Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

 


سنة أربع وعشرين ومائتين وألف استهل شهر المحرم بيوم الخميس وفي تلك الليلة أعني ليلة الجمعة ثانيه مرت سحابة سوداء مظلمة في وقت العشاء وحصل فيها رعد مزعج وبرق مستنير شديد اللمعان وأمطرت في محلات قليلًا وفي أخرى كثيرًا ثم انجلت السماء سريعًا فظهرت النجوم وبعد أيام أخبر الواردون من ناحية السماحات بالغربية أنها أمطرت بتلك الناحية في تلك الليلة بردًا كبيرًا وصغيرًا والكبير في مقدار حجر الطاحون والصغير في مقدار بيض الدجاج وتهدمت منها دور وقتلت مواشي وآدمية وأهلكت زروعًا كثيرة‏.‏
وفي يوم الأحد 4 المحرم 1224 هـ - 17 فبراير 1809 م  قتل الباشا حسين بن الخبيري وهو بترعة الفرعونية وأرسل رأسه إلى مصر فعلقت بباب زويلة‏.‏
وفي أواخر المحرم 1224 هـ - منتصف مارس 1809 م حضر الباشا من ترعة الفرعونية وقد عجز عن سدها بعد أن بذل جهده وفرض الفرض العظيمة على البلاد وأشغلوا المراكب في نقل الأحجار ليلًا ونهارًا والسيد محمد المحروقي متقيد لذلك ومقيم بمسجد الآثار لتشهيل الحجارين ووسقها بالمراكب وقطعها من الجبل قطعًا وصخورًا فكانوا يشقون الجبل بألغام البارود مثل عمل الإفرنج وظهر في قطعهم كهوف وممغارات وتجاويف وتحدث الناس بذلك بأنواع الأكاذيب والخرافات كقولهم ظهر في الجبل باب من حديد وعليه أقفال ففتحوه ونظروا من داخله أشخاصًا على خيول إلى غير ذلك‏.‏
وفيه حضر قاصد من قبودان باشا بطلب عوائده بالإسكندرية فقال له حاكم الإسكندرية ينبغي أن تذهب إلى الباشا بالترعة وتقابله فذهب إليه وقابله عند السد فبات تلك الليلة وأصبح ميتًا فأخرجوه إلى المقبرة ثم حضر قاصد آخر يخبر بوصول قابجي وعلى يده مرسومان أحدهما الأخبار عن صلح الدولة مع الإنكليز والموسكوب وانفتاح البحر وأمن المسافرين والثاني الأمر بالسفر والخروج إلى فتح الحرمين وطرد الوهابية عنهما وأن يوسف باشا الصدر السابق المعروف بالمعدن تعين بالسفر للحرمين على طريق الشام وكذلك سليمان باشا والي بغداد متعين أيضًا بالسفر من ناحيته على الدرعية وأحضر للباشا تقريرًا بالولاية مجددًا وخلعة وسيفًا‏.‏
ودخلت سنة 1224 واستهل شهر صفر بيوم السبت سنة 1224 هـ - 18 مارس 1809 م فيه حضر الآغا الواصل إلى بولاق فركب لملاقاته آغات الينكجرية والوالي وأرباب العكاكيز فأركبوه في موكب ودخلوا به من باب النصر وطلع إلى القلعة وقرؤوا المراسيم بحضرة الجمع وبعد الفراغ من قراءتها ضربوا مدافع وشنكًا‏.‏
وفي ذلك اليوم غيمت السماء بالسحاب وأمطرت كثيرًا ونزل مطر ببركة الحاج وجدوا فيه سمكًا صغيرًا من جنس السمك الذي يعرف بالقاروص وصار يتنطط على الأرضص وأحضروا منه إلى مصر وشاهدناه وهو في غاية البرودة‏.‏
وفيه اهتم الباشا بإخراج تجريده إلى الأمراء القبليين وذلك أنه تقدم بالإرسال إليهم يطالبهم بالغلال والأموال الميرية المرار العديدة ويعدون ولا يوفون ووصل إليه من عندهم رضوان كتخدا البرديسي وهو بالترعة ومعه أجوبة وهدية وفيها خيول وجوار وعبيد وسكر وخصيان فاغتاظ الباشا من قال أنا لست أطلب إحسانهم وصدقاتهم حتى أنهم يضحكون على ذقني بهذه الأمور وحيث أنهم لا يرجعون عن الكامن في رؤوسهم فلا بد من خروجي إليهم ومحاربتهم وأرسل إلى من بمصر من الأكبر يأمرهم بالبراز والخروج فخرج حسن باشا وصالح آغا قوج وطاهر باشا وأحمد بك والكثير من أعيانهم بعساكرهم وعدوا إلى بر الجيزة ونصبوا وطاقهم وخيانهم ثم أن رضوان كتخدا لم يزل يلاطفه حتى توافق معه على وعد مقدار مسافة ذهاب الجواب ورجوعه أيامًا معدودة فلما حضر من الترعة أخذ في التشهيل والخروج فانتقلت العساكر إلى البر الغربي وأخذ يستحث في المطلوبات وخروج الخيام وجمع المراكب وسافر قبودان بولاق إلى جهة بحري لجمع المراكب وفرضوا على القرى غلالًا وجمالًا وذلك في عقب ما فرضه عليهم في مهمات الترعة المتقدمة وخلافها من بشارة القبطان والتقرير وما في ضمن ذلك من حق طرق المباشرين والمعينين مع ما الناس فيه من القحط والغلاء في الغلال وغيرها وعدم وجود الغلة والذين لا يقدرون على تحصيل الغلة يلزمونهم بدفع ثمنها بأقصى القيمة بعد مصانعة المباشرين لذلك وإعطائهم الرشوات وحضر أيضًا نعمان سراج باشا من عند إبراهيم بك وقابل الباشا على الترعة فلم ينفع حضوره أيضًا ولم يسمع له قول ورجع مزيفًا‏.‏
وفي يوم الأربعاء 5 شهر صفر سنة 1224 هـ - 18 مارس 1809 م حضر علي بك أيوب وصحبته آخر يقال له رضوان بك البرديسي فطلعا إلى القلعة وتقابلا مع الباشا وانخضع له علي بك أيوب وقبل رجله وترجى عنده في عدم خروج التجريدة وكلمه في أمر الغلال المنكسرة والجديدة وعلى أنهم يقومون بدفع الغلال القديمة بالثمن والجديدة بالكيل وليس عندهم مخالفة والقصد الإمهال إلى حصاد الغلال فقال أنهم إذا حصدوا الغلال أخذوها وفروا إلى الجبال واستمر هذا القيل والقال نحو أربعة أيام ثم أشيع في ثامنه الصلح وفرح الناس واستبشروا بذلك لما يترتب وما يحصل من الفساد وأكل المزروعات وخراب البلدان فإنهم أكلوا في الأربعة أيام التي ترددوا فيها بالجيزة نيفًا وخمسمائة فدان ولما أشيع بالجهة القبلية خروج العساكر للتجريدة انزعجوا وأيسوا من زروعاتهم وخرجوا من أوطانهم على وجوههم لا يدرون أين يذهبون بأولادهم ونسائهم وقصاعهم وتفرقوا في مصر والبلاد البحرية‏.‏
وفي صبحها أعيد أمر التجريدة وأشيع خروج العساكر ثانيًا فانقبضت النفوس ثانيًا وباتوا في نكد وطلبت السلف من المساتير والملتزمين وكتبت الدفاتر وحولت الأكياس وانبثت المعينون للطلب‏.‏
وفي يوم الأثنين 10 شهر صفر سنة 1224 هـ - 18 مارس 1809 م بطل أمر التجريدة وانقضى أمر الصلح على شروط وهي أنهم التزموا بثلث ما عليهم من غلال الميري وقدره مائة ألف أردب وسبعة آلاف أردب بعد مناقشات ومحققات والذي تولى المناقشات معهم مساعدًا للباشا شاهين بك الألفي والموعد أحد وثلاثون يومًا وسافر علي بك أيوب ورضوان بك البرديسي وأكرمهما الباشا وخلع عليهما‏.‏
