Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 تفسير إنجيل متى الاصحاح السادس عشر- - مجمل الأناجيل الأربعة : الفصل الثامن عشر

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تفسير إنجيل يوحنا
مقدمة تفسير متى
تفسير (مت 1: 1- 17) الفصل 1
تفسير  (مت 1: 18) الفصل 3
تفسير (مت 1: 19 - 24) الفصل 3
تفسير (متى 2: 1- 12)  القصل 3
تفسير (مت 2: 13 - 15) الفصل3
تفسير (مت  3: 1-6)  الفصل 4
تفسير (مت 3: 7-12) الفصل 4
تفسير (مت 3: 13-17) الفصل 4
تفسير (متى 4 : 1- 11) الفصل 4
تفسير (متى 4: 12- 17)  الفصل 6
تفسير (متى 4: 18- 25) الفصل 6
تفسير (متى5: 1-  12) الفصل 10
تفسير (مت 5: 13- 26) الفصل10
تفسير  (متى 5: 27- 48) الفصل10
تفسير متى الإصحاح 6
تفسير متى الإسحاح 7
تفسير متى الإصحاح 8
تفسير متى الإصحاح 9
تفسير متى الإصحاح 10
تفسير متى الإصحاح 11
تفسير متى الإصحاح12
تفسير متى الإصحاح13
تفسير إنجيل لوقا
تفسير متى الإصحاح14
تفسير متى الإصحاح15
تفسير متى الإصحاح16
تفسير متى الإصحاح17
Untitled 8095
تفسير متى الإصحاح18
تفسير متى الإصحاح19
تفسير متىالإصحاح21
تفسير متى الفصل23
تفسير متى الفصل24
تفسير متى الفصل25
تفسير متى الفصل26
تفسير متى الفصل27
تفسير متى الفصل28
تفسير متى الفصل 29
تفسير متى
مرقس1
Untitled 8099
Untitled 8100
Untitled 8102
Untitled 8098

فيما يلى تفسير إنجيل كما رواه متى الإصحاح االسادس عشر  - - مجمل الأناجيل الأربعة : الفصل الثامن عشر

تفسير إنجيل متى الإصحاح  السادس عشر
1. اتفاق الفرّيسيّين والصدّوقيّين ضدّه .. الفريسيون يطلبون آية؟ (مت16: 1-4)
2. هدم الرياء محطِّم الملكوت (مت  16: 5-12)
3. قيام الإيمان كأساس الملكوت (مت 16: 13-20)
4. الصلب تكلفة الملكوت (مت  16: 21-23)
5. دورنا الإيجابي في الملكوت (مت  16: 24-26)
ماذا يعني إنكار الإنسان نفسه؟
6. الملكوت الأخروي (مت  16: 27-28 )

تفسير انجيل متى الاصحاح السادس عشر

الفريسيون يطلبون آية؟ (متى 16: 1- 4)

الفريسيون يطلبون أية


تفسير (متى 16: 1)
: وجاء اليه الفريسيون والصدوقيون ليجربوه ، فسألوه ان يريهم آية من السماء .


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
فلم يكن هذا على سبيل ان يؤمنوا به ولكن ليجدوا عليه حجة ولذلك دعاهم مراءين فكانوا يسألونه ان يحدث انقلاباً في النظام الشمسي كإيقاف الشمس كما فعل موسى أو انزال النار كما فعل ايليا . اما هو فلم تعجزه البيعة لأنه خالفها ولكنه علم خبث نياتهم فتنهد بروحه كما يقول مرقس دليلاً على أسفه من تعنتهم وتعاميهم عن العجائب المتعددة التي صنعها بين ظهرانيهم فلم تثمر فيهم لصلابة رقابهم ولذلك أبى ان يجيبهم الى طلبهم .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " وَجَاءَ إِلَيْهِ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ وَٱلصَّدُّوقِيُّون"   هما طائفتين من طوائف اليهود مختلفتان في بعض العقائد ، ونتيجة لإختلافهما بينهما بغضة وخصومة. فكان الفريسيون غيورين للناموس والتقليد، وكان الصدوقيون يرفضون كل التقاليد وبعض أسفار الوحي وبالرغم من ذلك إتحدا وإتفقا لمقاومة يسوع فى هذه الآية كما رأيناهم متحدين قبلا فى الذهاب إلى يوحنا المعمدان الذى " لما راى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين ياتون الى معموديته قال لهم: «يا اولاد الافاعي من اراكم ان تهربوا من الغضب الاتي؟ 8 فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة(متّى 3: 7- 8)  . 
2) " لِيُجَرِّبُوهُ "
هذه الكلمة (peirasmos كانت تستخدم بدلالة "يختبر مع ميل إلى التدوير" (مت ٦ :١٣) ( يع ١ :١٣ )

 ليمتحنوا صحة رسالته ونبوته وتعليمه لشكهم فيها أو لإنكارهم إياها. وكان سؤالهم للتجربته وليس للإيمان به  فلم يكن بنيَّة خالصة ، بل عن خداع ليصطادوه بفخهم، ويشككوا الناس فيه ، فكانوا كالشيطان مجرِّب المسيح والناس. كانت هذه هي  نفس التجربة التي حاول بها إبليس أنت يستميل بها يسوع إليه في (مت ٤ :٥ -٦ ) وهدفها عن ربح ولاء الجنس البشري له باستخدام المعجزات. لم يكفيهم ما صنع يسوع من أعاجيب ومعجزات وحتى لو فعل أمامهم آيه أو معجزة فإنهم سيشككون بها  لم يكونوا محتاجين إلى آية من السماء أعظم وأوضح مما شاهدوه أو سمعوا به حتى ذلك الوقت ، ومع هذا اسألوا هذا الطلب لأن في قلوبهم مرضاً!
3) "
فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ ٱلسَّمَاءِ" الآية والمعجزة يفعلها الرب / يسوع بحسب إحتياج الشعب المختار كجماعة أو كأفراد فى العهدين القديم و الجديد ويشترط لوقوعها إيمان الجماعة او الفرد أى أن الرب لا يفعل معجزة للفرجة و لبرهان أنه إله  فسألاه كما سأله الكتبة والفريسيون قبلاً وأهمل إجابة طلبهم فليست المعجزة شرطا ليؤمن الفرد كما أنها ليست برهانا على ألأوهيته ونبوته مع أنه صنع منها الكثير فلم يرد أن يصنع واحدة لأنهم لن يؤمنوا به حتى ولو فعل (متّى ١٢: ٣٨) حينئذ قال قوم من الكتبة والفريسيين: «يا معلم نريد ان نرى منك اية».. ( مرقس ٨: ١١ )  فخرج الفريسيون وابتداوا يحاورونه طالبين منه اية من السماء لكي يجربوه.( لوقا ١١: ١٦ )  واخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه  ( ١كورنثوس ١: ٢٢)  لان اليهود يسالون اية، واليونانيين يطلبون حكمة، 23 ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا: لليهود عثرة، ولليونانيين جهالة! 24 واما للمدعوين: يهودا ويونانيين، فبالمسيح قوة الله وحكمة الله. "

4) " آيَةً مِنَ ٱلسَّمَاء " تعنى كلمة آية فى معاجم اللغة العربية : "  العلاَمَةُ والأمَارة " سألوه ذلك لاتهامهم  أن ما فعله من الآيات من قبل كان من الأرض بسحر أو شعوذة، أو من جهنم بقوة رئيس الشياطين كما أعلنوا ذلك قبلاً (متّى ١٢: ٢٤) اما الفريسيون فلما سمعوا قالوا: «هذا لا يخرج الشياطين الا ببعلزبول رئيس الشياطين». . ولعل اليهود كانوا يتوقعون أن تظهر عند مجيء المسيح آيات غريبة في السماء، فطلبوا أن يريهم هذه العلامات والأمارات كما كانوا يتوقعون  ما توقعوا . والأرجح أنهم طلبوا ذلك تعجيزاً له ليكون لهم حجة على عدم اقتناعهم بالمعجزات التي صنعها قبلاً.من الواضح أن هؤلاء المتدينين اليهود كانوا يريدون الدليل على أن يسوع كان يأخذ قوته من الرب. لقد كانوا يدعون شفاءاته بأنها من عمل إبليس كانوا يريدون علامة أو آيةً على أنه من الله ("السماء"). لا نعرف بالضبط ، ولذلك وبشكل واضح ما كان المقصود من ذلك. يسوع يعطيهم تلك ً الآية، ولكن بطريقة محتجبة ومستقبلية (قيامته)

تفسير (متى 16: 2): فأجاب وقال لهم : “ اذا كان المساء قلتم صحو . لأن السماء محمرة

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

٢ «فَأَجَابَ: إِذَا كَانَ ٱلْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ ٱلسَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ».
1) "
 فأجاب وقال لهم"  وبخهم على أنهم يستطيعون تمييز مظاهر الجو اويتنبأون على ما سيقع من تغيير الجو في الغد، ومع هذا لم يقتنعوا بالبراهين الواضحة والأدلة الدامغة من المعجزات والأعاجيب التي فعلها لتثبت أنه المسيا الذى إنتظروه طويلا .
2) "  إِذَا كَانَ ٱلْمَسَاءُ قُلْتُمْ" كان ٱلْمَسَاءُ عند اليهود مسائين قبل العروب وبعده ويقصد هنا المساء الثاني، وهو بين الغروب والعتمة.
3) " قُلْتُم " أي اعتقدتم أن تقولوا في المحادثات التى بينكم في ما سيكون به الجو.
4) "  لأَنَّ ٱلسَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ"
مُحْمَرَّة كثيراً ما تحمر السماء مساءً عند المغرب أو بعده بقليل. وكان القدماء يتخذون ذلك علامة على صحو الغد كعادة الناس اليوم.

ألاية (٢ب- ٣ ) هذه الجمل ليست في المخطوطات اليونانية الإنشية الأكثر قدماً X, B ،א، والنص اليوناني الذي استخدمه أوريجنس، والمخطوطات اليونانية المعروفة لجيروم، ولا في بعض الإصدارات البسيطة أو القبطية، بل إنها موجودة في المخطوطات الإنشية L, D, C وW .هناك مقطع مشابه نجده في (لو ١٢ :٥٤ -٥٦ ).النقاد النصيين وراء الطبعة الرابعة من العهد الجديد اليوناني الذي وضعته جمعية الكتاب المقدس المتحدة United A Textual Commentary on the Greek New Testament by Bruce ) الآيات هذه أصلية حول قرار أخذ يستطيعوا لم Bible Societies (Metzger, p. 41

 تفسير (متى 16: 3): وفي الصباح : اليوم شتاء . لأن السماء محمرة بعبوسة . يا مراؤون ! تعرفون ان تميزوا وجه السماء ، وأما علامات الازمنة فلا تستطيعون !


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
أي كما ان في السماء علامة الصحو وعلامة الشتاء شيء آخر فاذا رأيت علامة الشتاء لا تطلب راحة واذا رأيت علامة الصحو لا ترجو شتاء هكذا يجب عليكم ان تذكروني وتطلبوني . فينبغي ان اعمل الآن الآيات النافعة لبني البشر على الارض كتطهير البرص وفتح أعين العميان واحتمال الآلام ثم الموت والقيامة أما الآيات التي من السماء فسوف تظهر عند مجيئي الثاني حيث آتي بعظمة لا توصف فاطوي السماء كدرج وأظلم الشمس واخنق القمر واقف النجوم فتتساقط . ثم من جهة أخرى اذا أخذت حركات الكون مجراها الطبيعي تعرفون ان تميزوا العلامات ان متى يكون صحواً ومتى يكون شتاءً ولكنكم تزعمون ان الايات التي اعملها الآن عقيمة الفائدة ولا قيمة لها في نظركم فلم تصل حالتكم الى أولئك الذين كانوا في زمان فرعون يعرفون ان من المقاتلين كان يجب الخلاص وان من يلتجيء الى محبيه لا حاجة به الى الآيات


ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) "  وَفِي ٱلصَّبَاحِ: ٱلْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ ٱلسَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ." كان اليهود يستطلعون الجو فى المساء ليميزوا ما سيأتى به الجو فى صباح اليوم التالى وعندما يروا أن السماء نحنرة بعبوسة والتى تظهر لهم  غيوم داكنة اللون تقع عليها أشعة الفجر، فاستدلوا بذلك على قرب المطر.
2) " يَا مُرَاؤُونَ"  أي يا مخادعون . يا مراوغون أة أن المسيح وصفهم بالرياء لأنهم ادعوا القدرة على الإنباء بالمطر أو الصحو من المظاهر الجوية الغامضة التى تتغير بين لحظة وأخرى ، لقد رأيتم العرج يمشون والعموتسألون زيادة البراهين على أنه قد أتى الزمان الموعود أن يأتي فيه لقد فعل المسيح كثير من المعجزات العمى يبصرون والمشلولين والبرصى وأنواع أمراض كثيرة يشفون والموتى يقومون وأخرد الأ{واح النجسة ألأيست هذه كلها علامات يفعلها المسيا وكتب عنها اشعياء النبى ، ولكنهم يريدون زيادة البراهين منه على أنه هو المسيح المنتظر، مع أنه كان لديهم براهين كافية من شفاء الألاف من الجموع لإثبات ذلك.

3) " وَأَمَّا عَلاَمَاتُ ٱلأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ " أي الأوقات المعينة في النبوات بإتيان المسيح والعصور الإنجيلية. وكان من تلك العلامات هي مجيء إيليا وقد جاء يوحنا المعمدان بروح إيليا وقوته وأسلوبه وقد سبق المسيح، والمعجزات التي صنعها يسوع، والنبوات التي تمت في زمانه ومنها «زوال القضيب من يهوذا والمشترع من بين رجليه» (تكوين ٤٩: ١٠) أى زال ملك اليهود بحكم هيرودس الملك ومنها انتهاء أسابيع نبوة دانيال (دا ٩: ٢٥). فهم لم يروا شيئاً من هذه مع زيادة وضوحها.

