما هزىء منه الجنود على أنه ملك.
وسقطت الأقنعة: إذا أطلقتَه فلستَ صديق قيصر. لوحة غريبة يرفض فيها الرومان أن يعذّبوا "ملك اليهود" البريء في عيونهم، بينما ينكر اليهود ملكهم من أجل سلطة غريبة: لا ملك لنا إلاّ قيصر. كيف نفهم أن يتخلّى اليهود المؤمنون بشكل نهائي عن انتظار مسيح لكي يوالوا السلطة الرومانية.
وبدأت الساعة السادسة، الساعة التي فيها تتوقّف الأشغال للدخول في احتفال الفصح. في هذه الساعة أعلن بيلاطس باحتفالٍ ملكيةَ يسوع أمام اليهود. ولكن اليهود تخلّوا في تلك الساعة وبشكل نهائي عن كل مسيحانية لكي يتعلّقوا بسلطة قيصر. أما الذين تقبّلوا يسوع (القرُّاء المسيحيون) فقد حلّت ساعة الخلاص. ومملكة يسوع هي حقيقية، وهم يقبلونها بملء حياتهم لأنها تعلن أن المسيح توّج ملكاً على الصليب ومن خلال الأحداث الذي قادته إلى الجلجلة.
وانتقل يسوع منذ توقيفه من يد إلى يدء قال بيلاطس: "خذوه" (18: 31). وأخذه بيلاطس (19: 1). وأخذوا يسوع (19: 16). ولكن رغم الظواهر، لا يستطيع أحد أن "يمسك" يسوع. فهو يقيم مملكته على طريق الآلام ويدعو الذين "أخذوا" بكلمته إلى أن يرافقوه حتى الصليب.
الصلب
لم يبْقَ لبيلاطس من حيلة، فأسلمه إليهم ليُصلب. ولما استلموه كرروا الاستهزاء به، ثم نزعوا الرداء الأرجواني وألبسوه ثيابه، وخرجوا ومضوا به للصلب.
في قانون اليهود كان لا بد لمن يُحكَم عليه أن يُجلَد أولاً، وكان الجَلْد يوقف عند تسع وثلاثين جلدة على الأكثر، لكن العدالة الرومانية المشهورة كانت عديمة الإِشفاق، فكان جَلْد المجرمين يتجاوز في القساوة كل الحدود المعقولة، بأسواطٍ من جلد مربوط في أطرافها قطعٌ من حديد أو رصاص أو عظام. فكثيراً ما كان يُغمى على المضروب. وكان البعض يموتون في أثناء الجلد.
وقد أسلم بيلاطس المسيح للجلد، ولعله كان يأمل أن اليهود يكتفون بهذا القصاص الصارم، فيعدلون عن طلب الصلب.
******
«. وَلكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. فَسَأَلَ الْوَالِي: »مَنْ مِنَ الِاثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟« فَقَالُوا: »بَارَابَاسَ«. قَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ: »فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟« قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: »لِيُصْلَبْ!« فَقَالَ الْوَالِي: »وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟« فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: »لِيُصْلَبْ!« فَلَمَّا رَأَى بِيلَاطُسُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ شَيْئاً، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: »إِنِّي بَرِيٌّ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ«. فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: »دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلَادِنَا«. حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ« (متى 27:19-26 أ).
لكن الوالي راجعهم ثالثة فقال: »وأي شرٍ عمل هذا؟ إني لم أجدْ فيه علة للموت. فأنا أؤدبه وأطلقه«. غير أن قبوله أن يؤدِّب رجلاً، كرَّر هو تصريحَه ببراءته، يعني أنه سلَّم بعض الحكم والسلطة للجمهور، فتهيَّج طمعهم وعنادهم وتشبُّثهم بأن يفعل الوالي إرادتهم لا إرادته. وأخذوا يلجُّون بأصوات عظيمة ويزدادون جداً صراخاً قائلين: »اصلبه«. فقويت أصواتهم وأصوات رؤساء الكهنة، وأصبح بيلاطس آلة بين أيديهم، واستسلم لجنون الجمهور وطلبهم أن يُصلَب. إلا أنه لم يسلِّم دون تحفظ، بل حاول التخلُّص تماماً من مسئولية هذا الغدر، ووضعها على الرؤساء والشعب. وعلامة لذلك أخذ ماءً وغسل يديه أمام الجَمْع قائلاً: »إني بريء من دم هذا البار«. فقال جميع الشعب: »دمه علينا وعلى أولادنا«.
