Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

أنشاء أسطول مصر البحرى

شهر ذي الحجة بيوم الأحد سنة 1224 هـ  - 7 يناير 1810 م
فيه شرع الباشا في إنشاء مراكب ببحر القلزم فطلب الأخشاب لصالحة لذلك وأرسل المعينين لقطع أشجار التوت والنبق من القطر المصري القبلي والبحري وغيرها من الأخشاب المجلوبة من الروم وجعل بساحل بولاق ترسخانة وورشات وجمعوا الصناع والنجارين والنشارين فيهيؤنها وتحمل أخشابًا على الجمال ويركبها الصناع بالسويس سفينة ثم يقلفونها ويبيضونها ويلقونها في البحر فعملوا أربع سفائن كبار إحداها تسمى الإبريق وخلاف ذلك أدوات لحمل السفار والبضائع‏.‏
ومن الحوادث في آخره أن امرأة ذهبت إلى عرصة الغلة بباب الشعرية واشترت حنطة ودفعت ثمنها قروشًا فما ذهبت نظروها ونقدوها فإذا هي من عمل الزغلية ثم عادت بعد أيام فاشترت الغلة ودفعت الثمن قروشًا أيضًا فذهب البائع معها إلى الصيرفي فوجدها مزغولة مثل الأولي فعلموا أنه الغريمة فقال لها الصيرفي من أين لك هذا فقالت من زوجي فقبضوا عليها وأتوا بها إلى الآغا فسألها الآغا عن زوجها فقالت هو عطار بسوق الأزهر فأخذها الآغا وحضر بها إلى بيت الشيخ الشرقاوي بعد العشاء وأحضروا زوجها وسألوه فقال أنا أخذتها من فلان تابع الشيخ الشرقاوي فانفعل الشيخ وقال إن يكن هو ابني فأنا بريء منه وطلبوه فتغيب واختفى وأخذ الآغا المرأة وزوجها وقررهما فأقر الرجل وعرف من عدة أشخاص يفعلون ذلك وفيهم من مجاوري الأزهر فلم يزل يتجسس ويتفحص ويستدل على البعض بالبعض وقبض على أشخاص ومعهم العدد والآلات وحبسهم أيضًا بالقلعة عند كتخدا بك وفر ناس من مجاوري الأزهر من مصر لما قام بهم من الوهم وف كل يوم يشاع بالتنكيل والتجريس للمقبوض عليهم وقتلهم ولم يزل الآغا يتجسس حتى جمعوا ست عشرة عدة وأرسلوها إلى بيت محمد أفندي ناظر المهمات وسألوا الحدادين عمن اصطنع هذه العدد منكم فأنكروا وجحدوا وقالوا هذا من صناعة الشام ثم كسروها وأبطلوها وطال أمر المحبوسين والتفحص عن غيرهم فكان بعض المقبوض عليهم يعرف عن غيره أو شريكه فكانت هذه الحادثة من أشنع لحوادث خصوصًا بنسبتها لخطة الأزهر فكان كل من اشترى شيئًا ودفع ثمنه للبائع قروشًا ذهب بها إلى الصيرفي لأن في ذاك الوقت لم يكن موجودًا بأيدي الناس خلافها وكانوا يقولون في ذهابهم إلى الصيرفي لربما تكون أزهرية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وانقضت السنة بحوادثها التي منها ما ذكر‏.‏
ومنها إحداث بدعة المكس على النشوق وذلك أن بعض المتصدرين من نصارى الأروام أنهى إلى كتخدا بك أمر النشوق وكثرة المستعملية له والدقاقين والباعة وأنه إذا جمعت دقاقوه وصناعه في مكان واحد ويجعل عليهم مقادير ويلتزم به ويضبط رجاله وجمع ماله وإيصاله إلى الخزينة من يكون ناظرًا وقيمًا عليه كغيره من أقلام المكوس التي يعبرون عنها بالجمارك فإنه يتحصل من ذلك مال له صورة فلما سمع كتخدا بك ذلك أنهاه إلى مخدومه فأمر في الحال بكتابة فرمان بذلك واختار الذي جعلوه ناظرًا على ذلك خانًا بخطة بين الصورين ونادوا على جميع صناع النشوق وجمعوهم بذلك الخان ومنعوهم من جلوسهم بالأسواق والخطط المتفرقة والقيم على ذلك يشتري الدخان المعد لذلك من تجاره بثمن معلوم حدده لا يزيد على ذلك ولا يشتريه سواه وهو يبيعه على صناع النشوق بثمن حدده ولا ينقص عنه ومن وجده باع شيئًا من الدخان أو اشتراه أو سحق نشوقًا خارجًا عن ذلك الخان ولو لخاصة نفسه قبضوا عليه وعاقبوه وغرموه مالًا وعينوا معينين لجميع القرى والبلدان القبلية والبحرية ومعهم من ذلك الدخان فيأتون إلى القرية ويطلبون مشايخها ويعطونهم قدرًا موزونًا ويلزمونهم بالثمن المعين بالمرسوم الذي بيدهم فيقول أهل القرية نحن لا نستعمل النشوق ولا نعرفه ولا يوجد عندنا من يصنعه وليس لنا به حاجة ولا نشتريه ولا نأخذه فقال لهم إن لم تأخذوه فهاتوا ثمنه فإن أخذوه أو لم يأخذوه فهم ملزومون بدفع القدر المعين المرسوم ثم كراء طريق المعينين وكلفتهم وعليق دوابهم‏.‏
ومنها أيضًا النطرون فرقوه وفرضوه على القرى محتجين أيضًا باحتياج الحياكة والقزازين إليه لغسل غزل الكتان وبياض قماشه ونحو ذلك وأشنع من ذلك كله أنهم أرادوا فعل مثل هذا في الشراب المسكر المعروف بالعرقي وإلزام أهل القرى بأخذه ودفع ثمنه إن أخذوه أو لم يأخذوه فقيل لهم في ذلك قالوا أن شربه يقوي أبدانهم على أعمال الزرع والزراعة والحرث والكد في القطوة والنطالة والشادوف ثم بطل ذلك‏.‏
ومنها أن الباشا شرع في عمل زلاقة تجاه باب القلعة المعروف بباب الجبل موصلة إلى أعلى الجبل المقطم فجمعوا البنائين والحجارين والفعلة للعمل فأحرقوا عدة قمينات للجير بجانب العمارة وطواحين للجبس ونودي بالمدينة على البنائين والفعلة بأن لا يشتغلوا في عمارة أحد من الناس كائنًا من كان ويجتمع الجميع في عمارة الباشا بالقلعة والجبل إلى أن كمل عملها في السنة التالية طريقًا واسعًا منحدرًا من الأعلى إلى الأسفل ممتدًا في المسافة سهلًا في الطلوع إلى الجبل أو الانحدار منه بحيث يجوز عليه الماشي والراكب من غير مشقة ولا تعب كثير‏.‏
سنة  1225 هـ استهل المحرم بيوم الاثنين فيه وردت الأخبار من الديار الرومية بغلبة الموسكوب واستيلائهم على ممالك كثيرة وأنه واقع بإسلامبول شدة حصر وغلاء في الأسعار وتخوف وأنهم يذيعون في الممالك بخلاف الواقع لأجل التطمين‏.‏
