Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

قريش تعادى محمد وتصفه بالساحر والمجنون

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
القبائل العربية وأديانها
قصة زواج أمنة بنت وهب
نسب وولادة محمد
محمد فى حرب الفجار
محمد وبناء الكعبة
بحيرة الراهب
الطوفان عراة حول الكعبة
والأحبار والرهبان والجن ومحمد
محمد فى غار حراء
تمجيد محمد وتعظيمه
إنتشار الإسلام
من هو سليمان؟
عداء اليهود لمحمد
تنصر ورقة وابن جحش
النساء ومحمد
قريش ومحمد
الهجرة النبوية
الصلاة والوضوء فى الإسلام
قريش تصف محمد بالمجنون
بداية غضب قريش
الهجرة الأولى للحبشة
الهجرة الثانية للحبشة
إسلام عمر بن الخطاب
أبى جهل وقريش ومحمد
رجوع مهاجرة الحبشة
حديث نقض الصحيفة
الطفيل وصنم ذو الكفين
ابو جهل ورجل يصارع محمد
سبب نزول آية الكوثر
ذكر الإسراء والمعراج
يطلب نصرة قبائل العرب
بيعة العقبة الأولى والثانية
بيعة العقبة الأخيرة
الهجرة إلى يثرب
الكنب المدرسية
الله وأبو لهب
هدم مقابر البقيع
خريطة بلاد العرب
أبى بكر أول خليفة
فهرس حروب الردة
فى بدء الدعوة
New Page 5154
New Page 5155
لايكون ببلاد العرب دينان
الرسول وصعاليك العرب
محمد والإغتيال

Hit Counter

 

الجزء التالى من كتاب السيرة النبوية - تأليف: عبد الملك بن هشام المعافري - الجزء الثانى - 20 / 116

 

الوليد بن المغيرة و كيده للرسول ، وموقفه من القرآن
اجتماعه بنفر من قريش ليبيتوا ضد النبي صلى الله عليه و سلم
و اتفاق قريش أن يصفوا الرسول صلى الله عليه و سلم بالساحر ، و ما أنزل الله فيهم

ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ، وكان ذا سن فيهم ، وقد حضر الموسم فقال لهم ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فأنت يا أبا عبد شمس ، فقلْ وأقمْ لنا رأيا نقول به ؛ قال ‏‏:‏‏ بل أنتم فقولوا أسمعْ ؛ قالوا ‏‏:‏‏ نقول كاهن ؛ قال ‏‏:‏‏ لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فنقول ‏‏:‏‏ مجنون ؛ قال ‏‏:‏‏ ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ، ولا تخالجه ، ولا وسوسته ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فنقول ‏‏:‏‏ شاعر ؛ قال ‏‏:‏‏ ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه ، فما هو بالشعر ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فنقول ‏‏:‏‏ ساحر ؛ قال ‏‏:‏‏ ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم ؛ قالوا ‏‏:‏‏ فما نقول يا أبا عبد شمس ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن فرعه لجناة - قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ‏ويقال لغَدَق - وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عُرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر ، جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ‏‏.‏‏
فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه ، وذكروا لهم أمره ‏‏.‏‏
فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة و في ذلك من قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ذرني ومن خلقت وحيدا ، وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ، ومهَّدت له تمهيدا ‏‏.‏‏ ثم يطمع أن أزيد ‏‏.‏‏ كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي خصيما ‏‏.‏‏ ‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ عنيد ‏‏:‏‏ معاند مخالف ‏‏.‏‏ قال رؤبة بن العجاج ‏‏:‏‏ونحن ضرابون رأس العُنَّدِ *
وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏
‏‏(‏‏ سأرهقه صعودا ، إنه فكر وقدر ، فقتل كيف قدر ‏‏.‏‏ ثم قتل كيف قدر ‏‏.‏‏ ثم نظر ، ثم عبس وبسر ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ بسر ‏‏:‏‏ كره وجهه ‏‏.‏‏ قال العجاج ‏‏:‏‏مضبر اللحيين بسرا منهسا *
يصف كراهية وجهه ‏‏.‏‏ وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏
‏‏(‏‏ ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ، إن هذا إلا قول البشر ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏

رد القرآن على صحب الوليد
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأنزل الله تعالى ‏‏:‏‏ في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيما جاء به من الله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ كما أنزلنا على المقتسمين ‏‏.‏‏ الذين جعلوا القرآن عضين ‏‏.‏‏ فوربك لنسئلنهم أجمعين ‏‏.‏‏ عما كانوا يعملون ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ واحدة العضين ‏‏:‏‏ عضة ، يقول ‏‏:‏‏ عضوه ‏‏:‏‏ فرقوه ‏‏.‏‏ قال رؤبة بن العجاج ‏‏:‏‏وليس دين الله بالمُعَضَّى *
وهذا البيت في أرجوزة له ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏2/ 108‏‏)‏‏
تفرق النفر في قريش يشوهون رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فجعل أولئك النفر يقولون ذلك في رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس ، وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها ‏‏.‏‏

شعر أبي طالب في معاداة خصومه
فلما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه ، قال قصيدته التى تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها ، وتودد فيها أشراف قومه ، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه ، فقال ‏‏:‏‏
ولما رأيت القوم لا ود فيهمُ * وقد قطعوا كل العرى والوسائل
وقد صارحونا بالعداوة والأذى * وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
وقد حالفوا قوما علينا أظنّة * يعضون غيظا خلفنا بالأنامل
صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة * وأبيض عضب من تراث المقاول
وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي * وأمسكت من أثوابه بالوصائل
قياما معا مستقبلين رتاجه * لدي حيث يقضي حلفه كل نافل
وحيث يُنيخ الأشعرون ركابهم * بمفضَى السيول من إساف ونائل ‏
موسمَّة الأعضاد أو قصراتها * مخُيَّسة بين السَّديس وبازل
ترى الودع فيها والرخام وزينة * بأعناقها معقودة كالعثاكل
أعوذ برب الناس من كل طاعن * علينا بسوء أو مُلحّ بباطل
ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة * ومن ملحق في الدين ما لم نحاول
وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه * وراق ليرقى في حراء ونازل
وبالبيت ، حق البيت ، من بطن مكة * وبالله إن الله ليس بغافل
وبالحجر المسودّ إذ يمسحونه * إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل
وموطىء إبراهيم في الصخر رطبة * على قدميه حافيا غير ناعل ‏
وأشواط بين المروتين إلى الصفا * وما فيهما من صورة وتماثل
ومن حج بيت الله من كل راكب * ومن كل ذي نذر ومن كل راجل
وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له * إلالٌ إلى مُفضَى الشراج القوابل
وتوقافهم فوق الجبال عشية * يقيمون بالأيدي صدور الرواحل
وليلة جمع والمنازل من منى * وهل فوقها من حرمة ومنازل
وجمع إذا ما المقربات أجزنه * سراعا كما يخرجن من وقع وابل
وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها * يؤمون قذفا رأسها بالجنادل
وكندة إذ هم بالحصاب عشية * تجيز بهم حُجَّاج بكر بن وائل
حليفان شدا عقد ما احتلفا له * وردَّا عليه عاطفات الوسائل
وحطمهمُ سمُر الصفاح وسرحه * وشبرقة وَخْدَ النعام الجوافل ‏‏
فهل بعد هذا من معاذ لعائذ * وهل من معيذ يتقى الله عاذل
يُطاع بنا أمر العدَّى وودّوا لو اننا * تُسد بنا أبواب ترك وكابل
كذبتم وبيت الله نترك مكة * ونظعن إلا أمركم في بلابل
كذبتم وبيت الله نُبزَى محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله * و نذهل عن أبنائنا والحلائل
وينهض قوم في الحديد إليكمُ * نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
وحتى ترى ذا الضغن يركب * رَدْعه من الطعن فعل الأنكب المتحامل
وإنا لعمر الله إنْ جدَّ ما أرى * لَتلتبسنْ أسيافنا بالأماثل
بِكفَّيْ فتى مثل الشهاب سميدع * أخي ثقة حامي الحقيقة باسل
شهورا وأياما وحولا مجَرَّما * علينا وتأتي حِجة بعد قابل
وما ترك قوم ، لا أبا لك ، سيدا * يحوط الذمار غير ذرب مواكل