وفي الثلاثاء 11 شهر صفر سنة 1224 هـ - 28 مارس 1809 م قتل الباشا مصطفى آغا تابع حسن بك في قصبة رضوان ظلمًا وسبب ذلك أنه لما نزل قبودان لجمع المراكب المطلوبة لسفر التجريدة فصادف شخصًا من الأرنؤد الذين يتسببون في بيع الغلال في مركب ومعه غلة وذلك عند قرية تسمى سهرجت فحجزه ليأخذ منه السفينة فقال كيف تأخذها وفيها غلتي قال أخرج غلتك منها على البر واتركها فإنه مطلوبة لمهمات الباشا فلم يرض وخاف على تبددها ولم يجد سفينة أخرى لأن جميع السفن مطلوبة مثلها وقال له عندما أصل بها إلى مصر وأنقل منها الغلة أرسل معي من يأخذها فقال القبودان لا سبيل إلى ذلك وتشاجرا فحنق القبودان على الأرنؤدي وسل عليه سيفه ليضربه فعاجله الأرنؤدي وضربه بالطبنجة فقتله فأراد أتباع القبودان القبض عليه ففر منهم إلى البلدة وبها جماعة من الدلاة معينون لقبض الفرضة فالتجأ إليهم فمانعوا عنه وتنازع الفريقان وكان مصطفى آغا المذكور ملتزم البلدة هناك وغائبًا في بعض شؤونه فبلغه الخبر فحضر إليهم وخاف من وقوع قتل أو شر يقع بالبلدة فيكون سببًا لخراب الناحية فقال يا جماعة اذهبوا بنا إلى الباشا ليرى رأيه فرضوا بذلك وحضر بصحبتهم والقاتل معهم وطلعوا إلى ساحل بولاق فعندما وصلوا إلى البر هرب القاتل وذهب عند عمر بك الأرنؤدي الساكن ببولاق فتبعه الأمير مصطفى المذكور فقال له عمر بك اذهب إلى الباشا وأخبره أنه عندي وأنت لا بأس عليك ففعل فقال له الباشا ولأي شيء لم تحتفظ عليه وتتركه حتى يهرب فاعتذر بعدم قدرته على ذلك من الدلاتية الملتجئ إليهم وكأنهم هم الذين أفلتوه فأمر بحبسه فأرسل إلى عمر بك فحضر إلى الباشا وترجى في إطلاقه فوعده أنه في غد يطلقه إذا حضر القاتل فقال أنه عند أزمير آغا وهو لا يسلم فيه وركب إلى داره فلما كان في الصباح أمر بقتل الأمير مصطفى المذكور فأنزلوه إلى الرميلة ورموا رقبته عند باب القلعة ظلمًا‏.‏
وفي صبحها أيضًا قتلوا شخصًا من الدلاة بسبب هذه الحادثة‏.‏
وفي يوم الأربعاء 12 شهر صفر سنة 1224 هـ - 29 مارس 1809 م ثاني يوم قتل الأرنؤد شخصين من الدلاة أيضًا‏.‏
وفي يوم الخميس 13 شهر صفر سنة 1224 هـ - 30 مارس 1809 م أرسل الباشا وطلب الأرنؤدي القاتل للقبودان من عمر بك وشدد في طلبه وقال إن لم يرسله وإلا أحرقت عليه داره فامتنع من إرساله وجمع إليه طائفة من الأرنؤد وصالح آغا قوج جاره وركب الباشا وذهب إلى ناحية الشيخ فرج وحصل ببولاق قلقة وانزعاج ثم ركب الباشا راجعًا إلى داره بالأزبكية وقت الغروب وكثرت الأرجاف والقلقة بين الأرنؤد والدلاتية‏.‏
وفي يوم السبت 15 شهر صفر سنة 1224 هـ - أول أبريل 1809 م قتل الأرنؤد شخصين من الدلاتية أيضًا جهة قناطر السباع ثم أن القاتل الذي قتل القبودان التجأ إلى كبير من كبار الأرنؤد فأرسل الباشا إلى حسن باشا يطلب منه ذلك الكبير وأكد في طلبه أو أنه بقطع رأس القاتل ويرسلها فكأنه فعل وأرسل إليه برأس ملفوفة في ملاية تسكينًا لحدته وبردت القضية وسكنت الحدة وراحت على من راحت عليه‏.‏
وفي أواخر شهر صفر سنة 1224 هـ - منتصف أبريل 1809 م أمر الباشا بتحرير دفاتر فرضة الأطيان وزادوا فيها عن عام الشرقي الماضي الثلث وربطوها ورتبوها أربع مراتب تزيد كل ضريبة عن الأخرى مائة نصف فضة أعلاها يبلغ ثمانمائة نصف فضة على أن الفرضة الماضية بقي الكثير منها بالذمم لخراب القرى وعجزهم واختلى لتنظيم ذلك من الأفندية والأقباط بجهات متباعدة الأفندية بربع أيوب ببولاق والأقباط بدير مصر العتيقة حتى حرروا ذلك وتمموه ورتبوه في عد أيام ووقع الطلب في جانب معجلًا سموه الترويجة‏.‏
وفيه أمر الباشا عمر بك الأرنؤدي بالسفر من مصر وقطع خرجه وراتبه هو وعسكره فلم تسعه المخالفة وحاسب على المنكسر له ولعسكره من العلائف وكذلك حلوان البلاد التي في تصرفه فبلغ نحو ستمائة كيس وزعت على دائرة الباشا وخلافهم وكان الباشا ضبط جملة من حصص الناس واستولى عليها من بلاد القليوبية بحري شبرا واختصها لنفسه فلما استولى على حصص عمر بك ودفع حلوانها وهي بالمنوفية والغربية والبحيرة عوض بعض من يراعي جانبه من ذلك وأخذ عمر بك ومن يلوذ به في تشهيل أنفسهم وقضاء حوائجهم‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول سنة 1224 هـ - 15 مايو 1809 م فيه شرع السيد عمر مكرم نقيب الأشراف في عمل مهم لختان ابن ابنته ودعا الباشا والأعيان وأرسلوا إليه الهدايا والتعابي وعمل له زفة يوم الاثنين سادس عشره مشى فيها أرباب الحرف والعربات والملاعيب وجمعيات وعصب صعايدة وخلافهم من أهالي بولاق والكفور والحسينية وغيرها من جميع الأصناف وطبول وزمور وجوع كثيرة فكان يومًا مشهودًا اكتريت فيه الأماكن للفرجة وكان هذا الفرح هو آخر طنطنة السيد عمر بمصر فإنه حصل له عقيب ذلك ما سيتلى عليك قريبًا من النفي والخروج من مصر‏.‏
وفيه كمل سد ترعة الفرعونية واستمر العمل فيها وفي تأييد السد بالأحجار والمشمعات والأتربة نحو ستة أشهر وصرف عليها من الأموال ما لا يحصى وجرى مجرى البحر الشرقي وغزر ماؤه وجرت فيه السفن من دمياط بعد أن كان مخاضة وملحت عذوبة النيل بما انعكس فيه وخالطه من ماء البحر الملح إلى قبلي فارس كور وأقام بالسد عمر بك تابع الأشقر لخفارته وتعهد الخلل وكتم الجسر من النشع والتنفيس وسكن هناك ولم يفارقه واستمر في هذه الوظيفة والخدمة ولم يقم بمصر‏.‏
وفي هذا الشهر وما قبله تشحطت الغلال وغلا سعرها حتى بلغ الأردب القمح ألفًا وستمائة نصف فرضة وعز وجوده بالرقع والعرصات وأما السواحل فلا يكاد يوجد بها شيء من الغلة بطول السنة ولولا لطف الله بوجود الذرة لهلكت الخلائق ومع ذلك استمرار المغارم والفرض حتى فرض الغلة عين وكذلك تبن وجمال وما ينضاف إلى ذلك مما سمعته غير مرة مما يطول شرحه‏.‏
