Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

 

سنة 1235 هـ - 21 أكتوبر 1819 م
فكان أول المحرم بالهلال يوم الخميس وفيه وما قبله بأيام حصل بالأرياف بل وبداخل المدينة انزعاجات بسبب تواتر سرقات وإشاعة سروح مناسر وحرامية وعمر الناس أبواب الدور والدروب وحصل منع الناس من المسير والمشي بالأزقة من بعد الغروب وصار كتخدا بك وآغات التبديل والوالي يطوفون ليلًا بالمدينة وكل من صادفوه قبضوا عليه وحبسوه ولو كان مما لا شبهة فيه واستمر هذا الحال إلى آخر الشهر‏.‏
وفي يوم الثلاثاء  27 المحرم 1235 هـ - 16 نوفمبر 1819 م  حضر الباشا من الصعيد بعد أن وصل في سرحته إلى الشلال وكان الناس تقولوا على ذهابه إلى قبلي أقاويل منها أنه يريد التجريد على بواقي المصريين المنقطعين بدنقلة فإنهم استفحل أمرهم واستكثروا من شراء العبيد وصنعوا البارود والمدافع وغير ذلك ومنها أنه يريد التجريد أيضًا وأخذ بلاد دارفور والنوبة ويمهد طريق الوصول إليها ومنها أنهم قالوا أنه ظهر بتلك البلاد معدن الذهب والفضة والرصاص والزمرد وأن ذهابه للكشف على ذلك وامتحانه وعمل معدله ومقدار ما يصرف عليه حتى يستخرج صافيه وبطل كل ما توهموه وخمنوه برجوعه وأما قولهم عن هذه المعادن فالذي تلخص من ذلك أنه ظهر بأرض أحجار خضر تشبه الزمرد وليست إياه وبمكان آخر شيء أسود مخرفش مثل خرء الحديد يخرج منه بعد العلاج والتصفية رصاص قليل فقد أخبرني أخونا الشيخ عمر الناوي المعروف بالمخلصي أنه أخذ منه قطعة وذهب بها إلى الصائغ ودقها ووضعها في بوط كبير وساق عليها بنار السبك وانكسر البوط فنقلها إلى بوط آخر ولم يزل يعالجها بطول النهار وأحرق عليها زيادة عن القنطار من الفحم‏.‏
وفيه حضر أيضًا جماعة من الوهابية وأنزلوا بدار بحارة عابدين‏.‏
واستهل شهر صفر بيوم الجمعة سنة 1235 هـ -  19 نوفمبر 1819 م في غرته سافر محمد آغا المعروف بأبو نبوت الشامي إلى دار السلطنة باستدعاء من الدولة وذلك انه لما حضر إلى مصر ونزل برحاب الباشا كما تقدم وكاتب الباشا في شأنه إلى الدولة فحضر الأمر بطلبه وأوكد بالإكرام فعند ذلك هيأ له الباشا ما يحتاج إليه من هدية وغيرها وتعين للسفر صحبته خمسة وثلاثون شخصًا أرسل إليهم الباشا كساوي وفراوي وترك باقي أتباعه بمصر أنزلوهم في دار بسويقة اللالا وهم يزيدون عن المائتين ويصرف لهم الرواتب في كل يوم والشهرية‏.‏
وفيه وصل جماعة من عسكر المغاربة والعرب الذين كانوا ببلاد الحجاز وصحبتهم أسرى من الوهابية نساء وبنات وغلمانًا نزلوا عند الهمايل وطفقوا يبيعونهم على من يشتريهم مع أنهم وفي منتصفه مات مصطفى آغا وكيل دار السعادة سابقًا ومات أيضًا الشيخ عبد الرحمن القرشي الحنفي‏.‏
وفي يوم ألأحد 17 شهر صفر  سنة 1235 هـ -  5 ديسمبر 1819 م  وصل الحاج المصري ومات الكثير من الناس فيه بالحمى وكثرت الحمى بأرض مصر وكأنها تناقلت من أرض الحجاز‏.‏
وفي يوم الخميس 21 شهر صفر  سنة 1235 هـ -  9 ديسمبر 1819 م  وصل إبراهيم باشا ابن الباشا من ناحية القصير وكان قبل وروده بأيام وصل خبر وصوله إلى القصير وضربوا لذلك الخبر مدافع من القلعة وغيرها ورمحت المبشرون لأخذ البقاشيش من الأعيان واجتمعت نساء أكابرهم عند والدته ونسائهم للتهنئة ونظموا له القصر الذي كان أنشأه ولي خوجه وتممه شريف بك الذي تولى في منصبه وهو بالروضة بشاطئ النيل تجاه الجيزة وعند وصول المذكور عملوا جسرًا من الروضة إلى ساحل مصر القديمة على مراكب من البر إلى البر وردموه بالأتربة من فوق الأخشاب‏.‏
وفي ذلك اليوم وصل قابجي من دار السلطنة بالبشارة بمولود ولد لحضرة السلطان وطلع إلى القلعة في موكب‏.‏
وفي يوم الخميس 21 شهر صفر  سنة 1235 هـ -  9 ديسمبر 1819 م عند وصول إبراهيم باشا نودي بزينة المدينة سبعة أيام بلياليها فشرع الناس في تزيين الحوانيت والدور والخانات بما أمكنهم وقدروا عليه من الملونات والمقصبات وأما جهات النصارى وحاراتهم وخاناتهم فإنهم أبدعوا في عمل تصاوير مجسمات وتماثيل وأشكال غريبة وشكا الناس من عدم وجود الزيت والشيرج فرسموا بجملة قناطير شيرج تعطى للزياتين لتباع على الناس بقصد ذلك ويأخذونها ويبيعونها بأغلى ثمن بعد الإنكار والكتمان‏.‏
ولما أصبح يوم الجمعة وقد عدى إبراهيم باشا إلى بر مصر رتبوا له موكبًا ودخل من باب النصر وشق المدينة وعلى رأسه الطلخان السليمي من شعار الوزارة وقد أرخى لحيته بالحجاز وحضر والده إلى جامع الغورية بقصد الفرجة على موكب ابنه وطلع بالموكب إلى القلعة ثم رجع سائرًا بالهيئة الكاملة إلى جهة مصر القديمة ومر على الجسر وذهب إلى قصره المذكور بالروضة واستمرت الزينة والوقود والسهر بالليل وعمل الحراقات وضرب بالمدافع في كل وقت من القلعة ومغاني وملاعب في مجامع الناس سبعة أيام بلياليها في مصر الجديدة والقديمة وبولاق وجميع الأخطاط ورجع إبراهيم باشا من هذه الغيبة متعاظمًا في نفسه جدًا وداخله من الغرور ما لا مزيد عليه حتى أن المشايخ لما ذهبوا للسلام عليه والتهنئة بالقدوم فلما أقبلوا عليه وهو جالس في ديوانه لم يقم لهم ولم يرد عليهم السلام فجلسوا وجعلوا يهنئونه بالسلامة فلم يجبهم ولا بالإشارة بل جعل يحادث شخصًا سخرية عنده وقاموا على مثل ذلك منصرفين ومنكسفين ومنكسري الخاطر‏.‏
قي ثامنه مات ابن إبراهيم باشا وهو الذي تقدمه في المجيء إلى مصر وعملوا له الموكب وعمره نحو ست سنوات وكان موته في أول الليل من ليلة الأحد فأرسلوا التنابيه لأعيان الدولة والمشايخ فخرج البعض منهم في ثلث الليل الأخير إلى مصر القديمة حي المعادي لأنه مات بقصر الجيزة فما طلع النهار حتى ازدحموا بمصر القديمة وما حضروا به إلا قرب الزوال وانجروا بالمشهد إلى مدفنهم بالقرب من الإمام الشافعي وعملوا له مأتمًا وفرقوا دراهم على الناس والفقهاء وغير ذلك ثم حكى المخبرون عن كيفية موته أنه كان نائمًا في حجر دادته جارية سوداء فشاجرتها جارية بيضاء ورفصتها برجلها فأصابت الغلام فاضطرب ووصل الخبر إلى أبيه فدخل إليهم وقبض على الجواري الحاضرات وحبسهن في مكان بالقصر وقال إن مات ولدي قتلتكن عن آخركن فمات من ليلته فحخنق الجميع وألقاهن في البحر بما فيهن الدادة في أنهم خمسة وقيل ستة والله أعلم‏.‏
