Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

شهر شعبان سنة 1226 هـ
في 2 شهر شعبان سنة 1226 هـ - 22 أغسطس 1811م  سافر ديوان أفندي بمن بقي من العساكر البحرية وفي يوم الثلاثاء ثامنه حضر الباشا من السويس وشرع في تشهيل العساكر البرية‏.‏
وفي 15 شهر شعبان سنة 1226 هـ - 28 أغسطس 1811م  خرج الباشا إلى العادلية واجتهد في تشهيل سفر العساكر البرية اجتهادًا كبيرًا وجمع من أهل كل حرفة طائفة وكذلك من أهل كل صنعة والذي يعجز عن السفر يخرج عنه بدلًا وتعين من الفقهاء للسفر الشيخ محمد المهدي من الشافعية ومن الحنفية السيد أحمد الطحطاوي وشيخ حنبلي وصل من ناحية الشام وكانوا رسموا بإحضار السيد حسن كريت المالكي من رشيد والشيخ علي خفاجي من دمياط فحضروا واعتذروا فأعفيا من السفر ورجعا إلى بلديهما‏.‏
وفي هذا الشهر ظهر نجم له ذنب في جهة الشمال بين بنات نعش الصغرى وبين منار بنات نعش الكبرى رأسه جهة المغرب وذنبه صاعدًا إلى جهة المشرق وله مستطيل في مقدار الرمح واستمر يظهر في كل ليلة والناس ينظرون إليه ويتحدثون به ويسألون الفلكيين عنه ويبحثون عن دلائله وعن الملاحم المصنفة في ذوات الأذناب واستمر ظهوره قريبًا من ثلاثة أشهر واضمحل بعض جرمه ومشى إلى ناحية الجنوب وقرب من النسر الطائر‏.‏
واستهل شهر رمضان بيوم الأربعاء سنة 1226 هـ -

وفي يوم الخميس9 شهر رمضان سنة 1226 هـ  - 27 سبتمبر 1811م ارتحل العسكر من الحصوة ونزلوا ببركة الحج‏.‏
وفي يوم الأحد 12 شهر رمضان سنة 1226 هـ  - 30 سبتمبر 1811م ارتحلوا من البركة فكان مدة مكث العرضي من يوم الموكب إلى يوم ارتحالهم من البركة قريبًا من ستة أشهر ونصف والناس في أمر مريج في كل شيء‏.‏
وفيه خرج السيد محمد المحروقي ليسافر صحبة الركب وخرج في موكب جليل لأنه هو المشار إليه في رياسة الركب ولوازمه واحتياجاته وأمور العربان ومشايخها وأوصى الباشا ولده طوسون باشا أمير العسكر بأن لا يفعل شيئًا من الأشياء إلا بمشورته واطلاعه ولا ينفذ أمرًا من الأمور إلا بعد مراجعته‏.‏
وفيه وردت الأخبار بأن العساكر البحرية ملكوا ينبع البحر ونهبوا ما كان فيه من ودائع التجار وذلك أنه كان بمرساة الينبع عدة مراكب وأدوات والشريف غالب أمير مكة يكاتب الباشا ويراسله ويظهر له النصح والصداقة وخلوص المودة والباشا أيضًا يراسله ويكاتبه وأرسل له السيد سلامة النجاري والسيد أحمد المنلا الترجمان المحروقي بمراسلات وجوابات مرارًا عديدة فكأنا هما السفيرين بينهما وأيضًا الشريف في كل كتابة مع كل مرسل يعاهد الباشا ويعاقده ويواعده بنصر عساكره متى وصلت وينافق للطرفين الذي هو العثماني والوهابي ويداهنهما أما الوهابي فلخوفه منه وعدم قدرته عليه فيظهر له الموافقة والامتثال وأنه معه على العهود التي عاهده عليها من ترك الظلم واجتناب البدع ونحو ذلك ويميل باطنًا للعثمانيين لكونه على طريقتهم ومذاهبهم وتعاقد مع الباشا أنه متى وصلت عساكره قام بنصرتهم وساعدهم بكليته وجميع همته وأرسل إلى المراكب الكائنة بمرساة الينبع بأن ينقلوا ما فيها من مال التجار وغيرهم ويودعوه قلعة الينبع تحت وزيره وترك معه نحو الخمسمائة مع عسكره وأخذ المراكب فأوسقها من بضائعه وبهاره ورنه وأرسلها إلى السويس لتباع بمصر ثم توسق بمهمات العسكر البحرية فلما وصلت مراكب العساكر البحرية وألقت مراسيها قبالة الينبع احتاجوا إلى الماء فلم يسعفوهم بالماء فطلع طائفة من العسكر إلى البر في طلب عين الماء فمانعهم من عندها مرابط فقاتلوهم وطردوهم ومنعوهم عن الماء وفي حال رجوعهم رموا عليهم من القلعة المدافع والرصاص والحال أن الأمر مبهم على الفريقين فعند ذلك استعدت العساكر لمحاربة من بالقلعة واحتاطوا بها وضربوا عليها القنابل والمدافع وركبوا على سورها سلالم وصعدوا عليها وتسلقوا على سور القلعة من غير مبالاة بالرصاص النازل عليهم من الكائنين بالقلعة فملكوا القلعة وقتلوا من كان بها ولم ينج منهم إلا الوزير ومعه ستة أنفار خرجوا هاربين على الخيول ونهبوا كل ما كان بالينبع من الودائع والأموال والأقمشة والبن وسبوا النساء والبنات الكائنات بالبندر وأخذوهن أسرى ويبيعوهن على بعضهم البعض ووصل المبشرون بذلك في عشرينه فضربوا لذلك مدافع من القلعة كثيرة وعملوا شنكًا وطافت المبشرون على بيوت الأعيان ليأخذوا منهم البقاشيش وأرسلوا بتلك البشارة شخصًا معينًا كبيرًا إلى إسلامبول يبشرون أهل الدولة وسلطان الإسلام وكان ذلك أول فتح حصل‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الجمعة سنة 1226 وكان حقه أن يكون بيوم السبت لأن الهلال لم يكن موجودًا ليلة الجمعة ولم يره ليلة السبت إلا النادر من الناس وكان قوسه ليلة السبت عشر درجات‏.‏
وفي 16 شهر شوال سنة 1226 هـ  - 2 نوفمبر 1811م وصلت هجانة ومكاتبات من عساكر البر يخبرون بوصولهم إلى بندر المويلح في اليوم السابع من الشهر وكان العيد عندهم بمغاير شعيب يوم السبت‏.‏
واستهل شهر ذي القعدة بيوم الأحد 1226 بيوم الأحد - - 17 نوفمبر 1811 م فيه وصلت حجاج المغاربة في عدة مراكب على ظهر البحر وتلف منهم نحو ثلاثة مراكب وحضر بعدهم بأيام الركب الطرابلسي ونزل بساحل بولاق‏.‏
وفي 6 شهر ذي القعدة سنة 1226 هـ  - 22 نوفمبر 1811م حضر أيضًا الركب الفاسي وفيهم ابن سلطان الغرب مولاي إبراهيم ابن مولاي سليمان فاعتنى الباشا بشأنه وأرسل كتخدا بك لملاقاته وقد له تقادم وأعدوا له منزل على كاشف بالقرب من بيت المحروقي لينزل فيه وتقيد بخدمته الرئيس حسن المحروقي وحواشيهم لمطبخه وكلف طعامه فلما عدى طلع إلى القلعة وقابل الباشا ونزل إلى المنزل الذي أعده له وأمامه قواسة أتراك وطرادون وأشخاص أتراك يضربون على طبلات وأمامه جميع المغاربة مشاة ويأمرون الناس الجالسين بالحوانيت بالقيام له على أقدامهم فأقام خمسة أيام حتى قضى أشغاله وفي تلك المدة تغدو إليه وتروح رسل الباشا وأرسل له هدية وذخيرة من كل صنف سكر وعسل وسمن ودقيق وبقسماط وأشياء أخر وبارود وأعطى له ألف بندقية لضرب الرصاص وبرز في عاشره وسافروا في ثاني عشره‏.‏
