Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

بـــــــــــلاد النوبـــــــــــــــــــــــــــــة

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك آخر تعديل تم فى هذه الصفحة فى 26/8/2006م

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
وصف ألأسكندرية
New Page 1563
New Page 1564
بلاد صعيد مصر
بلاد النوبة
منية الخصيب
New Page 1568
New Page 1569
New Page 1570
ذكر مدينة الفيوم
أعياد الأقباط والمقريزى
الصحابة الذين غزو مصر
ولايات ومدن وقرى مصر
New Page 1577
New Page 1578
New Page 1579
New Page 1580
النظام الإدارى

Hit Counter

 

 

******************************************************************************

ذكر المؤرخ المسلم المقريزى فى لمواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار البلاد التالية فى الجزء الأول  39 / 167 : وسوف يلاحظ القارئ أن بعض ما كتبه المقريزى فيه شئ من الخرافات لأنه منقول من اقوال وإشاعات وألسنة بعض الناس ويستطيع القارئ العادى الفصل بين أقوال العامة التى سردها المقريزى وبين الحقائق

***************************************************************************************

 

 

 

 بلاد النوبة


قال عبد الله بن أحمد بن سليم الأسوانيّ في كتاب أخبار النوبة‏:‏ والمقرة وعلوة والبجة والنيل وأوّل بلد النوبة قرية تعرف بالقصر من أسوان إليها خمسة أميال وآخر حصن للمسلمين جزيرة تعرف ببلاق بينها وبين قرية النوبة ميل وهو ساحل بلد النوبة ومن أسوان إلى هنا الموضع جنادل كثيرة الحجر لا تسلكها المراكب إلا بالحيلة ودلالة من يخبر بذلك في الصيادين الذين يصيدون هناك لأنّ هذه الجنادل متقطعة وشعاب معترضة في النيل ولانصِبَابه فيها خرير عظيم ودوي يسمع من بعد وبهذه القرية مسلحة وباب إلى بلد النوبة ومنها إلى الجنادل الأولى من بلد النوبة عشر مراحل وهي الناحية التي يتصرف فيها المسلمون ولهم فيما قرب أملاك ويتجرون في أعلاها وفيها جماعة من المسلمين قاطنون لا يفصح أحدهم بالعربية وشجرها كثير وهي ناحية ضيقة شظفة كثيرة الجبال وما تخرج عن النيل وقراها متسطرة على شاطئه وشجرها النخل والمقل وأعلاها أوسع من أدناها وفي أعلاها الكروم والنيل لا يروي مزارعها لارتفاع أرضها وزرعها الفدّان والفدّانان والثلاثة على أعناق البقر بالدواليب والقمح عندهم قليل والشعير أكثر والسلت ويعتقبون الأرض لضيقها فيزرعونها في الصيف بعد تطريتها بالزبل والتراب‏.‏ الدخن والذرة والجاورس والسمسم واللوبيا‏.‏
نجراش مدينة المريس وقلعة ابريم 
وهذه الناحية نجراش مدينة المريس وقلعة ابريم وقلعة أخرى دونها وبها مينا تعرف بأدواء يُنسب إليها لقمان الحكيم وذو النون وبها بربا عجيب ولهذه الناحية والِ من قبل عظيم النوبة يعرف بصاحب الجبل من أجلّ ولاتهم لقربه من أرض الإسلام ومن يخرج إلى بلد النوبة من المسلمين فمعاملته معه في تجارة أو هدية إليه أو إلى مولاه يقبل الجميع ويكافئ عليه بالرقيق ولا يطلق لأحد الصعود إلى مولاه لمسلم ولا لغيره‏.‏
ذكر تشعب النيل من بلاد علوة ومن يسكن عليه من الأمم اعلم أنّ النوبة والمقرة جنسان بلسانين كلاهما على النيل فالنوبة هم‏:‏ المريس المجاورون لأرض الإسلام وبين أوّل بلدهم وبين أسوان خمسة أميال ويقال‏:‏ إنّ سلها جد النوبة ومقري جدّ المقرة من اليمن‏.‏
وقيل‏:‏ النوبة ومقري من حمير وأكثر أهل الأنساب على أنهم جميعًا من ولد حام بن نوح وكان بين النوبة والمقرة حروب قبل النصرانية وأوّل أرض المقرة قرية تعرف بنافة على مرحلة من أسوان ومدينة ملكهم يقال لها‏:‏ نجراش على أقل من عشر مراحل من أسوان ويقال‏:‏ إن موسى صلوات الله عليه غزاهم قبل مبعثه في أيام فرعون فأخرب نافة وكانوا صابئة يعبدون الكواكب وينصبون التماثيل لهم ثم تنصروا جميعًا النوبة والمقرة ومدينة دنقلة وهي دار مملكتهم وأوّل بلاد علوة قرى في الشرق على شاطئ النيل تعرف بالأبواب ولهذه الناحية والٍ من قبل صاحب علوة يعرف بالرحراح‏.‏
والنيل يتشعب من هذه الناحية على سبعة أنهار فمنها نهر يأتي من ناحية المشرق كدر الماء يجف في الصيف حتى يسكن بطنه فإذا كان وقت زيادة النيل نبع فيه الماء وزادت البرك التي فيه وأقبل المطر والسيول في سائر البلد فوقعت الزيادة في النيل وقيل‏:‏ إنّ آخر هذا النهر عين عظيمة تأتي من جبل‏.‏
