Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

تفسير إنجيل مرقس - مجمل الأناجيل الأربعة : الفصل24

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تفسير مرقس الفصل2
تفسير مرقس الفصل4
تفسير مرقس الفصل6
تفسير مرقس الفصل7
تفسير مرقس الفصل8
تفسير مرقس الفصل9
تفسير مرقس الفصل14
تفسير مرقس الفصل15
تفسير مرقس الفصل16
تفسير مرقس الفصل17
تفسير مرقس الفصل18
تفسير مرقس الفصل21
تفسير مرقس الفصل22
تفسير مرقس الفصل23
تفسير مرقس الفصل24
تفسير مرقس الفصل25
تفسير مرقس الفصل26
تفسير مرقس الفصل27
تفسير مرقس الفصل28
تفسير مرقس الفصل29
Untitled 7348

تفسير إنجيل مرقس على - مجمل الأناجيل الأربعة : الفصل24

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 12

5. الأرملة المحبة والفلسان (مرقس 12: 41-44)
تفسير (مرقس 12: 41) 41 وجلس يسوع تجاه الخزانة ونظر كيف يلقي الجمع نحاسا في الخزانة.كان اغنياء كثيرون يلقون كثيرا.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
"جَلَسَ يَسُوعُ تُجَاهَ الْخِزَانَةِ".
إنه يفعل ذلك في هدوء وسكينة. إنه يلاحظ كل ما يُدفع لأجل استمرارية الشهادة لله وتخفيف البؤس البشري. من الواضح أن صندوقاً للتبرعات كان قد وُضِعَ عند أو قرب أحد المداخل المؤدية إلى باحات الهيكل حيث كان المؤمنون يلقون فيه هباتهم لأجل الحفاظ على عبادة الرب وخدمته.

 تطلع يسوع وَنَظَرَ "كَيْفَ يُلْقِي الْجَمْعُ نُحَاساً فِي الْخِزَانَةِ". لقد رأى المبالغ التي كانت تُوضع في الصندوق والطريقة التي كان يتم بها ذلك. مما لا شك فيه أن كثيرين كانوا يتبرعون بتباهٍ وبشكلٍ لافتٍ للأنظار، وهم يتوقون لينالوا الإعجاب من الآخرين على كرمهم وسخائهم العظيم.
تفسير (مرقس 12: 42) 42 فجاءت ارملة فقيرة والقت فلسين قيمتهما ربع.


 وجاءت أرملة فقيرة إلى هناك، وإذ مرت بجوار الصندوق، ألقت فيه "فَلْسَيْنِ قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ"، لعلهما كل ما كانت قد كسبته ذلك اليوم بالعمل الشاق في خدمة عائلة غنية ما.
تفسير (مرقس 12: 43) 43 فدعا تلاميذه وقال لهم الحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة قد القت اكثر من جميع الذين القوا في الخزانة.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
إن طريقة السماء في احتساب القيم تختلف كلياً عن طريقة الأرض في ذلك. نحن معتادون على أن نحكم بحسب الكمية أو المقدار المقدّم. أما الرب فيقدّر قيمة التقدمة بالمقدار الذي تركه المرء. ولذلك شهد يسوع: "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هَذِهِ الأَرْمَلَةَ الْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي الْخِزَانَةِ". وشرع يشرح لهم كيف وصل إلى ذلك الاستنتاج المذهل للغاية. فالأغنياء ألقوا مالاً من وفرتهم. فبعد إلقاء تبرعاتهم في الخزينة بقي لديهم مبالغ كبيرة يستخدمونها كما يشاؤون. وأما الأرملة فلم تترك شيئاً لنفسها. فقد تبرعت بكُلّ مَعِيشَتِهَا: أي كل ما كسبته طوال يومها. هكذا هي طريقة السماء في تقدير العطايا المقدمة لعمل الرب.
تفسير (مرقس 12: 44) 44 لان الجميع من فضلتهم القوا.واما هذه فمن اعوازها القت كل ما عندها كل معيشتها

 

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 1. نبوة يسوع عن خراب الهيكل (مرقس 13: 1-2)
تفسير (مرقس 13: 1) 1 وفيما هو خارج من الهيكل قال له واحد من تلاميذه يا معلم انظر ما هذه الحجارة وهذه الابنية.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
هذا الأصحاح يجب أن يُقرأ ويدرس بعناية متصلاً مع متى 24 ولوقا 21. هذه الأصحاحات الثلاثة تعطيناً تقريراً عن حديث ربنا على جبل الزيتون والذي فيه يتتبع نبوياً الأحوال التي كانت ستسود في فلسطين ووسط شعوب الأمميين بعد رفضه وقيامته، بما في ذلك دمار أورشليم على يد تيطس، وصولاً إلى ذروة الأحداث: المجيء الثاني لابن الإنسان وتأسيس ملكوت الله على الأرض بقوة ومجد متجليين. وعبثاً نبحث عن أي ذكر للكنيسة في الدهر الحالي. عندما نطق يسوع بهذه الكلمات لم يكن قد أُعلن شيءٌ بعد عن جسد المسيح. فهذا السر لم يُعرف إلا بعد أن أُعطي باستنارة خاصة لبولس الرسول وبه إلى الآخرين بعد وقت من بدء دهر النعمة الحالي.

ولذلك ففي قراءتنا لهذا الخطاب النبوي العظيم يحسن بنا أن نميز الطابع اليهودي الكامل فيه. ففي حين يكشف ما كان سراً حتى الآن، ليس فيه إشارة إلى أصل، أو مسير أو مصير الكنيسة، الشعب المقدس المرتبط الآن بالمسيح القائم بالروح القدس.