4) " عَلاَمَاتُ ٱلأَزْمِنَةِ" يشيرجمع "أزمنة" الأزمنة إلى الدهرين (راجع مت ١٢ :٣١) هؤلاء رؤساء الدين اليهود  كانوا يستطيعون أن يتنبأوا ويفهموا بعض الظواهر الطقسية المناخية، ولكنهم ما كانوا يستطيعون أو يريدون أن يفهموا مجيء يسوع. فيوبخهم على نقص فهمهم الروحي (أش ٦ :٩ -١٠ )وهذه علامة/ نبوءة أخرى كانت قد تحققت فيهم.

تفسير (متى 16: 4): جيل شـرير فاسق يلتمس آية ، فلا تعطى له آية الا آية يونـان النبي ” . ثم تركهم ومضى .


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
له المجد دعاهم جيلاً شريراً لأنهم كانوا منغمسين في الشرور مبتعدين عن الله وفاسقاً لأنهم زنوا مع الصنام بعبادتهم اياها .


ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ ٱلنَّبِيِّ" في هذه الآية بقية جواب المسيح، وكرر المسيح الكلام الذى قاله لمجموعة أخرى من الفريسيين في (متّى ١٢: ٣٩ ) فقال لهم: «جيل شرير وفاسق يطلب اية ولا تعطى له اية الا اية يونان النبي. 40 لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال. 41 رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا! "  لقد حسب يسوع أن طلبهم المعجزة كان في غير محله، لأنه قد فعل لهم آيات وعجائب كثيرة بدل طلبهم آية واحده . فما معنى هذا الطلب؟ أما آية يونان النبي فتفيد على الأيام الثلاثة بين صلبه وقيامته، كما أنها إشارة إلى توبة أهل نينوى. فهل لهم أن يتوبوا كما فعل أولئك؟

2) " جِيلٌ شِرِّيرٌ"هذه العبارة تستخدم بمعنى استعاري يشير إلى "عدم الأمانة". الإستعارة (مت ١٢ :٣٩؛) ( يع ٤ :٤ ) حيث أستخدم العهد القديم بالشرور المتعلقة بالعبادة الوثنية وعبادة الخصب (إر ٣ :٨) (إر ٩ :٢) (إر ٢٣ :١٠)(إر ٢٩ :٢٣) ( حزقيال ٢٣) ( هوشع ٤ :٢ -٣؛) ( ملا ٣ :٥ )

3) "  ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى" في هذا إشارة إلى سرعة ذهابه عنهم ودعهم يفكرون فى آية يونان النبى والعلامة التى فى يونان النبى والعلاقة بين قصة يونان والثلاثة أيام والمسيح .. مضى وهو حزينا على شعبه متعجبا من عنادهم ومكابرتهم.

4) "آيَةَ يُونَانَ ٱلنَّبِيِّ" الآية أو العلامو أو النيوة التى ذكرها يسوع للفريسيين إجابة لطلبهم آية من السماء عن أنه سيكون مثل يونان النبى الذى كان فى الحوت 3 أيام و3 ليال كانت نبوة مختومة أى لا يستطيع أحد تفسيرها إلا بعد تحقيقها فلم يكن لدي الفريسيين والصدوقيين أية فكرة عما كان يتحدث. كان هذا تشبيه للأيام الثلاثة التي كان فيها يونان في بطن الحوت والتي سيكون يسوع فيها  فى الهاوية Hades (١بط ٣ :١٩ ) .(هناك نظريتين حول مكوث يسوع في القبر الأولى : بقاء يسوع فقط حوالي ٣٦ -٤٠ ، وكانت تحسب ثلاثة أيام في نظام الحساب اليهودي في زمن يسوع. جزء من اليوم كان يحتسب كيوٍم كامل واليوم كان يبدأ وينتهي بالغروب (تك ١) انظر (مت ١٢ :٣٩ ومت ١٦ :٢١ ) وقام يوم الأحد الثانية أن يسوع مكث ثلاث أيام كاملة 72 ساعة وقام يوم السبت  

تفسير انجيل متى الاصحاح السادس عشر

 خمير الفريسيين والصدوقيين  (متى 16: 5- 12) 

خمير الفريسيين والصدوقيين

تفسير (متى 16: 5)
: ولما جاء تلاميذه الى العبر نسوا ان ياخذوا خبزاً .


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
ذلك لأنهم لم يكونوا يهتمون بالجسديات بل بالروحانيات .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " وَلَمَّا جَاءَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى ٱلْعَبْر" إِلَى ٱلْعَبْرِ أي منطقة على شاطئ بحر الجليل كالميناء فى العصر الحديث بالقرب من تخوم مجدل على الشاطئ الغربي، فعبروا إلى الشاطئ الشرقي.
2) "  نَسَوْا أَنْ يَأْخُذُوا خُبْزاً" نَسَوْا الخ أي أهملوا الاستعداد للسفر إلى أرض برية حيث يصعب الحصول على الطعام وكان فى العادى يأذخ اليهودى قفة أو كيسا يحمل فيه أطعمة تكفيه يوما أو يومين . وذكر مرقس أنه لم يكن معهم سوى «رغيف واحد» (مرقس ٨: ١٤)
ونسوا ان ياخذوا خبزا ولم يكن معهم في السفينة الا رغيف واحد. وذكر متّى الخبر ككل ، ويعتقد أن هذا الرغيف باق من رحلات سابقة لأن الخبز هو أساس الطعام عليه في التغذية وأسهل نقلاً في السفر.

تفسير (متى 16: 6): وقال لهم يسوع : “ انظروا واحذروا من خمير الفريسيين والصدوقيين “ .


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
لم يقل المسيح احذروا من خمير التعليم لكي يذكرهم آيتي الخبز لعلمه انهم نسوها


ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " َقَالَ لَـهُمْ يَسُوعُ: ٱنْظُرُوا " كان كل تفكير التلاميذ هو الإعداد للرحلات التبشيرية التى يقوم بها يسوع ويذهبون معه وكانوا يهتمون بما يحتاجون إليه في المستقبل، ولكنهم من كثرة سفرهم نسوا أن يأخذوا خبزا بعد أن أبحروا وبحثوا فى السفينة فلم يجدوا إلا رغيفا واحدا وهذا معناه أما ان يرجعوا أو يشترون الطعام من مكان آخر كان موضوع أفكار التلاميذ وحديثهم نسيان الخبز.
2) " وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ" اغتنم المسيح الفرصة ليعلمهم درساً روحياً باستعارة الخميرة وهى إحدى المواد التى تساعد فى تخمير العجين قبل تسوية الخبز فى الأفران ، والخميرة تكثر العجين وإذا كثرت تنتج عنها بداية الفساد. فاستعار الخمير للمفسدات الأخلاقية، لأنه حُرِّم في أكثر تقدمات الشريعة الموسوية (خروج ٣٤: ٢٥ ) لا تذبح على خمير دم ذبيحتي.ولا تبت الى الغد ذبيحة عيد الفصح." بمعنى أن دم الذبيحة القديمة فسد بفساد الفريسيين وغيرهم من طوائف اليهود وهاهى ذبيحة العهد الجديد بحمر وخبز ( لاويين ٢: ١١) كل التقدمات التي تقربونها للرب لا تصطنع خميرا.لان كل خمير وكل عسل لا توقدوا منهما وقودا للرب. ."
وقصد المسيح بــ خَمِيرِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّين أي فسادهم الأخلاقي وهو الرياء وقد ذكر الإنجيلى لوقا (لوقا ١٢: ١) وفي اثناء ذلك اذ اجتمع ربوات الشعب حتى كان بعضهم يدوس بعضا ابتدا يقول لتلاميذه: «اولا تحرزوا لانفسكم من خمير الفريسيين الذي هو الرياء" . وذلك أنهم ادعوا الغيرة للحق وهم مخادعببن مرائيين وقلوبهم بعيدة عن الرب. وقال مرقس «وأوصاهم قائلاً: انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين وخمير هيرودس» (مرقس ٨: ١٥) لأن هيرودس ومعظم أتباعه كانوا من الصدوقيين. والفريسيون طقسيو ذلك الزمن، وكلاهما لم يكن يكترث بقيادة الشعب للرب بل إهتموا بالمظهر الخارجى ، وتظاهروا بالغيرة العظمى بالتقاليد الشفهية فى فتاوى لا حصر لها مهملين الحق الإلهى .
ويلاحظ أن المسيح حاول ان يلفت نظرهم بتعليم تلاميذه بأشياء ملموسة حتى ترسخ فى ذهنهم  (١) أن مع أن التلاميذ هم المختارين ولكنهم يحتاجون للتعليم  والتنبيه كيلا يقع في التجربة. و(٢) أن الخطر من هؤلاء الذين يذهبون للكنائس متظاهرين بالتقوى الزائدة أعظم من خطر المضلّين أصحاب الشرور المُعلنة.

3)   " خَمِيرِ".  يسوع واليهود في أيامه كانوا يتكلمون اللغة الآرامية والكلمة الآرامية خمير تعنى "الحدة القانونية" هي المقصودة هنا كما تعنى خمير الخبز الكلمتان متشابهتان في الآرامية؛ ولكن الآية ١٢ تتطلب وجود كلمة "خميرة".

**********************

الخميرة فى الكتاب المقدس LEAVEN

كلمة "الخميرة" وردت فى مخطوطات الكتاب المقدس 329 BDB،329 KB ؛ في اليونانية، zumē

وكانت تستخدم تُستخدم بمعنيين في كل من العهد القديم والجديد:

 ١ - معنى الفساد إن بقيت مدة كبيرة ، ومن هنا، رمز الشر

أ . (خر 12: 15) (خر13: 7) (خر 23: 18) (خر 34: 25) (لا 2: 11) (لا 6: 17) (تث 16: 3)

ب . (مت 16: 6 و 11) (مر 8: 15) (لو 12: 1) ( غل 5: 9) (1كور 5: 6- 8)

2 - معنى التخلل ، وبالتالي التأثير، وليس رمز الشر

أ . (لا 7: 13 ) ( لا 23: 17) (عا 4: 5)

ب . (مت 13: 23) (لو 13: 20- 21)

وكمبدأ عام عند تفسير أسفار وآيات الكتاب المقدس السياق هو الذى يحدد معنى الكلمة

في موضوع الخبز الفطير، ما كان الإسرائيليون عند خروجهم من مصر يستطيعون الانتظار حتى الصباح كي ينتفخ. وما حدث فى ليلة الخروج ليلة الخروج أدت إلى ظهور عيد فصح الخروج بالتزامن مع عيد الحصاد الزراعي (انظر خر ١٢ : ١٥ -٢٠) (خر ٢٣ : ١٤ -١٧) (٣٤ : ١٨ )

الخمير كان يستخدم عادة في المواد الذبائحية (انظر لا ٧ : ١٣ ) (لا ٢٣ : ١٧) ولكن لاحقاً صار رمزاً للخطيئة والعصيان ضد الرب . الاختمار كان ينظر إليه من خلال هذا المعنى الرمزي على أنه فرصة إسرائيل على أساس فردي ليتمحصوا حياتهم ليروا إن كان فيها أي إشارة إلى تمرد أو عصيان للرب يهوه. كما كان دور يوم الكفارة (لاويين ١٦) على مستوى قومي، عيد الفطير كان له نفس الدور على مستوى الفرد أو العائلة. العيد السنوي المطلوب، الذى يلى عيد الفصح، حفظ ذكرى تخليص الرب يهوه السموح لهم في أذهان وقلوب شعبه. كما أن النعمة والوعد قدما لهم التحرير من مصر، وسيقدم لهم التحرير من الأمم المحيطة بهم  هكذا كان إسرائيل يتّكل على هذه الصفات الإلهية التي لا تتبدل ليخلصه مع مرور السنين (انظر خر 13: 15 و 18) (تث 4: 9) ( تث 6: 20 ) (تث 7: 20- 21)

تفسير (متى 16: 7): ففكروا في أنفسهم قائلين : “ اننا لم نأخذ خبزاً  “ .


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
المسيح قال عن التعليم وهم فهموا عن الخبز لأنهم لم يزالوا متمسكين بحفظ التطهير اليهودي لجل ذلك انتهرهم معلناً افكارهم .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
٧ «فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزاً».
1) " فَفَكَّرُوا " الإهتمام بحياتنا الجسدية ليس خطأ ولا خطية لأن الرب قال لآدم ( تك 3: 19) بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب، وإلى تراب تعود».اهتموا بالخبز وفى الأرجح أنهم تناقشوا ولا موا بعضهم بعضا على عدم وجود خبز وركبهم الهموم والخوف من الجوع .
2) " إِنَّنَا لَمْ نَأْخُذْ خُبْزاً "
فهم التلاميذ كلام المسيح بالمعنى الظاهرى السطحى ولم يدخلوا إلى عمق كلماته ومعناها كما أنهم لم ينتبهوا للمجاز، لأن أفكارهم كانت مشغولة بالخبز،أولئك الذين سمعوه وعاشوا معه ما كانوا يفهمون وما كان لديهم إيمان كامل . فلم يفهموا من قول المسيح «احترسوا من خمير» إلا الخبز المختمر. . ًوكان لليهود كلام طقسي كثير في شأن الخمير، فقال بعضهم إنه لا يجوز الحصول عليه من الأمم. ولعل التلاميذ ظنوا أن المسيح حذرهم من أخذ الخبز المختمر من الفريسيين لئلا يتدنسوا منهم كما يتدنسون من الأمم، لأن الفريسيين يقاومونه. ولولا بساطة التلاميذ وجهلهم وبطء فهمهم معاني كلام المسيح الباطنة ما وقعوا في ذلك الغلط بعد مضي زمان طويل لهم معه.