وأبيض يستقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهُلاّف من آل هاشم * فهم عنده في رحمة وفواضل‏
لعمري لقد أجرى أسيد وبكره * إلى بغضنا وجزّآنا لآكل
وعثمان لم يربع علينا وقنفذ * ولكن أطاعا أمر تلك القبائل
أطاعا أُبيّا وابن عبد يغوثهم * ولم يرقبا فينا مقالة قائل
كما قد لقينا من سُبيع ونوفل * وكلٌّ تولى معرضا لم يجُامل
فإن يُلْقيا أو يمُكن الله منهما * نكلْ لهما صاعا بصاع المُكايل
وذاك أبو عمرو أبي غير بُغضنا * ليُظعننا في أهل شاء وجامل
يناجي بنا في كل ممسى ومصبح * فناج أبا عمرو بنا ثم خاتل
ويُؤْلى لنا بالله ما إن يغشُّنا * بلى قد نراه جهرة غير حائل
أضاق عليه بغضنا كل تلعة * من الأرض بين أخشب فمجادل
وسائلْ أبا الوليد ماذا حبوتنا * بسعيك فينا معرضا كالمخاتل
وكنت امرأ ممن يُعاش برأيه * ورحمته فينا ولست بجاهل
فعتبة لا تسمع بنا قول كاشح * حسود كذوب مبغض ذي دغاول
ومر أبو سفيان عني معرضا * كما مر قَيْلٌ من عظام المقاول
يفر إلى نجد وبرد مياهه * ويزعم أني لست عنكم بغافل
ويخبرنا فعل المناصح أنه * شفيق ويخفي عارمات الدواخل
أمطعمُ لم أخذلك في يوم نجدة * ولا معظم عند الأمور الجلائل
ولا يوم خصم إذا أتوك ألدّة * أُولي جدل من الخصوم المساجل
أمطعم إن القوم ساموك خطة * وإني متى أُوكلْ فلست بوائل
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا * عقوبة شر عاجلا غير آجل
بميزان قسط لا يخُسّ شعيرة * له شاهد من نفسه غير عائل
لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا * بني خلف قيضا بنا والغياطل
ونحن الصميم من ذؤابة هاشم * وآل قصي في الخطوب الأوائل
وسهم ومخزوم تمالوا وألَّبوا * علينا العدا من كل طمل وخامل
فعبد مناف أنتم خير قومكم * فلا تشركوا في أمركم كل واغل
لعمري لقد وهنتمُ وعجزتمُ * وجئتم بأمر مخطىء للمفاصل
وكنتم حديثا حطب قدر وأنتم الْ آن * حطاب أَقدُر ومراجل
ليهنىء بني عبد مناف عقوقنا * وخذلاننا وتركنا في المعاقل
فإن نك قوما نتَّئر ما صنعتمُ * وتحتلبوها لقحة غير باهل
وسائط كانت في لؤي بن غالب * نفاهم إلينا كل صقر حُلاحل
ورهط نفيل شر من وطىء الحصى * وألأم حاف من معد وناعل
فأبلغ قصيا أن سيُنشر أمرنا * وبشر قصيا بعدنا بالتخاذل
ولو طرقت ليلا قصيا عظيمة * إذا ما لجأنا دونهم في المداخل
ولو صدقوا ضربا خلال بيوتهم * لكنا أٌسى عند النساء المطافل
فكل صديق وابن أخت نعده * لعمري وجدنا غِبَّه غير طائل
سوى أن رهطا من كلاب بن مرة * براء إلينا من معقَّة خاذل ‏
وهنَّا لهم حتى تبدد جمعهم * ويحسر عنا كل باغ وجاهل
وكان لنا حوض السقاية فيهم * ونحن الكُدى من غالب والكواهل
شباب من المطيِّبين وهاشم * كبيض السيوف بين أيدي الصياقل
فما أدركوا ذحلا ولا سفكوا دما * ولا حالفوا إلا شرار القبائل
بضرب ترى الفتيان فيه كأنهم * ضواري أسود فوق لحم خرادل
بني أمة محبوبة هندكية * بني جمح عُبيد قيس بن عاقل
ولكننا نسل كرام لسادة * بهم نُعي الأقوام عند البواطل
ونعم ابن أخت القوم غير مكذَّب * زهير حساما مفردا من حمائل
أشمُّ من الشم البهاليل ينتمي * إلى حسب في حومة المجد فاضل
لعمري لقد كُلِّفت وجدا بأحمد * وإخوته دأب المحب المواصل
فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وزينا لمن والاه رب المشاكل
فمن مثله في الناس أي مُؤمَّل * إذا قاسه الحكام عند التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائش * يوالي إلاها ليس عنه بغافل
فوالله لولا أن أجيء بسنة * تجُر على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة * من الدهر جِدّا غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذَّب * لدينا ولا يُعنى بقول الأباطل ‏
فأصبح فينا أحمد في أرومة * تُقصِّر عنه سورة المتطاول
حدبت بنفسي دونه وحميته * ودافعت عنه بالذرا والكلاكل
فأيده ربُّ العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل
رجال كرام غير مِيل نماهم * إلى الخير آباء كرام المحاصل
فإن تك كعب من لؤي صُقيبة * فلا بد يوما مرة من تزايل
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ هذا ما صح لي من هذه القصيدة ، وبعض أهل العلم بالشعر ينكر أكثرها ‏‏.‏‏


