Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

شهر جمادى الثانية بيوم الثلاثاء سنة 1225 هـ
في يوم الخميس 3 شهر جمادى الثانية سنة 1225 هـ - 6 يولية 1810 م قلد الباشا ديوان أفندي نظر مهمات الحرمين والتأهب لسفر الحجاز لمحاربة الوهابية وسكن ببيت قصبة رضوان كل ذلك مع توجه الهمة والاستعداد لمحاربة الأمراء المصريين والمذكورون بناحية قنطرة اللاهون‏.‏
وأما حسن باشا وصالح قوج وعابدين بك ومن معهم فإنهم صعدوا إلى قبلي وملكوا البنادر إلى حد جرجا واستقر دبوس أوغلي بمنية ابن خصيب‏.‏
وفي يوم السبت 5  شهر جمادى الثانية سنة 1225 هـ - 8 يولية 1810 م ارتحل الباشا بعساكره من الجيزة وانتقل إلى جزيرة الذهب ونودي في المدينة بخروج العساكر المقيمين بمصر ولا يتخلف منهم أحد فزاد تعديهم وخطفهم الحمير والجمال والرجال والفلاحين وغيرهم لتسخيرهم في خدمتهم وفي المراكب عوضًا عن النوتية والملاحين الذين هربوا وتركوا سفائنهم فكانوا يقبضون على كل من يصادفونه ويحبسونهم في الحواصل ببولاق واتفق أنهم حبسوا نحو ستين نفرًا في حاصل مظلم وأغلقوه عليهم وتركوهم من غير أكل ولا شرب أيامًا حتى ماتوا عن آخرهم وانحدر قبطان بولاق وأعوانه في طلب المراكب من بحر النيل فكانوا يقبضون على المراكب الواصلة إلى مصر بالغلال والبضائع والسفار فيلقون شحنها التي لا حاجة لهم بها على شطوط الملق ويأتون بالمراكب إلى بولاق والجيزة إلا أن يعطوهم براطيل على تركهم الغلة بالمراكب حتى يصلوا بها إلى ساحل بولاق فيخرجونها منها ثم يأخذون المركب وهكذا كان دأبهم بطول هذه المدة‏.‏
وفي 10 شهر جمادى الثانية سنة 1225 هـ - 13 يولية 1810 م ارتحل الباشا من جزيرة الذهب يريد محاربة المصريين‏.‏
وفي 15  شهر جمادى الثانية سنة 1225 هـ - 18 يولية 1810 م ورد الخبر بأن حسين بك تابع حسين بك المعروف بالوشاش الألفي أراد الهروب والمجيء إلى الباشا فقبض عليه شاهين بك وأهانه وسلب نعمته وكتفه وأركبه على جمل مغطى الرأس وأرسله إلى الواحات فاحتال وهرب وحضر إلى عرضي الباشا فأكرمه وأنعم عليه وأعطاه خمسين كيسًا واستمر عنده‏.‏
وفي 25  شهر جمادى الثانية سنة 1225 هـ - 28 يولية 1810 م وصلت الأخبار بأن الباشا ملك قناطر اللاهون وأن المصريين ارتحلوا إلى ناحية البهنسا ولم يقع بينهم كبير محاربة وأن الباشا استولى على الفيوم وأرسل الباشا هدايا لمن في سرايته ولكتخدا بك من ظرائف الفيوم مثل ماء الورد والعنب والفاكهة وغير ذلك واستولى على ما كان مودعًا للمصريين من الغلال بالفيوم‏.‏
وفي أواخرشهر جمادى الثانية سنة 1225 هـ - أواخر يولية 1810 م موصلت أخبار من ناحية الشام بأن طائفة من الوهابية جردوا جيشًا إلى تلك الجهة فتوجه يوسف باشا إلى المزيريب وحصن قلعتها واستعد إليهم بجيش وحاربوهم وطردوهم ثم

واستهل شهر رجب بيوم الخميس سنة 1225 هـ - 2 أغسطس 1810 هـ فيه وردت الأخبار بورود قزلا آغا من طرف الدولة وعلى يده أوامر وخلعة وسيف وخنجر لمحمد علي باشا وصحبته أيضًا مهمات وآلات مراكب ولوازم حروب لسفر البلاد الحجازية ومحاربة الوهابية وهو يسمى عيسى آغا وأنه طلع إلى ثغر سكندرية‏.‏
وفي يوم السبت 10 رجب سنة 1225 هـ - 11 أغسطس 1810 م - الموافق 6 مسرى القبطي 1526 م أوفى النيل وحصلت الجمعية وحضر كتخدا بك والقاضي وباقي الأعيان وكسر السد بحضرتهم في صبحها يوم الأحد وجرى الماء في الخليج‏.‏
وفيه وصل الآغا شبرا وعملوا له هناك شنكًا وحراقات وتعليقات قبالة القصر الذي أنشأه الباشا بساحل شبرا وخرجوا لملاقاته في صبحها بعد ثلاث ليال

في يوم الثلاثاء 13 رجب سنة 1225 هـ - 11 أغسطس 1810 م وعملوا له موكبًا عظيمًا وطلع إلى القلعة وضربوا عند طلوعه إلى القلعة مدافع وهذا الآغا أسمر اللون حبشي مخصي لطيف الذات متعاظم في نفسه قليل الكلام وفي حال مروره كان بجانبه شخصان ينثران الذهب والفضة والإسلامبولي على الناس المتفرجين وحضر صحبته وصحبة أتباعه السكة الجديدة التس ضربت بإسلامبول من الذهب والفضة وهي دراهم فضة خالصة سالمة من أغش زنة الدرهم منها درهم وزني كامل ستة عشر قيراطًا يصرف بخمسة وعشرين نصفًا من الأنصاف المعاملة العددية المستعملة في معاملة الناس الآن وكذلك قطعة مضروبة وزن درهمين بالدرهم الوزني تصرف بخمسين وكذلك قطعة مضروبة وزنها أربعة دراهم وتصرف بمائة نصف وقطعة وزنها ثمانية داهم وتصرف بمائتين وكذلك ذهب فندقلي إسلامي يصرف بأربعمائة نصف وأربعين نصفًا ونصفه وربعه‏.‏
وفي يوم الجمعة 16 رجب سنة 1225 هـ - 17 أغسطس 1810 م حضر الآغا المذكور إلى المسجد الحسيني وصلي به الجمعة وخرج وهو يفرق على الفقراء والمستجدين أرباع الفنادقة وأعطى خدمة الضريح وخدمة المسجد قروشًا إسلامبولي في صرر أقل ما في الصرة الواحدة عشرة قروش‏.‏

وفي يوم السبت 17  عملوا ديوانًا بالقلعة وأحضروا خلعة وصلت صحبة الآغا المذكور أرسلها صحبة خازنداره وألبسوها لابن الباشا وجعلوه باشا مير ميران وابن الباشا المذكور ولد مراهق صغير يسمى إسماعيل وضربوا شنكًا ومدافع وأشيع أنه وصلت مبشرون من الجهة القبلية بنصرة الباشا على المصريين وأرسلوا بذلك أوراقًا للأعيان أخبروا فيها بوقوع الحرب بين الفريقين ليلة السبت أو يوم السبت عاشر رجب‏.‏
وفي ليلة الثلاثاء 20 رجب سنة 1225 هـ - 21 أغسطس 1810 م أرسلوا تنابيه إلى المشايخ بالحضور من الغد لأنفار عدوها ويكون حضورهم بالمشهد الحسيني فبات الناس في ارتياب وظنون وتخامين فلما أصبح اليوم حضر شيخ السادات وهو الناظر على أوقاف المشهد إلى قبة المدفن وحضر الشيخ البكري وأغلقوا باب القبة ومنعوا الناس من العبور بالمسجد متشوفين لثمرة هذا الاجتماع وكل من حضر من الأشياخ المشاهير استأذنوا له وأدخلوه إلى القبة وحضر الشيخ الأمير والشيخ المهدي وتأخر حضور الشيخ الشرقاوي لكونه كان ببيت في بولاق ثم حضر الآغا المذكور ودخل إلى القبة وصحبته ظرف من خشب ففتحه وأخرج منه لوحًا طوله أزيد من ذراعين في عرض ذراع ونصف مكتوب فيه البسملة بخط الثلث مموه بالذهب وهي بخط يد السلطان محمود وتحتها طرة العلامة السلطانية فعلقوه على مقصورة المقام وقرؤوا الفاتحة ودعا السيد محمد المنزلاوي خطيب المسجد بدعوات للسلطان ولما فرغ دعا أيضًا السيد بدر الدين المقدسي ثم خلع على المشايخ خلعًا وفرق ذهبًا ثم خرج الجميع وركبوا إلى دورهم فكان هذا الجمع جمع سخف لا غير‏.‏
وفي يوم الجمعة 23 رجب سنة 1225 هـ - 24 أغسطس 1810 م ركب الآغا المذكور وذهب إلى ضريح السادات الوفائية بالقرافة صحبة الشيخ المتولي خلافتهم فزار مقابرهم وعلق هناك نوحا أيضًا وفرق دراهم وخلع على الشيخ المذكور خلعة‏.‏
