Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 إنشاء ديوان لمراقبة الأجهزة الإدارية فى الدولة على غرار النظم الأوربية

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
فهرس الحرب العالمية الثانية
أستقالة وزير
البنات ووراثة العرش
‏عمارة‏ ‏الإيموبيليا‏
فاروق يصبح ملكاً
التجديد النصفى لمجلس الشيوخ
الموائد الرمضانية للملك فاروق
فاروق يغادر مصر
حرب فلسطين 1948
أحمد ماهر باشا
نادى الضباط
الحافة الوفدية وفاروق
مسلسل عن الملك فاروق
ديوان المراقبة
أغرب إنتخابات
على ماهر باشا
حريق القاهرة
إنفراج الأزمة الوزارية
الملك فاروق والملك سعود
طفولة الملك فاروق
بداية حكم الملك فاروق
فاروق والدول العربية
فلول الأسرة المالكة
فاروق والأمراء والملوك
النشاط الإجتماعى لفاروق
الإنضمام لعصبة الأمم
صور نادرة بمكتبة الأسكندرية
الملك فاروق والإسلام
مجزرة الإسماعيلية وحريق القاهرة
حصار الإنجليز لعابدين
أحمد حسين معشوق النساء
إحياء ذكرى الملك
الملك فاروق ومظاهرات الطلبة
الإقتصاد المصرى القوى
الملك وإنتخابات نادى الضباط
Untitled 176
الصحافة وتوريث الحكم
أرض الملك فاروق
إضراب العمد
الإنجليز يحاصرون عابدين
رؤساء وزارات الحكم الملكى
البوم صور
معاهدة 1936
حاشية الملك الفاسدة
البرلمان
تنازل الملك عن العرش
مبارك وقصور فاروق
موت فاروق بالسم
تغيرات إجتماعية
Untitled 2662
Untitled 2663
Untitled 2664
Untitled 2665
Untitled 2666
Untitled 2667
Untitled 2668
Untitled 2669
Untitled 2670

 

جريدة الأهرام 8/11/2007م السنة 132 العدد 44166 عن مقالة بعنوان[ ديوان الحياة المعاصرة - ديوان المراقبة‏ ! ‏] بقلم : د‏.‏ يونان لبيب رزق (1) الحلقة‏706‏
في يوم‏16‏ فبراير عام‏1942‏ خرجت الأهرام علي قرائها بعنوان عريض‏:'‏ إنشاء ديوان المراقبة‏-‏ صدور المرسوم بتعيين أمين عثمان باشا رئيسا له‏',‏ وقد جاء تحت هذا العنوان الخبر بصدور المرسوم الملكي‏'‏ بتعيين صاحب السعادة أمين عثمان باشا رئيسا لديوان المراقبة‏.‏
مع الخبر نص المذكرة الإيضاحية التي رفعتها اللجنة المالية لمجلس الوزراء وجاء فيها‏:‏ سبق أن أعربت الحكومة برياسة حضرة صاحب المقام الرفيع مصطفي النحاس باشا رغبتها في إنشاء ديوان المراقبة باعتباره وسيلة من وسائل الإصلاح التي تفتقر إليها الإدارة الحكومية‏,‏ وقد أيدت الحكومات المتعاقبة هذا المشروع وأعلنت في خطب العرش غير مرة اعتزامها إنشاء هذا الديوان‏.‏
وتضيف المذكرة الإيضاحية أنه‏:‏ لما كانت الظروف الحالية مع ما لابسها من اتساع مدي المصروف وتشعب أبواب الإيراد تستلزم المبادرة علي تنفيذ هذا المشروع الذي طال عليه المطال‏,‏ فإن وزارة المالية تري أن الأوان قد آن لاتخاذ خطوة عملية في سبيل تنفيذه‏,‏ وذلك بإنشاء وظيفة رئيس للديوان منذ الآن لكي يتفرغ لاتخاذ الإجراءات التمهيدية لتشكيل الديوان‏,‏ حتي إذا أقر البرلمان مشروع القانون الذي سيقدم إليه في هذا الصدد أمكن السير في التنفيذ فورا‏.‏