الرسول عليه الصلاة والسلام يستقي لأهل المدينة حين أقحطوا ، فنـزل المطر ، وود لو أن أبا طالب حي ، ليرى ذلك
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وحدثني من أثق به ، قال ‏‏:‏‏ أقحط أهل المدينة ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشكوا ذلك إليه ، فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فاستسقى ، فما لبث أن جاء من المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجاب السحاب عن المدبنة فصار حوليها كالإكليل ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ لو أردك أبو طالب هذا اليوم لسره ، فقال له بعض أصحابه ‏‏:‏‏ كأنك يا رسول الله أردت قوله ‏‏:‏‏
وأبيض يُستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
قال ‏‏:‏‏ أجل ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وقوله ‏‏(‏‏ وشبرقة ‏‏)‏‏ عن غير ابن إسحاق ‏‏.‏‏
ذكر الأسماء التى وردت في قصيدة أبي طالب
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ والغياطل ‏‏:‏‏ من بني سهم بن عمرو بن هصيص ، وأبو سفيان بن حرب بن أمية ‏‏.‏‏ ومطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ‏‏.‏‏ وزهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، و أمه عاتكة بنت عبدالمطلب ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وأسيد ، وبكره ‏‏:‏‏ عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ‏‏.‏‏ وعثمان بن عبيد الله ، أخو طلحة بن عبيد الله التيمي ‏‏.‏‏ وقنفذ بن عمير بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ‏‏.‏‏ وأبو الوليد عتبة بن ربيعة ‏‏.‏‏ وأُبيّ الأخنس بن شريق الثقفي ، حليف بني زهرة بن كلاب ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وإنما سمي الأخنس ، لأنه خنس بالقوم يوم بدر ، وإنما اسمه أُبي ، وهو من بني علاج ، وهو علاج بن أبي سلمة بن عوف بن عقبة ‏‏.‏‏ والأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ‏‏.‏‏ وسبيع بن خالد ، أخو بلحارث بن فهر ‏‏.‏‏ ونوفل بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي ، وهو ابن العدوية ‏‏.‏‏ وكان من شياطين قريش ، وهو الذي قرن بين أبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما في حبل حين أسلما ، فبذلك كانا يُسميان ‏القرينين ؛ قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم بدر ‏‏.‏‏ وأبو عمرو قُرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف ‏‏.‏‏
‏‏(‏‏ وقوم علينا أظنَّة ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة ، فهؤلاء الذين عدد أبو طالب في شعره من العرب ‏‏.

