Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

مولد أميرة من ملفات الأهرام

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
فهرس الحرب العالمية الثانية
أستقالة وزير
البنات ووراثة العرش
‏عمارة‏ ‏الإيموبيليا‏
فاروق يصبح ملكاً
التجديد النصفى لمجلس الشيوخ
الموائد الرمضانية للملك فاروق
فاروق يغادر مصر
حرب فلسطين 1948
أحمد ماهر باشا
نادى الضباط
الحافة الوفدية وفاروق
مسلسل عن الملك فاروق
ديوان المراقبة
أغرب إنتخابات
على ماهر باشا
حريق القاهرة
إنفراج الأزمة الوزارية
الملك فاروق والملك سعود
طفولة الملك فاروق
بداية حكم الملك فاروق
فاروق والدول العربية
فلول الأسرة المالكة
فاروق والأمراء والملوك
النشاط الإجتماعى لفاروق
الإنضمام لعصبة الأمم
صور نادرة بمكتبة الأسكندرية
الملك فاروق والإسلام
مجزرة الإسماعيلية وحريق القاهرة
حصار الإنجليز لعابدين
أحمد حسين معشوق النساء
إحياء ذكرى الملك
الملك فاروق ومظاهرات الطلبة
الإقتصاد المصرى القوى
الملك وإنتخابات نادى الضباط
Untitled 176
الصحافة وتوريث الحكم
أرض الملك فاروق
إضراب العمد
الإنجليز يحاصرون عابدين
رؤساء وزارات الحكم الملكى
البوم صور
معاهدة 1936
حاشية الملك الفاسدة
البرلمان
تنازل الملك عن العرش
مبارك وقصور فاروق
موت فاروق بالسم
Untitled 2661
Untitled 2662
Untitled 2663
Untitled 2664
Untitled 2665
Untitled 2666
Untitled 2667
Untitled 2668
Untitled 2669
Untitled 2670

Hit Counter

 

كتب ‏ د‏.‏ يونان لبيب رزق فى الحـــلقة‏649‏  : " كان قد مضي علي زواج الشاب الصغير الجالس علي عرش مصر‏,‏ فاروق الأول‏,‏ أقل من عشرة شهور قليلا‏,‏ حين توالت الأنباء عن قرب وصول أول مواليد الملك الجديد‏,‏ ولم يكد يكمل التاسعة عشرة‏,‏ بينما كانت زوجته الصغيرة‏,‏ الملكة فريدة‏,‏ تحبو ببطء للاحتفال بإتمام عامها السابع عشر‏,‏ فيما بشرت به الأهرام قراءها في عددها الصادر يوم‏11‏ نوفمبر من نفس عام الزواج‏(1938).‏وبينما ينتظر الجميع قدوم‏'‏ المولود السعيد‏',‏ وقد استبشروا خيرا‏,‏ فقد انعقد أملهم علي أن يكون‏'‏ ذكرا‏',‏ ولأسباب سياسية أكثر منها إنسانية‏..‏
فمن ناحية كان‏'‏ الأمر الملكي‏'‏ الصادر في‏13‏ إبريل سنة‏1922‏ بشأن‏'‏ نظام الوراثة في بيت محمد علي‏',‏ قد نظم انتقال ولاية الملك‏'‏ من صاحب العرش إلي أكبر أبنائه ثم إلي أكبر أبناء ذلك الابن الأكبر‏,‏ وهكذا طبقة بعد طبقة‏,‏ وإذا توفي أكبر الأبناء قبل أن ينتقل إليه الملك كانت الولاية إلي أكبر أبنائه ولو كان للمتوفي إخوة‏.‏ ويشترط في كل الأحوال أن يولد الأبناء من زوجة شرعية‏.‏ وفي حالة عدم وجود الابن نصت المادة الثالثة علي أن يؤول العرش إلي‏'‏ أكبر أبناء الاخوة الآخرين فإن لم يكن لأكبر أخوته الآخرين حسب ترتيب سن الاخوة‏',‏ وحظرت المادة الخامسة علي النساء أيا كانت طبقتهن في ولاية الملك‏.‏
