Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

م

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
أرض مصر لأبن سندر
Untitled 5314
عثمان والصراع العربى العربى
الغزاة المسلمين ونهب ثروات مصر
عزل عمرو عن ولاية مصر
Untitled 5355
Untitled 5356
Untitled 5357
Untitled 5358
Untitled 5359
Untitled 5360

فيما يلى ما أورده كتاب صدر في القاهرة عام 1999م، بعنوان‏:‏ هوامش الفتح العربي لمصر، حكايات الدخول كتبته الباحثة سناء المصري - طبعة إشعاع للنشر

*****************************************************************************************************************************

ويبدو أن سياسة عمرو بن العاص لم تعجب كل العرب النازحين إلى مصر ، خصوصاً بعد أن ركز عمرو عصبيته (تحيز) البشرية والمادية فى بنى سهم - اقاربه من جهة أبيه ومن تحالف معهم .

وكان عمرو بن العاص كثير الفخر بأبيه العاص بن وائل السهمى القرشى ، الذى يقول عنه الألوسى فى كتاب ( بلوغ الأرب فى معرفة أحوال العرب ) أن العاص كان من حكام مصر المعدودين.

العرب كانوا يعيرون العاص بأمه

وبقدر ما كان عمرو يفخر بأبيه ، كان المنتقدون له يعيرونه بأمه التى كانت سبية من بنى جلان من قبيلة بلى اليمنية وتدعى النابغة (1)[ وأمه سلمى"و لقبها النابغة" بنت حرملة العنزية ، و هي سبية من بني جلان بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة بن اسد بن ربيعة بن نزار . قال ابن عبد البر : ((وذكروا أنه جُـعـِـلَ لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص عن أمه وهو على المنبر ، فسأله ، فقال : أمى سلمى بنت حرملة تلقب النابغة من بنى عنزة ثم احد بنى جلان ، أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ فاشتراها الفاكه بن المغيرة ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان ثم صارت إلى العاص بن وائل فولدت له فأنجبت فإن كان جعل لك شىء فخذه))]  النابغة أسرت فى إحدى المعارك القبيلة [ المزيد من التفاصيل ، أنظر نهاية الأرب فى فنون ألأدب ، النويرى ، الجزء العشرون ص 297] وكثير ما قال الناس : (لولا أمه لكان عمرو من سادة العرب المعدودين)

ورغم أن ثلثى جيش الفتح (الغزو) من اصول يمنية وكانوا أخوال عمرو بن العاص ، إلا انه كان يفضل آل أبيه ذوى العصبية القرشية فى توزيع الثروة ، فأنزلهم بأجود الأراضى (  ) وبعد وفاة عمر بن الخطاب وتولى الخليفة عثمان بن عفان ، كثرت شكوىالعرب الأجرين - من غير أقاربه - من ذلك وجعلوا يعملون عليه ، وأنتظروا من عثمان أن يقيد صلاحياته ، وكما يقول أبن كثير القرشى فى كتاب البداية والنهاية إن كثير منهم : " كانوا محصورين من عمرو بن العاص مقهورين معه لا يستطيعون أن يتكلموا بسوء في خليفة ولا أمير، فما زالوا حتى شكوه إلى عثمان لينزعه عنهم ويولي عليهم من هو ألين منه، فلم يزل ذلك دأبهم حتى عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة، وولى على الحرب والخراج عبد الله بن أبي سرح...اهـ. [ أبن كثير القرشى ، البداية والنهاية ص 1676 فى بداية الفتنة سنة أربع هجرية  & وكذلك فى كتاب الاستيعاب  - ابن عبد البر ] بالرغم من غضب الرسول من ابن سرح

وفى قول آخر : كان عمرو على الحرب وأبن سرح على الخراج ، وأن عمرو قال ساخطاً : " أأكون كماسك البقرة وغيرى يحلبها ) [أبن عبد الحكم : فتوح مصر وأخبارها ، ص178] ووقع خلاف كبير بين ابن العاص وبين أبى سرح : " حتى كان بينهما كلام قبيح فأرسل عثمان وجمع لأبن سرح الخراج والحرب والصلاة ، وبعث غلى عمرو يقول له لا خير لك فى المقام عند من يكرهك فأقدم إلى ، فإنتقل عمرو إلى المدينة وفى نفسه من عثمان أمر كبير " [ أبن كثير القرشى - البداية والنهاية ]

وأنفتح باب الفتنة الكبرى وكان أحد أسبابها الهامة : الفوارق الصارخة بين ثراء الصفوة وإحتكارها لمواطن المال والنفوذ ، فى مقابل الإنخفاض النسبى لشأن العرب ذوى الأصول اليمنية ، وسياسة عثمان بن عفان وأبن أبى سرح زادت النار إشتعالاً ، لأن أخو الخليفة من الرضاعة بالغ فى التضييق على أتباع عمرو من جانب ، والعرب اليمنية من جانب آخر ، وقد ذكر المؤرخون قتل "عائذ بن ثعلبة البلوى" اليمنى من البرلس عام 35 هـ بأيد عربية دون ذكر أسباب وتفاصيل الحادث .