ومن الحوادث البدعية من هذا القبيل أن عثمان آغا المتولي آغات مستحفظان سولت له نفسه عمارة مشهد الرأس وهو رأس زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ويعرف هذا المشهد عند العامة بزين العابدين وبذلك اشتهر ويقصدونه بالزيارة صبح يوم الأحد فلما كانت الحوادث ومجيء الفرنسيس أهملوا ذلك وتخرب المشهد وأهيلت عليه الأتربة فاجتهد عثمان آغا المذكور في تعمير ذلك فعمره وزخرفه وبيضه وعمل به سترًا وتاجًا ليوضع على المقام وأرسل فنادى على أهل الطرق الشيطانية المعروفين بالأشاير وهم السوقة وأرباب الحرف المرذولة الذين ينسبون أنفسهم لأرباب الضرائح المشهورين كالأحمدية والرفاعية والقادرية والبرهامية ونحو ذلك وأكد في حضورهم قبل الجمع بأيام ثم أنهم اجتمعوا في يوم الأحد خامس عشرينه بأنواع من الطبول والزمامير والبيارق والأعلام والشراميط والخرق الملونة والمصبغة ولهم أنواع من الصياح والنياح والجلبة والصراخ الهائل حتى ملؤوا النواحي والأسواق وانتظموا وساروا وهم يصيحون ويترددون ويتجاوبون بالصلوات والآيات التي يحرفونها وأنواع التوسلات ومناداة أشياخهم أيضًا المنتسبين إليهم بأسمائهم كقولهم برفع الصوت وضرب الطبلات وقولهم يا هو يا هو يا جباوي ويا بدوي ويا دسوقي ويا بيومي ويصحبهم الكثير من الفقهاء والمتعممين والآغا المذكور راكب معهم والستر المصنوع مركب على أعواد وعليه العمامة مرفوعة بوسط الستر على خشب ومتحلقين حوله بالصياح والمقارع يمنعون أيدي الناس الذين يمدون أيديهم للتمسح والتبرك من الرجال والنساء والصبيان المتفرجين ويرمون الخرق والطرح حتى أنهم يرخونها من الطيقان بالحبال لتصل إلى ذلك التمثال لينالوا جزأ من بركته ولم يزالوا سائرين به على هذا النمط والخلائق تزداد كثرة حتى وصلوا إلى ذلك المشهد خارج البلدة بالقرب من كوم الجارح حيث المجراة وصنع في ذلك اليوم والليلة أطعمة وأسمطة للمجتمعين وباتوا على ذلك إلى ثاني يوم‏.‏
وفيه بعث عيسى آغا الواصل نجيب أفندي إلى الباشا يخبره بحضوره وبالغرض الذي حضر من أجله ويستدعيه للمجيء‏.‏
وفي يوم الجمعة غايه رجب سنة 1225 هـ - 31 أغسطس 1810 م وردت أخبار بوقوع حرابة بين الباشا والمصريين وقتل بين الفريقين مقتلة عظيمة عند دلجة والبدرمان وكانت الغلبة للباشا على المصريين وأخذوا منهم أسرى وحضر إلى الباشا جماعة من الأمراء الألفية وهرب الباقون وصعدوا إلى قبلي فعملوا لذلك اليوم شنكًا ومدافع ثلاثة أيام كل يوم ثلاث مرات‏.‏
واستهل شهر شعبان بيوم السبت سنة 1225 هـ - 1 سبتمبر 1810 م فيه حضر الباشا وقت الغروب في تطريدة وصحبته جماعة قليلون وطلع من البحر من بر طرا والمعيصرة وركب من هناك خيولًا من خيول العرب وطلع إلى القلعة على حين غفلة فضربوا في ذلك الوقت مدافع إعلامًا بحضوره‏.‏
وفي 2 شهر شعبان سنة 1225 هـ - 2 سبتمبر 1810 م ليلة صعد إليه عيسى آغا المذكور عند الغروب وقابله وسلم عليه‏.‏
وفي يوم الاثنين 3 شهر شعبان بيوم السبت سنة 1225 هـ - 3 سبتمبر 1810 م عمل الباشا ديوانًا وركب ذلك الآغا من بيت عثمان آغا الوكيل الكائن بدرب الجماميز في موكب وطلع إلى القلعة وقرأ المرسوم الذي وصل صحبته بالمعنى السابق وهو الأمر بالخروج إلى الحجاز ولبس الباشا الخلعة والسيف بحضرة الجمع وضربوا مدافع كثيرة عقيب ذلك‏.‏
وفيه وردت الأخبار بمجيء يوسف باشا والي الشام إلى ثغر دمياط وكان من خبر وروده على هذه الصورة أنه لما ظهر أمره وأتته ولاية الشام فأقام العدل وأبطل المظالم واستقامت أحواله وشاع أمر عدله النسبي في البلدان فنقل أمره على غيره من الولاة وأهل الدولة لمخالفته طرائقهم فقصدوا عزله وقتله فأرسلوا له ولوالي مصر أوامر بالخروج إلى الحجاز فحصل التواني وفي أثناء ذلك حضر فرقة من العربان الوهابيين وخرج إليهم يوسف باشا المذكور وحصن المزيريب كما تقدم ورجع إلى الشام وتفرقت الجموع ثم وصل عيسى آغا هذا وعلى يده مراسيم بولاية سليمان باشا على الشام وعزل يوسف باشا وأشاعوا ذلك وخرج سليمان باشا تابع الجزار من عكا في جمع وخرج يوسف باشا بجموعه أيضًا فتحاربا فانهزم يوسف باشا ونزل بالمزة واستعجل الرجوع إلى الشام فقامت عليه عساكره ونهبوا متاعه وخرج سليمان باشا تابع الجزار من عكا وتفرقوا عنه فما وسعه إلا الفرار وترك ثقله وأمواله ونزل في مركب ومعه نحو الثلاثين نفرًا وحضر إلى مصر ملتجئًا لواليها محمد علي باشا لأن بينهما صداقة ومراسلات فلما وصلت الأخبار بوصوله أرسل إلى ملاقاته طاهر باشا وحضر صحبته إلى مصر وأنزله بمنزل مطل على بركة الأزبكية وعين له ما يكفيه وأرسل إليه هدايا وخيولًا وما يحتاج إليه‏.‏
وفي هذه الأيام اختل سد ترعة الفرعونية وانفتح منه شرم واندفع فيه الماء فضج الناس وتيعين لسدها ديوان أفندي وأخذ معه مراكب وأحجارًا وأخشابًا وغاب يومين ثم رجع واتسع الخرق واستمر عمر بك تابع الأشقر مقيمًا عليها لخفارتها وليمنع مرور المراكب ويقوي ردمها لئلا تنحرها المياه فيزداد اتساع الخرق‏.‏
وفي هذه الأيام توقفت زيادة النيل فكان يزيد من بعد الوفاة قليلًا ثم ينقص قليلًا ثم يرجع النقص وهكذا فأشار بالاجتماع بالاستسقاء بالأزهر فتجمع القليل ثم تفرقوا وذلك يوم الثلاثاء رابعه وخرج النصارى الأقباط يستسقون أيضًا واجتمعوا بالروضة وصحبتهم القساقسة والرهبان وهم راكبون الخيول والرهوانات والبغال والحمير في تجمل زائد وصحبتهم طائفة من أتباع الباشا بالعصي المفضضة وعملوا في ذلك اليوم سيانة وحانات وقهوات وأسمطة وسكردانات عند جميز العبد ويقولون أن النيل لما توقفت زيادته في العام الذي قبل العام الماضي وخرج الناس يستسقون بجامع عمرو وخرج النصارى في ثاني يوم فزاد النيل تلك الليلة وذلك لا أصل له على أنه لا استغراب للزيادة في أوانها وهذه الأيام أيضًا أواخر مسرى وأيام النسيء وفيها قوه الزيادة وأيام النوروز‏.‏
وفي يوم السبت 8 شهر شعبان سنة 1225 هـ - 8 سبتمبر 1810 م خرج المشايخ والناس إلى جامع عمرو بمصر القديمة وأرسلوا تلك الليلة فجمعوا الأطفال من مصر وبولاق فحضر الكثير وخطبوا وصلوا وأضر بالمجتمعين الجوع في ذلك اليوم ولم يجدوا ما يأكلونه‏.‏
وفي يوم ألأحد 9 شهر شعبان سنة 1225 هـ - 9 سبتمبر 1810 م يوم نقص النيل واستمر ينقص في كل يوم‏.‏
وفي يوم الخميس 13 شهر شعبان سنة 1225 هـ - 13 سبتمبر 1810 م حضرت العساكر والتجريدة إلى واحي الآثار والبساتين ودخلوا في صبيحة يوم الجمعة رابع عشره بطموشهم وحملاتهم حتى ضاقت بهم الأرض وحضر صحبتهم الكثير من الأجناد المصرية وأسرى ومستأمنين‏.‏