          في حين أن كثير من أولئك الذين سمعوا هذا الخطاب كانوا مندمجين بتلك الكنيسة بفضل معمودية الروح القدس في يوم الخمسين (العنصرة) وما تلا، إلا أنه ينظر إلى الجميع على أنهم البقية اليهودية التي تنتظر تحقيق النبوءة التي في العهد القديم: تأسيس ملكوت المسيا، عندما سيرجع عبد يهوه الذي كان مرفوضاً في الماضي ويحكم جميع الأمم بِقَضِيب حَدِيدٍ من برّ صلب لا ينثني، بحسب الإعلان الذي ورد في المزمور الثاني. فالنخبة الذين هم نصب العين هم أوائل القديسين، من اليهود والأمميين المهتدين في الأيام الأخيرة- الأسبوع السبعين من دانيال 9- الذين سيتجمعون من كل مكان ليرحبوا بالملك الذي يفترضون أن يؤسس ملكوته على جبل صهيون. أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار في ذهننا يجنبنا الكثير من التشويش والخلط.  

تفسير (مرقس 13: 2) 2 فاجاب يسوع وقال له اتنظر هذه الابنية العظيمة.لا يترك حجر على حجر لا ينقض.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

مناسبة هذا الحديث تأتي أمامنا:

بينما كان يسوع وأتباعه يغادرون المدينة مساء ذلك اليوم الذي جادل فيه يسوع رؤساء الدين غير المؤمنين به فيما يخص مسائل عديدة، شعر التلاميذ بافتخار يمكن الصفح عنه بكونهم يهود، وذلك من خلال لفت انتباهه إلى عظمة أبنية الهيكل والأماكن المجاورة. ولا شك أنهم كانوا يظنون أن يسوع سيستولي على كل هذه، وسيقطنون هذه الأبنية معه لأنهم مرتبطون به ومشاركون في إدارة شؤون الملكوت. ولكنه أعلن، لدهشتهم، أنه لن يبقى حجر على حجر في كل هذه الأبنية العظيمة، إذ لا بد أن تُدمّر كلها.       

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 2. ظهور مسحاء كذبة (مرقس 13: 3-6)
تفسير (مرقس 13: 3) 3 وفيما هو جالس على جبل الزيتون تجاه الهيكل ساله بطرس ويعقوب ويوحنا واندراوس على انفراد