كما غالى فى جمع الضرائب من القبط وإغراق حاشيته حاشية الخليفة فى مجتمع المدينة بالأموال و(كثر الخراج على عثمان وأتاه المال من كل وجه حتى إتخذ له الخزائن وأدر الأرزاق وكان يأمر للرجل بمائة ألف بدرة أربعة ألاف أوقية) [جلال الدين السيوطى ، تاريخ الخلفاء أمراء المؤمنين]

وإشتدت حدة رياح فى المركز (2) كما فى الأمصار (3)، وخصوصاً فى مصر ، ونجد فى كتاب نهج البلاغة نقلاً عن الواقدى والدائنى والكلبى أن : " عبدالله بن أبى سرح  أمر بجلد عبد الرحمن بن عديس وعمرو بن الحمق - وهما من قبيلة بلى اليمنية - وحلق رؤسهما ولدهما وحبسهما وصلب قوما آخرين من أهل مصر ، وهى نفس عقوبة المتأخر عن القتال والمخالف للأمير الذى يوقع عليه عقاباً فوريا يبدأ بإلحاق الأذى بالجسد ويترك علامة فيه تظل تلحق العار بصاحبها أينما حل " [ الشريف الرضى : نهج البلاغة وقد تطورت عقوبة الأمير لمخالفيه بعد ذلك فنجد أنه لما ولى بشر بن أبى مروان الأموى : زاد فيه فصار يدفع الرجل عن الأرض ويسمرونه فى يديه بمسمارين فى حائط فربما مات وربما خرق المسمارين يديه"(المقتفى الكبير : المقريزى  الجزء الثانى 2/429]

وأمام زيادة الثروة ، كانت صلاحيات الأمير فى إنزال العقاب  على مخالفيه تزداد وإستخدام مبدأ التعذيب بترك علامات وحشية على الجسد ، والحرمان من مواطن الإرتفاع تنزل على المعارضين وتوسع قاعدتهم .. وقد وجد بعض ثائرى البيوت القرشية الأهرى - من غير آل عثمان وآل الحكم من أقاربه - فى غضب القاعدة العريضة من الجند ذوى الأصول اليمنية ضالتهم فى تفجير الموقف ، وحتى فى تلك الحالة نجد أبناء البيوت القرشية الغاضبة يلعبون دور الزعماء ، بينما ظل اليمنيون فى دور المنفذين والمقاتلين.

وكان محمد بن ابى حديقة (القرشى الأصل) من أشد المعارضين ضد أبى سرح فى مصر ، وبعث أبن أبى سرح يشكو محمداً إلى الخليفة ، فحاول عثمان أن يسترضيه بأن بعث إليه : " ثلاثين ألف درهم ومحملاً عليه كسوة فوضعهما محمد فى المسجد وقال يا معشر المسلمين ألا ترون أن عثمان يخادعنى عن دينى ويرشونى عليه ، فإزداد أهل مصر تعظيماً له وطعنا على عثمان وبايعوه على رئاستهم) [ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويرى : نهاية الإرب ، الجزء العشرون ص 241] وإنضم محمد بن ابى حديقة بعد ذلك إلى محمد بن ابى بكر إبن الخليفة الراشدى الأول (وأخوا عائشة زوجة الرسول) إلى صفوف المحرضين على عثمان وأبن أبى سرح فى مصر ، حتى أن أبن أبى السرح أضطر إلى عزل أبن حذيقة وأبن ابى بكر فى مركب ليس فيه إلا القبط  فى غزوة ذات الصوارى ، بعد أن تحدثا كثيراً فى أمر توزيع الغنائم ، وافاضا فى إنتقاد الخليفة والوالى ، ففرض عليهما أبن أبى السرح أن يركبا سفينة معزولة من الجند العربى ، وليس فيها سوى القبط ، وبينهما عازل اللغىة والتفاهم :ط ولم يقاتلا ، فقيل لهما فى ذلك ، فقالا كيف نقاتل مع أبن أبى السرح الذى أسنعمله عثمان وقد فعل عثمان كذا وكذا) [ المزيد من التفاصيل أنظر المقريزى الجزء الخامس ص 525] ولم يفلح العزل فى إخماد النار ، وإزداد التزمر بعد عودة الجيش إلى مصر من غزوات ذات الصوارى ، حتى :"خرج أهل مصر فى أربع رفاق على أربعة أمراء ، المقلل (فى العدد) يقول ستمائة والمكثر يقول ألف ، على الرفاق عبد الرحمن بن عديس البلوى ، وكنانه بن بشر التجيبى ، وعروة بن شيبم الليثى ، وأبو عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعى وسواد بن رومان الأصبحى وزرع بن يشكر اليافعى ، وسودان الغافقى بن حرب العكى ، ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب ، وإنما خرجوا كالحجاج " [ الطبرى ، الجزء الرابع 348]