وفي أواخره انقضى أمر الحفر بترعة الإسكندرية ولم يبق من الشغل إلا القليل ثم فتحوا لها شرمًا خلاف فمها المعمول خوفًا من غلبة البحر فجرى فيها الماء واختلط بالمياه المالحة التي نبعت من أرضها وعلا الماء منها على بعض المواطن المسجنة وبها روبة عظيمة وساح على الأرض وليس هناك جسور تمنع وصادف أيضًا وقوع نوة وأهوية علا فيها البحر المالح على الجسر الكبير ووصل إلى الترعة فأشيع في الناس أن الترعة فسد أمرها ولم تصح وأن المياه المالحة التي منها ومن البحر غرقت الإسكندرية وخرج أهلها منها إلى أن تحقق الخبر بالواقع وهو دون ذلك ورجع المهندسون والفلاحون إلى بلادهم بعد ما هلك معظمهم‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني سنة 1235 هـ 17 يناير 1820 م في أوله عزل الباشا محمد بك الدفتردار عن إمارة الصعيد وقلد عوضه أحمد باشا ابن طاهر باشا وسافر في خامسه‏.‏
وفي يوم ألأحد 7  شهر ربيع الثاني سنة 1235 هـ 23 يناير 1820 م سافر الباشا إلى الإسكندرية للكشف على الترعة وسافر صحبته ابنه إبراهيم باشا ومحمد بك الدفتردار والكتخدا القديم ودبوس أوغلي‏.‏
وفي يوم السبت 13 شهر ربيع الثاني سنة 1235 هـ - 29 يناير 1820 م حضر الباشا ومن معه من غيبتهم وقد انشرح خاطره لتمام الترعة وسلوك المراكب وسفرها فيها وكذلك سافرت فيها مراكب رشيد والنقاير بالبضائع واستراحوا من وعر البغاز والسفر في المالح إلى الإسكندرية والنقل والتجريم وانتظار الريح المناسب لاقتحام البغاز والبحر الكبير ولم يبق في شغل الترعة إلا الأمر اليسير وإصلاح بعض جسورها واتفق وقوع حادثة في هذا الشهر وهو أن شخصًا من الإفرنج الإنكليز ورد من الإسكندرية وطلع إلى بلدة تسمى كفر حشاد فمشى بالغيط ليصطاد الطير فضرب طيرًا ببندقته فأصابت بعض الفلاحين في رجله وصادف هناك شخصًا من الأرنؤد بيدده هراوة أو مسوقة فجاء إلى ذلك الإفرنجي وقال له أما تخشى أن يأتي إليك بعض الفلاحين ويضربك على رأسك هكذا وأشار بما في يده على رأس الإفرنجي لكونه لا يفهم لغته فاغتاظ من ذلك الإفرنجي وضربه ببندقته فسقط ميتًا فاجتمع عليه الفلاحون وقبضوا على الإفرنجي ورفعوا الأرنؤدي المقتول وحضروا إلى مصر وطالبوا بمجلس كتخدا بك واجتمع الكثير من الأرنؤد وقالوا لا بد من قتل الإفرنجي فاستعظم الكتخدا ذلك لأنهم يراعون جانب الإفرنج إلى الغاية فقال حتى نرسل إلى القناصل ونحضرهم ليروا حكمهم في ذلك فأرسل بإحضارهم وقد تكاثر الأرنؤد وأخذتهم الحمية وقالوا لأي شيء تؤخر قتله إلى مشورة القناصل وإن لم يقتل هذا في الوقت نزلنا إلى حارة الإفرنج ونهبناها وقتلنا كل من بها من الإفرنج فلم يسع الكتخدا إلا أن أمر بقتله فنزلوا به إلى الرميلة وقطعوا رأسه وطلع أيضًا القناصل في كبكبتهم وقد نفذ الأمر وكان ذلك في غيبة الباشا‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى سنة 1235 هـ 15 فبراير - 15 مارس 1820 م فيه جرد الباشا حسن بك الشماشرجي حاكم البحيرة على سيوة من الجهة القبلية فتوجه إليها وفيه قوي عزم الباشا على الآغارة على نواحي السودان فمن قائل أنه متوجه إلى سنار ومن قائل إلى دار فور وساري العسكر ابنه إسماعيل باشا وخلافه ووجه الكثير من اللوازم إلى الجهة القلية وعمل البقسماط والذخيرة ببلاد قبلي والشرقية واهتم اهتمامًا عظيمًا وأرسل أيضًا بإحضار مشايخ العربان والقبائل‏.‏
وفيه خرج الباشا إلى ناحية القليوبية حيث الخيول بالربيع وخرج محو بك لضيافته بقلقشنده وأخرج خيامًا وجمالًا كثيرة محملة بالفرش والنحاس وآلات المطبخ والأرز والسمن والعسل والزيت والحطب والسكر وغير ذلك وإضافة ثلاثة أيام وكذلك تأمر كاشف الناحية وغيره وكذلك أحضر له ضيافة ابن شديد شيخ الحويطات وابن الشواربي كبير قليوب وابن عسر وكان صحبة الباشا ولداه إبراهيم باشا وإسماعيل باشا وحسن باشا‏.‏
وفي أثناء ذلك ورد الهبر بموت عابدين بك أخو حسن باشا بالديار الحجازية وكذلك الكثير من أتباعه بالحمى فتكدر حظهم وبطلت الضيافات وحضر الباشا ومن معه في أواخره لعمل العزاء والميتم وأخبر الواردون بكثرة الحمى بالديار الحجازية حتى قالوا أنه لم يبق من طائفة عابدين بك إلا القليل جدًا‏.‏
في يوم الثلاثاء 20 ربيع الآخر 1235 هـ - 4 أبريل 1820 م  وردت هدية من والي الشام فيها من الخيول الخاص عشرة بعضها ملبس والباقي من غير سروج وأشياء أخر لا نعلمها‏.‏
وفي أواخر ربيع الآخر 1235 هـ - النصف الأول أبريل 1820 م ورد الخبر بأن حسن بك الشماشرجي استولى على سيوة‏.‏
وفيه ورد الخبر بأنه وقع بإسلامبول حريق كثير‏.‏
وفيه ورد الخبر أيضًا عن حلب بأن أحمد باشا المعروف بخورشيد الذي كان سابقًا والي مصر استوى على حلب وقتل من أهلها وأعيانها أناسًا كثيرة وذلك أنه كان متوليًا عليها فحصل منه ما أوجب قيام أهل البلدة عليه وعزلوه وأخرجوه وذلك من مدة سابقة فلما أخرجوه أقام خارجها وكاتب الدولة في شأنهم وقال ما قال في حقهم فبعثوا أوامر ومراسيم لولاة تلك النواحي بأن يتوجهوا لمعونته على أهل حلب فاحتاطوا بالبلدة وحاربوها أشهرًا حتى ملكوها وفتكوا في أهلها وضربوا عليهم ضرائب عظيمة وهم على ذلك‏.‏
وفي أواخره تقلد آغاوية مستحفظان مصطفى آغا كرد مضافة للحسبة عوضًا عن حسن آغا الذي توفي في الحج فأخذ يعسف كعادته في مبادئ توليته للحسبة وجعل يطوف ليلًا ونهارًا ويحتج على المارين بالليل بأدنى سبب فيضرب من يصادفه راجعًا من سهر ونحوه أو يقطع من أذنه أو أنفه‏.‏
في يوم الأحد 3 رجب 1235 هـ - 16 أبريل 1820 م تقلد نظر الحسبة شخص يسمى حسين آغا المورلي وهو بخشونجي بساتين الباشا‏.‏
وفيه رجع حسن بك الشماشرجي من ناحية سيوة بعد أن استولى عليها وقبض من أهاليها مبلغًا من المال والتمر وقرر عليها قدرًا يقومون به في كل عام إلى الخزينة وفي عشرينه سافر محمد آغا لاظ وهو المنفصل عن الكتخدائية إلى قبلي بمعنى أنه في مقدمة الجردة يتقدمها إلى الشلال‏.‏
وفي أواخر رجب 1235 هـ - النصف الأول من مايو 1820 م وصل الخبر بموت خليل باشا بالديار الحجازية فخلع الباشا على أخيه أحمد بك وهو ثالث إخوته وهو أوسطهم وقلده في منصب أخيه عوضًا عنه وأعطى البيرق واللوازم‏.‏