قال مؤرخ النوبة‏:‏ وحدّثني سيمون صاحب عهد بلد علوة أنه يوجد في بطن هذا النهر حوت لا قشر له ليس هو من جنس ما في النيل يحفر عليه قامة وأكثر حتى يخرج وهو كبير وعليه جنس مولد بين العلوة والبجة يقال لهم‏:‏ الديجيون وجنس يقال لهم‏:‏ بازة يأتي من عندهم طير يعرف بحمام بازين وبعد هؤلاء أوّل بلاد الحبشة ثم النيل الأبيض وهو نهر يأتي من ناحية الغرب شديد البياض مثل اللبن‏.‏
قال‏:‏ وقد رأيت على بعض سقالات الساج المنحوتة التي تأتي فيه وقت الزيادة علامة غريبة ويجتمع هذان النهران الأبيض والأخضر عند مدينة متملك بلد علوة ويبقيان على ألوانهما قريبًا من مرحلة ثم يختلطان بعد ذلك وبينهما أمواج كبار عظيمة بتلاطمهما‏.‏
قال‏:‏ وأخبرني من نقل النيل الأبيض وصبه في النيل الأخضر فبقي فيه مثل اللبن ساعة قبل أن يختلطا وبين هذين النهرين جزيرة لا يعرف لها غاية وكذلك لا يعرف لهذين النهرين نهاية فأوّلهما يعرف عرضه ثم يتسع فيصير مسافة شهر ثم لا تدرك سعتهما لخوف من يسكنهما بعضهم من بعض لأنّ فيهما أجناسًا كثيرة وخلقًا عظيمًا قال‏:‏ وبلغني أنّ بعض متملكي بلد علوة سار فيها يريد أقصاها فلم يأتِ عليه بعد سنين وإنّ في طرفها القبليّ جنسًا يسكنون ودوابهم في بيوت تحت الأرض مثل السراديب بالنهار من شدة حرّ الشمس ويسرحون في الليل وفيهم قوم عراة والأنهار الأربعة الباقية تأتي أيضًا من القبلة مما يلي الشرق أيضًا في وقت واحد ولا يعرف لها نهاية أيضًا وهي دون النهرين الأبيض والأخضر في العرض وكثرة الخلجان والجزائر وجميع الأنهار الأربعة تنصب في الأخضر وكذلك الأوّل الذي قدّمت ذكره ثم يجتمع مع الأبيض وكلها مسكونة عامرة مسلوك فيها بالسفن وغيرها وأحد هذه الأربعة يأتي مرّة من بلاد الحبشة‏.‏
ومن عجائبه‏:‏ أنّ زيادته في أنهار مجتمعة وسائر النواحي والبلدان في مصر وما يليها والصعيد وأسوان وبلد النوبة وعلوة وما وراء ذلك في زمان واحد وأكثر ما وقف عليه من هذه الزيادة أنه ربما وجدت مثلًا بأسوان ولا توجد بقوص ثم تأتي بعد فإذا كثرت الأمطار عندهم واتصلت السيول عُلم أنها سنة ريّ وإذا قصرت الأمطار عُلم أنها سنة ظمأ قال‏:‏ وأما من طرق بلاد الزنج فإنهم أخبروني عن مسيرهم في بحر الصين إلى بلاد الزنج بالريح الشماليّ مُساحلين للجانب الشرقيّ من جزيرة مصر حتى ينتهوا إلى موضع يعرف برأس حفري وهو عندهم آخر جزيرة مصر فينظرون كوكبًا يهتدون به فيقصدون الغرب ثم يعودون إلى البحري ويصير الشمال في وجوههم حتى يأتوا إلى قبيلة من بلاد الزنج وهي مدينة متملكهم وتصير قبلتهم للصلاة إلى جدّة‏.‏
قال‏:‏ وبعض الأنهار الأربعة يأتي من بلاد الزنج لأنه يأتي فيه الخشب الزنجيّ وسوبة مدينة العلوي شرقيّ الجزيرة الكبرى التي بين البحرين الأبيض والأخضر في الطرف الشماليّ منها عند مجتمعهما وشرقيها النهر الذي يجف ويسكن بطنه وفيها أبنية حسان ودور واسعة وكنائس كثيرة الذهب وبساتين ولها رباط فيه جماعة من المسلمين ومتملك علوة أكثر مالًا من متملك المقرة وأعظم جيشًا وعنده من الخيل ما ليس عند المقريّ وبلده أخصب وأوسع والنخل والكرم عندهم يسير وأكثر حبوبهم الذرة البيضاء التي مثل الأرز منها خبزهم ومزرهم واللحم عندهم كثير لكثرة المواشي والمروج الواسعة العظيمة السعة حتى أنه لا يوصل إلى الجبل إلا في أيام وعندهم خيل عتاق وجمال صهب عراب ودينهم النصرانية يعاقبة وأساقفتهم من قبل صاحب الإسكندرية كالنوبة وكتبهم بالرومية يفسرونها بلسانهم وهم أقل فهمًا من النوبة وملكهم يسترق من شاء من رعيته بجرم وبغير جرم ولا ينكرون ذلك عليه بل يسجدون له ولا يعصون أمره على المكروه الواقع بهم وينادون المُلك يعيش فليكن أمره وهو يتتوجّ بالذهب والذهب كثير في بلده‏.‏
قال مؤلفه رحمه الله‏:‏ وقد غلب أولاد كنز الدولة على النوبة وملكوها من سنة وبنى بدنقلة جامع يأوي إليه الغرباء واعلم أن على ضفة النيل أيضًا الكانم وملكها مسلم وبينه وبين بلاد مالي مسافة بعيدة جدًّا وقاعدة ملكه بلدة اسمها حميمي وأوّل مملكته من جهة مصر بلدة اسمها زرلا وآخرها طولًا بلدة يقال لها‏:‏ كاكا وبينهما نحو ثلاثة أشهر وهم يتلثمون وملكهم متحجب لا يُرى إلا يومي العيدين بكرة وعند العصر وطول السنة لا يكلمه أحد إلا من وراء حجاب وغالب عيشهم الأرز وهو ينبت من غير بذر وعندهم القمح والذرة والتين والليمون والباذنجان واللفت والرطب ويتعاملون بقماش ينسج عندهم اسمه‏:‏ دندي طول كل ثوب عشرة أذرع يشترون به من ربع ذراع فأكثر ويتعاملون أيضًا بالودع والخرز والنحاس المكسر والورق وجميع ذلك بسعر ذلك القماش وفي جنوبها شعارى وصحارى فيها أشخاص متوحشة كالفيول قريبة من شكل الآدميّ لا يلحقها الفارس تؤذي الناس

