اعرف بلدك: تاريخ مصر الحديثة في متحف القرية الفرعونية أصل الحكاية:مذبحة القلعة وحادثة دنشواي وحريق القاهرة وحادثة 4 فبراير... وغيرها
جريدة وطنى 28/9/2009م قامت بالحولة: جورجيت صادق
اهتمت القرية الفرعونية منذ إنشائها علي جزيرة يعقوب علي ضفاف النيل بالجيزة بتجسيد الحياة الفرعونية ويشاهد الزائر من خلال الجولة النيلية العديد من الحرف وسبل المعيشة في مصر القديمة,وضمت القرية مجموعة من المتاحف تجمع بين العصور والحقب التاريخية المختلفة التي مرت بها مصر.
وحتي تكتمل ملحمة مصر التاريخية افتتح د.عبد السلام رجب رئيس مجلس إدارة القرية الفرعونية أحدث متاحف القرية متحف مصر الحديثة.
يستعرض المتحف تاريخ مصر منذ عام 1805 وحتي قيام ثورة يوليو عام 1952 أي منذ حكم محمد علي لمصر وحتي خروج الملك فاروق من مصر.
ولم يقتصر المتحف, تسليط الأضواء علي مشاهير هذه الحقبة من الساسة والحكام فقط بل يوجد جزء من العرض المتحفي يبرز أشهر الفنانين والمثقفين المعاصرين لهذه الحقبة علي أساس أنهم جزء لا يتجزأ من وجدان الحياة المصرية في ثوبها الثقافي والفني والأدبي ويقدم المتحف شعار لكل زائر بعنوان (علم أولادك تاريخ بلادك).
شجرة العائلة
يلاحظ الزائر قبل أن يدخل إلي المتحف أن الباب الخارجي وضع عليه شعار الملكية علي جانبي الباب,ثم تبدأ الجولة من علي يسار الزائر من باب المتحف لمجموعة لصور لقادة الحملة الفرنسية,ونبذات مكتوبة تفصيليا عنها,وعلي يمين الزائر يوجد برواز يوجد بداخله شجرة عائلة أسرة محمد علي وكأنها رسالة أن محمد علي جاء إلي مصر للتصدي للاحتلال الأجنبي.
نعود مرة أخري للجهة اليسري من المتحف لنجد نبذة عن الأشراف وهم مجموعة من المثقفين تجمعوا لقيادة المقاومة الشعبية المصرية ضد نابليون ومساندة محمد علي للوصول إلي الحكم وأن محمد علي جاء إلي مصر بأمر السلطان العثماني علي رأس فرق الجيش العثماني عام 1801 واكتسب محمد علي ثقة وحب زعماء الشعب وعلي رأسهم الأشراف وكان نقيب الأشراف في ذلك الوقت هو عمر مكرم.
وفي 12 مايو 1805 توجه زعماء الشعب بقيادة عمر مكرم إلي محمد علي لإخباره باختيار الشعب له واليا علي مصر بشرط أن يحكم بالعدل ويقيم الشرائع وألا يفعل أمرا إلا بمشورة العلماء ومتي خالف ذلك عزلوه,وقبل السلطان العثماني هذه الرغبة الشعبية وتم تعيين محمد علي باشا واليا علي مصر.
مع الوقت انفرد محمد علي بحكم مصر بعد أن انتهز فرصة الخلافات بين زعماء الشعب فحطم الزعامة الشعبية ونفي عمر مكرم عام 1809 إلي دمياط ثم إلي طنطا حتي توفي هناك.
سيجد الزائر تمثالا نصفيا مذهبا لمحمد علي باشا وأمامه كرسي مذهب من القطيفة يشبه الشازلونج نموذج طبق الأصل من كرسي محمد علي الذي كان يستلقي عليه وأسفل التمثال صورة مرسومة لمحمد علي وفي الخلفية علي الحائط لوحة مستطيلة ملونة مرسومة توضح أبرز حدث قام به محمد علي بعد توليه حكم مصر بفترة وهو القضاء علي المماليك في الحادثة الشهيرة والمعروفة بمذبحة القلعة والتي حدثت عام 1811 وقتل فيها 470 مملوكا بعد أن حضروا إلي القلعة للغذاء بعد دعوة محمد علي لهم ثم بدأ جنود محمد علي في إطلاق النار عليهم من أعلي أسوار القلعة,وتمت إبادتهم جميعا.