‏'‏وقد بحثت اللجنة المالية هذا الطلب ووافقت عليه علي أن يؤخذ المبلغ اللازم لإنشاء الوظيفة علي أساس أنها من درجة وزير من ربط المصروفات غير المنظورة إلي أن تدرج الوظيفة في الميزانية‏'.‏
وبحثت الأهرام في أضابيرها عن مشروع القانون الذي أرسل إلي البرلمان بشأن إنشاء‏'‏ ديوان المراقبة‏',‏ فوجدته يتضمن أن يعين رئيس الديوان لمدة خمس سنوات مع جواز تجديد هذه المدة‏,‏ وأنه لا يجوز عزله أو إحالته للمعاش إلا بقرار من مجلس النواب ينفذه مجلس الوزراء‏'‏ علي أن تطبق في حقه من حيث الاتهام القواعد والأحكام المبينة بالدستور‏,‏ وقد حذر المشروع من جواز أن يكون الرئيس عضوا في البرلمان أو قائما بأي عمل آخر مربوط له مرتب أو مكافأة من خزانة الدولة‏.‏
اشترط أيضا مشروع القانون أن يكون لرئيس الديوان سلطة الوزير في تعيين الموظفين ومنحهم العلاوات والترقيات والترخيص لهم بالإجازات ومحاكمتهم تأديبيا‏,‏ واستخدام الاعتمادات الموضوعة تحت تصرفه‏,‏ وتنظيم الديوان وإدارة أعماله‏.‏
الاهرام فى 2/8/1941
ولعل كل تلك الصلاحيات التي تمتع بها رئيس ديوان المراقبة جعلته في موقع أفضل من الوزير الذي يمكن أن يتخلص منه رئيس الوزراء أي وقت‏,‏ علي عكس الحال مع صاحب المنصب الجديد الذي لا يمكن التخلص منه إلا بقرار من مجلس النواب‏.‏
ويضيف مشروع القانون أن للديوان سلطة مراقبة الإيرادات والمصروفات المتعلقة بميزانية الدولة‏,‏ وله أن يجري في ذلك التحقيقات والأبحاث التي يراها‏,‏ وإذا وقع خلاف بين الديوان وإحدي المصالح الحكومية تعرض المسألة علي وزير المالية‏,‏ ويكون له الفصل في الخلاف‏,‏ ويجب علي رئيس الديوان أن يضمن تقريره السنوي المسائل التي وقع الخلاف بشأنها‏'.‏
وكعادة الأهرام ومع تقلد رجل من كبار رجالات الدولة لمنصب بهذه الأهمية‏,‏ كانت تحرص علي أن تقدم لمحة من سيرته الذاتية‏..‏ تخرج من كلية فيكتوريا‏,‏ سافر بعدها إلي إنجلترا‏,‏ حيث التحق بجامعة أكسفورد ونال شهادة بكالوريوس في الاقتصاد‏.‏ ثم غادر إنجلترا إلي فرنسا ونال شهادة دكتوراه في الحقوق من جامعة باريس‏.‏ وعاد إلي مصر عام‏1923‏ وعين محاميا في قسم قضايا الحكومة‏.‏
وفي سنة‏1930‏ عين مديرا لمكتب وزير المالية‏,‏ ثم اختير في ذات السنة سكرتيرا في وفد المفاوضات الذي سافر إلي لندن لمفاوضة السير هندرسون وزير الخارجية وقتئذ‏.‏ وعين بعد هذا مفتشا للمالية فمديرا للإيرادات في بلدية الإسكندرية‏,‏ فسكرتيرا عاما لمجلس الشيوخ ثم سكرتيرا عاما للمفاوضات التي دارت في عام‏1936,‏ وكان لما بذله من مجهود خلال هذه المفاوضات أثر مذكور في التقريب بين وجهتي النظر المصرية والبريطانية‏.‏