وفي أواخره توجه الباشا إلى ناحية الوادي لينظر ما تجدد به من العمائر والمزارع والسواقي وقد صار هذا الوادي إقليمًا على حدته وعمر به قرى ومساكن ومزارع‏.‏
واستهل شهر شعبان بيوم الأحد سنة 1235 هـ - 14 مايو 1820 م فيه سافر إبراهيم باشا إلى القليوبية ثم إلى المنوفية والغربية لقبض الخراج عن سنة تاريخه والطلب بالبواقي التي انكسرت على الفقراء وكان الباشا سامح في ذلك وتلك بواقي سبع سنين فكان يطلب مجموع ما على القرية من المال والبواقي في ظرف ثلاثة أيام ففزعت الفلاحون ومشايخ البلاد وتركوا غلالهم في الأجران وطفشوا في النواحي بنسائهم وأولادهم وكان يحبس من يجده من النساء ويضربهن فكان مجموع المال المطلوب تحصيله على ما أخبرني به بعض الكتاب مائة ألف كيس‏.‏
وفي منتصفه حضر الباشا من ناحية الوادي‏.‏
وفي أواخره وقع حريق ببولاق في مغالق الخشب التي خلف جامع مرزه وأقام الحريق نحو يومين حتى طفئ واحترق فيه الكثير من الخشب المعد للعمائر بالكرسنة والزفت وحطب الإشراق وغيره‏.‏
واستهل شهر رمضان بيوم الاثنين سنة 1235 هـ - 12 يونية 1820 م والاهتمام الحاصل وكل قليل يخرج عساكر ومغاربة مسافرين إلى بلاد السودان ومن جملة الطلب ثلاثة أنفار من طلبة العلم يذهبون بصحبة التجريدة فوقع الاختيار على محمد أفندي الأسيوطي قاضي أسيوط والسيد أحمد البقلي الشافعيين والشيخ أحمد السلاوي المغربي المالكي وأقبضوا محمد أفندي المذكور عشرين كيسًا وكسوة ولكل واحد من الاثنين خمسة عشر كيسًا وكسوة ورتبوا لهم ذلك في كل سنة‏.‏
وفي يوم الأحد 7 شهر رمضان سنة 1235 هـ - 18 يونية 1820 م  وقع حريق في سراية القلعة فطلع الآغا والوالي وآغات التبديل واهتموا بطفء النار وطلبوا السقائين من كل ناحية حتى شح الماء ولا يكاد يوجد وكان ذلك في شدة الحر وتوافق شهر بؤته ورمضان وأقاموا في طفء النار يومين واحترق ناحية كتخدا بك ومجلس شريف بك وتلفت أشياء وأمتعة ودفاتر حرقًا ونهبًا وذلك أن أبنية القلعة كانت من بناء الملوك المصرية بالأحجار والصخور والعقود وليس بها إلا القليل من الأخشاب فهدموا ذلك جميعه وبنوا مكانه الأبنية الرقيقة وأكثرها من الحجنة والأخشاب على طريق بناء إسلامبول والإفرنج وزخرفوها وطلوها بالبياض الرقيق والأدهان والنقوش وكله سريع الاشتغال حتى أن الباشا لما بلغه هذا الحريق وكان مقيمًا بشبرا تذكر بناء القلعة القديم وما كان فيه من المتانة ويلوم على تغيير الوضع السابق ويقول أنا كنت غائبًا بالحجاز والمهندسون وضعوا هذا البناء وقد تلف في هذا الحريق ما ينيف عن خمسة وعشرين ألف كيس حرقًا ونهبًا ولما حصل هذا الحريق انتقلت الدواوين إلى بيت طاهر باشا بالأزبكية وانقضى شهر رمضان‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الثلاثاء سنة 1235 هـ 11 يولية 1820 م  وقع في تلك الليلة اضطراب في ثبوت الهلال لكونه كان عسر الرؤية جدًا وشهد اثنان برؤيته ورد الواحد ثم حضر آخر ولم يزالوا كذلك إلى آخر الليل ثم حكم به عند الفجر بعد أن صليت التراويح وأوقدت المنارات وطاف المسحرون بطبلاتهم وتسخرت الناس وأصبح العيد باردًا‏.‏
وفي يوم السبت 5 شهر شوال سنة 1235 هـ 15 يولية 1820 م  سافر الباشا إلى ثغر إسكندرية كعادته وأقام ولده إبراهيم باشا للنظر في الأحكام والشكاوى والدعاوى وكانت إقامته بقصره الذي أنشأه بشاطئ النيل تجاه مضرب النشاب وتعاظم في نفسه جدًا ولما رجع إبراهيم باشا من سرحته شرعوا في عمل مهم لختان عباس باشا ابن أخيه طوسون باشا وهو غلام في السادسة فشرعوا في ذلك في تاسع عشره ونصبوا خيامًا كثيرة تحت القصر وحضرت أرباب الملاعيب والحواة والمفزلكون والبهلوانيون وطبخت الأطعمة والحلواء والأسمطة وأوقدت الوقدات بالليل من المشاعل والقناديل والشموع بداخل القصر وتعاليق النجفات البلور وغير ذلك ورسموا بإحضار غلمان أولاد الفقراء فحضر الكثير منهم وأحضروا المزينين فختنوا في أثناء أيام الفرح نحو الأربعمائة غلام ويفرشون لكل غلام طراحة ولحافًا يرقد عليها حتى يبرأ جرحه ثم يعطى لكل غلام كسوة وألف نصف فضة وفي كل ليلة يعمل شنك وحراقات ونفوط ومدافع بطول الليل ودعوا في أثناء ذلك كبار الأشياخ والقاضي والشيخ السادات والبكري وهو نقيب الأشراف أيضًا والمفاتي وصار كل من دخل منهم يجلسونه من سكوت ولم يقم لواحد منهم ولم يرد على من يسلم ولا بالإشارة السلام ولم يكلمهم بكلمة يؤانسهم بها وحضرت المائدة فتعاطوا الذي تعاطوه حتى انقضى المجلس وقاموا وانصرفوا من سكوت‏.‏
وفي يوم الأربعاء 23 شهر شوال سنة 1235 هـ 2 أغسطس 1820 م  خرجوا بالمحمل إلى الحصوة وأمير الحاج شخص من الدلاة لم نعرف اسمه‏.‏
عبـــــــــــــــــــــاس باشا
وفي يوم الخميس 24 شهر شوال سنة 1235 هـ 3 أغسطس 1820 م عملوا الزفة لعباس باشا ونزلوا به من القلعة على الدرب الأحمر على باب الخرق إلى القصر وختنوه في ذلك اليوم وامتلأ طشت المزين الذي ختنه بالدنانير من نقوط الأكابر والأعيان وخلعوا عليه فروة وشال كشميري وأنعموا على باقي المزينين ثلاثين كيسًا وانقضى ذلك‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 29 شهر شوال سنة 1235 هـ -8 أغسطس 1820 م - الموافق 3 مسرى القبطي 1536 ش أوفى النيل أذرعه وكسر السد في صبحها يوم الأربعاء وجرى الماء في الخليج وذلك بحضرة كتخدا بك والقاضي‏.‏
وفي هذا الشهر حضر طائفة من بواقي الأمراء المصرية من دنقلة إلى بر الجيزة وهم نحو الخمسة وعشرين شخصًا وملابسهم قمصان بيض لا غير فأقاموا في خيمة ينتظرون الإذن وقد تقدم منهم الإرسال بطلب الأمان عندما بلغهم خروج التجاريد وحضر ابن علي بك أيوب وطلب أمانًا لأبيه فأجيبوا إلى ذلك وأرسل لهم أمانًا لأجمعهم ما عدا عبد الرحمن بك والذي يقال له المنفوخ فليس يعطيهما أمانًا ولما حضرت مراسلة الأمان لعلي بك أيوب تأهب للرحيل حقدوا عليه وقتلوه ووصل خبر موته فعملوا نعيه في بيت سكن زوجته الكائن بشمس الدولة وأكثروا من الندب والصراخ عدة أيام‏.‏
وفي هذا الشهر حضر أشخاص من بلاد العجم وصحبتهم هدية إلى الباشا وفيها خيول فأنزلوهم ببيت حسين بك الشماشرجي بناحية سويقة العزى‏.‏
واستهل شهر ذي القعدة بيوم الخميس سنة 1235

