الرئيس الليبى معمر القذاقى

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

الأقبـــاط وليبيــا اليوم 

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
معاهدة البقط البشعة
القديس مرقس ليبى الأصل
ملخص تاريخ ليبيا
الأقباط وليبيا
ليبيا ما قبل التاريخ
ليبيا والعصر البونيقى
ليبيا والعصر البطلمى
رئيس جمهورية داعية بالفلوس
ألقاب القذافى
ليبيا والعصر البيزنطى
ليبيا والعصر الأسلامى
آخر أخبار مظاهرات ليبيا
المؤرخ البلاذرى وغزو أفريقيا
فينوس يعود إلى ليبيا
الملك الليبى محمد إدريس
المدن الأثرية بليبيا
مجلس الأمن يفرض عقوبات على ليبيا
مدن ليبيا على الخريطة
القبائل الليبيية بمصر
مقتل القذافى
العقيد معمر القذافى وعائلته

Hit Counter

 

وفى عام 1966م  تم قبول الطلب الذي تقدم به المتنيح صاحب المعجزات العديدة  الأنبا كيرلس السادس بابا الكنيسة المصرية القبطية السابق ، عن طريق موفوده الأنبا صموئيل أسقف الخدمات بالكنيسة حينذاك بإقامة صلوات لكنيسة قبطية فى ليبيا للعاملين السودانيين بها .
وأضطرت الكنيسة القبطية إلى إرسال رهبانها في السودان للتوجه إلى ليبيا لرعاية أقباطها السودانيين هناك ،
وبعد قيام الجمهورية الليبية 1969م بقيادة الرئيس معمر القذافى ، أحتاجت ليبيا للأعمار والبناء والتحديث فذهب المعلمين والفنيين والعمال والتجار المصريين ، كان من بينهم عدد قليل من أقباط  مصر.

وتقدم الأقباط بطلب رسمي لإنشاء كنيسة تخدم الرعايا المصريين هناك ؛ أسوة بالعاملين القادمين من اليونان وأوروبا وأمريكا، للعمل في مجالات البترول والصناعة والبناء، والذين سمحت لهم السلطات الليبية ببناء كنائس لهم في أماكن تجمعاتهم.