وتضيف الأهرام أنه عين بعد ذلك مديرا لمصلحة الأموال المقررة فوكيلا لوزارة المالية‏,‏ ورافق محمد محمود باشا إلي لندن لمباحثة الحكومة الإنجليزية فيما جاء في معاهدة التحالف بشأن الثكنات‏,‏ وفي سنة‏1939‏ أحيل إلي المعاش حين عين عضوا في مجلس إدارة البنك الأهلي‏,‏ وعضو مجلس إدارة لشركات أخري حتي أنشأ أخيرا‏'‏ الشركة المصرية لعموم التجارة‏'‏ وتولي إدارتها‏!‏
ونري أن الأهرام كانت حريصة كدأبها دائما أن تتجنب تناول الشخصية محل الدراسة من الناحية السياسية‏,‏ فهي لم تذكر مثلا أن أمين عثمان كان ينتمي إلي ما عرف في التاريخ المصري بمدرسة فكتوريا‏,‏ وهي المدرسة التي عرف خريجوها بالولاء لبريطانيا‏,‏ وكانوا أقلية بين الساسة المصريين أشهرهم حافظ عفيفي صاحب كتاب‏'‏ الإنجليز في بلادهم‏'‏ يليه أمين عثمان وكان أكثرهم نزوعا للولاء لبريطانيا‏,‏ وأخيرا محمد محمود باشا الذي حرص علي الاحتفاظ بنوع من التوازن بين العلاقة مع الإنجليز وبين دوره الوطني‏.‏
كانت الأهرام حريصة أيضا علي ألا تشير من بعيد أو قريب لدور أمين عثمان باشا في حادثة‏4‏ فبراير الشهيرة‏,‏ وكان له كما كشفت الوثائق البريطانية دورا بارزا‏,‏ ومع أن هناك إجماعا أن أمين عثمان كان الواسطة بين الزعامة الوفدية وبين السفير البريطاني السير مايلز لامبسون‏,‏ فإن الأهرام لم تشر لهذا خوفا من أن يبدو هذا المنصب الكبير الذي ناله الرجل‏,‏ ولم يكن قد مضي علي الحادثة اثنا عشر يوما‏,‏ وكأنها المكافأة الكبري علي الدور الذي قام به أثناءها‏.‏
وإذا كان ثمة ملاحظة أخيرة فإن أخبارا متتالية كانت قد جاءت عن هذه المؤسسة قبل شهور قليلة من الحادثة‏,‏ وكانت تسميها‏'‏ ديوان المحاسبة‏',‏ وهي التسمية التي سادت بعد ذلك‏,‏ خبر في عدد‏29‏ إبريل‏1941‏ بأن اللجنة التشريعية أخذت في دراسة مشروع مجلس الدولة‏'‏ وستبحث اللجنة بعد الانتهاء من الدراسة مشروع‏(‏ ديوان المحاسبة‏),‏ وخبر آخر بعدد‏8‏ يونيو من نفس السنة بأن الجهات المختصة رأت أن مشروع إنشاء‏(‏ ديوان المحاسبة‏)‏ لا يزال في حاجة إلي بعض الدراسات والبحوث التكميلية‏,‏ كما أن ثمة عقبات مالية تحول دون تنفيذه في السنة الحالية‏'.‏
وفجأة وفي غضون شهور قليلة يعرض المشروع علي الملك فاروق لإصدار مرسوم به‏,‏ مما يغلب الظن أنه جاء بمثابة مكافأة لصاحب السعادة أمين عثمان باشا‏!‏
‏***‏
وكعادة قراء الأهرام في مثل هذه المناسبات فهم يتدخلون بآرائهم في المرسوم الملكي المنتظر‏,‏ وجاءت أغلب هذه المداخلات من متخصصين‏..‏
