Home Up محمد على والبناء محمد على والتعليم الأوربيين يصفون مصر محمد على وبناء الجيش وفاة محمد على محمد على والطب إمساكية رمضان ومحمد على محمد على والزراعة القناطر أملاك محمد على باليونان محمد على وعمر مكرم المحليات وعصر محمد على محمد على والصحافة محمد والجريمة والعقاب مذبحة القلعة هزيمة وتدمير الأسطول المصرى سليمان باشا الفرنساوى الطريقة الصوفية البكتاشية إنشاء القناطر الخيرية قصر محمد على تسكنه الخفافيش فكرة حفر قناة السويس صورة ملكة بريطانيا المرصعة بالماس New Page 7418 New Page 7419 | | «البكتاشية».. الطريقة التى دعمها محمد على وطردتها ثورة يوليو المصرى اليوم تاريخ العدد الجمعة ١٧ ابريل ٢٠٠٩ عدد ١٧٦٩ كتب أحمد حامد الجمال طريقة غامضة، لها قانونها الخاص، ومريدون «دراويش» مدربون على السمع والطاعة و«مغارة متطرفة» فى حضن الجبل، وحلقات ذكر للمحبين والعاشقين.. وبابا أعظم يرقى ويعزل مشايخ التكية. الطريقة «البكتاشية» التى جذبت آلاف المريدين، من الصفوة والعامة ورجال الدولة، لاتزال حتى الآن لغزاً من ألغاز تاريخ مصر الحديث، لأنها ارتبطت بأسرة محمد على المالكة، التى دعمتها وقدمت لها العون، لكن حكومة ثورة يوليو طردت دراويشها وقياداتها ومريديها من «كهف السودان» تكية البكتاشية بجبل المقطم، بعد خمس سنوات من نفى الملك فاروق، ومغادرته مصر. وعن العلاقة الغامضة بين «البكتاشية» والأسرة العلوية، يقول الدكتور محمد السيد الدغيم، الباحث بكلية الدراسات الشرقية بلندن، فى ورقة بحث بعنوان «محمد على باشا من وجهة نظر عثمانية» إن هناك عدة قرائن على علاقة الأسرة العلوية بالحركة الروحية «البكتاشية» منها أن الأكثرية الألبانية التى تنتمى إليها أسرة محمد على تعتنق المبادئ البكتاشية، إضافة إلى الاهتمام الملحوظ بعمران التكية البكتاشية بالمقطم، فخلال الفترة من عام ١٩٠٣ إلى عام ١٩٢٧ قام كل من الأمير كمال الدين حسين، نجل السلطان حسين كامل، والأمير لطفى، أحد شيوخ التكية بتجديد ضريح البابا عبدالله المغاورى الأرنؤوطى. وقد دفن حسين كامل فى كهف البكتاشية المقدس، مما يؤكد وجود علاقة بين الأسرة والحركة، ومن قرائن اهتمام الأسرة العلوية بالبكتاشية صدور أوامر محمد سعيد باشا ( ١٨٥٤ ـ ١٨٦٣)، بتخصيص المغارة التى دفن فيها. «قبوغوسز» الأرنؤوطى المشهور باسم «عبدالله المغاورى» للطريقة البكتاشية فى كهف السودان وتتابع دفن باباوات البكتاشية فى كهف السودان ومن أبرز القرائن انتقال التكية البكتاشية المركزية من ألبانيا إلى مصر برعاية الحكومة الملكية، وأيضاً وجود تابوتين فى مقبرة التكية البكتاشية لكل من الأميرة روحية والأميرة نافية ابنتى الملك الألبانى السابق أحمد زغو البكتاشى الذى تولى حكم ألبانيا عام ١٩٢٢، وأقام فى مصر فترة من الزمن. تنسب الطريقة البكتاشية إلى خنكار محمد بكتاش الخراسانى النيسابورى، الذى استطاع أن يستقطب مجموعة من المريدين منهم «أبدال موسى سلطان» الذى كان خليفة بعده، وربى أبدال رجلاً يسمى «قبو غوسز». بدأ انتشار هذه الطريقة فى مصر فى بداية القرن التاسع الهجرى، على يد «قبو غوسز»، الذى أطلق على نفسه اسم عبدالله المغاورى وسمى أول تكية لهم باسم «قصر العينى» يقول أحمد سرى «دده بابا» شيخ مشايخ الطريقة، و«الطريقة العلية البكتاشية هى طريقة أهل البيت الطاهر، رضوان الله عليهم أجمعين» (الرسالة الأحمدية ص٦٧) ويقول أيضاً: «وجميع الصوفية على اختلاف طرقهم يقدسون النبى وأهل بيته ويغالون فى هذه المحبة (الرسالة الأحمدية ص٦٨). انحدرت أصول الطريقة العلية البكتاشية من سيدنا ومولانا أمير المؤمنين على بن أبى طالب، كرم الله وجهه وعلى أولاده وأحفاده إلى أن وصلت إلى مشايخنا الكرام يدًا بيد، وكابراً عن كابر، وعنهم أخذنا مبادئ هذه الطريقة الجليلة (الرسالة الأحمدية ص٦٩). فرض أرباب الطريقة على المريد أن يغتسل قبل زيارة التكية وأن يأخذ معه هدية فإذا وصل الباب سمى ولا