وفي 5 شهر المحرم سنة  1225 هـ  -  10 فبراير 1810 م حضر إبراهيم أفندي القابجي الذي كان توجه إلى الدولة من مدة سابقة وعلى يده مراسيم بطلب ذخيرة وغلال وعملوا لقدومه شنكًا ومدافع وطلع في موكب إلى القلعة‏.‏
وفيه رجع ديوان أفندي من ناحية قبلي وصحبته أحمد آغا شويكار فأقاما بمصر أيامًا ثم رجعا بجواب إلى الأمراء القبليين‏.‏
وفي ليلة السبت 13 شهر المحرم سنة  1225 هـ  -  18 فبراير 1810 م حصلت زلزلة عجيبة وارتجت منها الجهات ثلاث درجات متواليات واستمرت نحو أربع دقائق فانزعج الناس منها من منامهم وصار لهم جلبة وقلقة وخرج الكثير من دورهم هاربين إلى الأزقة يريدون الخلاص إلى الفضاء مع بعده عنهم وكان ذلك في أول الساعة السابعة من الليل وأصبح الناس يتحدثون بها فيما بينهم وسقط بسببها بعض حيطان ودور قديمة وتشققت جدران وسقطت منارة بسوس ونصف منارة بأم أخنان بالمنوفية وغير ذلك لا نعلمه‏.‏
وفي عصر يوم السبت أيًا حصلت زلزلة ولكن دون الأولى فانزعج الناس منها أيضًا وهاجوا ثم سكنوا ثم كثر لغط العالم بمعاودتها فمنهم من يقول ليلة الأربعاء ومنهم من يقول خلافه وأنها تستمر طويلًا وأسندوا ذلك لبعض المنجمين ومنهم من أسنده لبعض النصارى واليهود وأن رجلًا نصرانيًا ذهب إلى الباشا وأخبره بحصول ذلك وأكد في قوله وقال له احبسني وإن لم يظهر صدقي اقتلني وأن الباشا حبسه حتى يمضي الوقت الذي عينه ليظهر صدقه من كذبه وكل ذلك من تخيلاتهم واختلافاتهم وأكاذيبهم وما يعلم الغيب إلا الله‏.‏
وفي يوم الأحد 14 شهر المحرم سنة 1225 هـ - 19 فبراير 1810 م أمر الباشا بالاحتياط على بيوت عظماء الأقباط كالمعلم غالي والمعلم جرجس الطويل وأخيه وفلتيوس وفرانسيسكو وعدتهم سبعة فأحضروهم في صورة منكرة وسمروا دورهم وأخذوا دفاترهم فلما حضروا بين يديه قال لهم أريد حسابكم بموجب دفاتركم هذه وأمر بحبسهم فطلبوا منه الأمان وأن يأذن لهم في خطابه فأذن لهم فخاطبه المعلم غالي وخرجوا من بين يديه إلى الحبس ثم قرر عليهم بواسطة حسين أفندي الروزنامجي سبعة آلاف كيس بعد أن كان طلب منهم ثلاثين ألف كيس‏.‏
وفي يوم الخميس 18 شهر المحرم سنة  1225 هـ  -  23 فبراير 1810 م شاع في الناس حصول زلزلة تلك الليلة وهي ليلة الجمعة ويكون ذلك في نصف الليل فتأهب غالب الناس للطلوع بخارج البلد فخرجوا بنسائهم وأولادهم إلى شاطئ النيل ببولاق ونواحي الشيخ قمر ووسط بركة الأزبكية وغيرها وكذلك خرج الكثير من العسكر أيضًا ونصبوا خيامًا في وسط الرميلة وقراميدان والقرافتين وقاسوا تلك الليلة من البرد ما لا يكيف ولا يوصف لأن الشمس كانت ببرج الدلو وهو وسط الشتاء ولم يحصل شيء مما أشاعوه وأذاعوه وتوهموه وتسلق العيارون والحرامية تلك الليلة على كثير من الدور والأماكن وفتشوها فلما أصبح يوم الجمعة كثر التشكي إلى الحكام من ذلك فنادوا في الأسواق بأن لا أحد يذكر أمر الزلزلة وكل من خرج لذلك من داره عوقب فانكفوا وتركوا هذا اللفظ الفارغ‏.‏

فبركة الإتهامات
وفيه ظهر أنفار يقفون بالليل بصحن الجامع الأزهر فإذا قام إنسان لحاجته منفردًا أخذوا ما معه وأشيع ذلك فاجتهد الشيخ المهدي في الفحص والقبض على فاعل ذلك إلى أن عرفوا أشخاصهم ونسبهم وفيهم من هو من أولاد أصحاب المظاهر المتعممين فستروا أمرهم وأظهروا شخصًا من رفقائهم ليس له شهرة وأخرجوه من البلدة منفيًا ونسبوا إليه الفعال وسنكشف ستر الفاعلين فيما بعد ويفتضحون بين العالم كما يأتي خبر ذلك في سنة سبع وعشرين وكذلك أخرجوا طائفة من القوادين والنساء الفواحش سكونا بحارة الأزهر واجتمعوا في أهله حتى أن أكابر الدولة وعساكرهم بل وأهل البلد والسوقة جعلوا سمرهم وديدنهم ذكر الأزهر وأهله ونسبوا له كل رذيلة وقبيحة ويقولون هي كل موبقة تظهر منه ومن أهله وبعد أن كان منيع الشريعة والعلم صار بعكس ذلك وقد ظهر منه قبل الزغلية والآن الحرامية وأمور غير ذلك مخفية‏.‏
وفيه طلب الباشا تمهيد الطريق الموصلة من القلعة إلى الزلاقة التي أنشأها طريقًا يصعد منها إلى الجبل المقطم السابق ذكرها وأراد أن يفرض على الأخطاط والحارات رجالًا للعمل بعدد مخصوص ومن اعتذر عن الخروج والمساعدة يفرض عليه بدلًا عنه قدرًا من الدراهم يدفعها نظير البدل وأشيع هذا الأمر واستحضر الأوباش على الطبول والزمور كما كانوا يفعلون في قضية عمارة محمد باشا خسرو ثم أن الشيخ المهدي اجتمع بكتخدا بك وأدخل عليه وهمًا أن محمد باشا خسرو لما فعل ذلك لم يتم له أمر وعزل ولم تطل أيامه ونحن نطلب دوام دولتكم والأولى ترك هذا الأمر فتركوا ذلك ولم يذكروه بعد‏.‏
واستهل شهر صفر الخير بيوم الأربعاء سنة 1225 هـ  -  8 مارس 1810 م مفيه قلد الباشا خليل أفندي النظر على الروزنامجي وكتابه وسموه كاتب الذمة أي ذمة الميري من الإيراد والمصرف وكان ذلك عند فتح الطلب بالميري عن السنة الجيدي فلا يكتب تحويل ولا تنبيه ولا تذكرة حتى يطلعوه عليها ويكتب عليها علامته فتكدر من ذلك الروزنامجي وباقي الكتبة وهذه أول دسيسة أدخلوها في الروزنامة وابتداء فضيحتها وكشف سرها وذلك بإغراء بعض الأفندية الخاملين أنهى إليهم أن الروزنامجي ومن معه من الكتاب يوفرون لأنفسهم الكثير من الأموال الميرية ويتوسعون فيها وفي ذلك إجحاف بمال الخزينة وخليل أفندي هذا كان كاتب الخزينة عند محمد باشا خسرو ولا يفيق من الشرب‏.‏