الأستاذ إسماعيل فؤاد من معهد الدراسات المالية العليا بجامعة فؤاد الأول رأي أن إنشاء الديوان الذي أسماه بالمحاسبة‏,‏ وليس المراقبة‏,‏ جاء في وقت الحاجة الشديدة إليه‏'‏ بعد أن تضخمت ميزانية الدولة وأصبحت في حاجة إلي أداة قوية تشرف عليها‏.‏ ثم هو بعد ذلك خطوة عملية في سبيل رقابة الأمة وتأييدها الفعلي‏,‏ ولذلك قضت التقاليد البرلمانية في إنجلترا أن يكون هذا الديوان‏,‏ تابعا للبرلمان مباشرة‏,‏ وأن يكون تعيين رئيسه من قبل البرلمان‏-‏ لأنه مسئول أمام مجلس العموم‏-‏ ولا يجوز عزله بل يبقي في منصبه مدي الحياة‏,‏ ويتلقي مرتبه من المخصصات الثابتة التي لا يصح أن تمس‏'.‏
وقد اعترض الأستاذ إسماعيل فؤاد علي قصر فترة تعيين المراقب العام للديوان علي خمس سنوات لما يعنيه ذلك من أن يكون للسلطة التنفيذية رقابة عليه‏.‏ وهو يرجو أن يعين المراقب مدي الحياة وأن يؤخذ راتبه من ميزانية البرلمان لأن طبيعة عمله شبيهة بعمل البرلمان‏,‏ من حيث مراقبة السلطة التنفيذية في الجهة المالية‏,‏ والإشراف علي الميزانية‏,‏ والرقابة علي التصرف في الأموال العامة‏.‏
مداخلة أخري من الأستاذ صليب بطرس بكالوريوس تجارة وخصصها للحديث عن‏'‏ ديوان المراقبة‏'‏ في إنجلترا فقال أن أول مهامه هي التحقق من أن أموال الدولة تصرف في الوجوه التي أقرها البرلمان‏,‏ ولذلك فإن بنك الدولة لا يعتمد المبالغ التي تطلبها الوزارات منه إلا بعد صدور أمر رئيس الديوان‏.‏ وأضاف الأستاذ صليب أن من أعمال الديوان الإشراف علي الحساب الختامي للدولة‏,‏ ومراجعة سندات الصرف‏,‏ والتحقيق فيما يوجه إلي جهات الحكومة من نقد أو شكوي‏,‏ ويرفع الدعاوي أمام المحاكم علي الموظفين المسئولين‏.‏
ولما كان قد قدم مشروع لمجلس النواب عام‏1930‏ عن‏'‏ ديوان المراقبة‏',‏ أحيل بعدها لمجلس الشيوخ‏,‏ ولم يخرج منه‏,‏ إذ بقي به طوال عهد برلمان صدقي وحتي عام‏1934‏ حين سقط هذا العهد‏,‏ فلم يكن صدقي ولا الملك فؤاد حريصين علي قيام نظام لمحاسبتهم‏,‏ وبقي الحال بعد ذلك حتي قيام الحرب الثانية وما تبعها من مشاكل حين تشكلت لجنة برياسة سني بك اللقاني المراقب العام للسكك الحديدية للنظر في الأمر‏,‏ وكان أمامها أحد حلين‏;‏ الأول‏:‏ يرمي إلي استرداد مشروع القانون من البرلمان علي أن يعاد إليه بعد تعديله‏,‏ والثاني يرمي إلي استبقائه في البرلمان‏,‏ وعرضه علي مجلس الشيوخ مع المطالبة بتعديله‏.‏


وبعد إدخال التعديلات المطلوبة وقع الملك فاروق في‏13‏ مايو‏1942‏ المرسوم الخاص بإحالة مشروع قانون إنشاء‏(‏ ديوان المحاسبة‏)‏ وليس المراقبة‏,‏ وقد تضمن اثنتي عشرة مادة نختار هنا أهم ما جاء فيها‏:‏
المادتان‏1‏ و‏2:‏ تنشأ هيئة مستقلة للمراقبة تسمي‏'‏ ديوان المحاسبة‏',‏ ويختص هذا الديوان بمراقبة إيرادات الدولة ومصروفاتها‏.‏