وليه نودي على صرف الفراسة والمحبوب والمجر كما نودي في العام الماضي لأنه لما نودي بنقص صرفها ومضى نحو الشهر أو الشهرين رجع الصرف إلى ما كان عليه وزيادة فأعيد النداء كذلك وسيعود الخلاف ما دام الكرب والضيق بالناس على أن هذه المناداة والأوامر بالنقص والزيادة ليست من باب الشفقة على الناس ولا الرحمة وإنما هي بحسب أغراضهم وزيادة طمعهم فإنه إذا توجهت المطالبات بالفرض والمغارم نودي بالنقص ليزيد الفرط وتتوفر لهم الزيادة ويحصل التشديد والمعاقبة على من يقبض بالزيادة من أهل الأسواق وإذا كان الدفع من خزانتهم في علائف العسكر أو لوازمهم الكبيرة قبضوها بأزيد من الزيادة التي نادوا عليها من غير مبالاة ولا احتشام تناقض ما لنا إلا السكوت عنه‏.‏
وفي أواخر شهر صفر سنة 1224 هـ  تواجدت الغلال وانحل سعرها وحضر الفلاحون ببداري الغلة وانحط السعر والحمد لله‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني سنة 1224 هـ

 في يوم الأحد 6 شهر ربيع الثاني سنة 1224 هـ - 21 مايو 1809 م  وردت مراسيم من الروم وبشارة بمولودة ولدت للسلطان وسموها فاطمة وفي المراسيم الأمر بالزينة فاقتضى الرأي أن يعملوا شنكًا ومدافع من القلعة تضرب في الأوقات الخمسة سبعة أيام وهذا شيء لم يسمع بمثله فيما سبق أن يعملوا للأنثى شنكًا أو زينة أو يذكر ذلك مطلقًا وإنما يعمل ذلك للمولود الذكر من بدع الأعاجم‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 8 شهر ربيع الثاني سنة 1224 هـ - 23 مايو 1809 م حضر من الأمراء المصريين القبالي مرزوق بك ابن إبراهيم بك وسليم آغا مستحفظان وقاسم بك سلحدار مراد بك وعلي بك أيوب حسب الاتفاق المتقدم في تقرير الصلح ولكن لم يكن سليم آغا مذكورًا في الحضور بل كان منجمعًا وممتنعًا عن التداخل في هذه الأحوال والسبب في حضوره أن زوجته توفيت من نحو نصف شهر فحضر لأجل تركتها ومتاعه إلى عندها وحصصها ولما حضر وجد الباشا استولى على ذلك وأخذ المتاع والمصاغ والجواهر والعقار وأخذ الحصص وأخذ حلوانها وذلك بيد محمود بك الدويدار فلما حضر سليم آغا لم يجد شيئًا لا دار ولا عقار ولا نافخ نار فنزل عند علي بك أيوب بمنزله بشمس الدولة فحضر إليه محمود بك الدويدار والترجمان وأخذ بخاطره وطمناه وأخبراه أن الباشا سيعوض عليه ما ذهب منه وزيادة وزرعا له فوق السطوح فلم يسعه إلا التسليم‏.‏
وفيه سقط سقف القصر الذي أنشأه الباشا بشبرا وشرعوا في تعميره ثانيًا‏.‏
وفيه وصل الخبر بحضور زوجة الباشا أم أولاده وابنه الصغير واسمه إسماعيل وابن بونابارته الخازندار وكثير من أقاربهم وأهاليهم حضر الجميع من بلدهم قوله إلى الإسكندرية فإنهم لما طابت لهم مصر واستوطنوها وسكنوها وتنعموا فيها أرسلوا إلى أهاليهم وأولادهم وأقاربهم بالحضور فكانوا في كل وقت يأتون أفواجًا أفواجًا نساء ورجالًا وأطفالًا فلما وصل خبر وصولهم إلى اسكندرية سافر لملاقاتها ابنها إبراهيم بك الدفتردار وذلك حادي عشره‏.‏
وفي يوم الأحد 13 شهر ربيع الثاني سنة 1224 هـ - 28 مايو 1809 م حضر المذكور قبل حضور الواصلين ولما وصلوا نزل الباشا لملاقاتهم إلى بولاق‏.‏
وفي يوم الاثنين 14 شهر ربيع الثاني سنة 1224 هـ - 29 مايو 1809 م نبهوا على جميع النساء والخوندات وكل من كانت لها اسم في الالتزام أن يركبن بأسرهن ويذهبن إلى ملاقاة امرأة الباشا ببولاق وذلك صبح يوم الأربعاء واعتذرت الست نفيسة المرادية بأنها مريضة ولا تقدر على الحركة والخروج فلم يقبلوا لها عذرًا فلما كان صبح يوم الأربعاء اجتمع السواد الأعظم من النساء بساحل بولاق على الحمارة المكارية وهم أزيد من خمسمائة مكاري حتى ركبت زوجة الباشا وساروا معها إلى الأزبكية وضربوا لوصولها وحلولها بمصر عدة مدافع كثيرة من القلعة والأزبكية ثم وصلت الهدايا والتقادم وأقبلت من كل ناحية الهدايا المختصة بالأولاد والمختصة بالنساء‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى سنة 1224 هـ

في يوم السبت 3 شهر جمادى الأولى سنة 1224 هـ - 16 يونية 1809 م نزل عمر بك الأرنؤد إلى المراكب من بيته من بولاق وسافر على طريق دمياط ليذهب إلى بلاده وسافر معه نحو المائة وهم الذين جمعوا الأموال واجتمع لعمر بك المذكور من المال والنوال أشياء كثيرة عبأها في صناديق كثيرة وأخذها معه وذلك خلاف ما أرسله إلى بلاده في دفعات قبل تاريخه‏.‏
وفي يوم الخميس 15 شهر جمادى الأولى سنة 1224 هـ - 28 يونية 1809 م سافر علي بك أيوب وسليم آغا مستحفظان إلى ناحية قبلي وفيه طلب الباشا ألف كيس من لمعلم غالي وألزمه بها فوزعها على المباشرين والكتبة وجمعها في أقرب زمن‏.‏
وفيه حضر سلحدار الوزير يوسف باشا وعلى يده مرسوم مضمونه طلب ما كان أحدثه حين كان بمصر على أوراق الإقطاعات والفراغات وتقاسيط الالتزام الذي سموه قصر اليد وخرج القلم وجعل إيراد ذلك لنفسه فأرسل يطلب ذلك من تاريخ سنة 1217 سبعة عشر ومائتين وألف إلى وقت تاريخه حسب قدر ذلك فبلغ نيفًا وأربعة آلاف كيس‏.‏
وفيه شرعوا في تحرير دفتر بنصف فائظ الملتزمين ودفتر آخر بفرض مال على الرزق الإحباسية المرصدة على المساجد والأسبلة والخيرات وجهات البر والصدقات وكذلك أطيان الأوسية المختصة أيضًا بالملتزمين وكتبوا مراسيم إلى القرى والبلاد وعينوا بها معينين وحق طرق من طرف كشاف الأقاليم بالكشف على الرزق المرصدة على المساجد والخيرات وتقدموا إلى كل متصرف في شيء من هذه الأطيان وواضع عليها يده بأن يأتي بسنده إلى الديوان ويجدد سنده ويقوى بمرسوم جديد وإن تأخر عن الحضور في ظرف أربعين يومًا يرفع عنه ذلك ويمكن منه غيره وذكروا في مرسوم الأمر علة وحجة لم يطرق الأسماع نظيرها بأنه إذا مات السلطان أو عزل بطلت تواقيعه ومراسيمه وكذلك نوابه ويحتاج إلى تجديد تواقيع من نواب المتولي الجديد ونحو ذلك ثم ليعلم أن هذه الإرصادات والأطيان موضوعة من أيام الملك الناصر يوسف صلاح