Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

شبهات وهمية الفصل الثالث من مجمل الأناجيل الأربعة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
شبهات وهمية الفصل الثالث
شبهات وهمية الفصل الرابع
السنة الثانية من رسالة المسيح
السنة الأولى من الثلاث سنين الأخيرة
قبر أمير الشهداء مار جرجس
كنيسة ودير الأنبا أنطونيوس بيافا
المقابر اليهودية بجبل الزيتون
المهندس أنطونيو

 

شبهات وهمية الفصل الثالث من مجمل الأناجيل الأربعة إإبحث غن رقم الشبهة  ف3)

(ش 1ف3) قال المعترض : جاء في متى 1: 19 أن يوسف أراد تخلية مريم سراً بسبب حبَلها، حتى كلَّمه الملاك في متى 1: 20 مع أن الملاك كان قد أعلن لمريم قبل ذلك أنها ستحبل (لوقا 1: 26 و27), فيكون أن هذين النصَّين متناقضان ,

وللرد نقول بنعمة الله : النصان صحيحان, ظهر الملاك لمريم، ثم ظهر ليوسف, ولم تكن مريم قد أخبرت يوسف بإعلان الملاك لها، لأنها كانت تعلم أن كلماتها وحدها لن تقنع يوسف بأن حَبَلها هو من الروح القدس, ثم أنها كانت تعرف أنها بريئة، وأن الله قد شرَّفها أن تكون أم المخلّص, فلتنتظر حتى تعلن السماء براءتها ليوسف ولغيره,

 (ش2ف3) قال المعترض : ورد في متى 1: 22 و23 وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً، ويدعون اسمه عمانوئيل، الذي تفسيره الله معنا , والمراد بالنبي هو إشعياء عند علمائهم، فانه ورد في إشعياء 7: 14 يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه عمانوئيل ,

وهذا غلط بوجوه, الأول: كلمة العذراء التي ترجمها متَّى ومترجم كتاب إشعياء بالعذراء، هي عَلْمَه مؤنث علم، والهاء فيه للتأنيث, ومعناه عند علماء اليهود المرأة الشابة، سواء كانت عذراء أو كانت غير عذراء , وجاء هذا اللفظ في الأمثال 30 ومعناه المرأة الشابة التي تزوجت , وفُسر هذا اللفظ في كلام إشعياء بالمرأة الشابة، في الترجمات اليونانية الثلاث في ترجمة سنة 129 وسنة 175 وسنة 200, وكلام متى ظاهر, وقال فري في بيان اللغات العبرية إنه بمعنى العذراء والمرأة الشابة, وحَمْله على العذراء خاصة يحتاج إلى دليل,

 

وللرد نقول بنعمة الله : لما كان اليهود غير مؤمنين بأن يسوع هو المسيح كلمة الله الأزلي، حاولوا تفسير النبوات لكي لا تصدق عليه رغم وضوحها,

على أن مثل هذه الأدلة لا يصح أن يُخاطب بها إلا اليهودي، أو الكافر، فكلاهما لا يعترف بولادة المسيح من عذراء، بخلاف المسلمين الذين يؤمنون أن الله فضّل مريم على نساء العالمين، فورد في آل عمران 3: 42 وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهّرك، واصطفاك على نساء العالمين وورد في التحريم 66: 12 ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا، وصدقت بكلمات ربها وكتبه، وكانت من القانتين وورد في المؤمنين 23: 50 وجعلنا ابن مريم وأمه آية , والقرآن ذاته شنّع في اليهود لافترائهم على مريم، فقال في النساء 4: 156 وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً , والدليل على أنها كانت عذراء ما ورد في مريم 19: 20 قالت (أي للملاك) أنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر، ولم أك بغيّا؟ وفي عدد 21 قال كذلك قال ربك هو عليّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منّا، وكان أمراً مقضيّاً , فالقرآن شاهد بأن مريم حبلت بالمسيح من الروح القدس، وأن الله فضّلها على نساء العالمين، وأنها حبلت بالمسيح وهي عذراء بكر لم تعرف رجلاً, وكان الواجب على المعترض أن لا يتمسك بالاعتراضات الفارغة التي يستند عليها أعداء المسيح ومريم,