‏‏
انتشار ذكر الرسول في القبائل خارج مكة ، و لاسيما في الأوس و الخزرج
فلما انتشر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرب ، وبلغ البلدان ، ذكر بالمدينة ، ولم يكن حي من العرب أعلم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر ، وقبل أن يذكر من هذا الحي من الأوس والخزرج ، وذلك لما كانوا يسمعون من أحبار اليهود ، وكانوا لهم حلفاء ، ومعهم في بلادهم ‏‏.‏‏ فلما وقع ذكره بالمدينة ، وتحدثوا بما بين قريش فيه من الاختلاف ‏‏.‏‏ قال أبو قيس بن الأسلت ‏‏.‏‏ أخو بني واقف ‏‏.‏‏
نسب أبي قيس بن الأسلت
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ نسب ابن إسحاق أبا قيس هذا هاهنا إلى بني واقف ، ونسبه في حديث الفيل إلى خطمة ، لأن العرب قد تنسب الرجل إلى أخي جده الذي هو أشهر منه ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ حدثني أبو عبيدة ‏‏:‏‏ أن الحكم بن عمرو الغفاري من ولد نُعيلة أخي غفار ‏‏.‏‏ وهو غفار بن مليل ، ونعيلة بن مليل بن ضمرة بن بكر ابن عبد مناة ، وقد قالوا عتبة بن غزوان السلمي ، وهو من ولد مازن بن منصور وسُليم بن منصور ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ فأبو قيس بن الأسلت ‏‏:‏‏ من بني وائل ؛ ووائل ، وواقف ، وخطمة إخوة من الأوس ‏‏.‏‏
وقرض ابن الأسلت شعرا في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فقال أبو قيس بن الأسلت - وكان يحب قريشا ، وكان لهم صهرا ، كانت عنده أرنب بنت أسد بن عبدالعزى بن قصي ، وكان يقيم عندهم السنين بامرأته - قصيدة يعظم فيها الحرمة ، وينهى قريشا فيها عن الحرب ، ويأمرهم بالكف بعضهم عن بعض ، ويذكر فضلهم وأحلامهم ، ويأمرهم بالكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذكرهم بلاء الله عندهم ، ودَفْعَه عنهم الفيل وكيده عنهم ، فقال ‏‏:‏‏
يا راكبا إما عرضت فبلغن * مغلغلة عني لؤي بن غالب
رسول امرئ قد راعه ذات بينكم * على النأي محزون بذلك ناصب
وقد كان عندي للهموم معرَّس * فلم أقض منها حاجتي ومآربي
نُبيِّتكم شرجين كل قبيلة * لها أزمل من بين مُذْك وحاطب ‏
أعيذكم بالله من شر صنعكم * وشر تباغيكم ودس العقارب
وإظهار أخلاق ونجوى سقيمة * كوخز الأشافي وقعها حق صائب
فذكِّرهم بالله أول وهلة * وإحلال أحرام الظباء الشوازب
وقل لهم والله يحكم حكمه * ذروا الحرب تذهب عنكم في المراحب
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة * هي الغُول للأقصَين أو للأقارب
تُقطِّع أرحاما وتهلك أمة * وتَبرْي السديف من سنام وغارب
وتستبدلوا بالأتحمية بعدها * شليلا وأصداء ثياب المحارب
وبالمسك والكافور غُبرْا سوابغا * كأن قتيرَيْها عيون الجنادب
فإياكمُ والحرب لا تعلقنَّكم * و حوضا وخِيم الماء مر المشارب
تزين للأقوام ثم يرونها * بعاقبة إذ بيَّنت ، أم صاحب
تحرق لا تُشوي ضعيفا وتنتحي * ذوي العز منكم بالحتوف الصوائب
ألم تعلموا ما كان في حرب داحس * فتعتبروا أو كان في حرب حاطب
وكم قد أصابت من شريف مسوَّد * طويل العماد ضيفُه غير خائب
عظيم رماد النار يحُمد أمره * وذي شيمة محض كريم المضارب
وماء هُريق في الضلال كأنما * أذاعت به ريح الصبا والجنائب
يخبركم عنها امرؤ حق عالم * بأيامها والعلم علم التجارب
فبيعوا الحراب مِلْمُحارب واذكروا * حسابكم والله خير محاسب
وليّ امرىء فاختار دينا فلا يكن * عليكم رقيبا غير رب الثواقب
أقيموا لنا دينا حنيفا فأنتم * لنا غاية قد يهتدى بالذوائب
وأنتم لهذا الناس نور وعصمة * تُؤَمُّون ، والأحلام غير عوازب
وأنتم ، إذا ما حصل الناس ، جوهر * لكم سرة البطحاء شم الأرانب
تصونون أجسادا كراما عتيقة * مهذبة الأنساب غير أشائب
ترى طالب الحاجات نحو بيوتكم * عصائب هلكى تهتدي بعصائب
لقد علم الأقوام أن سراتكم * على كل حال خير أهل الجباجب
وأفضله رأيا وأعلاه سنة وأَقولُه للحق وسط المواكب *
فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا * بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء ومصدق * غداة أبي يكسوم هادي الكتائب
كتيبته بالسهل تمُسي ورَجْلُه * على القاذفات في رءوس المناقب
فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم * جنود المليك بين ساف وحاصب ‏
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب * إلى أهله مِلْحُبْش غير عصائب
فإن تهلكوا نهلكْ وتهلكْ مواسم * يُعاش بها ، قول امرئ غير كاذب