الدين الأيوبي في القرن الخامس من مصاريف بيت المال ليصل إلى المستحقين بعض استحقاقهم من بيت المال بسهولة ثم اقتدى به في ذلك الملوك والسلاطين والأمراء إلى وقتنا هذا فيبنون المساجد والتكايا والربط والخوانق والأسبلة ويرصدون عليها أطيانًا يخرجونها من زمام أو سيتهم فيستغل أخراجها أو غلالها لتلك الجهة وكذلك يربطون على بعض الأشخاص من طلبة العلم والفقراء على وجه البر والصدقة ليتعيشوا بذلك ويستعينوا به على طلب العلم وإذا مات المرصد عليه ذلك قرر القاضي أو الناظر خلافه ممن يستحق ذلك وقيد اسمه في سجل القاضي ودفتر الديوان السلطاني عند الأفندي المقيد بذلك الذي عرف بكاتب الرزق فيكتب له ذلك الأفندي سندًا بموجب التقرير يقال له الإفراج ثم يضع عليه علامته ثم علامة الباشا والدفتردار ولكل إقليم من الأقاليم القبلية والبحرية دفتر مخصوص عليه طرة من خارج مكتوب فيها اسم ذلك الإقليم ليسهل الكشف والتحرير والمراجعة عند الاشتباه وتحرير مقادير حصص أرباب الاستحقاقات ولم يزل ديوان الرزق الأحباسية محفوظًا مضبوطًا في جميع الدول المصرية جيلًا بعد جيل لا يتطرفه خلل إلا ما ينزل عنه أرباب لشدة احتياجهم بالفراغ لبعض الملتزمين بقدر من الدراهم معجل ويقرر للمفرغ على نفسه قدرًا مؤجلًا دون القيمة الأصلية في نظير المعجل الذي دفعه للمفرغ ويسمونها حينئذ داخل الزمام لم تزل على ذلك بطول القرون الماضية وتملك الفرنساوية الديار المصرية فلم يتعرضوا الشيء من ذلك ولما حضر شريف أفندي الدفتردار بعد دخول يوسف باشا الوزير ووجه الطلب على الملتزمين بأن يدفعوا للدولة حلوانًا جديدًا على النظام والنسق الذي ابتدعوه للتحيل على تحصيل المال بأي وجه زاعمين أن أرض مصر صارت دار حرب بتملك الفرنساوية وأنهم استنقذوها منهم واستولوا عليها باستيلاء جديد وصارت جميع أراضيها ملكًا لهم فمن يريد الاستيلاء على شيء من أرض وغيرها فليشتره من نائب السلطان بمبلغ الحلوان الذي قدروه واطلعوا عليه على التقاسيط وفي بعضها ما رفع عنه الميري الذي يقبض للخزينة بإذن الولاة بعد المصالحات والتعويض من المصاريف والمصارف الميرية كالعلائف والغلال والبعض تمم ذلك بمراسيم سلطانية كما يقولون شريفة بحيث يصير الالتزام مثل الرزق الأحباسية ويسمونه خزينة بند ومنهم من أبقى على التزامه شيئًا قليلًا سموه مال الحماية فلم يسهل بهم إبطال ذلك بل جعل عليها الدفتردار الميري الذي كان مقيدًا عليها أو أقل أو زيد بحسب واضع اليد وإكرامه إن كان ممن يكرم وضمه إلى مال الحماية الأصلي أو المستجد فقط وضيع على الناس سعيهم وما بذلوه من مرتباتهم وعلائفهم التي وضعوها وقيدوها في نظير جعلها بند كما ذكر تقي لكتابة الإعلامات عبد الله أفندي رامز القبودان وقاضي باشا وسمي في ذلك الوقت بكاتب الميري وتوجه نحوه الناس لأجل كتابة الإعلامات لثبوت رزقهم الأحباسية وتجديد سنداتها فتعنت عليهم بضروب من التعنت كأن يطلب من صاحب العرضحال إثبات استحقاقه فإذا ثبت له لا يخلو إما أن يكون ذلك بالفراغ أو المحلول فيكلفه إحضار السنجات وأوراق الفرآغات القديمة فربما عدمت أو بليت لتقادم السنين أو تركها واضع اليد لاستغنائه عنها بالسند الجديد أو كان القديم مشتملًا على غير المفروغ عنه فيخصم بهامشه بالمنزول عنه ويبقى القديم عند صاحب الأصل فإن أحضره إليه تعلل بشيء آخر واحتج بشبهة أخرى فإذا لم يبق له شبهة طالبه بحلوانها عن مقدار إيرادها ثلاث سنوات وإلا فخمس سنوات وذلك خلاف المصاريف فضج الناس واستغاثوا بشريف أفندي دفتردار فعزل عبد الله أفندي رامز المذكور عن ذلك وقيد أحد كتابه الإعلامات وقرر على كل فدان عشرة أنصاف فضة فما دونها يرسمها في السند الجديد وجعلها مال حماية وأوهم الناس أن مال الحماية يكون زيادة في تأكيد الأحباس وحماية له من تطرق الخلل فاستسهل الناس ذلك وشاع في الإقليم المصري فأقبل الناس من البلاد القبلية والبحرية لتجديد سنداتهم فطفقوا يكتبون السندات على نسق تقاسيط الالتزام لا على الوضع القديم ويعلم عليها الدفتردار فقط وأما الصورة القديمة فكانت تكتب في كاغد كبير بخط عربي مجرد وعليها طرة بداخلها اسم والي مصر وممهورة بختمه الكبير وعليها علامة الدفتردار وبداخلها صورة أخرى تسمى التذكرة مستطيلة على صورة التقسيط الفرمة ممهورة أيضًا وعليها العلامة والختم وهي متضمنة ما في الكبيرة وعلى ذلك كان استمرار الحال في هذا الأوان من قرون خلت ومدد مضت‏.‏
وفيه أيضًا حرروا دفتر الإقليم البحيرة بمساحة الطين الري والشارقي وأضافوا إليه طين الأوسية والرزق وكتبوا بذلك مناشير وأخرج المباشرون كشوفاتها بأسماء الملتزمين فضج الناس واجتمعوا إلى مشايخ الأزهر وتشكوا فوعدوهم بالتكلم في شأن ذلك بعد التثبت‏.‏
وفيه قبض آغات التبديل على شخص من أهل العلم من أقارب السيد حسن البقلي وحبسه فأرسل المشايخ يترجون في إطلاقه فلم يفعل وأرسله إلى القلعة‏.‏
وفيه سعى محمد أفندي طبل ناظر المهمات لصديقه السيد سلامة النجاري عند الباشا في العام ووظيفة وسبب ذلك أن المذكور أرسل جملة طاقات من الأقمشة الهندية الغريبة المقصبة وغيرها وحصانًا من أعظم خيول المصريين كان اشتراه منهم هدية إلى محمد أفندي المذكور فاقتضت مروءته أنه أخذها وقدمها للباشا وقال له أن السيد سلامة أحضر هذه الهدية لأفندينا شكرًا لأنعامه السابق عليه فقبلها الباشا وأنعم عليه بعشرة أكياس وأمر محمد أفندي بأن يجعله في وظيفة معه‏.‏
وفيه أيضًا شرعوا في تحرير دفتر بنصف فائظ الملتزمين بأنواع الأقمشة وباعة النعالات التي هي الصرم والبلغ وجعلوا عليها ختمية فلا يباع منها شيء حتى يعلم بيد الملتزم ويختم وعلى وضع الختم والعلامة قدر مقدر بحسب تلك البضاعة وثمنها فزاد الضجيج واللغط في الناس‏.‏