وفيه طلب الباشا ثلاثة أشخاص من كتبة الأقباط الذين كانوا متقيدين بقياس الأراضي بالمنوفية وضربهم وحبسهم لكونه بلغه عنهم أنهم أخذوا البراطيل والرشوات على قياس طين أراضي بعض البلاد ونقصوا من القياس فيما ارتوى من الطين وهي البدعة التي حدثت على الطين الري وسموها القياسة وقد تقدم ذكرها غير مرة وحررت في هذه السنة على الكامل لكثرة النيل وعموم الماء الأراضي على أنه بقي الكثير من بلاد البحيرة وغيرها شراقي بسبب عدم حفر الترع وحبس الحبوس وتجسير الجسور واشتغال الفلاحين والملتزمين بالفرض المظالم وعجزهم عن ذلك‏.‏
وفي 5 شهر صفر الخير سنة 1225 هـ  -  8 مارس 1810 م طلب الباشا كشاف الأقاليم وشرع في تقريري فرضة على البلاد بما يقتضيه نظره ونظر كشاف الأقاليم والمعلمين‏:‏ البط فقرروا على أعلاها ثمانين كيسًا والأدنى خمسة عشر كيسًا ولم يتقيد بتحرير ذلك أحد من الكتبة الذين يحررون ذلك بدفاتر ويوزعونها على مقتضى الحال ولم يعطوا بالمقادير أوراقًا لملتزمي الحصص كما كانوا يفعلون قبل ذلك فإن الملتزم كان إذا بلغه تقرير فرضة تدارك أمره وذهب إلى ديوان الكتبة وأخذ علم القدر المقرر على حصته وتكفل بها وأخذ منهم مهلة بأجل معلوم وكتب على نفسه وثيقة وأبقاها عندهم ثم يجتهد في تحصيل المبلغ من فلاحيه وإن لم يسعفوه في الدفع وحولوا عليه الكلب دفعه من عنده إن كان ذا مقدرة أو استدانه وبو بالربا ثم يستوفيه بعد ذلك من الفلاحين شيئًا فشيئًا كل ذلك حرصًا على راحة فلاحي حصته وتأمينهم واستقرارهم في وطنهم ليحصل منهم المطلوب من المال الميري وبعض ما يقتاتون به هم وعيالهم وإن لم يفعل ذلك تحول باستخلاص ذلك من كاشف الناحية وعين على الناحية الأعوان بالطلب الحثيث وما ينضاف إلى ذلك من حق طرق المعينين وكلفهم وإن تأخر الدفع تكرر الإرسال والطلب على النسق المشروح فيتضاعف الهم وربما ضاع في ذلك قدر الأصل المطلوب وزيادة عنه مرة أو مرتين والذي يقبضونه يحبسونه بالفرط وهو في كل ريال عشرة أنصاف فضة يسمونها ديواني فيقبض المباشر عن الريال تسعين نصفًا فضة ويجعل التسعين ثمانين وذلك خلاف ما يقرره في أوراق الرسم من خدم المباشرين من كتبة القبط فينكشف حال الفلاح ويبيع ما عنده من الغلة والبهيمة ثم يفر من بلدته إلى غيرها فيطلبه الملتزم ويبعث إليه المعيني من كاشف الناحية بحق طريق أيضًا فربما أداه الحال إن كان خفيف العيال والحركة إلى الفرار والخروج من الإقليم بالكلية وقد وقع ذلك حتى امتلأت البلاد الشامية والرومية من فلاحي قرى مصر الذين جلوا عنها وخرجوا منها وتغربوا عن أوطانهم من عظيم هول الجور وإذا ضاق الحال بالملتزم وكتب له عرضحال يشكو حاله وحال بلده أو حصته وضعف حالها ويرجو التخفيف وتجاسر وقدم عرضحال إلى الباشا يقال له هات التقسيط وخذ ثمن حصتك أو بدلها أو يعين له ترتيبًا بقدر فائظها على بعض الجهات الميرية من المكوس و الجمارك التي أحدثوها فإن سلم سنده وكان ممن يراعي جانبه حول إلى بعض الجهات المذكورة صورة وإلا أهمل أمره وبعضهم باعها لهم بما انكسر عليه من مال القرض وقد وقع ذلك الكثير من أصحاب الذمم المتعددة انكسر عليه مقادير عظيمة فنزل عن بعضها وخصموا له ثمنها من المنكسر عليه من الفرضة وبقي عليه الباقي يطالب به فإن حدثت فرضة أخرى قبل غلاق الباقي وقعد بها وضمت إلى الباقي وقصرت يده لعجز فلاحيه واستدان بالربا من العسكر تضاعف الحال وتوجه عليه الطلب من الجهتين فيضطر إلى خلاص نفسه وينزل عما بقي تحت يده كالأول وقد يبقى عليه الكسر ويصبح فارغ اليد من الالتزام ومديونًا وقد وقع ذلك لكثير كانوا أغنياء ذوي ثروة وأصبحوا فقراء محتاجين من حيث لا يشعرون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏
وفيه تحركت همم الأمراء المصريين القبليين إلى الحضور إلى ناحية مصر بعد ترداد الرسل والمكاتبات وحضور ديوان أفندي ورجوعه وحضور محمد بك المنفوخ أيضًا وكل من حضر منهم أنعم عليه الباشا وألبسه الخلع ويقدم له التقادم ويعطيه المقادير العظيمة من الأكياس وقصده الباطني صيدهم حتى أنه كان أنعم على محمد بك المنفوخ بالتزام جمرك ديوان بولاق ثم عوضه عنه ستمائة كيس وغير ذلك‏.‏
وفيه قلد الباشا نظر المهمات لصالح بن مصطفى كتخدا الرزاز ونقلوا ورشة الحدادين ومنافخهم وعددهم من بيت محمد أفندي طبل الودنلي المعروف بناظر المهمات إلى بيت صالح المذكور بناحية التبانة وكذلك العربجية وصناع الجلل والمدافع ونزعوا منه أيضًا معمل البارود وكان تحت نظره وكذلك قاعة الفضة وجمرك اللبان وغيره‏.‏
وفيه وصلت الأخبار من البلاد الرومية والشامية وغيرها بوقوع الزلزلة في الوقت الذي حصلت فيه بمصر إلا أنها كانت أعظم وأشد وأطول مدة وحصل في بلاد كريت إتلافات كثيرة وهدمت أماكن ودورًا كثيرة وهلك كثير من الناس تحت الردم وخسفت أماكن وتكسر على ساحل مالطة عدة مراكب وحصل أيضًا باللاذقية خسف وحكى الناقلون أن الأرض انشقت في جهة من اللاذقية فظهر في أسفلها أبنية انخسفت بها الأرض قبل ذلك ثم انطبقت ثانيًا‏.‏

إعادة بناء كنيسة القيامة