علي ضوء ذلك الأمر فلا شك أن الملك الشاب والملكة الأم‏,‏ نازلي‏,‏ كانا يحلمان بالمولود الذكر حتي يقطعا الطريق علي الطامعين في العرش‏,‏ في مقدمتهم الأمير محمد علي توفيق‏,‏ الذي يؤجج من آماله في هذا أنه كان أكبر أبناء الأسرة العلوية سنا‏,‏ هذا فضلا عن ثرائه الواسع‏,‏ وعلاقة طيبة مع دار السفارة البريطانية‏,‏ وأخيرا أنه كان من أعضاء مجلس الوصاية خلال الفترة التي أعقبت وفاة الملك فؤاد وتولي فاروق لصلاحياته الدستورية‏(8‏ مايو‏1936-29‏ يوليو‏1937),‏ ثم ما حدث بعد تولي الملك الجديد صلاحياته الدستورية من إعلانه وليا للعهد‏,‏ وفقا لنفس الأمر‏.‏
ومن ناحية أخري أنه باستثناء ذكر واحد من أبناء الملك فؤاد أنجبه من زوجته الأولي‏(‏ الأميرة شيوكار‏)‏ توفي وهو طفل صغير‏,‏ فإن الملك الراحل أنجب جملة من الإناث‏,‏ فوقية من زوجته الأولي‏,‏ ثم فوزية وفايزة وفايقة وفتحية شقيقات فاروق‏,‏ ولا شك انه قد سرت المخاوف داخل قصر عابدين‏,‏ خاصة عند الملكة الأم‏,‏ أن يكون‏'‏ الولد سر أبيه‏'!‏

ملفات الأهرام فى 18/11/1938 م
استبشارا بالمولود الجديد‏,‏ وأملا في ألا يخيب الآمال المعقودة عليه‏,‏ بدأت الاستعدادات لاستقباله‏,‏ فيما قدمت به الأهرام سجلا طويلا وطريفا في نفس الوقت‏..‏ مشروع كسوة تلاميذ فقراء المدارس الأولية‏,‏ استعراض عسكري تسير فيه أورطتان من الجيش في شوارع العاصمة الرئيسية‏,'‏ وفي الساعة السادسة من مساء اليوم التالي لإعلان البشري تتلقي طابية صالح كلمة من الياور النوبتجي في القصر العامر فتطلق المدافع تحية للمولود السعيد فإذا كان ذكرا أطلق مائة مدفع ومدفع‏,‏ وإذا كان أنثي أطلق‏41‏ مدفعا‏.‏ وتطلق مثل هذه المدافع من طابية السلسلة في الوقت ذاته‏',‏ ولا شك أن المصريين انتظروا يوم المدافع ليقوموا بعد طلقاتها‏!‏
هذا فضلا عن بعض أعمال الخير الأخري‏..‏ في المطبعة الأميرية تقرر إعادة نصف العمال المفصولين من جراء أعمال الشغب التي كانت عرفتها خلال شهر سبتمبر السابق‏,‏ في ذات الوقت قررت إدارة المطبعة أن تصدر عددا خاصا من‏'‏ الوقائع المصرية‏,‏ وأن توزعها علي جميع وزارات الحكومة ومصالحها في القاهرة والأقاليم‏'‏ وهي محلاة بصورة صاحبي الجلالة الملكية‏'.‏
وقد انتهز أحمد شفيق باشا‏,‏ رجل القصر القديم‏,‏ الفرصة ليقدم في عدد آخر من الأهرام صورة اجتماعية معبرة عما وصفه بـ‏'‏ حفلات المواليد في مصر‏',‏ وبالذات في الأسرة الحاكمة‏..‏