شخصيات معاصرة
يلي هذا العرض مجموعة من التماثيل الفضية والصور المرسومة ونبذات عن مجموعة من الشخصيات المشهورة في عصر محمد علي في مجالات مختلفة, منهم كلوت بك واسمه أنطوان بارتيلمي وهو طبيب فرنسي وأصبح رئيس الجراحين بمصر وظل بهذا المنصب منذ عام 1828 حتي عام 1838 وأنشأ خدمة الصحة العامة ومدرسة الطب,وأرسل ببعثة من أفضل تلاميذه المصريين لاستكمال تدريبهم في فرنسا,وتم عزل كلوت بك من قبل عباس حلمي الأول عام 1849 ولكنه عاد مرة أخري عام 1856,ثم تقاعد عن العمل في العام التالي وتوفي في مرسيليا,وتوجد شوارع باسمه في جرونويل بفرنسا وفي القاهرة في وسط البلد.
ازدهار
تعد فترة حكم محمد علي من أكثر فترات مصر ازدهارا واستحقت لقب (باني مصر الحديثة) وأنشأ العديد من مشاريع الري وكان من أهمها القناطر الخيرية,وعمل بنظام الاحتكار في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة.
أسرة محمد علي
يستعرض العرض المتحفي جميع الذين تولوا الحكم من أسرة محمد علي بالترتيب وسيجد الزائر تمثالا وصورا مرسومة وأيضا نبذات تفصيلية توضح عيوب ومميزات كل عصر,والغريب أنه عقب هذه الفترة المضيئة والمليئة بالإنجازات تولي من بعده عباس حلمي الأول (1848 إلي 1854) وهو حفيد محمد علي وابن طوسون ابن محمد علي.
اتسع عهد عباس حلمي الأول بالجهود حيث أوقف الكثير من مشاريع جده وعمه إبراهيم باشا وكان قائد جيوش محمد علي بحجة تقليل النفقات وأغلق العديد المدارس,وأعاد البعثات من أوربا وقام بتقليل عدد أفراد الجيش,وفي عهد إنشاء سكة حديد الإسكندرية وعرف عنه العديد من التصرفات الغريبة وقسوته وكرهه لأفراد عائلته وكان مريضا بالصرع وتم اغتياله في قصره في بنها عام 1854.
تولي من بعده سعيد باشا ابن محمد علي منذ عام 1854 حتي عام 1863 ولد في الإسكندرية وألحقه والده بالبحرية وأصبح أمير الأسطول,وكان بدينا محبا للطعام,سمح للضباط المصريين بتقلد المناصب العليا,حيث كانت مقتصرة علي الشراكسة والأتراك وأصدر قوانين تسمح للفلاحين بتملك الأراضي,كما أسس أول نظام للمعاشات للموظفين,ومنح ديليسبس حفر قناة السويس في نوفمبر 1854, وأعطاه حق امتياز القناة لمدة 99عاما,وكان يعاني من مرض مزمن بالمعدة وتوفي عام 1863.
وأثناء فترة حكم سعيد باشا كان الخديوي إسماعيل يتلقي تعليمه في باريس وتم تعيينه رئيسا للجيش المصري,وبعد وفاة سعيد باشا تولي الحكم.
ومن أبرز أعمال الخديوي إسماعيل افتتاح قناة السويس في حفل كبير وصلت تكلفته 1.4مليون جنيه,وقام ببناء العديد من القصور لتصبح مقرا للحكم,منها قصر القبة, الجزيرة, الدوبارة.
قام الخديوي إسماعيل بافتتاح قاعة مجلس الشوري عام 1866, وكان يملك عند وفاته 135 ألف فدان ومجوهرات بحوالي 650 ألف جنيه واقترض ملايين الجنيهات بفائدة عالية,وأغرق مصر بالديون,وتسبب في التدخل الأجنبي في شئون مصر,حتي تمت إقالته من قبل السلطان العثماني عام 1879 وغادر مصر إلي نابولي.