مادة‏3:‏ يتولي إدارة الديوان رئيس يعين بمرسوم ملكي بناء علي عرض رئيس مجلس الوزراء‏.‏ وبعد موافقة المجلس المذكور‏,‏ ويبلغ هذا التعيين إلي البرلمان ويعامل رئيس الديوان بالنسبة للمعاش معاملة الوزراء‏,‏ وليس لمجلس الوزراء عزله أو إحالته إلي المعاش إلا بناء علي طلب مجلس النواب‏,‏ وتسري في حقه من حيث الاتهام والمحاكمة القواعد والأحكام المبينة في الدستور‏,‏ وهو قد اختلف هنا عن قانون‏1930‏ الذي حدد أجل رئيس الديوان في الوظيفة بخمس سنوات‏.‏
أما المادتان‏4‏ و‏5‏ فقد تضمنهما المرسوم الملكي الأول‏;‏ الذي نوهنا عنه في بداية هذه الحلقة من الديوان‏,‏ بعدم قيام الرئيس بأي عمل آخر يتقاضي مقابله أجر من الدولة‏,‏ وأن يكون له الحق في تعيين الموظفين ومنحهم العلاوات وترقيتهم‏.‏
وقد خصصت المادتان‏6‏ و‏7‏ عن دور الديوان فيما يتعلق بالإيرادات والمصروفات وتضمنت كل التفاصيل الصغيرة التي تمكن الديوان من مراقبة ميزانية الحكومة مراقبة صارمة‏.‏
وكانت المادتان التاسعة والعاشرة والحادية عشرة هي الأهم بحكم ما توفره للديوان من القيام بفعالية بمراقبة ميزانية الدولة‏,‏ الأمر الذي يدعونا لنسوقها بنصها‏:‏
المادة‏9:‏ علي الموظفين الذين يناط بهم الترخيص بصرف الاعتمادات المخصصة لكل مصلحة أن يقوموا بفحص ملاحظات الديوان والإجابة عنها‏,‏ ويبلغ الديوان مباشرة إلي المصلحة المختصة كل ما يتراءي له من ملاحظات في صدد مراجعة حساباتها ويدعوها إلي اتخاذ اللازم بشأنها‏.‏
فإذا وقع خلاف بين الديوان وإحدي المصالح تعرض المسألة علي وزير المالية ويكون له الفصل في الخلاف‏.‏ ويجب علي رئيس الديوان أن يضمن تقريره السنوي المسائل التي وقع الخلاف بشأنها‏.‏
المادة‏10:‏ علي الديوان أن يراجع جميع حسابات التسوية من أمانات وعهد وحسابات جارية للتثبت من صحة العمليات المختصة بها‏,‏ ومن أرقامها المقيدة في الحسابات مؤيدة بالمستندات القانونية‏,‏ وأن يراجع حسابات السلف التي أجرتها وتجريها الحكومة‏,‏ وما يقتضيه ذلك من التثبت من توريدها أصلا وفائدتها لخزانة الدولة‏.‏
المادة‏11:‏ يضع رئيس الديوان تقريرا سنويا عن الحساب الختامي للسنة المالية التي انقضت يبسط فيه الملاحظات التي يراها‏,‏ ويرفع هذا التقرير إلي البرلمان في مبدأ كل دور انعقاد عادي‏,‏ ويبلغه في الوقت نفسه إلي وزير المالية‏.‏
‏***‏
وعلي الرغم من أن القانون كان قد عرض علي برلمان عام‏1930‏ ونال موافقة مجلس النواب‏,‏ إلا أنه بعد التعديلات الكبيرة التي أدخلت عليه كان مطلوبا عرضه علي البرلمان بمجلسيه‏;‏ النواب والشيوخ‏,‏ حيث جرت حوله مناقشات عديدة‏,‏ مع العلم أن المجلس الجديد الذي كان قد تشكل بعد الانتخابات التي صمم الوفد علي إجرائها بعد حادثة‏4‏ فبراير‏1942‏ كان يتمتع فيه بأغلبية ساحقة‏,‏ خاصة بعد أن انسحب الحزبان الكبيران الآخران من هذه الانتخابات‏;‏ الأحرار الدستوريون والسعديون‏.‏