وفي يوم الخميس 19 شهر ذي القعدة سنة 1226 هـ  - 5 ديسمبر 1811م وصلت هجانة على أيديهم مكاتبات خطابًا إلى الباشا وغيره وفيهم الخبر بأن العسكر البري اجتمع مع العسكر البحري وأخذوا ينبع البر من غير حرب وأن العربان أتت إليهم أفواجًا وقابلوا طوسون باشا وكساهم وخلع عليهم ثم انقطعت الأخبار‏.‏
فى يوم الثلاثاء 1 شهر ذي الحجة سنة 1226 هـ  - 31 ديسمبر 1811م

في منتصفه وصلت هجانة ومعهم رؤوس قتلى ومكاتبات مؤرخة في منتصف شهر القعدة مضمونها أنهم وصلوا إلى ينبع البر في حادي عشرين شوال واجتمع هناك العسكران البري والبحري وأنهم ملكوا قرية ابن جبارة من الوهابية وتسمى قرية السويق وفر ابن جبارة هاربًا وحضرت عربان كثيرة وقابلوا ابن الباشا وأنهم مقيمون وقت تاريخه في منزلة الينبع منتظرين وصول الذخيرة وعاق المراكب ريح الشتاء المخالف وأنه ورد عليهم خبر ليلة أربعة عشر شهره بأن جماعة من كبار الوهابية حضروا بنحو سبعة آلاف خيال وفيهم عبد الله بن مسعود وعثمان المضايفي ومعهم مشاة وقصدوا أن يدهموا العرضي على حين غفلة فخرج إليهم شديد شيخ الحويطات ومعه طوائفه ودلاة وعساكر فوافاهم قبل شروق الشمس ووقع بينهم القتال والوهابية يقولون هاه يا مشركون وانجلت الحرب عن هزيمة الوهابية وغنموا منهم نحو سبعين هجينًا من الهجن الجياد محملة أدوات وكانت الحرب بينهم مقدار ساعتين هذا ملخص ما ذكره

وفي وفي يوم الجمعة 25 شهر ذي الحجة سنة 1226 هـ  - 10 يناير 1811م وصلت قافلة من السويس وحضر فيها جاويش باشا وصحبته مكاتبات وحضر أيضًا السيد أحمد الطحطاوي والشيخ الحنبلي وأخبروا أن العرضي ارتحل من ينبع البر في سابع عشر ذي القعدة ووصلوا إلى منزل الصفراء والجديدة ونصبوا عرضيهم وخيامهم ووطاقاتهم بالقرب من الجبال فوجدوا هناك متاريس وأحجارًا فحاربوا على أول متراس حتى أخذوه ثم أخذوا متراسًا آخر وصعدت العساكر إلى قلل الجبال فهالهم كثرة الجيش وسارت الخيالة في مضيق الجبال هذا والحرب قائمة في أعلى الجبال يومًا وليلة إلى بعد الظهيرة من يوم الأربعاء ثالث عشرى القعدة فما يشعر السفلانيون إلا والعساكر الذين في الأعالي هابطون منهزمون فانهزموا جميعًا وولوا الأدبار وطلبوا جميعًا الفرار وتركوا خيامهم وأحمالهم وأثقالهم وطفقوا ينهبون ويخطفون ما خف عليهم من أمتعة رؤسائهم فكان القوي منهم يأخذ متاع رفيقه الضعيف ويأخذ دابته ويركبها وربما قتله وأخذ دابته وساروا طالبين الوصول إلى السفائن بساحل البريك لأنهم كانوا أعدوا عدة مراكب بساحل البريك من باب الاحتياط ووقع في قلوبهم الرعب واعتقدوا أن القوم في أثرهم والحال أنه لم يتبعهم أحد لأنهم لا يذهبون خلف المدبر ولو تبعوهم ما بقي منهم شخص واحد فكانوا يصرخون على القطائر فتأتي إليهم القطيرة وهي لا تسع إلا القليل فيتكاثرون ويتزاحمون على النزول فيها فيصعد منهم الجماعة ويمنعون البواقي من إخوانهم فإن لم يمتنعوا مانعوهم بالبنادق والرصاص حتى كانوا من شدة حرصهم وخوفهم واستعجالهم على النزول في القطائر يخوضون في البحر إلى رقابهم وكأنما العفاريت في أثرهم تريد خطفهم وكثير من العسكر والخدم لما شاهدوا الازدحام على اسكة البريك ذهبوا مشاة إلى ينبع البحر ووقع التشتيت في الدواب والأحمال والخلائق من الخدم وغيرهم ورجع طوسون باشا إلى ينبع البحر بعد أن تغيب يومًا عن معسكره حتى أنهم ظنوا فقده ورجع أيضًا المحروقي وديوان أفندي واستقروا بالينبع وترك المحروقي خيامه بما فيها فنزل بها طائفة من العسكر المنهزمين وهم على جهد من التعب والجوع فوجدوا بها المآكل والحلاوات وأنواع الملبسات والكعك المصنوع بالعجمية والسكر المكرر والغربيات والخشكنانكات والمربيات وأنواع الشرابات فوقعوا عليها أكلًا ونهبًا ولما تحققوا أن العرب لم تتبعهم ولم تأت في إثرهم أقاموا على ذلك يومين حتى استوفوا أغراضهم وشبعت بطونهم وارتاحت أبدانهم ثم لحقوا بإخوانهم فكانوا هم أثبت القوم وأعقلهم ولو كان على غير قصد منهم فكان مدة لإقامة المعسكر والعرضي بينبع البر أربعة وعشرين يومًا وأما الخيالة فإنهم اجتمعوا وساروا راجعين إلى المويلح وقد أجهدهم التعب وعدم الذخيرة والعليق حتى حكوا أنهم كانوا قبل الواقعة يعلقون على الجمل بنصف قدح قمح مسوس وكانت علائفهم في كل يوم أربعمائة وخمسين أردبًا وأما المحروقي فإن كبار العسكر قامت عليه وأسمعوه الكلام القبيح وكادوا يقتلونه فنزل في سفينة وخلص منهم وحضر من ناحية القصير وحضر الكثير من أتباعه وخدمه متفرقين إلى مصر فأما الذين ذهبوا إلى المويلح فهم تأمر كاشف وحسن بك دالي باشا وآخرون فأقاموا هناك في انتظار إذن الباشا في رجوعهم إلى مصر أو عدم رجوعهم وأما صالح آغا قوج فإنه عندما نزل السفينة كر راجعًا إلى القصير واستقل برأيه لأنه يرى في نفسه العظمة وأنه الأحق بالرياسة ويسفه رأي المحروقي وطوسون باشا ويقول هؤلاء الصغار كيف يصلحون لتدبير الحروب ويصرح بمثل هذا الكلام وأزيد منه وكان هو أول منهزم وعلم كل ذلك الباشا بمكاتبات ولده طوسون فحقده في نفسه وتمم ذلك بسرعة رجوعه إلى القصير ولم ينتظر إذنًا في الرجوع أو المكث ولما حصل ذلك لم يتزلزل الباشا واستمر على همته في تجهيزه عساكر أخرى وبرزوا إلى خارج البلدة وفرض على البلاد جمالًا ذكر أنها من أصل الغرائم والفرض في المستقبل وكذلك فرض غلالًا فكان المفروض على إقليم الشرقية خاصة اثني عشر ألف أردب بعناية علي كاشف قابله الله بما يستحق وانقضت السنة بحوادثها التي منها هذه الحادثة وأظنها طويلة الذيل‏.‏
ومنها أن النيل هبط قبل الصليب بأيام قليلة بعد أن بلغ في الزيادة مبلغًا عظيمًا حتى غرق الزرع الصيفي والدراوي ولما انحسر عن الأرض زرعوا البرسيم والوقت صائف والحرارة مستجنة في الأرض فتولدت فيه الدودة وأكلت الذي زرع فبدروه ثانية فأكلته أيضًا وفحش أمر الدودة جدًا في الزرع البدري وخصوصًا بإقليم الجيزة والقليوبية والمنوفية بل وباقي الأقاليم‏.‏