كانت فى ليبيا عدةُ كنائس تابعة لبابا روما الكاثوليكية، لكن الإيطالية ظلت مغلقة ، وكنائس أخرى تابعة لطائفة الروم الأرثوذكس، ولم يكن هناك كنائس للأقباط الأرثوذكس مع أن ليبيا كانت توجد بها مئات الكنائس قبطية وتابعة لبابا الأقباط فى مصر  وكان هناك أساقفة ليبين تابعين للكنيسة القبطية فى مصر وفي النصف الثاني من عام 1971م ذهب وفداً رسمياً من قسس ورهبان الكنيسة المصرية بتكريس خدمة رعاية أول كنيسة مصرية في العصر الحديث تُنشأ في ليبيا ، بل وفي العاصمة طرابلس . وقبل مرور أسابيع قليلة أخرى؛ ذهب الكنيسة المصرية بوفد آخر من القسس والرهبان للاحتفال بتكريس الكنيسة الثانية في بنغازي، وهي المدينة الليبية الثانية.
وفي 17/5/1971م تم التنسيق والاتفاق بين مطران الكنيسة المصرية في الخرطوم وبين الكنيسة اليونانية في طرابلس وبنغازي، حيث أقيم أول (قداس صلاة) بحسب الطقس المصري في ليبيا، حضره جميع أتباع الكنيسة من أبناء السودان ومصر وإثيوبيا، ولم يتجاوز عددهم الخمسين فى ذلك الوقت .
 وفي 14/11/1971م جلس على الكرسى المرقسى الأنبا شنودة رئاسة الكنيسة المصرية , وأرسل الأنبا شنودة وفداً كنسياً إلى ليبيا، حيث قدموا طلباً بإنشاء عدة كنائس، فوافقت السلطات الليبية على بناء كنيستين ، واحدة في طرابلس والثانية في بنغازي.
وصدر القرار البابوي في 12/12/1971م بضم الكنيستين الجديدتين إلى إيبارشية (مجمع رعاية كنائس) مناطق البحيرة، والتحرير، ومرسى مطروح في غرب مصر؛ ليكونوا جميعاً تحت رعاية إيبارشية واحدة وأسقف واحد ، هو الأنبا باخوميوس - أسقف البحيرة والتحرير ومطروح والمدن الخمس الغربية.
 فأرسل الأنبا شنودة في 2/1/1972م القس مينا غبريال، راعي كنيسة العذراء بالهرم ، ليقوم نيابة عنه برئاسة قداس ما يسمى في الكنيسة بأعياد الميلاد المجيدة.
وكما يحدث فى باقى بلدان العالم عندما تستقبل الوفود القبطية الرسمية ذكر العدد (9، 10) من مجلة رسالة الكنيسة (الدورية) عام 1972م، والتي تصدرها مطرانية البحيرة وبنتا بوليس، أن الأنبا شنودة قد أوفد إلى ليبيا وفداً كبيراً صباح 17/1/1972م، برئاسة الأسقف الجديد للكنيستين الجديدتين، وكان في استقباله بمطار طرابلس عدد كبير من نصارى مصر والسودان ، ومندوب رسمي من السفارة المصرية، وأسقف الكنيسة الكاثوليكية .
 وكتبت المجلة تقول : لقد كان يوماً تاريخياً في المنطقة؛ إذ تطأ قدما أسقف الخمس مدن الغربية إيبارشيته، بعد مضي قرون طويلة لم تر أسقفاً لهذه الإيبارشية  .
وفي اليوم التالي مباشرة أقام الأنبا باخوميوس قداساً للصلاة في طرابلس في كنيسة «سان فرانسيسكو» التابعة للطائفة الكاثوليكية، حيث استضافتهم الكنيسة لحين تدبير مبنى خاص بهم، وأقيمت طقوس تعيين مجموعة من الشمامسة من المصريين والسودانيين العاملين فى ليبيا .
أما في بنغازي، فقد أقام باخوميوس قداساً للصلاة في كنيسة الروم الأرثوذكس.
ثم تقدمت الكنيسة المصرية بطلب للتصريح لأبنائها في طرابلس باستخدام إحدى الكنائس الإيطالية المغلقة، ينالوا موافقة الدولة الليبية .
وأرسل الأنبا شنودة للقمص ويصا السرياني، وكيل الكنيسة في السودان، ليتولى أيضاً لرعاية لكنائس ليبيا الجديدة، وكانت أول زيارة له في 5/3/1972م.
وقبل مرور شهر واحد من هذه الزيارة الرعوية في 27/3/1972م؛ أقيمت احتفالات أخرى في العاصمة طرابلس، أكبر من سابقتها، ليست على المستوى الكنسي، إنما على المستوى الرسمي للجمهورية الليبية، حيث استقبل الرئيس القذافي البابا شنودة، ليتلقى منه الشكر الكنيسة المصرية .
تضمن برنامج الرحلة البابويةتدشين الكنيستين ثم منحهما البركة بالصلاة في مذبح كنيسة طرابلس التي تقع على طريق «البراني» المؤدي إلى المطار، وأطلق عليها اسم كنيسة القديس «مار مرقص»، ثم انتقل ركب الضيف في موكب رسمي متوجهاً إلى ميناء بنغازي، حيث أقيمت صلاة كنسية في مذبح الكنيسة الثانية التي أطلق عليها اسم «كنيسة القديس أنطونيوس»، وكانت من أملاك الكنيسة اليونانية، كما كانت الأولى من أملاك الكنيسة الإيطالية.
وكانت بركة إلهية أن تتم هذه الإحتفالات إذ واكب مناسبة مهمة في الطقوس الكنسية تعرف بالصوم الكبير. فكان صوما وبركه ونعمه أعطيت لقداسة البابا شنودة فى هذا الوقت من شهور السنة فى هذا المكان الذى كان مسقط رأس مار مرقس رسول المسيح لأرض مصر لأن مرقس الرسول ليبى الصل وولد فى ليبيا ً
وليبيا كانت أول موطن لدعوة المسيحية في القارة الإفريقية على يد القديس مرقص رسول السيد المسيح الأفريقى الأصل الليبى المولد القادم الذى كان رسولاً للسيد المسيح وأحدى الرسل السبعين الذين أرسلهم المسيح إلى العالم أجمع يبشرون به ،فكانت أفريقيا من نصيبه  ثم انطلق بدعوته إلى مصر، ليضع البذرة الأولى للأرثوذكسية في مصر .