البجـــــــة
 
ويقال إنهم من البربر اعلم أنّ أول بلد البجة من قرية تعرف بالحزبة معدن الزمرّذ في صحراء قوص وبين هذا الموضع وبين قوص نحو من ثلاث مراحل وذكر الجاحظ أنه ليس

في الدنيا معدن للزمرّذ غير هذا الموضع وهو يوجد في مغاير بعيدة مظلمة يدخل إليها بالمصابيح وبحبال يُستدل بها على الرجوع خوف الضلال ويحفر عليه بالمعاول فيوجد في وسط الحجارة وحوله غشيم دونه في الصبغ والجوهر وآخر بلاد البجة أوّل بلاد الحبشة وهم في بطن هذه الجزيرة أعني جزيرة مصر إلى سيف البحر الملح مما يلي جزائر سواكن وباضع ودهلك وهم بادية يتبعون الكلأ حيثما كان الرعي بأخبية من جلود‏.‏
وأنسابهم من جهة النساء ولكل بطن منهم رئيس وليس عليهم متملك ولا لهم دين وهم يورثون ابن البنت وابن الأخت دون ولد الصلب ويقولون‏:‏ إنّ ولادة ابن الأخت وابن البنت أصح فإنه إن كان من زوجها أو من غيره فهو ولدها على كل حال وكان لهم قديمًا رئيس يرجع جميع رؤسائهم إلى حكمه يسكن قرية تعرف‏:‏ بهجر هي أقصى جزيرة البجة ويركبون النجب الصهب وتنتج عندهم وكذلك الجمال العراب كثيرة عندهم أيضًا والمواشي من البقر والغنم والضأن غاية في الكثرة عندهم وبقرهم وحسان ملعمة بقرون عظام ومنها جُم وكباشهم كذلك منمرة ولها ألبان وغذاؤهم اللحم وشرب اللبن وأكلهم للجبن قليل وفيهم من يأكله وأبدانهم صحاح وبطونهم خماص وألوانهم مشرقة الصفرة ولهم سرعة في الجري يباينون بها الناس وكذلك جِمالهم شديدة العدو صبورة عليه وعلى العطش يسابقون عليها الخيل ويقاتلون عليها وتدور بهم كما يشتهون ويقطعون عليها من البلاد ما يتفاوت ذكره ويتطاردون عليها في الحرب فيرمي الواحد منهم الحربة فإن وقعت في الرمية طار إليها الجمل فأخذها صاحبها وإن وقعت في الأرض ضرب الجمل بجرانه الأرض فأخذها صاحبها‏.‏
الحبش
ونبغ منهم في بعض الأوقات رجل يعرف بكلاز شديد مقدام وله جمل ما سمع بمثله في السرعة وكان أعور وصاحبه كذلك التزم لقومه أنه يشرف على مصلى مصر يوم العيد وقد قرب العيد قربًا لا يكون للبلوغ إليها في مثله حقيقة فوفى بذلك وأشرف على المقطم وضربت الخيل خلفه فلم يلحق وهذا هو الذي أوجب أن يكون في السفح طليعة يوم العيد وكان الطولونية وغيرهم‏:‏ من أمراء مصر يوقفون في سفح الجبل المقطم مما يلي الموضع المعروف‏:‏ بالحبش جيشًا كثيفًا مراعيًا للناس حتى ينصرفوا من عيدهم في كل عيد وهم أصحاب ذمّة فإذا غدر أحدهم رفع المغدور به ثوبًا على حربة وقال‏:‏ هذا عرش فلان يعني أبا الغادر فتصير سيئة عليه إلى أن يترضاه وهم يبالغون في الضيافة فإذا طرق أحدهما الضيف ذبح له فإذا تجاوز ثلاثة نفر نحر لهم من أقرب الأنعام إليه سواء كانت له أو لغيره وإن لم يكن شيء نحر راحلة الضيف وعوّضه ما هو خير منها وسلاحهم الحراب السباعية مقدار طول الحديدة ثلاثة أذرع والعود أربعة أذرع وبذلك سميت سباعية والحديدة في عرض السيف لا يخرجونها من أيديهم إلا في بعض الأوقات لأنّ في آخر العود شيئًا شبيهًا بالفلكة يمنع خروجها عن أيديهم وصناع هذه الحراب نساء في موضع لا يختلط بهنّ رجل إلا المشتري منهنّ‏.‏
فإذا ولدت إحداهنّ من الطارقين لهنّ جارية استحيتها وإن ولدت غلامًا قتلته ويقلن‏:‏ إنّ الرجال بلاء وحرب ودرقهم من جلود البقر مشعرة ودرق مقلوبة تعرف باكسومة من جلود الجواميس وكذلك الدهلكية ومن دابة في البحر وقِسيهم عربية كبار غلاظ من السحر والشوحط يرمون عليها بنبل مسموم وهذا السم يعمل من عروق شجر الغلف يطبخ على النار حتى يصير مثل الغرا فإذا أرادوا تجربته شرط أحدهم جسده وسيل الدم ثم شممه هذا السم فإذا تراجع الدم علم أنه جيد ومسح الدم لئلا يرجع إلى جسمه فيقتله فإذا أصاب الإنسان قتل لوقته ولو مثل شرطة الحجام وليس له عمل في غير الجرح والدم وإن شرب منه لم يضرّ وبلدانهم كلها معادن وكلما تصاعدت كانت أجود ذهبًا وأكثر وفيها معادن الفضة والنحاس والحديد والرصاص وحجر المغناطيس والمرقشيتا والحمست والزمرّذ وحجارة شطبا فإذا بُلَّتْ الشطبة منها بزيت وَقَدَت مثل الفتيلة وغير ذلك مما شغلهم طلب معادن الذهب عما سواه‏.‏