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
إذ توقفوا لوهلة خلال سيرهم في الطريق، جلس يسوع عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ ينظر تُجَاهَ الْهَيْكَلِ، وسأله أربعة من تلاميذه- بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ- على انفراد أن يخبرهم عن موعد حصول هذه الأمور، وعن العلامة التي ستدل على وشوك تحقيق ما يقوله.
تفسير (مرقس 13: 4) 4 قل لنا متى يكون هذا وما هي العلامة عندما يتم جميع هذا.
تفسير (مرقس 13: 5) 5 فاجابهم يسوع وابتدا يقول انظروا لا يضلكم احد.
تفسير (مرقس 13: 6) 6 فان كثيرين سياتون باسمي قائلين انا هو.ويضلون كثيرين.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 3. قيام حروب وحدوث كوارث على الشعب اليهودى (مرقس 13: 7-8)
تفسير (مرقس 13: 7) 7 فاذا سمعتم بحروب واخبار حروب فلا ترتاعوا.لانها لا بد ان تكون.ولكن ليس المنتهى بعد.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
   في هذه الآيات يضع الرب الخطوط الرئيسية لسير الأحداث في الدهر الحاضر، ويتحدث عن السمات العامة التي ستسود خلال غيابه. سوف لن يكون هناك تحسن في الأخلاق أو شؤون الأمم. لقد رُفِضَ أميرُ السلام. وبالتالي لن يكون هناك سلام دائم إلى أن يعود ليملك ويزيل كل رجس ودنس.
حروب وإشاعات حروب لا بد أن تحصل، لأن الوحيد الذي كان ليمكنه أن يخلص الأمم من هذه الكوارث والنكبات قد رُفِضَ بازدراء وصُلِبَ. من الواضح أن يسوع قد توقع مسبقاً متنبئاً هذه كلها، ولذلك رسم بالضبط صورة حالة الأشياء التي نرى الآن أنها قد تلت صعوده إلى السماء عندما رفضه العالم.
تفسير (مرقس 13: 8)  8 لانه تقوم امة على امة ومملكة على مملكة وتكون زلازل في اماكن وتكون مجاعات واضطرابات.هذه مبتدا الاوجاع.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
منذ مغادرته لهذه الأرض، فإن ما ورد في الآية 8 صار مضرب مثل. فقامت أمة على أمة، ومملكة ضد مملكة. واضطرابات عظيمة ملأت قلب الناس بالخوف، في حين أن مجاعات وقلاقل مؤلمة أخرى جعلت هذا العالم عالماً من الحزن والأسى. إلا أن الشكل الأسوأ للمعاناة لا يزال في المستقبل. فهذه الأمور هي مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ، وإن استمرت حوالي عشرين قرناً.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 4. حدوث مضايقات وإضطهادات (مرقس 13: 9-13)
تفسير (مرقس 13: 9) 9 فانظروا الى نفوسكم.لانهم سيسلمونكم الى مجالس وتجلدون في مجامع وتوقفون امام ولاة وملوك من اجلي شهادة لهم.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
القديسون المتألمون المشار إليهم هنا هم بوضوح أبناء إسرائيل أولئك الذين سيكونون شهود الله الأخيرين بعد الكنيسة، كما نعرفها، وقد اختُطفوا إلى السماء، ويكون الأسبوع السبعون من دانيال 9 قد بدأ. ثم سيقيم الله حشداً من الحكماء ليشهدوا ويعلنوا إنجيل الملكوت بين جميع الأمم. هؤلاء سيصب الشيطان جام حقده عليهم وسيتعرضون لعذابات مخيفة واضطهاد لا طاقة لهم عليه. ومع ذلك، فلا بد لإعلان الإنجيل إلى كل الأمم إلى أن تأتي النهاية.
  قد نطبّق نحن أبناء هذا الدهر الحاضر هذه الكلمات على أنفسنا عندما نجد أنفسنا في ظروف مماثلة، ولكن يجب أن نرى التطبيق الفعلي الحقيقي لها.
تفسير (مرقس 13: 10) 10 وينبغي ان يكرز اولا بالانجيل في جميع الامم.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
 والأنكى من كل ذلك هو المخاطر التي سيكون الناس معرضين لها عندما يحين أوان النهاية، عندما سيقع قضاء الله ودينوناته الأخيرة على الأرض. ولكن حتى في ذلك الزمان في وقت ضيق يعقوب وعهد التجربة والمحنة التي ستصيب كل العالم لاختبار أولئك الساكنين في الأرض، فإن رسالة الإنجيل سوف تُعلن وسوف تستمر إلى انقضاء الدهر.
تفسير (مرقس 13: 11)  11 فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا.بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا.لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
 بينما تصف الآيات 11- 13 زمن الاضطهاد هذا، إلا أنها أيضاً تقدم تعزية وتشجيعاً لأولئك الذين سيعانون الاعتقال والسجن في تلك الأيام القاتمة. فالروح القدس سيمكّنهم من أن يجيبوا أولئك الذين يتهمونهم ظلماً بطريقة يعجز معها مناوئوهم ومجادلوهم من الرد عليهم أو مقاومتهم. قد يبدو هذا المقطع وكأنه يوحي بأن هذه الكلمات يمكن أن تنطبق فقط على زمن النعمة التدبيري الحالي حيث يسكن الروح القدس كل المؤمنين، إلا أن علينا أن نتذكر أنه حتى عندما يأتي عمله الحالي في الكنيسة إلى نهايته، ولا يعود يسكن شخصياً في القديسين كما هو الحال الآن، فإنه كلي الوجود أبداً وسيكون مع أولئك الذين يهتدون إلى المسيح في تلك الأيام القاتمة كما كان مع قديسي العهد القديم قبل العنصرة (الخمسين).
تفسير (مرقس 13: 12) 12 وسيسلم الاخ اخاه الى الموت والاب ولده.ويقوم الاولاد على والديهم ويقتلونهم.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
خيانة المرء أقرباءه، حتى الأولاد العاقّين الذين يسيئون معاملة والديهم الأتقياء، أو العكس، سوف يتطلب صبراً كثيراً وطول أناة من جهة أولئك الذين سيكونون شهداء للملك القادم في وقت الشدة ذاك. مُبْغَضِينَ من قِبَل كل الخانعين لقوة إبليس الذي يعمل في الحكومات الملحدة في تلك الأيام الأخيرة، فإن أولئك الذين يعترفون بالمسيح كملك حق على الأرض سوف يُمتحنون إلى الحد الأقصى، ولكن "الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ". هذا لا يعني أن الخلاص في ساعة الشدة تلك سيعتمد على إيمان الفرد، بل إن ذلك الصبر إلى النهاية هو الدليل أبداً على الصدق. الاعتراف وحسب سينهار عندئذ، كما الآن، ولكن حيث يكون المرء قد تجدد حقاً، فإنه ينال قوةً للاستمرار في طريق التكرس للرب أياً كانت المحن التي يتوجب عليه احتمالها.
تفسير (مرقس 13: 13) 13 وتكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي.ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 5. رجسة الخراب (مرقس 13: 14)
تفسير (مرقس 13: 14) 14 فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة حيث لا ينبغي.ليفهم القارئ.فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية الى الجبال.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
 من الواضح من الأصحاح التاسع من سفر دانيال أن الأسبوع الأخير سيتألف من قسمين. الفترة كلها تُدعى "زَمَانُ ضِيقٍ" (دانيال 12: 1)، و"وَقْتُ ضِيقٍ عَلَى يَعْقُوبَ" (إرميا 30: 7). ولكن السنوات الثلاث ونصف الأخيرة، التي تبدأ بالاستعلان الكامل لإِنْسَان الْخَطِيَّةِ، هي التي تُعرف بـ " الضِيقة العَظِيمة". وهذه  ستبدأ بإِقَامَةِ رِجْسِ الْمُخَرَّبِ التي تم التنبؤ عنها في دانيال 12: 11.
يجب أن نميز بين "الرِّجْس الْمُخَرّب" التي يرد الحديث عنها في (دانيال 11: 31) والتي تشير إلى صورة جوبيتر التي علقها في الهيكل أنطيوخوس إبيفانيس في الماضي السحيق، و"رِجْسِ الْمُخَرَّبِ" الوارد ذكرها في (دانيال 12: 11)، والتي تشير إلى الدمار الذي سيحدث. رِجْسَةَ الْخَرَابِ هذه الأخيرة هي التي كان ربنا يتحدث عنها. سواء كانت تصويراً حرفياً للوحش (رؤيا 13: 14، 15) الذي سيقيمه النبي الكذاب، الوحش شِبْه الخَرُوف (أي المسيح الدجال) في الأيام الأخيرة، أو كانت هذه الصورة بحد ذاتها رمزاً لجماعة غامضة تسلك لأجل مصلحة الرئيس المجدِّف لإمبراطورية العالم الآتي، لا يمكننا أن نحدد بشكل قاطع. ولكن على ضوء كلام الرب فإن القلة الباقية التي تكون على قيد الحياة في ساعة التجربة تلك ستكون قادرة على الفهم وسيعرفون أن قوة الشرير يمكن أن تدوم فقط 1260 يوماً بعد ذلك، وعند انقضاء ذلك الزمان سيشيد الملكوت. ومن هنا فإن الضيقة العظيمة ستدوم طوال ثلاث سنوات ونصف بعد استعلان رِجْسَةَ الْخَرَابِ هذه. وهذا سيكون الأوان الذي سيصب فيه الله جام غضبه على العالم المسيحي المرتد واليهودية المرتدة. وبالنسبة للمسيحيين، لقد أُعطيوا الوعد بأن غضب الله لن يصيبهم. إننا نترقب ربنا يسوع لكي يُنْقِذُنَا مِنَ الْغَضَبِ الآتِي (1 تسالونيكي 1: 10).