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ أنشدني بيته ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وماء هريق ‏‏)‏‏ ، وبيته ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ فبيعوا الحراب ‏‏)‏‏ ، وقوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ ولي امرىء فاختار ‏‏)‏‏ ، وقوله ‏‏:‏‏على القاذفات في رءوس المناقب *
أبو زيد الأنصاري وغيره ‏‏.‏‏
حرب داحس والغبراء
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وأما قوله ‏‏:‏‏ ألم تعلموا ما كان في حرب داحس *
فحدثني أبو عبيدة النحوي ‏‏:‏‏ أن داحسا فرس كان لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن الحارث بن مازن بن قُطيعة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان ؛ أجراه مع فرس لحذيفة بن بدر بن عمرو بن زيد بن جؤية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ، يقال لها ‏‏:‏‏ الغبراء ‏‏.‏‏
فدس حذيفة قوما وأمرهم أن يضربوا وجه داحس إن رأوه قد جاء سابقا ، فجاء داحس سابقا فضربوا وجهه ، وجاءت الغبراء ‏‏.‏‏ فلما جاء فارس داحس أخبر قيسا الخبر ، فوثب أخوه مالك بن زهير فلطم وجه الغبراء ، فقام حمَل بن بدر فلطم مالكا ‏‏.‏‏ ثم إن أبا الجُنَيْدب العبسي لقي عوف بن حذيفة فقتله ، ثم لقي رجل من بني فزارة مالكا فقتله ، فقال حمل بن بدر أخو حذيفة بن بدر ‏‏:‏‏
قتلنا بعوف مالكا وهو ثأرنا * فإن تطلبوا منا سوى الحق تندموا
وهذا البيت في أبيات له ‏‏.‏‏ وقال الربيع بن زياد العبسي ‏‏:‏‏
أفبعد مقتل مالك بن زهير * ترجو النساء عواقب الأطهار
وهذا البيت في قصيدة له ‏‏.‏‏
فوقعت الحرب بين عبس وفزارة ، فقتل حذيفة بن بدر وأخوه حمل بن بدر ، فقال قيس بن زهير بن جذيمة يرثي حذيفة ، وجزع عليه ‏‏:‏‏
كم فارس يُدعى وليس بفارس * وعلى الهباءة فارس ذو مَصْدَقِ
فابكوا حذيفة لن تُرَثُّوا مثله * حتى تبيد قبائل لم تخلق
وهذان البيتان في أبيات له ‏‏.‏‏ وقال قيس بن زهير ‏‏:‏‏
على أن الفتى حمل بن بدر بغى والظلم مرتعه وخيم *
وهذا البيت في أبيات له ‏‏.‏‏ وقال الحارث بن زهير أخو قيس بن زهير‏‏:‏‏
تركت على الهباءة غير فخر * حذيفة عنده قصد العوالي
وهذا البيت في أبيات له ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ أرسل قيس داحسا والغبراء ، وأرسل حذيفة الخطار والحنفاء ، والأول أصح الحديثين ‏‏.‏‏ وهو حديث طويل منعني من استقصائه قطعه حديث سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏
حرب حاطب
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وأما قوله ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ حرب حاطب ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏ فيعني حاطب بن الحارث ابن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، كان قتل يهوديا جارا للخزرج ، فخرج إليه يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج - وهو الذي يقال له ‏‏:‏‏ ابن فُسحم ، وفسحم أمه ، وهي امرأة من القين بن جسر - ليلا في نفر من بني الحارث بن الخزرج فقتلوه ، فوقعت الحرب بين الأوس والخزرج فاقتتلوا قتالا شديدا ، فكان الظفر للخزرج على الأوس ، وقتل يومئذ سويد بن صامت بن خالد بن عطية بن حوط بن حبيب بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ، قتله المجذَّر بن ذياد البلوي ، واسمه عبدالله ، حليف بني عوف بن الخزرج ‏‏.‏‏
فلما كان يوم أحد خرج المجذر بن ذياد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج معه الحارث بن سويد بن صامت ، فوجد الحارث بن سويد غِرَّة من المجذر فقتله بأبيه ‏‏.‏‏ وسأذكر حديثه في موضعه إن شاء الله تعالى ‏‏.‏‏ ثم كانت بينهم حروب منعني من ذكرها واستقصاء هذا الحديث ما ذكرت في حديث حرب داحس ‏‏.‏‏
شعر حكيم بن أمية في نهي قومه عن عداوة الرسول صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وقال حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي ، حليف بني أمية وقد أسلم ، يورّع قومه عما أجمعوا عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان فيهم شريفا مطاعا ‏‏:‏‏
هل قائل قولا هو الحق قاعد * عليه وهل غضبان للرشد سامعُ
وهل سيد ترجو العشيرةُ نفعه * لأقصى الموالي والأقارب جامع
تبرأت إلا وجه من يملك الصبا * وأهجركم ما دام مُدْل ونازع
وأُسلم وجهي للإله ومنطقي * ولو راعني من الصديق روائع
ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه


سفهاء قريش يأذونه ، و رميه صلى الله عليه و سلم بالسحر و الجنون
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ ثم إن قريش اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه منهم ، فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ سفهاءهم ، فكذبوه وآذوه ، ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مظهر لأمر الله لا يستخفي به ، مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم ، واعتزال أوثانهم ، وفراقه إياهم كفرهم ‏‏.‏‏


أشد ما أوذي به الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه عروة بن الزبير ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، قال ‏‏:‏‏ قلت له ‏‏:‏‏ ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانوا يُظهرون من عداوته ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ حضرتهم ، وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا ‏‏:‏‏ ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم ، أو كما قالوا ‏‏:‏‏ فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفا بالبيت ، فلما مر بهم غمزوه ببعض القول ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ ثم مر الثالثة فغمزوه بمثلها ، فوقف ، ثم قال ‏‏:‏‏ أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بالذبح ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفَؤُه بأحسن ما يجد من القول ، حتى إنه ليقول ‏‏:‏‏ انصرف يا أبا القاسم ، فوالله ما كنت جهولا ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ؛ فقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه ‏‏.‏‏ فبينما هم في ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به ، يقولون ‏‏:‏‏ أنت الذي تقول كذا وكذا ، لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم ؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ نعم ، أنا الذي أقول ذلك ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه ، وهو يبكي ويقول ‏‏:‏‏ أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ‏‏؟‏‏ ثم انصرفوا عنه ، فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط ‏‏‏‏
بعض ما نال أبا بكر في سبيل الرسول صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني بعض آل أم كلثوم بنت أبي بكر ، أنها قالت ‏‏:‏‏ لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه ، مما جبذوه بلحيته وكان كثير الشعر ‏‏.‏‏
أشد ما أوذي به رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ حدثني بعض أهل العلم ‏‏:‏‏ أشد ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش أنه خرج يوما فلم يلقه أحد من الناس إلا كذبه وآذاه ، لا حر ولا عبد ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منـزله ، فتدثر من شدة ما أصابه ، فأنزل الله تعالى عليه ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ يا أيها المدثر ، قم فأنذر ‏‏)‏‏ ‏‏.

This site was last updated 05/14/08