وفيه حضر يوسف باشا المنفصل عن الشام ونزل بقصر شبرا وضربوا لحضوره مدافع ثم انتقل إلى الأزبكية وسكن هناك كما تقدم ذكره‏.‏
وفي يومالثلاثاء 25 شهر شعبان سنة 1225 هـ - 25 سبتمبر 1810 م زاد النيل ورجع ما كان انتقصه وزاد على ذلك نحو قيراطين وثبت إلى أواخر توت واطمأن الناس‏.‏
وفي غايه شهر شعبان سنة 1225 هـ - 29 سبتمبر 1810 م سافر عيسى آغا بعد ما قبض ما أهداه إليه الباشا له ولمخدومه من الهدايا والأكياس والتحف والسكاكر والشرابات والأقمشة الهندية وغير ذلك ونزل لتشييعه عثمان آغا الوكيل وسافر صحبته نجيب أفندي‏.‏
وفي أواخره سافر سليمان بك البواب لمصالحة الأمراء المنهزمين على يد حسن باشا‏.‏
واستهل شهر رمضان بيوم الأحد سنة 1225

في يوم الثلاثاء 17 شهر رمضان سنة 1225 هـ - 16 أكتوبر 1810 م قبض الباشا على المعلم غالي كبير المباشرين الأقباط والمعلم فلتيوس والمعلم جرجس الطويل والمعلم فرنسيس أخي المعلم غالي وباقي أعيان المباشرين فأما غالي وفلتيوس فنزلوا بهما تلك الليلة إلى بولاق وأنزلوهما في مركب ليسافرا إلى دمياط وحبسوا الباقين بالقلعة وختموا على دورهم ووجدوا عند المعلم غالي نيفًا وستين جارية بيضاء وسوداء وحبشية ثم قلدوا المباشرة إلى المعلم منصور ضريمون الذي كان معلم ديوان الجمرك ببولاق سابقًا والمعلم بشارة ورزق الله الصباغ مشاركان معه ثم أنزلوا النصارى المعتقلين من القلعة إلى بيت إبراهيم بك الدفتردار بالأزبكية وفيه جرجس الطويل وأخوه حنا وجرجس وفرنسيس أخو غالي ويعقوب كاتبه وغيرهم وأشاعوا عمل حسابهم ثم دار الشغل وسعت الساعون في المصالحة على غالي ورفقائه إلى أن تم الأمر على أربعة وعشرين كيسًا ونزل له فرمان الرضا والخلع والبشائر وذلك في آخر رمضان‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الثلاثاء 1225 هـ - 30 أكتوبر 1810 م فيه نزلت طبلخانة الباشا إلى بيت المعلم غالي واستمروا يضربون النوبة التركية ثلاثة أيام العيد ببيته وكذلك الطبل الشامي وباقي الملاعيب وترمى لهم الخلع والبقاشيش‏.‏
وفي يوم ألأثنين 7 شهر شوال سنة 1225   هـ - 5 نوفمبر 1810 م حضر المعلم غالي وطلع إلى القلعة وخلع عليه الباشا خلع الرضا وألبسه فروة سمور وأنعم عليه ونزل له عن أربعة آلاف كيس من أصل الأربعة وعشرين ألف كيس المطلوبة في المصالحة ونزل إلى داره وأمامه الجاويشية والأتباع بالعصي المفضضة وجلس بدكة داره وأقبل عليه الأعيان من المسلمين والنصارى للسلام عليه والتهنئة له بالقدوم المبارك وأما المعلم منصور ضريمون فجبروا خاطره بأن قيده بخدمة بيت إبراهيم بك ابن الباشا الدفتردار وقيدوا رفيقيه في خدم أخرى‏.‏
وفي يوم الخميس 10  شهر شوال سنة 1225   هـ - 8 نوفمبر 1810 م حضر شاهين بك الألفي ومن معه إلى مصر ونصب وطاقه بناحية البساتين وذلك بعد أن تمموا الصلح على يد حسن باشا بواسطة سليمان بك البواب فلما استقر بخيامه وعرضيه ببر مصر حضر مع رفقائه وقابل الباشا وهو ببيت الأزبكية فبش في وجهه فقال شاهين بك نرجو سماح أفندينا وعفوه عما ذنبناه فقال نعم من قبل مجيئكم بزمان وهو مصر لهم على كل كريهة وأخلى له بيت محمد كتخدا الأشقر بجوار طاهر باشا بالأزبكية وفرشوه ونظموه ووعده برجوعه إلى الجيزة في مناصبه كما كان حتى يتحول منها محرم بك صهر الباشا لأنه عند انتقال شاهين بك من الجيزة عدى إليها محرم بك بحريمه وهي ابنة الباشا وسكن القصر بعسكره وكذلك أسكن كبار أتباعه وخواصه القصور التي كان يسكنها الألفية وكذلك البيوت والدور فوعده بالرجوع إلى محله وظن بخسافة عقله صحة ذلك وحضر صحبة شاهين بك جملة من العسكر والدلاة وغيرهم واستمرت حملاتهم وأمتعتهم تدخل إلى المدينة إرسالًا في عدة أيام‏.‏
وفي يوم الجمعة 11 شهر شوال سنة 1225   هـ - 8 نوفمبر 1810 م  عمل الباشا ديوانًا بالأزبكية في بيت ابنه إبراهيم بك الدفتردار واجتمع عنده المشايخ والوجاقلية وغيرهم فتكلم الباشا وقال يا أحبابنا احتياجي إلى الأموال الكثيرة لنفقات العساكر والمصاريف والمهمات والإيراد لا يكفي ذلك فلزم الحال لتقرير الفرض على البلاد والأطيان وقد أجحف ذلك بأهاليها حتى جلت وخربت القرى وتعطلت المزارع وبارت الأطيان ولا يمكنني رفع ذلك بالكلية والقصد أن تدبروا لنا تدبيرًا وطريقًا لتحصيل المال من غير ضرر ولا إجحاف على أهل القرى وتعود مصلحة التدبير عليهم وعلينا فقال الجميع الرأي لك فقال إني فوضت الرأي في تدبير الأمور السابقة لجماعة الكتبة وهم الأفندية والأقباط فوجدت الجميع خائنين وإني دبرت رأيًا لا تدخله التهمة وهو أن من المعلوم أن جميع الحصص لها سندات ومعين بها مقدار الميري والفائظ فنقرر على كل حصة قدر ميريها وفائظها إما سنة أو سنتين فلا يضر ذلك بالملتزمين ولا بالفلاحين فانتبذ أيوب كتخدا الفلاح وهو كبير الاختيارية وقال لكن يا أفندينا إلى مساواة الناس فإن حصص كثير من المشايخ مرفوع ما علبها من المغارم ويرجع تتميم الغرامة على حصص الشركاء فحنق من كلامه الشيخ الشرقاوي وقال له أنت رجل سوء وثار عليه باقي المشايخ الحاضرين وزاد فيهم الصياح فقان الباشا من المجلس وتركهم وذهب بعيدًا عنهم وهم يتراددون ويتشاجرون فأرسل إليهم الباشا الترجمان وقال إنكم شوشتم على الباشا وتكدر خاطره من صياحكم فسكتوا وقاموا من المجلس وذهبوا إلى دورهم وهم منفعلون المزاج ولعل كلام أيوب كتخدا وافق غرض الباشا أو هو بإغرائه ثم شرعوا في تحرير الدفاتر وتبديل الكيفيات وكان في العزم أولًا أن يجعلها على ذمم الأطيان شارقًا وغارقًا بما فيها من الأوسية التي للملتزمين والأرزاق ومسموح مشايخ البلاد وذكر ذلك في المجلس فقيل له أن الأوسية معايش الملتزمين والرزق قسمان قسم داخل في زمام أطيان البلد ومحسوب في مساحة فلاحتها وقسم خارج عن زممها والقسمان من الإرصادات على الخيرات وعلى جهات البر والصدقة والمساجد والأسبلة والمكاتب والأحواض لسقي الدواب وغير ذلك فيلزم منه إبطال هذه الخيرات وتعطيلها فقال الباشا أن المساجد غالبها متخرب ومتهدم فقالوا له عليك بالفحص والتفتيش وإلزام المتولي على المسجد بعمارته إذا كان إيراده رائجًا إلى آخر ما قيل‏.‏
وفي يوم الاثنين 21 شهر شوال سنة 1225   هـ - 19 نوفمبر 1810 م  قتلوا شخصًا من الأجناد الألفية وقطعوا رأسه بباب الخرق بسبب أنه قتل زوجته من غير جرم يوجب قتلها‏.‏
واستهل شهر ذي القعدة بيوم الأربعاء سنة 1225

