"لا إله إلا الله" في كنوز بباطن الأرض!
تاريخ النشر:29.06.2023 | 
متابعة قصة الاكتشافات المتوالية للعملات العربية الإسلامية في كنوز بالدول الإسكندنافية وخاصة في النرويج والسويد وفي الجزيرة البريطانية مغامرة مدهشة مليئة بالمفاجآت.
المدهش في الأمر يتمثل في العثور في الدول الاسكندنافية وبريطانيا على أعداد ضخمة من العملات وخاصة الفضية، التي تم صك معظمها في الكوفة ببغداد، وأغلبها عبارة عن كنوز دفنها في الأرض "الفايكنغ"، أولئك البحارة المغامرون الذين كانوا يجوبون قبل أكثر من 1300 عام البحار والأنهار بزوارقهم السريعة للتجارة، وأحيانا للسلب والنهب بطريقة مرعبة ومدمرة.
كانت العملات العربية كما أكدت الاكتشافات المتوالية بالمنطقتين، المصدر الرئيس للفضة في عصر "الفايكنغ". وعلى الرغم من العثور على أعداد كبيرة من هذه العملات، لكن كان يمكن أن تكون اضعاف ذلك، لو لم يكن "الفايكنغ" مغرمين بإذابة العملات وخاصة الفضية لصنع حلي بأحجام كبيرة تستهلك كميات كبيرة جدا منها.
تقدر العملات العربية الإسلامية التي عثر عليها في الدول الإسكندنافية بأكثر من 85 ألف قطعة، فيما تتحدث تقارير أخرى عن أضعاف هذا الرقم، تم صك معظمها في القرنين التاسع والعاشر في منطقة الكوفة بالعراق، ولذلك تسمى أحيانا "الكوفية".
ويعزو الخبراء وصول هذه الأعداد الكبيرة من النقود العربية إلى إسكندنافيا إلى تجارة الفراء التي كانت رائجة في المنطقة، مشيرين على ان بعض العملات دفنت بعد وقت طويل من تاريخ صكها، ما يؤكد وجود روابط تجارية واسعة بين العالم الإسلامي و"الفايكنغ"، علاوة على أهميتها بالنسبة لعلماء الآثار والتاريخ لأنها موثقة بسنة صكها وباسم الحاكم وعباراتها باللغة العربية وخاصة "لا إله إلا الله".
المتخصصون من جهة أخرى، لا يجدون تفسيرا مقنعا حتى الآن لسبب العثور على أعداد كبيرة من الكنوز المطمورة تحت الأرض في الدول الإسكندنافية، إلا احتمال أن تكون بمثابة "قرابين" للآلهة.
الكنز الأكبر من نوعه في إسكندنافيا، عثر عليه في ثلاثة مخابئ في السويد يوم الجمعة 16 يوليو 1999، وكان ذلك بمزرعة في القسم الشمالي لجزيرة "غوتلاند".
اجمالي وزن الكنز المطمور بلغ 67 كيلو غراما من الفضة، و20 كيلو غراما من البرونز، وتضمن هذا الكنز الثلاثي، مجوهرات وقضبان فضة مصبوبة، علاوة على 14295 قطة نقدية فضية، منها 14200 درهم إسلامي!
وصل " الفايكنغ" إلى بريطانيا وشنوا هجمات دموية في أكثر من منطقة بما في ذلك حدثة شهيرة استهدفوا فيها ديرا نائيا، وتركوا في عدة مناطق كنوزا مطمورة في الأرض احتوى بعضها على "دراهم" عربية.
