Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

م

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
وصف ألأسكندرية
New Page 1563
New Page 1564
بلاد صعيد مصر
بلاد النوبة
منية الخصيب
New Page 1568
New Page 1569
New Page 1570
ذكر مدينة الفيوم
أعياد الأقباط والمقريزى
الصحابة الذين غزو مصر
ولايات ومدن وقرى مصر
New Page 1577
New Page 1578
New Page 1579
New Page 1580
النظام الإدارى

Hit Counter

 

 *****************************************************************************

الجزء التالى منقول من كتاب  كتاب الخطط للمقريزى - المسماة بالمواعظ  والإعتبار يذكر الخطط والآثار يختص ذلك بأخبار أقليم مصر والنيل وذكر القاهرة وما يتعلق بها وبأقليمها تأليف سيدنا الشيخ الإمام علامة الأنام / تقى الدين أحمد بن على بن عبد القادر بن المحمد المعروف بالمقريزى = مكتبة ألاداب 42 ميدان الأوبرا القاهرة  -   الجزء الأول   43 / 167  ,, وفيه يصف امدن مصر وقراها لتى كانت موجودة وهدمت وقد نقلناها كما هى بالحرف منفعة للقارئ العادى وبالأخص القارئ الباحث

**************************************************************************

الفرماء

  مدينة الفرماء قال البكريّ الفرماء بفتح أوّله وثانيه ممدود على وزن فعلاء وقد يقصر مدينة تلقاء مصر‏.‏

وقال ابن خالويه في كتاب ليس الفرما‏:‏ هذه سُميت بأخي الإسكندر كان يسمى‏:‏ الفرما وكان كافرًا وهي قرية أم إسماعيل بن إبراهيم انتهى‏.‏
ويقال‏:‏ اسمه الفرما بن فيلقوس ويقال فيه‏:‏ ابن فليس ويقال‏:‏ بليس وكانت الفرما على شط بحيرة تنيس وكانت مدينة خصباء وبها قبر جالينوس الحكيم وبنى بها المتوكل على الله حصنًا على البحر تولى بناءه عنبسة بن إسحاق أمير مصر في سنة تسع وثلاثين ومائتين عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس وأنفق فيها مالًا عظيمًا ولما فتح عمرو بن العاص عين شمس أنفذ إلى الفرماء أبرهة بن الصباح فصالحه أهلها على خمسمائة دينار هرقلية وأربعمائة ناقة وألف رأس من الغنم فرحل عنهم إلى البقارة‏.‏
وفي سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة نزل الروم عليها فنفر الناس إليهم وقتلوا منهم رجلين ثم نزلوا في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وثلثمائة فخرج إليهم المسلمون وأخذوا منهم مركبًا وقتلوا من فيه وأسروا عشرة‏.‏
وقال اليعقوبيّ‏:‏ الفرما أوّل مدن مصر من جهة الشمال وبها أخلاط من الناس وبينها وبين البحر الأخضر ثلاثة أميال‏.‏
وقال ابن الكنديّ‏:‏ ومنها الفرما وهي أكثر عجائب وأقدم آثارًا ويذكر أهل مصر‏:‏ أنه كان منها طريق إلى جزيرة قبرس في البرّ فغلب عليها البحر ويقولون‏:‏ إنه كان فيما غلب عليه البحر وقال يحيى بن عثمان‏:‏ كنت أرابط في الفرما وكان بينها وبين البحر قريب من يوم يخرج الناس والمرابطون في أخصاص على الساحل ثم علا البحر على ذلك كله‏.‏
وقال ابن قديد‏:‏ وجَّه ابن المدبر وكان بتنيس إلى الفرما في هدم أبواب من حجارة شرقيّ الحصن احتاج أن يعمل منها جيرًا فلما قلع منها حجر أو حجران خرج أهل الفرما بالسلاح فمنعوا من قلعها وقالوا‏:‏ هذه الأبواب التي قال الله فيها على لسان يعقوب عليه السلام‏:‏ ‏"‏ يا بني لا تدخلوا من باب واحد ادخلوا من أبواب متفرّقة ‏"‏ يوسف 67 والفرما بها النخل العجيب الذي يثمر حين ينقطع البسر والرطب من سائر الدنيا يبتدئ هذا الرطب من حين يلد النخل في الكوانين فلا ينقطع أربعة أشهر حتى يجيء البلح في الربيع وهذا لا يوجد في بلد من البلدان لا بالبصرة ولا بالحجاز ولا باليمن ولا بغيرها من البلدان ويكون في هذا البسر ما وزن البسرة الواحدة فوق العشرين درهمًا وفيه ما طول البسرة نحو الشبر والفتر‏.‏
وقال ابن الكنديّ‏:‏ وبها مجمع البحرين وهو البرزخ الذي ذكره الله عزّ وجل فقال‏:‏ ‏"‏ مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان ‏"‏ الرحمن وقال‏:‏ وجعل بين البحرين حاجزًا وهما بحر الروم وبحر الصين والحاجز بينهما مسيرة ليلة ما بين القلزم والفرما وليس يتقاربان في بلد من البلدان أقرب منهما بهذا الموضع وبينهما في السفر مسيرة شهور‏.‏