في يوم الخميس 2 شهر ذي القعدة سنة 1225   هـ - 29 نوفمبر 1810 م  سافر الباشا إلى ثغر سكندرية ليكشف على عمارة الأبراج والأسوار ويبيع الغلال التي جمعها من البلاد في الفرض التي فرضت عليهم وكذلك ما أحضره من البلاد القبلية فجمعوا المراكب وشحنوها بالغلال وأرسلها إلى الإسكندرية ليبيعها على الإفرنج فباع عليهم أزيد من مائتي ألف أردب كل أردب بمائة قرش وسعرها بمصر ثمانية عشر قرشًا وهو لم يشترها ولم تكن عليه بمال بل أخذها من زراعات الفلاحين من أصل ما فرضه عليهم وألزمهم بكلفة شيله وأجرة نقله إلى المحل الذي يلزمونهم بوضعه فيه وأخذ من الإفرنج في ثمنه أصناف النقود من الذهب المشخص البندقي والمجر والفرانسه وعروض البضائع من الجوخ المتنوعة والدودة التي يقال لها القرمز والقزدير وأصناف البضائع الإفرنكية وأحدث وهو بالإسكندرية أحداثًا ومكوسًا‏.‏
واستهل شهر ذي الحجة الحرام بيوم الأحد سنة 1225 هـ

في 22 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1225   هـ - 18 يناير 1811 م حضر الباشا من الإسكندرية إلى مصر وذلك يوم الجمعة أواخر النهار وحضر في العشية إلى بيت الأزبكية وبات عند حريمه وطلع في صبح يوم السبت إلى القلعة وضربوا مدافع كثيرة لحضوره وبذلك علم الناس حضوره وانقضت السنة بحوادثها التي قصصنا بعضها إذ لا يمكن استيفاؤها للتباعد عن مباشرة الأمور وعدم تحققها على الصحة وتحريف النقلة وزيادتهم ونقصهم في الرواة فلا أكتب حادثة حتى أتحقق صحتها بالتواتر والاشتهار وغالبها من الأمور الكلية التي لا تقبل الكثير من التحريف وربما أخذت قيد حادثة حتى أثبتها ويحدث غيرها وأنساها فأكتبها في طيارة حتى أفيدها في محلها إن شاء الله تعالى عند تهذيب هذه الكتابة وكل ذلك من تشويش البال وتكدر الحال وهم العيال وكثرة الاشتغال وضعف البدن وضيق العطن‏.‏
حوادث هذه السنة

ومن حوادثها أحداث عدة مكوس زيادة على ما أحدث على الأرز والكتان والحرير والحطب والملح وغير ذلك مما لم يصل إلينا خبره حتى غلت أسعارها إلى الغاية وكان سعر الدرهم الحرير نصفين فصار بخمسة عشر نصفًا وكنا نشتري القنطار من الحطب الرومي في أوانه بثلاثين نصفًا وفي غير أوانه بأربعين نصفًا فصار بثلاثمائة نصف وكان الملح يأتي من أرضه بثمن القفاف التي يوضع فيها لا غير ويبيعه الذين ينقلونه إلى ساحل بولاق الأردب بعشرين نصفًا وأردبه ثلاثة أرداب ويشتريه المسبب بمصر بذلك السعر لآن أردبه أردبان ويبيعه أيضًا بذلك السعر ولكن أردبه واحد فالتفاوت في الكيل لا في السعر فلما احتكر صار الكيل لا يتفاوت وسعره الآن أربعمائة وخمسون نصفًا والتزم وأوقف رجاله في موارده البحرية لمنع من يأخذ منه شيئًا من المراكب المارة بالسعر الرخيص من أربابه ويذهب به إلى قبلي أو نحو ذلك‏.‏
نار غريبة تظهر من تحت الأرض
ومنها وهي من الحوادث الغريبة أنه ظهر بالتل الكائن خارج رأس الصورة المعروفة الآن بالحطابة قبالة الباب المعروف بباب الوزير في وهدة بين التلول نار كامنة بداخل الأتربة واشتهر أمرها وشاع ذكرها وزاد ظهورها في أواخر هذه السنة فيظهر من خلال التراب ثقب ويخرج منها الدخان بروائح مختلفة كرائحة الخرق البالية وغير ذلك وكثر ترداد الناس لاضطلاع عليها أفواجًا أفواجًا نساء ورجالًا وأطفالًا فيمشون عليها ويجدون حرارتها تحت أرجلهم فيحفرون قليلًا فتظهر النار مثل نار الدمس فيقربون منها وإن غوصوا فيها خشبة أو قصبة احترقت ولما شاع ذلك وأخبروا بها كتخدا بك نزل إليها بجمع من أكابره وأتباعه وغيرهم وشاهد ذلك فأمر والي الشرطة بصب الماء عليها وإهالة الأتربة من أعالي التل فوقها ففعلوا ذلك وأحضروا السقائين وصبوا عليها بالقرب ماء كثيرًا وأهالوا عليها الأتربة وبعد يومين صارت الناس المتجمعة والأطفال يحفرون تحت ذلك الماء المصبوب قليلًا فتظهر النار ويظهر دخانها فيقربون منها الخرق والحلفاء واليدكات فتورى وتدخن واستمر الناس يغدون ويرجون للفرجة عليها نحو شهرين وشاهدت ذلك في جملتهم ثم بطل ذلك‏.‏

ومنها أنه نودي أواخر السنة على صرف المحبوب بزيادة صرفه ثلاثين نصفًا وكان يصرف بمائتين وخمسين من زيادات الناس في معاملاتهم فكانوا ينادون بالنقص ورجوعها إلى ما كان قبل الزيادة ويعاقبون على التزايد‏.‏

وفي هذه الأيام نودي بالزيادة وذلك بحسب الأغراض والمقاصد والمقتضيات ومراعاة مصالح أنفسهم لا المصلحة العامة هذا مع نقص عياره ووزنه عما كان عليه قبل المناداة وكذلك نقصوا وزن القروش وجعلوا القرش على النصف من القرش الأول ووزنه درهمين وكان أربعة دراهم وفي الدرهمين ربع درهم فضة هذا مع عدم الفضة العددية ووجودها بأيدي الناس والصيارف وإذا أراد إنسان صرف قرش واحد من غيره صرفه بنقص ربع العشر وأخذ بدله قطعًا صغارًا إفرنجية يصرف منها الواحدة باثني عشر وأخرى بعشرة وأخرى بخمسة ولكنها جيدة العيار وهم الآن يجمعونها ويضربونها بما يزاد عليها من النحاس وهو ثلاثة أرباع قروشًا لأن القطعة الصغيرة التي تصرف بخمسة أنصاف وزنها درهم واحد وزني فيصيرونها أربعة قروش فتضاعف الخمسة إلى ثمانين وكل ذلك نقص واختلاس أموال الناس من حيث لا يشعرون‏.‏
في سنة 1225   هـ - 1811 مومات المعلم جرجس الجوهري القبطي كبير المباشرين بالديار المصرية وهو أخو المعلم إبراهيم الجوهري ولما مات أخوه في زمن رياسة الأمراء المصرية تعين مكانه في الرياسة على المباشرين والكتبة وبيده حل الأمور وربطها في جميع الأقاليم المصرية نافذ الكلمة وافر الحرمة وتقدم في أيام الفرنسيس فكان رئيس الرؤساء وكذلك عند مجيء الوزير والعثمانيين وقدموه وأجلسوه ولما يسديه إليهم من الهدايا والرغائب حتى كانوا يسمونه جرجس أفندي ورايته يجلس بجانب محمد باشا خسرو وبجانب شريف أفندي الدفتردار ويشرب بحضرتهم الدخان وغيره ويراعون جانبه ويشاورونه في الأمور وكان عظيم النفس ويعطي العطايا ويفرق على جميع الأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع العسلية والسكر والأرز والكساوي والبن ويعطي ويهب وبنى عدة بيوت بحارة الونديك والأزبكية وأنشأ دار كبيرة وهي التي يسكنها الدفتردار الآن ويعمل فيها الباشا وابنه الدواوين عند قنطرة الدكة وكان يقف على أبوابه الحجاب والخدم ولم يزل على حالته حتى ظهر المعلم غالي وتداخل في هذا الباشا وفتح له الأبواب لأخذ الأموال والمترجم يدافع في ذلك وإذا طلب الباشا طلبًا واسعًا من المعلم جرجس يقول له هذا لا يتيسر فيأتي المعلم غالي فيسهل له الأمور ويفتح له أبواب التحصيل فضاق خناق المترجم وخاف على نفسه فهرب إلى قبلي ثم حضر بأمان كما تقدم وانحط قدره ولازمته الأمراض حتى مات في أواخر شعبان وانقضى وخلا الجو للمعلم غالي وتعين بالتقدم ووافق الباشا في أغراضه الكلية والجزئية وكل شيء له بداية وله نهاية والله أعلم‏.‏ واستهلت 