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 6. الضيقة العظمى  (مرقس 13: 15-20)
تفسير (مرقس 13: 15) 15 والذي على السطح فلا ينزل الى البيت ولا يدخل لياخذ من بيته شيئا.
تفسير (مرقس 13: 16) 16 والذي في الحقل فلا يرجع الى الوراء لياخذ ثوبه.
تفسير (مرقس 13: 17) 17 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الايام.
تفسير (مرقس 13: 18) 18 وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

إن التعاليم المعطاة لنا في الآيات 14- 18 تنطبق بشكل خاص على القلة الباقية من اليهود في فلسطين خلال فترة حكم الوحش والمسيح الدجال. وكما في أيام تيطس، فإن التحذير قد أعطي لتجنب المدينة والهرب إلى البرية حيث ينجون من غضب الشيطان الذي سيستعلن بالمسيح الدجال.

          كان دانيال قد تنبّأ عن "زَمَان ضِيقٍ لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ". ويستخدم يسوع هنا لغة مشابهة قائلاً: "لأَنَّهُ يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ضِيقٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْخَلِيقَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ" (13: 19).

تفسير (مرقس 13: 19) 19 لانه يكون في تلك الايام ضيق لم يكن مثله منذ ابتداء الخليقة التي خلقها الله الى الان ولن يكون.
تفسير (مرقس 13: 20) 20 ولو لم يقصر الرب تلك الايام لم يخلص جسد.ولكن لاجل المختارين الذين اختارهم قصر الايام.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

 ستكون الكارثة، التي ستقع على الأمم، فاجعة جداً لدرجة أنه إن "لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ لَن يَخْلُصْ جَسَدٌ". ولكنه يخبرنا أنه لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ- أي البقية التقية من بني إسرائيل وأولئك الذين سينجون من بين الأمم- سوف يقَصّر الأَيَّامَ.

          ستمضي ثلاث سنوات ونصف في حوالي 1278 يوماً تقريباً. ولكن سطوة الوحش ستكون محدودة ومحصورة في 1260 يوماً. فالأيام الـ 18 من "التقصير" سوف تسمح بخلاص الكثيرين من الهلاك الفعلي.

          على ضوء القوة التدميرية للقنبلة الذرية يمكننا أن نرى كيف يمكن أخذ كلمات يسوع هذه حرفياً.

          ففي ذلك الوقت الرهيب من المخادعة وتقسي القلب سيضلل كثيرون على يد مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، وكذلك على يد المسيح الدجال في أورشليم. ولكن النخبة الذين سيختارهم الله سيكونون في منأى عن تأثيرهم المخادع المضلل. ولهؤلاء يقول يسوع: "فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ".

          من المؤكد أن هذه النبوءة عن الضيقة العظيمة لا تشير إلى أي حدث قد تحقق، كمثل دمار أورشليم، أو اضطهاد الكنيسة على يد روما الوثنية أو روما البابوية، لأن الآيات التالية تخبرنا عما سيحدث تماماً عندما تأتي فترة الغضب والدينونة هذه إلى الانقضاء.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 7. ظهور أنبياء كذبة (مرقس 13: 21-23)
تفسير (مرقس 13: 21) 21 حينئذ ان قال لكم احد هوذا المسيح هنا او هوذا هناك فلا تصدقوا.
تفسير (مرقس 13: 22) 22 لانه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون ايات وعجائب لكي يضلوا لو امكن المختارين ايضا.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
مسحاء كذبة كثيرون تم التنبؤ بأنهم سيأتون، وتحققت نبوءات كثيرة من هذه، ولكن الخروف الحقيقي في القطيع لن يعرف صوت هؤلاء الغرباء.
تفسير (مرقس 13: 23) 23 فانظروا انتم.ها انا قد سبقت واخبرتكم بكل شيء

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 8. انهيار الطبيعة (مرقس 13: 24-25)
تفسير (مرقس 13: 24) 24 واما في تلك الايام بعد ذلك الضيق فالشمس تظلم والقمر لا يعطي ضوءه.
تفسير (مرقس 13: 25) 25 ونجوم السماء تتساقط والقوات التي في السموات تتزعزع.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

 9. مجيء ابن الإنسان (مرقس 13: 26-27)
تفسير (مرقس 13: 26) 26 وحينئذ يبصرون ابن الانسان اتيا في سحاب بقوة كثيرة ومجد

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

 لاحظوا أن كل هذه الإشارات البشيرية والعودة الفعلية لابن الإنسان ستكون مباشرة "بَعْدَ ذَلِكَ الضِّيقِ". ومن هنا ندرك أن هذه الحالة لم تحدث بعد، لأن المجيء الثاني للرب لا يزال في المستقبل. ولا أحد سوى الله يعرف متى يكون ذلك. ولكنه لا يزال أمراً يترقبه شعب الله، وليس شيئاً ينظرون إليه إلى الوراء أو في الماضي.