وفي يوم السبت 17 شهر جمادى الأولى سنة 1224 هـ - 30 يونية 1809 م حضر المشايخ بالأزهر على عادتهم لقراءة الدروس فحضر الكثير من النساء والعامة وأهل المسجون وهم يرخون ويستغيثون وأبطلوا الدروس واجتمع المشايخ بالقبلة وأرسلوا إلى السيد عمر النقيب فحضر إليهم وجلس معهم ثم قاموا وذهبوا إلى بيوتهم ثم اجتمعوا في ثاني يوم وكتبوا عرضحال إلى الباشا يذكرون فيه المحدثات من المظالم والبدع وختم الأمتعة وطلب مال الأوسية والرزق والمقاسمة في الفائظ وكذلك أخذ قريب البقلي وحبسه بلا ذنب وذلك بعد أن جلسوا مجلسًا خاصًا وتعاهدوا وتعاقدوا على الاتحاد وترك المنافرة وعند ذلك حضر ديوان أفندي وقال الباشا يسلم عليكم ويسأل عن مطلوباتكم فعرفوه بما سطروه إجمالًا وبينوه له تفصيلًا فقال ينبغي ذهابكم إليه تخاطبونه مشافهة بما تريدون وهو لا يخالف أوامركم ولا يرد شفاعتكم وإنما القصد أن تلاطفوه في الخطاب لأنه شاب مغرور جاهل وظالم غشوم ولا تقبل نفسه التحكم وربما حمله غروره على حصول ضرر بكم وعدم إنفاذ الغرض فقالوا بلسان واحد لا نذهب إليه أبدًا ما دام يفعل هذه الفعال فإن رجع عنها وامتنع عن إحداث البدع والمظالم عن خلق الله رجعنا إليه وترددنا عليه كما كنا في السابق فإننا بايعناه على العدل لا على الظلم والجور فقال لهم ديوان أفندي وأنا قصدي أن تخاطبوه مشافهة ويحصل إنفاذ الغرض فقالوا لا نجتمع عليه أبدًا ولا نثير فتنة بل نلزم بيوتنا ونقتصر على حالنا ونصبر على تقدير الله بنا وبغيرنا وأخذ ديوان أفندي العرضحال ووعدهم برد الجواب ثم بعد رجوعه أطلقوا قريب لسيد حسن البقلي الذي كان محبوسًا ولم يعلم ذلك ثم انتظروا عودة ديوان أفندي فأبطأ عليهم وتأخر عوده إلى خامس يوم بعد الجمعية فاجتمع الشيخ المهدي والشيخ الدواخلي عند محمد أفندي طبل ناظر المهمات وثلاثتهم في نفسهم للسيد عمر ما فيها وتناجوا مع بعضهم ثم انتقلوا في عصريتها وتفرقوا وحضر المهدي والدواخلي إلى السيد عمر وأخبراه أن محمد أفندي ذكر لهم أن الباشا لم يطلب مال الأوسية ولا الروق وقد كذب من نقل ذلك وقال أنه يقول إني لا أخالف أوامر المشايخ وعند اجتماعهم ومواجهته يحصل كل المراد فقال السيد عمر أما إنكاره طلب مال الرزق والأوسية فها هي أوراق من أوراق المباشرية عندي لبعض الملتزمين مشتملة على الفرضة ونصف الفائظ ومال الأوسية والرزق وأما الذهاب إليه فلا أذهب إليه أبدًا وإن كنتم تنقضون الأيمان والعهد الذي وقع بيننا فالرأي لكم ثم انفض المجلس وأخذ الباشا يدبر في تفريق جمعهم وخذلان السيد عمر لما في نفسه من عدم إنفاذ أغراضه ومعارضته له في غالب الأمور ويخشى صولته ويعلم أن الرعية والعامة تحت أمره إن شاء جمعهم وإن شاء فرقهم وهو الذي قام بنصره وساعده وأعانه وجمع الخاصة والعامة حتى ملكه الإقليم ويرى إن شاء فعل بنقيض ذلك فطفق يجمع إليه بعض أفراد من أصحابه المظهر ويختلي معه ويضحك إليه فيغتر بذلك ويرى أنه صار من المقربين وسيكون له شأن إن وافق ونصح فيفرغ له جراب حقده ويرشده بقدر اجتهاده لما فيه من المعاونة ثم في ليلتها حضر ديوان أفندي وعبد الله بكتاش الترجمان وحضر المهدي والدواخلي الجميع عند السيد عمر وطال بينهم الكلام والمعالجة في طلوعهم ومقابلتهم الباشا ورقرق لذلك كل من المهدي والدواخلي والسيد عمر مصمم على الامتناع ثم قالوا لابد من كون الشيخ الأمير معنا ولا نذهب بدونه فاعتذر الشيخ الأمير بأنه متوعك ثم قام المهدي والدواخلي وخرجا صحبة ديوان أفندي والترجمان وطلعوا إلى القلعة وتقابلوا مع الباشا ودار بينهم كلام وقال في كلامه أنا لا أرد شفاعتكم ولا أقطع رجاءكم والواجب عليكم إذا رأيتم مني انحرافًا أن تنصحوني وترشدوني ثم أخذ يلوم على السيد عمر في تخلفه وتعنته ويثني على البواقي وفي كل وقت يعاندني ويبطل في أحكامي ويخوفني بقيام الجمهور فقال الشيخ المهدي هو ليس إلا بنا وإذا خلا عنا فلا يسوى بشيء إن هو إلا صاحب حرفة أو جابي وقف يجمع الإيراد ويصرفه على المستحقين فعند ذلك تبين قصد الباشا لهم ووافق ذلك ما في نفوسهم من الحقد للسيد عمر والشيخ الدواخلي حضوره نيابة عن الشيخ الشرقاوي وعن نفسه ثم تناجوا معه حصة وقاموا منصرفين مذبذبين ومظهرين خلاف ما هو كامن في نفوسهم من الحقد وحظوظ النفس غير مفكرين في العواقب وحضروا عند السيد عمر وهو ممتلئ بالغيظ مما حصل من الشذوذ ونقض العهد فأخبروه بأن الباشا لم يحصل منه خلاف وقال أنا لا أرد شفاعتكم ولكن نفسي لا تقبل التحكم والواجب عليكم إذا رأيتموني فعلت شيئًا مخالفًا أن تصحوني وتشفعوا فأنا لا أردكم ولا أمتنع من قبول نصحكم وأما ما تفعلونه من التشنيع والاجتماع بالأزهر فهذا لا يناسب منكم وكأنكم تخوفوني بهذا الاجتماع وتهيج الشرور وقيام الرعية كما كنتم تفعلون في زمان المماليك فأنا لا أفزع من ذلك وإن حصل من الرعية أمر ما فليس عندي إلا السيف والانتقام فقلنا له هذا لا يكون ونحن لا نحب ثوران الفتن وإنما اجتماعنا لأجل قراءة البخاري وندعو الله برفع الكرب ثم قال أريد أن تخبروني عمن أنتبذ لهذا الأمر ومن ابتدأ بالخلف فغالطناه وأنه وعدنا بإبطال الدمغة وتضعيف الفائظ إلى الربع بعد النصف وأنكر الطلب بالأوسية والرزق من إقليم البحيرة ثم قاموا منصرفين وانفتح بينهم باب النفاق واستمر القال والقيل وكل حريص على حظ نفسه وزيادة شهرته وسمعته ومظهر خلاف ما في ضميره‏.‏