وتمنى البابا شنودة الثالث فى مجلة «الكرازة المرقصية»  في 19/12/1971م، حيث قال: «وأرجو لأسقف البحيرة عملاً كرازياً (رعوياً) في: الغرب، ومطروح، وشمال إفريقيا، وفي الخمس مدن الغربية في ليبيا "

الهجمات الصليبية وتعسف الولاة ضد المسيحية هو الذى محى تاريخ المنطقة المسيحى القبطى في ما بين القرن (15 ـ 19)
من المعروف تاريخياً أن الإمبراطورية الرومانية بعد أن تحولت للمسيحية إنقسمت إلى قسمين وكانت ليبيا تتبع الإمبراطورية الرومانية الشرقية (الإمبراطورية البيزنطية) سياسياً وكان شعب ليبيا المسيحى يتبع الكرازة المرقسية أى الكنيسة القبطية المسيحية فى مصر دينياً ، أما تونس والجزائر والمغرب فكانت تتبع الإمبراطورية الرومانية الغربية

من المعروف أن إضطهاد الإسلام للمسيحية والمسيحيين كان له أكبر الأثر فى إضعاف العلاقة الوثيقة بين الشعب الليبى والكنيسة القبطية الأرثوذكسية إنتمائهم الروحى لهم وكانت الرحوب الصليبية لها الأثر الثانى فى قطع أواصر الصلة الروحية بين الشعب الليبى والمسيحية ، لقد كانت هناك علاقات تاريخية بين الكنيسة الليبية والكنيسة القبطية بمصر وكانت علاقة حب وليست علاقة إستغلال وإجبار وهيمنة وجزية والتى أدت فى النهاية لخضوع الشعب الليبى للإسلام فإنقطعت الصلة بين الأبن الليبى والأم فى مصر ، لأن الإسلام أخذ أولاد الليبين بدل الجزية عبيداً .

ومن بداية القرن 15 أنقطعت الصلة ويمكن للقارئ جمع ما حدث من قراءة تاريخ باباوات الكنيسة القبطية فى هذا الموقع أو أى كتاب لتاريخ الكنيسة القبطية والموقع سيورد ويجمع ما حدث سابقاً لاحقاً واسباب قطع الصلة تحت ضربات الإرهاب والخوف الإسلامى : 