ومنها أن الباشا أحدث ديوانًا ورتبوه ببيت البكري القديم بالأزبكية وأظهر أن هذا الديوان لمحاسبة ما يتعلق به من البلاد ومحاسباتها والقصد الباطني غير ذلك وقيد به إبراهيم كتخدا الرزاز والشيخ أحمد يوسف كاتب حسن أفندي الروزنامجي وما انضم إليهم من الكتبة المسلمين دون الأقباط ليحرروا به قوائم المصروف والمضاف والبراني فكانوا يجلسون لذلك كل يوم ما عدا يوم الجمعة ثم تطرق الحال لسور بلاد الباشا وهو أن الكثير من الفلاحين لما سمعوا ذلك أتوا من كل ناحية إلى مصر وكتبوا عرضحالات إلى كتخدا بك وللباشا يتظلمون من أستاذيهم وينهون أنهم يزيدون عليهم زيادات في قوائم المصروف ويشددون عليهم في طلب الفرض أو بواقيها فيدفعهم الباشا أو الكتخدا إلى ذلك الديوان المحدث لينظر في أمورهم ويصحبهم معين تركي مباشر يأتي بالملتزم أيضًا والفلاحين والشاهد والصراف وقوائم المصروف لأجل المحاققة فعند ذلك يتعنت إبراهيم كتخدا في القوائم ويطلب قوائم السنين الماضية المختومة ونحو ذلك ولما فشا هذا الأمر وأشيع في البلدان أتت طوائف الفلاحين أفواجًا إلى هذا الديوان يطلبون الملتزمين ويخاصمونهم ويكافحونهم فيكون أمرًا مهولًا وغاية في الزحام والعياط والشباط وكذلك رفعوا المعلم منصور ومن معه من الكتبة من مباشرة ديوان ابنه إبراهيم بك الدفتردار وقيدوا بدلهم السيد محمد غانم الرشيدي ومحمد أفندي سليم ومن انضم إليهم وأظهر الباشا أنه يفعل ذلك لما علمه من خيانة الأقباط والقصد الخفي خلاف ذلك وهو الاستيلاء والاستحواذ الكلي والجزئي وقطع منفعة الغير ولو قليلًا فيضرب هذا بهذا والناس أعداء بعضهم لبعض وقلوبهم متنافرة فيغري هذا بذاك وذاك بهذا ومن الناس من سمى هذا الديوان ديوان الفتنة‏.‏
ومنها الزيادة الفاحشة في صرف المعاملة والنقص في وزنها وعيارها وذلك أن حضرة الباشا أبقى دار الضرب على ذمته وجعل خاله ناظرًا عليها وقرر لنفسه عليها في كل شهر خمسمائة كيس بعد أن كان شهريتها أيام نظارة المحروقي خمسين كيسًا في كل شهر ونقصوا وزن القروش نحو النصف عن القرش المعتاد وزادوا في خلطه حتى لا يكون فيه مقدار ربعه من الفضة الخالصة ويصرف بأربعين نصفًا وكذلك المحبوب نقصوا من عياره ووزنه ولما كان الناس يتساهلون في صرف المحبوب والريال الفرانسة ويقبضونها في خلاص الحقوق من المماطلين والمفلسين وفي المبيعات الكاسدة بالزيادة لضيق المعايش حتى وصل صرف الريال إلى مائتين وخمسين نصفًا والمحبوب إلى مائتين وثمانين ثم زاد الحال في التساهل في الناس بالزيادة أيضًا عن ذلك فينادي الحاكم بمنع الزيادة ويمشي الحال أياما قليلة ويعود لما كان أو أزيد فتحصل المناداة أيضًا ويعقبونها بالتشديد والتنكيل بمن يفعل ذلك ويقبض عليه أعوان الحاكم ويحبس ويضرب ويغرمونه غرامة وربما مثلوا به وخرموا أنفه وصلبوه على حانوته وعلقوا الريال في أنفه ردعًا لغيره وفي أثناء ذلك إذا بالمناداة بأن يكون صرف الريال بمائتين وسبعين والمحبوب بثلثمائة وعشرة فاستمع وتعجب من هذه الأحكام الغريبة التي لم يطرق سمع سامع مثلها هذا مع عدم الفضة العديدة في أيدي الناس فيدور الشخص بالقرش وهو ينادي على صرفه بنقص أربعة أنصاف نصف يوم حتى يصرفه بقطع إفرنجية منها ما هو باثني عشر أو خمسة وعشرين أو خمسة فقط أو يشتري من يريد الصرف شيئًا من الزيادات أو الخضري أو الجزار ويبقى عنده الكسور الباقية يعده بغلاقها فيعود إليه مرارًا حتى يتحصل عنده غلاقها وليس هو فقط بل أمثاله كثير وسبب شحة الفضة العددية أنه يضرب منها كل يوم بالضربخانة ألوف مؤلفة يأخذها التجار بزيادة مائة نصف في كل ألف يرسلونها إلى بلاد الشام والروم ويعوضون بدلها في الضربخانة الفرانسة والذهب لأنها تصرف في تلك البلاد بأقل مما تصرف به في مصر وزاد الحال بعد هذا التاريخ حتى استقر على صرف الألف مائتين وتقرر ذلك في حساب الميري فيدفع الصارف ثلاثين قرشًا عنها ألف ومائتان ويأخذ ألفًا فقط والفرانسة والمحبوب بحسابه المتعارف بذلك الحساب والأمر لله وحده‏.‏
ثم دخلت سنة 1227 هـ وما تجدد بها من الحوادث فكان ابتداء المحرم بالرؤية يوم الخميس في 10 المحرم 1227 هـ - 25 يناير 1812 م  وصل كثير من كبار العسكر الذين تخلفوا بالمويلح فحضر منهم حسين بك دالي باشا وغيره فوصلوا إلى قبة النصر جهة العادلية ودخلت عساكرهم المدينة شيئًا فشيئًا وهم في أسوأ حال من الجوع وتغير الألوان وكآبة المنظر والسجن ودوابهم وجمالهم في غاية العي ويدخلون إلى المدينة في كل يوم ثم دخل أكابرهم إلى بيوتهم وقد سخط عليهم الباشا ومنع أن لا يأتيه منهم أحد ولا يراه وكأنهم كانوا قادرين على النصرة والغلبة وفرطوا في ذلك ويلومهم على الانهزام والرجوع وطفقوا يتهم بعضهم البعض في الانهزام فتقول الخيالة سبب هزيمتنا القرابة وتقول القرابة بالعكس ولقد قال لي بعض أكابرهم من الذين يدعون الصلاح والتورع أين لنا بالنصر وأكثر عساكرنا على غير الملة وفيهم من لا يتدين بدين ولا ينتحل مذهبًا وصحبتنا صناديق المكسرات ولا يسمع في عرضينا أذان ولا تقام به فريضة ولا يخطر في بالهم ولا خاطرهم شعائر الدين والقوم إذا دخل الوقت أذن المؤذنون وينتظمون صفوفًا خلف إمام واحد بخشوع وخضوع وإذا حان وقت الصلاة والرحب قائمة أذن المؤذن وصلوا صلاة الخوف فتتقدم طائفة للحرب وتتأخر الأخرى للصلاة وعسكرنا يتعجبون هلموا إلى حرب المشركين المحلقين الذقون المستبيحين الزنا واللواط الشاربين الخمور التاركين للصلاة الآكلين الربا القاتلين الأنفس المستحلين المحرمات وكشفوا عن كثير من قتلى العسكر فوجدوهم غلفًا غير مختونين ولما وصلوا بدرًا واستولوا عليها وعلى القرى والخيوف وبها خيار الناس وبها أهل العلم والصلحاء نهبوهم وأخذوا نسائهم وبناتهم وأولادهم وكتبهم فكانوا يفعلون فيهم ويبيعونهم من بعضهم لبعض ويقولون هؤلاء الكفار الخوارج حتى اتفق أن بعض أهل بدر الصلحاء طلب من بعض العسكر زوجته فقال له حتى تبيت معي هذه الليلة وأعطيها لك في الغد‏.‏
وفيه خرج العسكر المجرد إلى السويس وكبيرهم بونابارته الخازندار ليذهب لمحافظة الينبع صحبة طوسون باشا‏.‏