وفي 5 شهر صفر الخير سنة 1225 هـ  -  8 مارس 1810 م وفيه من الحوادث ما وقع ببيت المقدس وهو أنه لما احترقت القمامة الكبرى كما تقدم ذكر حرقها في العام الماضي عرضوا إلى الدولة فبرز الأمر السلطاني بإعادة بنائها وعينوا لذلك آغا قابجي وعلى يده مرسوم شريف فحضر إلى القدس وحصل الاجتهاد في تشهيل مهمات العمارة وشرعوا في البناء على وضع أحسن من الأول وتوسعوا في مسحة جرمها وأدخلوا فيها أماكن مجاورة لها وأتقنوا البناء إتقانًا عجيبًا وجعلوا أسوارها وحيطانها بالحجر النحيت ونقلوا من رخام المسجد الأقصى فقام بمنع ذلك من جماعة من الأشراف الينكجرية وشنعوا على الآغا المعين وعلى كبار البلدة وتعصبوا حماية للدين قائلين أن الكنائس إذا خربت لا يجوز إعادتها إلا بأنقاضها ولا يجوز الاستعلاء بها ولا تشييدها ولا أخذ رخام الحرم القدسي ليوضع في الكنيسة ومانعوا في ذلك فأرسل ذلك الآغا المعين إلى يوسف باشا يعرفه عن المعارضين لأوامر الدولة فأرسل يوسف باشا طائفة من عسكره في عدة وافرة فوصلوا من طريق الغور وهو مسلك موصل إلى القدس قريب المسافة خلاف الطريق المعتاد فدهموا الجماعة المعارضين على حين غفلة وحاصروهم في دير وقتلوهم عن آخرهم وهم نيف وثلاثون نفرًا وشيدوا القمامة كما أرادوا أعظم وأضخم مما كانت عليه قبل حرقها فنسأل المولى السلامة في الدين‏.‏ واستهل
شهر ربيع الأول بيوم الخميس سنة 1225 هـ  - 6 أبريل 1810 م
فيه وصلت الأمراء المصريون القبالي إلى ناحية بني سويف وكثير من الأجناد إلى مصر وترددت الرسل وحضر ديوان أفندي ثم رجع ثانيًا إليهم‏.‏
وفيه أمر الباشا كتاب بعمل حساب حسنين أفندي الروزنامجي عن السنتين الماضيتين وهما سنة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين وذلك بإغراء البعض منهم فاستمروا في عمل الحساب أيامًا فزاد لحسين أفندي مائة وثمانون كيسًا فلم يعجب الباشا ذلك واستخونهم في عمل الحساب ثم ألزمه بدفع أربعمائة كيس وقال أنا كنت أريد منه ستمائة كيس وقد سامحته في مائتين في نظير الذي تأخر له وطلع في صبحها إلى الباشا وخلع عليه فروة باستقراره في منصبه ونزل إلى داره فلما كان بعد الغروب حضر إليه جماعة من العسكر في هيئة مزعجة ومعهم مشاعل وطلبوا الدفاتر وهم يقولون معزول معزول وأخذوا الدفاتر وذهبوا وحولوا عليه الحوالات بطلب الأربعمائة كيس فاجتهد في تحصيلها ودفعها ثم ردوا له الدفاتر ثانيًا‏.‏
وفيه حصلت كائنة أحمد أفندي المعروف باليتيم من كتاب الروزنامة وذلك أن الباشا كان ببيت الأزبكية فوصل إليه مكتوب من كاشف إقليم الدقهلية يعرفه فيه أنه قاس قطعة أرض جارية في إقطاع أحمد أفندي المذكور فوجد مساحتها خلاف القيد بدفتر المقياس الأول ومسقوط منها نحو خمسمائة فدان وذلك من فعل المذكور ومخامرته مع النصارى الكتبة والمساحين لأنهم يراعونه ويدلسون معه لأن دفاتر الروزنامة بيده فلما قرأ المكتوب أمر في الحال بالقبض على أحمد أفندي وسجنه وكان السيد محمد المحروقي حاضرًا وكذلك علي كاشف الكبير الألفي فترجيا عند الباشا وأخبراه بأن المذكور مريض بالسرطان في رجله ولا يقدر على حركتها واستأذنه السيد المحروقي بأن يأخذه إلى داره فإن داره باب من أبوابه فأجابه إلى ذلك وركب في الحال ولحق بالمعيني وكانوا قد وصلوا إليه وأزعجوه فمنعهم عنه وأخذه إلى داره وراجع الباشا في أمره فقرر عليه ثمانين كيسًا بعد أن قال أني كنت أريد أن أقول ثلاثمائة كيس فسبق لساني فقلت مائة كيس وقد تجاوزت لأجلك عن عشرين كيسًا وهو يقدر على أكثر من ذلك لأنه يفعل كذا وكذا وعدد أشياء تدل على أنه ذو غنية كبيرة منها أنه لما سافر إلى الباشا بدفتر الفرضة إلى ناحية أسيوط طلع إلى البلدة في هيئة وصحبته فرش وسحاحير وبشخانات وكرارات وفراشون وخدم وكيلارجية ومصاحبجية والحكيم والمزين فلما شاهد الباشا هيئته سأل عنه وعن منصبه فقيل له أنه جاجرت من كتبة الروزنامة فقال إذا كان جاجرت بمعنى تلميذ فكيف يكون باش جاجرت أو قلقاوات لإقليم فضلًا عن كبيرهم الروزنامجي وأي شيء ذلك وأسر ذلك في نفسه وطفق يسأل ويتجسس عن أحوالهم لأنه من طبعه الحقد والحسد والتطلع لما في أيدي الناس ولما قلد خليل أفندي كتابة الذمة في الروزنامة كما تقدم انضم إليه الكارهون للمذكور الذين كانوا خاملي الذكر بوجوده وتوصلوا إلى باب الباشا وكتخدا بك وأنهوا فيه أنه يتصرف في الأموال الميرية كما يختار وأن حسين أفندي الروزنامجي لا يخرج عن مراده وإشارته وبيته مفتوح للضيفان ويجتمع عنده في كل ليلة عدة من الفقراء يثرد لهم الثريد في القصاع ويواسي الكثير من أهل العلم وغيرهم ويتعهد بكثير من الملتزمين بالفرض التي تقرر على حصصهم ويضمها في حسابه ويصبر عليهم حتى يوفرها له في طول الزمن ونحو ذلك وكل ما ذكر دليل على سعة الحال والمقدرة وأما الذنب الذي أخذه به فإن القدر المذكور من الطين كان من الموات فاتفق المذكور مع شركائه ملتزمي الناحية وجرفوه وأحيوه وأصلحوه بعد أن كان خرسًا ومواتًا لا ينتفع به وجعلوه صالحًا للزراعة وظن أن ذلك لا يدخل في المساحة فأسقطه منها فوقع وفيه انحرف أيضًا الباشا على الخواجا محمود حسن وعزله من الجمارك والبرزجانية وأكل عليه المطلوب له وهو مبلغ ألفان وخمسون كيسًا‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1225 هـ   -  6 مايو 1810 م فيه وصلت الأخبار من البلاد الحجازية بنزول سيل عظيم حصل منه ضرر كثير وهدم دورًا كثيرة بمكة وجدة وأتلف كثيرًا م البضائع للتجار حكوا أنه هدم بمكة خاصة ستمائة دار وكان ذلك في شهر صفر‏.‏