وفي العرض المتحفي سيلاحظ الزائر تمثالا نصفيا لكل من تولي حكم مصر,بداية من أسرة محمد علي وعرض نبذة تفصيلية عن حياتهم.
هوجة عرابي
تولي الخديوي توفيق الحكم بعد عزل والده الخديوي إسماعيل عام1879,وكان شخصيته ضعيفة قليل الثقة في نفسه وكانت ديون مصر تقدر بحوالي96مليون جنيه.
وتم تعيين عثمان رفقيالشركسيوزيرا للحربية وكان يميز الشراكسة في الترقية والرواتب عن الضباط المصريين وهنا ظهر النقيب أحمد عرابي ومجموعة من ضباط وجنود الجيش المصري وقاموا بعمل وقفة احتجاجية أمام قصر عابدين وقدموا للخديوي توفيق مطالبهم وهي عزل عثمان رفقي وتعيين محمود سامي البارودي وزيرا للحربية,واستجاب توفيق لمطالبهم.
توجه النقيب أحمد عرابي ومعه30ضابط في9سبتمبر عام1881 إلي قصر عابدين في مظاهر شعبية مطالبين بعدة مطالب منها عودة الحياة البرلمانية,استقالة حكومة رياض,زيادة عدد الجيش المصري,ترقية الجنود المصريين,وسجل التاريخ هذا الحدث باسم ثورة عرابي.
سيشاهد الزائر لوحة زيتية بالألوان توضح الزعيم أحمد عرابي والضباط أمام قصر عابدين لعرض مطالبهم علي الخديوي توفيق,وتوفي عام1892.
تولي الخديوي عباس حلمي الثاني عام1892 تلقي تعليمه في لوزان بسويسرا ثم التحق بالمدرسة الحربية في فيينا عام1897 وتولي الحكم وهو في الثامنة عشر من عمره,كان دائم الخلاف مع اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني وشجع مجموعة من الوطنيين أمثال مصطفي كامل الذي بث روح المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزي وأصبح رئيس تحرير جريدة اللواء عام1900 واستغل حادثة دنشواي ليظهر للمصريين ظلم الاحتلال.
ويوضح العرض المتحفي إنجازات الخديوي عباس حلمي الثاني ومن أبرزها إنشاء المتحف المصري عام1896 وافتتاحه عام 1901,وإنشاء سد أسوان عام1901,البنك الأهلي المصري,ووضع حجر أساس جامعة فؤاد الأول كأول جامعة مصرية وتم عزله من قبل بريطانيا عام1914 وقت اندلاع الحرب العالمية الأولي وإعلان الحماية البريطانية علي مصر حتي توفي في سويسرا عام1944.
كما يظهر العرض المتحفي الزعيم مصطفي كامل مؤسس الحزب الوطني عام1907 حتي توفي وهو في الـ34 من عمره بسبب مرض السل,ويوجد بالمتحف صورة زيتية مرسومة توضح حادثة دنشواي.
شخصيات بارزة
وقبل أن يسترسل العرض المتحفي في باقي حكام أسرة محمد علي كانت هناك وقفة تقريبا في الجهة المقابلة في آخر الممشي أمام باب الدخول لاستعراض شخصيات برزت في تاريخ مصر في ذلك الوقت مع وجود حكم عباس حلمي الثاني واستمرت عبر تاريخ حكام أسرة محمد علي ومن أبرز هذه الشخصيات قاسم أمين محرر المرأة.
باقي الشجرة
السلطان حسين كامل تولي الحكم سلطانا علي مصر عام1914 بعد عزل عباس حلمي الثاني وبعد إعلان الحماية البريطانية علي مصر وإلغاء تبعية مصر للسلطنة العثمانية في تركيا,ولم يكن محبوبا لتعاونه مع الاحتلال الإنجليزي وكانت هناك محاولتين لاغتياله أثناء فترة حكمه والتي استمرت ثلاث سنوات حيث توفي عام1917 وتم تغيير العلم المصري في عصره من اللون الأحمر إلي اللون الأخضر.