بدأها بالحفلات عند الأسر العادية التي كانت تتولي‏'‏ الداية‏'‏ عمليات التوليد لسيداتها‏'‏ وفي يوم السبوع تحمم الداية الوالدة والمولود‏,‏ وتحضر سيدات الأسرة وصديقاتها ويوقد الشمع الإسكندراني بأيدي الأطفال وتزف الوالدة وتطوف الداية والمولود علي يدها بحجرات الدار وهي تطلق البخور‏,‏ ثم تحضر الداية سبع حبوب مختلفة وتتلو عليها تعويذة ترقي بها الطفل من العين‏,‏ وبعد ذلك يدقون في‏'‏ هاون‏'‏ ويقولون للطفل‏'‏ اسمع كلام أمك ولا تسمع كلام أبيك‏'‏ ثم توزع علي الزائرات أكواب المغات والكراوية وبذلك تنتهي حفلة السبوع‏'!‏
تحول بعد ذلك الحاج أحمد شفيق‏,‏ كما كان يحب أن يلقب نفسه في آخر عمره‏,‏ لوصف تلك الحفلات عند الأسرة المالكة‏,‏ وعلي الرغم من الحياة الطويلة التي قضاها في قصر عابدين في عهد الخديوي عباس الثاني‏,‏ إلا أنه يعترف بقلة معلوماته عن قيام حفلات في عهد الخديوي إسماعيل‏,‏ وإن كان النظار والكبراء يهرعون إلي السراي عند إعلان خبر مولود جديد لتقديم التهنئة وتنشر‏'‏ الوقائع المصرية‏'‏ في قسمها غير الرسمي بعض قصائد الشعراء‏.‏
غير أنه توقف عند مولد عباس ابن توفيق وذكر أنه قد ذبحت الذبائح احتفالا بالمناسبة‏,‏ وتلي القرآن الكريم وتلقي الخديو توفيق التهاني من والده الخديو المخلوع إسماعيل ومن باقي أفراد الأسرة‏,‏ ومدت في اليوم السابع الموائد داخل السراي وخرجت الوالدة من مخدعها لأول مرة بعد الوضع لشكر الزائرات‏,‏ وكان مولد الأمير عبد المنعم ولي عهد عباس الثاني‏,‏ مما حدث في الإسكندرية في‏20‏ فبراير عام‏1899,‏ مناسبة لاحتفال كبير‏'‏ فقد هرع كبار رجال السراي للقيام بواجب التهنئة‏'‏ وكان بسراي المنتزه تكية ومسجد‏,‏ فتلي القرآن الكريم فيهما وذبحت الذبائح ووزعت علي الفقراء‏,‏ وزينت قصور الأمراء جميعا‏'.‏
يوم مولد الأمير فاروق زاد حجم الاحتفالات وكان منها عزف موسيقي الحرس السلطاني في ميدان عابدين‏,‏ وتبرع فؤاد بعشرة آلاف جنيه توزع علي فقراء مصر والإسكندرية والأقاليم وصدر أمر بالعفو عن المسجونين الذين أمضوا ثلاثة أرباع المدة‏.‏ غير أن الملاحظ في كل هذه المناسبات أن الاحتفالات كانت تقام في العادة للذكور‏,‏ وللأول منهم علي اعتبار أنه أصبح وليا للعهد‏,‏ ولم نشهد أي احتفالات للإناث‏.‏
علي أي الأحوال انتظر المصريون اليوم الموعود‏,‏ وجاء الفرج يوم الخميس‏17‏ نوفمبر عام‏1938,‏ ووقف أهالي القاهرة والإسكندرية في الطرقات يتسمعون علي عدد طلقات المدافع ليعلموا الخبر اليقين‏..‏ واحد‏,‏ اتنين‏,‏ تلاتة‏,‏ أربعة‏,‏ حتي وصل العدد إلي‏41‏ وتوقفت الطلقات‏,‏ وعرف المصريون أنها أنثي وليست ذكرا‏,‏ وأن الذكر الذي يحل في ولاية العهد محل الأمير محمد علي توفيق لم يصل بعد‏!‏