في جلسة‏13‏ يوليو‏1942‏ عرض مقرر لجنة الشئون المالية بالمجلس مشروع القانون طالبا نظره بصفة مستعجلة وجاءت تعليقات الأعضاء ولم تكن جميعها بالحماس المتوقع‏;‏ الأستاذ زهير صبري رأي أن القانون لا يحقق ما يريده المصريون‏,‏ وطالب بأن يحال إلي لجنة الشئون الدستورية‏,‏ ولم يوافق المجلس علي ذلك وانتقل إلي مناقشة مواد القانون‏..‏ مادة مادة‏.‏
اعترض الأستاذ عبد المجيد عبد الحق بك علي ما جاء في المادة الثانية ورأي أن المذكرة الإيضاحية قدمت مزيجا من التشريعات التي لم تحدد المراقبة‏,‏ وجعلها بعد الصرف مع أنها يجب أن تكون قبل الصرف‏.‏ وعلي الرغم من ذلك الاعتراض نجح رئيس الجلسة نجيب الهلالي باشا في الحصول علي موافقة المجلس‏.‏
واعترض الأستاذ فكري أباظة علي ما جاء في المادة الثالثة من عدم توقيت وظيفة رئيس الديوان‏,‏ وأنه كان يفضل ما جاء في قانون‏1930‏ بتوقيتها بخمس سنوات‏.‏ وسأل الحكومة‏'‏ ألا يمكن أن تعزل هذا الرئيس دون رأي مجلس النواب وتقول أنا أفعل ذلك علي مسئوليتي ولمجلس النواب حق سحب الثقة مني‏',‏ وجاء رد الهلالي باشا أن حق العزل دون التعيين ليس بدعا‏,‏ فإن مجلس النواب لا يملك تعيين الوزراء ولكن يملك عزلهم‏,‏ وكان الاتجاه العام في المجلس مع رأي رئيسه‏,‏ الذي رد علي أحد الأسئلة بأننا لو جرينا علي هذا لأمكننا أن نأتي غدا بموظف آخر من كبار الموظفين وأسبغنا عليه هذه الصفة وهكذا‏,‏ وكانت المادة التاسعة بدورها موضع مناقشة‏,‏ فقد اعترض الهلالي باشا نفسه علي التعديل الذي أدخلته اللجنة المالية عليها بأن يكون الفصل في حالة الخلاف لوزير المالية وطالب بأن يكون ذلك من حق اللجنة المالية للمجلس التي تقدم تقريرها إليه للفصل فيه‏,‏ ووافق المجلس علي ذلك‏.‏
ولم يحدث بعد ذلك ما يعكر صفو الجلسة فقد تمت المناداة بالإسم علي كل عضو للموافقة علي بقية المواد التي نالتها‏,‏ وانتهت الجلسة عند هذا الحد‏,‏ وكان مطلوبا بعد ذلك أن يعرض علي مجلس الشيوخ‏.‏
وفي يوم‏5‏ أغسطس عام‏1942‏ عرض مشروع القانون علي مجلس الشيوخ الذي شهد بدوره مناقشات حول بعض مواده كان أهمها المناقشة التي جرت بين العضو مصطفي الشوربجي بك وبين مقرر اللجنة المالية زكي الإبراشي باشا‏,‏ وكانت حول القانون من حيث المبدأ‏..‏
الشوربجي بك رأي أن المشروع المعروض لا يحقق الغرض منه إذ أن اختصاصه تجعل مراقبته منصبة علي ما بعد الصرف‏,‏ وعقد مقارنة بينه وبين مثيله في إنجلترا فذكر أن مراقبة الأخير تمتد إلي ما قبل الصرف وبعده‏'‏ ولا يصرف من مال الدولة شيء إلا إذا وافق علي صرفه‏,‏ وأنه يقدم تقريرا للبرلمان فتؤلف لجنة من جميع الأحزاب لمراجعته‏,‏ ويودع في مكتب محفوظات البرلمان‏'.‏