*****************************************************************************************

 مدينة القلزم
 مدينة القلزم القُلزم‏:‏ بضم القاف وسكون اللام وضم الزاي وميم بلدة كانت على ساحل بحر اليمن في أقصاه من جهة مصر وهي كورة من كور مصر وإليها ينسب بحر القلزم وبالقرب منها غرق فرعون وبينها وبين مدينة مصر ثلاثة أيام وقد خربت ويعرف اليوم موضعها بالسويس تجاه عجرود ولم يكن بالقلزم ماء ولا شجر ولا زرع وإنما يحمل الماء إليها من آبار بعيدة وكان بها فرضة مصر والشام ومنها تحمل الحمولات إلى الحجاز واليمن ولم يكن بين القلزم وفاران قرية ولا مدينة وهي نخل يسير فيه صيادو السمك وكذلك من فاران وجيلان إلى أيلة‏.‏
قال ابن الطوير‏:‏ والبلد المعروف بالقلزم أكثرها باق إلى اليوم ويراها الراكب السائر من مصر إلى الحجاز وكانت في القديم ساحلًا من سواحل الديار المصرية ورأيت شيئًا من حسابه من جهة مستخدميه في حواصل القصر وما ينفق على واليه وقاضيه وداعيه وخطيبه والأجناد المركزين به لحفظه وقربه وجامعه ومساجده وكان مسكونًا مأهولًا‏.‏
قال المُسَبحي في حوادث سنة سبع وثمانين وثلثمائة وفي شهر رمضان‏:‏ سامح أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أهل مدينة القلزم مما كان يُؤخذ من مكوس المراكب‏.‏
وقال ابن خرداذبة عن التجار فيركبون في البحر الغربيّ ويخرجون بالفرماء ويحملون تجاراتهم على الظهر إلى القلزم وبينهما خمسة وعشرون فرسخًا ثم يركبون البحر الشرقيّ من القلزم إلى تجار جدّة ثم يمضون إلى السند والهند والصين ومن القلزم ينزل الناس في بريّة وصحراء ست مراحل إلى أيلة ويتزوّدون من الماء لهذه المراحل الست ويقال‏:‏ إنّ بين القلزم وبحر الروم ثلاث مراحل وإنّ ما بينهما هو البرزخ الذي ذكره تعالى بقوله‏:‏ ‏"‏ بينهما برزخ لا يبغيان ‏"‏ الرحمن 20‏.‏
ذكر التيه هو أرض بالقرب من أيلة بينهما عقبة لا يكاد الراكب يصعدها لصعوبتها إلا أنها مهدت في زمان خمارويه بن أحمد بن طولون ويسير الراكب مرحلتين في محض التيه هذا حتى يوافي ساحل بحر فاران حيث كانت مدينة قاران وهناك غرق فرعون والتيه مقدار أربعين فرسخًا في مثلها وفيه تَاه بنو إسرائيل أربعين سنة لم يدخلوا مدينة ولا أووا إلى بيت ولا بدّلوا ثوبًا وفيه مات موسى عليه السلام‏.‏
*******************************************************************************
 مدينة دمياط
 مدينة دمياط اعلم أنّ دمياط‏:‏ كورة من كور أرض مصر بينها وبين تنيس اثنا عشر فرسخًا ويقال‏:‏ سُميت بدمياط من ولد أشمن بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام‏.‏
ويقال‏:‏ إنّ إدريس عليه السلام كان أوّل ما أنزل عليه ذو القوّة والجبروت أنا الله مدين المدائن الفلك بأمري وصنعي أجمع بين العذب والملح والنار والثلج وذلك بقدرتي ومكنون علمي الدال والميم والألف والطاء قيل هم‏:‏ بالسريان دمياط فتكون دمياط كلمة سريانية أصلها دمط أي‏:‏ القدرة إشارة إلى مجمع العذب والملح‏.‏
وقال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه‏:‏ دمياط بلد قديم بني في زمن قليمون بن اتريب بن قبطيم بن مصرايم على اسم غلام كانت أمّه ساحرة لقليمون‏.‏


وبدمياط حيث كانت المدينة التي هدمت جامع من أجلّ مساجد المسلمين تسمية العامّة مسجد فتح وهو المسجد الذي أسسه المسلمون عند فتح دمياط‏.‏

أول ما فتح الله أرض مصر على يد عمرو بن العاص وعلى بابه مكتوب بالقلم الكوفيّ أنه عمر بعد سنة خمسمائة من الهجرة وفيه عدة من عمد الرخام منها ما يعز وجود مثله وإنما عرف بجامع فتح لنزول شخص يقال له‏:‏ فاتح به فقالت العامّة‏:‏ جامع فتح‏.‏

وإنما هو‏:‏ فاتح بن عثمان الأسمر التكروريّ قدم من مراكش إلى دمياط على قدم التجريد وسقى بها الماء في الأسواق احتسابًا من غير أن يتناول من أحد شيئًا ونزل في ظاهر الثغر ولزم الصلاة مع الجماعة وترك الناس جميعًا ثم أقام بناحية تونة من بحيرة تنيس وهي خراب نحو سبع سنين ورمّ مسجدها ثم انتقل من تونة إلى جامع دمياط وأقام في وكر بأسفل المنارة من غير أن يخالط أحدًا إلا إذا أقيمت الصلاة خرج وصلى فإذا سلم الإمام عاد إلى وكره فإن عارضه أحد بحديث كلَّمه وهو قائم بعد انصرافه من الصلاة وكانت حاله أبدًا اتصالًا في انفصال وقربًا في ابتعاد وأنسًا في نفار وحج فكان يفارق أصحابه عند الرحيل فلا يرونه إلا وقت النزول ويكون سيره منفردًا عنهم لا يكلم أحدًا إلى أن عاد إلى دمياط فأخذ في ترميم الجامع وتنظيفه بنفسه حتى نقي ما كان فيه من الوطواط بسقوفه وساق الماء إلى صهاريجه وبلط صحنه وسبك سطحه بالجبس وأقام فيه‏.‏