‏************‏
أكدت الأهرام هذه الحقيقة عندما صدرت في اليوم التالي وعلي صدر صفحتها الأولي‏'‏ أمر ملكي كريم بإعلان ميلاد الأميرة فريال‏',‏ كان نصه‏:‏
‏'‏حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء
‏'‏حمدا لله تعالي علي ما أنعم وتفضل‏,‏ فقد وهب لنا من لدنه في الدقيقة الأولي من الساعة الرابعة من مساء يوم الخميس المبارك الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة‏1357‏ الموافق الساعة الثامنة من مساء اليوم السابع عشر من شهر نوفمبر سنة‏1938‏ بقصر المنتزه‏-‏ مولودة أسميناها‏(‏ فريال‏).‏
‏‏ومن ثم أصدرنا أمرنا هذا إلي مقامكم الرفيع إعلاما لهيئة حكومتنا بهذا النبأ السار ولإثبات ذلك في السجل الخاص المحفوظ برياسة مجلس الوزراء وتعميم نشره في جميع أنحاء المملكة وإعلانه إلي رجال جيشنا وتبليغه بصفة رسمية إلي من يري لزوم تبليغه والقيام بما ينبغي إجراؤه في هذه المناسبة السعيدة‏'‏
وبعد كلمة بليغة‏,‏ وإن كانت ذات طبيعة إنشائية‏,‏ صدرت بها جريدتنا تعليقها علي المناسبة‏,‏ بدأت منذ اليوم التالي تنشر أخبار الاحتفالات تحت عنوان كبير جاء فيه‏((‏ يمن الله طلعة المولود‏**‏ وحيا أهله بطول السعود‏));‏ سفر فاروق إلي الإسكندرية بطائرة‏,‏ إطلاق المدافع‏,‏ تقاطر وفود المهنئين إلي كل من سراي عابدين ورأس التين‏,‏ إطلاق السهام النارية‏.‏
وكان أول ما انشغل به الناس اسم المولودة الجديدة‏,‏ فريال‏,‏ صحيح أنه كان مفهوما أن فاروقا سار في هذا علي سياسة أبيه باختيار حرف‏'‏ الفاء‏'‏ كأول حروف أسماء أبناء الأسرة الفؤادية‏,‏ مما كان يتفاءل به الرجل‏,‏ وصحيح أنه كان معلوما أن أم الملك فؤاد نفسه اسمها فريال‏,‏ إلا أن الاسم حتي ذلك الوقت لم يكن شائعا بين المصريين‏..‏ وهو الأمر الذي دفع الكثيرين من قراء الأهرام إلي البحث في أصل الاسم وفصله‏,‏ وذهبوا في ذلك مذاهب شتي‏!‏
في اليوم التالي مباشرة لإعلان الميلاد كتبت الأهرام أنه فضلا عما يحمله الاسم من معاني الأمل والنور والاستبشار‏'‏ فمن محاسن الاتفاق أنه ذو معني جميل باللغة الفرنسية أيضا‏,‏ فإن لفظة‏FERIAL‏ هي النسبة إلي‏FERIE‏ ومعناها عيد‏,‏ وكان عند قدماء الرومان يوما يجب الانقطاع فيه إلي الراحة‏,‏ وكانت تقدم فيه القرابين وتقام الألعاب العامة‏'.‏