وفيه وصل الأمراء المصريون إلى ناحية الرقق وأوائلهم وصلوا إلى دهشور وخرج إليهم الأتباع بالملاقاة من بيوتهم وأحبابهم وذهب إليهم مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي وديوان أفندي ثم الباشا ثم في أثرهم طوسون ابن الباشا وقدم له إبراهيم بك تقادم وأقام بوطاقه أيامًا ثم رجعوا وكثر ترداد المراسلات والاختلافات في أمر الشروط‏.‏
وفي 5 شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  10 مايو 1810 م حضر عثمان بك يوسف وصحبته صنجق آخر فطلعا إلى القلعة وقابلا الباشا ثم رجعا وحضرا في ثاني يوم كذلك فخلع عليهما خلعًا وأعطاهما أكياسًا وأرسل إلى إبراهيم بك هدايا وإلى سليم بك المحرمجي المرادي أيضًا‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 11  شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  16 مايو 1810 م وصل الجميع إلى الجيزة ونصبوا وكطاقهم خارج الجيزة وصحبتهم عربان وهوارة كثيرة وانتزروا أن الباشا يضرب لحضورهم مدافع فلم يفعل وقال إبراهيم بك سبحان الله ما هذا الاحتقار ألم أكن أمير مصر نيفًا وأربعين سنة وتقلدت قائمقامية ولايتها ووزارتها مرارًا وبالآخرة صار من أتباعي وأعطيه خرجه من كيلاري ثم أحضر أنا وباقي الأمراء على صورة الصلح فلا يضرب لنا مدافع كما يفعل لحضور بعض الإفرنج وتأثر من ذلك وأشيع في الناس تعدية الباشا من الغد للسلام على إبراهيم بك فلم يثبت وظهر أنه لم يفعل وأصبح مبكرًا إلى شبرا وجلس في قصره وحضر إليه شاهين بك الألفي في سفينة ووقع بينهما مكالمات ورجع من عنده عائدًا إلى الجيزة منفعل الخاطر ثم أن الباشا عرض عساكره فاجتمع إليه الجميع وبدا اللغط وكثرت القلقة وعندما وصل شاهين بك إلى الجيزة أزر حريمه وأركبهن وأرسلهن إلى الفيوم ونقل متاعه وفرشه من قصر الجيزة في بقية اليوم وكسر المرايات وزجاج الشبابيك التي في مجالسه الخاصة ثم ركب في طوائفه وأتباعه وخشداشينه ومماليكه وذهب إلى عرضي إخوانه وقبيلته ونصب خيامه ووطاقه بحذائهم واجتمع بهم وتصافى معهم وقد كان حضر إليه عبد الرحمن بك تابع عثمان بك المرادي المعروف بالطنبرجي وحول دماغه واتفق معه على الانضمام إليهم والخروج عن الباشا ففعل ما فعل وجعلوه رئيس الأمراء المرادية‏.‏
وفي ذلك اليوم عدى حسن باشا وصالح آغا قوج إلى بر الجيزة وذهبا إلى عرضي الأمراء وسلما عليهم وتغديا عند شاهين بك وجرى بينهما وبين إبراهيم بك كلام كثير وقال له حسن باشا أنكم وصلتم إلى هنا لتمام لصلح على الشروط التي حصلت بينكم وبين الباشا والاتفاق الذي جرى بأسيوط ويكون تمامه عند وصولكم إلى الجيزة واجتماعكم وقد حصل فقال له إبراهيم بك وما هي الشروط قال هي أن تدخلوا تحت حكمه وطاعته وهو يوليكم المناصب التي تريدونها بشرط أن تقوموا بدفع الفرض التي يقررها على النواحي والغلال الميرية والخراج وتعيين من يريده منكم صحبة العساكر الموجهة إلى البلاد الحجازية لفتح الحرمين وتكونوا معه أمراء مطيعين وهو يعطيكم الأمريات والإنعامات الجزيلة ويعمر لكم ما تريدونه من الدور والقصور التي لكم ولأتباعكم على طرفه لا يكلفكم بشيء من الأشياء وقد رأيتم وسمعتم ما فعله من الإكرام والإنعام على شاهين بك وما أعطاه من المماليك والجواري الحسان وشفاعاته عنده لا ترد وأطلق له التصرف في البر الغربي من رشيد إلى الفيوم إلى بني سويف والبهنسا مما هو تحت حكمه ويراعي بجانبه إلى الغاية فقال له إبراهيم بك نعم إنه فعل مع شاهين بك ما لا تفعله الملوك فضلًا عن الوزراء وليس ذلك لسابق معروف فهل شاهين بك معه ليستحق به ذلك بل هو لغرض سوء يكمنه في نفسه وشبكة يصطاد بها غيره فإننا سبرنا أحواله وخيانته وشاهدنا ذلك في كثير ممن خدموه ونصحوا معه حتى ملكوه هذه المملكة قال ومن هم قال أو لهم مخدومه محمد باشا خسرو ثم كتخداه وخازنداره عثمان آغا جنج الذي خامر معه وملك مع أخيه المرحوم طاهر باشا القلعة وأحرق سرايته ثم سلط الأتراك على طاهر باشا حتى قتلوه في داره وأظهر موالاتنا وصداقتنا ومساعدتنا وصبر نفسه من عسكرنا واتحد بعثمان بك البرديسي وأظهر له خلوص الصداقة والأخوة وعاهد بالإيمان حتى أغراه على علي باشا الطرابلسي وجرى ما جرى عليه من القتل ونسب ذلك إلينا ثم اشتغل معه على خيانته لأخيه الألفي وأتباعه ثم سلط علينا العساكر يطلب العلوفة وأشار على عثمان بك بطلب المال من الرعية حتى وقع لنا ما وقع وخرجنا من مصر على الصورة التي خرجنا عليها لم أحضر أحمد باشا خورشيد وولاه وزيرًا وخرج هو لمحاربتنا ثم اتضح أمره لأحمد باشا وأراد الإيقاع به فعجل العود إلى مصر وأوقع بينه وبين جنده حتى نفروا منه ونابذوه وألقى إلى السيد عمر والقاضي والمشايخ أن أحمد باشا يريد الفتك بهم فهيجوا العامة والخاصة وجرى ما جرى من الحروب وحرق الدور وبذل السيد عمر جهده في النصح معه بما يظهره له من الحب والصداقة وراجت عليه أحواله حتى تمكن أمره وبلغ مراده وأوقع به وأخرجه من مصر وغربه عن وطه ونقض العهود والمواثيق التي كانت بينه وبينه كما فعل بعمر بك وغيره وكل ذلك معلوم ومشاهد لكم ولغيركم فمن يأمن لهذا ويعقد