تفسير (متى 16: 8) : فعلم يسوع فقال لهم : “ لماذا تفكرون في نفوسكم يا قليلي الإيمان انكم لم تأخذوا خبزاً

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) "فَعَلِمَ يَسُوعُ وَقَالَ لَـهُمْ: لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ " أي علم أفكارهم وأقوالهم، ولم يلمهم على نسيان الخبز لكن على عدم ثقتهم بأنه يقدر أن يسدد احتياجهم.
2) " يَا قَلِيلِي ٱلإِيمَانِ "
غالباًما كان يسوع يشير إلى الإثني عشر على أنهم قليلي الإيمان (مت ٦ :٣٠) ( مت ٨ :٢٦) ( ١٤ :٣١) (مت ١٦ :٨ )    ظهر قلة إيمانهم فى : (١) عدم فهمهم الأمور الروحية التي قالها لهم المسيح وبها استعارة حسية ملموثة فى تخمر الخميرة وكلمة الخميرة ذاتها . المسيح لم يقل لهم أنتم عديمى الإيمان بل قال ياق ليلى الإيمان فلو كان لهم إيمان كافٍ لفهموا ذلك، لأن الإيمان قوة تُرى بها الروحيات. و(٢) كثرة اهتمامهم بالاحتياجات الجسدية وعدم ثقتهم فى المسيح الذي أطعم الألاف فى معجزتى إشباع الجموع . ولامهم المسيح على أنهم عموا عن الروحيات باهتمامهم بالجسديات.كان يسوع يريد أن يتكلم عن الإيمان الزائف للفريسيين (مت ٥ :٢٠ -٤٨ ،(ولكن التلاميذ كانوا مشغولي الفكر بموضوع نقص الـ "الخبز".
(الآيات  ٧ -١٠ )  هي مقطع اعتراضي

 تفسير (متى 16: 9): أحتى الان لا تفهمون ؟ ولا تذكرون خمس خبزات الخمسة الآلآف وكم قفة اخذتم ؟


ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) "
أَحَتَّى ٱلآنَ لاَ تَفْهَمُونَ؟ " سؤال توبيخ .. أي هل لم تعرفوا بعد أن إخترتكم وقربتكم لى وتصاحبونى فى كل مكان كل هذا الزمان، وسماعكم أقوالي وتعاليمي مراراً كثيرة "، ألا تعلمون بعد أن هدف تعليمى و كلامي هي الحقائق الروحية الضرورية لحياة نفوس البشر؟

أما عن المعيشة الجسدية فى الحياة فى العالم سأبارككم فيها هذه كلها ستزاد لكم  "لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت 6: 33 ) وسنجد الوعود بالبركة من الرب كثيرة لأحباؤة الذين يسيرون فى طريقة ومنهم قال (مزمور 23: 1) : "الرب راعي فلا يعوزني شيء" (مزمور 37: 25- 26) "ايضا كنت فتى وقد شخت ولم ار صديقا تخلي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزا. اليوم كله يتراف ويقرض ونسله للبركة" (مزمور 112: 3) "رغد وغنى في بيته وبره قائم الى الابد" (فيلبي 4: 19) "فيملأ الهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع" (2كور 8: 9)  "فأنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من اجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره"،  "لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" (مت 6: 33 ) وقال صاحب المزامير: " أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ."(المزامير 55: 22)  أى لا تدعوا هم الأكل والشرب يسيطر عليكم وتتركون الرب انتم معكم أنا ألنم ترونى كم أشيعت من الجموع الأمور الطفيفة كالخبز وفطيره وما أشبه ذلك؟ لا تدعوا التفكير فيها يسيطر عليكم كما فعل الفريسيين الذين إهتموا بالخمير أكثر من الخبز ذاته والخمير هو التقاليد الشفهية التى يجب أن تلتزم بعملها فى الخبز الذى هو وصايا الرب المكتوبة  فحرفوا الإيمان وكسروا الوصايا
2) " لاَ تَفْهَمُونَ"
كان للتلاميذ لهم امتياز سماع يسوع يتكلم ويخدم الجموع وأيضا المناقشات التفسيرية الخاصة فيما بعد عندما كان يختلى بهم ، ولكنهم كانوا لا يزالون، مثل معظم لمستمعين ( مت١٥ -١٤ ,١٣ :١٣ ) ( أش ١٩ ,١٠ -٩ :٦) غير فاهمين ( مت   15: 17 ) (مت 17 : 11) ( لو 2: 50 ) ( لو 18: 34) ( يو 10: 6) (يو 12: 16) سر تجسد يسوع كان فريدا جدا ومختلف عن الدين اليهودي الذى يشرحه ويفسرة الفريسيين وغيرهم بالتقاليد الشفهية التى قالها الناس  (فى صورة فتاوى ) التى وضعوها أعلى من الأسفار المكتوبة  ("خميرة الفريسيين") حتى أنهم تعلموها منذ طفولتهم فنموا وترعرعوا معها واحتاجوا إلى كشف فوق طبيعي من الروح القدس لأذهانهم لكي يفهموا (لو ٢٤ :٤٥ ) كان هذا يجري ببطء خلال فترة حياة يسوع معهم (مت ١٦ :١٣ -٢٨ ) ولكن لم يفهموا بشكل كامل حتى:

١ - بعد القيامة

٢ -في العلية (يو٢٠ )

٣ -على شاطئ البحر في (يو ٢١ ٤ ) ( أع ١) عندما صعد إلى السماء

3) " وَلاَ تَذْكُرُونَ " وبعد توبيخهم بعدم الفهم جاء لوم المسيح لهم بنسيان المعجزتين مما زاد لومه لهم على قلة إيمانهم أنهم شاهدوا منذ قليل عمله المعجز في إشباع ألوف وقت الحاجة، ومع هذا نسوا ما علَّمهم فى تلك المعجزتين أنه ما دام معهم فلا يجب أن يهتموا كل هذا الاهتمام بالأمور الجسدية. فكأنه قال لهم: :" أيعجز من أشبع خمسة آلاف في البرية ثم أربعة آلاف من قليلٍ من الخبز، عن أن يشبع اثني عشر رجلاً؟!."
4) " خَمْسَ خُبْزَاتِ ٱلْخَمْسَةِ ٱلآلاَفِ وَكَمْ قُفَّةً أَخَذْتُمْ،" (متّى ١٤: ١٧ )
 فقالوا له: «ليس عندنا ههنا الا خمسة ارغفة وسمكتان». (يوحنا ٦: ٩ ) هنا غلام معه خمسة ارغفة شعير وسمكتان
(مت 14: 20)
 فاكل الجميع وشبعوا. ثم رفعوا ما فضل من الكسر: اثنتي عشرة قفة مملوءة. 

تفسير (متى 16: 10) : ولا سبع خبزات الاربعة الآلآف وكم سلاً اخذتم ؟

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " قُفَّةً... سَلاًّ " ميز المسيح بين الأوعية التي جمع فيها الخبز، كما ميز بينها البشير في إنبائه بالمعجزتين. عدد الجموع وكسر الخبز التى فضلت من ألوف الجموع بعد أن اكلت وشبعت (مت 14: 20)  فاكل الجميع وشبعوا. ثم رفعوا ما فضل من الكسر: اثنتي عشرة قفة مملوءة.  " بالمقارنة (مت 15:  37- 38 ) فاكل الجميع وشبعوا. ثم رفعوا ما فضل من الكسر سبعة سلال مملوءة 38 والاكلون كانوا اربعة الاف رجل ما عدا النساء والاولاد. 
فائدة: يقتضي أن نتعلم الثقة بالله من اختبارنا رحمته، ولكن قليلين من المسيحيين لا يخجلون إذا سألهم المسيح قائلاً: هل ذكرتم مراحم الله الماضية لكي تطمئن قلوبكم في زمن الشدة؟

(متّى ١٥: ٣٤)  فقال لهم يسوع: «كم عندكم من الخبز؟» فقالوا: «سبعة وقليل من صغار السمك». 

تفسير (متى 16: 11):  كيف لا تفهمون اني ليس عن الخبز قلت لكم ان تتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين؟»


 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
أي من آيتي الخبز اللتين صنعتهما كان يجب ان تفهموا اني لم اقل لكم من اجل الخبز بل من اجل التعليم . ولم يزجرهم في البرية لئلا يخجلهم قدام الجموع . أما هنا فرأى الفرصة سانحة لتخجيلهم لأن الاية كانت مزدوجة فاستوجبوا التوبيخ .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " كَيْفَ لاَ تَفْهَمُونَ " تعجب المسيح من أن تلاميذه لم ييفهموه أن هدفه الرئيسى من معجزاته كان الطعام الروحي الذي هو غذاء النفوس بالرغم من أنه يهتم أيضا بالأطعمة الجسدية كالخبز. هنا وبخ تلاميذة بإهتمامهم بأمور العالم أكثر من إهتمامهم بالأمور الروحية (الخبز الأرضى والمن السمائى / الخبز السمائى الذى هو المسيح) إذا كان المسيح معكم فلماذا تهتمون بالأمور البسيطة الأرضية معكم خالق السماء والأرس فماذا ستحتاجون .. وقد ويخ أيضا الشعب حينما " اجابهم يسوع وقال:«الحق الحق اقول لكم: انتم تطلبونني ليس لانكم رايتم ايات، بل لانكم اكلتم من الخبز فشبعتم.  (يو 6: 26)  لم يفسر المسيح قصده من الخمير، بل وجه أفكار التلاميذ إلى حيث يمكنهم أن يفهموا ذلك القصد.

تفسير (متى 16: 12): حينئذ فهموا انه لم يقل ان يتحرزوا من خمير الخبز ، بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين

.
 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
أي وإن كان لم يفسرها فان توبيخه ايقظهم من الغفلة وصانهم عن الاستمساك بالتعاليم اليهودية وثبت إيمانهم

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
 1) "  حينئذ فهموا " المفروض أن الناموس كان يقيد الفريسيين والصدوقيين بوصايا وشرائع ولكنهم قيدوا الناس بتقاليد شفهية وأقوال شيوخهم ومعلميهم وهى أقوال الناس وفرضوها على الشعب الغير متعلم وكان نقص محبتهم هي التي جعلت يسوع يو ّجه لهم كلمات قاسية من الإدانة. غالباً ما يكون الدين المقيد بأفكار الناس حاجزا بدلا من أن يكون جسرا ً من الأرض للسماء

علينا أن نقارن هذا بما ورد عن مثل الخميرة (متّى ١٣: ٣٣) فيستعمل السيد الخميرة لمعنيين مختلفين. وهذا كثير الورود في الأمثال والاستعارات، لأن جوهر المعنى في الخميرة هو العمل السري والانتشار، سواء في الخير أو الشر.
استيقظت عقول التلاميذ لما يهمّ المسيح، وانفتحت عيون إيمانهم حتى فهموا من تلقاء أنفسهم أن قصد بالخمير التعليم الفاسد من المعلمين المرائين.
2) "  أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْ يَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ ٱلْخُبْز"
يَتَحَرَّزُوا لم ينه المسيح تلاميذه عن مخالطة الفريسيين والصدوقيين، بل أمرهم أن يحذروا ضلالهم.
3) " بَلْ مِنْ تَعْلِيمِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ"  هو إنحراف المعلمين عن التعليم الصحيح أى لا تقوم الخميرة بالعمل الصحيح فى تخميو العجين  في ستة أشياء.

(١) أنه يظهر في بادئ الأمر صغيراً لا يعتد به بالنسبة إلى الحق، كما أن الخميرة تكون صغيرة بالنسبة للعجين كله.

(٢) إنه يشبه الحق في أول أمره، فيعسر تمييزه، كما أن الخميرة لا تختلف عن العجين منظراً.

(٣)إن عمل كلٍ منهما خفيٌ.

(٤) أن كلاً منهما يعمل بالتدريج.

(٥) إن من صفاتهما الامتداد.

(٦)أن الضلال حيث استقر يُفسد عقائد الإنسان، كما أن الخميرة تُصيِّر كل العجين مثلها، فإن «خَمِيرَةٌ صَغِيرَةٌ تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ» (غلاطية ٥: ٩).
يجب على المسيحيين  أن ينتبه لإنذارات الكتاب كما ينتبه لمواعيده بالتدقيق والفحص حول كل تعليم هل هو مطابق للكتاب المقدس أم لا . مات الفريسيين والصدوقيين وأنتهى عصرهم لكن بقيت ذكراهم وتاريخهم مثلا لخميرتهم باقية على ما كانت عليه من شدة تأثيرهم فى المجتمع . فعلى كل فرد وكل كنيسة الانتباه لإنذار المسيح.