فكان أول المحرم سنة 1226 هـ يوم السبت - 26 يناير 1811 م  فيه أظهر الباشا إليه تمام بأمر الحجاز والتجهيز للسفر وركب في ليلة الجمعة سابعه إلى السويس وسافر صحبته السيد محمد المحروقي وقام باحتياجاته ولوازمه فلما وصل إلى السويس حجز الداوات التي وصلت بالمحمل وسفر عدة من المراكب التي أنشأها ليقبضوا على الداوات والسفن التي بالأساكل وحوزها واستولى على البن الذي وجده ببندر السويس للتجار فلما وصل خبر ذلك إلى مصر فغلا سعر البن وزاد حتى وصل إلى خمسين ريالًا فرانسة بعد أن كان بستة وثلاثين عنها اثنا عشر ألف فضة وخمسمائة نصف فضة‏.‏
واستهل شهر صفر الخير بيوم الأحد سنة 1226

في يوم الاثنين 2 شهر صفر الخير سنة 1226 هـ - 26 يناير 1811 م حضر الباشا من السويس إلى مصر في سادس ساعة من الليل فضربوا في صبحها عدة مدافع لحض لحضوره وقد حضر على هجين بمفرده ولم يصحبه إلا رجل بدوي على هجين أيضًا ليدله على الطريق وقطع المسافة في إحدى عشرة ساعة وحضر من كان بصحبته في ثاني يوم وهم مجدون السفر وحضر السيد محمد المحروقي بحموله في اليوم الثالث وأخبروا أن الباشا أنزل من ساحة السويس خمسة مراكب من المراكب التي أنشأها باحتياجاتها ولوازمها وعساكرها ووجههم إلى ناحية اليمن ليقبضوا على ما يجدونه من المراكب وإن الصناع فيه حضر صالح آغا قوج حاكم أسيوط وتناقلت الأخبار عن الأمراء المصريين القبليين بأنهم حضروا إلى الطينة ورجعوا إلى ناحية قنا وقوض وخرج إليهم أحمد آغالاظ وتحارب معهم وقتل من عساكره عدة وافرة‏.‏
وفيه قلد الباشا ابنه طوسون باشا ساري عسكر الركب الموجه إلى الحجاز وأخرجوا جيشهم إلى ناحية قبة العزب ونصبوا عرضيًا وخيامًا وأظهر الباشا الاجتهاد الزائد والعجلة وعدم التواني ونوه بتسفير عساكر لناحية الشام لتمليك يوسف باشا لمحله وسارى عسكرهم شاهين بك الألفي ونحو ذلك من إلإيهامات وطلب من المنجمين أن يختاروا وقتًا صالحًا لإلباس ابنه خلعة السفر فاختاروا له الساعة الرابعة من يوم الجمعة فلما كان يوم الخميس رابعه طاف الاي جاويش بالأسواق على صورة الهيئة القديمة في المناداة على المواكب العظيمة وهو لابس الضلمة والطبق على رأسه وراكب حمار عال وأمامه مقدم بعكاز وحوله قابجية ينادون بقولهم يا رن ألاي ويكررون ذلك في أخطاط المدينة وطافوا بأوراق التنابيه على كبار العسكر والبينبات والأمراء المصرية الألفية وغيرهم يطلبونهم للحضور في باكر النهار إلى القلعة ليركب الجميع بتجملاتهم وزينتهم أمام الموكب فلما أصبح يوم الجمعة سادسه ركب الجميع وطلعوا إلى القلعة وطلع المصرية بمماليكهم وأتباعهم وأجنادهم فدخل الأمراء عند الباشا وصبحوا عليه وجلسوا معه حصة وشربوا القهوة وتضاحك معهم ثم أنجر الموكب على الوضع الذي رتبوه فانجر طائفة الدلاة وأميرهم المسمى أزون علي ومن خلفهم الوالي والمحتسب والوجاقلية والألداشات المصرية ومن تزيا بزيهم ومن خلفهم طوائف العسكر الرجالة والخيالة والبيكباشيات وأرباب المناصب منهم وإبراهيم آغا آغات الباب وسليمان بك البواب يذهب ويجيء ويرتب الموكب وكان الباشا قد بيت مع حسن باشا وصالح قوج والكتخدا فقط غدر المصرية وقتلهم وأسر بذلك في صبحها إبراهيم آغا آغات البابا فلما انجر الموكب وفرغ طائفة الدلاة ومن خلفهم من الوجاقلية والألداشات المصرية وانفصلوا من باب العزب فعند ذلك أمر صالح قوج بغلق الباب وعرف طائفته بالمراد فالتفتوا ضاربين بالمصرية وقد احصروا بأجمعهم في المضيق المنحدر الحجر المقطوع في أعلي باب العزب مسافة ما بين الباب الأعلى الذي يتوصل منه إلى رحبة سوق القلعة إلى الباب الأسفل وقد أعدوا عدة من العساكر أوقفوهم على علاوى النقر الحجر والحيطان التي به فلما حصل الضرب التحتانيين أراد الأمراء الرجوع القهقري فلم يمكنهم ذلك لانتظام الخيول في مضيق النقر وأخذهم ضرب البنادق والقرابين من خلفهم أيضًا وعلم العسكر الواقفون بالأعلى المراد فضربوا أيضًا فلما نظروا ما حل بهم سقط في أيديهم وارتبكوا في أنفسهم وتحيروا في أمرهم ووقع منهم أشخاص كثيرة فنزلوا عن الخيول واقتحم شاهين بك وسليمان بك البواب وآخرون في عدة من مماليكهم راجعين إلى فوق والرصاص نازل عليهم من كل ناحية ونزعوا ما كان عليهم من الفراوي والثياب الثقيلة ولم يزالوا سائرين وشاهرين سيوفهم حتى وصلوا إلى الرحبة الوسطى المواجهة لقاعة الأعمدة وقد سقط أكثرهم وأصيب شاهين بك وسقط إلى الأرض فقطعوا رأسه وأسرعوا بها إلى الباشا ليأخذوا عليها البقشيش وكان الباشا عندما ساروا بالموكب ركب من ديوان السراية وذهب إلى البيت الذي به الحريم وهو بيت إسمعيل أفندي الضربخانه وأما سليمان بك البواب فهرب من حلاوة الروح وصعد إلى حائط البرج الكبير فتابعوه بالضرب حتى سقط وقطعوا رأسه أيضًا وهرب كثير إلى بيت طوسون باشا يظن الالتجاء به والاحتماء فيه فقتلوهم وأسرف العسكر في قتل المصريين وسلب ما عليهم من الثياب ولم يرحموا أحدًا وأظهروا كامن حقدهم وضبعوا فيهم وفيمن رافقهم متجملًا معهم من أولاد الناس وأهالي البلد الذين تزيوا بزيهم لزينة الموكب وهم يصرخون ويستغيثون ومنهم من يقول أنا لست جنديًا ولا مملوكًا وآخر يقول أنا لست من قبيلتهم فلم يرقوا لصارخ ولا شاك ولا مستغيث وتتبعوا المتشتتين والهربانين في نواحي القلعة وزواياها والذين فروا ودخلوا في البيوت والأماكن وقبضوا على من أمسك حيًا ولم يمت من الرصاص أو متخلفًا عن الموكب وجاسًا مع الكتخدا كأحمد بك الكيلارجي ويحيى بك الألفي وعلي كاشف الكبير فسلبوا ثيابهم وجمعوهم إلى السجن تحت مجلس كتخدا بك ثم أحضروا أيضًا المشاعلي لرمي أعناقهم في حوش الديوان واحدًا بعد واحد من ضحوة النهار إلى أن مضى حصة من الليل في المشاعل حتى امتلأ الحوش من القتلى ونم مات من المشاهير المعروفين وانصرع في طريق القلعة قطعوا رأسه وسحبوا جثته إلى باقي الجثث حتى أنهم ربطوا في رجلي شاهين بك ويديه حبالًا وسحبوه على الأرض مثل الحمار الميت إلى حوش الديوان هذا ما حصل بالقلعة وأما أسفل المدينة فإنه عندما أغلق باب القلعة وسمع من بالرميلة صوت الرصاص وقعت الكرشة في الناس وهرب من كان واقفًا بالرميلة من الأجناد في انتظار الموكب وكذلك المتفرجون واتصلت الكرشة بأسواق المدينة فانزعجوا وهرب من كان بالحوانيت لانتظار الفرجة وأغلق الناس حوانيتهم وليس لأحد علم بما حصل وظنوا ظنونًا وعندما تحقق العسكر حصول الواقعة وقتل الأمراء انبثوا كالجراد المنتشر إلى بيوت الأمراء المصريين ومن جاورهم طالبين النهب والغنيمة فولجوها بغتة ونهبوها نهبة ذريعًا وهتكوا الحرائر والحريم وسحبوا النساء والجواري والخوندات