وجميعهم من جند اليمانية كما يتضح من أسمائهم المنسوبة إلى : بلى / ليث/ وخز / .. وآخرين يافع / وأخيراً غافق من عك وكان فى مقدمتهم  عبد الرحمن بن عديس البلوى الذى سبق ومثل به الوالى وحلق شعره وسجنه مع آخرين .

وعين أبن حذيقة نفسه واليا ، وما لبثت وفود مصر أن دخلت المدينة ، وحاصرت عثمان بعد مفاوضات عديدة أنضم إليهم وفود من البصرة والكوفة .   

ويقال أن الحصار قد حدث بعد أن قابل أهل مصر فى طريق عودتهم من المدينة رسول الخليفة عثمان بن عفان على راحلته ومعه خطاب إلى ابن أبى السرح يطلب منه فيه القبض على هؤلاء الثائرين وقتل زعمائهم مما أشعل غضبهم وعادوا ليسألوا الخليفة عن ذلك فنفى صلته بالخطاب ، وحصروه (حاصروه)   فى بيته ثم كان مقتله على يد ثوار مصر ، ويلاحظ أن المؤرخين العرب يطلقون على العرب المسلمين الذين إتخذوا من مصر محلاً للإقامة أسم (أهل مصر) دون أن يقصدوا أهلها الدقيقيين (تعليق من الموقع : سكان مصر الأصليين الأقباط)  القبط [ ينطبق ذات الكلام على حادثة الرجل الذى إشتكى عمرو بن العاص للخليفة لأنه ضربه بعد أن سبق ابنه ، وإستدعى أبن الخطاب عمرو وأبنه ، وقال له أضرب أبن الأكرمين ، وأطلق المؤرخون أسم المصرى جرياً على ذات عادتهم على تسمية العرب المقيمين بمصر المصريين أو أهل مصر ، على الرغم من حداثة وفودهم إلى أرض فالمقصود هو : الذين أمتلكوا مصر]

وإنضم هؤلاء الثوار بعد ذلك إلى على بن أبى طالب فى معاركة التالية ضد شيعة عثمان ، وكما يقول المؤرخون : أن مصر كانت :" علوية الهوى"

وكان لحزب معاوية بن ابة سوفيان (الرافع لقميص عثمان) رجال ذوى بأس وقوة وحيلة ودهاء ، وعلى رأسهم عمرو بن العاص المقيم مؤقتا بقصرة فى فلسطين ، والذى خرج من المدينة بعد أن إحتدم الخلاف بينه وبين الخليفة عثمان بن عفان وقال له أبن عفان : " قملت والله جبتك منذ أن نزعتك عن العمل" [ الشريف الراضى : نهج البلاغة ، الجزء ألأول، ص 162] كناية عن تواضع حاله بعد قرار عزله عن ولاية مصر ، وكانت صلات أبن العاص برجال حزبه فى مصر لا زالت قوية ، وعلى رأسهم معاوية بن حديج الذى أقام فى الصعيد أثناء تلك الفتنة ، ومنها حارب حزب أبن أبى طالب فى مصر من جهة الغرب ، ومن يقرأ تاريخ تلك الفترة يدرك حقيقة أن كل الفصائل المتناحرة كانت لا تريد إستمرار خلافة عثمان بن عفان الذى تزايدت فى عهده الثروة بما لا يعقل ، وكانت بمثابة مرحلة إنتقالية بكل ما تحمل من تناقضات السياسة والحكم والثروة والتكتلات القبلية..   