ومن الغريب أن الذين قالوا: »دمه علينا وعلى أولادنا« اغتاظوا بعد حين على بعض رسل المسيح وقالوا لهم: »قَدْ مَلَأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذَا الْإِنْسَانِ« (أعمال 5:28).
محاولة أخيرة لإنقاذ المسيح
 فَلَمَّا رَآهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْخُدَّامُ صَرَخُوا: »اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!« قَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ: »خُذُوهُ أَنْتُمْ وَاصْلِبُوهُ، لِأَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً«. أَجَابَهُ الْيَهُودُ: »لَنَا نَامُوسٌ، وَحَسَبَ نَامُوسِنَا يَجِبُ أَنْ يَمُوتَ، لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ابْنَ اللّهِ«. فَلَمَّا سَمِعَ بِيلَاطُسُ هذَا الْقَوْلَ ازْدَادَ خَوْفاً. فَدَخَلَ أَيْضاً إِلَى دَارِ الْوِلَايَةِ وَقَالَ لِيَسُوعَ: »مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟« وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يُعْطِهِ جَوَاباً. فَقَالَ لَهُ بِيلَاطُسُ: »أَمَا تُكَلِّمُنِي؟ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي سُلْطَاناً أَنْ أَصْلِبَكَ وَسُلْطَاناً أَنْ أُطْلِقَكَ؟« أَجَابَ يَسُوعُ: » لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ. لِذلِكَ الَّذِي أَسْلَمَنِي إِلَيْكَ لَهُ خَطِيَّةٌ أَعْظَمُ«. مِنْ هذَا الْوَقْتِ كَانَ بِيلَاطُسُ يَطْلُبُ أَنْ يُطْلِقَهُ، وَلكِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَصْرُخُونَ: »إِنْ أَطْلَقْتَ هذَا فَلَسْتَ مُحِبّاً لِقَيْصَرَ. كُلُّ مَنْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ مَلِكاً يُقَاوِمُ قَيْصَرَ«.

فَلَمَّا سَمِعَ بِيلَاطُسُ هذَا الْقَوْلَ أَخْرَجَ يَسُوعَ، وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلَايَةِ فِي مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ »الْبَلَاطُ« وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ »جَبَّاثَا«. وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: »هُوَذَا مَلِكُكُمْ«. فَصَرَخُوا: »خُذْهُ! خُذْهُ اصْلِبْهُ!« قَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ: »أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟« أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: »لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلَّا قَيْصَرُ«. فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ. فَأَخَذُوا يَسُوعَ وَمَضَوْا بِهِ« (يوحنا 19:4-16).
أخيراً أخذ بيلاطس المسيح من بين أيدي الجنود، وخرج به متوَّجاً بإكليل الشوك، ومسربلاً بالثوب الأرجواني، وقدَّمه إلى الجمع المنتِظر، مكرراً مرة أخرى تبرئته قائلاً: »أُخرجه إليكم، لتعلموا أني لم أجد فيه علة واحدة. هوذا الإنسان«. قال بيلاطس هذا وهو يشير إلى يسوع وقد أفرط في الاستهزاء به. فازدادت جرأة اليهود وصرخوا من جديد: »اصلبه اصلبه«. فكرر بيلاطس حكمه مرة أخرى ببراءته قائلاً: »خذوه أنتم اأصلبوه، لأني لست أجد فيه علَّةً«. فصرخوا: »لنا ناموس، وحسب ناموسنا يجب أن يموت، لأنه جعل نفسه ابن اللّه«.