وفى يوم الجمعة 1 جمادى الآخرة سنة 1224 هـ - 14 يولية 1809 م فيه حضر ديوان أفندي وعبد الله بكتاش الترجمان واجتمع المشايخ ببيت السيد عمر وتكلموا في شأن الطلوع إلى الباشا ومقابلته فحلف السيد عمر أنه لا يطلع إليه ولا يجتمع به ولا يرى له وجهًا إلا إذا أبطل هذه الأحدوثات وقال أن جميع الناس يتهموني معه ويزعمون أنه لا يتجارأ على شيء يفعله إلا باتفاقي معه ويكفي ما مضى ومهما تقادم يتزايد الظلم والجور وتكلم كلامًا كثيرًا فلما لم يجبهم إلى الذهاب وقالوا إذا يطلع المشايخ وأرسلوا الشيخ الأمير فاعتذر بأنه متوعك الجسم ولا يقدر على الحركة ولا الركوب ثم اتفقوا على طلوع الشيخ عبد الله الشرقاوي والمهدي والدواخلي والفيومي وذلك على خلاف غرض السيد عمر وقد ظن أنهم يمتنعون لامتناعه للعهد السابق والأيمان فلما طلعوا إلى الباشا وتكلموا معه وقد فهم كل منهم لغة الآخر الباطنية ثم ذاكروه في أمر المحدثات فأخبرهم أنه يرفع بدعة الدمغة وكذلك يرفع الطلب عن الأطيان الأوسية وتقرير ربع الفائظ وقاموا على ذلك ونزلوا إلى بيت السيد عمر وأخبروه بما حصل فقال وأعجبكم ذلك قالوا ثلاث قال‏:‏ إنه أرسل يخبرني بتقرير ربع المال الفائظ فلم أرض وأبيت إلا رفع ذلك بالكلية فإنه في العام السابق لما حصل إحداث الربع قلت له هذه تصير سنة متبعة فحلف أنها اثنين قوله قالوا‏:‏ قال إلخ‏.‏
وهكذا في جميع النسخ التي معنا ولعله قالوا لا أو نعم أو نحو ذلك كذا بهامش الأصل لا تكون بعد هذا العام ولعله قالوا أو نعم أو نحو ذلك كذا بهامش الأصل لا تكون بعد هذا العام وذلك لضرورة النفقة وإن طلبها في المستقبل يكون ملعونًا ومطرودًا من رحمة الله وعاهدني على ذلك وهذا في علمكم كما لا يخفاكم قالوا نعم وأما قوله أنه رفع الطلب عن الأوسية والرزق فلا أصل لذلك وها هي أوراق البحيرة وجهوا بها الطلب فقالوا إننا ذكرنا له ذلك فأنكر وكابرناه بأوراق الطلب فقال أن السبب في طلب ذلك من إقليم البحيرة خاصة وأن الكشافين لما نزلوا للكشف على أراضي الري والشراقي ليقرروا عليها فرضة الأطيان حصل منهم الخيانة والتدليس فإذا كان في أرض البلدة خمسمائة فدان ري قالوا عليها مائة وسموا الباقي رزقًا وأوسية فقررت ذلك عقوبة لهم في نظيرته لبسهم وخيانتهم فقال السيد عمر وهل ذلك أمر واجب فعله أليس هو مجرد جور وظلم أحدثه في العام الماضي وهي فرضة الأطيان التي ادعى لزومها لإتمام العلوفة وحلف أنه لا يعود لمثلها فقد عاد وزاد وأنتم توافقونه وتسايرونه ولا تصدونه ولا تصدعونه بكلمة وأنا الذي صرت وحدي مخالف وشاذًا ووجه عليهم اللوم في نقضهم العهد والأيمان وانفض المجلس وتفرقت الآراء وراج سوق النفاق وتحركت حفائظ الحقد والحسد وكثر سعيهم وتناجيهم بالليل والنهار والباشا يراسل السيد عمر ويطلبه للحضور إليه والاجتماع به ويعده بإنجاز ما يشير عليه به وأرسل إليه كتخدا ليترفق به وذكر له أن الباشا يرتب له كيسًا في كل يوم ويعطيه في هذا الحين ثلاثمائة كيس خلاف ذلك فلم يقبل ولم يزل الباشا متعلق الخاطر بسببه ويتجسس ويتفحص عن أحواله وعلى من يتردد عليه من كبار العسكر وربما أغرى بهب عض الكبار فراسلوه سرًا وأظهروا له كراهيتهم للباشا وأنه إن انتبذ لمفاقمته ساعدوه وقاموا بنصرته عليه فلم يخف على السيد عمر مكرم ولم يزل مصممًا وممتنعًا عن الاجتماع به والامتثال إليه ويسخط عليه والمترددون أيضًا ينقلون ويحرفون بحسب الأغراض والأهواء واتفق في أثناء ذلك أن الباشا أمر بكتابة عرضحال بسبب المطلوب وزير الدولة وهي الأربعة آلاف كيس ويذكر فيه أنها صرفت في المهمات منها ما صرف في سد ترعة الفرعونية ومبلغه ثمانمائة كيس وعلى تجاريد العساكر لمحاربة الأمراء المصرية حتى دخلوا في الطاعة كذلك مبلغًا عظيمًا وما صرف في عمارة القلعة والمجرأة التي تنقل المياه إليها مبلغًا أيضًا وكذلك في حفر الخلجان والترع ونقص المال الميري بسبب شراقي البلاد ونحو ذلك وأرسله إلى السيد عمر ليضع خطه وختمه عليه فامتنع وقال أما ما صرفه على سد الترعة فإن الذي جمعه وجباه من البلاد يزيد على ما صرفه أضعافًا كثيرة أما غير ذلك فكله كذب لا أصل له وإن وجد من يحاسبه على ما أخذ من القطر المصري من الفرض والمظالم لما وسعته الدفاتر فلما ردوا عليه وأخبروه بذلك الكلام حنق واغتاظ في نفسه وطلبه للاجتماع به فامتنع فلما أكثر من التراسل قال إن كان ولا بد فأجتمع معه في بيت السادات وأما طلوعي إليه فلا يكون فلما قيل له في ذلك ازداد

ولما أصبح يوم الأربعاء 27 جمادى الآخرة سنة 1224 هـ - 9 أغسطس 1809 م ركب الباشا وحضر إلى بيت ولده إبراهيم بك الدفتردار وطلب القاضي والمشايخ المذكورين وأرسل السيد عمر رسولًا من طرفه ورسولًا من طرف القاضي للحضور ليتحاقق ويتشارع معه فرجعا وأخبرا بأنه شرب دواء ولا يمكنه الحضور في هذا اليوم وكان قد أحضر شيخ السادات الوفائية والشيخ الشرقاوي فعند ذلك أحضر الباشا خلعة وألبسها لشيخ السادات على نقابة الأشراف وأمر بكتابة فرمان بخروج السيد عمر ونفيه من مصر يوم تاريخه فتشفع المشايخ في إمهاله ثلاثة أيام حتى يقضي أشغاله فأجاب إلى ذلك ثم سألوه في أن يذهب إلى بلده أسيوط فقال لا يذهب إلى أسيوط ويذهب إما إلى سكندرية أو دمياط فلما ورد الخبر على السيد عمر بذلك قال أما منصب النقابة فإني راغب عنه وزاهد فيه وليس فيه إلا التعب وأما النفي فهو غاية مطلوبي وأرتاح من هذه الورطة ولكن أريد أن يكون في بلدة لم تكن تحت حكمه إذا لم يأذن لي في الذهاب إلى أسيوط فليأذن لي في الذهاب إلى الطور أو إلى ورثه فعرفوا الباشا فلم يرض إلا بذهابه إلى دمياط ثم أن السيد عمر أمر باشجاويش أن يأخذ الجاويشية ويذهب بهم إلى بيت السادات وأخذ في أسباب السفر‏.‏
وفي يوم الخميس 28 جمادى الآخرة سنة 1224 هـ - 10 أغسطس 1809 م - الموافق 5 مسرى القبطي 1525 ش  أوفى النيل المبارك ونوجي بالوفاء تلك الليلة وخرج الناس لأجل الفرجة والضيافات في الدور المطلة على الخليج فلما كان آخر النهار برزت الأوامر بتأخير الموسم لليلة السبت بالروضة فبرد طعام أهل الولائم والضيافات وتضاعفت كلفهم ومصاريفهم وحصلت الجمعية ليلة السبت بالروضة وعند قنظرة السد وعملوا الحراقات والشنك وحضر الباشا وأكابر دولته والقاضي وكسر السد بحضرتهم وجرى الماء في الخليج وانفض الجمع‏.‏