 (ش3ف3)  قال المعترض : ما سمى أحد المسيح بعمانوئيل، لا أبوه ولا أمه، بل سمياه يسوع, وكان الملاك قد قال لأبيه في الرؤيا: وتدعو اسمه يسوع كما في إنجيل متى، وقال جبريل لأمه: ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع كما في إنجيل لوقا (وهنا حذف المعترض باقي كلام الملاك، وهو قوله: هذا يكون عظيماً وابن العلي يُدعى وقوله الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله ), ولم يدّع المسيح في أي وقت أن اسمه عمانوئيل ,

وللرد نقول بنعمة الله : معنى كلمة عمانوئيل الله معنا , و قال متى البشير، بوحي الروح القدس، إن المراد بها هو المسيح، وهي لاشك تدل عليه دلالة المطابقة، فان اللفظ موافق للمعنى، فان الكلمة الأزلي اتخذ طبيعتنا وصار إنساناً, في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله ,,, والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده، مجداً كما لوحيدٍ من الآب، مملوءاً نعمة وحقاً (يوحنا1: 1 و14), قال الرسول (1تيموثاوس 3: 16): عظيم هو سرّ التقوى: الله ظهر في الجسد , وقد صرّح المسيح بذلك في جميع تعاليمه, قال في يوحنا 5: 17-24 إنه معادل لله في أعماله وقوته وقدرته وذاته، وأوضح أزليته في يوحنا 8: 25 ، وقال إن الآب فيه وهو في الآب (يوحنا 10: 38), فالكلمة الأزلي، المسيح، اتخذ الجسد, وبعبارة أخرى إنه عمانوئيل أي الله معنا ,

وقد تنبأ النبي إشعياء بهذه النبوّة قبل مولد المسيح بنحو 740 سنة, وتوجدنبوات تختص بالمسيح حرفياً، كما توجد حوادث كثيرة تنبىء عن المسيح وعمله، ورُمز إلى المسيح بأشخاص، فرُمز إليه بداود ملك يهوذا، ولذا تكلم عنه الأنبياء بعد موته بمدة طويلة (هوشع 3: 5 وإرميا 30: 9 وحزقيال 34: 23 و24 و37: 25), فلما سرد متى تاريخ المسيح ذكر تتميم النبوات التي وردت عنه، فذكر أولاً نسَبَه الشرعي من داود وإبراهيم حسب الكتب المقدسة، ثم ذكر أنه كان لابد أن يولد من عذراء حسب نبوة إشعياء، وأنه كان لابد أن يولد في بيت لحم اليهودية حسب نبوة ميخا، ثم استشهد بقوله إن راحيل تبكي على أولادها في الرامة، حسب نبوة إرميا، وإنه كان لابد أن يُدعى من مصر حسب نبوة هوشع، ويسكن في الناصرة ليتم ما قيل إنه سيُدعى ناصرياً, وكانت يد الله ظاهرة بنوع جلي في جميع هذه الحوادث، تحقيقاً لنبوات الأنبياء, ولقد أصاب البشير في تطبيقها على المسيح، فإن الروح القدس الذي أوحى بهذه النبوات في العهد القديم، أوحى أيضاً بتفسيرها في العهد الجديد، فكان الكلام مبنياً على الوحي الإلهي,