وكان قبل ذلك من حين خربت دمياط لا يفتح إلا في يوم الجمعة فقط فرتب فيه إمامًا راتبًا يصلي الخمس وسكن في بيت الخطابة وواظب على إقامة الأوراد به وجعل فيه قرّاء يتلون القرآن بكرة وأصيلًا وقرّر فيه رجلًا يقرأ ميعادًا يذكر الناس ويعلمهم وكان يقول‏:‏ لو علمت بدمياط مكانًا أفضل من الجامع لأقمت به ولو علمت في الأرض بلدًا يكون فيه الفقير أخمل من دمياط لرحلت إليه وأقمت به وكان إذا ورد عليه أحد من الفقراء ولا يجد ما يطعمه باع من لباسه ما يضيفه به وكان يبيت ويصبح وليس له معلوم ولا ما يقع عليه العين أو تسمعه الأذن وكان يؤثر في السرّ الفقراء والأرامل ولا يسأل أحدًا شيئًا ولا يقبل غالبًا وإذا قبل ما يفتح الله عليه آثر به وكان يبذل جهده في كتم حاله والله تعالى يظهر خيره وبركته من غير قصد منه لذلك وعرفت له عدّة كرامات وكان سلوكه على طريق السلف من التمسك بالكتاب والسنة والنفور عن الفتنة وترك الدعاوي واطراحها وستر حاله والتحفظ في أقواله وأفعاله وكان لا يرافق أحدًا في الليل ولا يعلم أحد يوم صومه من يوم فطره ويجعل دائمًا قول إن شاء اللّه تعالى مكان قول غيره والله‏.‏

ثم إنّ الشيخ عبد العزيز الدميريّ أشار عليه بالنكاح وقال له‏:‏ النكاح من السنة فتزوّج في آخر عمره بامرأتين ولم يدخل على واحدة منهما نهارًا البتة ولا أكل عندهما ولا شرب قط وكان ليله ظرفًا للعبادة لكنه يأتي إليهما أحيانًا وينقطع أحيانًا لاستغراق زمنه كله في القيام بوظائف العبادات وإيثار الخلوة وكان خواص خدمه لا يعلمون بصومه من فطره وإنما يحمل إليه ما يأكل ويوضع عنه بالخلوة فلا يرى قط آكلًا وكان يحب الفقر ويؤثر حال المسكنة ويتطارح على الخمول والجفا ويتواضع مع الفقراء ويتعاظم على العظماء والأغنياء وكان يقرأ في المصحف ويطالع الكتب ولم يره أحد يخط بيده شيئًا وكانت تلاوته للقرآن بخشوع وتدبر ولم يعمل له سجادة قط ولا أخذ على أحد عهدًا ولا لبس طاقية ولا قال أنا شيخ ولا أنا فقير ومتى قال في كلامه‏:‏ إنا تفطَّن لما وقع فيه واستعاذ بالله من قول أنا ولا حضر قط سماعًا ولا أنكر على من يحضره وكان سلوكه صلاحًا من غير إصلاح ويبالغ في الترفع على أبناء الدنيا ويترامى على الفقراء ويقدّم لهم الأكل ولم يقدّم لغني أكلًا البتة وإذا اجتمع عنده الناس قدّم الفقير على الغني وإذا مضى الفقير من عنده سار معه وشيعه عدة خطوات وهو حافٍ بغير نعل ووقف على قدميه ينظره حتى يتوارى عنه ومن كان من الفقراء يُشار إليه بمشيخة جلس بين يديه بأدب مع إمامته وتقدّمه في الطريق ويقول‏:‏ ما أقول لأحد افعل أو لا تفعل من أراد السلوك يكفيه أن ينظر إلى أفعاله فإن من لم يتسلك بنظره لا يتسلك بسمعه‏.‏

وقال له شخص من خواصه‏:‏ يا سيدي ادع الله لنا أن يفتح علينا فنحن فقراء فقال‏:‏ إن أردتم فتح الله فلا تبقوا في البيت شيئًا ثم اطلبوا فتح الله بعد ذلك فقد جاء لا تسأل الله ولك خاتم من حديد ومن كلامه‏:‏ الفقير بحال البكر إذا سأل زالت بكارته وسأله بعض خواصه‏:‏ أن يدعو له بسعة وشكا له الضيق فقال‏:‏ أنا ما أدعو لك بسعة بل أطلب لك الأفضل والأكمل‏.‏

وكان مع اشتغاله بالعبادة واستغراق أوقاته فيها لا يغفل عن صاحبه ولا ينسى حاجته حتى يقضيها ويلازم الوفاء لأصحابه ويحسن معاشرتهم ويعرف أحوال الناس على طبقاتهم ويعظم العلم ويكرم الأيتام ويشفق على الضعفاء والأرامل ويبذل شفاعته في قضاء حوائج الخاص والعام من غير أن يملّ ولا يتبرّم بكثرة ذلك ويكثر من الإيثار في السرّ ولا يمسك لنفسه شيئًا ويستقلّ ما منه مع كثرة إحسانه ويستكثر ما يلغ إليه وإن كان يسيرًا ويكافئ عليه بأحسن منه ولم يصحب قط أميرًا ولا وزيرًا بل كان في سلوكه طريقه يرفع في تواضع ويعزز مع مسكنة وقرب في ابتعاد واتصال في انفصال وزهد في الدنيا وأهلها وكان أكبر من خبره ومن دعائه لنفسه ولمن يسأل له الدعاء‏:‏ اللهم بَعّدنا عن الدنيا وأهلها وبعِّدها عنا وما زال على ذلك إلى أن مات آخر ليلة أسفر صباحها عن الثامن من شهر ربيع الآخر سنة خمس وتسعين وستمائة وترك ولدين ليس لهما قوت ليلة وعليه مبلغ الذي درهم دينًا ودفن بجوار الجامع وقبره يُزار إلى يومنا هذا‏.‏
*******************************************************************************