في بوم الأحد 4 شهر شوال سنة 1235 هـ - 13 أغسطس 1820 م رابعه يوم الأحد وصل قابجي وعلى يده مرسوم تقرير للباشا بولاية مصر على السنة الجديدة وتقرير آخر لولده إبراهيم باشا بولاية جدة وركب القابجي المذكور في موكب من بولاق إلى القلعة وقرئت المراسيم بحضرة كتخدا بك وإبراهيم باشا وأعيانهم وضربوا مدافع‏.‏
وفيه سافر إسماعيل باشا إلى جهة قبلي وهو أمير العسكر المعينة لبلاد النوبة كل ذلك والباشا الكبير على حاله بالإسكندرية‏.‏

 واستهل
شهر ذي الحجة سنة 1235 هـ 9 سبتمبر - 8 أكتوبر 1820 م
فيه توجه إبراهيم باشا إلى أبيه بالإسكندرية فأقام هناك أيامًا وعاد في آخر الشهر فأقام بمصر أيامًا قليلة وسافر إلى ناحية قبلي ليجمع ما يجده عند الناس من القمح والفول والعدس لثلاثة أصناف وأخذوا كل سفينة غصبًا وساقوا الجميع إلى قبلي لحمل الغلال وجمعها في الشون البحرية لتباع على الإفرنج والروم بالأثمان الغالية وانقضت السنة‏.‏
ومن حوادثها زيادة النيل الزيادة المفرطة وخصوصًا بعد الصليب وقد كان حصل الاعتناء الزائد بأمر الجسور بسبب ما حصل في العامين السابقين من التلف فلما حصلت هذه الزيادة بعد الصليب وطف الماء على أعلى الجسور وغرق مزارع الذرة والنيلة والقصب والأرز والقطن وأشجار البساتين وغالب أشجار الليمون والبرتقال بما عليها من الثمار وصار الماء ينبع من الأرض الممنوعة نبعًا ولا عاصم من أمر الله وطال مكث الماء على الأرض حتى فات أوان الزراعة ولم نسمع ولم نر في خوالي السنين تتابع الغرقات بل كان الغرق نادر الحصول وعلا ماء الخليج حتى سد غالب فرجات القناطر ونبع الماء من الأراضي الواطية القريبة من الخليج مثل غيط العدة وجامع الأمير حسين ونحو ذلك‏.‏
ومنها أن ترعة الإسكندرية المحدثة لما تم حفرها وسموها بالمحمودية على اسم السلطان محمود فتحوا لها شرمًا دون فمها المعد لذلك وامتلأت بالماء فلما بدات الزيادة فزادت وطف الماء في المواضع الوطية وغرقت الأراضي فسدوا ذلك الشرم وأبقوا من داخله فيها عدة مراكب للمسافرين فكانوا ينقلون منها إلى مراكب البحر ومن البحر إلى مراكبها وبقي ماؤها مالحًا متغيرًا ومنها أنه لما وقع القياس في أراضي القرى قرروا مسموحًا لمشايخ البلاد في نظير مضايقهم خمسة أفدنة من كل مائة فدان وفي هذا العام يدفع مال المسموح سنتين وذلك عقب مطالبتهم بالخراج قبل أوانه وما صدقوا أنهم غلقوه ببيع غلالهم بالنسيئة والاستدانة وبيع المواشي والأمتعة ومصاغ النساء وكانوا أيضًا طولبوا في السنين الخوالي التي كانوا عجزوا عنها ولم يزك رمي الغلال في هذه السنة وكذلك الفول وثمر النخيل والفواكه ولما طولب مشايخ البلاد بمال المسموح ازداد كربهم فأنه ربما يجيء على الواحد ألف ريال وأقل وأكثر وقد قاسوا الشدائد في غلاق الخراج الخارج عن الحد وعدم زكاء الزرع وغرق مزارع النيلة والأرز والقطن والقصب والكتان وغير ذلك‏.‏
وفي أثر ذلك فرضوا على الجواميس كل رأس عشرون قرشًا وعلى الجمل ستون قرشًا وعلى الشاة قرش والرأس من المعز سبعة وعشرون نصفًا وثلث البقرة خمسة عشر والفرس كذلك‏.‏
ومنها احتكار الصابون ويحجز جميع الوارد على ذمة الباشا ثم سومح تجاره بشرط أن يكون جميع صابون الباشا ومرتباته ودائرته من غير ثمن وهو شيء كثير ويستقر ثمنه على ستين نصفًا بعد أن كان بخمسين جردًا من غير نقو‏.‏
ومنها ما أحدث على البلح بأنواعه وما يجلب من الصعيد والإبريمي وأنواع العجوة حتى جريد النخل والليف والخوص يؤخذ جميع ذلك بالثمن القليل ويباع ذلك للمتسببين بالثمن الزائد وعلى الناس بأزيد من ذلك وفي هذه السنة لم تثمر النخيل إلا القليل جدًا ولم يظهر البلح الأحمر في أيام وفرته ولم يوجد بالأسواق إلا أيامًا قليلة وهو شيء رديء وبسر ليس بجيد ورطله بخمسة أنصاف وهي ثمن العشرة أرطال في السابق وكذلك العنب لم يظهر منه إلا القليل وهو الفيومي والشرقاوي وقد التزم به من يعصره شرابًا بأكياس كثيرة مثل غيره من الأصناف وغير ذلك جزئيات لم يصل إلينا علمها ومنها ما وصل إلينا علمها وأهملنا ذكرها‏.‏
ومنها أن حسن باشا سافر إلى الجهة القبلية وصحبته بعض الإفرنج الذين كان رخص لهم الباشا السياحة والغوص بأراضي الصعيد والفحص وفحر الأراضي والكهوف والبرابي واستخراج الآثار القديمة والأمم السالفة من التماثيل والتصاوير ونواويس الموتى وقطع الصخور بالبارود وأشاعوا أنه ظهر لهم شيء مخرفش يشبه خرء الرصاص أو الحديد وبه بعض بريق ذكروا أنه معدن إذا تصفى خرج منه فضة وذهب وأخبرني بعض من أثق بخبره أنه أخذ منه قطعة تزيد في الوزن على رطلين وذهب بها عند رجل صائغ فأوقد عليها نحو قنطار من الفحم بطول النهار فخرج منها في آخر الأمر وهو ينقلها من بوط إلى آخر بعد كسره قطعة مثل الرصاص قدر الأوقية وذكروا أيضًا أن بالجبل أحجارًا سوداء مثل الفحم وذلك أنهم أتوا بمثل ذلك من بلاد الإفرنج وأوقدها بالضربخانة كريهة الرائحة مثل الكبريت ولا تصير رمادًا بل تبقى على حجريتها مع تغير اللون ويحتاج إلى نقلها إلى الكيمان وقالوا أن بداخل جبال الصعيد كذلك فسافر حسن باشا بقصد استخراج هذه الأشياء وأمثالها فأقام نحو ثلاثة أشهر وذلك بأمر الباشا الكبير وهم يكسرون الجبل بالبارود فظهر بالجبل بجس يسيل منه دهن أسود بزرقة ورائحته زنخة كبريتية يشبه النفط وليس هو وأتوا بشيء منه إلى مصر وأوقدوا منه في السرج فملؤا منه سبعة مصافي وانقطع وأشيع في الناس قبل تحقق صورته بل وصلت مكاتبات بأنه خرج من الجبل عين تسيل بالزيت الطيب ولا ينقطع جريانها يكفي مصر وأقطاعها بل والدنيا أيضًا وأخبرني بعض أتباعهم أن الذي صرف في هذه المرة نحو الألفي كيس‏.‏
ومن حوادث هذه السنة الخارجة عن أرض مصر أن السلطان محمود تغير خاطره على علي باشا المعروف بتيه رنلي حاكم بلاد الأرنؤد وجرد عليه العساكر ووقع لهم معه حروب ووقائع واستولوا على أكثر البلاد التي تحت حكمة وتحصن هو في قلعة منيعة وعلى باشا هذا في مملكة واسعة وجنود كثيرة وله عدة أولاد متأمرين كذلك وبلادهم بين بلاد الرومنلي والنمسا ويقال أن بعض أولاده دخل تحت الطاعة وكذلك الكثير من عساكره وبقي الأمر على ذلك ودخل الشتاء وانقضت السنة ولم يتحقق عنه خبر‏.‏