 الدكتور الإيطالي «بورو» عميد كلية الآداب بجامعة بنغازي، في مؤتمر التاريخ الليبي، والذي نظمته الكلية عام 1968م أثناء عمادته، فقال: «إن تاريخ بنتا بوليس في الفترة ما بين القرن (11 ـ 19) يعتبر تاريخاً مجهولاً، أو بالأحرى؛ غير مكتوب»(أبحاث مؤتمر التاريخ الليبي، كلية الآداب، بنغازي، 1968م، ص 347).
واستند «بورو» في قوله هذا بمصدرين علميين ؛ أولهما موسوعة تاريخية (Cambridge ancient history) تقول: «إن هذه المنطقة مبهمة التاريخ»(Vol.x 1. P. 673.)، أما المصدر العلمي الثاني، فيقول نصاً: «إن تاريخ بنتا بوليس غير معروف، ومختصر لدى المؤرخين»(Cary. the Geographic Background of the greek & roman history. (oxford 1949) P. 219.).
وقال الدكتور فوزي فهيم جاد الله، أستاذ التاريخ اليوناني بجامعة بنغازي (وهو مسيحى)، على معلومات الدكتور بورو فقال: «ويمكنني التأكيد بأن المعلومات التي لدينا محدودة، ومقطعة، وغير متسلسلة»( أبحاث مؤتمر التاريخ الليبي، كلية الآداب، بنغازي، 1968م، ص 347).
والآراء السابقة تتكلم عن التاريخ الليبى ولم تشير من قريب أو بعيد عن تاريخ المسيحية فى ليبيا وتقول سجلات الكنيسة القبطية عن آخر علاقة بين الشعب الليبى المسيحى والكرازة المرقسية ورد فى " رسائل البابا الأنبا يؤنس 13 الذى كان بطريركاً فى المدة ما بين 1484 م - 1524 م - وفى طرس بركته بالذات الصادر منه فى سنة 1500 م يبين ان هذه المدن كان بها اسقف فى عهده , ولكن اضطر هذا ألأسقف أن يغادر ليبيا حين دخلها العثمانيين وشمال أفريقيا بعد إحتلالهم مصر , وكان اسمه عندما كان اسقفاً قرياقص , ولما ترك أيبروشيته فى ليبيا ورجع إلى مصر أستعاد اسمه الرهبانى وهو ساويرس إلى دير السيدة العذراء الشهير بالسريان حيث قضى هناك البقية الباقية من حياته , وقد أنشغل فى هذه الفترة بوضع الكتب الكنسية التى ما زالت موجودة فى مكتبة الدير (سلسلة تاريخ جمعه كامل صالح نخلة الحلقة الرابعة ص 59 - 60 )
وقال الدكتور ميخائيل مكس إسكندر، : «ومما شجعني على إعداد هذه الدراسة الرائدة... قداسة البابا شنودة الثالث»( تاريخ كنيسة بنتا بوليس، المدن الخمس الغربية: د. ميخائيل إسكندر، إيريني للطباعة، توزيع دار الثقافة، القاهرة، 1987م، ص 14) ـ كان له رأي مغاير.
• أسماء المدن الخمسة:
 أورد ميخائيل إسكندر قال: «وقسمت هذه المدن الخمسة، في السنكسار(السنكسار: هو كتاب يحوي سير آباء القديسين، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم؛ مرتبة حسب أيام السنة، ويقرأ منه في الصلوات) القبطي ليوم 29 هاتور، باسم «ليبية مصر»(السنكسار: هو كتاب يحوي سير آباء القديسين، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم؛ مرتبة حسب أيام السنة، ويقرأ منه في الصلوات ص 15)؛ لاتحادها معها سياسياً ودينياً لفترات طويلة»(السنكسار: هو كتاب يحوي سير آباء القديسين، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم؛ مرتبة حسب أيام السنة، ويقرأ منه في الصلوات 38).
وحدد ميخائيل، باسم الكنيسة المصرية، المدن الخمسة بأنها: «سيرين، وأبوللونيا، وتوكره، وبرنيس، وبرقة»(السنكسار: هو كتاب يحوي سير آباء القديسين، وتذكارات الأعياد، وأيام الصوم؛ مرتبة حسب أيام السنة، ويقرأ منه في الصلوات 35)؛ معتمداً في ذلك على موسوعة «سترابو»(Strobo: the geography, Vol. Vll, trans. Jones, london, 1932.) الشهيرة.