 شطا وكسوة الكعبة

شطا‏:‏ مدينة عند تنيس ودمياط وإليها تنسب الثياب الشطوية ويقال‏:‏ إنها عرفت بشطا بن الهاموك وكان أبوه خال المقوقس وكان على دمياط فلما فتح الله الحصن على يد عمرو بن العاص واستولى على أرض مصر جهز بعثًا لفتح دمياط فنازلوها إلى أن ملكوا سور المدينة فخرج شطا في ألفين من أصحابه ولحق بالمسلمين وقد كان قبل ذلك يحب الخير ويميل إلى ما يسمعه من سيرة أهل الإسلام‏.‏
ولما ملك المسلمون دمياط امتنع عليهم صاحب تنيس فخرج شطا إلى البرلس والدميرة وأشموم طناح يستنجد فجمع الناس لقتال أهل تنيس وسار بهم من كان بدمياط من المسلمين ومن قدم مددًا من عند عمرو بن العاص إلى قتال أهل تنيس فالتقى الفريقان وأبلى شطا منهم بلاءً حسنًا وقتل من أبطال تنيس اثني عشر رجلًا واستشهد في ليلة الجمعة النصف من شعبان سنة إحدى وعشرين من الهجرة فقبر حيث هو الآن خارج مياط وبني على قبره وصار الناس يجتمعون هناك في ليلة النصف من شعبان كل عام ويغدون للحضور من القرى وهم على ذلك إلى يومنا هذا وكانت تعمل كسوة الكعبة بشطا‏.‏
قال الفاكهي‏:‏ ورأيت فيها كُسوة من كِسا أمير المؤمنين هارون الرشيد من قباطيّ مصر مكتوبًا عليها‏:‏ بسم الله بركة من الله لعبد الله هارون أمير المؤمنين أطال الله بقاءه مما أمر الفضل بن الربيع مولى أمير المؤمنين بصنعته في طراز شطا كسوة الكعبة سنة إحدى وتسعين ومائة‏.‏
*******************************************************************************
برزخ ‏دمياط‏

ومن المواضع المشهورة بدمياط‏:‏ البرزخ‏:‏ وهو مسجد بحيرة دمياط تسميه العامّة البرزخ ولا أعرف مستندهم في ذلك وشاهدت فيه عجبًا وهو أنّ به منارة كبيرة مبنية من الآجرّ إذا هزّها أحد اهتزت فلما صعدت أعلاها حيث يقف المؤذنون وحرّكتها رأيت ظلها قد تحرّك بتحريكي لها ويوجد حول هذا المسجد رمم أموات يشبه أن تكون ممن استشهد في وقائع ديبق‏:‏ قرية من قرى دمياط بنسب إليها الثياب المثقلة والعمائم الشرب الملوّنة والديبقيّ العلم المذهب وكانت العمائم الشرب المذهبة تعمل بها ويكون طول كل عمامة منها مائة ذراع وفيها رقمات منسوجة بالذهب فتبلغ العمامة من الذهب خمسمائة دينار سوى الحرير والغزل‏.‏
وحدثت هذه العمائم وغيرها في أيام العزيز بالله بن المعز سنة خمس وستين وثلثمائة إلى أن مات في شعبان سنة ست وثمانين وثلثمائة‏.‏

******************************************************************************
 

النحريرية‏

النحريرية‏:‏ قرية من الأعمال الغربية أسس حكرها الأمير شمس الدين سنقر السعدي نقيب الجيش في أيام الناصر محمد بن قلاون وبالغ في عمارتها فبلغت في أيامه عشرة آلاف درهم فضة ثم خرج عنها فعمرت السلطان وأتسع أمرها حتى أنشئ فيها زيادة على ثلاثين بستانًا ووصل حكرها لكثرة سكانها إلى ألف درهم فضة لكل فدّان وصارت بلدًا كبيرًا لعمل يبلغ في السنة ما بين خراجيّ وهلاليّ ثلثمائة ألف درهم فضة عنها خمسة عشر ألف دينار ذهبًا‏.‏
ومات سنقر هذا في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وإليه تنسب المدرسة السعدية بخط حمرة البقر خارج باب زويلة‏.‏
*******************************************************************************

جزيرة بني نصر‏
جزيرة بني نصر‏:‏ منسوبة إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن وذلك أن بني حماس بن ظالم بن جعيل بن عمرو بن درهمان بن نصير بن معاوية بن بكر بن هوازن كانت لهم شوكة شديدة بأرض مصر وكثروا حتى ملؤوا أسفل الأرض وغلبوا عليها حتى قويت عليهم قبيلة من البربر تعرف‏:‏ بلواتة ولواتة تزعم أنها من قيس فأجلَتْ بني نصر وأسكنها الجدار فصاروا أهل قرى في مكان عُرف بهم وسط النيل وهي جزيرة بني نصر هذه‏.‏
******************************************************************************