التختين الفرعونى للنساء
والبجة لا تتعرّض لعمل شيء من هذه المعادن وفي أوديتهم شجر المقل والإهليلج والإذخر والشيح والسنا والحنظل وشجر البان وغير ذلك وبأقصى بلدهم‏:‏ النخل وشجر الكرم والرياحين وغير ذلك مما لم يزرعه أحد وبها سائر الوحش من السباع والفيلة والنمور والفهود والقردة وعناق الأرض والزباد ودابة تشبه الغزال حسنة المنظر لها قرنان على لون الذهب قليلة البقاء إذا صيدت ومن الطيور‏:‏ الببغاء والنقيط والنوبيّ والقماريّ ودجاج الحبش وحمام بازين وغير ذلك‏.‏
وليس منهم رجل إلا منزوع البيضة اليمنى وأما النساء فمقطوع أشفار فروجهنّ وإنه يلتحم حتى يشق عنه للمتزوّج بمقدار ذكر الرجل ثم قلّ هذا الفعل عندهم وقيل‏:‏ إنّ السبب في ذلك أنّ ملكًا من الملوك حاربهم قديمًا ثم صالحهم وشرط عليهم قطع ثديّ من يولد لهم من النساء وقطع ذكور من يولد من الرجال أراد بذلك قطع النسل منهم فوفوا بالشرط وقلبوا المعنى في أن جعلوا قطع الثديّ للرجال والفروج للنساء وفيهم جنس يقلعون ثناياهم ويقولون‏:‏ لا نتشبه بالحمير وفيهم جنس آخر في آخر بلاد البجة يقال لهم‏:‏ البازة نساء جميعهم يتسمون باسم واحد وكذلك الرجال فطرقهم في وقت رجل مسلم له جمال فدعا بعضهم بعضًا وقالوا‏:‏ هذا الله قد نزل من السماء وهو جالس تحت الشجرة فجعلوا ينظرون إليه من بعد‏.‏
وفي البجة شر وتسرع إليه ولهم في الإسلام وقبله أذية على شرق صعيد مصر خرّبوا هناك قرى عديدة وكانت فراعنة مصر تغزوهم وتوادعهم أحيانًا لحاجتهم إلى المعادن وكذلك الروم لما أن ملكوا مصر ولهم في المعادن آثار مشهورة وكان أصحابهم بها وقد فتحت مصر‏.‏
قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم‏:‏ وتجمع لعبد الله بن سعد بن أبي سرح في انصرافه من النوبة على شاطئ النيل البجة فسأل عن شأنهم فأخبر‏:‏ أن ليس لهم ملك يرجعون إليه فهان عليه أمرهم وتركهم فلم يكن لهم عقد ولا صلح وكان أول من هادنهم عبيد الله بن الحبحاب السلوليّ ويذكر أنه وجد في كتاب ابن الحبحاب لهم ثلثمائة بكر في كل عام حين ينزلون الريف مجتازين تجارًا غير مقيمين على أن لا يقتلوا مسلمًا ولا ذميّاَ فإن قتلاه فلا عهد لهم ولا يؤوا عبيد المسلمين وأن يردوا آبقيهم إذا وقعوا إليهم‏.‏
ويقال‏:‏ إنهم كانوا يؤاخذون بهذا وبكل شاة أخذها البجاوي فعليه أربعة دنانير وللبقرة عشرة وكان وكيلهم مقيمًا بالريف رهينة بيد المسلمين ثم كثر المسلمون في المعدن فخالطوهم وتزوّجوا فيهم وأسلم كثير من الجنس المعروف بالحدارب إسلامًا ضعيفًا وهم شوكة القوم ووجوههم وهم مما يلي مصر من أوّل حدهم إلى العلاقي وعيذاب المعبر منه إلى جدّة

 وقيل‏:‏ البجة قبيلة من الحبش أصحاب أخبية من شعر وألوانهم أشدّ سوادًا من الحبشة يتزيون بزيّ العرب وليس لهم مدن ولا قرى ولا مزارع ومعيشتهم مما ينقل إليهم من أرض الحبشة وأرض مصر والنوبة‏.‏

وكانت البجة تعبد الأصنام ثم أسلموا في إمارة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وفيهم كرم وسماحة وهم قبائل وأفخاذ لكل فخذ رئيس وهم أهل نجعة وطعامهم اللحم واللبن فقط‏.‏