وفيه وصل جماعة من الإنكليز وصحبتهم هدية إلى الباشا وفيها طيور ببغا هندية خضر الألوان وملونة وريالات فرانسة ونقود معبأة في براميل وحديد وآلات ومجيئهم وحضورهم في طلب أخذ الغلال وفي كل يوم تساق المراكب المشحونة بالغلال إلى بحري وكلما وردت مراكب سيرت إلى بحري حتى شحت الغلال وغلا سعرها وارتفعت من السواحل والرقع ولا يكاد يباع إلا ما دون الويبة وكان سعر الأردب من أربعمائة نصف إلى ألف ومائتين والفول كذلك وربما كان سعره أزيد من القمح لقلته فإنه هاف زرعه في هذه السنة ولم يتحصل من رميه إلا نحو التقاوى وحصل للناس في هذه الأيام شدة بسبب ذلك ثم بعد قليل وردت غلال وانحلت الأسعار وتواجدت الغلال بالسواحل والرقع‏.‏
وفي يوم الخميس 15 المحرم 1227 هـ - 30 يناير 1812 م حضر رجل نصراني من جبل الدروز وتوصل إلى الباشا وعرفه أنه يحسن الصناعة بدار الضرب ويوفر عليه كثيرًا من المصاريف وأنها بها نحو الخمسمائة صانع وأن يقوم بالعمل بأربعين شخصًا لا غير وأنه يصنع آلات وعدد الضرب القروش وغيرها ولا تحتاج إلى وقود نيران ولا كثير من العمل فصدق الباشا قوله وأمر بأن يفرد له مكان ويضم إليه ما يحتاجه من الرجال والحدادين والصناع ليعمل لصناعته العدد والآلات التي يحتاجه وشرع في أشغاله واستمر على ذلك شهورًا‏.‏
وفيه التفت الباشا إلى خدمة الضربخانة وأفنديتها وطمعت نفسه في مصادرتهم وأخذ الأموال لما يرى عليهم من التجمل في الملابس والمراكب لأن من طبعه داء الحسد والشره والطمع والتطلع لما في أيدي الناس وأرزاقهم فكان ينظر إليهم ويرمقهم وهم يغدون ويروحون إلى الضربخانة هم وأولادهم راكبون البغال والرهوانات المجملة وحولهم الخدم والأتباع فيسأل عنهم ويستخبر عن أحوالهم ودورهم ومصارفهم وقد اتفق أنه رأى شخصًا خرج آخر الصناع وهو راكب رهوانًا وحوله ثلاثة من الخدم فسأل عنه فقيل له أن هذا البواب الذي يغلق باب الضربخانة بعد خروج الناس منها ويفتحه لهم في الصباح فسأل عن مرتبه في كل يوم فعرفوه أن له في كل يومين قرشين لا غير فقال أن هذا المرتب له لا يكفي خدمه الذين هم حوله فكيف بمصرف داره وعليق دوابه وجميع لوازمه مما ينفقه ويحتاجه في تجملاته وملابسه وملابس أهله وعياله أن هؤلاء الناس كلهم سراق وكل ما هم فيه من السرقة والاختلاس ولا بد من إخراج الأموال التي اختلسوها وجمعوها وتناجى في ذلك مع العلم غالي وقرنائه ثم طلب أولًا إسمعيل أفندي ليلًا وهو الأفندي الكبير وقال له عرفني خيانة فلان النصراني وفلان اليهودي المورد فقال لا أعلم على أحد منهم خيانة وهذا شيء يدخل بالميزان ويخرج بالميزان ثم صرفه وأحضر النصراني وقال له عرفني بخيانة إسمعيل أفندي وأولاده والمداد إبراهيم أفندي الخضراوي الختام وغيره فلم يزد على ما قاله إسمعيل أفندي ثم أحضر الحاج سالم الجواهرجي وهدده فلم يزد على قول الجماعة شيئًا فقال الجميع شركاء لبعضهم البعض ومتفقون على خيانتي ثم أمر بحبس الحاج سالم وأحضر شخصًا آخر من الجواهرجية يسمى صالح الدنف وألبسه فروة وجعله في خدمة الحاج سالم ثم ركب الباشا إلى بيت الأزبكية وطلب إسمعيل أفندي ليلًا هو وأولاده فأحضروهم بجماعة من العسكر في صورة هائلة وهددهم بالقتل وأمر بإحضار المشاعلي فأحضروه وأوقدوا المشاعل وسعت المتكلمون في العفو عنهم من القتل وقرروا عليهم مبلغًا عظيمًا من الأكياس التزموا بدفعها خوفًا من القتل ففرضوا على الحاج سالم بمفرده سبعمائة وخمسين كيسًا وعلى إبراهيم المداد مائتي كيس وعلى أحمد أفندي الوزان مائتي كيس وعلى أولاد الشيخ السحيمي مائتي كيس لأن لهم بها آلات ختم ووظائف يستغلون أجرتها وأخذ الجماعة في تحصيل ما فرض عليهم فشرعوا في بيع أمتعتهم وجهات إيرادهم ورهنوا وتداينوا بالربا وحولت عليهم الحوالات لطف الله بنا وبهم‏.‏
واستهل شهر صفر الخير بيوم الجمعة سنة 1227

في يوم الخميس 7 صفر 1227 هـ - 21 فبراير 1812 م حضر السيد محمد المحروقي إلى مصر ووصل من طريق القصير ثم ركب بحر النيل ولم يحضر الشيخ المهدي بل تخلف عنه بقنا وقوص لبعض أغراضه‏.‏
وفيه ألبس الباشا صالح آغا السلحدار خلعة سر عسكر التجريدة المتوجهة على طريق البر إلى

وفي يوم الأحد 10 صفر 1227 هـ - 24 فبراير 1812 م ورد قابجي وعلى يده مرسوم ببشارة مولود ولد للسلطان محمود وتسمى بمراد وصحبته أيضًا مقرر للباشا على ولاية مصر فضربوا مدافع وطلع إلى القلعة في موكب وقرئت المراسيم وعملوا شنكًا ومدافع تضرب في الأوقات الخمسة سبعة أيام من القلعة والأزبكية وبولاق والجيزة‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول سنة 1227 في حضر إبراهيم بك ابن الباشا من الجهة القبلية‏.‏
وفي يوم ألأحد 15  شهر ربيع الأول 1227 هـ - 29 مارس 1812 م حضر أحمد آغا لاظ الذي كان أميرًا بقنا وقوص وباقي الكشاف بعد أن راكوا جميع البلاد القبلية والأراضي وفوضوا عليها الأموال على كل فدان سبعة ريالات وهو شيء كثير جدًا وأخصوا جميع الرزق الأحباسية المرصدة على المساجد والبر الصدقة بالصعيد ومصر فبلغت ستمائة ألف فدان وأشاعوا بأنهم يطلقون للمرصد على المساجد خاصة نصف المفروض وهو ثلاثة ريال ونصف فضجت أصحاب الرزق وحضر الكثير منهم يستغيثون بالمشايخ فركبوا إلى الباشا وتكلموا معه في شأن ذلك وقالوا له هذا يترتب عليه خراب المساجد فقال وأين المساجد العامرة الذي لم يرض بذلك يرفع يده وأنا أعمر المساجد المتخربة وأرتب لها ما
وفي أواخره انتقل السيد عمر مكرم النقيب من دمياط إلى طندتا وسكن بها‏.‏
وسبب ذلك أنه لما طالت إقامته بدمياط وهو ينتظر الفرج وقد أبطأ عليه وهو ينتقل من المكان الذي هو فيه إلى مكان آخر على شاطئ البحر وتشاغل بعمارة خان أنشأه هناك والحرس ملازمون له فلم يزل حتى ورد عليه صديق أفندي قاضي العسكر فكلمه بأن يتشفع له عند الباشا في انتقاله إلى طندتا ففعل وأجاب الباشا إلى ذلك‏.‏ واستهل
شهر ربيع الآخر سنة 1227
في 4 شهر ربيع الأول 1227 هـ - 17 أبريل 1812 م الحجاج المغاربة ووصل أيضًا مولاي إبراهيم ابن السلطان سليمان سلطان الغرب وسبب تأخرهم إلى هذا الوقت أنهم أتوا من طريق الشام وهلك الكثير من فقرائهم المشاة وأخبروا أنهم قضوا مناسكهم وحجوا وزاروا المدينة وأكرمهم الوهابية إكرامًا زائدًا وذهبوا ورجعوا من غير طريق العسكر‏.‏