معه صلحًا واعلم يا ولدي أننا كنا بمصر نحو العشر آلاف أو أقل أو أكثر ما بين مقدمي ألوف وأمراء وكشاف وأكابر وجاقات ومماليك وأجناد وطوائف وخدم واتباع مرفهي المعاش بأنواع الملا كل أمير مختص ومعتكف بإقطاعه مع كثرة مصارفنا في الأوقات المعهودة ولا نعرف عسكرًا ولا علوفة عسكر والقرى والبلاد مطمئنة والفلاحون ومشايخ البلاد مرتاحون في أوطانهم ومضايفهم مفتوحة للواردين والضيفان مع ما كان يلزم علينا من المصارف الميرية ومرتبات الفقراء وخزينة السلطان وصرة الحرمين والحجاج وعوائد العربان وكلف الوزراء المتولين والأغوات والقابجية المعينين وخدمهم والهدايا السلطانية وغير ذلك وأفندينا ما كفاه إيراد الإقليم وما أحدثه من الجمارك والمكوس وما قرره على القرى والبلدان من فرض المال والغلال والجمال والخيول والتعدي على الملتزمين ومقاسمتهم في فائظهم ومعاشهم وذلك خلاف مصادرات الناس والتجار في مصر وقراها والدعاوي والشكاوي والتزايد في الجمارك وما أحدثه في الضربخانة من ضرب القروش النحاس واستغراقها أموال الناس بحيث صار إيراد كل قلم من أقلام المكوس بلإيراد إقليم من الأقاليم ويبخل علينا بما نتعيش به ونحن وعيالنا ومن بقي معنا من أتباعنا ومماليكنا بل وقصده صيدنا وهلاكنا عن آخرنا فقال حسن باشا حاشا الله لم يكن ذلك ودائمًا يقول والدنا إبراهيم بك ولكن لا يخفاكم أن الله أعطاه ولاية هذا القطر وهو يؤتي الملك من يشاء ولا ترضى نفسه من يخالف عليه أو يشاركه بالقهر والاستيلاء فإذا صار الصلح ووقع الصفاء أعطاكم فوق ما مولكم فهز إبراهيم بك رأسه وقال صحيح يكون خيرًا وانفض المجلس ورجع حسن باشا وصالح قوج وعديا إلى بر مصر‏.‏
وفي تلك الليلة خرج جميع من كان بمصر من الأمراء والأجناد المصرية بخيلهم وهجنهم ومتاعهم وعدوا إلى بر الجيزة ولم يبق منهم إلا القليل واجتمعوا مع بعضهم وقسموا الأمر بينهم ثلاثة أقسام قسم للمرادية وكبيرهم شاهين بك وقسم للمحمدية وكبيرهم علي بك أيوب وقسم للإبراهيمية وكبيرهم عثمان بك حسن وكتبوا مكاتبات وأرسلوها إلى مشايخ العربان لم أقف على مضمونها‏.‏
وفي يوم الجمعة 14  شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  19 مايو 1810 م أوقفوا عساكر على أبواب المدينة يمنعون الخارجين من البلد حتى الخدم ومنعوا التعدية إلى البر الغربي وجمعوا المراكب والمعادي إلى البر الشرقي ونقلوا البضائع التي في مراكب التجار المعدة لسفر رشيد ودمياط المعروفة بالرواحل وأخذوها إليهم وشرعوا في التعدية بطول يوم الجمعة والسبت وعدى الباشا آخر النهار دخل إلى قصر الجيزة الذي كان به شاهين بك وكذا عدوا بالخيام والمدافع والعربات والأثقال واجتمعت طوائف العسكر من الأتراك والأرنؤد والدلاة والسجمان بالجيزة وتحققت المفاقمة والأمراء المصرية خلف السور في مقابلتهم واستمروا على ذلك إلى ثاني يوم والناس متوقعون حصول الحرب بين الفريقين ولم يحصل وانتقل المصرية وترفعوا إلى قبلي الجيزة بناحية دهشور وزنين‏.‏
وفي يوم الاثنين والثلاثاء 17 , 18  شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  22 , 23 مايو 1810 م أنفق الباشا على العسكر وكان له مدة شهور لم ينفق عليهم‏.‏
وفي ليلة الثلاثاء 18  شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  23 مايو 1810 م ركب الباشا ليلًا وسافر إلى ناحية كرداسة على جرائد الخيل ورجع في ثاني ليلة وكان سبب ركوبه أنه بلغه أن طائفة من العربان مارين يريدون المصرية فأراد أن يقطع عليهم الطريق فلم يجد أحدًا وصادف نجعًا مقيمين في محطة فنهب مواشيهم ورجع تعبًا وانقطع عنه أفراد من العسكر ومات بعضهم من العطش‏.‏
وفي يوم الجمعة 21  شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  26 مايو 1810 م ارتحل المصرية وترفعوا إلى ناحية جرزا الهوى بالقرب من الرقق‏.‏
وفيه حضر مشايخ عربان أولاد علي للباشا فكساهم وخلع عليهم وألبسهم شالات كشميري عدتها ثمان شالات وأنعم عليهم بمائة وخمسين كيسًا وحضر عند المصرية عربان الهنادي ومشايخهم وانضموا إليهم‏.‏
وفي يوم الأحد 23  شهر ربيع الثاني سنة 1225 هـ   -  28 مايو 1810 م عدى الباشا إلى بر مصر وذهب إلى بيته بالأزبكية فبات به ليلتين ثم طلع يوم الثلاثاء إلى القلعة وقد تكدر طبعه من هذه الحادثة بعد أن حصلوا بالجيزة وكاد يتم قصده فيهم وخصوصًا ما فعله شاهين بك الذي أنفق عليه ألوفًا من الأموال ذهبت وفي هذه الأيام أعني منتصف شهر بشنس القبطي زاد النيل زيادة ظاهرة أكثر من ذراع ونصف واستمر أيامًا ثم رجع إلى حاله الأول وهذا من جملة عجائب الوقت‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1225 هـ   -  4 يونية 1810 م  فيه عمل الباشا ميدان رماحه بالجيزة فتقنطر به الحصان ووقع به الأرض فأقاموه وأصيب غلام من مماليكه برصاصة فمات ويقال أن الضارب لها كان قاصدًا الباشا فأخطأته وأصابت ذلك المملوك والأجل حصن‏.‏
وفيه نبهوا على العسكر بالخروج فسعوا بالجد والعجلة في قضاء أشغالهم ولوازمهم وطفقوا يخطفون حمير الناس وجمالهم ومن يصادفونه ويقدرون عليه من أهل البلد وخلافهم ويقولون في غد مسافرون وراحلون لمحاربة المصريين والمصريون أيضًا مستمرون في منزلتهم لم ينتقلوا عنها‏.‏