والستات وسلبوا ما عليهن من الحلي والجواهر والثياب وأظهروا الكامن في نفوسهم ولم يجدوا مانعًا ولا رادعًا وبعضهم قبض على يد امرأة ليأخذ منها السوار فلم يتمكن من نزعها بسرعة فقطع يد المرأة وحل بالناس في بقية ذلك اليوم من الفزع والخوف وتوقع المكروه ما لا يوصف لأن المماليك والأجناد تداخلوا وسكنوا في جميع الحارات والنواحي وكل أمير له دار كبيرة فيها عياله وأتباعه ومماليكه وخيوله وجماله وله دار وداران صغار في داخل العطف ونواحي الأزهر والمشهد الحسيني يوزعون فيها ما يخافون عليه لظنهم بعدها وحمايتها بحرمة الخطة وصونها عند وقوع الحوادث وكثير من كبار العسكر مجاورون لهم في جميع النواحي ويرمقون أحوالهم ويطلعون على أكثر حركاتهم وسكناتهم ويتدخلون فيهم ويعاشرونهم ويسامرونهم بالليل ويظهرون لهم الصداقة والمحبة وقلوبهم محشوة من الحقد عليهم والكراهة لهم بل ولجميع أبناء العرب فلما حصلت هذه الحادثة بادروا لتحصيل ما هو لهم وأظهروا ما كان مخفيًا في صدورهم وخصوصًا من التشفي في النساء فإن العظيم منهم كان إذا خطب أدنى امرأة ليتزوج بها فلا ترضى به وتعافه وتأنف قربه وإن ألح عليها استجارت بمن يحميها منه وإلا هربت من بيتها واختفت شهورها وذلك بخلاف ما إذا خطبها أسفل شخص من جنس المماليك أجابته في الحال واتفق أنه لما اصطلح الباشا مع الألفية وطلبوا البيوت ظهر كثير من النساء المستترات المخفيات وتنافسن في زواجهم وعملن لهم الكساوي وقدمن لهم التقادم وصرفن عليهم لوازم البيوت التي تلزم الأزواج لزوجاتهم كل ذلك بمرأى من الأتراك يحقدونه في قلوبهم وفيهم من حمى جاره وصان دياره ومانع أعلاهم أدناهم وقليل ما هم وذلك لغرض يبتغيه وأمر يرتجيه فإنه بعد ارتفاع النهب كانوا يقبضون عليهم من البيوت فيستولي الذي حماه ودافع عنه على داره وما فيها وأنهبت دور كثيرة من المجاورين لهم أو لدور أتباعهم بأدنى شبهة أو يدخلون بحجة التفتيش ويقولون عنكم مملوك أو سمعنا أن عندكم وديعة لمملوك وبات الناس وأصبحوا على ذلك ونهب في هذه الحادثة من الأموال والأمتعة ما لا يقدر قدره ويحصيه إلا الله سبحانه وتعالى ونهبت دور كثيرة من دور الأعيان الذين ليسوا من الأمراء المقصودين ومن المتقيدين بخدمة الباشا مثل ذي الفقار كتخدا المتولي خوليًا على بساتين الباشا التي أنشأها بشبرا وبيت الأمير عثمان آغا الورداني ومصطفى كاشف المورلي والأفندية الكتبة وغيرهم وأصبح يوم السبت والنهب والقتل والقبض على المتوارين والمتخفين مستمر ويدل البعض على البعض أو يغمز عليه وركب الباشا في الضحوة ونزل من القلعة وحوله أمراؤه الكبار مشاة وأمامه الصفاشية والجاويشية بزينتهم وملابسهم الفاخرة والجميع مشاة ليس فيهم راكب سواه وهم محدقون به وأمامه وخلفه عدة وافرة والفرح والسرور بقتل المصريين ونهبهم والظفر بهم طافح من وجوههم فكان كلما مر على أرباب الدرك والقلقات والضابطين وقف عليهم ووبخهم على النهب وعدم منعهم لذلك والحال أنهم هم الذين كانوا ينهبون أولًا ويتبعهم غيرهم فمروا على العقادين الرومي والشوائين فخرج إليه شخص من تجار المغاربة يسمى العربي الحلو وصرخ في وجهه وهو يقول إيش هذا الحال وإيش لنا علاقة حتى ينهبنا العسكر ونحن ناس فقراء مغاربة متسببون ولسنا مماليك ولا أجناد فوقف إليه وأرسل معه نفرًا إلى داره فوجدوا بها شخصين أحدهما تركي والآخر بلدي وهما يلتقطان آخر النهب وما سقط من النهابين فأمر بقتلهما فأخذوهما إلى باب الخرق وقطعوا رؤوسهما ثم أنه عطف على جهة الكعكيين فلاقاه من أخبره بأن المشايخ مجتمعون ونيتهم الركوب لملاقاته والسلام عليه والتهنئة بالظفر فقال أنا أذهب إليهم ولم يزل في سيره حتى دخل إلى بيت الشيخ الشرقاوي وجلس عنده ساعة لطيفة وكان قد التجأ إلى الشيخ شخصان من الكشاف المصرية فكلمه في شأنهما وترجى عنده في إعتاقهما من القتل وأن يؤمنهما على أنفسهما وقال له لا تفضح شيبتي يا ولدي واقبل شفاعتي واعطهما محرمة الأمان فأجابه إلى ذلك وقال له شفاعتك مقبولة ولكن نحن لا نعطي محارم وأنا أماني بالقول أو نكتب ورقة ونرسلها إليك بالأمان فاطمأن الشيخ لذلك ثم قام الباشا وركب وطلع إلى القلعة وأرسل ورقة إلى الشيخ بطلبهما فقال لهما الشيخ أن الباشا أرسل هذه الورقة يؤمنكما ويطلبكما إليه فقالا وما يفعل بذهابنا إليه فلا شك في أنه يقتلنا فقال الشيخ لا يصلح ذلك ولا يكون كيف أنه يأخذكم من بيتي ويقتلكم بعد أن قبل شفاعتي فذهبا مع الرسول فعندما وصلا إلى الحوش وهو مملوء بالقتلى وضرب الرقاب واقع في المحبوسين والمحضرين قبضوا عليهما وأدرجا في ضمنهم وفي ذلك اليوم نزل طوسون بن الباشا وقت نزول أبيه وشق المدينة وقتل شخصًا من النهابين أيضًا فارتفع النهب وانكف العسكر عن ذلك ولولا نزول الباشا وابنه في صبح ذلك اليوم لنهب العسكر بقية المدينة وحصل منهم غاية الضرر وأما القبض على الأجناد والمماليك فمستمر وكذلك كل من كان يشبههم في الملبس والزي وأكثر من كان يقبض عليهم عساكر حسن باشا الأرنؤدي فيكبسون عليهم في الدور أو في الأماكن التي تواروا فيها واستدلوا عليهم فيقبضون على من يقبضون عليه وينهبون من الأماكن ما يمكنهم حمله وثياب النساء وحليهن ويسحبون الواحد والاثنين أو أكثر بينهم ويأخذون عمائمهم وثيابهم وما في جيوبهم في أثناء الطريق وإذا كان كبيرًا أو أميرًا يستحي منه طلبوه بالرفق فإذا ظهر لهم قالوا له سيدنا حسن باشا يستدعيك إليه فلا تخش من شيء ويطمئن قليلًا ويظن أنهم يجبرونه وعلى أنه حال لا يسعه إلا الإجابة لأنه إن امتنع أخذوه قهرًا فإذا خرج من الدار استصحبه جماعة منهم وطلع البواقي إلى الدار فأخذوا ما قدروه عليه ولحقوا بهم وجرى على المأخوذ ما يجري على أمثاله من المأخوذين والبعض توارى والتجأ إلى طائفته الدلاة الفلاحات اللاتي يبعن الجلة والجبنة وذهبوا في ضمنهم وفر من نجا منهم وتزيا بشكلهم ولبس له طرطورًا وأجاروه وهرب كثير في ذلك اليوم وخرجوا إلى قبلي وبعضهم تزيا بزي النساء الفلاحين وخرج في ضمن إلى الشام وغيرها وأما كتخدا بك فإنه لشدة بغضه فيهم صار لا يرحم منهم أحدًا فكان كل من أحضروه ولو فقيرًا هرمًا من مماليك الأمراء الأقدمين يأمر بضرب عنقه وأرسل أوراقًا إلى كشاف النواحي والأقاليم بقتل كل مكن وجدوه بالقرى والبلدان فوردت الرؤوس في ثاني يوم من النواحي فيضعونها بالرميلة وعلى مصطبة السبيل المواجه لباب زويلة وكان كثير من الأجناد بالأرياف لتحصيل الفرض التي تعهدوا بدفعها على فلاحيهم وانقضت أجلتهم وطولبوا بالدفع والفلاحون قصرت أيديهم ولم يقبلوا للملتزمين عذرًا في التأخير فلم يسعهم