(ش4ف3) قال المعترض : من قارن متى 2 بلوقا 2 وجد اختلافاً: يُعلم من قول متى أن أبوي المسيح بعد ولادته كانا يقيمان في بيت لحم، ويُفهم أن هذه الإقامة كانت لمدة تقرب من سنتين، ثم ذهبا إلى مصر وأقاما فيها إلى موت هيرودس، ثم ذهبا وأقاما في الناصرة, ويُعلم من كلام لوقا أن أبوي المسيح ذهبا إلى أورشليم بعد تمام مدة نفاس مريم، ولما قدَّما الذبيحة رجعا إلي الناصرة وأقاما فيها، وكانا يذهبان منها إلى أورشليم في أيام العيد, ولما كان عمر المسيح 12 سنة أقام ثلاثة أيام في أورشليم بدون إطلاع أبويه, وعليه فلا سبيل لمجيء المجوس إلى بيت لحم, ولو أنهم جاءوا فسيجيئون للناصرة, وكذا لا سبيل إلى سفر أبويه إلى مصر، لأن يوسف لم يسافر من أرض اليهودية إلى مصر ولا إلى غيرها ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1) التناقض هو اختلاف القضيتين بالإيجاب والسلب، بحيث يقتضي صدق إحداهما كذب الآخرى، كقولنا زيد إنسان - زيد ليس بإنسان , أما في ما ذُكر فلا اختلاف ولا تناقض بين قول البشيرين متى ولوقا, فعدم ذِكْر لوقا سفر يوسف إلى مصر لا يدل على أن يوسف لم يسافر إليها, غاية الأمر أنه اقتصر على ذكر شيء دون آخر, ويتحقق التناقض إذا قال أحد البشيرين إن المسيح سافر إلى مصر وقال الآخر إنه لم يسافر إليها, ولو اتفق البشيران في الكليات والجزئيات لاتّهمهما الملحدون بالتواطؤ، ولكن تنوُّع طريقة كل واحد في التعبير عن الحوادث التي شاهدها تدل على صدقهم,

وترتيب حوادث ولادة المسيح (أ) سفر يوسف ومريم من الناصرة إلى بيت لحم (ب) ولادة الطفل (ج) تقديمه في الهيكل (د) زيارة المجوس (ه-) الهروب إلى مصر (و) عودتهم إلى الناصرة وإقامتهم فيها,

(2) لو كان الكاتب واحداً وحصل منه اختلاف في سرد القصة بتقديم أو تأخير أو حذف أو زيادة، لكان يُؤاخذ على عمله، ويُرمى كتابه بالتحريف والاضطراب في الفكر, وكتاب الله منزّه عن ذلك, أما ونحن نقرأ ذات القصة يرويها متى ولوقا، فإننا نتوقع أن نجدها كما جاءت في الإنجيل, وهذا دليل صدقها,

فمن طالع متى 2 ولوقا 2 رأى الفحوى واحداً, فإذا رأى اثنان من الأنبياء شيئاً واحداً، لابد أن يحدث تنوّع في طرق التعبير, كما أنه إذا ذكر مؤرخان أو أكثر بعض الوقائع أو الحوادث حصل تنوع من نقص أو زيادة، أو تقديم أو تأخير أو إسهاب أو إيجاز, والذي نعتقده أن الله ألهم الرسل تدوين أقوال المسيح وأعماله وعصمهم عن الخطأ، وكان الواحد منهم بمنزلة قلم في يد الروح القدس، ولو أن الروح القدس لم يبتلع شخصيتهما,

 (ش5ف3) قال المعترض : يُعلم من كلام متى أن سكان أورشليم وهيرودس لم يعرفوا بولادة المسيح قبل مجيء المجوس, ويُعلم من كلام لوقا أنه لما ذهب والدا المسيح إلى أورشليم بعد التطهير لتقديم الذبيحة، فسمعان الذي كان رجلاً تقياً ممتلئاً من الروح القدس أُوحي إليه أن لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب، فأتى بالروح إلى الهيكل وأخذ الصبي على ذراعيه وقال: أطلق عبدك بسلام لأن عينيّ أبصرتا خلاصك، نور إعلان للأمم ومجداً لشعبك إسرائيل, وحنّة النبية التقية وقفت تسبح الرب وتكلمت مع جميع المنتظرين فداءً في أورشليم, فلو كان هيرودس وسكان أورشليم معاندين للمسيح لما أخبر سمعان وحنة النبية بهذا الخبر ,