          مجيئه إلى الأرض سترافقه اضطرابات طبيعية عنيفة عظيمة، حيث سيهتز كل شيء ويتمايل كمثل رجل سكّير يترنح، وحوادث فائقة للطبيعة ستجري وسط الأجرام السماوية. إن عبارة "الْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ" هي الأبلغ تعبيراً إن اعتبرنا العصر الذري الذي دخلنا فيه، إذ أن "اليورانيوم" هو عنصر أخذ اسمه من الكلمة اليونانية التي تعني "سماء".

          لاحظوا الفرق بين هذه المرحلة من المجيء الثاني وتلك التي يصورها الأصحاح (1 تسالونيكي 4). فهنا يأتي ابن الإنسان إلى الأرض بقوة ومجد عظيمين. أما هناك فالرب ينزل من السماء، ولكنه يدعو قديسيه للقائه في الهواء. هنا يرسل ملائكته ليجمع مُخْتَارِيهِ (أي القلة التقية الباقية من بني إسرائيل والأمم الذين سيكونون في انتظاره في ذلك اليوم) مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ. وهناك مختاروه المقدسون، أي قديسوا العصور الماضية والكنيسة، جسد المسيح، سيُختطفون لملاقاته في الهواء، لكي يعودوا معه في مجد عندما يتحقق ما ورد في هذا المقطع من مرقس.

تفسير (مرقس 13: 27) 27 فيرسل حينئذ ملائكته ويجمع مختاريه من الاربع الرياح من اقصاء الارض الى اقصاء السماء.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

10. مثل شجرة التين المخضرة (مرقس 13: 28-29)
تفسير (مرقس 13: 28) 28 فمن شجرة التين تعلموا المثل.متى صار غصنها رخصا واخرجت اوراقا تعلمون ان الصيف قريب.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
في هذا الجزء تُستخدم شجرة التين كرمز إلى يَهُوذَا، أو الشعب اليهودي. إنها تشير إلى بني إسرائيل. عندما تُخرج شجرة التين ورقها يعرف المرء أن الصيف قد اقترب. ولذلك عندما يقترب حدوث هذه الأمور- عندما يحاول اليهود أن يتميزوا كشعب من جديد ويبدأ حدوث تلك العلامات الموصوفة، فالكل سيعرف أن التحقيق، مجيء الملك، قد حان. سيبقى جيل من اليهود غير المؤمنين حتى ذلك الوقت. ولن تهلكهم محاولات الشيطان.
تفسير (مرقس 13: 29) 29 هكذا انتم ايضا متى رايتم هذه الاشياء صائرة فاعلموا انه قريب على الابواب.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

12. تأكيد مجيئه (مرقس 13: 30-31)
تفسير (مرقس 13: 30) 30 الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله.
تفسير (مرقس 13: 31) 31 السماء والارض تزولان ولكن كلامي لا يزول.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

13. عدم معرفة الساعة (مرقس 13: 32)
تفسير (مرقس 13: 32) 32 واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن الا الاب.

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 13

14. الدعوة للسهر (مرقس 13: 33-37)
تفسير (مرقس 13: 33) 33 انظروا.اسهروا وصلوا لانكم لا تعلمون متى يكون الوقت.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

 ومهما هزأ غير المؤمنين، فإن كلمة الله سوف تثبت. السماء والأرض قد تزولان، أما كلامه فلا يزول أبداً.

          عبثاً نحاول أن نضع مخططاً كرونولوجيّاً (بالترتيب الزمني) لكي نحدد زمن مجيئه. فهذا سر لم يُكشف حتى للملائكة، وكإنسان على الأرض اختار ابن الإنسان ألا يعرف. إنه حق وامتياز خاص بالآب أن يحدد الزمن، كما أعلن يسوع أيضاً في (أعمال 1: 7). يا لبطء البشر في قبول هذه الحقيقة، وكم يتخبطون ويتحامقون في محاولة حساب وقت عودته!

          إن لنا أن ننتبه إلى كلماته، وأن نسهر ونترقب ونصلي، منتظرين تحقيق وعوده.