نفس الحال في إيطاليا وبلجيكا والبرتغال وغيرها إذ يعطي المراقب حق المراقبة قبل الصرف وبعده‏,‏ وأن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تشذ عن هذه القاعدة لأن نظمها الإدارية لا تصلح مثالا تحتذيه مصر في تشريعها الجديد‏.‏
وطالب الشوربجي بك أيضا بضرورة شمول اختصاص رئيس ديوان المحاسبة جرد مخازن الحكومة‏,‏ وأن أموالا طائلة ترصد كل عام للمشتروات التي تودع تلك المخازن ومن المصلحة أن تشملها المراقبة‏,‏ واختتم كلمته بالمطالبة برفض المشروع وطالب الحكومة أن تتقدم بمشرع آخر يقوم علي الأسس التي اقترحها‏.‏
رد مقرر لجنة المالية‏,‏ زكي الإبراشي باشا‏,‏ بأن الصورة التي رسمها العضو المحترم بعيدة عن الحقيقة‏,‏ فقد أخذ التشريع بمحاسن النظام الإنجليزي‏,‏ وأورد نبذة تفيد بأن إنشاء ديوان المحاسبة في إنجلترا قد تم في العصور الوسطي‏,‏ وأنه قد سحب منه عام‏1785‏ حق المراجعة بعد الصرف‏.‏ وأضاف أن وزير المالية له عيون في كل وزارة يراجعون المسائل المالية قبل الصرف‏,‏ وهم السكرتريون الماليون الذين سيتعاظم شأنهم بعد قيام الديوان‏.‏ وعرض الرئيس اقتراح الشوربجي بك الذي لم ينل موافقة الأعضاء‏,‏ وانتهي الأمر بإقرار مبدأ التشريع‏.‏
هذا عن مناقشة المشروع من حيث‏(‏ المبدأ‏)‏ أما عن مناقشة المواد‏,‏ فقد كان أهم المتحدثين الدكتور بهي الدين بركات باشا وتحدث عن الموظف الكبير الذي سيرأس الديوان وأنه سيؤدي عمله لحساب مجلسي النواب والشيوخ‏'‏ فالقول أن إحالته إلي المعاش أو عزله لا تكون إلا بطلب من النواب‏,‏ فيه نسيان كبير لما يكون لمجلس الشيوخ من المساواة بمجلس النواب‏,‏ وأري أن يكون العزل أو الإحالة بطلب من أحد المجلسين‏',‏ واختتم كلمته بطلب المساواة بين مجلسي البرلمان في هذا الحق‏.‏
رد وزير العدل علي ذلك بأن هم الجميع احترام الدستور‏'‏ ويحدد الدستور لكل من المجلسين اختصاصاته‏,‏ ولا يمكن القول أن عدم المساواة بينهما في هذه السلطات فيه مساس بأحدهما‏,‏ فاختصاص الشيوخ بمحاكمة الوزراء ليس فيه مساس بالنواب‏,‏ كما أن اختصاص النواب باتهام الوزراء ليس فيه مساس بالشيوخ‏'.‏
بقية المواد جرت حولها بعض مناقشات قصيرة‏-‏ علي حد وصف مندوب الأهرام‏-‏ وانتهت بالموافقة علي ما رأته لجنة المالية بالمجلس باستثناء التغيير في المادة التي عدلها مجلس النواب والتي أبقي عليها‏.‏
وبدأت بعد ذلك عملية استخراج ديوان المحاسبة من واقع التشريع إلي الموقع الفعلي‏,‏ وكان أول ما جري في هذا الشأن البحث عن مكان وتم ختيار دار المدرسة الألمانية ببولاق التي تم استئجارها من الحراسة علي أموال الألمان‏.‏ أما موظفو المؤسسة الجديدة فقد تقرر تخصيص عشر وظائف من الدرجة السابعة لعشرة من موظفي الوزارات‏,‏ وخمسة لأوائل خريجي كلية التجارة في العام التالي‏.‏