يجوز له أن يطأ العتبة برجله، لأنها مقدسة ثم يلتحق بالخدمة التى تطلب منه، وفى وقت المجلس يجلس حسب مرتبته، ولكل شخص مرتبة خاصة، والمراتب بالأقدمية، ثم يذهب المريد بعد دخول التكية والاستراحة إلى القبر الموجود فى التكية، ولزيارة القبر آداب خاصة منها السلام المخصوص، ثم العودة بظهره إلى خارج الضريح، والشيخ فى العادة لا يجلس مع المريدين، ولا يزار إلا إذا صدر الإذن بذلك من الشيخ، ولا يزوره المريد إلا بصحبة الدرويش المختص، فى عام ١٨٥٩ صدرت أوامر ملكية فى مصر، بتخصيص المغارة التى دفن فيها «قبو غوسز» مقراً للبكتاشية، وفى ١٩٥٧ أمرت حكومة الضباط الأحرار، بإخلاء تكية المقطم فى عهد آخر باباوات البكتاشية، أحمد سرى دده بابا الذى تولى تكية المقطم فى ٣٠ يناير ١٩٤٩، حيث أقام بها وأنشأ بها العديد من المنشآت والنافورات الجميلة وأضاء حجرات الدراويش بالكهرباء. كما يوجد فى تكية المقطم قبتان ضريحيتان علقت بأحد جدرانها لوحتان من الرخام الملون، كتبتا باللغة الفارسية تحتوى كل منهما على النص التأسيسى لتجديد الضريح والثانية قبة أحمد سرى دده بابا، التى أنشأها ١٩٣٨ ليدفن فيها إلا أن فيها جثمانه لم يوار الثرى، حيث طرد هو وطائفته فأنشأ تكية بحى المعادى باسطبلات الأمير عمر، لتعود روح تكية المغاورى وتستقر فى التكية الجديدة. وتوفى دده بابا عام ١٩٦٣ تاركاً التكية البكتاشية بلا دراويش إذ كان آخرهم الشيخ رجب، الذى هاجر إلى أمريكا ورفض عصمت داوستاشى، الفنان التشكيلى، كما ذكر فى جريدة أخبار الأدب، أن يكون شيخاً على دراويش التكية لتنقرض البكتاشية من مصر برحيل حكم أسرة محمد على. وللطريقة البكتاشية قانونها الخاص، كما وضعه أحمد سرى دده بابا آخر الشيوخ البكتاشية فى مصر الذى يشرح الطريقة بأنها أخوية ديمقراطية منزهة عن الأغراض الشخصية، خالية من التعصب الدينى وتصدرت المادة الثانية من قانون البكتاشية، عبارة محظور على رجال الطريقة الاشتغال بالسياسة، وكل من يثبت خروجه على مبادئ الطريقة يفصل نهائياً، وتتكون مراتب الطريقة البكتاشية من العاشق وهو الذى يميل إلى الطريقة ويهيم فى مبادئها تستيطر عليه الروح البكتاشية وتكون لديه الرغبة الأكيدة فى الانضمام إلى الطريقة وهو مرشح بعد التزكية لدرجة «طالب». وهو الذى يقضى مدة فى درجة العشق، يعلن بعدها رغبته فى الانتساب، بصفة رسمية، ويزكيه ثلاثة من الإخوان، ويبقى فى انتظار موافقة الشيخ، لأخذ إقراره وإعطائه عهد الطريقة. والمرتبة الثالثة تسمى المريد أو المحب، وهو الطالب الذى ينتسب إلى الطريقة، فى حفل عام ويتوب توبة نصوحاً، ويقبل تعاليم الشيخ ونصائحه وشروطه، وبعد الإقرار والقبول يعطى العهد ويدخل فى زمرة المريدين، وهو المحب الذى يرقى إلى رتبة درويش، والدرويش فى البكتاشية نوعان، متجرد وهو الذى يهب نفسه لخدمة الطريقة، بصفة دائمة، فيتجرد عن الدنيا ونوازع نفسه، ويقيم فى التكية مكرساً حياته للعبادة والخدمة، ويتقدم على الدرويش المتأهل، فى حلقات الذكر، والمتأهل أى المتزوج هو الذى يقوم بالخدمة أوقات فراغه ومحظور عليه ارتداء الملابس والعلامات البكتاشية، خارج التكية. يرتفع فى المرتبة الخامسة من المراتب البكتاشية البابا «الشيخ» ولا يرقى إليها الدرويش إلا بعد فترة طويلة يحصل خلالها على علوم الشريعة والطريقة وتذوق معانى التصوف وفهم غوامضه وأسراره ويقع فى المرتبة السادسة الدده «الجد»، وهو البابا الذى يرتقى إلى درجة خليفة وهذه الدرجة لا يمنحها إلا شيخ المشايخ أو «الدده بابا» وهو المرشد الأعظم، الذى ينتخب للرئاسة العامة للطريقة، وهو الذى يرقى الباباوات وله حق تعيين مشايخ التكية وعزلهم.. هكذا رحل آخر باباوات البكتاشية حاملاً معه أسراراً عديدة، حول فترة مهمة من تاريخ مصر، لتبقى عدة علامات استفهام اجتهد البعض فى الإجابة عنها، مثل تدخل بعض باباوات الطريقة، فى تشكيل ملامح السياسة العامة، فى مصر أثناء تولى الأسرة العلوية مقاليد السلطة. |