وللرد نقول بنعمة الله : قال متى إنه لما أتى المجوس إلى أورشليم استفهموا عن ملك اليهود الذي وُلد حديثاً، فلما سمع هيرودس اضطرب وجميع أورشليم معه، وهو أمر طبيعي لأنه خاف على ضياع ملكه, فقول المعترض إنه لا يصح أن يكون هو ورجال دولته وأعيان مملكته معاندين هو خلاف المعهود في طباع البشر, فلا عجب إذا فزع لأنه ظن أن المسيح أتى ليأخذ مملكته, وأما النبي فأوحى إليه الله عن ميلاد المسيح وكذلك حنة النبية, ولم يذكر الإنجيل أن حنة أشاعت هذا الخبر، بل قال إنها وقفت تسبح الله، وتكلمت مع الأتقياء المنتظرين فداءً في أورشليم, وهو لا يستلزم أن الملك سمع بهذا الخبر، فالله أوحى لكلٍّ من سمعان وحنة,

فإذا كان قصد المعترض أن الله أوحى إلى الملك وجميع أورشليم كذلك، لزم أن يكون جميع الناس أنبياء، وهو غريب, ولو سلّمنا له بأن خبر افتقاد الله لشعبه شاع في الهيكل، فلا يلزم من هذا أن الملك ورجال دولته كانوا عارفين به, ولو عرفوا به لما التفتوا إليه، لأنه كان أمراً دينياً لا يهم أرباب السياسة, ولكن لما أتى المجوس وقالوا إنه وُلد ملك، اضطرب هيرودس وجزع,

 (ش6ف3) قال المعترض: وردت في متى 2: 1-10 قصة مجيء المجوس إلى أورشليم برؤية نجم المسيح في المشرق، وقيادة النجم لهم بأن تقدَّمهم حتى جاء ووقف فوق الصبي, وهذا غلط، لأن حركات الكواكب السيارة، وكذا الحركة الصادقة لبعض ذوات الأذناب هي من المغرب إلى المشرق، فعلى هاتين الصورتين يظهر كذبها، لأن بيت لحم تقع جنوب أورشليم, نعم إن دائرة حركة بعض ذوات الأذناب تميل من الشمال إلى الجنوب ميلاً ما، لكن هذه الحركة بطيئة جداً من حركة الأرض فلا يمكن أن تُحَس هذه الحركة إلا بعد مدة، وفي المسافة القليلة لا تحس بالقدر المعتدّ به، بل مَشْي الإنسان يكون أسرع كثيراً من حركته, فلا مجال لهذا الاحتمال، ولأنه خلاف علم الضوء أن يرى وقوف الكوكب أولاً ثم يقف المتحرك، بل يقف المتحرك أولا ثم يُرى وقوفه ,

وللرد نقول بنعمة الله : بما أن الإنجيل قال إن المجوس جاءوا من المشرق، فلا تكون أورشليم شمالهم ولا جنوبهم,

أما هؤلاء المجوس فكانوا حكماء يرصدون النجوم والكواكب، وكان اليهود يعتقدون بوجود أنبياء في مملكة سبا، من ذرية إبراهيم من زوجته قطورة، وقيل إن أصلهم من اليهود، وقيل غير ذلك, وقد كان بلعام من جبال المشرق (عدد 22: 5 و23: 7), فظهور أمثال المجوس من المشرق ليس بأمر غريب، وقد أقام الله كورش وأثنى عليه (إشعياء 41: 2 و46: 11),