وتوالت الاجتهادات بعد ذلك حول هذا الموضوع‏;‏ الدكتور مصطفي عزيز بوزارة المالية‏:‏ الكلمة فارسية صميمة إلا أنه ذكر لها مدلولا آخر نقلا عن قاموس‏(‏ كنز اللغات‏),‏ وهي تتكون من مقطعين‏;‏ فر‏:‏ بمعني فضل أو وقار أو أبهة أو زينة‏,‏ يال‏:‏ بمعني‏:‏ أهل‏'‏ ويكون معني‏(‏ فريال‏)‏ أهل الفضل والكرامة والرونق‏.‏ الأستاذ قدري عبد العظيم‏:‏ الكلمة تركية محرفة عن لفظة فينار‏,‏ ومعناها في المعاجم التركية الحديثة‏(‏ النور‏),‏ وقد تطلق علي المصباح‏.‏محمد فوزي بك من هليوبوليس‏:‏ الكلمة فارسية تركية‏,‏ شطرها الأول فارسي معناه النور والضياء‏,‏ والشطر الثاني تركي معناه الضياء والإشراق‏.‏ وذهب الأستاذ محمد توفيق بمحافظة الإسكندرية إلي رد الاسم إلي أصل إيطالي‏'‏ وهي كلمة ينطق بها سكان تريستا الذين يسمون مصابيح الطرق‏Feral'‏ واللفظ مدرج بمعجم اللغة الإيطالية بمعني الإضاءة والإشراق‏.‏
غير أن أغرب التفسيرات كان ما جاء في عدد الأهرام الصادر يوم‏15‏ ديسمبر تحت عنوان‏'‏ كلمة فريال‏-‏ هل هي سودانية الأصل؟‏'‏ في مقال قصير تحدث فيه صاحبه أنه قد جاءته رسالة من الأبيض في كردفان يؤكد فيها صاحبها أنه اشتغل طويلا في السودان الجنوبي وأن قبائل‏(‏ الدنكا‏)‏ يسمون بناتهم فريال‏,‏ وإن اعترف بأنه لم يتوصل إلي أصل للاسم‏!!‏
وكان من أبرز ما تضمنته الأهرام خلال الأيام التالية قصائد الشعر التي لم يكد يخلو منها عدد من أعدادها‏,‏ نختار منها القصيدة التي وضعها الشاعر الكبير علي الجارم بك واحتلت نصف مساحة الصفحة الثالثة من عدد الجريدة الصادر في‏24‏ نوفمبر‏,‏ وقد استهلها بقوله‏:‏
بين صحـو المني وحلم الخيال سبح الشعر في سماء الجمال ومضي سائحـا يهـز جناحيـه علي شاطئ السنين الخوالي لمح الدهر وهـو يحبو من المهـد عليه غدائـر مـن ليالي وأزاح التاريخ عن عينه الحجب فمرت تخوص في الأجيال
وأنهاها بقوله‏:‏ وإذا المهـد فيـه درة مجـد لكريم الجدود والأخوال وإذا مصـر أعيـنا وقلوبـا تقبس النور من‏(‏ فريال‏)‏ فهناء مليك النيل‏,‏ كم ققت للنيل من أمان غوال وهناء مليك مصر المفدي نلت‏-‏ فاشكر الله‏-‏ خير منال عشت وعاشت أميرة الملك واسلم للمعالي وصالح الأعمال
الملاحظ أيضا أنه لأول مرة يتم الاحتفاء إعلاميا بمناسبة من هذا النوع في الإذاعة الحكومية التي كان قد تم افتتاحها قبل أربع سنوات‏,‏ قبيل وفاة الملك فؤاد بفترة غير طويلة‏,‏ والتي أقامت حفلا مناسبا في دار الأوبرا‏,‏ افتتحها الشيخ محمد رفعت بتلاوة بعض آيات الذكر الحكيم عزفت بعدها فرقة الموسيقي الملكية‏'‏ افتتاحية الأميرة السعيدة‏'‏ من تأليف الأستاذ مدحت عاصم‏,‏ وشارك في إحيائها الآنسة أم كلثوم بوصلتين غنائيتين‏'‏ فأبدعت علي عادتها في الأداء وحسن الترتيل‏'.‏
وشارك الدكتور محمد حسين هيكل وزير المعارف في الحفل بكلمة ضافية كان مما جاء فيها‏:'‏ إنني لعظيم التفاؤل بالأميرة فريال‏,‏ عظيم الرجاء أن يكون لمولدها‏,‏ ولطفولتها‏,‏ ولشبابها ولحياتها المباركة أبلغ الأثر في حياة مصر‏,‏ بفضل أبويها العظيمين وأسرتها الكريمة العلوية‏'.‏