ومنها أمر المعاملة وما يقع فيها من التخطيط والزيادة حتى بلغ صرف الريال الفرانسة اثني عشر قرشًا عنها أربعمائة وثمانون نصفًا والبندقجي ألف فضة وكذلك المجر والفندقلي الإسلامي سبعة عشر قرشًا والقرش الإسلامبولي بمعنى المضروب هناك المنقول إلى مصر يصرف بقرشين وربع يزيد عن المصري ستين نصفًا وكذلك الفندقلي الإسلامبولي يصرف في بلدته بأحد عشر قرشًا وبمصر بسبعة عشر كما تقدم فتكون زيادته ستة قروش وكذلك الفرانسة في بلادها تصرف بأربعة قروش وبإسلامبول بسبعة وبمصر بإثنى عشر وأما الأنصاف العددية التي تذكر في المصارفات فلا وجود لها أصلًا إلا في النادر جدًا واستغنى الناس عنها لغول الأثمان في جميع المبيعات والمشتروات وصار البشلك الذي يقال له الخمساوية أي صرفة خمسة أنصاف هي بدل النصف لأنه لما بطل ضرب القروش بضربخانة مصر وعوض عنها نصف القرش وربعه وثمنه الذي هو البشلك ولم يبق بالقطر إلا ما كان موجودًا قبل وهو كثير يتناقل بأديد الناس وأهل القرى ويعود إلى الخزينة ويصرف في المصارف والمشاهرات وعلائف العساكر كذلك يشترون لوازمهم فتذهب وتعود وهكذا تدور مع الفلك كلما دار ويصرف القرش عند الاحتياج إلى صرفه بسبعة من البشلك بنقص الثمن فباعتبار كونها في مقام النصف يكون القرش بسبعة أنصاف لا غير وباعتبار ذلك يكون الألف فضة بمائة وخمسة وسبعين فضة لأن الخمسة وعشرين قرشًا التي هي بدل الألف إذا نقصت في المصارفة الثمن تكون إحدى وعشرين وإذا ضربنا السبعة في الخمسة وعشرين كانت مائة وخمسة وسبعين وفيها من الفضة الخالصة ستة دراهم لا غير وأوزان هذه القطع مختلفة لا تجد قطعة وزن نظيرتها وفي ذلك فرط آخر والقليل في الكثير كثير والذي أدركناه في الزمن السابق أن هذه القروش لم يكن لها وجود بالقطر المصري البتة وأول من أحدثها بمصر علي بك القازدغلي بعد الثمانين ومائة وألف عندما استفحل أمره وأكثر من العساكر والنفقات وأظهر العصيان على الدولة ولما استولى محمد بك المعروف بأبي الذهب أبطلها رأسًا من الإقليم وخسر الناس بسبب إبطالها حصة من أموالهم مع فرحهم بإبطالها ولم يتأثروا بتلك الخسارة لكثرة الخير والمكاسب ولم يبق من أصناف المعاملة إلا أنواع الذهب الإسلامي والإفرنجي والفرانسة ونصفه وربعه والفضة الصغيرة التي يقال لها نصف فضة مع رخاء الأسعار وكثرة المكاسب ويصرف هذا النصف بعدد من الأفلس النحاس التي يقال لها الجدد إما عشرة أو اثنا عشرة إذا كانت مضروبة ومختومة أو عشرين إذا كانت صغيرة وبخلاف ذلك ويقال لها السحاتة فكان غالب المحقرات يقضي بهذه الجدد بل وخلاف المحقرات وفي البيع والشراء وكان يجلب منها الكثير مع الحجاج المغاربة في المخالي ويبيعونها على أهل الأسواق بوزن الأرطال ويربحون فيها فكان الفقير أو الأجير إذا اكتسب نصفًا وصرفه بهذه الجدد كفاه نفقة يومه مع رخاء الأسعار ويشتري منها خبزًا وأدمًا وإذا احتاج الطابخ لوازم الطبخة في التقلية أخذ من البقال البصل والثوم والسلق والكسبرة والبقدونس والفجل والكراث والليمون الصنف أو الصنفين أو الثلاثة بالجديد الواحد وقد انعدمت هذه الجدد بالكلية وإذا وجدت فلا ينتفع بها أصلًا وصار النصف الفضة بمنزلة الجديد النحاس ولا وجود له أيضًا وصارت الخمساوية بمنزلة النصف بل وأحقر لأنه كان يصرف بعدد كثير من الجدد وهذه بخمسة فقط فإذا أخذ الشخص شيئًا من المحقرات بنصف أو نصفين أو ثلاثة ما كان يؤخذ بجديد أو جديدين لم يجد عند البائع بقية الخمساوية فإما يترك الباقي لوقت احتياج آخر إن كان يعرفه وإلا تعطلا وإذا كان الإنسان بالسوق ولحقه العطش فيشرب من السقاء الطواف ويعطيه جديدًا أو يملأ صاحب الحانوت إبريقه بجديد وفي هذه الأيام إذا كان الشخص لم يكن معه بشلك يشرب به وإلا بقي عطشان حتى يشرب من داره ولا يهون عليه أن يدفع ثمن قربة في شربة ماء وذلك لعدم وجود النصف وكذلك الصدقة على الفقراء وأمثالهم وقد كان الناس من أرباب البيوت إذا زاد بعد ثمن اللحم والخضار نصف يسألون الخادم في اليوم الثاني عنه لكونه نصف المصروف ويحاسبونه عليه وكان صاحب العيال وذوو البيوت المحتوية على عدة أشخاص من عيال وجوار وخدم إذا ادخر الغلة والسمن والعسل والحطب ونحو ذلك يكفيه في مصرف يومه العشرة أنصاف في ثمن اللحم والخضار وخلافه وأما اليوم فلا يقوم مقامها العشرة قروش وأزيد لغلو الأسعار في كل شيء بسبب الحوادث والاحتكارات السابقة والمتجددة كل وقت في جميع الأصناف ولا يخفى أن أسباب الخراب التي نص عليها المتقدمون اجتمعت وتضاعفت في هذه السنين وهي زيادة الخراج واختلال المعاملة أيضًا والمكوس وزاد على ذلك احتكار جميع الأصناف والاستيلاء على أرزاق الناس فلا تجد مرزوقًا إلا من كان في خدمة الدولة متوليًا على نوع من أنواع المكوس أو مباشرًا أو كاتبًا أو صانعًا في الصنائع المحدثة ولا يخلو من هفوة ينم بها عليه فيحاسب مدة استيلائه فيجتمع عليه جملة من الأكياس فيلزم بدفعها وربما باع داره ومتاعه فلا يفي بما تأخر عليه فأما يهرب إن أمكنه الهرب وإما يبقى في الحبس هذا إن كان من أبناء العرب وأهالي البلدة وأما إن كان بخلاف ذلك فربما سومح أو تصدى له من يخفف عنه أو يدخله في منصب أو شركة فيترفع حاله ويرجع أحسن حالًا ما كان‏.‏
ومما حدث أيضًا في هذه السنة الاستيلاء على صناعة المخيش والقصب التلي الذي يصنع من الفضة للطرازات والمقصبات والمناديل والمحارم وخلافها من الملابس وذلك بإغراء بعض صناعهم وتحاسدهم وإن مكسبها يزيد على ألف كيس في السنة لأن غالب الحوادث بإغراء الناس على بعضهم البعض وكذلك الاستيلاء على وكالة الجلابة التي يباع فيها الرقيق من العبيد والجواري السود وغيرهم من البضائع التي تجلب من بلاد السودان كسن الفيل والتمر هندي والشتم وروايا الماء وريش النعام وغير ذلك‏.‏
ومنها الحجر على عسلي النحل وشمعه فيضبط جميعه للدولة ويباع رطل الشمع بستة قروش ولا يوجد إلا ما كان مختلسًا ويباع خفية وكان رطله قبل الحجر بثلاثة قروش فإذا وردت مراكب إلى السحل نزل إليها المفتشون على الأشياء ومن جملتها الشمع فيأخذون ما يجدونه ويحسب لهم بأبخس ثمن فإن أخفي شيء وعثر عليه أخذوه بلا ثمن ونكلوا بالشخص الذي يجدون معه ذلك وسموه حراميًا ليرتدع غيره والمتولي على ذلك نصارى وأعوانهم لا دين لهم وقد هاف النحل في هذه السنة وامتنع وجود العسل وكذلك ثمر النخيل بل والغلال فلم تزك في هذه السنين مع كثرة الأسيال التي غرقت منها الأراضي بل وتعطل بسببها الزرع وزادت أثمانها وخصوصًا الفول وأما العدس فلا يوجد أيضًا إلا نادرًا‏.‏