وفي ذلك اليوم اعتنى السيد محمد المحروقي بأمر السيد عمر وذهب إلى الباشا وكلمه وأخبره بأنه أقامه وكيلًا على أولاده وبيته وتعلقاته فأجازه بذلك وقال هو آمن من كل شيء وأنا لم أزل أراعي خاطره ولا أفوته ثم أرسل السيد المحروقي فحضر بن ابنه السيد عمر فقابل به الباشا وطمن خاطره ولكن قال لابد من سفره إلى دمياط وعندما طلب السيد المحروقي الغلام إلى الباشا أشيع في الناس وقوع الرضا وتناقل الناس ذلك وفرح أهل منزله وزغرطوا وسروا واستمروا على ذلك حتى رجع الغلام وبين أنه لا شيء فانقلب الفرح بالترح وتعين بالسفر صحبة السيد عمر كتخدا الأفي إلى دمياط‏.‏ واستهل
شهر رجب بيوم الأحد سنة 1224 هـ 12 أغسطس 1809 م
فيه اجتمع المودعون للسيد عمر ثم حضر محم كتخدا المذكور فعند وصوله قام السيد عمر وركب في الحال وخرج صحبته وشيعه الكثير من المتعممين وغيرهم وهم يتباكون حوله حزنًا على فراقه وكذلك اغتم الناس على سفره وخروجه من مصر لأنه كان ركنًا ولجًا مقصدًا للناس ولتعصبه على نصرة الحق فسار إلى بولاق ونزل في المركب وسافر في ليلته بأتباعه وخدمه الذين يحتاج إليهم إلى دمياط‏.‏
وفي ذبح ذلك اليوم حضر الشيخ المهدي عند الباشا وطلب وظائف السيد عمر فأنعم عليه الباشا بنظر أوقاف الإمام الشافعي ونظر وقف سنان باشا ببولاق وحاسب على المنكسر له من الغلال مدة أربع سنوات فأمر يدفعها له من خزينته نقدًا وقدرها خمسة وعشرون كيسًا وذلك في نظير اجتهاده في خيانة السيد عمر حتى أوقعوا به ما ذكر‏.‏
وفيه تقيد الخواجا محمود حسن بزوجان باشا بعمارة القصر والمسجد الذي يعرف بالآثار النبوية فعمرها على وضعها القديم وقد كان آل إلى الخراب‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 3 شهر رجب سنة 1224 هـ - 10 أغسطس 1809 م خلع الباشا على ثلاثة من الأجناد المصرية المنسوبين لسليمان بك البواب وقلدهم صناجق وأمراء الوقت وضم إليهم عساكر أتراك وأرنؤد ليسافر الجميع إلى الجهة القبلية بسبب عصيان الأمراء المرادية وتوقفهم عن دفع المال والغلال وكذلك عين للسفر أيضًا أحمد آغا لاظ وصالح قوج وبونابارته وحسن باشا وعابدين بك فارتجت البلد وطلبوا المراكب فتعطل المسافرون إلى الجهة القبلية والبحرية وكذلك امتنع مجيء الواصلين بالغلال والبضائع خوفًا من التسخير وقد كان حصل بعض الاطمئنان وسلوك الطريق القبلية ووصول المراكب بالغلال والمجلوبات‏.‏
وفي 10 شهر رجب سنة 1224 هـ - 21 أغسطس 1809 م سافر أحمد آغا لاظ وصالح قوج وخرجوا بعساكرهم ونزلوا في المراكب وذهبوا إلى قبلي‏.‏
وفيه حضر محمد كتخدا الألفي من دمياط راجعًا من تشييع السيد عمر ووصوله إلى دمياط واستقراره بها‏.‏
وفي يوم الخميس 19 شهر رجب سنة 1224 هـ - 30 أغسطس 1809 م سافر من كان متأخرًا إلى الجهة القبلية ولم يبق منهم أحد‏.‏
وفي 23 شهر رجب سنة 1224 هـ - 3 سبتمبر 1809 م نادى منادي المعمار على أرباب الأشغال في العمائر من البنائين والحجارين والفعلة بأن لا يشتغلوا في عمارة أحد من الناس كائنًا من كان وأن يجتمع الجميع في عمارة الباشا بناحية الجبل‏.‏
وفي 29 شهر رجب سنة 1224 هـ - 9 سبتمبر 1809 م وردت أخبار عن التجريدة أزعجت الباشا فاهتم اهتمامًا عظيمًا وقصد الذهاب بنفسه ونبه على جميع كبراء العساكر بالخروج وأن لا يتخلف منهم أحد حتى أولاده إبراهيم بك الدفتردار وطوسون بك وأنه هو المتقدم عنهم في الخروج في يوم الخميس واستعجل التشهيل والطلب وأمر بتحرير دفتر فرضة ترويجة على إقليم المنوفية والغربية والشرقية والقليوبية وذكروا أنها من أصل حساب الشهرية المبتدعة‏.‏
وفيه تقلد حسن آغا الشماشرجي كشوفية المنوفية وأرخى لحيته على ذلك‏.‏
استهل شهر شعبان بيوم الثلاثاء سنة 1224 هـ - 11  سبتمبر 1809 م فيه نمق مشايخ الوقت عرضحال في حق السيد عمر بأمر الباشا ليرسله صحبة السلحدار وذكروا فيه سبب عزله ونفيه عن مصر وعدوا له مثالب ومعايب وجنحًا وذنوبًا منها أنه أدخل في دفتر الأشراف أسماء أشخاص ممن أسلم من القبط واليهود ومنها أنه أخذ من الألفي في السابق مبلغًا من المال ليملكه مصر في أيام فتنة أحمد باشا خورشيد ومنها أنه كاتب الأمراء المصريين أيضًا في وقت الفتنة حين كانوا بالقرب من مصر ليحضروا على حين غفلة في يوم قطع الخليج وحصل لهم ما حصل ونصر الله عليهم حضرة الباشا ومنها أنه أراد إيقاع الفتن في العساكر لينقض دولة الباشا ويولي خلافه ويجمع عليه طوائف المخاربة والصعائدة وأخلاط العوام وغير ذلك وذلك على حد من أعان ظالمًا سلط عليه وكتبوا عليه أسماء المشايخ وذهبوا به إليهم ليضعوا ختومهم عليه فامتنع البعض من ذلك وقال هذا كلام لا أصل له ووقع بينهم محاججات ولا الأعاظم الممتنعين على الامتناع وقالوا لهم أنتم لستم بأروع منا وأثبت لنفسه ورعًا وحصل بينهم منافسات ومخالفات ومقابحات ثم غيروا صورة العرضحال بأقل من التحامل الأول وكتب عليه بعض الممتنعين وكان من الممتنعين أولًا وآخرًا السيد عمر الطحطاوي الحنفي فزادوا في التحامل عليه وخصوصًا شيخ السادات والشيخ الأمير وخلافهما واتفق أنه دعي في وليمة عند الشيخ الشنواني بحارة خوشقدم وتأخر في حضوره عنهم فصادفهم حال دخوله إلى المجلس وهم خارجون فسلم عليهم ولم يصافحهم لما سبق منهم في حقه من الإيذاء فتطاول عليه ابن الشيخ الأمير ورفع صوته بتوبيخه وشتمه لكونه لم يقبل يد والده ويقول له في جملة كلامه أبيس هو إلا قليل الأدب والحياء ثالث طبقة للشيخ الوالد ونحو ذلك‏.‏
وفي 3 شهر شعبان سنة 1224 هـ - 13  سبتمبر 1809 م سافر الباشا إلى الجهة القبلية وتبعه العساكر‏.‏
فى 13 شهر شعبان بيوم الثلاثاء سنة 1224 هـ - 23  سبتمبر 1809 م  سافر حسن باشا وعساكر الأرنؤود وتتابعوا فى الخروج , وتحدث الناس بروايات عن الباشا والأمراء المصريين وصلحة معهم , وأن عثمان بيك حسن , ومحمد بيك المنفوخ , ومحمد بيك الإبراهيمى وصلوا عند لاباشا وقابلوه , وأنه أرسل إلى إبراهيم بيك الكبير ولده طوسون باشا , فتلقاة وأكرمه , وأرسل هو أيضاً ولده الصغير إلى الباشا فأكرمه , ووصل إلى مصر بعض النساء حريمه وحريم الأمراء .