تفسير انجيل متى الاصحاح السادس عشر

 أنت هو المسيح ابن الله الحي  (متى 16: 13- 20)

رحلة يسوع إلى قيصرية فيلبس

 

تكرر حدث رحلة يسوع لقيصرية فيلبس فى الإنجيليين (مرقس ٨: ٢٧ الخ ) (لوقا ٩: ١٨ الخ)

 

تفسير (متى 16: 13)  : .ولما جاء يسـوع الى نواحي قيصرية فيلبس سال تلاميذه قائلاً : “ من يقول الناس اني أنا ابن الانسان “

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

ذكر البشير متى اسم الذي عمّر المدينة . وذهب البعض ان فيلبس هذا كان قاطناً في المدينة فذكرها باسمه تمييزاً لها عن قيصرية أخرى كانت تدعى قديماً اسطرطون . وبعد سبع سنوات من حكم طيباريوس القيصر عمّرها ثم وسع نطاقها فيلبس الرابع وسمّاها قيصرية . وقد بنى هيرودس أخوه مدينة وسماها باسمه طيباريا فزاد على اسم قيصرية اسم فيلبس لكي تتميز عن قيصرية كبادوكية وعن قيصرية التي في داخل ارمينيا . ثم ان المسيح لم يسأل تلاميذه في مكان قريب يعتريهم فيه الخوف والوجل بل في مكان بعيد حتى تتنبه فيهم دالتهم عليه فيكشفون ضمائرهم بلا حذر ولا وجل . ولم يسألهم عن أفكارهم الخصوصية مباشرةً بل عن أفكار غيرهم حتى اذا ذكروها أعطوها الجواب عن أنفسهم . وسمى نفسه هنا ابن البشر لان اسم ابن البشر يطلق على من كان كساير الناس ولد من زرع . ويقصد بهذا اللقب ان يبين ان ليس له أب خاص بناسوته كسائر الناس لكنه ابن الانسان الاول (آدم) . ويؤخذ من ذلك أيضاً انه يريد ان تكون تدابيره منوطة بابن البشر . ومراده هنا لاهوته كقوله ما صعد أحد الى السماء الا ابن البشر ومتى رأيتم ابن البشر يصعد الى حيث كان . لاجل الاتحاد الحقيقي .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ " قيصرية : هي مدينة شمال الجليل في سفح جبل حرمون (الآن جبل الشيخ) وتبعد نحو ساعة عن نبع الأردن.وتبعد حوالي ٢٠ ميلاً شمال بحر الجليل وكان اسم المدينة أولاً «لايش ودان» (يشوع ٧٩: ٤٧ وقضاة ١٨: ٢٧ - ٢٩) واسمها اليوم بانياس، وهو مأخوذ من اسم قديم لها، لأنه كان فيها هيكل «بان» أحد آلهة اليونانيين. وقد جدد بناءها فيلبس رئيس الربع ، وهو ابن هيرودس الكبير، قبل ذلك بثلاث سنين ووسعها وزينها وسماها قيصرية إكراماً لقيصر طيباريوس إمبراطور روما، وأضيفت إلى اسمه تمييزاً لها عن قيصرية أخرى بُنيت على شاطئ بحر الروم بين يافا وعكا والتى يطلق عليها قيصرية بارتينا أو قيصرية فلسطين . وجاء المسيح إلى القرى التي في نواحي قيصرية فيلبس يبشر ويعلم. وفيما كان مسافراً بين قريتين من تلك القرى سأل تلاميذه الاثني عشر السؤال المذكور هنا .

 

دير بانياس فى قيصرية فيلبس -

آثار بانياس : يمكن مشاهدة أبراج المدينة القديمة، ومدخلها الأثري، وقواعد وأبدان وتيجان أعمدة متنوعة، وأحجار منحوتة ذات نقوش جميلة، وأمثالها من البقايا، وباقى المدينة تحت الأرض. وفي خارجها وأنت هابط في طريق القنيطرة توجد على تل  كنيسة حديثة رمزية بيضاء اللون، ينبت في موقع مرتفع يذهب إليه المسيحيون ويطلقون عليه إسم (دير بانياس)، وهو الموقع الذي يعتقد فيه أن أن المسيح وصل إليه عندما ذهب إلى قيصرية فيلبس  وزادت شهرة بانياس فى العصر اليونانى المسمى بالهلينى ، ولو أنها كانت موجودة من قبلهم. 

 

معبد الإله اليونانى بان

ولكن اليونان منذ أن حكموها  جعلوا المغارة التي فوق نبع نهر الأردن في الجبال السورية باسم الإله "بان" حارس الحقول والغابات والمواشي والصيادين، ومن إسم الإله بان  نشأ اسم المدينة الذي احتفظ به من بعد فصار (بانياس) حيث تحتوى الأسماء اليونانية على حرف السين فى نهايته . وقد وقعت بها المعركة بين انطيخوس الثالث الملك السلوقى "السوري" وبطليموس الخامس الملك  البطلمى في عام (200 ق.م). وقبل المسيح شاد هيرودس الكبير أمام المغارة المذكورة هيكلًا (معبدا) على اسم أغسطس قيصر التى كان يحج إليه الوثنيين ويذبحون ذبائحهم (الصورة المقابلة المعارة وأحجار المعبد بعد هدمه  ، لكن مدينة بانياس لم تتطور  إلا في عهد ابنه فيليبس رئيس ربع اليطورية (الجيدور). فقد أكمل بناءها على النظام الرومانى وجعلها عاصمة له، وحول إسمها من بانياس إلى  قيصرية تملقا  لطبياريوس قيصر، وأضافها إلى اسمه فصار إسمها  قيصرية فيليبس ثم أضاف هيرودوس اغريباس الثاني بعض المنشآت ودعاها (نيرونياس) إكراما للقيصر نيرون  وفيما بعد  أصبحت بانياس من مدن الإمبراطورية الرومانية الهامة. وفي الأناجيل قصة ذهاب السيد المسيح إليها عندما كان إسمها قيصرية فيلبس ، وهناك اعترف القديس بطرس به  وأيضًا  بانياس / قيصرية فيلبس)  كانت موطن المرأة التي شفاها المسيح من نزيف الدم في كفر ناحوم .

وفي سنة (70 م) قام تيطس بالحرب ضد الثوار اليهود ـ وبعد هزيمتهم  احتفل فيها بانتصار الجيوش الرومان في معارك جنوب سوريا وإسرائيل واستيلائهم على أورشليم وتخريبها وهدم الهيكل . وفي القرن الرابع جعلت بانياس مركز اسقفية بعد إعتناق أهلها المسيحية . وفي سنة (636 م) دخل المسلمون بانياس،

وقرية بانياس الحالية مبينة في مكان المدينة القديمة الأثرية حيث تتناثر فيها بقايا الآثار والمعابد التاريخية قطع من الأعمدة والحجارة والمنحوتة والمباني والدور السكنية والمعابد والطواحين ومعاصر الزيتون القديمة. وفي عام 1953 حينما قاموا بتحويل نهر بانياس وعندما بدأوا يحفرون عثروا على نقوش بديعة ولوحات من الفسيفساء  وفصوص خواتم على بعضها صور آلهة، منها دياناآلهة الصيد، وعلى  نقوش عربية وقطع أثرية كثيرة.

 

الإله بان : واحد من أقدم الآلهة اليونانية، يملك أرجلاً مثل أرجل الماعز وقروناً مثل الماعز، وهو إله الرعاة والمواشي والغابات والصيادين، ورمزاً للخصوبة والفحولة الجبارة. وفى الأسطورة ميثولوجيا اليونان أن ”بان“ يحاول أن يضاجع أي شيء يتحرك كالرجال والنساء وحتى الحيوانات، وحدث أن ”بان“ حاول أن يتودد لحورية كي يضاجعها لكن الحورية هربت منه فحولتها أخواتها إلى قصبة / نباات الغاب لتنجوا من مضايقته ، فقام ”بان“ بصنع ناي منها. لكن حتى بعد ذلك العناء صدى الحورية الخارج من الناي قام برفض ”بان“، فغضب جداً وقتلها هي وإخوتها.

 

2) "  وَلَمَّا جَاءَ " ... سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: كانت هذه هي محاولة يسوع الثانية لينفرد بالتلاميذ (مت ١٥) بالقرب من قيصرية فيلبس وبدأ المسيح في ذلك الوقت يجهز التلاميذ لقبول تعليم يعسر عليهم قبوله . كيف لا، وهو من أعقد التعاليم فهماً وأبعدها إدراكا ، وهو أنه ينبغي أن يتألم ويموت ليتمم عمل الفداء؟ كيف يقبلون أن معلمهم الذى فعل هذا الكم من المعجزات بل انه تحكم فىى الطبيعة وأقام موتى فهل سبموت هو أيضا وهو فى ريعان شبابه  ولهذا ابدأ يسوع كلامه بسؤاله تلاميذه عما يعتقدون في أمر قوله أنه المسيح . وسر الفداء هذا كامن فى الحكمة الإلهية لم يفهمها الرسل عندئذٍ ، فكم بالأحرى عامة الناس. إن فهمها والإيمان بها تحتاج إلى تعمُّق كبير في فهم قوة الرب للخلاص وقلب نقى وفكر يريد معرفة الرب . لأن ذكر الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الرب .

3) " ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ" ورد هذا للقب المسيانى مرا ٍت عديدة في العهد القديم. الذى يشير على الناسوت واللاهوت (مز ٨ :٤) (حز ٢ :١ ) (دا ٧ :١٣) كما لقَّب المسيح نفسه بهذا إشارة إلى ما في دانيال ٧: ١٣ حيث أُشير إلى المسيح. فسألهم ذلك السؤال " مَنْ يَقُولُ ٱلنَّاسُ إِنِّي أَنَا ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ؟) ليقودهم إلى الإقرار إلى لقبه السمائى وهو «ابن الله».
 لقب "إبن الإنسان" لم يستخدمه اّلرابيون / معلمى الناموس في زمن يسوع؛ ولذلك فلم تكن له أي دلالة قومية أو عسكرية متضمنة. كان هذا هو اللقب الذي اختاره يسوع للإشارة إلى نفسه لأنها كانت تجمع بين جانبي شخصه، الله الكامل والإنسان الكامل (فيل ٢ :٦ -٨؛ ) (١ يو ٤ :١ -٣).(راجع مت ٨ :٢٠ )

تفسير (متى 16: 14)  : فقالوا : “ قوم : يوحنا المعمدان ، وآخرون : ايليا ، وآخرون : ارميا أو واحد من الانبياء  “ .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

ذكروا هؤلاء الثلاثة لانهم حفظوا بتوليتهم وقد شاهدوا المسيح على هذه الصفة . فذكروا يوحنا لسبب المدهشات التي قد جرت في حياته ومولده ومناقشته الفريسيين . وايليا لشهرته بآية ابنة الارملة الصارافية . ويقول القديس افرام ان ابن الصارافية هو يونان وانه ذاق الموت ثلاث مرات الاولى حين احياء ايليا النبي والثانية حين ابتلعه الحوت والثالثة حين مات كسائر الناس . فمرتين مات موتاً سرياً . ومرة مات موتاً طبيعياً . ثم ان يعقوب الرهاوي ونحن له تابعون لا نجزم بصحة هذا الرأي . لان بينه وبين زمان آخاب معاصر ايليا مراحل شاسعة . فأين هو وزمان حزقيا الذي كان فيه يونان . أما ذكرهم لايليا فلأن النبي قال ” هو ذا ارسل لكم ايليا قبل ان يأتي يوم الرب ” . وأما ذكرهم لارميا فقد قيل لأجله ” انك قبل ان تخرج من الرحم قدستك ونبياً للامم وهبتك ” . ثم لان اليهود كانوا يقولون في ذلك الزمان ان ارميا حي وانه جاث على ركبته ويقتات الطين والتراب وانه كان ينوح ويبكي على خراب اورشليم لذلك ظنوا ان ارميا قد تراءى وان يسوع المسيح هو ارميا بعينه . وذهب البعض ان أولئك القوم لم تطوح بهم الظنون الى حد انهم حسبوا المسيح انه موسى بل انهم ظنوه النبي الذي نوّه عنه موسى حيث قال انه ” سيقيم لكم الرب نبياً من أخوتكم مثلي ” فان ذلك وان كان المقصود به يشوع بن نون والانبياء الذين جاءوا بعده . فموسى نطق بالنبوة وهم طبقوها على المسيح .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " فَقَالُوا: قَوْمٌ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ" أجابوه بما قال الناس عنه ومن الآراء التي ذكروها رأي الشعب وهيرودس، وهو أنه المعمدان ( لوقا ٩: ٧ ) فسمع هيرودس رئيس الربع بجميع ما كان منه وارتاب لان قوما كانوا يقولون: «ان يوحنا قد قام من الاموات».(متّى ١٤: ٢)  في ذلك الوقت سمع هيرودس رئيس الربع خبر يسوع فقال لغلمانه: «هذا هو يوحنا المعمدان قد قام من الاموات ولذلك تعمل به القوات». إما لسمو رتبة المسيح وتشابه رسالة يوحنا والمسيح فى حض الناس على التوبة والمعمودية بالماء ولكنهما فى الواقع تختلفان إختلافا كبيرا بين شخصية يوحنا المعمدان والمسيح ورسالة يوحنا التى تتوقف عند المعمودية ولكن يبقى الغفران فى دم المسيح وكان الرأى بان المسيح هو يوحنا من أكثر الآراء إنتشر بين عامة الناس ووصل إلى هيرودس أنتيباس الذى رجحه هو أيضا 