تفسير (مرقس 13: 34) 34 كانما انسان مسافر ترك بيته واعطى عبيده السلطان ولكل واحد عمله واوصى البواب ان يسهر.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
كمثل رجل سافر بعد أن أعطى تعليماته إلى خدامه تتعلق بواجباتهم في غيابه ولكن لم يحدد لهم يوم أو ساعة عودته، هكذا يسوع ربنا صعد إلى السماء، معلناً أنه عندما يحين الأوان سيأتي من جديد ولكن دون أن يحدد لهم الوقت. في هذه الأثناء نكون نحن هنا لخدمته، هو الذي حدد "لِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ" وَأَوْصَى الْبَوَّابَ أَنْ يَسْهَرَ.
تفسير (مرقس 13: 35)  35 اسهروا اذا.لانكم لا تعلمون متى ياتي رب البيت امساء ام نصف الليل ام صياح الديك ام صباحا.
تفسير (مرقس 13: 36) 36 لئلا ياتي بغتة فيجدكم نياما.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
  كإنسان بسبب عدم المعرفة الأكيدة بموعد رجوعه إلى الأرض، على جميع خدامه أن يكونوا على أهبة الاستعداد، منتظرين وساهرين في ترقب لئلا يأتي فجأة ويجدهم نياماً. وللجميع تأتي الكلمة التحذيرية أن " اسْهَرُوا".
تفسير (مرقس 13: 37) 37 وما اقوله لكم اقوله للجميع اسهروا

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 14

1. تدبير رؤساء الكهنة والكتبة قتل المسيح (مرقس14: 1- 2)
تفسير (مرقس 14: 1) 1 وكان الفصح وايام الفطير بعد يومين.وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

تتسارع الأحداث الآن إلى النهاية، حيث سيموت ربنا المبارك على الصليب كتقدمة كفارية عظيمة عن الخطية. في متى رأيناه ذبيحة فصحية، مستعيداً الَّذِين لَمْ يخْطَفْهُم (مز 69: 4). وهنا يسلم ذاته للموت لكي يوفي كل التبعات الناجمة عن الخطيئة في نظر الله، فيكون بذلك، ليس فصحاً حقيقياً وحسب، بل أيضاً العنصر المميِّز المتأصّل في قلب الإنسان الساقط، العداء نحو الله المتبدي في أفعال التمرد ضده. إن الخطوات المؤدية مباشرة إلى الصليب جليلة مهيبة بشدة ومنورة بعمق للغاية.

          نلاحظ العداء المطَّرد أبداً عند رؤساء الكهنة والكتبة في الآيات 1 و 2.

تفسير (مرقس 14: 2) 2 ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
هؤلاء المراءون الماكرون الذين كانوا يخدمون الشيطان في بزّة السماء كانوا أكثر براعة ومكراً من أن يجازفوا باعتقال يسوع علانية في يوم العيد، إذ سيكون هناك الكثير من عامة الشعب في أورشليم سيتوجب عليهم مواجهتهم في ذلك الوقت. ولذلك تآمروا سراً منتظرين الساعة المناسبة لينفذوا خططهم الشائنة.

           تفسير انجيل مرقس الاصحاح 14

2. كسر قارورة الطيب (مرقس14: 3-9) 
تفسير (مرقس 14: 3) 3 وفيما هو في بيت عنيا في بيت سمعان الابرص وهو متكئ جاءت امراة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن.فكسرت القارورة وسكبته على راسه.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

   من اللافت والممتع أن نلاحظ كيف أن الروح القدس يتحدث عن بيت عنيا على أنها " قَرْيَةِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا أُخْتِهَا". لا بد أن كثير من الناس المهمين كانوا يسكنون تلك الضاحية القريبة جداً من أورشليم، وكان ليمكن للمرء أن يربط بينها وبينهم بشكل طبيعي أكثر منه بهذه العائلة الهادئة المتواضعة. ولكن بالنسبة لله، كانت هذه "قريتهم"، لأنهم أحبوا ابنه وآمنوا به. لعل في هذا مجرد إشارة ولو بسيطة إلى الطريقة التي ينظر فيها الرب إلى مدننا وقرانا اليوم، مقدراً إياها، ليس لأنها أماكن إقامة أولئك العظماء في نظر العالم- ذوي الأسماء اللامعة في السياسة والعلوم والأعمال- بل لأنها أماكن سكن بعض قديسيه الذين يعتبرون من "الْهَادِئِينَ فِي الأَرْضِ" (مز 35: 20)، فقراء هذا العالم، الأغنياء في الإيمان (يعقوب 2: 5)، الَمَجْهُولِونَ للناس، ولكن المَعْرُوفُونَ عند الله (2 كور 6: 9).

"فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ".

لا نعرف شيئاً عن هذا الرجل، ولكن الافتراض هو أنه كان أبرص وأن يسوع طهّره. افترض البعض أنه كان زوج مرتا، وآخرون افترضوا أنه كان والد الثلاثة الذين كانوا أصدقاء مقربين ليسوع. الـ "امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبِ نَارِدِينٍ" هي مريم، الذي نقرأ عن عملها هذا الدال على التكرس في يوحنا 12. فما كانت لتعتبر أن أي شيء غالٍ على يسوع، ولذلك سكبت على رأسه، وأيضاً على قدميه (كما يقول يوحنا) الطِيب نَارِدِين وهو متكيء إلى المائدة. لقد كانت تقدمة جميلة لذاك الذي كانت ترى فيه المسيا الموعود.

في هذه الأثناء شاءت مجموعة صغيرة من الذين أحبوه أن يكرّموه بطريقة خاصة. كان المنزل في بيت عنيا، حيث تعيش مريم ومرتا ولعازر، أحد أجمل الأماكن في الأرض المحببة على قلب ربنا المبارك. لقد كان أحد الأماكن التي كان الرب فيها موضع ترحيب على الدوام والتي كانت تُفهم فيه رسالته على أفضل وجه. ولعل مريم دخلت إلى فكره أكثر من الباقين لأنها كانت تتعلم عند قدميه ما خفي على أختها الأكثر انشغالاً منها بأعباء المنزل والضيافة، بل حتى كانت في ذلك أفضل من لعازر. أمام هؤلاء الثلاثة كان الرب يسوع يسمح لانفعالاته بأن تظهر وتتدفق أكثر من الآخرين. ونقرأ أن يسوع كان "يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ" (يوحنا 11: 5)، ومن الواضح جداً أنهم كانوا يقدّرون تلك المحبة ويبادلونه إياها، إذ عندما كان الأخ مريضاً، فكرت الأختان أنه كان يكفي أن يبعثا رسولاً إلى يسوع ليقول له: "هُوَذَا الَّذِي تُحِبُّهُ مَرِيضٌ" (يوحنا 11: 3).