تولي بعد ذلك الملك فؤاد الأول وتولي الحكم من1917 حتي عام1938 وكان قبل توليه الحكم يرأس لجنة تأسيس أول جامعة مصرية عام 1908 وهي جامعة فؤاد الأول جامعة القاهرة حاليا,وقام بإنشاء المجلس الاقتصادي المصري,والجمعية الجغرافية,ومعهد الموسيقي,والمتحف الزراعي,وقامت في عصره ثورة1919 بزعامة سعد زغلول ضد الاحتلال الإنجليزي وحصلت مصر علي الاستقلال عام1922 وقام بإصدار الدستور عام1923 وتم إعلان مصثر مملكة مستقلة وتم تغيير لقب السلطان إلي الملك,حتي توفي الملك فؤاد عام1936.
نصيب الأسد
تولي الملك فاروق الابن الوحيد للملك فؤاد الحكم عام 1936 وكان حكم مصر يتكون في ذلك الوقت من مثلث القوي(الملك-حزب الوفد-السفير البريطاني لامبسون).
وخصص العرض المتحف مساحة كبيرة لاستعراض كل ما يتعلق بفترة حكم الملك فاروق وكانت فترة ثرية من حيث الأحداث سواء علي المستوي الشخص أو السياسي أو الشعبي,فعلي المستوي السياسي كانت حادثة 4فبراير عام1942 من أبرز هذه الأحداث ولذلك يوجد صورة زيتية كبيرة توضح هذه الحادثة وملحضها أنه بعد استيلاء روميل علي ليبيا علي حدود مصر الغربية خشي الإنجليز من هذه الهزيمة واستمرار امتدادها لمصر وفرح المصريين وحدثت اضطرابات في الشوارع وفي ظهر 4فبراير عام 1942 أعطي مايلز لامبسون السفير البريطاني إنذارا نهائيا للملك فاروق بتعيين مصطفي النحاس رئيسا للوزراء وتنفيذ معاهدة 1936 ورفض الملك الإنذاء,وفي التاسعة من مساء نفس اليوم قام الجيش الإنجليزي مزودا بالدبابات بمحاصرة قصر عابدين وقام لامبسون وأربعة من الضباط باقتحام مكتب الملك فاروق وإجباري علي التنازل عن العرش وحينما هم الملك فاروق بالتوقيع علي أوراق التنازل عن العرش تدخل أحمد حسنين باشا رئيس البلاط الملكي ووافق علي تعيين مصطفي النحاس رئيسا لوزراء مصر لإنقاذ الملك وكانت تلك اللخطة من أكثر اللحظات إذلالا لمصر.
ويوضح العرض المتحفي أيضا جزءا من الحياة الشخصية للملك صور للملكة فريدة والزفاف التاريخي الذي انتهي بالطلاق ثم زواجه من ناريمان وأيضا صور شقيقته فوزية وأيضا مجموعة من السيارات الخاصة بالملك,وصور لرحيله عن مصر بعد قيام ثورة يوليو1952.
في نهاية العرض توجد مجموعة من التماثيل والنبذات لأشهر الفنانين والمثقفين المعاصرين لحقبة حكم أسرة محمد علي وأبرزهم,أحمد لطفي السيد,وأحمد شوقي,وصلاح طاهر,وطه حسين,ومصطفي العقاد,ومحمد طلعت حرب,وأم كلثوم,ومحمد عبد الوهاب,وإسماعيل ياسين.
في الختام تمثال نصفي من البروتز للرئيس محمد نجيب باعتباره أول رئيس جمهورية لمصر بعد أسرة محمد علي ويوجد عرض مواكب في منتصف المتحف يوضح بالصور الشوارع في مصر وقت أبرز الأحداث التي تعرضت لها مصر,ومن أهمها معركة الشرطة بالإسماعيلية في 25يناير 1952,وحريق القاهرة في26يناير 1952 والذي أسفر عن تدمير 300متجر و117شركة,و13فندقا كبيرا,و18 معرضا للسيارات و92مقهي,وعدد كبير من المطاعم والبنوك والأندية وحريق الأوبرا وكانت من أعظم مباني مصر.