البريد
 الطريق فيما بين مدينة مصر ودمشق ‏:‏ أن البريد أوّل من رتب ثوابه الملك دارا بن بهمن بن كيبشتاسف بن كيهراسف أحد ملوك الفرس‏.‏
وأما في الإسلام فأول من أقام البريد أمير المؤمنين المهدي محمد بن أبي جعفر المنصور أقامه فيما بين مكة والمدينة واليمن وجعله بغالًا وإبلًا وذلك في سنة ست وستين ومائة‏.‏
وأصل هذه الكلمة بريد ذنب فإن دارا‏:‏ أقام في سكك البريد دوابّ محذوفة الأذناب سُميت بريد ذنب وحذف منها نصفها الأخير فقيل‏:‏ بريد وهذا الحرب الذي يسلكه العساكر والتجار وغيرهم من القاهرة على الرمل إلى مدينة غزة ليس هو الحرب الذي يُسلك في القديم من مصر إلى الشام ولم يحدث هذا الدرب الذي يسلك فيه من الرمل الآن إلا بعد الخمسمائة من سني الهجرة عندما انقرضت الدولة الفاطمية‏.‏
وكان الدرب أوّلًا قبل استيلاء الفرنج على سواحل البلاد الشامية غير هذا قال أبو عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبه في كتاب المسالك والممالك وصفة الأرض والطريق من دمَشق إلى الكسوة‏:‏ اثنا عشر ميلًا ثم إلى جاسم أربعة وعشرون ميلًا ثم إلى فيق أربعة وعشرون ميلًا ثم إلى طبرية مدينة الأردن ستة أميال ومن طبرية إلى اللجون عشرون ميلًا ثم إلى القلنسوة عشرون ميلًا ثم إلى الرملة مدينة فلسطين أربعة وعشرون ميلًا والطريق من الرملة إلى أزدود اثنا عشر ميلًا ثم إلى غزة عشرون ميلًا ثم إلى العريش أربعة وعشرون ميلًا في رمل ثم إلى الورادة ثمانية عشر ميلًا ثم إلى أم العرب عشرون ميلًا ثم إلى الفرما أربعة وعشرون ميلًا ثم إلى جرير ثلاثون ميلًا ثم إلى القاصرة أربعة وعشرون ميلًا ثم إلى مسجد قضاعة ثمانية عشر ميلًا ثم إلى بلبيس أحد وعشرون ميلًا ثم إلى الفسطاط مدينة مصر أربعة وعشرون ميلًا فهذا كما ترى‏.‏
إنما كان الدرب المسلوك من مصر إلى دمشق على غير ما هو الآن فيسلك من بلبيس إلى الفرما في البلاد التي تعرف اليوم ببلاد السباخ من الحوف ويسلك من الفرما وهي بالقرب من قطية إلى أم العرب وهي بلاد خراب على البحر فيما بين قطية والورادة ويقصدها قوم من الناس ويحفرون في كيمانها فيجدون دراهم من فضة خالصة ثقيلة الوزن كبيرة المقدار ويسلك من أم العرب إلى الورادة وكانت بلدة في غير موضعها الآن قد ذكرت في هذا الكتاب‏.‏
فلما خرج الفرنج من بحر القسطنطينية في سنة تسعين وأربعمائة لأخذ البلاد من أيدي المسلمين وأخذ بغدوين الشوبك وعَمَّره في سنة تسع وخمسمائة وكان قد خرب من تقادم السنين وأغار على العريش وهو يومئذٍ عامر بطل السفر حينئذٍ من مصر إلى الشام وصار يُسك على طريق البرّ مع العرب مخافة الفرنج إلى أن استنقذ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بيت المقدس من أيدي الفرنج في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وأكثر من الإيقاع بالفرنج وافتتح منهم عدّة بلاد بالساحل وصار يُسلك هذا الدرب على الرمل فسلكه المسافرون من حينئذِ إلى أن ولي ملك مصر الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب فأنشأ بأرض السباخ على طرف الرمل بلدة عرفت إلى اليوم بالصالحية وذلك في سنة أربع وأربعين وستمائة وصار ينزل بها ويقيم فيها ونزل بها من بعده الملوك‏.‏
فلما ملك مصر الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ رتب البريد في سائر الطرقات حتى صار الخبر يصل من قلعة الجبل إلى دمشق في أربعة أيام ويعود في مثلها فصارت أخبار الممالك تَرِد إليه في كل جمعة مرّتين ويتحكم في سائر ممالكه بالعزل والولاية وهو مقيم بالقلعة وأنفق في ذلك مالًا عظيمًا حتى تم ترتيبه وكان ذلك في سنة تسع وخمسين وستمائة وما زال أمر البريد مستمرًّا فيما بين القاهرة ودمشق يوجد بكل مركز من مراكزه عدّة من الخيول المعدّة للركوب وتعرف بخيل البريد وعندها عدّة سُوّاس وللخيل رجال يعرفون بالسوّاقين وأحدهم سوّاق يركب مع رسم بركوبه خيل البريد ليسوق له فرسه ويخدمه مدّة مسيره ولا يركب أحد خيل البريد إلا بمرسوم سلطانيّ فتارة يمنع الناس من ركوبه إلا من انتدبه السلطان لمهماته وتارة يركبه من يريد السفر من الأعيان بمرسوم سلطانيّ وكانت طرق الشام عامرة يوجد بها عند كل بريد ما يحتاج إليه المسافر من زاد وعلف وغيره ولكثرة ما كان فيه من الأمن أدركنا المرأة تسافر من القاهرة إلى الشام بمفردها راكبة أو ماشية لا تحمل زادًا ولا ماء‏.‏
فلما أخذ تيمورلنك دمشق وسبى أهلها وحرّقها في سنة ثلاث وثمانمائة خربت مراكز البريد واشتغل أهل الدولة بما نزل بالبلاد من المحن وما دُهوا به من كثرة الفتن عن إقامة البريد فاختلّ بانقطاعه طريق الشام خللًا فاحشًا والأمر على ذلك إلى وقتنا هذا وهو سنة ثمان عشرة وثمانمائة‏.‏