إلا الذهاب بأنفسهم لأجل خلاص المطلوب منهم للديوان فعندما وصلت الأوامر إلى كشاف الأقاليم بقتل الكائنين بالبلاد بادروا بقتل من يمكنهم قتله ومن بعد عنهم أرسلوا لهم العساكر في محلاتهم فيدهمونهم على حين غفلة ويقتلونهم وينهبون متاعهم وما جمعوه من المال ويرسلون برؤوسهم أو يتحيلون على القبض عليهم وقتلهم فصار يصل في كل يوم العدد من الرؤوس من قبلي وبحري ويضعونها على باب زويلة وباب القلعة ولم يقبلوا شفاعة في أحد أبدًا ويعطون الأمان للبعض فإذا حضروا قبضوا عليهم وشلحوهم ثيابهم وقتلوهم والباشا يعلم من كتخداه شدة الكراهة لجنس المماليك ففوض له الأمر فيهم حتى أنه كان بينه وبين محمد آغا كتخدا الجاويشية سابقًا بعض منافرة من مدة سابقة أو لكونه صاهر بعض الألفية وزوجه ابنته وكان غائبًا ببلدة يقال لها الفرعونية جارية في إقطاعه وتعهد بما عليها من الفرضة فذهب إليها بنفسه ليستخلص منها الفرضة والمال الميري فأرسل الكتخدا بك إلى كاشف المنوفية قبل الحادث بيوم يأمره فيه بأمره فأرسل إليه طائفة من العسكر دخلوا عليه في الفجرية وهو يتوضأ الصلاة الصبح فقتلوه وقطعوا رأسه وأحضروها إلى مصر وكانوا يأتون بأشخاص من بقايا البيوت القديمة فيمثلونهم بين يدي الكتخدا فيسألهم فيخبرون عن أنفسهم ونسبتهم فيكذبهم ويأمر بهم إلى الحبس الأعلى حتى يتبين أمرهم فإما تدركهم الألطاف فينجون بعد معاينة الموت وهذا في النادر فقتل في هذه الحادثة أكثر من ألف إنسان أمراء وأجناد وكشاف ومماليك ثم صاروا يحملون رممهم على الأخشاب ويرمونهم عند المغسل بالرميلة ثم يرفعونهم ويلقونهم في حفر من الأرض فوق بعضهم البعض لا يتميز الأمير عن غيره وسلخوا عدة رؤوس من رؤوس العظماء وألقوا جماجمهم المسلوخة على الرمم في تلك الحفر فكانت هذه الكائنة من أشنع الحوادث التي لم يتفق مثلها ولم ينج الألفية إلا أحمد بك زوج عديلة هانم بنت إبراهيم بك الكبير فإنه كان غائبًا بناحية بوش وأمين بك تسلق من القلعة وهرب من ناحية الشام وعمر بك أيضًا الألفي كان مسافرًا في ذلك اليوم إلى الفيوم فقتلوه هناك وبعثوا برأسه بعد خمسة أيام ومعها نحو الخمسة عشر رأسًا وأرسل دبوس أوغلي حاكم المنية خمسة وثلاثين رأسًا وحضر من ناحية بحري غير ذلك كثير‏.‏
وأما من قتل في ذلك اليوم ممن له ذكر وبلغني خبره فهم شاهين بك كبير الإلفية ويحيى بك ونعمان بك وحسين بك الصغير ومصطفى بك الصغير ومراد بك وعلي بك هؤلاء من الإلفية ومن غيرهم أحمد بك الكيلارجي ويوسف بك أبو دياب وحسن بك صالح ومرزوق بك بن إبراهيم بك تابعاه وقاسم بك تابع مراد بك الكبير وسليم بك الدمرجي ورستم بك الشرقاوي ومصطفى بك أيوب ومصطفى بك تابع عثمان بك حسن وعثمان بك إبراهيم وذو الفقار تابع جوجر وهو رجل كبير من الأقدمين البطالين هرب هو ومصطفى بك الجداوي وآخر عند صالح بك السلحدار والتجؤا إليه وطمنهم وأرسل بخبرهم فحضر الأمر بقطع رؤوسهم فأحضر المشاعلي وقطع رؤوسهم في مقعده وأرسلها‏.‏
ومن الأمراء الكشاف الإلفية فهم علي كاشف الخزندار وعثمان كاشف الحبشي ويحيى كاشف ومرزوق كاشف وعبد العزيز كاشف ورشوان كاشف وسليم كاشف ططر وقايد كاشف وجعفر كاشف وعثمان كاشف ومحمد كاشف أبو قطية وأحمد كاشف الفلاح وأحمد كاشف صهر محمد آغا وخليل كاشف قيطاس وأحمد كاشف وموسى كاشف وغير ذلك ممن لم يحضرني أسماؤهم وهم كثيرون وختم الله للجميع بالخير فإنه بلغني ممن عاينهم بالحبوس وفي حال القتل أنهم كانوا يقرأون القرآن وينطقون بالشهادتين والاستغفار وبعضهم طلب ماء وتوضأ وصلى ركعتين قبل أن يرمي عنقه ومن لم يجد ما تيمم ولاشتغال أهل المقتولين بأنفسهم وما حصل لهم من النهب والسلب والتشتيت عن أوطانهم لم يعوا ولم يسألوا عن موتاهم غير أم مرزوق بك بن إبراهيم بك الكبير فإنها وجدت عليه وجدًا عظيمًا وطلبته في القتلى فعرفوا جثته بعلامة فيه وجمجمته بكونه كان كريم العين فأخرجوه وكفنوه ودفنوه في تربتهم وذلك بعد مضي يومين من الحادثة واجتمع عندها الكثير من أهل المقتولين ونسائهم وأقاموا على ذلك شهورًا‏.‏
وفي الحادثة أرسل محرم بك صهر الباشا حاكم الجيزة فجمع مال المصرية بإقليم الجيزة في الربيع من الخيول والجمال والهجن وغيرها فكان شيئًا كثيرًا‏.‏
وفي 8 شهر صفر الخير سنة 1226 هـ - 4 مارس 1811 م نودي على نساء المقتولين بالأمان وأن يحضرن إلى بيوتهن ويسكن فيها مع كونها صارت بلاقع فرجع البعض وهن اللاتي لم يحصل لهن كثير الضرر وبقي البعض في اختفائه وأنعم الباشا على خواصه بالبيوت بما فيها فنزلوها وسكنوها وألبسوا النساء الخواتم وجددوا الفرش والأواني وغالبها من المنهوبات وأنعم ببيت شاهين بك على حسين آغا من أقاربه ولم يحصل به ما حصل بغيره لكونه ملاصقًا لبيت طاهر باشا وأرسل الباشا طائفة من العسكر جلسوا على بابه وأما أحمد بك الألفي فإنه وصله النذير فانتقل من بوش وذهب عند الأمراء القبالي ولما وصلتهم أخبار هذه الحادثة وبلغ إبراهيم بك موت ولده على هذه الصورة وأقاموا العزاء على إخوانهم ولبسوا السواد‏.‏
وفي ثاني يوم الوقعة حضر أحد الكشاف رسولًا من عند الأمراء القبليين يطلبون العفو من الباشا وأن يعطيهم جهة يتعيشون منها فوعده برد الجواب في غير الوقت فأهمله وما أدري ما تم له‏.‏
وفيه قلد الباشا مصطفى بك ابن أخته وجعله كبيرًا على طائفة الدلاة وكان أحضره من ناحية الشرقية ليذهب إلى قبلي وأقام بدله في كشوفية الشرقية علي كاشف بن أحمد كتخدا من المصرلية‏.‏
وفي 18 شهر صفر الخير سنة 1226 هـ - 14 مارس 1811 م عدى مصطفى بك المذكور إلى بر الجيزة ليسافر إلى قبلي ونصب وطاقه بحري القصر وعدي أيضًا الباشا وأقام بالقصر وشرع الدلاة في التعذية ليلًا ونهارًا‏.‏
وفيه أيضًا خرج عدة من عسكر الدلاة نحو الخمسمائة نفر إلى ناحية قبة العزب ليسافروا إلى بلادهم فاستمروا في قضاء أشغالهم أيامًا ثم سافروا‏.‏
وفي يوم الاثنين 23 شهر صفر الخير سنة 1226 هـ - 19 مارس 1811 م ارتحل مصطفى بك وانتقل إلى ناحية الشيخ عثمان مسافرًا إلى قبلي وعدي باشا راجعًا إلى مصر‏.‏
وفيه حضر ططريان من الروم يبشران بالعفو عن يوسف باشا المنفصل عن الشام وقبل فيه ترجي باشة مصر وشفاعته‏.‏
وفي يوم الأربعاء 25 شهر صفر الخير سنة 1226 هـ - 21 مارس 1811 م أحضروا من ناحية قبلي أربعة وستين شخصًا وأكثرهم من الذين كانوا مستوطنين بالبلاد من بقايا البيوت القديمة السنين العديدة ومحترفين فلما أحضروهم إلى مصر القديمة أبقوهم إلى الليل في محبس ثم أوقدوا المشاعل بساحل البحر وقطعوا رؤوسهم ورموا بجثثهم إلى البحر وأتوا بالرؤوس فوضعوها تجاه باب زويلة ليراها الناس كما رأوا غيرها‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول بيوم الثلاثاء سنة 1226‏.‏