2) " وَآخَرُونَ إِيلِيَّا،"  توقع كثيرون من اليهود مجيء إيليا نفسه قبل إمجئ المسيح بناءً على نبوة ملاخي (  يعلن إنجيل متى 11: 7-14)  "وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هَذَانِ (تلاميذ يوحنا المعمدان) ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَاناً لاَبِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ. لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ." هنا يقتبس المسيح من سفر (ملاخي 3: 1 ) حيث يبدو أن الرسول الذى سيجئ قبل المسيح هو شخصية نبوية ستأتي. وقفاً لسفر (ملاخي 4: 5 ) هذا الرسول هو "إيليا النبي" الذي يقول المسيح هنا أنه هو يوحنا المعمدان. إن الكتاب المقدس واضح جداً في أن يوحنا المعمدان يسمى "إيليا" لأنه جاء "بروح إيليا وقوته" (لوقا 1: 17)، وليس لكونه إيليا بالمعنى الحرفي. يوحنا المعمدان هو نبي العهد الجديد الذي يعد الطريق لمجيء الرب، كما قام إيليا بنفس الدور في العهد القديم (وربما يقوم به في المستقبل – أنظر رؤيا 11). كما يذكر الكتاب ان ظهر إيليا نفسه مع موسى عند تجلي المسيح بعد موت يوحنا المعمدان. وهذا لم يكن ليحدث لو أن إيليا تغيرت هويته وصار يوحنا (متى 17: 11-12). رابعاً، يبين إنجيل (مرقس 6: 14-16 وأيضاً 8: 28 ) أن الناس وكذلك هيرودس كانوا يميزون بين يوحنا المعمدان وإيليا. وفي الأصحاح الأول من إنجيل يوحنا الرسول، يعرِّف يوحنا المعمدان نفسه بأنه الرسول المذكور في (إشعياء 40: 3) وليس إيليا المذكور في (ملاخي 3: 1.) بل إنه يمضي أبعد من ذلك وينكر بصورة خاصة أن يكون هو إيليا (يوحنا 1: 19-23). لقد عمل يوحنا للمسيح ما كان إيليا ليعمله من أجل مجيء المسيح،توجد عبارة مفتاحية في تعريف المسيح ليوحنا بأنه إيليا في النص السابق والتي لا يجب أن نغفلها. يقول: "وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ." بكلمات أخرى، كان تعريف يوحنا المعمدان بأنه إيليا لا يقوم على كونه إيليا، بل على إستجابة الناس للدور الذي يقوم به. فبالنسبة لمن أرادوا أن يؤمنوا بالمسيح، كان يوحنا المعمدان بمثابة إيليا، لأنهم آمنوا بيسوع المسيح كرب. أما بالنسبة للقادة الدينيين الذين رفضوا المسيح فلم يقم يوحنا المعمدان بهذا الدور.
3) "
وَآخَرُونَ إِرْمِيَا " إِرْمِيَا هو نبي كان في اليهودية منذ نحو ٦٠٠ سنة قبل الميلاد.

4) " أَوْ وَاحِدٌ مِنَ ٱلأَنْبِيَاء" وَاحِدٌ مِنَ ٱلأَنْبِيَاءِ أي أن أحد الأنبياء الأولين قام من الموت.

تفسير (متى 16: 15) : قال لهم : “ وانتم من تقولون اني أنا  ؟ “ .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟" وهذه طريقة أخرى من المعلم يسوع لتلاميذة عن طريق الأسئلة والطريقة التى إستخدمها يسوع فى التعليم كان عن طريق الأمثلة وهنا بالقرب من قبصرية فيلبس سألهم عن رأيهم الخاص فيه.
هنا يتكلم يسوع بصيغة الجمع. سأل يسوع جميع تلاميذه هذا السؤال.

تفسير (متى 16: 16)  .: فأجاب سمعان بطرس وقال : “ أنت هو المسيح ابن الله الحي  ! “

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

ان المسيح له المجد طلب رأي جميعهم أما سمعان فانبرى في مقدمة التلاميذ لأنه اكبرهم سناً ورد الجواب بإعلان الحقيقة فما سمع سؤال المسيح ” من تقولون اني انا ” حتى صعد بعقله الى العلى فكشف له الاب عن المسيح انه ابن الله بالطبيعة فنادى على الارض قائلاً أنت هو المسيح ابن الله لاجل ذلك أعطيت له الطوبى ولما سأله مرتين أجابه انت هو ابن الله . ورب سائل لماذا لم يأتِ يوحنا بذكر الطوبى ؟ فنجيب ان في المرة الاولى كان وقت البدء بانتخابهم ولم تحن بعدد أيام آلام السيد المسيح وكان كفر سمعان بعيداً أيضاً ولم يكن معهم أحد إلا المسيح وتلاميذه . أما المرة الثانية فلأن أيام آلام السيد المسيح وموته كانت تقرب وكان له المجد يعلم ان سمعان سيجحده .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ:"  سال يسوع جميع التلاميذ عن رأيهم فيه بصيغة الجمع. هذا السؤال  وانتم من تقولون اني أنا  ؟ . أجاب بطرس بسرعة بلسان الجماعة أجاب بطرس بالنيابة عن الباقين، لأن الإسراع إلى الكلام كان من طبعه، أو لأن التلاميذ بسبب سرعة بطرس وكبر سنه  اتخذوه المتحدث باسمهم.

 بطرس كان صيادا للسمك رجل بسيط على سجيته وكان ينفرد بصفات شخصية مختلفة عن باقى التلاميذ  كانت الصفة البارزة أنه ذا حب جم لسيده وغيرة ملتهبة ولكنه كان متسرعًا ومندفعًا.. فهو الأول الذي اعترفبلاهوت المسيح والأول الذي بشر بالمسيح في يوم الخمسين . لكنه في اندفاعه حاول أن يمنع المسيح أن يموت (مر 8: 31: 33)    كان يمتاز بالأيمان النقى حين سأل السيد المسيح تلاميذه تخلى عنه الكثير من تلاميذه عند كلامه عن القربان المقدس قائلاً: "وأنتم ألا تريدون أن تذهبوا؟" فأجابه بطرس: "الى من نذهب وعندك كلام الحياة الابدية" (يو 6/76). - كان يثق ثقة كبيرة بمعلمه حتى سار على المياه طوعا لكلام الرب: "اذا كنت أنت هو فمر أن آتي على المياه" (متى 14/28). - امتاز أيضا بالتواضع: اعترف بخطاياه وأنه غير أهل لمصاحبة المسيح: "إذْ خرَ عند قدمي يسوع وقال ابتعد عني فإني رجل خاطيء" (لو 5/ 8). - ترك كل شيئ من أجل المسيح وقال معلنا : "هوذا نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك" (متى 19/ 20). نعم كان فقيرا حسب قول القديس غريغوريوس الكبير لكنه ترك كثيراً لأنه لم يحتفظ بشيء. مثل الأرملة التي ألقت بفلسها في هيكل الرب. - كان كريم النفس وشهماً وشجاعا : أ) رفض في العشاء الأخير أن يغسل الرب قدميه. ب) في بستان الزيتون ضرب بالسيف وقطع أذن ملكس عبد رئيس الكهنة. ج) بعد القيامة عندما علم أنه هو الرب الذي ظهر: رمى بنفسه في البحر.
2) " أَنْتَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ " يشمل إعتراف بطرس هنا شقين ضرورين للإيمان بالمسيحية

أولا: أن يسوع هو المسيح المسيا الذى ينتظره اليهود أى الممسوح والذى أنبا عن مجيئه اأنبياء العهد القديم وأسمه يسوع أى بالعبرى "ياه شوع يهوه يخلص

 ثانيا : أن يسوع هو إبن الإله الحى أى إبن ليهوه والتي هي من الفعل العبري "يكون" (خر ٣ :١٤ )  ( أعمال ٨: ٣٧ ) فقال فيلبس:«ان كنت تؤمن من كل قلبك يجوز». فاجاب وقال:«انا اومن ان يسوع المسيح هو ابن الله».  ( أع ٩: ٢٠ ) وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح «ان هذا هو ابن الله». ( عبرانيين ١: ٢الخ)   كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه، الذي جعله وارثا لكل شيء، الذي به ايضا عمل العالمين، الذي، وهو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الاعالي، صائرا اعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما افضل منهم. (١يوحنا ٤: ١٥ ) من اعترف ان يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله.  ( 1يو ٥: ٥) من هو الذي يغلب العالم، الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله؟

 اللقب اليوناني "المسيح" كلمة المسيح مرادف للكلمة العبرية "المسيا" أو "الممسوح". (ألقاب العهد القديم عن ذلك الخاص الآتي على مت ٨ :٢٠) كل أعمال يسوع كانت تبرهن على أنه المسيح وقد حقق بها جميع نبوات العهد القديم التى أشارت إلى صفات المسيا ، المسيح أي الممسوح لرعاية شعبه باعتباره النبي والكاهن والملك كما أنبأ الأنبياء (مزمور ٢: ٢ ) ( دانيال ٩: ٢٥). وهو يخص البشرية كلها لأنه يسمو فوقها لأنه كلمة الرب تجسد، فلا أحد يحتكره لنفسه، ولا أحد يستنفده بامتلاكه، فهو للكل على السواء، على شرط أن يُخلصوا له من كل قلوبهم. كان أندراوس قد عبر عن ذلك بقوله «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا الَّذِي تَفْسِيرُهُ:الْمَسِيحُ» (يوحنا ١: ٤١) " أنت هو" دلالات مستقبلية لـ "أنا هو" مع أسماء فاعل مبني للمجهول. يجب أن تُترجم بالمعنى "سيُربط" و "سيُحل" (مت ١٨ :١٨ .(هذا يعكس حقيقة أن ما يقرره البشر، المقادين بالروح القدس، على الأرض حول أو بخصوص المسائل الروحية سيكون قد تقرر في السماء. هذا المقطع لا يعبر عن قرار بشري، بل عن بشر يتبعون قيادة الله (مت ١٨ :١٨؛ يو ٢٠ :٢٣ )

3) " ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيّ"  وُصف الله بالحي تمييزاً له عن آلهة الأمم الوثنيين (يشوع ٣: ١٠ ) ثم قال يشوع بهذا تعلمون ان الله الحي في وسطكم وطردا يطرد من امامكم الكنعانيين والحثيين والحويين والفرزيين والجرجاشيين والاموريين واليبوسيين.  ( أعمال ١٤: ١٥)ايها الرجال، لماذا تفعلون هذا؟ نحن ايضا بشر تحت الام مثلكم، نبشركم ان ترجعوا من هذه الاباطيل الى الاله الحي الذي خلق السماء والارض والبحر وكل ما فيها، " ولأنه حاضر بين الناس ويعلم أحزانهم ويعتني بهم، ويهبهم الحياة والقوة. وهذا اللقب عظيم جداً وهو لائق بالمسيح. وجواب بطرس لم يكن عن نفسه وحده، ولا مجرد تقرير ما قاله أندراوس لما عرفه بالمسيح (متّى ١٤: ٣٣ ) والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين: «بالحقيقة انت ابن الله!» (يوحنا ٦: ٦٩) ونحن قد امنا وعرفنا انك انت المسيح ابن الله الحي». كما أعلنت مرثا قائلة  ( يو ١١: ٢٧ ) قالت له:«نعم يا سيد. انا قد امنت انك انت المسيح ابن الله، الاتي الى العالم».

بل كان إقراراً وإعترافا بألوهية يسوع قاله عن نفسه وعن سائر التلاميذ بأن يسوع قد أثبت كل ما ادعى به من أنه المسيح المنتظر منذ القديم. فلا ريب في أن صدَّق سائر الرسل إقرار بطرس كأنه إقراراهم. وهذا الإقرار بين لهم إيماناً قوياً في وقت أنكر فيه رؤساء طوائف الدين اليهودى والكهنوت صحة ذلك الإقرار، وكان فيه المسيح في صورة عبد فقير لا ثروة له ولا جاه ولا سلطة ملكية ولا قيادة حربية ولا شيء يدل على عظمته الملكية.

بلا شك هذا كان الوقت الصحيح لكى يعلن يسوع عن نفسه لتلاميذة واضعا النقاط على الحروف وأعلن بطرس إيمان التلاميذ وممثلا لهم ولكن لم يفهم بطرس بشكل كامل مسيانية يسوع كما هو واضح من الآيات ٢١ -٢٣ .ولذلك، فإن بركة الآية ١٧ متعلقة بعبارة "ابن الله الحي". إن عبارة "الله الحي" كانت إعادة صياغة للإشارة إلى الرب/ يهوه والتي هي من الفعل العبري "يكون" (خر ٣ :١٤ (راجع أسماء الله على مت١ :٢١ )

تفسير (متى 16: 17)  : فاجاب يسوع وقال له : “ طوبى لك يا سمعان بن يونا ، ان لحماً ودماً لم يعلن لك ، لكن ابي الذي في السموات .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