*****************************
"أوفَّا رِكس" ملك الإنجليز
المفاجأة الكبرى العثور في إنجلترا على عملات صكت محليا يعود عمرها إلى 1300 عام العملة منقوش علي أحد وجهيها اسم الملك ، أما على الوجه الآخر فمنقوش بخط واضح وبلغة عربية صريحة(لا إلـه إلا الله وحـده لا شريـك له) ، وعلى حواف العملة منقوش أيضاً (محمـد رسـول الله) ثم الآية ا “أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله” ، أما في وسط الوجه الثاني فنجد كتابة عربية أخرى وهي “محمد رسول الله”. وفي وسط هذه الجملة نقش اسم الملك “أوفا” باللغة الإنجليزية. أما في الحافة فقد كتب باللغة العربية “بسم الله ضرب هذا الدينار سبع وخمسين ومائة” وفى عام سك هذه العملة بالتحديد كان “أوفا” بأوج حكمه الذي طال 39 سنة، لازالت هذه العملة معروضة حتى الآن بالمتحف البريطانى كواحدة من أغرب عملات العهد الأنجلو ساكسونى .
الملك "أوفا" كان حكم بين عامي 757 - 796 مملكة "مرسيا" الواقعة في جنوب إنجلترا في القرن الثامن، وكانت تعد الأقوى في العصر الأنجلو ساكسوني.

هذا الملك في التاريخ البريطاني، قام بإعادة صك عملات من تلك التي كان أصدرها الخليفة العباسي المنصور، وعُرف أنها صكت محليا من خلال الأخطاء الإملائية في الكتابة العربية عليها.
الخبراء يرجحون أن هذا الملك صك هذه العملات العربية من أجل استخدامها في التجارة مع الدولة العباسية، وأيضا مع إسبانيا الإسلامية في ذلك الوقت.
"أوفَّا رِكس" موحِّد الإنجليز
تعرَّضت بريطانيا بين منتصف القرن الرابع الميلادي وحتى منتصف القرن السادس الميلادي لأوائل الغزوات الجِرمانية، والجِرمانيون هُم أولئك الذين اصطلح المؤرخون على تعريفهم باسم الأنجلو-ساكسون أو الساكسون، وهم خليط من الساكسون والإنجليز والجوت القادمين من الدانمارك و"جوتلاند" (في السويد حاليا) وألمانيا، وقد غزت هذه المجموعات الهمجية الجزيرة البريطانية دون مقاومة تُذكر من سكانها الأصليين، الذين هربوا من وجه الغُزاة واستقروا في مناطق "ويلز" الجنوبية فصارت لهم موطنا ومقاما.
سرعان ما نشب صراع مرير بين زعماء هذه الطوائف، واستطاع كلٌّ منهم الاستقلال وتكوين مملكة خاصة، حتى غدا في الجزيرة البريطانية 7 ممالك، منها "وِسِكس" و"سَسِكس" و"إسِكس و"إيست أنغليا" و"مِرسيا" و"نورثَمبريا" و"كِنت"، وقد آلت زعامة تلك الممالك في نهاية المطاف إلى هيمنة "مِرسيا" بعد حروب وصراع مرير، حيث دان لها الجميع بالولاء والإذعان التام، وما وقع ذلك إلا في عهد أعظم ملوكها، الملك "أوفَّا رِكس" (757-796م/140-180هـ) الذي تمكَّن بجدارة من أن يحوز لقبي "ملك إنجلترا" و"ملك كل بلاد الإنجليز" و"ملك مِرسيا العظيم".
لم يحقق "أوفَّا" هذا المنجز الكبير بتوحيد الجزيرة البريطانية تحت سلطان دولته إلا بسبب قوته العسكرية الكبيرة التي اعتمدت على رافد مالي قوي من التجارة وتحصيل الربح والثروات، وقد أُثر عنه قوله: "إن أي ملك يريد أن يرفع مستوى معيشة شعبه وتحقيق أمجاده، لا بد أن يهتم بالتجارة ويشجِّعها"[2]. وقد عكس اهتمام "أوفَّا" بالتجارة اهتمامه بالاقتصاد، كما عكس رغبته في تكوين علاقات دبلوماسية وتجارية مع القوى الأوروبية المحيطة به، بل ومع العالم الإسلامي الذي كان في أوج قوته الحضارية والعسكرية تحت سيادة الخلفاء العباسيين الأوائل، مثل أبي جعفر المنصور ومحمد المهدي وموسى الهادي ثم هارون الرشيد.
المصدر: RT