وكذلك التزم بالملاحة وتوابعها من زاد في مالها وبلغ ثمن الكيلة قرشًا وكانت قبل ذلك بثلاثين نصفًا وفيما أدركنا بثلاثة أنصاف وأما أجر الأجراء والفعلة والمعمرين فأبدل النصف بالقرش وكذلك ثمن الجير البلدي والجبس لأن عمائر أهل الدولة مستديمة لا تنقضي أبدًا ونقل الأتربة إلى الكيمان على قطارات الجمال والحمير من شروق الشمس إلى غروبها حتى ستر علوها الأفق من كل ناحية وإذا بنى أحدهم دارًا فلا يكفيه في ساحتها الكثير ويأخذ ما حولها من دور الناس بدون القيمة ليوسع بها داره ويأخذ ما بقي في تلك الخطة لخاصته وأهل دائرته ثم يبني أخرى كذلك لديوانه وجمعيته وأخرى لعسكره وهكذا‏.‏
وأما سليمان آغا السلحدار فهو الداهية العظمى والمنصيبة الكبرى فإنه تسلط على بقايا المساجد والمدارس والتكايا التي بالصحراء ونقل أحجارها إلى داخل باب البرقية بالغريب وكذلك ما كان جهة باب النصر وجمعوا أحجارها خارج باب النصر وأنشأ جهة خان الخليلي وكالة وجعل بها حواصل وطباقًا وأسكنها نصارى الأروام والأرمن بأجرة زائدة أضعاف الأجر المعتادة وكذلك غيرهم ممن رغب في السكنى وفتح لها بابًا يخرج منه إلى وكالة الجلابة الشهيرة التي بالخراطين لأنها بظاهرها وأجر الحوانيت كانت بأجرة زائدة فأجر الحانوت بثلاثين قرشًا في الشهر وكانت الحانوت تؤجر بثلاثين نصفًا في الشهر والعجب في إقدام الناس على ذلك وأسراعهم في تآجرهم قبل فراغ بنائها مع ادعائهم قلة المكاسب ووقف الحال ولكنهم أيضًا يستخرجونها من لحم الزبون وعظمه ثم أخذ بناحية داخل باب النصر مكانًا متسعًا يسمى حوش عطى بضم العين وفتح الطاء وسكون الياء كان محطًا لعربان الطور ونحوهم إذا وردوا بقوافلهم بالفحم والقلي وغيره وكذلك أهالي شرقية بلبيس فأنشأ في ذلك المكان أبنية عظيمة تحتوي على خانات متداخلة وحوانيت وقهاوي ومساكن وطباق وسكن غالبها أيضًا الأرمن وخلافهم بالأجر الزائدة ثم انتقل إلأى جهة خان الخليلي فأخذ الخان المعروف بخان القهوة وما حوله من البيوت والأماكن والحوانيت والجامع المجاور لذلك تصلى فيه الجمعة بالخطبة فهدم ذلك جميعه وأنشأ خانًا كبيرًا يحتوي على حواصل وطباق وحوانيت عدتها أربعون حانوتًا أجرة كل حانوت ثلاثون قرشًا في كل شهر وأنشأ فوق السبيل وبعض الحوانيت زاوية لطيفة يصعد إليها بدرج عوضًا عن الجامع ثم انتقل إلى جهة الخرنفش بخط الأمشاطية فأخذ أماكن ودورًا وهدمها وهو الآن مجتهد في تعميرها كذلك فكان يطلب رب المكان ليعطيه الثمن فلا يجد بدًا من الإجابة فيدفع له ما سمحت به نفسه إن شاء عشر الثمن أو أقل أو أزيد بقليل وذلك لشفاعة أو واسطة خير وإذا قيل له أنه وقف ولا مسوع لاستبداله لعدم تخربه أمر بتخريبه ليلًا ثم يأتي بكشاف القاضي فيراه خرابًا فيقضي له وكان يثقل عليه لفظة وقف ويقول إيش يعني وقف وإذا كان على المكان حكر لجهة وقف أصله لا يدفعه ولا يلتفت لتلك اللفظة ويتمم عمائره في أسرع وقت لعسفه وقوة مراسه على أرباب الأشغال والموانة ولا يطلق للفعلة الرواح بل يحبسهم على الدوام إلى باكر النهار ويوقظونهم من آخر الليل بالضرب ويبتدؤن العمل من وقت صلاة الشافعي إلى قبيل الغروب حتى في شدة الحر في رمضان وإذا ضجوا من الحر والعطش أمرهم مشد العمارة بالشرب وأحضر لهم السقاء ليسقهم وظن أكثر الناس أن هذه العمائر إنما هي لمخدومه لأنه لا يسمع لشكوى أحد فيه واشتد في هذا التاريخ أمر المساكن بالمدينة وضاقت بأهلها لشمول الخراب وكثرة الأغراب وخصوصًا المخالفين للملة فهم الآن أعيان الناس يتقلدون المناصب ويلبسون ثياب الأكابر ويركبون البغال والخيول المسومة والرهوانات وأمامهم وخلفهم العبيد والخدم وبأيديهم العصي يطردون الناس ويفرجون لهم الطرق ويتسرون بالجواري بيضًا وحبوشًا ويسكنون المساكن العالية الجليلة يشترونها بأغلى الأثمان ومنهم من له دار بالمدينة ودار مطلة على البحر للنزاهة ومنهم من عمر له دارًا وصرف عليها ألوفًا من الأكياس وكذلك أكابر الدولة لاستيلاء كل من كان في خطه على جميع دورها وأخذها من أربابها بأي وجه وتوصلوا بتقليدهم مناصب البدع إلى إذلال المسلمين لأنهم يحتاجون إلى كتبة وخدم وأعوان والتحكم في أهل الحرفة بالضرب والشتم والحبس من غير إنكار ويقف الشريف والعامي بين يدي الكافر ذليلًا فضاقت بالناس المساكن وزادت قيمتها أضعاف الأضعاف وأبدل لفظ الريال الذي كان يذكر في قيم الأشياء بالكيس وكذلك الأجر والأمر في كل شيء في الازدياد والله لطيف بالعباد ولو أردنها استيفاء بعض الكليات فضلًا عن الجزئيات لطال المقال وامتد الحال وعشنا ومتنا ما نرى غير ما نرى تشابهت العجما وزاد انعجامها نسأل الله حسن اليقين وسلامة الدين‏.‏
استهل شهر المحرم بيوم الإثنين سنة 1236 هـ - النصف ألول من أكتوبر 1820 م  وفي أوائله حضر الباشا من الإسكندرية‏.‏
وفيه الحوادث أن الشيخ إبراهيم الشهير بباشا المالكي بالإسكندرية قرر في درس الفقه أن ذبيحة أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز أكلها وما ورد من إطلاق الآية فإنه قبل أن يغيروا ويبدلوا في كتبهم فلما سمع فقهاء الثغر ذلك أنكروه واستغربوه ثم تكلموا مع الشيخ إبراهيم المذكور وعارضوه فقال أنا لم أذكر بذلك بفهمي وعلمي وإنما تلقيت ذلك عن الشيخ علي الميلي المغربي وهو رجل عالم متورع موثوق بعلمه ثم أنه أرسل إلى شيخه المذكور بمصر يعلمه بالواقع فألف رسالة في خصوص ذلك وأطنب فيها فذكر أقوال المشايخ و الخلافات في المذاهب واعتمد قول الإمام الطرطوشي في المنع وعدم الحل وحشا الرسالة بالحط على علماء الوقت وحكامه وهي نحو الثلاثة عشر كراسة وأرسلها إلى الشيخ إبراهيم فقرأها على أهل الثغر فكثر اللغط والإنكار خصوصًا وأهل الوقت أكثرهم مخالفون للملة وانتهى الأمر إلى الباشا فكتب مرسومًا إلى كتخدا بك بمصر وتقدم إليه بأن يجمع مشايخ الوقت لتحقيق المسئلة وأرسل إليه بالرسالة أيضًا المصنفة فأحضر