وأعلن عن الوظائف الجديدة المخصصة للمتفوقين من خريجي كلية التجارة‏,‏ وكما صرح أمين عثمان باشا‏,‏ أن عدد الطلبات التي قدمت بلغت أربعة أمثال الوظائف الخالية‏,‏ الأمر الذي دفع وكيل الديوان الجديد‏,‏ سني اللقاني بك‏,‏ أن يقرر عقد امتحان لاختيار العشرة الأوائل‏,‏ متذرعا في ذلك أنها سنة حميدة أن يختار الموظفون الجدد بهذا النظام من لجنة لا تضم بين أعضائها عضوا واحدا من موظفي الحكومة إمعانا منها في معني الحياد‏,‏ وقيد الترشيح بقيود رائدها كفاية المرشح في امتحان عام دعائمه الحياد المطلق‏.‏
وبدأ ديوان المحاسبة عمله مجموعة من الإجراءات التي لم تجد يقينا ترحيبا من الدوائر التي خضعت لهذه الرقابة‏;‏ منها ما لاحظه من تضخم المعاشات فطالب بضرورة إمساك سجل خاص بها‏,‏ وتزويده بالبيانات التي يتعرف علي ضوئها بالزيادة أو النقص في التزام الحكومة نحو أرباب المعاشات‏,‏ ومنها إعانات الحكومة للهيئات فتطالب بأن تقدم مثل هذه الهيئات حساب سنوي مشهر‏,‏ وأن يكون تجديد هذه الإعانة مرهونا علي ورود هذا الحساب‏.‏
وفي تلك الأثناء كان المسئولون في الديوان منهمكين في اختيار الموظفين العشرة الذين تقرر شغلهم للدرجة السادسة في المؤسسة الجديدة‏,‏ ويبدو أن هذه الدرجة كانت علي قدر كبير من الأهمية إلي الحد أن الأهرام شغلت جانبا من صفحتها الثانية بأسمائهم‏;‏ نجيب بطرس عبده‏,‏ سعد الدين علي المغلاوي‏,‏ سليمان سليمان أحمد علي الدين‏,‏ عبد المنعم محمود فهمي‏,‏ حافظ مصطفي راغب‏,‏ حسن الحسيني عوض‏,‏ صلاح الدين أمين توحيد‏,‏ منير تاوضروس سليمان‏,‏ السيد مصطفي محرم‏,‏ وعاشرهم علي محمد علي حسين‏.‏
وقد شكل هؤلاء من يمكن أن نصفهم باللغة العسكرية رأس الجسر الذي اندفع لقلب الفساد الحكومي وراقب تصرفاتها الإدارية والمالية علي نحو غير مسبوق‏,‏ الأمر الذي لم تسر معه العلاقة بين الطرفين علي ما يرام‏,‏ خاصة مع زيادة موجات الفساد ومع وجود شخصية قوية علي رأس الديوان‏,‏ الأمر الذي امتلأت معه العلاقات بين الطرفين بالشد والجذب‏,‏ والذي أغري بعض الحكومات علي إلغاء الديوان نفسه‏,‏ غير أنه كان دائما إلغاء موقوتا لا يلبث أن يتوقف مع سقوط الحكومة وقيام غيرها تريد أن تبرئ نفسها أمام الرأي العام باستعادة ديوان المحاسبة‏,‏ وقبول رقابته مهما كانت ثقيلة‏!

المــــــــــراجع

(1) المؤرخ د‏.‏ يونان لبيب رزق من أشهر المؤرخين الذين عرفتهم مصر ويطلق عليه أسم " العلامة مؤرخ العصر الحديث " فهو قادر على التحليل وإستخراج الحقائق من بين السطور وتقديمها فى صورة سهلة للقارئ .

 

This site was last updated 08/26/12