وفي 10 شهر ربيع الأول 1227 هـ - 23 أبريل 1812 م حضر تامر كاشف ومحو بك وعبد الله وهم الذين كانوا عند طوسون باشا ثم حضروا في هذه الأيام باستدعاء الباشا وكان محو بك في مركب من مراكب الباشا الكبار التي أنشأها فانكسر على شعب وهلك من عسكره أشخاص ونجا هو بمن بقي معه وأخبروا عنه أنه كان أول من تقدم في البحر هو وحسين بك فقتل من عسكرهما الكثير من دون البقية الذين استعجلوا الفرار‏.‏
وفيه خرجت أوراق الفرضة على نسق العام الأول عن أربع سنوات مال وفائظ ومضاف وبراني ورزق وأوسية واستقر طلبها في دفعة واحدة ويؤخذ من أصل حسابها الغلال من الأجران بحساب ثمانية ريال كل أردب ويجمع غلال كل إقليم في نواحي عينوها لتساق إلى الإسكندرية وتباع على الإفرنج فشحت الغلال وغلا سعرها مع كون الفلاح لا يقدر على رفع غلته المتحصلة له من زراعة أرضه التي غرم عليها المغارم بطول السنة بل تؤخذ منه قهرًا مع الإجحاف في الثمن والكيل بحيث يكال الأردب أردبًا ونصفًا ثم يلزمونه بأجرة حملها للمحل المعد لذلك ويلزم أيضًا بأجرة الكيال وعوائد المباشرين لذلك من الأعوان وخدمة الكشوفية وأجرة المعادي وبعض البلاد يطلق له الإذن بدفع المطلوب بالثمن والبعض النصف غلال والنصف الآخر دراهم حسب رسم المعلم غالي وأوامره وإذنه فإنه هو المرخص في الأمر والنهي فيبيع المأذون له غلته بأقصى قيمة بمرأى من المسكين الآخر الذي لم تسعده الأقدار وحضر الكثير من الفلاحين وازدحموا بباب المعلم غالي وتركوا بيادرهم وتعطلوا عن الدرس‏.‏
وفي ليلة الاثنين 15 شهر ربيع الأول 1227 هـ - 28 أبريل 1812 م ذهب الباشا إلى قصر شبرا وسافر تلك الليلة إلى ثغر الإسكندرية ورجع ابنه إبراهيم بك إلى الجهة القبلية وكذلك أحمد آغا لاظ لتحرير وقبض الأموال‏.‏
وفيه ورد الخبر بأن العسكر بقبلي ذهبوا خلف الأمراء القبليين الفارين إلى خلف ابريم وضيقوا عليهم الطرق وماتت خيولهم وجمالهم وتفرق عنهم خدمهم واضمحل حالهم وحضر عدة من مماليكهم وأجنادهم إلى ناحية أسوان بأمان من الأتراك فقبضوا عليهم وقتلوهم عن آخرهم وفعلوا قبل ذلك بغيرهم كذلك‏.‏
وفي أواخره منتصف مايو 1812 م سافر عدة من عسكر المغاربة إلى الينبع ووصل جملة كبيرة من عسكر الأروام إلى الإسكندرية فصرف عليهم الباشا علائف وحضروا إلى مصر وانتظموا في سلك من بها ويعين منهم للسفر من يعين‏.‏
وفيه وقعت حادثة بخط الجامع الأزهر وهو أنه من مدة سابقة من قبل العام الماضي كان يقع بالخطة ونواحيها من الدور والحوانيت سرقات وضياع أمتعة وتكرر ذلك حتى ضج الناس وكثر لغطهم وضاع تخمينهم فمن قائل أنه مسترعيات يدخلون في نواحي السور ويتفرقون في الخطة ويفعلون ما يفعلون ومنهم من يقول أن ذلك فعل طائفة من العسكر الذين يقال لهم الحيطة في بلادهم إلى غير ذلك ثم في تاريخه سرق من بيت امرأة رومية صندوق ومتاع فاتهمت أشخاصًا من العميان المجاورين بزاويتهم تجاه مدرسة الجوهرية الملاصقة للأزهر فقبض عليهم الآغا وقررهم فأنكروا وقالوا لسنا سارقين وإنما سمعنا فلانًا سموه وهو محمد ابن أبي القاسم الدرقاوي المغربي المنفصل عن مشيخة رواق المغاربة ومعه أخوته وآخرون ونعرفه بصوته وهم يتذاكرون في ذلك ونحن نسمعهم فلما تحققوا ذلك وشاع بين الناس والأشياخ ذهب بعضهم إلى أبي القاسم وخاطبوه وكلموه سرًا وخوفوه من العاقبة وكان المذكور جعل نفسه مريضًا ومنقطعًا في داره فغالطهم فقالوا له نحن قصدنا بخطابك التستر على أهل الخرقة المنتسبين إلى الأزهر في العمل بالشريعة وأخذ العلم أو ما علمت ما قد جرى في العام السابق من حادثة الزغل وغير ذلك فلم يزالوا به حتى وعدهم أنه يتكلم مع أولاده ويفحصون على ذلك بنباهتهم ونجابتهم‏.‏
وفي اليوم الثالث وقيل الثاني أرسل أبو القاسم المذكور فأحضر السيد أحمد الذي يقال له جندي المطبخ وابن أخيه وهما اللذان يتعاطيان الحسبة والأحكام بخط الأزهر ويتكلمان على الباعة والخضرية والجزارين الكائنين بالخطة فلما حضرا عنده عاهدهما وحلفهما بأن يسترا عليه وعلى أولاده ولا يفضحاهم ويبعدا عنهم هذه القضية وأخبرهما بأن ولده لم يزل يتفحص بفطانته حتى عرف السارق ووجد بعض الأمتعة ثم فتح خزانة بمجلسه وأخرج منها أمتعة فسألوه عن الصندوق فقال هو باق عند من هو عنده ولا يمكن إحضاره في النهار فإذا كان آخر الليل انتظروا ولدى محمدًا هذا عند جامع الفاكهاني بالعقادين الرومي وهو يأتيكم بالصندوق مع سارقه فاقبضوا عليه واتركوا أولادي ولا تذكروهم ولا تتعرضوا لهم فقالوا له كذلك وحضر الجندي وابن أخيه في الوقت الذي وعدهم به وصحبتهما أشخاص من أتباع الشرطة ووقفوا في انتظاره عند جامع الفاكهاني فحضر إليهم وصحبته شخص صرماتي فقالا لهم مكانكم حتى نأتيكم ثم طلعا إلى ربع بعطفة الأنماطيين ورجعا في الحال بالصندوق حامله الصرماتي على رأسه فقبضوا على ذلك الصرماتي وأخذوه بالصندوق إلى بيت الآغا فعاقبوه بالضرب وهو يقول أنا لست وحدي وشركائي ابن أبي القاسم وأخواه وآخر يسمى شلاطة وابن عبد الرحيم الجميع خمسة أشخاص فذهب الآغا وأخبر كتخدا بك فأمره بطلب أولاد أبي القاسم فأرسل إليه ورقة بطلبهم فأجابه بأن أولاده حاضرون عنده بالأزهر من طلبة العلم وليسوا بسارقين فبالاختصار أخذهم الآغا أحضر ذلك الصرماتي معهم لأجل المحاققة فلم يزل يذكر لابن أبي القاسم ما كانوا عليه سرحاتهم القديمة والجديدة ويقول له أما كنا كذا وكذا وفعلنا ما هو كذا في ليلة كذا واقتسمنا ما هو كذا وكذا ويقيم عليه أدلة وقرائن وأمارات ويقول له أنت رئيسنا وكبيرنا في ذلك كله ولا نمشي إلى ناحية ولا سرحة إلا بإشارتك فعند ذلك لم يسع ابن أبي القاسم الإنكار وأقر واعترف هو واخوته وحبسوا سوية وأما شلاطة ورفيقه فإنهما تغيبا وهربا واختفيا وشاعت القضية في المدينة وكثر القال والقيل في الأزهر ونواحيه وتذكروا قضية الدراهم الزغل التي ظهرت قبل تاريخه وتذكروا أقوالًا أخرى واجتمع كثير من الذين سرق لهم فمنهم رجل يبيع السمن أخذ من مخزنة عدة مواعين سمن وصينية الفطاطري التي يعمل عليها الكنافة وأمتعة وفروش وجدت في ثلاثة أماكن وخاتم ياقوت ذكروا أنه بيع