 كتاب «مار مرقس. الناظر الإنجيلي»، لمؤلفه الأنبا شنودة( القاهرة، 1968م)، ص 39 ـ 44.
 الأنبا شنودة (ص 4)، يشير إلى مخطوطة موضوعها تعيين أساقفة في بعض الكنائس، ورد فيها أن المدن الخمسة هي: «برقة، طرابلس، إفريقية، القيروان،
 «ابن المقفع»، قال في كتابه «تاريخ بطاركة الإسكندرية»(مطبعة Evetts، باريس، 1904م، ص 2): «إن الخمس مدن بالمغرب، هي إفريقية وما معها»، حيث كانت تعرف ليبيا بذلك.
 حسب رواية ابن كبر، وهو كاهن الكنيسة المعلقة بمصر القديمة في القرن الرابع عشر الغربي، ويعرف في الأدبيات العربية باسم «أبو البركات»، قال: «إن المدن الخمسة هي: برقة، وطرابلس، وتونس، وإفريقية، وقيريني»( السلم الكبير، ج 1، 1957م، ص 17).
 وفي مخطوط باللغة العربية، أورده يوسف سميكة في كتابه «دليل المتحف القبطي»(ج 2، القاهرة، 1930م، ص 139)، اتفق تماماً مع ما أورده ابن كبر في الرواية السابقة.
 رواية أوردها ميخائيل إسكندر نقلاً عن مصدر أجنبي(Barges, homelie sur S.Mark, texte Arabe et trad, francaise, Paris 1876, P. 186)، أن البطريرك أفتيخوس (المعروف في الأدبيات العربية باسم «ابن البطريق») أورد في تاريخه (970غ)، أن المدن الخمسة هي: «برقة، زولا، زويلة، أوجله، سنترية».
 في معجم لاروس الفرنسي، أورد أسماء مدن بنتا بوليس الخمسة، والتي تتطابق تماماً مع ما ذهب إليه ميخائيل إسكندر، ومع  الأنبا شنودة، وهي: «سيرين، أبوللونيا، توكرة، برنيس، برقة»، لكن معجم لاروس لم يقل إنها في ليبيا، إنما قال إنها مدن توجد كلها في تونس.
• تاريخ الكنائس في ليبيا:
إن القول بوجود كنائس قديمة في ليبيا، خاصة فيما يسمى بالمدن الخمس الغربية، لم تثبته المصادر العلمية كما أوضحنا، لكن الدراسة التي كلّف الأنبا شنودة بإعدادها القس ميخائيل إسكندر، وأتمها في 480 صفحة، وهي تحت أيدينا، حاولت إثبات غير ذلك، واعتمدت الظن والتخمين أساساً لتحقيق نتائجها، حيث لم تخل صفحة ـ دون مبالغة ـ من أربعة كلمات على الأقل، من بين قاموس، استحدثه الباحث، ضم الكلمات التالية على سبيل المثال لا الحصر: «ربما، أقرب إلى، يتضح أن، يبدو أن، مما يدل، بينما يظن، والراجح أن، ولا يستبعد، ولعل، في رأيي، في تقديري، في اعتقادي، واستناداً إلى، ويمكن القول، ويقول البعض، ونستطيع أن نؤكد... إلخ».
لكننا، وبرغم ذلك، رأينا تجاوزه، في محاولة للوقوف على ما أوردته الدراسة، من باب الاستئناس والاستشهاد.
تقول دراسة ميخائيل إسكندر، إنه كان قديماً جداً ـ هكذا أيضاً ـ كنائس في ليبيا، شيدها نصارى مصر الأوائل هناك.
وفي موضع آخر قال: إن هذه الكنائس لم تكن مصرية، إنما مارست طقوسها بحسب قوانين الإيمان في الكنيسة المصرية.
• أسباب اختفاء المسيحية من ليبيا:
في كتابه «المجمل في التاريخ الليبي» يبدي الباحث الليبي «مصطفى بعيو» عجبه من واقع النصرانية في ليبيا، فيقول (ص 68): «لقد كانت في ليبيا قديماً عدة أسقفيات، فكيف لا يوجد أي ليبي مسيحي في العصر الحديث؟».