*******************************************************************************
 مدينة حطين
 مدينة حطين هذه المدينة‏:‏ آثارها إلى اليوم باقية فيما بين حبوة والعاقولة بأرض العاقولة فيما بين قطية والعريش تجاهها بميل ماء عذب تسميه العرب‏:‏ أبا العروق وهو شرقيها وهذه المدينة تنسب إلى حطين ويقال‏:‏ حطي بن الملك أبي جاد المديني وأهل قطية اليوم يُسمون تلك الأرض ببلاد حطين والجفر ومَلَك حطين هذا أرض مصر بعد موت أبيه وكان صاحب حرب وبطش وكان ينزل بقلعة في جبال الأردن قريبًا من طبرية وإليه تنسب قرية حطين التي بها الآن قبر شعيب بالقرب من صفد‏.‏

*******************************************************************************
 الرقة
 مدينة الرقة هذه المدينة‏:‏ من جملة مدائن‏:‏ مِدين فيما بين بحر القلزم وجبل الطور كان بها عندما خرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من مصر قوم من لخم آل فرعون يعبدون البقر وإياهم عني الله بقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ‏"‏ الأعراف 138 الآية‏.‏
قال قتادة‏:‏ أولئك القوم من لخم وكانوا نزولًا بالرقة وقيل‏:‏ كانت أصنامهم تماثيل البقر ولهذا أخرج لهم السامريّ عجلًا وآثار هذه المدينة باقية إلى اليوم فيما بقي من مدينة فاران والقلزم ومدين وأيلة تمرّ بها الأعراب‏.‏

*******************************************************************************

 عين شمس
 عين شمس وكان يقال لها في القديم‏:‏ رعمساس وكانت عين شمس هيكلًا يحج الناس إليه ويقصدونه من أقطار الأرض في جملة ما كان يحج إليه من الهياكل التي كانت في قديم الدهر ويقال‏:‏ إنّ الصابئة أخذت هذه الهياكل عن عاد وثمود ويزعمون أنه عن شيث بن آدم وعن هرمس الأوّل وهو إدريس وإن إدريس هو أوّل من تكلم في الجواهر العلوية والحركات النجومية وبنى الهياكل ومجد الله فيها‏.‏
ويقال‏:‏ إنّ الهياكل كانت عدّتها في الزمن الغابر‏:‏ اثني عشر هيكلًا وهي هيكل‏:‏ العلة الأولى وهيكل‏:‏ العقل وهيكل‏:‏ السياسة وهيكل‏:‏ الصورة وهيكل‏:‏ النفس وكانت هذه الهياكل الخمسة مستديرات والهيكل السادس هيكل‏:‏ زحل وهو مسدس وبعده هيكل‏:‏ المشتري وهو مثلث ثم هيكل‏:‏ المرّيخ وهو مربع وهيكل‏:‏ الشمس وهو أيضًا مربع وهيكل‏:‏ الزهرة وهو مثلث مستطيل وهيكل‏:‏ عطارد مثلث في جوف مربع مستطيل وهيكل‏:‏ القمر مثمن‏.‏
وعللوا عبادتهم للهياكل بأن قالوا‏:‏ لما كان صانع العالم مقدّسًا عن صفات الحدوث وجب العجز عن إدراك جلاله وتعين أن يتقرّب إليه عباده بالمقرّبين لديه وهم‏:‏ الروحانيون ليشفعوا لهم ويكونوا وسائط لهم عنده وعنوا بالروحانيين‏:‏ الملائكة وزعموا أنها المدبرات للكواكب السبعة السيارة في أفلاكها وهي هياكلها وأنه لا بدّ لكل روحانيّ من هيكل ولا بدّ لكل هيكل من فلك وأن نسبة الروحانيّ إلى الهيكل نسبة الروح إلى الجسد وزعموا‏:‏ أنه لا بد من رؤية المتوسط بين العباد وبين بارئهم حتى يتوجه إليه العبد بنفسه ويستفيد منه ففزعوا إلى الهياكل التي هي السيارات فعرفوا بيوتها من الفلك وعرفوا مطالعها ومغاربها واتصالاتها وما لها من الأيام والليالي والساعات والأشخاص والصور والأقاليم وغير ذلك مما هو معروف في موضعه من العلم الرياضي‏.‏
وسموا هذه السبعة السيارة‏:‏ أربابًا وآلهة وسموا‏:‏ الشمس إله الآلهة ورب الأرباب وزعموا أنها المفيضة على ألسنة أنوارها والمظهرة فيها آثارها فكانوا يتقرّبون إلى الهياكل تقرّبًا إلى الرّوحانيين لتقربهم إلى الباري لزعمهم أن الهياكل أبدان الروحانيين وكلّ من تقرّب إلى شخص فقد تقرّب إلى روحه‏.‏
وكانوا‏:‏ يُصلون لكل كوكب يومًا يزعمون أنه رب ذلك اليوم وكانت صلاتهم في ثلاثة أوقات‏:‏ الأولى عند طلوع الشمس والثانية عند استوائها في الفلك والثالثة عند غروبها فيُصلون لزحل يوم السبت وللمشتري يوم الأحد وللمريخ يوم الاثنين وللشمس يوم الثلاثاء وللزهرة يوم الأربعاء ولعطارد يوم الخميس وللقمر يوم الجمعة‏.‏
ويقال‏:‏ إنه كان ببلخ هيكل بناه‏:‏ بنو حمير على اسم القمر لتعارض به الكعبة فكانت الفرس تحجه وتكسوه الحرير وكان اسمه‏:‏ نوبهر فلما تمجست الفرس عملته بيت نار وقيل للموكل بسدانته‏:‏ برمك يعني والي مكة وانتهت البرمكة إلى جد خالد جدّ جعفر بن يحيى بن خالد فأسلم على يد هشام بن عبد الملك وسماه عبد الله وخرّب هذا الهيكل قيس بن الهيثم في أوّل خلافة معاوية سنة إحدى وأربعين وكان بناءَ عظيمًا حوله أروقة وثلثمائة وستون مقصورة لسكن خدّامه‏.‏
وكان بفرعانة بيت يقال له‏:‏ كلوسان هيكل للشمس بناه بعض ملوك الفرس الأول خرّبه المعتصم وقد اختلف فيمن بنى هيكل عين شمس وسأقص من أخباره ما لم أره مجموعًا في قال ابن وصيف شاه‏:‏ وقد كان الملك منقاوس إذا ركب عملوا بين يديه التخاييل العجيبة فيجتمع الناس ويعجبون من أعمالهم وأمر أن يُبنى له هيكل للعبادة يكون له خصوصًا ويجعل فيه قبة فيها صورة الشمس والكواكب وجعل حولها أصنامًا وعجائب فكان الملك يركب إليه ويقيم فيه سبعة أيام وجعل فيه عمودين زبر عليهما تاريخ الوقت الذي عمله فيه وهما باقيان إلى اليوم وهو الموضع الذي يقال له عين شمس ونقل إلى عين شمس كنوزًا وجواهر وطلسمات وعقاقير وعجائب ودفنها بها وبنواحيها وأقام ملكًا بإحدى وتسعين سنة ومات من الطاعون وقيل‏:‏ من سئم وعمل له ناوس في صحراء الغرب وقيل‏:‏ في غربيّ قوص ودفن معه مصاحف الحكمة والصنعة وتماثيل الذهب والجوهر ومن الذهب المضروب شيء كثير ودفن معه تمثال روحانيّ الشمس من ذهب يلمع وله جناحان من زبرجد وصنم على صورة امرأته وكان يحبها‏.‏ فلما ماتت أمر أن تعمل صورتها في الهياكل كلها وعمل صورتها من ذهب بذؤابتين سوداوين وعليها حلة من جواهر منظومة وهي جالسة على كرسيّ وكان يجعلها بين يديه في كل موضع يجلس فيه يتسلى بذلك عنها فدفنت هذه الصورة معه تحت رجليه كأنها تخاطبه‏.‏