وكأنما أراد الرجل أن يخفف من أثر كون المولود أنثي فيما جاء في تنويهه بأن أميرات الأسرة العلوية الكريمة تركن في حياة مصر الأثر الباقي الصالح‏'‏ وحسبي أن أشير إلي بعض ما لهن من هذا الأثر في حياة مصر العلمية مما لا تزال ولن تزال وزارة المعارف تزدهي به لتروا أني استمد تفاؤلي من واقع ملموس يشهده أبناؤنا حين تخرجهم بدرجات العلم العليا في جامعتنا‏,‏ جامعة فؤاد الأول‏,‏ والتي تخطت أشد أوقات بأسها بفضل الهبة العظيمة التي حبتها بها الأميرة فاطمة إسماعيل‏'.‏
وكان من أطرف ما حدث من مظاهر الاحتفال ما قررته وزارة الأوقاف من مكافأة مالية لكل أسرة رزقت بمولود في نفس اليوم‏,‏ وقد بلغ عدد هؤلاء‏1700,‏ أما قيمة المكافأة فقد كانت جنيها مصريا بالتمام والكمال تقبلها هؤلاء بكل سرور‏!‏
وكان منها أيضا ما حدث من مشاركة مصلحة السكك الحديدية في المناسبة بأن خفضت أجور السفر في قطاراتها بمقدار‏50‏ في المائة لتمكين الراغبين في الاحتفال‏'‏ بسبوع صاحبة السمو الملكي الأميرة فريال من الوفود إلي القاهرة والاشتراك في المناسبة‏'!!‏
وكان منها أخيرا ما يحدث عادة في مثل هذه المناسبات من انتهاز الفرصة للإعلان عن بضاعة راكدة فيما فعله محل‏'‏ إميل هنريش وشركاه‏'‏ بدعوة المصريين إلي الاشتراك في مظاهر الابتهاج‏'‏ باقتناء إحدي المداليتين المقررتين رسميا والتي تحمل تاريخ القران الملكي السعيد‏20‏ يناير‏1938'!‏
‏***‏
‏*‏ ولم تكن المناسبة لتفوت دون أن يكون لها مذاقها السياسي الناجم عن الصراع الذي كان قائما بين الوفد وبين الحكومة القائمة برئاسة محمد محمود باشا والمدعومة من الملك فاروق شخصيا‏,‏ مما يمكن أن نخرج به من قراءة ما بين سطور جريدتنا‏..‏
نخرج به‏(‏ أولا‏)‏ من ضعف مشاركة الصحافة الوفدية في الاحتفال بالمناسبة‏,‏ وكان أهم من عني بها من الصحف الأخري‏;‏ المقطم‏:‏ التي كتبت مقالا طويلا تحت عنوان‏'‏ أهلا بالأميرة الملكية ومرحبا بقدومها السعيد‏',‏ الدستور‏:‏ الناطقة بلسان السعديين والتي شاركت بالقول أن الأمة كانت منذ أن آذنت هذه البشري بالتحقيق‏'‏ تتوقع سماعها كل يوم وتتشوق مشتاقة إلي الساعة السعيدة التي تذاع فيها‏',‏ أما‏'‏ البلاغ‏':‏ الجريدة الوفدية القديمة والتي انضمت وقتئذ إلي صفوف القصر فقد هللت بالقول‏'‏ بزغ كوكب الأميرة فريال وضاحة المحيا متلألئة كالبدر تومئ إلي حياة سعيدة‏'!!‏