يجيب ميخائيل إسكندر عن هذا السؤال  فيقول: «إنه من الحقائق المسلم بها؛ أن المسلمين قد دخلوا إلى منطقة برقة، وهي في حالة يرثى لها اقتصادياً، فقد تعرضت قبل الفتح لعدة زلازل مروعة، بجانب تغير الأحوال المناخية وسيادة الجفاف».
ثم يضيف (ص 404): «إن النظام البيزنطي أثقل كاهل الأهالي بالضرائب الباهظة، وتعرضت البلاد إلى هجمات مكثفة من الجراد، وقلة الموارد المائية، بالإضافة إلى ضعف التجارة، بعدما قضت الإسكندرية على الأهمية التجارية لمدينة سيرين الليبية التي عانت بدورها من ثورات اليهود».
ويقول «بتلر» في موسوعته «فتح العرب لمصر» (ص 53): «إلا أن ليبيا كانت مصابة بالخراب قبل الفتح الإسلامي، حيث يؤكد المؤرخون أن الفرس أذاقوا سكان ليبيا العذاب عشر سنوات متواصلة (618 ـ 628م)، وخربوا عدداً كبيراً من دور العبادة، ونهبوا ما بها، وفرضوا الجزية عليها، وهدموا مدن بنتا بوليس كلها، فأصبح من السهل على العرب فتحها».
ويلخص الوضع الليبي أيضاً ـ قبل الفتح الإسلامي مباشرة ـ المؤرخ الأمريكي هنري سيرانو في كتابه الشهير «ليبيا»، فيقول (ص 103): «لقد حل الدين الجديد [الإسلام] بكل ما يحمل من قوة ونفوذ؛ ليجد ظروفاً مهيئة لانتشاره وانحسار للنصرانية التي كان أهلها في فقر مدقع، دفع بالغالبية إلى قبول الإسلام»، كان ذلك من الناحية الاقتصادية.
 من الناحية الاجتماعية: ينقل ميخائيل إسكندر (ص 421) عن توماس أرنولد، في كتابه «الإسلام في ليبيا» قوله: «إنني أشك حتى في وجود أية آثار للمسيحية في ليبيا عند الفتح العربي الكاسح؛ لأن كل السكان البيزنطيين [حملة الدين] قد هربوا إلى أوروبا»، وفي المقابل فقد شجع الفتح قبائل العرب أن تتوافد إلى ليبيا في شبه موجات موسمية من الحجاز واليمن والشام والعراق، خاصة في العصر العباسي، كما توسع هؤلاء المسلمون في الزواج من الذميات، وإدخالهم في الدين الجديد.
 من الناحية السياسية: يقول ميخائيل إسكندر (ص 411): «كانت السياسة العربية الأولى، تسير في خطين متوازيين، هما السماح بحرية العبادة بالنسبة لأهل الكتاب، وفي الوقت نفسه نشر الدعوة الإسلامية، وحققوا نتائج سريعة، فقد شهدت ليبيا فترة من التسامح الديني لم يلمسها أهلها خلال حكم البيزنطيين أو الفرس، وقد برع في ذلك ابن العاص بذكاء كبير».
ويضيف ميخائيل بعداً آخر ( ص 407)، فيقول: «ولقد أجمع الباحثون على أن الانقسامات المذهبية بين النصارى والاضطهادات العنيفة التي مارسها أباطرة روما وبيزنطية، فاستفاد بذلك الدين الجديد، فيقول المؤرخ اللاهوتي يوحنا النفيوس عن ملوك الروم: «إنهم أعداء المسيح الذين دنسوا المسيحية برجس بدعهم، وعصوا المسيح، وأذلوا أتباعه، وتجاوز شر عبدة الأوثان. وينقل ميخائيل عن ابن المقفع (ص 226): «إن الله كان يخذل جيوش الروم أمام المسلمين، بسبب عقيدتهم الكاثوليكية الفاسدة».