وقال الحكيم الفاضل أحمد بن خليفة في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء‏:‏ واشتاق فيثاغورس إلى الاجتماع بالكهنة الذين كانوا بمصر فورد على أهل مدينة الشمس المعروفة في زماننا بعين شمس فقبلوه قبولًا كريمًا وامتحنوه زمانًا فلم يجدوا عليه نقصًا ولا تقصيرًا فوجهوا به إلى كهنة منف كي يبالغوا في امتحانه فقبلوه على كراهة واستقصوا امتحانه فلم يجدوا عليه معيبًا ولا أصابوا له عثرةً فبعثوا به إلى أهل ديوسوس ليمتحنوه فلم يجدوا عليه طريقًا ولا إلى إدحاضه سبيلًا ففرضوا عليه فرائض صعبة كيما يمتنع من قبولها فيدحضوه ويحرموه طلبته مخالفة لفرائض اليونانين فقبل ذلك وقام به فاشتدّ إعجابهم به وفشا بمصر ورعه حتى بلغ ذكره إلى أماسيس ملك مصر فأعطاه سلطانًا على ضحايا الرب وعلى سائر قرابينهم ولم يعطِ ذلك لغريب قط‏.‏

وقال شافع بن عليّ في كتاب عجائب البلدان‏:‏ وعين شمس مدينة صغيرة تشاهد سورها محدقًا بها مهدومًا ويظهر من أمرها أنها كانت بيت عبادة وفيها من الأصنام الهائلة العظيمة الشكل من نحيت الحجارة ما يكون طول الصنم بقدر ثلاثين ذراعًا وأعضاؤه في تلك النسبة من العظم وكل هذه الأصنام قائمة على قواعد وبعضها قاعد على نصبات عجيبة وإتقانات محكمة وباب المدينة موجود إلى الآن وعلى معظم تلك الحجارة تصاوير على شكل الإنسان وغيره من الحيوان وكتابة كثيرة بالقلم المجهول وقلما ترى حجرًا خلا عن كتابة أو نقش أو صورة‏.‏

وفي هذه المدينة المسلتان المشهورتان وتسميان مسلتي فرعون وصفة المسلة قاعدة مربعة طولها عشرة أذرع في مثلها عرضًا في نحوها سمكًا قد وضعت على أساس ثابت في الأرض ثم أقيم عليها عمود مثلث مخروط ينيف طوله على مائة ذراع يبتدئ من القاعدة ببسطة قطرها خمسة أذرع وينتهي إلى نقطة وقد لبس رأسها بقلنسوة نحاس إلى نحو ثلاثة أذرع منها كالقمع وقد تَزَنْجَر بالمطر وطول المدة واخضرَّ وسال من خضرته على بسيط المسلة وكلها عليها كتابات بذلك القلم وكانت المسلتان قائمتين ثم خربت إحداهما وانصدعت من نصفها العظم الثقل وأخذ النحاس من رأسها ثم إنّ حولها من الأصنام شيئًا كثيرًا لا يحصى عدده على نصف تلك العظمى أو يليها وقلما يوجد في هذه المسال الصغار ما هو قطعة واحدة بل فصوصها بعضها على بعض وقد تهدّم أكثرها وإنما بقيت قواعدها‏.‏