******************************************************************************
 مدينة أسْوَان
 مدينة أسْوَان من قولهم‏:‏ أسى الرجل يأسى أسىً‏:‏ إذا حزن ورجل أسيان وأسوان‏:‏ أي حزين وأسوان في آخر بلاد الصعيد وهي ثغر من ثغور الإقليم يفصل بين النوبة وأرض مصر وكانت كثيرة الحنطة وغيرها من الحبوب والفواكه والخضراوات والبقول وكانت كثيرة الحيوان من الإبل والبقر والغنم ولحمانها هناك غاية في الطيب والسمن وكانت أسعارها أبدًا رخيصة وبها تجارات وبضائع تحمل منها إلى بلاد النوبة ولا يتصل بأسوان من شرقها بلد إسلاميّ وفي جنوبها جبل به معدن الزمرّذ وهو في برّية منقطعة عن العمارة وعلى خمسة عشر يومًا من أسوان معدن الذهب ويتصل بأسوان من غربيها‏:‏ الواحات ويسلك من أسوان إلى عيذاب ويتوصل من عيذاب إلى الحجاز وإلى اليمن والهند‏.‏
قال المسعوديّ‏:‏ ومدينة أسوان يسكنها خلق من العرب من قحطان ونزار بن ربيعة ومضر وخلق كثير من قريش وأكثرهم من الحجاز والبلد كثير النخل خصيب كثير الخير تودع النواة في الأرض فتنبت نخلة ويؤكل من ثمرها بعد سنتين ولمن بأسوان ضياع كثيرة داخلة بأرض النوبة يؤدّون خراجها إلى ملك النوبة وابتيعت هذه الضياع من النوبة في صدر الإسلام في دولة بني وقد كان ملك النوبة استعدى المأمون حين دخل مصر على هؤلاء القوم يوفد وفدهم إلى الفسطاط ذكروا عنه أنّ أناسًا من أهل مملكته وعبيده باعوا ضياعًا من ضياعهم ممن جاورهم من أهل أسوان وأنها ضياعه والقوم عبيد لا أملاك لهم وإنما تملكهم على هذه الضياع تملك العبيد العامرين فيها فجعل المأمون أمرهم إلى الحاكم بمدينة أسوان ومن بها من أهل العلم والشيوخ وعلم من ابتاع هذه الضياع من أهل أسوان أنها ستنزع من أيديهم فاحتالوا على ملك النوبة بأن يقدّموا إلى من ابتيع منهم من النوبة أنهم إذا حضروا حضرة الحاكم أن لا يقرّوا لملكهم بالعبودية وأن يقولوا سبيلنا معاشر النوبة سبيلكم مع ملككم يجب علينا طاعته وترك مخالفته فإن كنتم أنتم عبيدًا لملككم وأموالكم له فنحن كذلك فلما جمع الحاكم بينهم وبين صاحب الملك أتوا بهذا الكلام للحاكم ونحوه مما أوقفوهم عليه من هذا المعنى فمضى البيع لعدم إقرارهم بالرق لملكهم إلى هذا الوقت‏.‏
وتوارث الناس تلك الضياع بأرض النوبة من بلاد مريس وصار النوبة أهل مملكة هذا الملك نوعين من وصفنا أحرار غير عبيد والنوع الآخر من أهل مملكته عبيد وهم من سكن النوبة في غير هذه البلاد المجاورة لأسوان وهي بلاد مريس‏.‏
قال‏:‏ وأما النوبة فافترقت فرقتين فرقة في شرق النيل وغربه فأناخت على شاطئه واتصلت ديارها بديار القبط من أرض صعيد مصر واتسعت مساكن النوبة على شاطئ النيل مصعدة ولحقوا بقريب من أعاليه وبنوا دار مملكة وهي مدينة عظيمة تدعى‏:‏ دنقلة والفرقة الأخرى من النوبة يقال لها‏:‏ علوة وبنوا مدينة عظيمة سموها‏:‏ سرقته والبلد المتصل مملكته بأرض أسوان يعرف بمريس وإليه تضاف الريح المريسية وعمل هذا الملك متصل بأعمال مصر من أرض الصعيد ومدينة أسوان‏.‏

قواعد ورؤوس الأعمدة الرخامية وحجارة الطواحين
قال‏:‏ وفي الجانب الشرقيّ من صعيد مصر جبل رخام عظيم كانت الأوائل تقطع منه العمد وغيرها‏.‏
فأما العمد والقواعد والرؤوس التي يسميها أهل مصر الأسوانية ومنها حجارة الطواحين فتلك نقرها الأوّلون قبل حدوث النصرانية بمئين من السنين ومنها العمد التي بالإسكندرية‏.‏
وقال القاضي الفاضل‏:‏ إنّ متحصل ثغر أسوان في سنة خمس وثمانين وخمسمائة بلغ خمسة وعشرين ألف دينار‏.‏
وقال الكمال جعفر الأدفوي‏:‏ وكان بأسوان ثمانون رسولًا من رسل الشرع وتحصل من أسوان في سنة واحدة ثلاثون ألف أردب تمرًا وأخبرنا من وقف على مكتوب كان فيه أربعون شريفًا خاصة وأنّ مكتوبًا آخر رأى فيه ستين شريفًا دون من عداهم‏.‏
قال‏:‏ ووقفت أنا على مكتوب فيه نحو من أربعين مؤرخ بما بعد العشرين وستمائة من الهجرة‏.‏

******************************************************************************

ذكر المؤرخ المسلم المقريزى فى لمواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار البلاد التالية فى الجزء الأول  40 / 167 : وسوف يلاحظ القارئ أن بعض ما كتبه المقريزى فيه شئ من الخرافات لأنه منقول من اقوال وإشاعات وألسنة بعض الناس ويستطيع القارئ العادى الفصل بين أقوال العامة التى سردها المقريزى وبين الحقائق

***************************************************************************************

بلاق بلاق

أجلّ حصن للمسلمين وهي جزيرة تقرب من الجنادل محيط بها النيل فيها بلد كبير يسكنه خلق كثير من الناس وبها نخل عظيم ومنبر في جامع وإليها تنتهي سفن النوبة وسفن المسلمين من أسوان وبينها وبين القرية التي تعرف بالقصر وهي أوّل بلد النوبة ميل واحد وبينها وبين أسوان أربعة أميال ومن أسوان إلى هذا الموضع جنادل في البحر لا تسلكها المراكب إلا بالحيلة ودلالة من يخبر ذلك من الصيادين الذين يصيدون هناك وبالقصر مسلحة وباب إلى بلد النوبة‏.‏
ذكر حائط العجوز هذا الحائط كان حصنًا لأرض مصر يحدق بجميعها وكان فيه محارس ومسالح ومن ورائه خليج يجري فيه الماء معقود عليه القناطر عملته دلوكة بنت زبا وقد وَهِيَ وتلاشى ولم يبق منه إلا يسير في شط النيل الشرقيّ ينتهي إلى أسوان‏.‏