يتساءل البعض لماذا لم يعطِ الطوبى لاولئك الذين كانوا في السفينة حين قالوا ” حقاً هذا ابن الله ” ولا لنتنائيل الذي قال ” انت هو المسيح بن الله ولا لمرتا كذلك ” . فنجيب ان اولئك مثل غيرهم من أبناء الله الكثيرين اعترفوا به كابن النعمة ولم يدركوا انه المولود من جوهر الآب أما سمعان فاعطي الطوبى لاقراره به ابناً طبيعياً لله وانه مولود من جوهره وإن كان قد صار انساناً . ثم تامل بقوله ” لكن أبي الذي في السموات ” كيف الاب يكشف للابن والابن للاب مصداقاً لقوله لا أحد يعرف الابن الا الآب وهنا اظهر مساواته للاب في الجوهرالواحد .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: طُوبَى لَكَ"  وهذا التطويب الذي قاله المسيح لم يكن مقصوراً على بطرس وحده، بل كان له أولاً ثم لكل التلاميذ، لأن سؤال المسيح كان للاثني عشر، فأجاب بطرس عن نفسه وعن البقية، وإن كان السؤال والجواب بصيغة المفرد."الطوبي" الحسني والخير. و"طوبي له" تعني يالغبطته أو يا لسعادته. والكلمة في العبرية هي " أشير" وهو الأسم الذي أطلقته ليئة على الابن الثاني الذي ولدته جاريتها زلفة ليعقوب قائلة: "لأنه تغبطني بنات" (تك30:13). ومنها الفعل "يطوِّب" أي يغبط. والكلمة كثيرة الاستخدام وبخاصة في سفري المزامير والأمثال (انظر مثلًا مز1: 1، 2: 12، 32: 1و2، 33: 12... أم 8: 34، 20: 7، 31:28... إلخ).
أما الكلمة اليونانية في العهد الجديد المترجمة "طوبى" فهي "مكاريوس" Makarios. والتطويبات التي ذكرها الرب في الأصحاح الخامس من إنجيل متى (5: 3-11)، وعددها تسع تطويبات، تعبر عن البركات التي يحظى بها أولئك المطوبون أو المباركون. وقد باركنا الله –نحن المؤمنين بالمسيح- "بكل بركة روحية في السماويات في المسيح" (أف 1: 3) لأنه "طوبي للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم. طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية" (رؤ4: 7، انظر أيضًا مز32: 1و2).
وتقول العذراء المغبوطة في أنشودتها الرائعة: "فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو1: 48). ويقول يعقوب: "ها نحن نطوب الصابرين" (يع5: 11).
سبق إقرار بطرس بالمسيح لفظاً ممن شاهدوه حين سكَّن اضطراب البحر (متّى ١٤: ٣٣) وسبق من فم نثنائيل حين لقي المسيح أول مرة (يوحنا ١: ٤٩) لكن ذلك كان نتيجة العجب وتأثيراً وقتياً. أما إقرار بطرس فكان عن إيمان ثابت ومحبة شديدة للمسيح ، ولم يُبن على مجرد البراهين العقلية بل على تأثير الروح القدس في قلبه أيضاً.
2) " يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا،" وكان بطرس يسمى أولًا سمعان واسم أبيه يونا (مت 16: 17) واسم أخيه أندراوس، واسم مدينته بيت صيدا. فلما تبع يسوع أسماه "كيفا" وهي كلمة أرامية معناها صخرة، يقابلها في العربية صفا أي صخرة وقد سّماه المسيح بهذا الاسم. والصخرة باليونانية بيتروس ومنها بطرس (يو 1: 42 ومت 16: 18) 
هذه الكلمة الآرامية "Barjonas "كانت تعني "ابن يونا"
سِمْعَانُ بْنَ يُونَا ناداه به أى أنك يا سمعان بالأسم الأرضى المعروف به منذ ولادته أى مع أنك أرضى ولكنك نموت فى الإيمان حتى عرفتنى أننى إبن الإله وهذه مقارنة بين الأرض والسماء فى الإسمين وهذا افسم الذى ناداه به يسوع بعد القيامة على بحر طبرية وقال له اتحبنى وناداه بإسمه الأرضى توبيخا له على إنكاره له وعلى رجوعه لمهنة الصيد
3) " 
إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ،" أى أن ما قاله بطرس كان إعلانا إلهيا له وليس بتفكيره أو ميول نفسه أى أنت رأيت حقيقة إبن الإنسان أنه أبن الإله لَحْماً وَدَماً أي بشراً.  (أفسس ٢: ٨ ) لانكم بالنعمة مخلصون، بالايمان، وذلك ليس منكم. هو عطية الله." وقال ذلك تمييزاً للاهوت كما جاء في (يوحنا ١: ١٣ )  الذين ولدوا ليس من دم، ولا من مشيئة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله. ( ١كورنثوس ١٥: ٥٠ ) فاقول هذا ايها الاخوة: ان لحما ودما لا يقدران ان يرثا ملكوت الله، ولا يرث الفساد عدم الفساد. (أفسس ٦: ١٢)  فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع اجناد الشر الروحية في السماويات.  " وقصد المسيح هنا أنه لم تُعلن له ذلك قوة ذات سلطان بشرى أو نبوة كباقى الأنبياء ، وهو لم يستطع إدراكه من نفسه ولكنه كان إعلان روحى نابع من وحى إلهى .
4) "
لٰكِنَّ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ" أَبِي أي أن ذلك الإقرار كان بإرشاد روح الله الآب له، أوحاه  لبطرس. ولولا ذلك لمنعه فكره الطبيعي وميوله اليهودية عن معرفة أن يسوع هو المسيح.

لم يكن اكتشاف بشرياً، بل إعلاناً إلهيا الروح القدس (١كورنثوس ٢: ١٠) فاعلنه الله لنا نحن بروحه. لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله.  هو المسئول بين الأقانيم الثلاثة الذي تُنسب إليه هذه المهمة، ولكن هنا هو الآب، ربما بسبب ذكر "ابن الله".

وعموما الإنجيل لا يمكن أن يفهمه أو يتجاوب معه بدون معونة إلهية (يو ٦ :٤٤ ,٦٥؛) (يو١٠ :٢٩ ) هذا لا يلغي التجاوب البشري المطلوب (يو ١ :١٢) (يو ٣ : ١٦) ( رو ١٠ :٩ -١٣ ) ٩ يعكس هذه الحقيقة نفسها.

تفسير (متى 16: 18) : وأنا أقول لك أيضاً : انت بطرس ، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي ، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

لم يقصد المسيح ان يسمي شخص سمعان بالصخرة بل ذلك الإيمان القويم الذي ملأ قلبه حتى كشف له الاب معرفة الابن فسماه المسيح بطرس أي صخرة ( باليونانية) ويقصد بذلك الإيمان الذي نطق به . وقوله ” على هذه الصخرة ” أي على هذه الامانة التي نطقت بها قائلاً انني الابن الطبيعي للاب أبني كنيستي . والكنيسة هي مجمع مؤمنين ذوي امانة واحدة على شكل البيعة التي في السماء لا الحجارة والخشب . والمراد بابواب الجحيم الدسائس الشيطانية والاضطهادات الهائلة وكأنه يقول لبطرس اذا كان ابواب الجحيم لن تقوى عليها فبالاولى لا تقوى علي انا فلا تضطرب متى رأيتني اصلب واتألم .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ،"  في مخطوطات أناجيل كل اللغات القديمة مثل اليونانية والقبطية والسريانية واللاتينية يظهر الفارق واضحًا بين بطرس وبين صخرة، فمثلًا في اللغة القبطية نجد نص الآية:  بطرس أنت لك أقول أنا .. الصخرة هذه على كنيستي سأبني ، وباللغة الإنجليزية: That thou art Peter , and Upon this rock I will build my Church.
والمقصود بالصخرة هو الإيمان بالمسيح ابن الله الحى، لأن الإعتراف بألوهية المسيح هو صُلب المسيحية وجوهرها وأساسها، كما وردَّت آيات كثيرة تشير إلى أن إلهنا الصخرة الحقيقية ومن هذه الآيات:

فى رحلة المسيح التبشيرية عندما تركوا تخوم مجدل / دلمانوثة وهم فى طريقهم إلى قيصرية فيلبس إكتشفوا أنهم لم يأخذوا معهم خبزا وعندما فتشوا السفينة وجدوا رغيفا واحدا وإستغل يسوع هذا الموقف ليعطيهم تعليما فقال لهم (متى 16: 12): حينئذ فهموا انه لم يقل ان يتحرزوا من خمير الخبز ، بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين " حيث إستعار   كلمة خمير ليصف بها تعليم الفريسيين .. وبنفس هذه الطريقة إستعار يسوع كلمة صخرة" ليصف بها إلى إيمان بطرس وليس بطرس ذاته لأنه لا يعقل ان تبنى الكنيسة التى المسيح فيها هو حجر الزاوية على شخص
أَنْتَ بُطْرُسُ -ولم يقصد يسوع أن بطرس هو صخرة كما لم يقصد المسيح أن الفريسيين خميرة فقصد بالحميرة التعليم وقصد بالصخرة الإيمان القوى وكثير من الأسماء فى للغات المختلفة لا تدل على الأطلاق على صاحبها فكثير من الآباء يسمون اولادهم أسماء مثل : أمير وعبد الملك وأسماء حيوانات وأزهار وطيور .. ألخ  ولا يعنى إطلاقا أن هذه الأسماء تنطبق على اولادهم بل أملا فيما ييريدونه لهم فى الحياة

معنى بطرس صخر (كيفا) في السريانية (وصفا) في العربية. وفى اليونانية "petros "وهو اسم مذكر. كانت تشير إلى صخر قائم بذاته غير متصل بأي شيٍء آخر. ربما كان ذلك لِشَهَامَتِهِ وَبُرُورِهِ : وعَظُمَته فكانُ جَلِيلاً  فى حياته (مت ١٦ :٢٢ ,٢٣) ( مر ١٤ ) كانله صفات كثيرة ولكنه كان سريع التقلب وهذه الصفة  تنفى عنه أنه كشخص يمكن أن يكون هو "الصخرة التى تبنى عليها الكنيسة"

2) "   وَعَلَى هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ "   إستعار يسوع كلمة "خمير" بقصد تعاليم وأيضا كلمة "صخر"  بقصد  الإيمان والشجاعة فى الإجهار
هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ
هذه هي الكلمة اليونانية، "petra ،"وهي اسم مؤنث. كانت تشير إلى صخرةٍ صلبٍة تقع تحت التربة (مت ٧ :٢٤).الصخرة هنا ترجمة (Petra) «بترا» في اليونانية وهي مؤنثة، ومعناها في اليونانية الصخرة العظيمة الثابتة في مكانها الطبيعي

أيبدو أن يسوع كان يستخدم هنا تلاعباً بالألفاظ. "أَنْتَ بُطْرُسُ (petros) وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ بترا (petra) أَبْنِي كَنِيسَتِي" بتروس وبترا هاتان الكلمتان لا يمكن أن يكونا متعلقتان نحوياً ببعضهما البعض بسبب جنسهما. التلاميذ لم يروا في هذا إشارة إلىى رأسة بطرس عليهم وأنه أعلى منهم فى الرتبة لأنهم استمروا في المجادلة حول من كان الأعظم بينهم (مت ١٨ :١ ,١٨؛ يو ٢٠ :٢١ .(هاتان الكلمتان مرتبطتان ولكن متمايزتان في اليونانية. هناك تلاعب واضح على إيمان بطرس وإيمان كل التلاميذ. ولكن في الآرامية لغة المسيح هناك فقط كلمة واحدة "kepha" "صفا" (يو ١ :٤٢) (١ كور ١ :١٢) (1كور ٣ :٢٢) (1كور ٩ :٥) (ذكور ١٥ :٥) وهي الرد المترادف لكلا الكلمتين اليونانيتين بمعنى بترا "صخرة". لقد كان يسوع يتكلم الآرامية ولكن كلماته مدونة بيد كتّاب ملهمين باليونانية. ولذلك، يجب أن نتناول النص اليوناني، وليس تصريحات آرامية مفترضة.الترجمة ومن هذا الأسم سميت مدينة البتراء في الأردن، المنحوتة بالكامل فى الصخر عاصمة العرب الأنباط من أشهر المواقع الأثرية في العالم وتتميز البتراء بطبيعة معمارها المنحوت في الصخر الوردي الذي يحتوي على مزيج من الفنون المعمارية القديمة التي تنتمي إلى حضارات متنوعة، وتقع عن بعد 240 كيلو مترا إلى الجنوب من عمان وعلى بعد 120 كم من خليج العقبة - البحر الأحمر ،

و(Petros) «بطرس» مذكر ومعناه صخر، أو جزء من صخرة يمكن الإنسان أن يحمله. واختلف المفسرين في المقصود بهذه الصخرة، وإنقسموا فى أربعة آراء. (١) أن المسيح قصد بطرس وحده، لأن إيمانه بالمسيح كان كالصخرة العظيمة التي لا تتقلقل. (٢)أنه بطرس وسائر الرسل، لأن القول وُجِّه له كنائب عن الكل. (٣) أنه إقرار وإعتراف بطرس بإيمانه حينئذٍ بأن يسوع هو المسيح ابن الله الحي. (٤) أنه الصخرة هو المسيح ذاتهؤ، وأنه أشار إلى نفسه إشارة حسية عندما تكلم بذلك.

إن الكلمة اليونانية لإسم بطرس وهي Petros وتعني "حجر صغير" (يوحنا 1: 42). ثم إستخدم يسوع كلمة مشتقة منها وهي petra التي تعني "صخر بناء". وهي نفس الكلمة التي إستخدمت في متى 7: 24، 25 عندما يتكلم يسوع عن الصخر الذي بنى عليه الرجل الحكيم بيته. بطرس نفسه يستخدم نفس التشبيه في رسالته الأولى: الكنيسة تتكون من العديد من "الأحجار الحية" الصغيرة (بطرس الأولى 2: 5) التي تشترك مع بطرس في الإعتراف بأن يسوع هو المسيح، إبن الله الحي. هذا الإعتراف بالإيمان هو ما تقوم عليه أساسات الكنيسة وأحجارها .
أطلق يسوع إسم بطرس على سمعان بن يونا هو "الصخرة" بعد إعلان إيمانه بأن المسيح إبن الله الحى ويسوع سيبني كنيسته على صخرة – يبدو أن المسيح كان يربط الإثنين ببعضهما. إستخدم الله صفات شخصية بطرس بطريقة عظيمة في تأسيس الكنيسة. فكان بطرس هو أول من أعلن الإنجيل في بوم الخمسين (أعمال الرسل 2: 14-17). وكان بطرس موجوداً أيضاً عندما قبل السامريين الروح القدس لأول مرة (أعمال الرسل 8: 14-17)، وكان أول من أخذ الإنجيل إلى الأمم (أعمال الرسل 10: 1-48). فبطريقة ما كانت شجاعة وإيمان بطرس وإندفاعه صخر "أساس" الكنيسة.