وفي يوم الأحد 6 شهر ربيع الأول بيوم الثلاثاء سنة 1226 هـ - 31  مارس 1811 م عمل الباشا لابنه طوسون باشا موكبًا عظيمًا ونبهوا في ليلتها على اجتماع العسكر في صبحها ونزل هو إلى جامع الغورية ليتفرج على الموكب وصحبته حسن باشا واستعد لذلك السيد المحروقي وفرش له بالجامع المذكور فروشًا ومراتب ووسائد فمر الموكب وفي أوله طائفة الدلاة فلما فرغوا مروا بعشرة مدافع كبار على عربيات وعربيتين تحملان هونين قنابر وخلفهم طوائف العسكر الرجالة أرنؤد وأتراك وسجمان وهم كثيرون مختلطون من غير ترتيب مدة طويلة ثم كبارهم ركبانًا بطوائفهم ثم الوالي والمحتسب وآغات مستحفظان ثم طوائف صاحب الموكب وجنائبه وكذا هجنه ثم الجاويشية والسعاة والملازمون ثم طوسون باشا وخلفه أتباعه وأعوانه ثم الكتخدا وهو محمد كتخدا المعروف بالبرديسي وهو الذي كان كتخدا الألفي وصحبته الخازندار وخلفهم النوبة التركية ولما انقضى أمر الموكب دعاه المحروقي إلى منزله فنزل معه من باب السر الذي بالجامع المعروف بالغوري وصحبته حسن باشا وتوجهوا إلى بيت المحروقي وتغدى عنده هو وأتباعه وخواصيه وأحضر له آلات الطرب واستمر هناك إلى آخر النهار في حظ وكيف وقدم له المحروقي تعابي هدية ثم ركب عائدًا إلى محله‏.‏
وفي يوم الاثنين 14 شهر ربيع الأول سنة 1226 هـ - 8 إبريل 1811 م نزل الباشا إلى ترعة الفرعونية للاهتمام بسدها ونقل الأحجار في المراكب مستمر فأقام عند السد أربع ليال وذهب إلى الإسكندرية عندما أتته الأخبار بوجود مراكب الإنكليز لأجل مشترى الغلال فذهب ليبيع عليهم الغلال التي جمعها فباع عليهم كل أردب بمائة قرش رومي عنها أربعة آلاف فضة وأكثر واجتهد ببناء أسوار الإسكندرية وجدد بها أبراجًا وحصونًا وأرسل بطلب البنائين والصناع فجمعوهم من كل ناحية وطالت غيبته هناك وأقامته لتتميم أغراضه وأمن مشايخ عربان أولاد على المستولين على البحيرة وتحيل عليهم فلما حضروا إليه قبض عليهم وقرر عليهم أموالًا عظيمة ثم خلع عليهم وعوقهم وأرسل العساكر فنهبت نجوعهم وسبوا نساءهم وأولادهم ومواشيهم وأما كتخدا بك فإنه بمصر يقرر الفرض على البلاد هو والكتبة حسب أوامر مخدومه ونظموا كيفية أخرى وهي أنهم جمعوا الميرى والمضاف والفائظ والرزق إيراد أربع سنوات وكتبوا بها مراسيم بنصف المقرر ليقبض في دفعتين وبعد أن تقرر النصف الأول وتحصل منه ما تحصل وبقي الباقي مع النصف الآخر ويطلب من أربابه ولا بد لا مسامحة في شيء منه ومن نكفل بما تقرر على حصته وألزم نفسه بدفعه وكتب على نفسه وثيقة لأجل طولب به حتى قبل حلول الأجل لاحتياج المهمات فتتوجه عليه الحوالات بيد العساكر فينزلون بداره ويلازمونها ويضيقون أنفاسه ويكفلونه ما لا يطيق فلا يجد ملجأ ولا خلاصًا إلا بأحد الشيئين إما الدفع بأي وجه كان وإما ينزل عن حصته بالفراغ للديوان ولا يبقى بيده ما يتقوت به هو وعياله ويصبح فقيرًا لا يملك شيئًا إن لم يكن له إيراد من جهة أخرى‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني سنة 1226 25 أبريل و 23 مايو 18811 م والكتخدا يتنوع في استجلاب الأموال ويتحيل في استخراجها بأنواع من الحيل فمنها أنه يرسل إلى أهل حرفة من الحرف يأمرهم ببيع بضاعتهم بنصف ثمنها ويظهر أنه يريد الشفقة والرأفة بالناس ويرخص لهم في أسعار المبيعات وأن أرباب الحرف تعدوا الحدود في غلاء الأسعار فيجتمع أهل الحرفة ويضجون ويأتون بدفاترهم وبيان رأس مالهم وما ينضاف إليه من غلو جزئيات تلك البضاعة وما استحدث عليها من الجمارك والمكوس وغلو الأجر في البحر والبر فلا يستمع لقولهم ولا يقبل لهم عذرًا ويأمر بهم إلى الحبس فعند ذلك يطلبون الخلاص ويصالحون على أنفسهم بقدر من المال يدفعونه ويوزعون ذلك على أفرادهم فيما بينهم ثم يزيدون في سعر تلك البضاعة ليعوضوا غرامتهم من الناس معتذرين بتلك الغرامة وما حل بهم من الخسارة ثم تستمر الزيادة على الدوام وأظن استمرار الغرامة أيضًا فجمع بهذه الكيفية أموالًا عظيمة وهي في الحقيقة سلب أموال الناس من الأغنياء والفقراء‏.‏
وفي أواخره النصف الثانى من مايو 1811 م حضر الباشا من الإسكندرية على حين غفلة فبات بقصر شبرا ثم حضر إلى بيت الأزبكية فأقام به يومين ثم طلع إلى القلعة‏.‏
وفيه وصلت عساكر كثيرة من الأرنؤد والأتراك حتى غصت بهم المدينة فلا يكاد المار يقع بصره إلا عليهم أمام وخلف وبداخل الأزقة والعطف وذلك خلاف الذين أقرهم وأبقاهم في الإسكندرية ومن هو بالجهات والأقاليم القبلية والبحرية وما يعلم جنود ربك إلا هو‏.‏
وفيه اهتم الباشا بتشهيل العرضي اهتمامًا زائدًا وفرض على البلاد جمالًا وأتبانًا وغلالًا‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى سنة 1226 هـ 24 مايو - 22 يونية 1811 م وفيه ورد قاصد من الديار الرومية وعلى يده بشارة بأنه ولد للسلطان مولودة أنثى فعملوا لها شنكًا وهي مدافع تضرب من أبراج القلعة في الأوقات الخمسة ثلاثة أيام‏.‏
وفيه فرضوا فرضة بغال على مياسير الناس وأهل الحرف بغلة وبغلتين وثلاثة والذي لم يكن عنده بغلة تلزم بالشراء أو أنه يدفع ثمنها كيسًا عشرون ألف فضة‏.‏
وفيه انقطع الوارد من الديار الحجازية وغلا سعر البن حتى وصل إلى مائتين وسبعين نصف فضة كل رطل وقل وجوده من الأسواق والدكاكين فلا يوجد إلا مع المشقة وصنع الناس القهوة من أنواع الحبوب المحمصة كالشعير والقمح والفول وبزر العاقول وغيره مخلوطًا مع البن وبغير خلط‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية سنة 1226 هـ

في يوم الجمعة 20 شهر جمادى الثانية سنة 1226 هـ -  12 يولية 1811 م  خرج الباشا إلى البركة وطلب الجمال وقوافل العرب وشهل طائفة من العسكر للسفر إلى السويس فاهتموا بالدخول والخروج من المدينة وطفقوا يخطفون الحمير والبغال والجمال وكل ما صادفوه من الدواب ومن وجدوه راكبًا ولو من وجهاء الناس أنزلوه عن دابته وركبوها فانقبض الناس وانكمش غالبهم عن الركوب لمصالحهم وأخفوا حميرهم وبغالهم وأقام الباشا ثلاثة أيام جهة البركة ثم ركب إلى السويس‏.‏
وفيه وردت مراكب وداوات وفيها البن وذلك باستدعاء الباشا لها من ناحية جدة واليمن لأجل حمل العساكر واللوازم وانحل سعر البن قليلًا‏.‏
في يوم الاثنين 22 رجب سنة 1226 هـ -  12 أغسطس 1811 م  -الموافق 7مسرى القبطي 1527 ش أوفى النيل أذرعه وكسر السد في صبحها يوم الثلاثاء بحضرة كتخدا بك والباشا غائب بالسويس‏.‏ واستهل
ج3/110 

This site was last updated 03/02/09