*****************************************************************************
صحراء عيذاب

ذكر صحراء عيذاب اعلم أنّ حُجاج مصر والمغرب أقاموا زيادة على مائتي سنة لا يتوجهون إلى مكة شرّفها الله تعالى إلا من صحراء عيذاب يركبون النيل من ساحل مدينة مصر الفسطاط إلى قوص ثم يركبون الإبل من قوص ويعبرون هذه الصحراء إلى عيذاب ثم يركبون البحر في الجلاب إلى جدّة ساحل مكة وكذلك تجار الهند واليمن والحبشة يردون في البحر إلى عيذاب ثم يسلكون هذه الصحراء إلى قوص ومنها يردون مدينة مصر فكانت هذه الصحراء لا تزال عامرة آهلة بما يصدر أو يرد من قوافل التجار والحجاج حتى إن كانت أحمال البهار كالقرفة والفلفل ونحو ذلك لتوجد ملقاة بها والقفول صاعدة وهابطة لا يعترض لها أحد إلى أن يأخذها صاحبها‏.‏

فلم تزل مسلكًا للحجاج في ذهابهم وإيابهم زيادة على مائتي سنة من أعوام بضع وخمسين وأربعمائة إلى أعوام بضع وستين وستمائة وذلك منذ كانت الشدّة العظمى في أيام الخليفة المستنصر بالله أبي تميم معدّ بن الظاهر وانقطاع الحج في البرّ إلى أن كسا السلطان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري الكعبة وعمل لها مفتاحًا ثم أخرج قافلة الحاج من البرّ في سنة ست وستين وستمائة فقلّ سلوك الحجاج لهذه الصحراء واستمرّت بضائع التجار تحمل من عيذاب إلى قوص حتى بطل ذلك بعد سنة ستين وسبعمائة وتلاشى أمر قوص من حينئذٍ وهذه الصحراء مسافتها من قوص إلى عيذاب سبعة عشر يومًا ويفقد فيها الماء ثلاثة أيام متوالية وتارة يفقد أربعة أيام وعيذاب مدينة على ساحل بحر جدة وهي غير مسوّرة وأكثر بيوتها أخصاص وكانت من أعظم مراسي الدنيا بسبب أنّ مراكب الهند واليمن تحط فيها البضائع وتقلع منها مع مراكب الحجاج الصادرة والواردة فلما انقطع ورود مراكب الهند واليمن إليها صارت المرسى العظيمة عدن من بلاد اليمن إلى أن كانت أعوام بضع وعشرين وثمانمائة فصارت جدّة أعظم مراسي الدنيا وكذلك هرمز فإنها مرسى جليل وعيذاب في صحراء لا نبات فيها وكل ما يؤكل بها مجلوب إليها حتى الماء وكان لأهلها من الحجاج والتجار فوائد لا تحصى وكان لهم على كل حمل يحملونه للحجاج ضريبة مقرّرة وكانوا يكارون الحجاج الجلاب التي تحملهم في البحر إلى جدّة ومن جدّة إلى عيذاب فيجتمع لهم من ذلك مال عظيم ولم يكن في أهل عيذاب إلا من له جلبة فأكثر على قدر يساره‏.‏

وفي بحر عيذاب مغاص اللؤلؤ في جزائر قريبة منها تخرج إليها الغوّاصون في وقت معين من كل سنة في الزوارق حتى يوافوه بتلك الجزائر فيقيمون هنالك أيامًا ثم يعودون بما قسم لهم من الحظ والمغاص فيها قريب القعر وعيش أهل عيذاب عيش البهائم وهم أقرب إلى الوحش في أخلافهم من الإنس وكان الحجاج‏:‏ يجدون في ركوبهم الجلاب على البحر أهوالًا عظيمة لأنّ الرياح تلقيهم في الغالب بمراسي في صحارى بعيدة مما يلي الجنوب فينزل إليهم التجار من جبالهم فيكارونهم الجمال ويسلكون بهم على غير ماء فربما هلك أكثرهم عطشًا وأخذ التجار ما كان معهم ومنهم من يضلّ ويهلك عطشًا والذي يسلم منهم يدخل إلى عيذاب كأنه نشر من كفن قد استحالت هيئاتهم وتغيرت صفاتهم وأكثر هلاك الحجاج بهذه المراسي ومنهم من يساعده الريح فتحطه بمرسى عيذاب وهو الأقل وجلباتهم التي تحمل الحجاج في البحر لا يستعمل فيها مسمار البتة إنما يخيط خشبها بالقنبار وهو متخذ من شجر النارجيل ويخللونها بدسر من عيدان ابنخل ثم يسقونها بسمن أو دهن الخروع أو دهن القرش وهو حوت عظيم في البحر يبتلع الغرقى وقلاع هذه الجلاب من خوص شجر المقل‏.‏

ولأهل عيذاب في الحجاج أحكام الطواغيت فإنهم يبالغون في شحن الجلبة بالناس حتى يبقى بعضهم فوق بعض حرصًا على الأجرة ولا يبالون بما يصيب الناس في البحر بل يقولون دائمًا علينا بالألواح وعلى الحجاج بالأرواح وأهل عيذاب من البجاة‏.‏

ولهم ملك منهم وبها والِ من قبل سلطان مصر وأدركت قاضيها عندنا بالقاهرة أسود اللون والبجاة قوم لا دين لهم ولا عقل ورجالهم ونساؤهم أبدًا عراة وعلى عوراتهم خرق وكثير ذكر مدينة الأقصر هذه المدينة من مدائن الصعيد العظيمة يقال‏:‏ إنّ أهلها المريس ومنها‏:‏ الحمير المريسية‏.‏