وهذا هو ما عبر به بطرس ذاته فى إحدى رسائلة (1 بط 2: 4)  "الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَراً حَيّاً مَرْفُوضاً مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ، بَيْتاً رُوحِيّاً، كَهَنُوتاً مُقَدَّساً، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ".

الله هو الصخرة وبالتالى يسوع هو الصخرة التى بنيت عليها الكنيسة :  العهد الجديد يوضح تماماً أن المسيح هو أساس الكنيسة (أعمال الرسل 4: 11، 12؛ كورنثوس الأولى 3: 11)." وليس صخرة مثل إلهنا" (1صم2:2) " الرب صخرتي وحصني ومنقذي" (2صم22: 2) " ومن هو صخرة سوى إلهنا" (مز18: 31) " إنما هو صخرتي وخلاصي وملجأي" (مز62: 2، 6، 7) " هلم نرنم للرب. نهتف لصخرة إلهنا" (مز65: 1) " مبارك الرب صخرتي" (مز134: 1) " ها أنا أضع في صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة وكل من يؤمن به لا يخزى" (رو9: 33) " لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4) فإلهنا هو صخر الدهور بينما لم ترد آيه واحدة تحدثنا عن بطرس الصخرة (معرف بالألف واللام).

لصخرة التي هي أساس المسيحية ومن أسمها يكون الصخرة هو المسيح وليست صخرة بطرسية لأن الصخور كما يبنى كنائس يبنى بها مساجد للمسلمين وأيضا معابد وثنية الصخرة فى معناها المسيحى إلهية لا بشرية. وهذا ما أثبتته أسفار الكتاب المقدس، فكلها يقول بصوت واحد «مَنْ هُوَ إِلهٌ غَيْرُ الرَّبِّ؟ وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ غَيْرُ إِلهِنَا؟» (٢صموئيل ٢٢: ٢٣) وشواهد ذلك كثيرة: (انظر تثنية ٣٢: ٤، ١٥، ١٨، ٣٠، ٣١ ، ٣٧ و١صموئيل ٢: ٢ و٢صموئيل ٢٢: ٢، ٦، ٧ و٧١: ٣ و٧٣: ٢٦ و٩٤: ٢٢ و٩٥: ١. وإشعياء ١٧: ١٠ و٢٦: ٤ و٣٠: ٢٩ و٤٤: ٨ وحبقوق ١: ١٢ ورومية ٩: ٣٣ و١كورنثوس ١٠: ٤ و١بطرس ٢: ٨). ففي كل هذه الآيات يُراد بالصخرة الله أو المسيح، ولم تُوجَّه في الكتاب عن بشر. فإذاً المسيح أمساً واليوم وإلى الأبد هو الصخرة التي هي أساس الكنيسة الوحيد.

(يوحنا ١: ٤٢ ) فجاء به الى يسوع. فنظر اليه يسوع وقال: «انت سمعان بن يونا. انت تدعى صفا» الذي تفسيره: بطرس (غلاطية ٢: ٩ )  فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا، المعتبرون انهم اعمدة، اعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للامم، واما هم فللختان (إشعياء ٢٨: ١٦ ) لذلك هكذا يقول السيد الرب.هانذا اؤسس في صهيون حجرا حجر امتحان حجر زاوية كريما اساسا مؤسسا.من امن لا يهرب.(زكريا ٦: ١٢، ١٣ ) (١كورنثوس ٣: ٩، ١٠، ١١ ) وكلمه قائلا.هكذا قال رب الجنود قائلا.هوذا الرجل الغصن اسمه ومن مكانه ينبت ويبني هيكل الرب. 13 فهو يبني هيكل الرب وهو يحمل الجلال ويجلس ويتسلط على كرسيه ويكون كاهنا على كرسيه وتكون مشورة السلام بينهما كليهما. (أفسس ٢: ٢٠ ) مبنيين على اساس الرسل والانبياء، ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية،(إشعياء ٥٤: ١٧ ) كل الة صورت ضدك لا تنجح وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه.هذا هو ميراث عبيد الرب وبرهم من عندي يقول الرب(رومية ٨: ٣٣ الخ ) من سيشتكي على مختاري الله؟ الله هو الذي يبرر(رؤيا ١١: ١٥) ثم بوق الملاك السابع، فحدثت اصوات عظيمة في السماء قائلة:«قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه، فسيملك الى ابد الابدين»

 ومن الخطأ التفكير بأن يسوع قد منح بطرس هذا الإمتياز. فكل الرسل قد لعبوا دوراً في تأسيس الكنيسة (أفسس 2: 20)، ولكن الدور الأهم هو دور المسيح وحده. المسيح هو "حجر الزاوية" (بطرس الأولى 2: 6، 7) (أفسس 2: 20) ( لوقا 20: 17) (أعمال الرسل 4: 11). إذا كان المسيح هو حجر الزاوية، كيف يمكن لبطرس أن يكون الصخرة التي تبنى عليها الكنيسة؟
لذلك، فإن كلمات يسوع في متى 16: 18 يمكن تفسيرها بأنها ببساطة تلاعب بالكلمات. ويمكن إعادة صياغتها: "بطرس أنت تسمى "صخرة صغيرة" ولكن قد خرج من فمك حق بإعلان إلهى  في حجم صخر البناء وسيكون أساس للكنيسة".

 

تطويب وليس تمييز : والرب الذي طوَّب بطرس عندما أصاب، وبَّخه بشدة عندما اخطأ قائلًا له " أذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لي" (مت16: 23)، فالرب طوَّب بطرس على روح الإيمان ووبَّخه على روح العثرة. لأنه لو كان المقصود بالصخرة التي ستُبني عليها الكنيسة هي شخص، فكيف تُبنى الكنيسة على شخص وصفه يسوع المسيح بأنه شيطان عثور؟!! فهل يُعقَل أن تبني كنيسة على إنسان معرض للضعفات والسقوط والهلاك، وبطرس ليس الشخص الوحيد الذي اعترف بألوهية السيد المسيح بل اعترف قبله نثنائيل " أجاب نثنائيل وقال له يا معلم أنت ابن الله. أنت ملك إسرائيل. أجاب يسوع وقال هل آمنت لأنى قلت لك.." (يو1: 49، 50) فواضح أن نثنائيل آمن واعترف نفس إيمان واعتراف بطرس وقبله، وقبل نثنائيل آمن واعترف بهذا يوحنا المعمدان " وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله" (يو1: 34)، وبهذا الإيمان إعترف تلاميذه الذين كانوا في السفينة " والذين في السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين بالحقيقة أنت ابن الله" (مت14: 33) وقد اعترف بطرس أن إخوته نالوا نفس الإيمان بالسيد المسيح ابن الله الحى " ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحى" (يو6: 69). بل أنه منذ صنع الرب يسوع أول معجزة في عرس قانا الجليل وأظهر مجده فآمن به تلاميذه (يو2: 11) وهذا الإيمان أعلنته مرثا أخت لعازر " أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلى العالم" (يو11: 27) وأعلنه لونجينوس وجنوده " وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان خافوا وقالوا حقًا كان هذا ابن الله" (مت27: 54).

*****************************

 3) " َأبْنِي كَنِيسَتِي" لم يكن لإسرائيل مجامع "كنيس" ولكنهم أخذوا هذا النظام من الإدارة اليونانية للقرى الذين يتجمع فييها الأغنياء لإدارة القرية أو المدينة وكان لبنى إسرائيل هيكلا واحدا فى أورشليم ونسخوا نظام المجامع من اليونانيون وجعلوها أماكن دينية فى جميع الأماكن الذين يتواجدون فيها سواء فى إسرائيل أو فى الشتات لتعليم أبنائهم وممارسة قراءة الأسفار وتفسيرها .. ألخ

ليتنا نعرف أن الكنيسة ملك المسيح ورئيسها المسيح وجميع الرأسات الكهنوتية ليسوا سوى خدم كراميين كما وأشار إليهم يسوع فى الأمثال ليتهم يقولون "مهما فعلنا فنحن عبيد بطالون"  
كَنِيسَتِي وما أعظم الفرق بين المفرد بياء الملكية أى أن الكنيسة هى ملك يسوع ، المؤمنون هم صخور يكونون بناء حى مرتبط بالمسيح الذي هو رأسها الوحيد وحجر الزاوية فيها . وقد وردت كلمة «كنيستي» في البشائر مرتين، هنا وفي (متّى ١٨: ١٧) ومعناها «جماعة المؤمنين بالمسيح». وهي ليست محصورة بأمة أو زمان أو مكان، بل مجموعة من الذين اغتسلوا بدم المسيح ولبسوا ثوب بره وتجددوا بروحه واتحدوا مع المسيح بالإيمان واعتمدوا باسمه وبالروح القدس. وهي جسد واحد ولها رأس واحد الرب يسوع المسيح (كولوسي ١: ١٨).
وقد سميت الكنيسة أيضاً «بيت الله» (١تيموثاوس ٣: ١٥) و «هيكلاً مقدساً» (أفسس ٢: ٢١).
 كنيس
"Ekklesia "كانت الكلمة المستخدمة في السبعينية (LXX (لأجل "جماعة إسرائيل" (874 BDB, Qahal (تث ١٨ :١٦؛ ٢٣ )

يجب أن يحذر المرء من أن يقرأ تعاريف كلمات مثل كنيسة وغيرها ما بعد يوم الخمسين ويستخدمها في هذا المقطع اليهودي الباكر جداً هؤلاء التلاميذ الأوائل كانوا يرون ً أنفسهم على أنهم امتداد لشعب الله العهد القديم (Qahal). لقد كانوا تحقيقا لشعب العهد القديم. الكلمة نفسها تحتمل على معنى العوة إلى تجمع لهدف  معين. فلم توجد فى المسيحية مبانى يمكن أن يطلق عليها كنائس قائمة بذاتها ولكنها كانت تجمعات للمسيحيين ربما فى بيوت أو كهوف أو فى الخلاء ككما كان يسوع يفعل وكلمة كنيسة فى خلفيتها اليونانية كانت دعوة إلى لقاء في البلدة (أع ١٩ :٣٢ ,٣٩ ,٤١ ) هذه الكلمة لا ترد في مر ولو أو يو. إنها ترد في متى فقط ثلاث مرات (مت ١٦ :٨؛ ١٨ :١٧) مرتين. النص وفي (مت ١٨ :١٧) من الواضح أنه يشير إلى فترة لاحقٍة من الزمن. الكلمة لا ترد غالباً في أعمال الرسل وكتابات بولس.

 في هذا المقطع يشير المسيح إلى بناء كنيسته: في ذلك الوقت لم يكن المسيح قد أسس كنيسته بعد. بل في الواقع، هذه أول مرة تذكر فيها كلمة "كنيسة" في العهد الجديد. إن كلمة "كنيسة" كما إستخدمها المسيح مشتقة من الكلمة اليونانية "ekklasia" التي تعني "المدعووين" أو "الجماعة". بكلمات أخرى، إن الكنيسة التي يشير المسيح أنها كنيسته هي جماعة الناس الذين دعاهم إنجيل المسيح من العالم.

4) " أَبْوَابُ" كانت الأبواب قديماً للمدن والأماكن المسوَّرة المتسعة التى  تسع أعداد كبيرة من الناس مكاناً لاجتماع أصحاب الرأى و المشورة وأرباب الحكم (٢صموئيل ١٥: ٢) ولإجراء الأعمال المختلفة (أيوب ٢٩: ٧ ومزمور ٩: ١٤ و٦٩: ١٢ وأمثال ٣١: ٢٣ وإرميا ٣٦: ١٠). فتستعار الأبواب للمشورات والمؤامرات والمقاصد ذات الشأن .كانت المدن محاطة بأسوار لها أبواب، وفي المعارك كانت أبواب هذه المدن هي أول مكان لهجوم الأعداء. وهذا لأن حماية المدينة تحددها قوة أو شدة أبوابها.
5) " ٱلْجَحِيمِ" صور السيد المسيح  الجحيم كقلعة ذات أبواب (أيوب ٣٨: ١٧ ) (إشعياء ٣٨: ١٠ ) (مزمور ١٠٧: ١٨ ) ( نش ٨: ٦). ويراد غالباً بأبواب الجحيم قوى الشر، فوُعدت الكنيسة هنا بالوقاية من المشورات والمؤامرات والمقاصد الشريرة التي تقصد هلاكها.
"أبواب الجحيم" مرة واحدة فقط في الكتاب المقدس، في متى 16: 18.

كلمة "جحيم" (Hades) كانت في الأصل إسم إله عالم الأموات الذي كان يشار إليه غالباً "بيت الهاوية". إنه مكان ينزل إليه كل من يفارق هذه الحياة بغض النظر عن أفعاله . في العهد الجديد، الهاوية هي عالم الأموات، وفي هذه الآية تصور الهاوية أو الجحيم كمدينة قوية لها أبواب تمثل قوتها.

6) " لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا " ذلك يدل على أن الكنيسة ستُضطهد وتُقاوم، ولكن كل قوات الشر تعجز عن إهلاكها. وهنا أمران يجب الانتباه لهما: (١) أن هذا الوعد لا يتكفل كل التى تدعوا نفسها كنيسة ولكنها تسير فى طريق الشر فيمكن أن يسقط البعض ككنائس آسيا السبع، فإنها ضلت وزُعزعت منائرها من أماكنها. لكنه يتكفل بأن الكنيسة العامة تبقى كالعليقة التي رآها موسى في البرية تتوقد بالنار ولا تحترق، وأن المسيحية لن تتلاشى ما دام المسيح يبقى في قلوب المؤمنين ويدوم ظاهراً في الأرض. و(٢) أنه قد تم هذا الوعد تماماً في كل القرون، من وقت الإنباء به إلى الآن مع شدة المقاومة للكنيسة داخلاً وخارجاً.