وقال محمد بن إبراهيم الجزريّ في تاريخه‏:‏ وفي رابع شهر رمضان يعني من سنة ست وخمسين وستمائة‏:‏ وقعت إحدى مسلتي فرعون التي بأراضي المطرية من ضواحي القاهرة فوجدوا داخلها مائتي قنطار من نحاس وأخذ من رأسها عشرة آلاف دينار‏.‏

ويقال‏:‏ إنّ عين شمس بناها الوليد بن دومع من الملوك العماليق وقيل‏:‏ بناها الريان بن الوليد وكانت سرير ملكه‏.‏

والفرس تزعم‏:‏ أنّ هرشيك بناها‏.‏

ويقال‏:‏ طول العمودين مائة ذراع وقيل‏:‏ أربعة وثمانون ذراعًا وقيل‏:‏ خمسون ذراعًا‏.‏

ويقال‏:‏ إنّ بخت نصر هو الذي خرّب عين شمس لما دخل إلى مصر‏.‏

وقال القضاعيّ‏:‏ وعين شمس وهي هيكل الشمس بها العمودان اللذان لم يُرَ أعجب منهما ولا من شأنهما طولهما في السماء نحو من خمسين ذراعًا وهما محمولان على وجه الأرض وبينهما صورة إنسان على دابة وعلى رأسهما شبه الصومعتين من نحاس فإذا جاء النيل قطر من رأسيهما ما تستبينه وتراه منهما واضحًا ينبع حتى يجري من أسافلهما فينبت في أصلهما العوسج وغيره وإذا دخلت الشمس دقيقة من الجدي وهو أقصر يوم في السنة انتهت إلى الجنوبيّ منهما فطلعت عليه على قمة رأسه وهما منتهى الميلين وخط الاستواء في الواسطة منهما ثم خطرت بينهما ذاهبة وجائية سائر السنة كذا يقول أهل العلم بذلك‏.‏

وقال ابن سعيد في كتاب المغرب‏:‏ وكانت عين شمس في قديم الزمان عظيمة الطول والعرض متصلة البناء بمصر القديمة حيث مدينة الفسطاط الآن ولما قدم عمرو بن العاص نازل عين شمس وكان جمع القوم حتى فتحها‏.‏

وقال جامع السيرة الطولونية‏:‏ كان بعين شمس صنم بمقدار الرجل المعتدل الخلق من كدَّان أبيض محكم الصنعة يتخيل من استعرضه أنه ناطق فوُصف لأحمد بن طولون فاشتاق إلى تأمّله فنهاه ندوسة عنه وقال‏:‏ ما رآه والٍ قط إلا عُزل فركب إليه وكان هذا في سنة ثمان وخمسين ومائتين وتأمَّله ثم دعا بالقطاعين وأمرهم باجتثاثه من الأرض ولم يترك منه شيئًا ثم قال لندوسة خازنه‏:‏ يا ندوسة من صرف منا صاحبه‏.‏

فقال‏:‏ أنت أيها الأمير وعاش وقال أبو عبيد البكريّ‏:‏ عين شَمْس بفتح الشين وإسكان ثانيه بعده سين مهملة عين ماء معروفة‏.‏

قال محمد بن حبيب‏:‏ عين شمس حيث بنى فرعون الصرح وزعم قوم‏:‏ أنّ عين شمس إلى هذا الماء أضيف وأوّل من سمى هذا الاسم سبا بن يشجب‏.‏

وذكر الكلبيّ‏:‏ أن شمسًا الذي تسموا به صنم قديم‏.‏

وقال ابن خرداذبه‏:‏ وأسطوانتين بعين شمس من أرض مصر ومن بقايا أساطين كانت هناك في رأس كل أسطوانة‏:‏ طوق من نحاس يقطر من إحداهما ماء من تحت الطوق إلى نصف الأسطوانة لا يجاوزه ولا ينقطع قطره ليلًا ولا نهارًا فموضعه من الأسطوانة أخضب رطب ولا يصل الماء إلى الأرض وهو من بناء أوسهنك‏.
وذكر محمد بن عبد الرحيم في كتاب تحفة الألباب

أنّ هذا المنار مربع علوه‏:‏ مائة ذراع قطعة واحدة محدّد الرأس على قاعدة من حجر وعلى رأس المنار غشاء من صفر كالذهب فيه صورة إنسان على كرسيّ قد استقبل المشرق ويخرج من تحت ذلك الغشاء الصفر ماء يسيل مقدار عشرة أذرع وقد نبت منه شيء كالطحلب فلا يبرح لمعان الماء على تلك الخفرة أبدًا صيفًا وشتاءَ لا ينقطع ولا يصل إلى الأرض منه شيء وبعين شمس نبت يزرع كالقضبان يسمى البلسم يُتخذ منه دهن البلسان لا يعرف بمكان من الأرض إلا هناك وتؤكل لحى هذه القضبان فيكون له طعم وفيه حرارة وحرافة لذيذة‏.‏


 

========================================================================

 

 

 

 

 

Home | وصف ألأسكندرية | New Page 1563 | New Page 1564 | بلاد صعيد مصر | بلاد النوبة | منية الخصيب | New Page 1568 | New Page 1569 | New Page 1570 | ذكر مدينة الفيوم | أعياد الأقباط والمقريزى | الصحابة الذين غزو مصر | ولايات ومدن وقرى مصر | New Page 1577 | New Page 1578 | New Page 1579 | New Page 1580 | النظام الإدارى

This site was last updated 04/07/11