أسباب إختفاء المسيحية بين الشعب الليبى
العثور على مخطوط عربي، قام بكتابته كاهن مصري عام 1721م، جاء فيه أن «النصرانية قد اختفت تقريباً في القرن 13م، من أرض بنتا بوليس» بحسب رواية ميخائيل (ص 392).
أما الأب الكاثوليكي يعقوب مويزر، فيقول في كتابه «تاريخ البطاركة» (ص 451): «إن آخر إشارة للنصرانية في بنتا بوليس، هي منتصف القرن الثامن»؛ أي القرن الثاني الهجري.
 عن مصدر يستند إلى رسالة كتبها بابا الإسكندرية عام 1524م، إلى مطران كان يعمل بالخمس مدن الغربية حينذاك، ثم هجرها أيام امتلاك العثمانيين للشمال الإفريقي.
وقال ميخائيل إسكندر أن إيزيس المصري قد أخذت بهذه الرواية، ليس في موسوعتها المنشورة «تاريخ الكنيسة المصرية»؛ إنما في بحث لها غير منشور، ثم أضاف (ص 394) على لسان إيزيس: «لقد ذكر بعض المؤرخين أن النصرانية انتهت تماماً في الخمس مدن الغربية أثناء بابوية الأنبا يؤانس الثالث عشر، عام 1508م، الذي ترك ليبيا وعاد إلى مصر».
ويعقب على ذلك (ص 395): «إن صحت هذه الرواية؛ فإننا نرجح أن هذا المطران كان في تونس (القيروان)؛ لأن منطقة طرابلس وبرقة، في هذا الوقت كانت مخربة ومعزولة».
ثم ننتقل عبر سنوات القرون الثلاثة الأخيرة، لنجد نقلاً أورده ميخائيل عن الرحالة الفرنسي باشو (Pacho) سنة 1911م، أن النصرانية عادت إلى ليبيا، مع الاحتلال الإيطالي، حينما هاجرت جماعات إيطالية [جائعة]، إلى الساحل الليبي، وقامت بتشييد عدد كبير من الكنائس في المدن الكبرى، ظلت حتى قيام ثورة 1969م، حيث أغلقت جميعها، وعاد روادها إلى بلادهم».
وفي فبراير الماضي 2003م، ورد خبر قصير في نشرة «الكرازة» التي تصدرها الكنيسة الكبرى في مصر، كل نصف شهر، في عدد أول يناير، قال: إن الأنبا باخوميوس قد عاد من زيارة له امتدت لمدة أسبوعين، في كل من ليبيا، ومالطا، وإنه قدم تقريراً للأنبا شنودة، جاء فيه: «لقد تقدمت بطلب جديد إلى السلطات الليبية للحصول على مكان مناسب للصلاة في مدينة مصراته»؛ ذاكراً «أننا نصلي الآن في شقة بالمدينة، فوعدونا بأحد مكانين، وأن هذا سوف يتم قريباً».
وأضاف الخبر قول الأنبا باخوميوس: «ونشكر الرب أن القس مرقس زغلول يقوم بخدمته الكنسية بصفة منتظمة في كنيسة السيدة العذراء بمدينة مصراته، كما تقدمت بطلب إلى رئيس جمهورية مالطا لتخصيص كنيسة للمصريين الأرثوذكس، حيث يوجد في مالطا حوالي 35 عائلة، فأظهر شعوراً طيباً».
وفي ختام تقريره قال: «والأقباط في مالطا مجتمع فقير جداً، وعائلات متناثرة معظم زواجهم مدني [غير كنسي]، وعملهم الأساس عمال بناء أو وظائف صغيرة، وقليل في أعمال حرة».
ثم أخيراً، وحول أوضاع الأقباط المصريين في ليبيا، قال باخوميوس: «ولوحظ في هذه الزيارة، أن عدد العائلات، يقل عن ذي قبل، ففي ليبيا الآن حوالي 300 عائلة تقريباً، بينما عدد المصريين هناك ربما أكثر من 15 ألفاً بسبب البطالة في مصر».

 

 

This site was last updated 03/05/11