كان بيلاطس قد تحقق امتياز المسيح في الصلاح والحكمة، فلما سمع أنه قال عن نفسه إنه ابنُ اللّه، ازداد خوفاً، ورجع للمسيح إلى داخل الدار وسأله: »مِنْ أين أنت؟«. فقابل المسيح سؤال الوالي الجدّي الجديد بالسكوت، لكن الوالي لم يتعود عدم إجابة أسئلته، وهو لا يحتمل ذلك، فقال له: »أما تكلمني؟ ألست تعلم أن لي سلطاناً أن أصلبك وسلطاناً أن أطلقك؟« كأنه يقول له: »ألم تلاحظ كل مساعيّ لأجل تبرئتك؟. فلماذا تمنعني بسكوتك عن أن أطلقك؟ قدم الأجوبة السديدة على هذه الشِكايات لكي أكون مسنوداً في إطلاقك«.
ومن هذا الذي يدَّعي بالسلطان؟ هل لبيلاطس سلطان على القانون ليخالفه، أو على العدالة ليدوسها؟ هل له سلطان على نفسه ليضحك على الخوف ويتبع ضميره؟ هل له سلطان على أفكار الذين هُمْ تحت حكمه من اليهود؟ هل له سلطان على شهامة هذا الجريح الواقف أمامه والمنهوك القوى الجسدية، فيزحزحه بمقدار شعرةٍ واحدةٍ عن استقامته وقصده؟ كان أشرف لبيلاطس أن لا يتلفظ بكلمة عن السلطان، في ساعة الخضوعِ لرعاياه في الظلم والقسوة.
رأى المسيح أن هذا الادعاء يستحق الجواب، ويتطلَّب منه إظهار عظمته وسلطانه الحقيقيين، فقال له: »لم يكن لك عليّ سلطان البتة، لو لم تكن قد أُعطيت مِنْ فوق. لذلك، الذي أسلمني إليك له خطيئة أعظم«. الذي أسلمه إلى بيلاطس هو رئيس الكهنة. فنفهم بكل سهولة كيف عظمَّ المسيحُ خطيئة الرئيس اليهودي على خطيئة بيلاطس الوثني. بيلاطس مدفوع من الرئيس. لكن الرئيس اليهودي مدفوع من عواطفه الشريرة.
هزت إجابة المسيح أعماق نفس بيلاطس، فأراد أن يطلقه حراً، بعد أن حدَّد المسيح في إجابته سلطان بيلاطس، وأشار إلى سلطة الرب على قوات الشر.

أخيراً فرغت كل حيل الرؤساء، فلجأوا إلى التهديد. لو كان بيلاطس مستقيماً لكان التهديد يزيد عزمه على إجراء العدالة والحق، لأن لا شيء يثبِّت الرجل الكبير المستقيم في عزمه الصالح كالتهديد. لكن الشكايات الصادقة التي سبق وقُدِّمت ضد بيلاطس للقيصر جعلت القيصر يستاء منه، ويريد أن يعزله لأَقل سبب. ولذلك هدد رؤساء اليهود بيلاطس بصراخهم: »إنْ أطلقتَ هذا فلست محباً لقيصر. كل من يجعل نفسه ملكاً يقاوم قيصر«. يعني إنْ أطلقتَ هذا، نشكوك إلى مولاك الإمبراطور، بأنك انتصرت لإِنسانٍ قام لينازع القيصر على مُلْكه. وأنت تعلم ماذا تكون نتيجة ذلك عليك.
أناخت هذه الضربة الشيطانية بيلاطس تماماً أمامهم، فخرج وجلس على كرسي الولاية في موضع يُقال له البلاط وقال: »هوذا ملككم«. فصرخوا أكثر: »خذه خذه. اصلبه«. فقال لهم بيلاطس: »أأصلب ملككم؟« فصرخوا: »ليس لنا ملك إلا قيصر«

******
المراجع
(1) مؤلفات حضرة الأسقف بولس الفغالى  boulosfeghali.org/home / 

This site was last updated 12/28/13