أما قوله نجمه فليس معناه الكواكب السيارة كما توهَّم المعترض، بل هي حادثة جوية ذات أنوار ساطعة, فإذا ثبت أن المجوس كانوا من اليهود المغتربين في الشتات، فلابد أنهم عرفوا بعض النبوات المختصة بالمسيح، ولا بدّ أنهم اعتقدوا أن هذا الحادث الفلكي هو الكوكب الذي ذكره بلعام في سفر العدد 24: 17, وإذا كانوا من غير اليهود، فلا بدّ أنهم عرفوا من اليهود وقت الشتات، شيئاً عن الفادي المنتظر، فإن اليهود كانوا يعرفون قرب مجيء المسيح (دانيال 9: 25-27) وكانوا يعتقدون أنه سيجيء ملكاً ينقذهم من عبودية الرومان, فلا عجب إذا انتشر هذا في كثير من الممالك، ولا سيما أن كثيرين من اليهود كانوا ساكنين في مصر وروما واليونان، وتوجّه كثير منهم إلى بلاد الشرق، وكانوا يحملون كتبهم معهم حيثما توجهوا, وقال سويتون (أحد مؤرخي روما): كان من المقرر في أذهان سكان الشرق أنه لابدّ من ظهور واحد من اليهودية تكون مملكته عمومية، وأن ذلك كان قَدَراً مقضياً به , وقال تاسيتوس (وهو من مؤرخي روما أيضاً): كان كثيرون يعتقدون أنه ورد في كتب كهنتهم القديمة أنه سينتصر الشرق، ويخرج واحد من اليهودية ويملك الدنيا , وذكر يوسيفوس وفيلو (وهما من مؤرخي اليهود) أن الناس كانوا ينتظرون مجيء منقذ عظيم, وذُكر في كتب الفرس عن زرادشت أنه سيأتي ثلاثة منقذين، اثنان من الأنبياء، أما الثالث وهو زفس، فهو أعظم من الاثنين، ويهزم أهريمان، ويقيم الموتى, فلذلك أتى المجوس إلى أورشليم، وبالاستفهام من أئمة الدين استدلوا أنه يولد في بيت لحم اليهودية، فتوجهوا إليها وقدموا له الهدايا التي لا تليق إلا بالملوك (تكوين 43: 11 ومزمور 72: 15 و1ملوك 10: 2 و10),

وقال الفلكي كبلر إنه في ذلك الوقت حصل اقتران بين المشترى وزُحل، وحصلت حادثة فلكية, ثم أيَّد ذلك العلامة أدلر (من علماء برلين), وقد كشفت الدراسات الفلكية الحديثة خطأ المعترض,

 (ش7ف3)  قال المعترض : متى 2: 6 تخالف ميخا 5: 2, تقول آية إنجيل متى إن رؤساء اليهود قالوا إن المسيح يولد في بيت لحم اليهودية، واستشهدوا بأقوال النبوة: وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لَسْتِ الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل , ويقول ميخا: أما أنت يابيت لحم أفراتة، وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل ,

وللرد نقول بنعمة الله : اقتبس الرسول متى قول أئمة اليهود، وهو ليس مسؤولاً عن مطابقته لأصل أقوال النبي أم لا, والمنصف إذا دقق النظر وجد المعنى واحداً، وهو أن المسيح شرَّف تلك الجهة الصغيرة, فالنبي قال بالاستفهام الإنكاري: وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا , بمعنى وأنت لست الصغرى وهو مثل قوله فمن يهدي من أضلّ الله؟ يعني: لا يمكن أن يهدي أحدٌ من أضلَّه الله, وعلى كل حال فالنبي روى مقالهم, 

 (ش8ف3)  قال المعترض : ورد في متى 2: 17 و18 حينئذ تمّ ما قيل في إرميا النبي القائل: صوتٌ سُمع في الرامة، نوحٌ وبكاءٌ وعويلٌ كثير, راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين , وهذا أيضاً غلط وتحريف من الإنجيل، لأن هذا المضمون وقع في إرميا 31: 15 , ومَنْ طالع الآيات التي قبلها وبعدها علم أن هذا المضمون ليس في حادثة هيرودس، بل في حادثة بختنصر التي وقعت في عهد إرميا، فقُتل ألوف من بني إسرائيل، وأُسر ألوف منهم، وأُجلوا إلى بابل, ولما كان فيهم كثير من آل راحيل أيضاً تألمت روحها في عالم البرزخ، فوعد الله أن يُرجع أولادها من أرض العدو إلى تخومهم,