كتخدا بك المشايخ وعرض عليهم الأمر فلطف الشيخ محمد العروسي العبارة وقال الشيخ علي الميلي رجل من العلماء تلقى عن مشايخنا ومشايخهم لا ينكر علمه وفضله وهو منعزل عن خلطة الناس إلا أنه حاد المزاج وبعقله بعض خلل والأولى أن نجتمع به ونتذاكر في غير مجلسكم وننهي بعد ذلك الأمر إليكم فاجتمعوا في ثاني يوم وأرسلوا إلى الشيخ علي يدعونه للمناظرة فأبى عن الحضور وأرسل الجواب مع شخصين من مجاوري المغاربة يقولان أنه لا يحضر مع الغوغاء بل يكون في مجلس خاص يتناظر فيه مع الشيخ محمد ابن الأمير بحضرة الشيخ حسن القويسني والشيخ حسن العطار فقط لأن ابن الأمير يناقشه ويشن عليه الغارة فلما قالا ذلك القول تغير ابن الأمير وأرعد وأبرق وتشاتم بعضمن بالمجلس مع الرسل وعند ذلك أمروا بحبسهما في بيت الآغا وأمروا الآغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي وإحضاره بالمجلس ولو قهرًا عنه فركب الآغا وذهب إلى بيت المذكور فوجده قد تغيب فأخرج زوجته ومن معها من البيت وسمر البيت فذهبت إلى بيت بعض الجيران ثم كتبوا عرضًا محضرًا وذكروا فيه بأن الشيخ عليًا على خلاف الحق وأبى عن حضور مجلس العلماء والمناظرة معهم في تحقيق المسئلة وهرب واختفى لكونه على خلاف الحق ولو كان على الحق ما اختفى ولا هرب والرأي لحضرة الباشا فيه إذا ظهر وكذلك في الشيخ إبراهيم باشا السكندري وتمموا العرض وأمضوه بالختوم الكثيرة وأرسلوه إلى الباشا وبعد أيام أطلقوا الشخصين من حبس الآغا ورفعوا الختم عن بيت الشيخ علي ورجع أهله إليه وحضر الباشا إلى مصر في أوائل الشهر ورسم بنفي الشيخ إبراهيم باشا إلى بني غازي ولم يظهر الشيخ علي من اختفائه‏.‏
واستهل شهر صفر بيوم الأربعاء سنة 1236 هـ - النصف الأول من نوفمبر 1820 م وفي أوائله حضر إبراهيم باشا من الجهة القبلية بعد ما طاف الفيوم أيضًا واحضر معه جملة أشخاص قبض عليهم من المفسدين من العربان وهم في الجنازير الحديد وشقوا بهم البلد ثم حبسوهم‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول بيوم الخميس سنة 1236 هـ - النصف ألول من ديسمبر 1820 م وفي أوائله حضر نحو العشرة أشخاص من الأمراء المصرية البواقي في حالة رثة وضعف وضيم واحتياج واجتياح وكانوا أرسلوا وطلبوا الأمان وأجيبوا إلى ذلك‏.‏
وفيه أشهروا العربان الذين أحضرهم إبراهيم باشا معه وقتلوهم وهم أربعة اثنان بالرميلة واثنان بباب زويلة‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1236 هـ - 6 يناير 1821 م وفيه أخرج الباشا عبد الله بك الدرندلي منفيًا وكان عبد الله بك هذا يسكن بخطة الخرنفش وهو رجل فيه سكون قليل الأذى وملك بتلك الناحية دورًا وأماكن وله عزوة وعساكر وأتباع وكان يجلس بحضرة الباشا وينادمه ويتوسع معه في الكلام والمسامرة وسبب تغير خاطر الباشا عليه أنه جرى ذكر علي باشا تبدلان الأرنؤدي وحروبه ومخالفة العساكر عليه فقال عبد الله المذكور أن العساكر يرون محاربة السلطان معصية أو كلامًا هذا معناه فتغير وجه الباشا من ذلك القول ويقال أنه أمر بقتله فشفع فيه حسن باشا طاهر من القتل وأن يخرج منفيًا هكذا أشيع واستفيض وانضم إلى ذلك أنه قال لشريف بك أمين الخزنة عند تأخر علوفته خدمة نصراني أحسن من خدمتكم مع المشاجرة فبلغها شريف بك للباشا أيضًا وأوغر صدره عليه ودفع له الباشا علوفته وثمن ما حازه من الأماكن والأملاك ووصله على عدة جمال محملة بالدراهم وسافر في ثامنه على طريق البر وأبقى حريمه وأثقاله ليأتوه على سفن البحر‏.‏
وفي يوم الأحد  16 ربيع ألاخر 1236 هـ - 21 يناير 1821 م  أمر الباشا بقراءة صحيح البخاري بالجامع الأزهر فاجتمعوا في يوم الاثنين سابع عشره وقرأوا في الأجزاء على العادة ضحوة النهار أربعة أيام آخرها الخميس وفرقوا على أولاد المكاتب دراهم وكذلك على مجاوري الأزهر في نظير قراءة البخاري‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1236 فيه حضر إبراهيم باشا ونزل بقصره الجديد بل قصوره لأنه أنشأ عدة قصور متصلة وبساتين ومصانع متسعة مزخرفة منها قصر لديوانه وقصر لحريمه وقصر لخصوص عباس باشا ابن أخيه وغير ذلك‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية بيوم الثلاثاء سنة 1236 هـ 4 فبراير - 6 مارس 1821 م فيه عزم إبراهيم باشا على إعادة قياس أراضي قرى مصر وأحضر من بلاد الصعيد عدة كبيرة من القياسين نحو الستين شخصًا‏.‏
وفي يوم السبت 5 جمادى الثانية سنة 1236 هـ 4 فبراير - 10 مارس 1821 م عدى إلى الجيزة تجاه القصور وجمع القياسين والمهندسين وكذلك مهندسي الإفرنج وقاس كل قياسته وكيفية عمله فعاند المعلم غالي وأحب تأييد أهل حرفته من قياسي القبط وقال كل منهم على الصحيح وعلم إبراهيم باشا أن قياس المهندسين وأرباب المساحة أصح ولكن فيها بطء فقال أريد الصحيح ولكن مع السرعة بعد أن عمل امتحانًا ومثالًا في قطعة من الأرض يظهر بها برهان الصحة والتفاوت وأمسى الوقت فأمرهم بالذهاب والرجوع يوم الخميس الآتي فحضروا كذلك واشتغلوا يومهم بالعمل إلى آخر النهار ثم اختار من مهندسي الأقباط طائفة وطرد الآخرين وسافر في رابع عشره إلى ناحية شرق اطفيح وأخذ م المهندسخانه كبيرها وصحبته سبعة عشر شخصًا وكذلك أشخاصًا من الإفرنج المهندسين وانتقصوا من القصبة في هذه المرة مقدار قبضة‏.‏
واستهل شهر رجب بيوم الخميس سنة 1236 هـ - 4 أبريل 1821 م فيه سافر مماليك الباشا إلى جهة أسيوط مثل العام المضي ليكرتنوا هناك حذرًا وخوفًا عليهم من حدوث الطاعون بمصر‏.‏
وفي 17 شهر رجب سنة 1236 هـ - 20 أبريل 1821 م ارتحل محمد بك الدفتردار مسافرًا إلى دار فور ببلاد السودان بعد أن تقدمه طوائف كثيرة عساكر أتراك ومغاربة‏.‏
وفي 25 شهر رجب سنة 1236 هـ - 28 أبريل 1821 م أمر الباشا بنفي محمد المعروف بالدرويش كتخدا محمود بك الذي هو الآن كتخدا بك والسيد أحمد الرشيدي كاتب المرزق وسليمان أفندي ناظر المدابغ والجلود ثلاثتهم إلى قلعة أبي قير لمقتضيات واهية في خدم مناصبهم ومحمد كتخدا كان ناظرًا على الجلود في العام الماضي قبل سليمان أفندي المذكور‏.‏
وفي أواخره حضر جماعة من المماليك المصرية الذين كانوا بدنقلة فيهم ثلاثة صناجق أحدهم أحمد بك الألفي وهو زوج عديلة هانم بنت إبراهيم بك الكبير‏.‏