وفي 15 شهر شعبان سنة 1224 هـ - 25  سبتمبر 1809 م خرجت الدلاة والأرنؤد وباقي الأجناد والعسكر وأقام الباشا كتخدا بك قائم مقامه وأقام بالقلعة‏.‏
وفيه اتفق الأشياخ والمتصدرون على عزل السيد أحمد الطحطاوي من إفتاء الحنفية وأحضروا الشيخ حسين المنصوري وركبوا صحبته وطلعوا به إلى القلعة بعد أن مهدوا القضية فألبس قائمقام الشيخ حسينًا فروة ثم نزلوا ثم طاف للسلام عليهم وخلعوا هم عليه أيضًا خلعهم فلما بلغ الخبر السيد احمد الطحطاوي طوى الخلع التي كانوا ألبسوها له عندما تقلد الإفتاء بعد موت الشيخ إبراهيم الحريري في جمادى الأولى بقرب عهد وأرسلها إليهم وكان الشيخ السادات ألبسه حين ذاك فروة فلما ردها عليه احتد واغتاظ وأخذ يسبه ويذكر لجلسائه جرمه ويقول انظروا إلى هذا الخبيث كأنه يجعلني مثل الكلب الذي يعود في قيئه ونحو ذلك‏.‏
وأما السيد أحمد فإنه اعتكف في داره لا يخرج منها إلا إلى الشيخونية بجواره واعتزلهم وترك الخلطة بهم وتباعد عنهم وهم يبالغون في ذمه والحط عليه لكونه لم يوافقهم في شهادة الزور والحامل لهم على ذلك كله الحظوظ النفسانية والحسد مع أن السيد عمر كان ظلًا ظليلًا عليهم وعلى أهل البلدة يدافع وبرافع عنهم وعن غيرهم ولم تقم بعد خروجه من مصر راية ولم يزالوا بعده في انحطاط وانخفاض‏.‏
وأما السيد عمر فإن الذي وقع له بعض ما يستحقه ومن أعان ظالمًا سلط عليه ولا يظلم ربك أحدًا‏.‏
واستهل شهر رمضان بيوم الأربعاء سنة 1224

وفي أواخره أوائل نوفمبر 1809 م وصل طائفة من الدلاتية من ناحية الشام ودخلوا إلى مصر وهم في حالة رثة كما حضر غيرهم وصحبتهم من المخنثين المعروفين بالخولات الذين يتكلمون بالكلام المؤنث ومعهم دفوف وطنابير‏.‏
وفيه حرروا دفتر الأطيان على ضريبة واحدة عن كل فدان خمسة ريالات غير البراني والخدم ولم يحصل في ذلك مراجعة ولا كلام ولا مرافعة في شيء كما وقع في العام الماضي والذي قبله في المراجعة بحسب الري والشراقي وأما في هذه السنة فليس فيها شراقي فحسابها بالمساحة الكاملة لعموم الري فإن النيل في هذه السنة زاد زيادة مفرطة وعلا على الأعالي وتلف بزيادته المفرطة الدراوي والأقصاب بقبلي وكذلك غرق مزارع الأرز والسمسم والقطن وجنائن كثيرة بالبحر الشرقي بسبب انسداد الترعة الفرعونية بتلك الناحية ولما تمموا تحرير الدفاتر على النسق المطلوب والباشا بقبلي وأرسل بطلبها ليطلع عليها فسافر إليه بها المعلم غالي وأخذ صحبته أحمد أفندي اليتيم من طرف الروزنامه وعبد الله بكتاش الترجمان فذهبوا إليه بأسيوط وأطلعوه عليها فحتم عليها وانقضى شهر رمضان‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الخميس سنة 1224 هـ

في يوم الثلاثاء 13 شهر شوال سنة 1224 هـ  - 21 نوفمبر 1809 م حضر المعلم غالي وأحمد أفندي وبكتاش وغيرهم من غيبتهم وحضر أيضًا في أثرهم المعلم جرجس الجوهري وقد تقدم أنه خرج من مصر هاربًا إلى الجهة القبلية واختفى مدة ثم حضر بأمان إلى الباشا وقابله وأكرمه ولما حضر نزل في بيته الذي بحارة الونديك وفرشه له المعلم غالي وقام له بجميع لوازمه وذهب الناس مسلمهم ونصرانيهم وعالمهم وجاهلهم للسلام عليه‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 20 شهر شوال سنة 1224 هـ  - 28 نوفمبر 1809 م وصل الباشا على حين غفلة إلى مصر في تطريده وقد وصل من أسيوط إلى ناحية مصر القديمة في ثلاثين ساعة وصحبته ابنه طوسون وبونابارته الخازندار وسليمان آغا الوكيل سابقًا لا غير فركبوا حميرًا متنكرين حتى وصلوا إلى القلعة من ناحية الجبل وطلع من باب الجبل وعند طلوعه من السفينة أمر ملاحيها أن لا يذكروا لأحد وصوله حتى يسمعوا ضرب المدافع من القلعة ثم طلع إلى سرايته ودخل إلى الحريم فلم يشعروا به إلا وهو بالحريم وعند ذلك أمر بضرب المدافع وأشيع حضوره فركب كتخدا بك وغيره مسرعين لملاقاته ثم بلغهم طلوعه إلى القلعة فرجعوا على أثره وكان الخواجا محمود حسن البزرجان خرج لملاقاته قبل وصوله بثلاثة أيام إلى ناحية الآثار وأخرج معه مطابخ وأغنامًا واستعد لقدومه استعدادًا زائدًا وذهب تعبه في الفارغ البطال ثم بعد وصول الباشا بثلاثة أيام وصلت طوائف العسكر وعظمائهم ومعهم المنهوبات من الغلال والأغنام والفحم والحطب والقلل وأنواع التمر وغير ذلك حتى أخشاب الدور وأبوابها‏.‏
وفي يوم الاثنين 26 شهر شوال سنة 1224 هـ  - 4 ديسمبر 1809 م وصل حسن باشا وطوائف الأرنؤد وصالح قوج والدلاة والترك ووصل أيضًا شاهين بك الألفي وصحبته محمد بك المنفوخ المرادي ومحمد بك الإبراهيمي وهم الذين حضروا في هذه المرة من المخالفين وقيل أن البواقي أخذوا مهلة لبعد التحضير وأما إبراهيم بك تابع الأشقر ومحمد آغا تابع مراد بك الصغير وصحبتهما عساكر فذهبا إلى ناحية السويس بسبب وصول طائفة من العربان قالوا أنها من التابعة للوهابيين حضروا وأقاموا عند بئر الماء ومنعوا السقيا منها‏.‏

فى 1 شهر ذو القعدة سنة 1224 هـ  - 8 ديسمبر 1809 م فيه حضر إبراهيم بك ابن الباشا وباقي العسكر وسكنوا الدور وأزعجوا الناس أخرجوهم من مساكنهم ومنازلهم ببولاق ومصر وغيرهما واتفق أن بعض ذوي المكر من العسكر عندما أراد السفر إلى جهة قبلي أرسل لصاحب الدار التي هو غاصبها وساكن فيها فأحضره وسلمه المفتاح وهو يقول له تسلم يا أخي دارك واسكنها بارك الله فيها وسامحني وأبرئ ذمتي فربما أموت ولا أرجع ولأن الكثير منهم تولى المناصب والأمريات بالجهة القبلية وعندما يتسلم صاحب الدار داره يفرح بخلاصها ويشرع في عمارتها وإعادة ما تهدم منها فيكلف نفسه ولو بالدين ويعمرها فما هو إلا أن تمم العمارة والمرمة في مدة غيبتهم فما يشعر إلا وصاحبه داخل عليه بحصانه وجمله وخدمه فما يسع الشخص إلا الرحلة ويتركها لغريمه وقد وقع ذلك لكثير من الناس المغفلين‏.‏
وفيه وصلت أخبار بأن عمارة الفرنساوية نزلت إلى البحر وعدة مراكبهم مائتان وسبعة عشر مركبًا محاربين لا يعلم قصدهم أي جهة من الجهات وحضر ثلاثة أشخاص من الططر المعدين لتوصيل الأخبار وبيدهم مرسوم مضمونه الأمر بالتحفظ على الثغور فعند ذلك أمر الباشا بالاستعداد وخروج العساكر إلى الثغور‏.‏
وفي يوم السبت 8 شهر ذو القعدة سنة 1224 هـ  - 15 ديسمبر 1809 م سافر جملة من العسكر إلى ناحية بحري فسافر كبير منهم ومعه جملة من وفي ليلة الاثنين ثامن عشره ركب الباشا ليلًا وخرج مسافرًا إلى السويس ليكشف قلاع القلزم وقام له بالاحتياجات من أحمال الماء والعليق والزوادة واللوازم السيد محمد المحروقي وكان خروجه ومن معه على الهجن‏.‏
وفي ليلة الأحد رابع عشرينه حضر الباشا من السويس وكان وصوله ليلًا وطلع إلى القلعة‏.‏ واستهل
ج3/106 

This site was last updated 03/02/09