وللرد نقول بنعمة الله : عبّر البشير متى عن قتل الأطفال في بيت لحم بأقوال إرميا النبي، وكانت غاية إرميا النبي في الأصل الإعراب عن التوجّع لما حصل للأمة الإسرائيلية وما حلّ بها من القتل والسبي, وبيان ذلك أنه لما استولى نبوخذنصَّر على أورشليم قتل وجهاءها وأعيانها، وقلع عين ملكها بعد أن قتل ابنيه أمامه، وجمع الأسرى في الرامة ومنهم إرميا النبي, وكان الجميع مكبّلين بالأغلال والسلاسل, ولما سُبُوا من الأوطان وكانوا مزمعين على السفر الأليم، أخذ النبي يتفجع على هذه الحالة ويبكي ويستبكي, ولا شك أن قول النبي إرميا تحقق وتمّ في هذه الحادثة المحزنة أيضاً, ولا يخفى أن راحيل كانت قد ماتت قبل السبي, ومن أنواع البلاغة أن نسَبَ النبي إليها البكاء والنحيب على أولادها وقت السبي، ونسب إليها البكاء على أولادها وقت حادثة بيت لحم، فإن ذبح أطفال بيت لحم هو بمنزلة ذبح أولادها، لأنها مدفونة هناك (تكوين 35: 19) وسكان بيت لحم هم من ذرية زوجها وأختها، فهم أولادها, وعبارة متى هى من أبلغ الأقوال، فقوله: راحيل تبكي على أولادها هو جملة خبرية لفظاً، وأُريد بها إنشاء التحسُّر على ذبح الأطفال, وهذا معهود في اللغة العربية وغيرها، فيجوز للإنسان أن يندب بهذه الصورة، حتى يدعو الشاعر الشجر للبكاء:

أيا شجر الخابور ما لك مورقاً كأنك لم تجزع على ابن طريق؟

فكيف لا يجوز نداء الأم لتبكي على أولادها؟

أما قوله إن الأموات يظهر لهم في عالم البرزخ حال أقاربهم، قلنا إن المسيحية لا تؤمن بمثل هذا,

 (ش9ف3) قال المعترض : جاء في متى 2: 19 أن هيرودس الملك مات لما كان المسيح طفلاً في مصر، بينما يؤكد لوقا 23: 8 أن هيرودس كان حيّاً بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة، وأن المسيح مثُل أمامه للمحاكمة - فكيف تنكرون هذا التناقض؟

وللرد نقول بنعمة الله : لو رجعت إلى لوقا 3: 1 لاسترحت من الاعتراض! فإن هيرودس الذي مات أثناء طفولة المسيح هو هيرودس الكبير، الذي حكم فلسطين بتفويض من الرومان, ولما مات انقسمت مملكته إلى أربعة أقسام، فحكم ابنه هيرودس أنتيباس على الجليل (لوقا 3: 1) وهو المعروف برئيس الربع (متى 14: 1), وهذا هو هيرودس الذي حاكم المسيح (لوقا 23: 6 و7 قارن لوقا 3: 1), وهو نفسه هيرودس الذي يتحدث عنه سفر الأعمال 4: 27,

وهناك هيرودس آخر، هو هيرودس أغريباس المذكور في أعمال 12: 1 و23, وقد ذكر هذا المؤرخ اليهودي يوسيفوس، والمؤرخ الروماني تاسيتوس,

ولا يصعب على المعترض أن يدرك أن عدة أشخاص يمكن أن يحملوا نفس الأسم، خصوصاً وأن الحفيد يحمل اسم جده,

  (ش10ف3) قال المعترض : ورد في إنجيل متى2: 23 وأتى وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة، لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيُدعَى ناصرياً , وهذا غلط، ولا يوجد في كتاب من كتب الأنبياء, وينكر اليهود هذا الخبر أشد الإنكار، ويعتقدون أنه لم يقم نبي من الجليل فضلاً عن الناصرة كما في يوحنا 7: 52, وقال الكاثوليك إن اليهود ضيّعوا هذه الكتب قصداً وإن فم الذهب قال إن اليهود ضيَّعوا كتباً من غفلتهم ولعدم ديانتهم ومزقوا بعضاً وأحرقوا البعض الآخر ,