***************************************************************************

البلينا

ذكر البلينا هذه وذكر الكمال الأدفويّ‏:‏ أنه وقع بين أهل البلاد ووالي قوص فتوجهوا إلى القاهرة وصرفوه وولي غيره وطلع الخطيب بالبلينا صحبته وكان إقطاعه أرمنت فلما وصل إليها أضافه أهلها بستين منسفًا من طعام اللبن فقال للخطيب‏:‏ في بلادكم مثل هذا‏.‏

*************************************************************************************

أخميم
فقال الخطيب‏:‏ وحلوى فلما وصل إلى أخميم تقدّم الخطيب إلى البلينا فعندما وصل الوالي إليها أخرجوا له ستين منسفًا حلوى وستين منسفًا شواء قال‏:‏ وبعض الحكام بها في عيد من الأعياد امتدحه من أهلها خمسة وعشرون شاعرًا وفيها من لا يرضى بمدح القاضي وفيها من تقصر رتبته عن ذلك قال‏:‏ وكان عدّة مسابك للسكر ويوصف أهلها بالمكارم‏.‏
***************************************************************************

سمهود
ذكر سمهود هذه المدينة بالجانب الغربيّ من النيل قال الأدفوي‏:‏ كان بسمهود سبعة عشر حجرًا لاعتصار قصب السكر‏.‏
ويقال‏:‏ إنّ الفار لا يدخل قصبها‏.‏
*****************************************************************************
أبويط
ذكر أبويط هذه المدينة أيضًا من جملة البهنساوية كان بها منارة محكمة البناء إذا هزها الرجل تحرّكت يمينًا وشمالًا فيرى ميلها رؤية ظاهرة بانتقال ظلها عن موضعه‏.‏
*****************************************************************************

ملوى
ذكر ملوى هذه المدينة بالجانب الغربيّ من النيل وأرضها معروفة بزراعة قصب السكر وكان بها عدة أحجار لاعتصاره وآخر من كان بها أولاد فضيل بلغت زراعتهم في أيام الناصر محمد بن قلاون ألفًا وخمسمائة فدّان من القصب في كل سنة فأوقع النشو ناظر الخاص الحوطة على موجودهم في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة فوجد من جملة مالهم أربعة عشر ألف قنطار من القند حملها إلى دار القند بمصر سوى العسل وألزمهم بحمل ثمانية آلاف قنطار بعد ذلك وأفرج عنهم فوجدوا لهم حاصلًا لم يهتدِ له النشو فيه عشرة آلاف قنطار قند سوى مالهم من عبيد وغلال وغير ذلك‏.‏
*****************************************************************************

أنصِنا
ذكر مدينة أنصِنا اعلم أن مدينة أنصنا إحدى مدائن صعيد مصر القديمة وفيها عدّة عجائب منها الملعب ويقال‏:‏ إنه كان مقياس النيل وإنه من بناء دلوكة أحد من ملك مصر وكان كالطيلسان وفي دائرة عُمد على عدّة أيام السنة الشمسية كلها من الصوّان الأحمر الماتع ومسافة ما بين كل عمودين مقدار خطوة إنسان وكان ماء النيل يدخل إلى هذا الملعب من فوهة عند زيادة الماء فإذا بلغ ماء النيل الحدّ الذي كان إذ ذاك يحصل منه ريّ أرض مصر وكفايتها جلس الملك عند ذلك في مشرف له وصعد القوم من خواصه إلى رؤوس الأعمدة المذكورة فيتعادون عليها ما بين ذاهب وآت ويتساقطون من الأعمدة إلى الملعب وهو ممتلئ بالماء‏.‏
قال أبو عبيد البكريّ‏:‏ أنصنا بفتح أوّله وإسكان ثانيه بعده صاد مهملة مكسورة ونون وألف كورة من كور مصر معروفة منها‏:‏ كانت سريّة النبيّ صلى الله عليه وسلم أمّ ابنه إبراهيم من قرية يقال لها حفن من قرى هذه الكورة ويقال‏:‏ إن سحرة فرعون كانوا منها وإنه جلبهم منها يوم الموعد للقاء موسى عليه السلام‏.‏
ويقال‏:‏ إنّ التمساح لا يضرّ بساحل أنصنا لطلاسم وضعت بها وإنه إذا حاذى برّها انقلب على ظهره حتى يجاوزها ويقال‏:‏ إنّ الذي بنى مدينة أنصنا أشمون بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح وهي واقعة في شرفيّ النيل وكانت حسنة البساتين والمنتزهات كثيرة الثمار والفواكه وهي الآن خراب‏.‏
وقال أبو حنيفة الدينوريّ‏:‏ ولا ينبت البنج إلا بأنصنا وهو عود ينشر منه ألواح للسفن وربما أرعفت ناشرها ويباع اللوح منها بخمسين دينارًا ونحوها وإذا شدّ لوح منها بلوح وطرح في الماء ستة أيام صارا لوحًا واحدًا وكان لأنصنا سُور عتيق هدمه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وجعل على كل مركب منحدر في النيل جزأ من حمل صخره إلى القاهرة فنقل بأسره إليها‏.‏
ذكر القيس اعلم أن القيس من البلاد التي تجاور مدينة البهنسا وكان يقال‏:‏ القيس والبهنسا‏.‏
قال ابن عبد الحكم‏:‏ بعث عمرو بن العاص قيس بن الحارث إلى الصعيد فسار حتى أتى القيس فنزل بها فسميت به‏.‏
وفال ابن يونس‏:‏ قيس بن الحارث المراديّ ثم الكعبيّ شهد فتح مصر يروي عن عمر بن الخطاب وكان يفتي الناس في زمانه روى عنه سويد بن قيس وقيل‏:‏ شديد بن قيس بن ثعلبة وروى عنه عسكر بن سوادة وهو الذي فتح القرية بصعيد مصر المعروفة بالقيس فنسبت إليه‏.‏