وفي 5 شهر جمادى الأولى سنة 1225 هـ   -  4 يونية 1810 م خرج حسن باشا وبرز خيامه بناحية الآثار وخرج أيضًا محو بك بعسكره وطوائفه ومعهم بيارق وسافر جملة عساكر في المراكب ليرابطوا في البنادر فإنها خالية ليس بها أحد من المصريين وفي كل يوم يخرج عساكر ثم يرجعون إلى المدينة وهم مستديمون على خطف الدواب وحمير البطيخ وجمال السقائين والباشا يعدي إلى بر مصر في كل يومين أو ثلاثة ويطلع إلى القلعة

وفي يوم الثلاثاء 17 شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1225 هـ   -  20 يونية 1810 م بلغ الباشا أن الأمراء المرادية والإبراهيمية وغالب المصرية لهم مراسلات ومعاملات مع السيد سلامة النجاري وأخيه وابن أخيه وأنه يرسل لهم جميع ما يلزم من أسلحة وأمتعة وخلافها بواسطة بعض عملائهم من العربان خفية وأنه اشترى جملة أسلحة وخيول وثياب وغيرها وأخذ أشياء من بيوت بعضهم لأجل أن يرسل الجميع إليهم وأن جميع ذلك موجود عند المذكور الآن ومن جملة أيام حضر رسول من عندهم بدارهم ومعه حصان نعمان بك وهو عنده أيضًا فأمر بجلبه وحبسه وهجم منزله وضبط أوراقه وضبط ما يوجد بها ففعلوا ذلك وحبسوا معه ابن أخيه وأزعجوهما وهجموا منزله فوجدوا فيه خمسة خيول وجملة أسلحة فطغوا وبغوا ونهبوا متاعه وبددوا شمل كتب أبيه ولم يجدوا مكاتبات من الأمراء القبالي ولا أثر لذلك بل أنهم وجدوا جوابًا من أخيه السيد أحمد مضمونه أننا عند وصولنا إلى مكة المشرفة اشترينا أربعة خيول نجدية بها العلامات التي أفدتمونا عنها وهي مرسلة لكم عسى أن تفوزوا بتقديمها لأفندينا ولما سئل عن الأسلحة والخيول التي عنده قال‏:‏ أن السلاح عندنا من قديم وله مدد ورؤيته تدل على ذلك وأما الخيول فمنها أربعة أحضرتها هدية لأفندينا وجاءت ضعيفة فأبقيتها عندي حتى تتقوى وأقدمها إليه والحصان الخامس اشتريته لنفسي من رجل عميلنا اسمه عطوان أحمد من أهالي كفر حكيم أخبرني أنه اشتراه من ناحية صول ولما رأيت فيه علامات الجودة وجاءت الأربعة خيول تركت ركوبه وأبقيته معها حتى أقدم الجميع لأفندينا فعند ذلك توجه محمد أفندي طبل للباشا وفهمه براءة ذمة المذكور وأخبره بما صار وما وجدوه وما قاله المذكور وسعى في إزالة هذه التهمة عنه وعرفه أن هذا الرجل مستقيم الأحوال وأنه من وقت توظيفه معه لم ينظر عليه ما يخالف وصدق عليه الحاضرون فلما ظهر للباشا كذب التهمة وتحقق براءته وأنه أحضر هذه الخيول هدية له أمر بإطلاقه من السجن واسترجاع ما نهبته الأعوان من منزله وتخلق عليهم بسبب ذلك ثم أمر بإحضاره وإحضار الخيول المهداة له فقبلها منه ثم سأله عن علامات الجودة وما يحمد في الخيل وما يذم فيها فأجابه بأجوبة مفيدة استحسنها فأنعم عليه وضاعف مرتبه وأحال عليه نظر مشتري الخيول‏.‏
وفيه وصلت الأخبار بأن حسن باشا وصالح قوج وعابدين بك وعساكر الأرنؤد وصلوا إلى ناحية صول والبرنبل فوجدوا المصريين جعلوا متاريس ومدافع على البر ليمنعوا مرور المراكب فحاربوهم حتى أجلوهم عنها وملكوا المتاريس وقتل رجل من الأجناد وهو الذي كان محافظًا على المتاريس يقال له إبراهيم آغا سقط به الجرف إلى البحر فأخذوه إليهم ومعه آخر وقتلوهما وقطعوا رؤوسهما وأرسلوهما صحبة المبشرين إلى الباشا فعلقوا الرأسين بباب زويلة ولما بلغ الأمراء المصريين أخذ المتاريس وتأهبوا وساروا من أول الليل وهي ليلة السبت رابع عشره مكمنين وكاتمين أمرهم فدهموا الأرنؤد من كل ناحية فوقع بينهم مقتلة عظيمة وأخذوا منهم عدة بالحياة وأخذوا منهم أشياء وكان حسن باشا وأخوه عابدين صعدا بمراكبهما إلى قبلي المتريس فاحترق من مراكب أخيه مركب وألقى من فيها بأنفسهم إلى البحر فمنهم من نجا ومنهم من غرق وأما مراكب حسن باشا فإنه ساعدها الريح أيضًا فسارت إلى ناحية بني سويف ثم أن المصريين عدى منهم طائفة إلى شرق اطفيح وانتقل بواقيهم راجعين إلى ناحية الجيزة قريبًا من عرضي الباشا‏.‏
وفي ليلة الخميس 19 شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1225 هـ   -  22  يونية 1810 م عدى الباشا إلى بر مصر وطلع إلى القلعة فلما كان الليل وصل طائفة من المصريين إلى المرابطين لخفارة عرضي الباشا واحتاطوا بهم وساقوهم إليهم فانزعج العرضي وحصل فيهم غاغة فأرسل طوسون باشا إلى أبيه فركب ونزل من القلعة في سادس ساعة من الليل وعدى إلى البر الغربي ومما سمعته أن الباشا عندما نزل المعدية وسار بها في البحر سمع واحدًا يقول لآخر قدم حتى نقتل المصريين ونبد شملهم ويكرر ذلك فأرسل الباشا مركبًا وأرسل بعض أتباعه بها لينظروا هذين الشخصين ولأي شيء نزلا البحر في هذا الوقت فلما ذهبوا إلى الجهة التي سمعه منها الصوت لم يجدوا أحدًا وتفحصوا عنهما فلم يجدوهما فاعتقد من له اعتقاد منهم أنهما من الأولياء وأن الباشا مساعد بأهل الباطن‏.‏