بجملة دنانير وعقد لؤلؤ وغير ذلك واستمروا أيامًا والناس يذهبون إلى الآغا ويذكرون ما سرق لهم ويسألهم فيقرون بأشياء دون أشياء ويذكرون ضياع أشياء فصرفوا فيها وباعوها وأكلوا بثمنها ثم اتفق الحال على المرافعة في المحكمة الكبيرة فذهبوا بالجميع واجتمع العالم الكثير من الناس وأصحاب السرقات وغيرهم نساء ورجالًا وادعوا على هؤلاء الأشخاص المقبوض عليهم فأحضروا بعض ما ادعوا به عليهم وقالوا أخذنا ولم يقولوا سرقنا وبرًا محمد بن أبي القاسم أخويه وقال أنهما لم يكونا معنا في شيء من هذا وحصل الاختلاف في ثبوت القطع بلفظ أخذنا وقد حضرت دعوى أخرى مثل هذه على رجل صباغ ثم أن القاضي كتب أعلامًا للكتخدا بك بصورة الواقع وفوض الأمر إليه فأمر بهم إلى بولاق وأنزلوهم عند القبطان وصحبتهم أبوهم أبو القاسم فأقاموا أيامًا ثم إن كتخدا بك أمر بقطع أيدي الثلاثة وهم محمد بن أبي القاسم الدرقاوي ورفيقة الصرماني والصباغ الذي ثبتت عليه السرقة في الحادثة الأخرى فقطعوا أيدي الثلاثة في بيت القبطان ثم أنزلوهم في مركب وصحبتهم أبوهم أبو القاسم وولداه الآخران اللذان لم تقطع أيديهما وسفروهم إلى الإسكندرية وذلك في منتصف شهر جمادى الأولى من السنة‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية بيوم الخميس سنة 1227 هـ - 12 يونية 1812 م فيه حضر الثلاثة أشخاص المقطوعين الأيدي وذلك أنهم لما وصلوا إلى الإسكندرية وكان الباشا هناك تشفع فيهم المتشفعون عنده قائلين أنه جرى عليهم الحد بالقطع فلا حاجة إلى نفيهم وتغريبهم فأمر بنفي أبي القاسم وولديه الصغيرين إلى أبي قير ورجع ولده الآخر مع رفيقه الصرماتي والصباغ إلى مصر فحضروا إليها وذهبوا إلى دورهم وأما ابن أبي القاسم فذهب إلى داره وسلم على والدته ونزل إلى السوق يطوف على أصحابه ويسلم عليهم وهو يتألم مما حصل في نفسه ولا يظهر ذلك لشدة وقاحته وجمودة صدغه وغلاظة وجهه بل يظهر التجلد وعدم المبالاة بما وقع له من النكل وكسوف البال ومر في السوق والأطفال حوله وخلفه وأمامه يتفرجون عليه ويقولون انظروا الحرامي وهو لا يبالي بهم ولا يلتفت إليهم حتى قيل أنه ذهب إلى مسجد خرب بالباطنية ودعا إليه غلامًا يهواه بناحية الدرب الأحمر فجلس معه حصة من النهار ثم فارقه وذهب إلى داره واشتد به الألم لأن الذي باشر قطع يده لم يحسن القطع فمات في اليوم الثالث‏.‏
وفي هذا الشهر وما قبله وردت عساكر كثيرة من الأتراك وعينوا للسفر وخرجوا إلى مخيم العرضي خارج بأبي النصر والفتوح فكانوا يخرجون مساء ويدخلون في الصباح ويقع منهم ما يقع من أخذ الدواب وخطف بعض النساء والأولاد كعادتهم‏.‏
وفي ليلة الخميس 22 شهر جمادى الثانية سنة 1227 هـ - 3 يولية 1812 م حضر الباشا من الإسكندرية ليلًا وصحبته حسن باشا إلى القصر بشبرا وطلع في صبحها إلى القلعة وضربوا لقدومه مدافع من الأبراج فكان مدة غيبته في هذه المدة شهرين وسبعة أيام واجتهد فيها في عمارة سور المدينة وأبراجها وحصنها تحصينًا عظيمًا وجعل بها جبانات وبارودًا ومدافع وآلات حرب ولم تزل العمارة مستمرة بعد خروجه منها على الرسم الذي رسمه لهم وأخذ جميع ما ورد عليه من مراكب التجار من البضائع على ذمته ثم باعه للمتسببين بما أحب من الثمن وورد من ناحية بلاد الإفرنج كثير من البن الإفرنجي وحبه أخضر وجرمه أكبر من حب البن اليمني الذي يأتي إلى مصر في مراكب الحجاز أخذه في جملة ما أخذ في معاوضة الغلال ورماه على باعة البن بمصر بثلاثة وعشرين فرانسة القنطار والتجار يبيعونه بالزيادة ويخلطونه مع البن اليمني وفي ابتداء وروده كان يباع رخيصًا لأنه دون البن وفيه وصل مرسوم صحبة قابجي من الديار الرومية مضمونه وكالة دار السعادة باسم كتخدا بك وعزل عثمان آغا الوكيل تابع سعيد آغا فعمل الباشا ديوانًا يوم الأحد وقرئ المرسوم وخلع على كتخدا بك خلعة الوكالة وخلعة أخرى باستمراره في الكتخدائية على عادته وركب في مركب إلى داره فلما استقر في ذلك أرسل في ثاني يوم فأحضر الكتبة من بيت عثمان آغا وأمرهم بعمل حسابه من ابتداء سنة 1221 لغاية تاريخه فشرعوا في ذلك وأصبح عثمان آغا المذكور مسلوب النعمة بالنسبة لما كان فيه ويطالب بما دخل في طرفه وانتزعت منه بلاد الوكالة وتعلقات الحرمين وأوقافهما وغير ذلك‏.‏
وفي يوم الخميس غايه شهر جمادى الثانية سنة 1227 هـ - 10 يولية 1812 م وصل صالح قوج ومحو بك وسليمان آغا وخليل آغا من ناحية الينبع على طريق القصير من الجهة القبلية وذهبوا إلى دورهم‏.‏
واستهل شهر رجب بيوم الجمعة سنة 1227 هـ

في 3 شهر رجب سنة 1227 هـ - 13 يولية 1812 م طلع الجماعة الواصلون إلى القلعة وسلموا على الباشا وخاطره منحرف منهم ومتكدر عليهم لأنه طلبهم للحضور مجردين بدون عساكرهم ليتشاور معهم فحضروا بجملة عساكرهم وقد كان ثبت عنده أنهم هم الذين كانوا سببًا للهزيمة لمخالفتهم على ابنه واضطرب رأيهم وتقصيرهم في نفقات العساكر ومبادرتهم للهرب والهزيمة عند اللقاء ونزولهم بخاصتهم إلى المراكب وما حصل بينهم وبين ابنه طوسون باشا من المكالمات فلم يزالوا مقيمين في بيوتهم ببولاق ومصر والأمر بينهم وبين الباشا على السكوت نحو العشرين يومًا وأمرهم في ارتجاج واضطراب وعساكرهم مجتمعة حولهم ثم إن الباشا أمر بقطع خرجهم وعلائفهم فعند ذلك تحققوا منه المقاطعة‏.‏
وفي 24 شهر رجب سنة 1227 هـ - 3 أغسطس 1812 م أرسل إليهم علائفهم المنكسرة وقدرها ألف وثمانمائة كيس جميعها ريالات فرانسة وأمر بحملها على الجمال ووجه إليهم بالسفر فشرعوا في بيع بلادهم وتعلقاتهم وضاق ذرعهم وندر طبعهم إلى الغاية وعسر عليهم مفارقة أرض مصر وما صاروا فيه من التنعم والرفاهية والسيادة والأمارة والتصرف في الأحكام والمساكن العظيمة والزوجات السراري والخدم والعبيد والجواري فإن لأقل منهم له البيتان والثلاثة من بيوت الأمراء ونسائهم اللاتي قتلت أزواجهن على أيديهم وظنوا أن البلاد صفت لهم حتى أن النساء المترفهات ذوات البيوت والإيرادات والالتزامات صرن يعرضن أنفسهن عليهم ليحتمين فيهم بعد أن كن يعفنهم ويأنفن من ذكرهم فضلًا عن قربهم‏.‏