***************************************************************************
البهنسا
وقال ابن الكنديّ‏:‏ ولهم ثياب الصوف وأكسية المرعز وليس هي بالدنيا إلا بمصر وذكر بعض أهل مصر‏:‏ أنّ معاوية بن أبي سفيان لما كبر كان لا يدفأ فاجتمعوا أنه لا يدفيه إلا الأكسية نُعمل بمصر من صوفها المرعز العسليّ العين المصبوغ فعمل له منها عدد فما احتاج منها إلا إلى واحد ولهم طراز القيس و في الستور والمضارب يعرفون به ومنه طراز أهل الدنيا‏.‏

وظهر بها بالقرب من البهنسا سرب في أيام السلطان الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب فأمر متولي البهنساوية بكشفه فجمع له أهل المعرفة بالعوم والغطس فكانوا ما ينيف على مائتي رجل ما فيهم إلا من نزل السرب فلم يجد له قرارًا ولا جوانب فأمر بعمل مركب طويل رقيق بحيث يمكن إدخاله من رأس السرب وشحنه بالأزراد والرجال وركب فيه حبالًا مربوطة في خوازيق عند رأس السرب وحمل مع الرجال آلات يعرفون بها أوقات الليل والنهار وعدة شموع وغيرها مما تستخرج به النار وتشعل به وأمرهم أن يسلكوا بالمركب في السرب حتى ينفد نصف ما معهم من الزاد فساروا بالمركب في ظلمة وهم يرخون الحبال ولا يجدون لما هم سائرون فيه من الماء جوانب فما زالوا حتى قلت أزوادهم فأبطلوا حركة المركب بالمجاذيف إلى داخل السرب وجرّوا الحبال ليرجعوا إلى حيث دخلوا حتى انتهوا إلى رأس السرب فكانت مدة غيبتهم في السرب ستة أيام أربعة منها دخولًا إلى جوفه وتطواف جوانبه ويومان رجوعًا إلى رأس السرب ولم يقفوا في هذه المدة على نهاية السرب فكتب بذلك الأمير علاء الدين الطنبغا والي البهنسا إلى الملك الكامل فتعجب عجبًا كثيرًا واشتغل عن ذلك بمحاربة الفرنج على دمياط فلما رحلوا عن دمياط وعادوا إلى القاهرة خرج بعد ذلك حتى شاهد السرب المذكور‏.‏

****************************************************************************
أنصِنا
اعلم أن‏:‏ أنصِنا وهي‏:‏ بفتح الدال المهملة وضم الراء وسكون الواو وطاء اسم لثلاث قرى‏:‏ دروط أشموم من الأشمونين ودروط سريان من الأشمونين أيضًا ودروط بلهاسة من ناحية البهنسا بالصعيد وبها جامع أنشأه زياد بن المغيرة بن زياد بن عمرو العتكيّ ومات في المحرّم سنة إحدى وتسعين ومائة فدفن به وقال فيه الشاعر‏:‏ حلف الجود حلفه برّ فيها ما برا الله واحدًا كزياد كان غيثًا لمصر إذ كان حيًا وأمانًا من السنين الشداد ومات أخوه إبراهيم بن المغيرة سنة سبع وتسعين ومائة فقال الشاعر فيه‏:‏ ابن المغيرة إبراهيم من ذهب يزداد حسنًا على طول الدهارير لو كان يملك ما في الأرض عجله إلى العفاة ولم يهمم بتأخير ومات أحمد بن زياد بن المغيرة في المحرّم سنة ست وثلاثين ومائتين فقال الشاعر فيه‏:‏ أحمد مات ماجدًا مفقودًا ولقد كان أحمد محمودا ورث المجد عن أب ثم عمٍّ مثله ليس بعده موجودا هي من الأطفيحية تجاهها وادٍ به إلى وقتنا هذا شكل جمل من الحجر كأكبر ما يُرى من الجمال وأحسنها هيئة وهو قائم على أربعة وقد استقبل بوجهه المشرق وعلى فخذه الأيمن كتابة بقلمهم وهي أحرف مقطعة في ثلاثة أسطر ثم على نحو مائة وخمسين خطوة منه جمل آخر مثله سواء ووجهه إلى وجه الجمل الأوّل وليس عليه كتابة وفيما بين الجملين المذكورين هيئة أعدال قد مُلئت قماشًا عدّتها أربعون زكيبة موضوعة بالأرض عشرين تجاه عشرين وجميعها من حجارة ولا يشك من رآها أنها أحمال قماش وبعد مائة وخمسين خطوة منها جمل ثالث على هيئة الجملين المذكورين وهو أيضًا قائم وظهره إلى ظهر الجمل الثاني ووجهه إلى الجبل وهناك آخر الوادي وليس على هذا الجمل أيضًا كتابة أخبرني بذلك من لا اتهم روايته‏.‏
 

ى


 

****************************************************************************

 

 

======================================================================

 

 

 

 

 

Home | وصف ألأسكندرية | New Page 1563 | New Page 1564 | بلاد صعيد مصر | بلاد النوبة | منية الخصيب | New Page 1568 | New Page 1569 | New Page 1570 | ذكر مدينة الفيوم | أعياد الأقباط والمقريزى | الصحابة الذين غزو مصر | ولايات ومدن وقرى مصر | New Page 1577 | New Page 1578 | New Page 1579 | New Page 1580 | النظام الإدارى

This site was last updated 03/25/07