وللرد نقول بنعمة الله : (1)لم يخصّ البشير متّى بالذكر نبياً بعينه في 1: 22 و2: 15 و17 بل قال بالأنبياء بصيغة الجمع, وقال العلامة إيرونيموس: نقل متى البشير أقوال الأنبياء بالمعنى فقط , فإن كلمة الناصري تفيد الاحتقار، وكان الإسرائيليون يزدرون بالجليليين عموماً وبالناصريين خصوصاً, فلفظة ناصري هي كلمة احتقار تُطلق على الدنيء، وكان اليهود يسمّون اللص الشقي ابن ناصر , واستعمل مؤرخو اليهود هذه اللفظة في المسيح، فقال المؤرخ اليهودي آبار بينال إن القرن الصغير (دانيال 7: 8) هو ابن ناصر، يعني يسوع الناصري, وكثيراً ما يطلق اليهود وأعداء المسيحيين لفظة ناصري على المسيح ازدراءً به وتهكماً عليه، فكانت إقامته في الناصرة من أسباب ازدراء أهل وطنه به ورفضهم إياه, فلما قال فيلبس لنثنائيل: وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء يسوع ابن يوسف الذي من الناصرة قال له نثنائيل: أَمِنَ الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟ (يوحنا 1: 46), ولما دافع نيقوديموس أحد أئمة اليهود عن يسوع، قال له أعضاء مجلس الأمة: فتش وانظر، إنه لم يقم نبي من الجليل (يوحنا 7: 52) وبما أن الأنبياء تنبأوا في محال كثيرة (مزمور 22: 6 و59: 9 و10 وإشعياء 52 و53 وزكريا 11: 12 و13) أن المسيا يُحتقر ويُرفض ويُزدرى به، كانت نبواتهم هذه بمثابة قولهم إنه ناصري , وعلى هذا لما قام المسيح في الناصرة قال إن نبوات الأنبياء قد تحقَّقت (لوقا 4: 21), فكما أن النسب يكون للشرف، كذلك يكون للضِّعة، بالنسبة إلى رفعة أو ضعة البلاد التي يُنسب إليها الإنسان, وقولنا ناصري هو بمنزلة محتقر كعِرْقٍ من أرضٍ يابسة لا صورة له ولا جمال (إشعياء 53: 2),

أما قول فم الذهب إن اليهود ضيَّعوا كتبهم لمعاكسة المسيحيين وإنهم مزقوا بعضها وأحرقوا بعضها فهو افتراء محض، فكتبهم التي يتعبدون بتلاوتها لغاية الآن تشهد للمسيح، وتوضّح صفاته وكمالاته وآلامه موته وصلبه وعمل الفداء العجيب، بل أوضحت بالدقة وقت تجسّده ومكانه، بحيث لو لم يكن الإنجيل بيننا لعرفنا فحواه من التوراة, فلو مزقوا شيئاً أو أحرقوه لظهر اختلاف بين الإنجيل والتوراة، مع أنه لا يوجد أدنى اختلاف في التعاليم الجوهرية, والفرق بين اليهود والمسيحيين هو أن اليهود لا يزالون ينتظرون مجيء المسيح، أما المسيحيون فيعتقدون أنه أتى,

(2) ويجوز أن متى نقل أقوال الأنبياء بالمعنى, وقوله ناصري من جوامع الكلام، يشتمل على معانٍ كثيرة جداً لا تقوم مقامها الألفاظ الكثيرة, والنقل بالمعنى جائز كما قرروه في أصول الفقه، فيجوز نقل الأحاديث بطرق كثيرة فيجوز (أ) أن يُروى الحديث بلفظه (ب) يجوز أن يُروى بغير لفظه, (ج-) يحذف الراوي بعض لفظ الخبر (د) أن يزيد الراوي على ما سمعه (ه-) أن يحتمل الخبر معنيين متنافيين فاقتصر الراوي على إحدهما (و) أن يكون الخبر ظاهراً في شيء فيحمله الراوي على غير ظاهره، إما بصرف اللفظ عن حقيقته إلى مجازه أو بأن يصرفه عن الوجوب إلى الندب، أو من التحريم إلى الكراهة, فمتى نقل بالمعنى أقوال الأنبياء وهو جائز,

فيتضح مما تقدم (1) أن الأنبياء تنبأوا عن المسيح بأنه يُحتقر ويُرذل، وهو مثل قوله ناصري , (2) لا نتعجب من اليهود إذا أنكروا النبوات عن المسيح، فإنهم لا يؤمنون به، وهم الذين قتلوا أنبياءهم ورجموهم, (3) نقل متى أقوال الأنبياء بالمعنى,

 

 

 

 

This site was last updated 04/29/14