وفي 20 شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1225 هـ   -  4 يونية 1810 م ظهر التفاشل بين الأمراء المصريين وتبين أن الذين كانوا عدوا إلى البر الشرقي هم ثلاثة أمراء من الألفية وهم نعمان بك وأمين بك ويحيى بك وذلك أنهم لما تصالحوا مع الباشا وأميرهم شاهين بك وهو الرئيس المنظور إليه ومطلق التصرف في معظم البر الغربي والفيوم يتحكم فيهم وفي طوائف العربان وأهالي البلاد والفلاحين بما يريد وكذلك أموال المعادي بناحية الأخصاص وأنبابة والخبيري وغير ذلك وهو شيء له قدر كبير وزاد فيهم أيضًا أضعاف المعتاد فيأخذ جميع ذلك ويختص به وذلك خلاف أنعامات الباشا عليه بالمئتين من الأكياس ويشتري المماليك والجواري الحسان ولا يدفع لهم ثمنًا فيشكون إلى الباشا فيدفعه إلى اليسرجية من خزينته وهو منشرح الخاطر وإخوانه يتأثرون لذلك وتأخذهم الغيرة ويطمعون في جانبه وهو يقصر في حقهم ولا يعطيهم إلا النزر مع المن والتضجر وفيهم من هو أقدم منه هجرة ويرى في نفسه أنه أحق بالتقدم منه لما دنت وفاة أستاذهم أحضر شاهين بك وسلمه خزينته وأوصاه بأن يعطي لكل أمير من خشداشينه سبعة آلاف مشخص ولم يعطهم وطفق كلما أعطاهم شيئًا حسبه عليهم من الوصية حتى إذا أعطى اليلك والبنش لنعمان بك مثلًا يعطيه له أنقص من بنش أمين بك نصف ذراع ويقول هو قصير القامة ونحو ذلك فيحقدون ذلك عليه ويتشكون من خسته وتقصيره في حقهم ويعلم الباشا ذلك فلما نقض شاهين بك عهده وانضم إلى المخالفين وخشداشينه المذكورون معه بالتنافر القلبي راسلهم الباشا سرًا ووعدهم ومناهم بأنهم إذا حضروا إليه وفارقوا شاهين بك الخائن المقصر في حقهم أنزلهم منزلة شاهين بك وزيادة واختص بهم اختصاصًا كبيرًا فمالت نفوسهم لذلك القول واعتقدوا بخسافة عقولهم صحته وأنهم إذا رجعوا إليه هذه المرة ونبذوا المخالفين اعتقد صداقتهم وخلوصهم وزاد قدرهم ومنزلتهم عنده وتذكروا عند ذلك ما كانوا فيه أقامتهم بمصر من التنعم والراحة في القصور التي عمروها بالجيزة والبيوت التي اتخذوها بداخل المدينة والرفاهية والفرش الوطيئة وتحركت غلمتهم للنساء والسرارى التي أنعم عليهم الباشا وقالوا مالنا والغربة وتعب الجسم والخاطر والانزعاج والجروب والإلقاء بنفوسنا في المهالك وعدم الراحة في النوم واليقظة فردوا الجواب وتمنوا عليه أيضًا ما حاك في نفوسهم بشرط طرح المؤاخذة والعفو الكامل بواسطة من يعتمد صدقه فاْجابهم لكل ماساْلوه وتمنوه بواسطة مصطفى كاشف المواري وهو معدود سابقًا منهم وانفصل عنهم وانتمى إلى كتخدا بك وصار من أتباعه فعند ذلك شرعوا في مناكدة أخيهم شاهين بك ومفارقته وعقدوا معه مجلسًا وقالوا له قاسمنا في ربع المملكة التي خصونا به القسمة التي شرطوها فإننا شركاؤك فإن إبراهيم بك قسم مع جماعته وكذلك عثمان بك وعلي بك أيوب فقال لهم وما هو الذي ملكناه حتى أقاسمكم فيه فقالوا أنت تجحف علينا وتختص بالشيء دوننا فإنك لما اصطلحنا معك مع الباشا وصرفك في البر الغربي اختصيت بإيراده وهو كذا وكذا دوننا ولم تشركنا معك في شيء ولولا أن الباشا كان يراعينا ويواسينا من عنده لمتنا جوعًا فنحن لا نرافقك ولا نصحبك ولا نحارب معك حتى تظهر لنا ما نقاتل معك عليه وتزايدوا معه في المكالمة والمعاتبة والمفاقمة ثم انفصلوا عنه ونقلوا خيامهم إلى ناحية البحر واعتزلوه وفارقوا عرضي الجميع فلما علم بذلك إبراهيم بك الكبير تنكد خاطره وقال‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أي شيء هذا الفشل وخسافة العقل والتفرق بعد الالتئام والاجتماع وذهب إليهم ليصالحهم ويضمن لهم كل ما طلبوه وطمعوا فيه عند تملكهم وقال لهم إن كنتم محتاجين في هذا الوقت لمصرف أنا أعطيكم من عندي عشرين ألف ريال أقسموها بينهم وعودوا لمضربكم معنا فامتنعوا من صلحهم مع شاهين بك فرجع إبراهيم بك يريد أخذ شاهين بك إليهم فامتنع من ذهابه إليهم وقال أنا لست محتاجًا إليهم وإن ذهبوا قلدت أمراء خلافهم وعندي من يصلح لذلك ويكون مطيعًا لي دونهم فإن هؤلاء يرون أنهم أحق مني بالرياسة والجماعة شرعوا في التعدية وانتقلوا إلى البر الشرقي وحال البحر بين الفريقين ووصل إليهم مصطفى كاشف المورلي بمرسوه الباشا واجتمعوا معه عند عبد الله آغا المقيم بناحية بني سويف وضرب لهم شنكًا ومدافع ثم أنهم انهزموا على الحضور إلى مصر فوصلوا في يوم الخميس خامس عشرينه وقابلوا الباشا وخلع عليهم وأعطاهم تقادم ورجعوا إلى مضربهم ناحية الآثار وصحبتهم ستة عشر من كشافهم والجميع يزيدون عن المائين واْنعم عليهم الباشا بمائتي كيس لكل كبير من الأربعة عشرون كيسًا ومائة وعشرون كيسًا لبقيتهم واشتروا دورًا واسعة وشرعوا في تغييرها وزخرفتها على طرف فاشترى اْمين بك دار عثمان كتخذا المنفوخ بدرب سعادة من عتقائه ودفع له الباشا ثمنها وأمر لكل أمير منهم بسبعة آلاف ريال ليصرفها فيما يحتاج إليه في العمارة واللوازم وحولهم بذلك على المعلم غالي ولما تحقق شاهين بك انفصالهم قلد أربعة من أتباعه أمرياتهم وأعطاهم بيرقًا وخيولًا وضم لهم مماليك وطوائف وتمت حيلة الباشا التي أحكمها بمكره وعند ذلك أشيع في الإقليم القبلي والبحري تفرقهم وتفاشلهم ورجع من كان عازمًا من القبائل والعربان عن الانضمام إليهم وطلبوا الأمان من الباشا وحضروا إليه ودخلوا في طاعته وأنعم عليهم وكساهم وكانت أهالي البلاد عندما حصلت هذه الحادثة عصت عن دفع الفرض والمغارم وطردوا المعينين وتعطل الحال وخصوصًا عندما شاع غلبة المصريين على الأرنؤد وتفرقت عنهم العربان الذين كانوا انضموا إليهم وأطاع المخالف والعاصي والممانع وكلها أسباب لبروز المقدور والمستور في غيبه سبحانه وتعالى‏.‏
وفي أواخره حضر كثير من عسكر الدلاة من الجهة الشامية وكذلك حضر أتراك من على ظهر واستهل
ج3/108

This site was last updated 03/02/09