وفيه ورد آغا قابجي من دار السلطنة وعلى يده مرسوم بالبشارة بمولود ولد للسلطان فعملوا ديوانًا يوم الأحد رابع عشرينه وطلع الآغا المذكور في موكب إلى القلعة وقرئ ذلك المرسوم وصحبته الأمراء وضربوا شنكًا ومدافع واستمروا على ذلك ثلاثة أيام في وقت كل أذان كأيام الأعياد‏.‏
وفي يوم الثلاثاء مات أحمد بك وهو من عظماء الأرنؤد وأركانهم وكان عندما بلغه قطع خرج المذكورين أرسل إلى الباشا يقول له اقطع خرجي وأعطني علوفة عساكري وأسافر مع إخواني فمنعه الباشا وأظهر الرأفة به فتغير طبعه وزاد قهره وتمرض جسمه فأرسل إليه الباشا حكيمه فسقاه شربه وفصده فمات من ليلته فخرجوا من جنازته من بولاق ودفنوه بالقرافة الصغرى وخرج أمامه صالح آغا وسليمان آغا وطاهر آغا وهم راكبون أمامه وطوائف الأرنؤد عدد كبير مشاة حوله‏.‏
واستهل شهر شعبان بيوم الأحد سنة 1227

وفي رابعه يوم الأربعاء شهر شعبان سنة 1227 هـ - 13 أغسطس 1812 م - الموافق 7 مسرى القبطي 1528 ش أوفي النيل المبارك أدرعه ونزل الباشا في صبح يوم الخميس في جم غفير وعدة وافرة من العساكر وكسر السد بحضرته وحضرة القاضي وجرى الماء في الخليج ومنع المراكب من دخولها الخليج‏.‏
وفي 15 شهر شعبان سنة 1227 هـ - 24 أغسطس 1812 م سافر سليمان آغا ومحو بك بعد أن قضوا أشغالهم وباعوا تعلقاتهم وقبضوا علائفهم‏.‏
وفي يوم الخميس 19 شهر شعبان سنة 1227 هـ - 28 أغسطس 1812 م سافر صالح آغا قوج وصحبته نحو المائتين ممن اختارهم من عساكره الأرنؤدية وتفرق عنه الباقون وانضموا إلى حسن باشا وأخيه عابدين بك وغيرهما‏.‏
وفي يوم الجمعة 20 شهر شعبان سنة 1227 هـ - 28 أغسطس 1812 م برزت خيام الباشا خارج باب النصر وعزم على الخروج والسفر بنفسه إلى الحجاز وقد اطمأن خاطره عندما سافر الجماعة المذكورون لأنه لما قطع خرجهم ورواتبهم وأمرهم بالسفر جمعوا عساكرهم إليهم وخيولهم وأخذوا الدور والبيوت ببولاق وسكنوها وصارت لهم وسفاشيته وغيرهم بالملازمة والمبيت بالقلعة وغير ذلك‏.‏
 وفي يوم السبت 21 شهر شعبان سنة 1227 هـ - 30 أغسطس 1812 م اجتمعت العساكر وانجر الموكب من باكر النهار فكان أولهم طوائف الدلاة ثم العساكر وأكابرهم وحسن باشا وأخوه عابدين بك وهو ماش على أقدامه في طوائفه أمام الباشا ثم الباشا وكتخدا بك وأغواتهم الصقلية وطوائفهم وخلفهم الطبلخانات وعند ركوبه من القلعة ضربوا عدة مدافع فكان مدة مرورهم نحو خمس ساعات وجروا أما الموكب ثمانية عشر مدفعًا وثلاث قنابر‏.‏
في 24  شهر رمضان سنة 1227 هـ - 1 أكتوبر 1812 م وردت هجانة مبشرون باستيلاء الأتراك على عقبة الصفراء والجديدة من غير حرب بل بالمخادعة والمصالحة مع العرب وتدبير شريف مكة ولم يجدوا بها أحدًا من الوهابيين فعندما وصلت هذه البشارة ضربوا مدافع كثيرة تلك الليلة من القلعة وظهر فيهم الفرح والسرور‏.‏
وفي تلك الليلة حضر أحمد آغا لاظ حاكم قنا ونواحيها وكان من خبره أنه لما وصلت إليه الجماعة الذين سافروا في الشهر الماضي وهم صالح آغا وسليمان آغا ومحو بك ومن معهم واجتمعوا على المذكور وبثوا شكواهم وأسروا نجواهم وأضمروا في نفوسهم أنهم إذا وصلوا إلى مصر ووجدوا الباشا منحرفًا منهم أو أمرهم بالخروج والعود إلى الحجاز امتنعوا عليه وخالفوه وإن قطع خرجهم وأعطاهم علائفهم بارزوه ونابذوه وحاربوه واتفق أحمد آغا المذكور معهم على ذلك وأنه متى حصل هذا المذكور أرسلوا إليه فيأتيهم على الفور بعسكره وجنده وينضم إليه الكثير من المقيمين بمصر من طوائف الأرنؤد كعابدين بك وحسن باشا وغيرهم بعساكرهم لاتحاد الجنسية فلما حصل وصول المذكورين وقطع الباشا راتبهم وخرجهم وأعطاهم علائفهم المنكسرة وأمرهم بالسفر أرسلوا لأحمد آغا لاظ المذكور بالحضور بحكم اتفاقهم معه فتقاعس وأحب أن يبدي لنفسه عذرًا في شقاقه مع الباشا فأرسل إليه مكتوبًا يقول فيه إن كنت قطعت خرج إخواني وعزمت على سفرهم من مصر وإخراجهم منها فاقطع أيضًا خرجي ودعني أسافر معهم فأخفى الباشا تلك المكاتبة وأخر عود الرسول ويقال له الخجا لعلمه بما ضمروه فيما بينهم حتى أعطى للمذكورين علائفهم على الكامل ودفع لصالح آغا كل عامًا طلبه واده حتى أنه كان أنشأ مسجدًا بساحل بولاق بجوار داره وبنى له منارة ظريفة واشترى له عقارًا وأمكنة وقفها على مصالح ذلك المسجد وشعائره فدفع له الباشا جميع ما صرفه عليه وثمن العقار وغيره ولم يترك لهم مطالبة يحتجون بها في التأخير وأعطى الكثير من رواتبهم لحسن باشا وعابدين بك أخيه فمالوا عنهم وفارقهم الكثير من عساكرهم وانضموا إلى أجناسهم المقيمين عند حسن باشا وأخيه فرتبوا لهم العلائف معهم وأكثرهم مستوطنون ومتزوجون بل ومتناسلون ويصعب عليهم مفارقة الوطن وما صاروا فيه من التنعم ولا يهون بمطلق الحال استبدال النعيم بالجحيم ويعملون عاقبة ما هم صائرون إليه لأنه فيما بلغنا أنه من سافر منهم إلى بلاده قبض عليه حاكمها وأخذ منه ما معه من المال الذي جمعه من مصر وما معه من المتاع وأودعه السجن ويفرض عليه قدرًا فلا يطلقه حتى يقوم بدفعه على ظن أن يكون أودع شيئًا عند غيره فيشتري نفسه به أو يشتريه أقاربه أو يرسل إلى مصر مراسلة لعشيرته وأقاربه فتأخذهم عليه الغيرة فيرسلون له ما فرض عليه ويفتدونه وإلا فيموت بالسجن أو يطلق مجرد أو يرجع إلى حالته التي كان عليها في السابق من الخدم الممتهنة والاحتطاب من الجبل والتكسب بالصنائع الدنيئة ببيع الأسقاط والكروش والمؤاجرة في حمل الأمتعة ونحو ذلك فيختارون الإقامة ويتركون مخاديمهم خصوصًا والخسة من طباعهم هذا والباشا يستحث صالح آغا ورفقاءه في الرحيل حيث لم يبق له عذر في التأخير فعندما نزلوا في المراكب وانحدروا في النيل أحضر الباشا الخجا المذكور وهو عبارة عن الأفندي المخصوص بكتابة سره وإيراده ومصرفه وأعطاه جواب الرسالة مضمونها تطمينه وتأمينه ويذكر له أنه صعب عليه وتأثر من طلبه المقاطعة وطلبه المفارقة وعدد له أسباب انحرافه عن صالح آغا ورفقاءه وما استوجبوا به ما حصل لهم من الإخراج والإبعاد وأما هو فلم يحصل منه ما يوجب ذلك وأنه باق على ما يعهده من المودة والمحبة فإن كان