في يوم الجمعة 8 شعبان 1236 هـ - 11 مايو 1821 م عمل سليمان آغا السلحدار الجمعية بالجامع المعروف بالأحمر وكان قد تخرب ولم يبق به إلا الجدران فتصدى لعمارته سليمان آغا المذكور وسقفه أيضًا بأفلاق النخيل والجريد والبوص وأقام له عمدًا من الحجارة وجدد منبره وبلاطه وميضاته ومراحيضه وفرشه بالحصر وعمل به الجمعية في ذلك اليوم واجتمع به عالم كثيرون من الناس وخطب على منبره الشيخ محمد الأمير وبعد انقضاء الصلاة قرأ درسًا وأملى فيه حديث من بنى لله مسجدًا وبعد انقضاء ذلك خلع عليه فروة وكذلك على الشيخ العروسي وعمل لهم شربات سكر‏.‏
وفي يوم السبت 23 شعبان 1236 هـ - 26 مايو 1821 م حضر إبراهيم باشا من ناحية شرق اطفيح‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 26 شعبان 1236 هـ - 29 مايو 1821 م سافر بمن معه إلى ناحية شرقية بلبيس‏.‏ واستهل
شهر رمضان بيوم الأحد 1236 هـ
وعملت الرؤية في تلك الليلة كالعادة وركب فيها مشايخ الحرف والمحتسب وأثبتوا رؤية الهلال تلك الليلة بعد مضي أربع ساعات من الليل ولم يحصل فيه من الحوادث غير تغالي الأثمان وتعاليها بسوء فعل السوقة وإظهار رديء المأكولات وإخفاء جيدها وقد انقضى بخير‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الثلاثاء سنة 1236 هـ - 4 يولية 1821 م في ثالثه حضرت هجانة من أراضي نجد وبصحبتهم أشخاص من كبار الوهابية مقيدون على الجمال وهم عمر بن عبد العزيز وأولاده وأبناء عمه وذلك أنهم لما رجعوا إلى الدرعية بعد رحيل إبراهيم باشا وعساكره وكان معهم مشاري بن مسعود وقد كانوا هربوا في الدرعية بعدم رحل عنها إبراهيم باشا وتركي ابن عبد الله ابن أخي عبد العزيز وولد عم مسعود الأمشاري فإنه هرب من العسكر الذين كانوا مع أولاد مسعود وجماعتهم حين أرسلهم إبراهيم باشا إلى مصر في الحمراء وهي قرية بين الجديدة وينبع البحر وذهب إلى الدرعية واجتمع عليه من فرحين قدمت العساكر وأخذوا في تعميرها ورجع أكثر أهلها وقدموا عليهم مشاري ودعا الناس إلى طاعته فأجابه الكثير منهم فكادت تتسع دولته وتعظم شوكته فلما بلغ الباشا ذلك جهز له عساكر رئيسها حسين بك فأوثقوا مشاري وأرسلوه إلى مصر فمات في الطريق وأما عمر وأولاده وبنو عمه فتحصنوا في قلعة الرياض المعروفة عند المتقدمين بحجر اليمامة وبينها وبين الدرعية أربع ساعات للقافلة فنزل عليهم حسين بك وحاربهم ثلاثة أيام أو أربعة وطلبوا الأمان لما علموا أنهم لا طاقة لهم به فأعطاهم الأمان على أنفسهم فخرجوا له إلا تركي فإنه خرج من القلعة ليلًا وهرب وأما حسين بك فإنه قيد الجماعة وأرسلهم إلى مصر في الشهر المذكور وهم الآن مقيمون بمصر بخطة الحنفي قريبًا من بيت جماعتهم الذين أتوا قبل هذا الوقت‏.‏
1 ذو القعدة سنة 1236 هـ - 31 يولية 1821 م فيه حضر إبراهيم باشا من سرحته بالشرقية بسبب قياس الأراضي والمساحة‏.‏
وفي 15  ذو القعدة سنة 1236 هـ - 14 أغسطس 1821 م سافر الباشا إلى الإسكندرية لداعي حركة الأروام وعصيانهم وخروجهم عن الذمة ووقوفهم بمراكب كثيرة العدد بالبحر وقطعهم الطريق على المسافرين واستئصالهم بالذبح والقتل حتى أنهم أخذوا المراكب الخارجة من إسلامبول وفيها قاضي العسكر المتولي قضاء مصر ومن بها أيضًا من السفار والحجاج فقتلوهم ذبحًا عن آخرهم ومعهم القاضي وحريمه وبناته وجواريه وغير ذلك وشاع ذلك بالنواحي وانقطعت السبل فنزل الباشا إلى الإسكندرية وشرع في تشهيل مراكب مساعدة للدونانمة السلطانية وسيأتي تتمة هذه الحادثة وبعد سفر الباشا سافر أيضًا إبراهيم باشا إلى ناحية قبلي قاصدًا بلاد النوبة‏.‏
واستهل شهر ذي الحجة بيوم الجمعة سنة 1236 هـ - 30 أغسطس 1821 م فيه خرجت عساكر كثيرة ومعهم رؤساهم وفيهم محو بك ومغاربة وآلات الحرب كالمدافع وجبخانات البارود واللغمجية وجميع اللوازم قاصدين بلاد النوبة وما جاورها من بلاد السودان‏.‏
محمد كتخدا لاظ المنفصل عن الكتخدائية إلى أسنا ليتلقى القادمين ويشيع الذاهبين‏.‏
فيه حضر إبراهيم باشا من سرحته بالشرقية بسبب قياس الأراضي والمساحة‏.‏
وفي منتصفه سافر الباشا إلى الإسكندرية لداعي حركة الأروام وعصيانهم وخروجهم عن الذمة ووقوفهم بمراكب كثيرة العدد بالبحر وقطعهم الطريق على المسافرين واستئصالهم بالذبح والقتل حتى أنهم أخذوا المراكب الخارجة من إسلامبول وفيها قاضي العسكر المتولي قضاء مصر ومن بها أيضًا من السفار والحجاج فقتلوهم ذبحًا عن آخرهم ومعهم القاضي وحريمه وبناته وجواريه وغير ذلك وشاع ذلك بالنواحي وانقطعت السبل فنزل الباشا إلى الإسكندرية وشرع في تشهيل مراكب مساعدة للدونانمة السلطانية وسيأتي تتمة هذه الحادثة وبعد سفر الباشا سافر أيضًا إبراهيم باشا إلى ناحية قبلي قاصدًا بلاد النوبة‏.‏
محمد كتخدا لاظ المنفصل عن الكتخدائية إلى أسنا ليتلقى القادمين ويشيع الذاهبين‏.‏
وفيه وصلت بشائر من جهة قبلي باستيلاء إسمعيل باشا على سنار بغير حرب ودخول أهلها تحت الطاعة فضربت لتلك الأخبار مدافع من القلعة‏.‏
وانقضت هذه السنة وما تجدد بها من الحوادث وانقضى بعضها والبعض باق إلى الآن‏.‏
فمنها توقف زيادة النيل وذلك أنه لم يستتم أذرع الوفاء إلى ثامن عشر مسرى القبطي حتى ضجر الناس وضج الفلاحون‏.‏
ومنها أمر المعاملة التي زادت زيادة فاحشة حتى بلغ البندقي ألفًا ومائتي نصف والمجر والفندقلي عشرين قرشًا عنها ثمانمائة نصف وبلغ صرف الريال الفرانسة أربعة عشر قرشًا عنها خمسمائة نصف وستون نصفًا وقس على ذلك باقي الأصناف‏.‏
ومنها غلو الأثمان في جميع المبيعات من ملبوسات ومأكولات والغلال حتى وصل الأردب إلى ألف وخمسمائة نصف والرطل السمن إلى خمسين نصفًا وإلى ستين نصفًا وقس على ذلك‏.‏
وأما حادثة الأروام التي هي باقية إلى الآن وما وقع منهم من الإفساد وقطع لطريق على المسافرين واستيلائهم على كل ما صادفوه من مراكب المسلمين وخروجهم عن الذمة وعصيانهم وما وقع معهم من الوقائع وما سينتهي حالهم إليه فسيتلى عليك إن شاء الله تعالى بكماله في الجزء الآتي بعد ذلك والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب‏.‏

This site was last updated 03/11/12