          أعرف أن البعض يسلّم بوجود امرأتين في قصتين مختلفتين عن دهن الرب يسوع بالطيب في بيت عنيا، ولكن يبدو لي أن هذا محال تماماً نظراً إلى حقيقة أن نفس الحوار قد دار عملياً في كلتا الروايتين. في كلتا الحادثتين يعترض التلاميذ على تَلَف الطِّيبِ على أساس أنه كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ. وفي كل حالة منهما، يدافع الرب عن المرأة فيما بدا لهما تلفاً ويعبّر عن تقديره الشخصي لهذا العمل الذي قامت به المرأة. أرى شخصياً أن هذه الكلمات تبرهن حصرياً على أن هذه المرأة هي مريم التي من بيت عنيا، أخت مرتا ولعازر، وقد مسحت الرب بالطيب، وليس من سواها.

تفسير (مرقس 14: 4) 4 وكان قوم مغتاظين في انفسهم فقالوا لماذا كان تلف الطيب هذا.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
 سأل البعض: "لِمَاذَا كَانَ تَلَفُ الطِّيبِ هَذَا؟" ونعرف، من رواية يوحنا، أن يهوذا كان أصل اللغط والتذمر والاستياء. وهذا يدل على مدى ضعف فهمه هو والباقين للأحداث الوشيكة الحصول، رغم أن يسوع قد تنبأ عنها مراراً وتكراراً. لقد سَبَقَتْ مريم وَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ جَسَدِه لِلتَّكْفِينِ (الآية 8).
تفسير (مرقس 14: 5) 5 لانه كان يمكن ان يباع هذا باكثر من ثلاث مئة دينار ويعطى للفقراء.وكانوا يؤنبونها.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
 "كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ".
الدينار الروماني كان عملة نقدية من الفضة قيمته أقل من الـ 25 سنتاً حالياً، ولكن كان لها قيمة شرائية أكبر منها بكثير، فقد كانت الأجر اليومي العادي للعامل الكادح في ذلك الزمان. وبالتالي، بحسب تقديرات يهوذا، كانت قارورة الطيب تعادل أجور سنة كاملة، مع حذف أيام السبوت وأيام الأعياد الخاصة. لقد بدا هذا تبذيراً أُنْفِقَ بدون حساب على يسوع، ولكن المحبة الحقيقية لا تعرف حدوداً لما تُسر بأن تقدم أو تفعل للمحبوب. الاقتراح بأن ثمن الطيب كان يمكن تقديمه صدقةً لا يعني، بالضرورة، أن يهوذا كان ليهتم بالفقراء. نعلم أن ذلك كان لأنه كان سَارِقاً وَكَانَ الصُّنْدُوقُ عِنْدَهُ وَكَانَ يَحْمِلُ مَا يُلْقَى فِيهِ (يوحنا 12: 6).
تفسير (مرقس 14: 6) 6 اما يسوع فقال اتركوها.لماذا تزعجونها.قد عملت بي عملا حسنا.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
" ﭐتْرُكُوهَا! .... قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَناً".
لقد كان يسوع دائماً يقدّر كل دلالة على المحبة الحقيقية، وأعطى قيمة كبيرة لفعل المحبة المتفانية الذي قامت به مريم. ما من شيء يضيع إذا قُدِّمَ ليسوع ربنا. إنه يستحق أفضل ما لدينا. فعل التكرس العبادي الذي تبديه مريم كان خير مثال على ما نقرأه في نشيد الأنشاد (1: 12). فقد عرفت في يسوع ملك إسرائيل الحقيقي.
تفسير (مرقس 14: 7) 7 لان الفقراء معكم في كل حين ومتى اردتم تقدرون ان تعملوا بهم خيرا.واما انا فلست معكم في كل حين.


"الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ ..... وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ".
من الملائم والواجب أبداً أن نخدم المحتاجين، الذين يمكن أن نجدهم دائماً إن رغبنا في مساعدتهم. هذه الخدمة مطلوبة وواجبة في كل حين. ولكن يسوع كان على وشك أن يغادرهم، وبدا أن مريم أدركت ذلك.
تفسير (مرقس 14: 8) 8 عملت ما عندها.قد سبقت ودهنت بالطيب جسدي للتكفين.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
"عَمِلَتْ مَا عِنْدَهَا".
ليس من إطراء أعظم من هذا. في مقدور الجميع أن يفعلوا أشياء عظيمة للمسيح، ولكن حسنٌ أن يفعل كل واحد ما يستطيع كما لو كان يفعل ذلك للرب نفسه.
تفسير (مرقس 14: 9) 9 الحق اقول لكم حيثما يكرز بهذا الانجيل في كل العالم يخبر ايضا بما فعلته هذه تذكارا لها

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

"حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهَذَا الإِنْجِيلِ .... يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هَذِهِ تَذْكَاراً لَهَا".