نخرج به‏(‏ ثانيا‏)‏ من أن الحزب الكبير لم يرغب من الناحية الرسمية‏-‏ علي الأقل‏-‏ أن يتخلف عن المشاركة في‏'‏ الأفراح الملكية‏',‏ خاصة وأنه كان قد تواني في الاحتفال بزواج فاروق‏,‏ وقد جاءت هذه المشاركة علي صورة برقية موجهة من النحاس باشا إلي كبير الأمناء يرجوه فيها رفع‏'‏ خالص التهنئة لحضرة صاحبي الجلالة الملكين العظيمين بالمولودة السعيدة صاحبة السمو الملكي الأميرة فريال أقر الله بها أعين والديها الأكرمين وجعل ميلادها السعيد طالع خير ويمن وبركات علي الأمة المصرية الكريمة‏,‏ وعلي الأسرة الملكية المبجلة‏',‏ وجاء الرد الملكي قصيرا جدا‏,‏ بل ومهينا‏,‏ فلم يزد عن تسع كلمات‏:'‏ أشكركم خالص الشكر علي تهانيكم لمناسبة مولد كريمتي فريال‏'!‏
هذا علي عكس الحال في الرد الملكي علي البرقية المماثلة التي بعث بها رئيس الوزراء محمد محمود‏,‏ والتي جاء فيها‏'‏ تقبلنا بالاغتباط برقيتكم الرقيقة بمناسبة مولد كريمتي‏(‏ فريال‏)‏ وإني إذ أعرب لكم ولزملائكم عن جميل شكري وخالص تمنياتي‏.‏ أسأل الله أن يجعل من هذا الميلاد المبارك طالع سعد لتحقيق كل ما أرجوه لشعبي المحبوب من أماني الخير والعزة والمجد‏'.‏
‏*‏ علي الجانب الآخر فقد حرصت السلطات البريطانية علي الاشتراك في المناسبة تأكيدا منها علي تمسكها بتنفيذ روح معاهدة‏1936,‏ فبعد مشاورات بين كل من الخارجية والحربية مع دار السفير في العاصمة المصرية رؤي أن تشترك قوات إنجليزية في العرض العسكري الذي تقرر احتفالا بالمناسبة‏,‏ ولم يستطع الملك فاروق ولا وزارة محمد محمود الاعتراض علي مطلب السير مايلز لامبسون‏.‏
وجاء هذا الاشتراك بمثابة استعراض للقوة العسكرية للدولة الحليفة‏,‏ فيما يمكن الخروج به من وصف الأهرام في عددها الصادر يوم‏19‏ نوفمبر بأن الأوامر‏'‏ صدرت إلي القوات البريطانية بالتحرك‏,‏ وكانت معسكرة في شارع الشيخ ريحان‏,‏ وهي مؤلفة من‏45‏ دبابة من الدبابات الخفيفة‏,‏ وبطارية من مدافع الميدان الكبيرة تجرها سيارات خاصة ومن دراجات بخارية ويتبع ذلك قسم المهندسين وقسم الإشارة‏,‏ ثم أورطة من الجنود المشاة المسلحة بالبنادق ذات الحراب العالية‏'!‏
‏*‏ حاولت الحكومة المصرية من جانب آخر أن تعوض هذا الاشتراك البريطاني في العرض بكل دلالاته المهينة بتكثيف اشتراك القوات المصرية التي جاء دورها في العرض بعد قوات الحليفة‏,‏ مما بدأ بطابور من سلاح المدفعية مؤلفا من‏87‏ مدفعا من مختلف الأحجام والأشكال‏,‏ تجر بعضها الجرارات البخارية‏,‏ وبعضها الآخر مشدود إلي السيارات أو محمول عليها بدلا من البغال‏'‏ وقد استرعي النظام الدقيق الذي بدا فيه هذا السلاح أنظار حضرات الوزراء والضباط الإنجليز فكان الثناء علي قائده بالإجماع‏'.‏
وتضيف جريدتنا أنه تبع ذلك سلاح المهندسين الملكيين‏,‏ وهو مؤلف من سبع سيارات ولوريات‏,‏ ثم قوة هجانة الحدود وهي مؤلفة من‏64‏ جملا و‏28‏ مدفعا محمولة علي السيارات‏,‏ وأعقب ذلك طلبة الكلية الحربية تتقدمهم موسيقاهم‏,‏ ثم أورطة البنادق السادسة مشاة‏,‏ وهي مؤلفة من‏807‏ من الضباط والجنود‏,‏ وأورطة مدافع الماكينة الثالثة المشاة‏,‏ وهي مؤلفة من‏795‏ ضابطا وجنديا ومن سبع جياد‏.‏