ولا بد من قصده وسفره فهو لا يمنعه من ذلك فيأتي بجميع أتباعه ويتوجه بالسلامة أينما شاء وإلا بأن صرف عن نفسه هذا الهاجس فليحضر في القنجة في قلة ويترك وطاقه وأتباعه ليواجهه ويتحدث معه في مشورته وانتظام أموره التي لا يتحملها هذا الكتاب ويعود إلى محل ولايته وحكمه مكرمًا فراج عليه ذلك التمويه وركن إلى زخرف القول وظن أن الباشا لا يصله بمكروه ولا يواجهه بقبيح من القول فضلًا عن الفعل لأنه كان عظيمًا فيهم ومن الرؤساء المعدودين صاحب همة وشهامة وإقدام جسورًا في الحروب والخطوب وهو الذي مهد البلاد القبلية وأخلاها من الأجناد المصريين فلما خلت الديار منهم واستقر هو بقنا وقوص وهو مطلق آغا قوج بالأسيوطية ثم إن الباشا وجه صالح آغا إلى الحجاز وقلد ابنه إبراهيم باشا ولاية الصعيد فكان يناقض عليه أحمد آغا المذكور في أفعاله ويمانعه التعدي على أطيان الناس وأرزاق الأوقاف والمساجد ويحل عقد إبراماته فيرسل إلى أبيه بالأخبار فيحقد ذلك في نفسه ويظهر خلافه ويتغافل وأحمد آغا المذكور على جليته وخوص نيته فلما وصلته الرسالة اعتقد صدقه وبادر بالحضور في قلة من أتباعه حسب إشارته وطلع إلى القلعة ليلة السبت وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان فعبر عند الباشا وسلم عليه فحادثه وعاتبه ونقم عليه أشياء وهو يجاوبه ويرادده حتى ظهر عليه الغيظ فقام كتخدا بك وإبراهيم آغا وخرجا من عند الباشا ودخلا إلى مجلس إبراهيم آغا وجلسوا يتحدثون وصار الكتخدا وإبراهيم آغا يلطفان معه القول وأشاروا عليه بأن يستمر معهما إلى وقت السحور وسكون حدة الباشا فيدخلون إليه ويتسحرون معه فأجابهم إلى رأيهم وأمر من كان بصحبته من العسكر وهم نحو الخمسين بالنزول إلى محلهم فامتنع كبيرهم وقال لا نذهب ونتركك وحيدًا فقال الكتخدا وما الذي يصيبه وهو همشري ومن بلدي وإن أصيب بشيء كنت أنا قبله فعند ذلك نزلوا وفارقوه وبقي عنده من لا يستغني عنه في الخدمة فعند ذلك أتاه من يستدعيه إلى الباشا فلما كان خارج المجلس قبضوا عليه وأخذوا سيفه وسلاحه ونزلوا له إلى تحت سلم الركوب وأشعل الضوى المشعل وأداروا كتافه ورموا رقبته ورفعوه في الحال وغسلوه وكنفوه ودفنوه وذلك في سادس ساعة من الليل وأصبح الخبر شائعًا في المدينة وأحضر الباشا الخجا وطولب بالتعريف عن أمواله وودائعه وعين في الحال باشجاويش ليذهب إلى قنا ويختم على داره ما له من الغلال والأموال وطلبت الودائع ممن هي عنده التي استدلوا عليها بالأوراق فظهر له ودائع في عدة أماكن وصناديق مال وغير ذلك ولم يتعرض لمنزله ولا لحريمه‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الأربعاء سنة 1227

في 4 شهر شوال سنة 1227 هـ - 11 أكتوبر 1812 م يوم السبت قدم قابجي من إسلامبول وعلى يده مقرر للباشا بولاية مصر على السنة الجديدة ومعه فروة لخصوص الباشا فلما وصل إلى بولاق فنزل كتخدا بك لملاقاته فركب في موكب جليل وخلفه النوبة التركية وشق من وسط البلد وصعد إلى القلعة وحضر الأشياخ وأكابر دولتهم وقرئ المرسوم بحضرة الجميع فلما انقضى الديوان ضربوا عدة مدافع من القلعة‏.‏
وفيه ألبس شيخ السادات ابن أخيه سيدي أحمد خلعة وتاجًا وجعله وكيلًا عنه في نقابة الأشراف وأركبه فرسًا بعباءة ومشى أمامه أيضًا الجاويشية المختصين بنقيب الأشراف وأمره بأن يذهب إلى الباشا ويقابله ليخلع عليه وأرسل في صحبته محمد أفندي فقال مبارك وأشار إليه محمد أفندي بأن يخلع عليه فروة فقال الباشا أن عمه جعله نائبًا عنه ووكيلًا فليس له عندي تلبيس لأنه لم يتقلدها بالأصالة من عندي فقام ونزل من غير شيء إلى داره بجوار المشهد الحسيني‏.‏
وفي يوم الخميس 23 شهر شوال سنة 1227 هـ - 30 أكتوبر 1812 م سافر مصطفى بك دالي باشا بجميع الدلاة وغيرهم من العسكر إلى الحجاز وحصل للناس في هذا الشهر عدة كربات منها وهو أعظمها عدم وجود الماء العذب وذلك في وفت النيل وجريان الخليج من وسط المدينة حتى كاد الناس يموتون عطشًا وذلك بسبب أخذهم الحمير للسخرة والرجال لخدمة العسكر المسافرين وغلو ثمن القرب التي تشترى لنقل الماء فإن الباشا أخذ جميع القرب الموجودة بالوكالة عند الخليلية وما كان بغيرها أيضًا حتى أرسل إلى القدس والخليل فأحضر جميع ما كان بهما وبلغت الغاية في غلو الأثمان حتى بيعت القربة والواحدة التي كان ثمنها مائة وخمسين نصفًا بألف وخمسمائة نصف ويأخذون أيضًا الجمال التي تنقل الماء بالروايا إلى الأسبلة والصهاريج وغيرهما من الخليج فامتنع الجميع عن السراح والخروج واحتاج العسكر أيضًا إلى الماء فوقفوا بالطرق يرصدون مرور السقائين أو غيرهم من الفقراء والذين ينقلون الماء بالبلاليص والجرار على رؤوسهم فيوجد على كل موردة من الموارد عدة من العسكر وهم واقفون بالأسلحة ينتظرون من يستقي من السقائين أو غيرهم فكان الخدم والنساء والفقراء والبنات والصبيان ينقلون بطول النهار والليل بالأوعية الكبيرة والصغيرة على رؤوسهم بمقدار ما يكفيهم للشرب وبيعت القربة الواحدة بخمسة عشر نصف فضة وأكثر وشح وجود اللحم وغلا في الثمن زيادة على سعره المستمر حتى بيع بثمانية عشر نصف فضة كل رطل هذا إن وجد والجاموسي الجفيط بأربعة عشر وطلبوا للسفر طائفة من القبانية والخبازين ومن أرباب الصنائع والحرف وشددوا عليهم الطلب في أواخر الشهر فتغيبوا وهربوا فسمرت بيوتهم وحوانيتهم وكذلك الخبازون والفرانون بالطوابين والأفران حتى عدم الخبز من الأسواق ولم يجد أصحاب البيوت فرنًا يخبزون فيه عجينهم فمن الناس القادرين على الوقود من يخبز عجينه في داره أو عند جاره الذي يكون عنده فرن أو عند بعض الفرانين الذي تكون فرنه بداخل عطفة مستورة خفية أو ليلًا من الخوف من العسس والمرصدين لهم وكذلك عدم وجود التبن بسبب رصد العسكر في الطرق لأخذ ما يأتي به الفلاحون من الأرياف فيخطفونه قبل وصوله إلى المدينة وحصل بسبب هذه الأحوال المذكورة شبكات ومشاجرات وضرب وقتل وتجريح أبدان ولولا خوف العسكر من الباشا وشدته عليهم حتى القتل إذا وصلت الشكوى إليه لحصل أكثر من ذلك‏.
ج3/112

 

This site was last updated 03/02/09