لم تفكر مريم ذلك اليوم بأن تعبيرها عن محبتها للملك المرفوض سيجعل اسمها معروفاً في كل أرجاء العالم؛ وهذا ما حصل فعلاً لأن قصتها قد روتها ثلاثة أناجيل ونُقلت إلى كل صقعٍ في الأرض يُكرز فيه بالمسيح.

          في هؤلاء الأصدقاء الثلاثة ليسوع نجد مواصفات يجب أن يتميز بها كل من يؤمن به. ففي مرتا نجد الخدمة، والتي تبلغ ذروتها عندما تكون خالية من الهم والقلق ويُقام بها كما للرب نفسه. وفي مريم نجد التلمذة والتعبد. لقد كانت تُسر بأن تأخذ دور التلميذ عند أقدام يسوع وأن تسكب أفضل ما عندها عليه. ولعازر الذي كان يجلس معه إلى المائدة (يوحنا 12: 2)، يتميز بالشركة أو الصداقة (الصحبة). مغبوطٌ من تجتمع فيه كل هذه الصفات!

تفسير انجيل مرقس الاصحاح 14

3. خيانة يهوذا (مرقس14: 10-11)
تفسير (مرقس 14: 10) 10 ثم ان يهوذا الاسخريوطي واحدا من الاثني عشر مضى الى رؤساء الكهنة ليسلمه اليهم.

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside
 إن الخيانة، والمحاكمة الهازئة، والحكم بالموت على ربنا المبارك تشكل معاً أكبر إخفاق للعدالة في كل التاريخ. ومع ذلك فإن كل شيء كان معروفاً مسبقاً عند الله، وكل شيء كان متوافقاً مع الكلمة النبوية الأكيدة. أولئك الذين اشتركوا في تلك الجريمة الشائنة كانوا جميعاً يلعبون الدور الذي تم التنبّؤ عنه منذ القدم، رغم أنهم ما كانوا يعرفون ذلك. ليس الأمر أنه قُدِّرَ لهم مسبقاً أن يسلكوا كما فعلوا. فقد كانت لديهم الحرية الأخلاقية ليفعلوا ما يشاؤون، بمعنى من المعاني، ذلك لأنهم تصرفوا على ذلك النحو عن عمد بمحض إرادتهم. ولكنهم كانوا عبيد الشيطان، العدو الرئيسي لله والإنسان، الذي قادهم لأن يفعلوا ما كان الله نفسه قد أعلن أنه سيُصنع. هناك فرق بين معرفته السابقة وتقديره (بقضاء وقَدَر) حدوث الأمور- هذا الفرق قد ميزه بطرس عندما أعلن، في يوم العنصرة (الخمسين) قائلاً (عن المسيح): "أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ" (أع 2: 23). كل مناوئيه في تلك الدراما التاريخية المريعة كان مسؤولاً شخصياً عن سلوكه نحو المخلص القدوس، حتى وإن كان قد جاء بطرقهم إلى الصليب حيث قدّم نفسه كفّارة استرضائية عن خطايانا.
"يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ وَاحِداً مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ".
لقد كان أمين الصُّنْدُوق لجماعة الرسل (يوحنا 12: 6)، وموضع ثقة الآخرين، ولكنه لم يكن متجدداً أبداً في قلبه وحياته (يوحنا 6: 70). إذ كان معدوداً ابناً لله (أع 1: 17) فإنه كان حقاً ابن الهلاك (يوحنا 17: 12)، مقدراً له، بسبب خطاياه الخاصة به، مصير الأبدية الضالة في العقاب الأبدي. لقد كان هذا "مَكَانه" (أع 1: 25). رغم أنه كان له امتياز كبير، إلا أنه كان خيراً له لو لم يُولد (متى 26: 24). من الواضح أنه كان الوحيد من بين الاثني عشر الذي لم يكن جليلياً. الاسخريوطي تعني "رجل من قَرْيُوتَ"، وهي مدينة في يَهُوذَا.
تفسير (مرقس 14: 11) 11 ولما سمعوا فرحوا ووعدوه ان يعطوه فضة.وكان يطلب كيف يسلمه في فرصة موافقة

تفسير إنجيل مرقس هنري أ. آيرونسايد - Expository Notes on the Gospel of Mark /  Henry A. Ironside

"وَعَدُوهُ أَنْ يُعْطُوهُ فِضَّةً".

الجشع، محبة المال، هو أصل كل الشرور (1 تيموثاوس 6: 10). لقد دُفع يهوذا لخيانة معلمه وتسليمه إلى أولئك الذين كانوا يسعون لقتله.

 لقد قال سمعان عن الرب يسوع المسيح عندما أخذ الطفل الإلهي بين ذراعيه عند تقديمه إلى الهيكل ما يخطر في قلب كثيرين (لوقا 2: 35). يسوع المسيح هو مِحكّ كل القلوب. كل شيء يعتمد على موقفنا نحوه. يهوذا، الذي رافقه لحوالي ثلاث سنوات، خانه بدناءة على نحو مخزٍ. وبطرس، الصادق في قلبه، امتلأ بروح الجبن، وأنكر أي صلة له به. في حين أن بيلاطس، المقتنع ببراءته، استسلم بضعف لأولئك الذين كانوا

  يصرخون طالبين قتله، وحكم عليه بالصلب. هؤلاء جميعاً يمثلون البشر، ويظهرون الطرق المختلفة التي لا يزال الناس يسلكون بها نحو مسيح الله.

 

 

         

         


     

    

 

This site was last updated 08/18/14