وحزب عثمان الذى يتخذ من مقتله تكئة للتخلص من الخصوم السياسيين ، يريد الآن ما هو أكثر منمجرد الإستمتاع بالثروة ، إنهم  يريدون مباشرة الحكم لأنفسهم ، كما سيحدث معآل سوفيان وآل الحكم ، ولمعرفة رأى عمرو بن العاص عن مصر كما كان يروى أن : " مصر تعدل الخلافة كلها " وأنه لا يرضى بغير حكمها بديلاً

أما على بن أبى طالب ، وطلحة ، والزبير بن العوام ، فكان لكل منهم مآربة  الخاصة فى السياسة والحكم - ولمزيد من التفاصيل (أنظر طه حسين الفتنة الكبرى )

وفى خلافة على ابن أبى طالب - قصير العمر- عين قيس بن سعد على ولاية مصر ، وكان فى مواجهته حزب عثمان بن عفان ( معاوية بن حديجومسلمة بن مخلد ويسر بن أرطأة وغيرهم ، قد إعتزلوا فى قرية ولهم رباع وأولاد وعيال وعبيد ) [ أبن ظهيرة : الفضائل الباهرة فى ملوك مصر والقاهرة ص24]

وكانت سياسة قيس بن سعد هى ملاينة رجال حزب معاوية تجنباً لشرورهم ، فشك على ابن أبى طالب فى واليه ، عين مكانه محمد بن أبى بكر الذى نشب بينه وبين أهل خربتا - مقر بن حديج - نزاع (ثم خرج معاوية بن حديج ودعا إلى الطلب بدم عثمان فأجابه ناس وفسدت مصر على يد محمد ين أبى بكر بعد هدم دور شيعة عثمان ونهب أموالهم وسجن زواويهم )[المقريزى ص 264]

وفسدت مصر على يد محمد بن ابى بكر ، وبلغ الخليفة ذلك ، فإستدعى الأشتر ، وقال له (ليس لها غيرك فأخرج إليها) لكن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبى سفيان دبرا للأشتر قتلا يليق به - ومات على أبواب مصر قبل أنيدخلها ، وكان معاوية كثير التندر على تلك الحادثة بقولهما : " إن لله جنود من عسل" [المقريزى المصدر السابق ص200]

وقى أمامهما محمد بن أبى بكر فأعد له جيشا ، وهزماه فى معركة كنانة ، ثم لم يكتفيا بذلك ، تبعه أبن حديج حتى قبض عليه وقتله ، ثم وضعه فى جيفة حمار وأحرقها حتى أكلت النار جثة محمد بن أبى بكر ، مما يبين وحشية الوسائل التى أتبعها العرب فى قتال بعضهم البعض من أجل الفوز بالسلطان والنفوذ والمال .

وكان عمرو بن العنفسة : أوائل المتآمرين ضد عثمان بن عفان ، ومن آوائل المستفيدين من مقتله ، ومن أشد المطالبى بالثأر له ... وكما يقول هو عن نفسه : " أنا عبد الله ، ‘حككت قرحة نكأتها" [ الطبرى الجزء الرابع ص 357] 

ومما يتفق مع رواية شمس الدين الذهبى حينما ذكر أن : " عمرو هتك ما كان معاوية يتستر به من النفاق والإدعاء أيام وقعة صفين ، فقال له أحرقت قلبى بقصصك ، أترى إننا خالفنا عليا لفضل ومن عليه ، لا والله إن هى إلا الذهبى : كاتب عليها ، وأيم الله أنقطعن لى قطعة من دنياك أو لأنا بذنك "[شمس الدين الذهبى : سيرة أعلام النبلاء]

وفاز عمرو بمصر طعنة كما أراد

كما عين الخليفة الجديد عبدالله بن عمرو على الكوفة مكافآت لبيت ابن العاص على ما قدموه لدعائم لاخلافة الأموية ، لكن المغيرة بن شعبة أوحى إلى معاوية بن ابى سفيان ببوادر الخطر على الخلافة الأموية حينما قال له : " عمرو بمصر وأبنه بالكوفة ، وإكتفى بترك مصر طعمة حتى وفاته

 

****************************

(1) النابغة أطلقت عليها بعض المراجع الإسلامية لقب : "أرخص باغية فى مكة"

(2) المركز أى عاصمة الحكم فى مكة والمدينة

(3) الأمصار تعنى البلاد المحتلة مثل مصر والشام وغيرهما

(4) وقال عنها ابن العاص : مصر تعدل الخلافة كلها – نراها نفسها ( فى اهلها مكر ورياء وخبث ودهاء وخديعة ) المسعودى : مروج الذهب

This site was last updated 08/25/11