ولم تقتصر مشاركة الجيش المصري في المناسبة علي العاصمة‏,‏ بل امتدت إلي الإسكندرية حيث احتفل رجال معسكر الدخيلة بالمناسبة‏,‏ بل وإلي المناطق النائية في الصحراء الغربية‏,‏ حيث قامت قوات الجيش في مرسي مطروح بعرض عسكري كبير‏,‏ وكأنما أراد رجال القصر أن يبلغوا خصومه أن الملك لا زال يعتمد علي القوات المسلحة باعتباره قائدها الأعلي‏,‏ مما يفل من قوة الوفد الشعبية الممثلة في جحافل الطلبة‏,‏ مهما بلغ مداها‏!!‏
‏*‏ وحتي هؤلاء لم يسلموا من محاولة دوائر القصر الملكي لاستقطابهم‏,‏ مما بدا فيما عمدت إليه وزارة المعارف من إشراكهم في‏'‏ المناسبة الملكية السعيدة‏'‏ بتشجيع إقامة الاحتفالات في المؤسسات التعليمية المعروفة بدورها الفاعل في الحركة الوطنية‏;‏ جامعة فؤاد الأول‏:‏ توجه أعضاء الاتحاد بها إلي سراي عابدين لتقييد أسمائهم في سجل التشريفات بتعليمات من الإدارة‏,‏ المدرسة السعيدية‏:‏ أقام ناظرها الأستاذ جعفر النفراوي حفل سمر برعاية وزير الأوقاف‏,‏ مدرسة القبة الثانوية‏:‏ أقام طلابها‏'‏ حفل ابتهاج شائقة‏'‏ بالمناسبة‏,‏ علي حد تعبير الأهرام‏,‏ مدرسة الخديو إسماعيل‏:‏ أقامت حفلة شهدها كل من وزير المعارف ومراقب التعليم الثانوي‏'‏ وأقام الطلبة عرضا عاما في ملابس التدريب العسكري أعجب به الحاضرون‏'.‏
بيد أن كل الاحتفالات وإن بدا وكأنها تسعي لتحقيق بعضا من أهداف المناسبة السياسية‏,‏ فهي لم تمنع ما بدأ يتسلل داخل السراي من مشاعر بعدم الرضاء الناجمة عن عدم تحقق الأمل بالمولود‏'‏ الذكر‏',‏ حتي أن أغلب المؤرخين الذين تعرضوا بالدراسة لحياة الملك الخاصة يعزون بداية الشقاق بين فاروق وفريدة‏,‏ وما تبعه من انحرافات الشاب الصغير‏,‏ إلي تلك الحقيقة‏,‏ والتي أكدها ما تلاها من مسلسل الأميرات اللاتي أنجبتهن هذه الملكة سيئة الحظ‏,‏ وهو ما لا نوافقهم عليه تماما‏
فانحرافات فاروق الأول كانت ناجمة عن أسباب كثيرة قد يكون هذا أحدها‏,‏ وإن كان المتيقن أن الفأل الذي تمسك به صاحبنا باختيار حرف‏'‏ الفاء‏',‏ كبداية لأسماء بناته إتباعا لما سبقه إليه أبوه الذي تفاءل به باعتباره أول حروف اسم والدته‏,‏ لم يحقق الهدف منه‏,‏ فقد اختلف الأمر عما كان عليه الحال بالنسبة لـ‏'‏ فريال الأولي‏'!!‏
 

================

المـــــــــراجع

(1) مولــد أمــيرة‏!!‏ بقلم‏:‏ د‏.‏ يونان لبيب رزق - مقالة بجريدة الأهرام يوم الخميس 15 يونيو 2006 م السنة 130 العدد 43655

 

This site was last updated 09/14/08