وأن الكنيسة تتأسس رغماً عن قوات الجحيم وسوف تعيش بالرغم من هذه القوات. الكنيسة لن تسقط أبداً، رغم أن جيلاً وراء آخر يستسلم أمام قوة الموت الجسدي، إلا أن أجيالاً أخرى تقوم لإستمرار الكنيسة. وسوف تستمر حتى تحقق رسالتها على الأرض كما أمرها المسيح:

********

الكنيسة  CHURCH (ekklēsia)) (ekklēsia

هذه الكلمة اليونانية، ekklēsia ،مؤلفة من كلمتين تعنيان، "خارج"، و"مدعو". كان لهذه الكلمة استخدام مدني (أي المواطنين المدعوين لاجتماع، انظر أع ١٩ :٣٢ ،٣٩ ،٤١ (وبسبب استخدام السبعينية لهذه الكلمة للإشارة إلى "جماعة" إسرائيل (Qahal ،KB, 874 BDB 1078 ،انظر عد ١٦ :٣؛ ٢٠ :٢؛ تث ٣١ :٣٠ ،(صار لها استخدام ديني. الكنيسة الأولى رأوا أنفسهم امتداد لشعب الله في العهد القديم. لقد لرسالة الله العالمية النطاق (تك ٣ :١٥؛ ١٢ :٣؛ خر كانوا إسرائيل الجديد (رو ٢ :٢٨ -٢٩؛ غل ٦ :١٦؛ ١ بط ٢ :٥ ،٩؛ رؤ ١ :٦ ،(تحقيقاً ١٩ :٥ -٦؛ مت ٢٨ :١٨ -٢٠؛ لو ٢٤ :٤٧؛ أع ١ :٨؛ انظر الموضوع الخاص: مخطط الرب الفدائي الأبدي).

هذه الكلمة تُستخدم بمعا ١ -لقاء أهل البلدة المدنيين، أع ١٩ :٣٢ ،٣٩. ،٤١ ٢ -شعب الله في كل العالم المؤمنون بالمسيح ، مت ١٦ :١٨ وأفسس. ٣ -جماعة المصلين المحلية من المؤمنين في المسيح ، مت ١٨ :١٧؛ أع ٥ :١١) في هذه الآيات كانت الكنيسة في أورشليم). ٤ -شعب إسرائيل مجتمعاً، أع ٧ :٣٨ ،في عظة إستفانس. ٥ -شعب الله في منطقة معينة، أع ٨ :٣) يهوذا أو فلسطين). الكنيسة هي شعب مجتمع، وليس بناء. لم يكن هناك أبنية (للكنيسة) على مدى مئات السنين. في رسالة يعقوب (أحد أقدم أسفار الكنيسة) يُشار إلى الكنيسة بالكلمة "synagōgē) "التجمع). هذه المفردة عن الكنيسة ترد في رسالة يعقوب فقط (انظر يع ٢ :٢؛ ٥ :١٤ )

تفسير (متى 16: 19) : واعطيك مفاتيح ملكوت السموات ، فكل ما تربطه على الارض يكون مربوطاً في السموات . وكل ما تحله على الارض يكون محلولاً في السموات  “.

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

لم يقل له المجد اسال الآب فيعطيك ولكن ( انا ) اعطيك فليخز الذين يضعون مقام الابن في منزلة احط من منزلة الآب والعياذ بالله . وهنا نرى ان سلطاناً اعطى لجميع الكهنة القويمي الامانة بواسطة بطرس ورفاقه لان مسألة الربط والحل التي هي من حقوقه تعالى قد وكّل بها تلاميذه ثم تسلمت الينا بواسطتهم .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " أُعْطِيكَ" الوعد في هذا العدد كما في السابق لبطرس ولرفقائه باقى التلاميذ وبطرس أجاب عن السؤال الذى سأله يسوع للتلاميذ جميعا وأجاب بطرس عنهم جميعا . فإذا كان الصخرة هو شجاعة الإيمان فيكون حامل مفاتيح ملكوت السموات  هو من له سمة أو صفة شجاعة الإيمان  من التلاميذ ولأن بطرس سبق إلى الإقرار أكرمه المسيح بأن جعله أول من يفتح أبواب كنيسته لليهود وتولىّ بولس الرسول القيادة في توصيل بشرى الخلاص للأمم (غل 2: 7). وأما بطرس كرسول إنجيل الختان، تاركًا أورشليم ليعقوب والأمم لبولس.

2) "مَفَاتِيحَ " كان في قصور الملوك قديما موظفون يسمون «حجاباً أو خزنة» يحملون المفاتيح علامة وظيفتهم مثل ألياقيم، فإنه قيل فيه «وَأَجْعَلُ مِفْتَاحَ بَيْتِ دَاوُدَ عَلَى كَتِفِهِ، فَيَفْتَحُ وَلَيْسَ مَنْ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ» (إشعياء ٢٢: ٢٢).
3) " 
مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ"  كانت استعارة أسماء "الخمير " "الصخرة" "مفاتيح" "باب" وأخيرا "مفاتيح" وعملها فى الفتح والغلق والحل والربط  لها تشير لعمل هذه الأسماء فعمل المفاتيح فتح الأبواب وللدلالة على التصريح الملكى لحق الدخول. راجع التصريح الذى أعطى لـ أليقايم  (أش ٢٢ :٢٢) والبسه ثوبك واشده بمنطقتك واجعل سلطانك في يده فيكون ابا لسكان اورشليم ولبيت يهوذا. ( رؤ ١ :١٨) والحي. وكنت ميتا، وها انا حي الى ابد الابدين! امين. ولي مفاتيح الهاوية والموت. ( رؤ ٣ :٧ ) واكتب الى ملاك الكنيسة التي في فيلادلفيا:«هذا يقوله القدوس الحق، الذي له مفتاح داود، الذي يفتح ولا احد يغلق، ويغلق ولا احد يفتح:

ما هى مفاتيح ملكوت السموات ؟ هي إعلان الإنجيل ةنشر بشارة  العهد الجديد والتى عندما يستعملها المسيحى تنفتح له أبواب السماء وبمقتضى الإنجيل تعمل سلطة الكهنوت وهى سلطة مفيدة بقوانين الكنيسة وتعاليم الإنجيل ووصايا المسيح ولا تشمل الهراطقة الذين أكثروا فى الحرومات الكنسية فقد رأينا فى المجامع المسكونية أن أصحاب ألإيمان المستقيم فيها يحرمون الهراطقة فيقوم الهراطقة بحرمانهم أى حرمانات متبادلة فهل يصح الهراطقة فى حرمانهم .

فكرة أن الجحيم والسماء لهما بوابات مثل المدينة ترجع إلى أش ١٨٢ يستخدم هذه الإستعارة بولس الرسول فى الرسالة للعبرانيين أيضا للإشارة إلى السماء (عب ١١ :١٠ ,١٦) (عب ١٢ :٢٢) ( عب ١٣ :٤ ) كما يفعل يو في الرؤيا (رؤ ٣ :١٢؛ ٢١ً - ٢٢)

4)" مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ " كنيسة المسيح فى الإنجيل ، وشُبهت هنا بقصر يملكة الرب وشُبه الإدخال إليها أو المنع منها بالمفاتيح التى يحملها خدام القصر الذين عينهم الرب . أو شُبهت ببيت مال الملك، فيكون معنى المفاتيح السلطان على فتحه وتوزيع كنوزه على الذين يستحقون أخذها. ووردت المفاتيح بهذا المعنى في (لوقا ١١: ٥٢) فعلى هذا تكون المفاتيح إما مفاتيح التأديب أو مفاتيح التعليم في الكنيسة مفاتيح الحل والربط . ولا شك أن أخذ مفاتيح السماوات بمعناه الأعم خاص بالمسيح وحده وتقف بعض الكنائس عند سلطان الحل والربط فماذا يحدث لو كان الشخص يستعملها غن جهل بالمعرفة الإنجيلية أو نزل لمستوى بشرى فى الإنتقام ... ألخ ، وأما أولئك الأمناء فهم الذين تنطبق ما يحلونه وما يربطونه فى الأرض على ما فى السماء ترانيموفقاً لقول صاحب الرؤيا «هذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ، الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ، الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ، وَيُغْلِقُ وَلاَ أَحَدٌ يَفْتَحُ» (رؤيا ٣: ٧).

ملكوت السموات أوردها الإنجيليين مر ولو عبارة "ملكوت الله". ولا يوجد فرق بينهما لأن  ملكوت الرب هو فى السماء الفرق ولكنه يبدأ الإنسان دخوله بواسطة أعماله فى حياته على الأرض  هو ليس حول الجوهر، بل الفرق هو في من يستمع إلى الحديث
وبطرس باعتباره رسول المسيح وشريك سائر الرسل فتح الكنيسة المسيحية لليهود الذى إشتهر كرسول للختان (أعمال ٢: ٣٨ - ٤١) وبولس للأمم (أعمال ١٠: ٤٨ ) ( أع ١٤: ٢٧ ) ( أع١٥: ٧) وأخرج منها الخائنين كحنانيا وسفيرة (أعمال ٥: ٣ - ٥، ٩) وسيمون الساحر (أعمال ٨: ٢١). ومنذ ذلك الوقت إلى الآن لم تزل أبواب الكنيسة المسيحية مفتوحة لكل المؤمنين من اليهود، والأمم والكنوز الإنجيلية متاحة للجميع.
3) " تَرْبِطُهُ... تَحُلُّه " فهم البعض من هذه العبارة المجازية معنى المفاتيح المذكورة من جهة إدخال بعض الناس إلى الكنيسة وإخراج البعض منها. ولكن الأرجح أن المسيح استعملها بالمعنى المتعارف عليه عند اليهود يومئذٍ، وهو الأمر والنهي. وهذا السلطان منحه فى هذه الآية لبطرس لأنه تكلم  نيابة عن التلاميذ جميعا بمقتضى الإيمان الذى تفوه به وإثباتا لذلك مُنح المسيح أيضا نفس هذا السللطان لسائر التلاميذ وبنفس الكلمات كما منح لبطرس بدليل قوله «الحق الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء الخ» (متّى ١٨: ١٨). وبهذا المعنى أعطى المسيح التلاميذ السلطان بأمر  السلطان لإلهى على أن يعينوا المربوط على المسيحيين من الشريعة الموسوية والمحلول عنهم منها. فلم يرد أن بقي تلاميذه تحت أثقال تفاسير الفريسيين لتلك الشريعة، ولا تحت حِمل طقوس الشريعة بعد تمام الغاية المقصودة منها، فلذلك وَكَل إلى تلاميذه وضع شرائع الكنيسة المسيحية بإرشاده وإرشاد الروح القدس. ومارسوا ذلك السلطان في مجمع أورشليم (أعمال ١٥: ١٠، ٢٠، ٢٨، ٢٩) ومارسوه في الوعظ والتعليم. ومما حكموا به جواز مخالطة اليهود للأمم، وإلغاء التمييز بين الحلال والحرام في الأطعمة فكلها أصبحت خلالا فى العهد الجديد ، وإبطال الختان. ومن أمثلة معنى الربط ما ذكر في (١كورنثوس ٧: ٢٧) الربط والحل من الكلمات ّرابية تستخدم للقرارات التشريعية بسماح بشيء أو عدم السماح بشيء. زمن هذه الصيغ الحاوية على الكناية ذو مغزى. كلاهما
4) " فِي ٱلسَّمَاوَاتِ" أي ما توافق عليه السماء. إذن فهو ليس شيئاً أرضياً عالمياً، ولا نظاماً كهنوتياً فحسب، بل هو المعمودية بالروح القدس والنار النازلة من السماء. ونفهم من ذلك أن المسيح أعطى رسله سلطاناً غير عادي ممهور بالروح القدس أى بإرشاد الروح القدس ليُعصَموا من الغلط في أحكامهم الدينية التي التزمت الكنيسة بها، فإنهم كانوا ملهَمين بالروح القدس بدليل قوله «وأما متّى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق» (يوحنا ١٦: ١٣) وبذلك أُهِّلوا أن يكونوا مرسدين روحيين دينه وفق ما علمهم شفاهاً بقوله «عَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ» (متّى ٢٨: ٢٠) وصرَّح لهم بأن ما يحكمون به على الأرض يُحكم به في السماء لأن الإرشاد الإلهي يعصمهم في كل أحكامهم من الغلط. فكما أن الملك يسلم بكل ما يحكم به سفيره بناءً على تعليمات ذلك الملك، كذلك المسيح يسلم في السماء بكل ما حكم به الرسل سفراؤه على الأرض، بناءً على ما علمهم إياه. وليس للتلاميذ خلفاء معصومون من الغلط، فسلطان الرسل محكوم بقوانين كنسية وتعاليم الإنجيل ووصايا المسيح ولنرجع لأمثال المسيح فنجد أن كثيريين من الكرامين الذيى سلم لهم رب المجد الكرم أخطأوا
فالذي رُبط على المسيحيين من جهة نظام الكنيسة وطقوسها إنما هو ما ربطه عليهم المسيح في البشائر الأربع وأعمال الرسل ورسائلهم. فالكنيسة إذا درست كتاب الله وسألته الإرشاد ليحفظها من الضلال أمكنها أن تفحص طالبي الدخول إليها، وتحكم من جهة أهليتهم لذلك، وتحكم على المتهمين بارتكاب ما يخالف طهارة الكنيسة، أو يفسد التعاليم التي تسلمتها من المسيح. وتحكم عند الاقتضاء بما هو تعليم كتاب الله الصريح من جهة المسائل المتعلقة بالأخلاق أو العقائد، متوقعة أن يرشدها الله في ذلك.

تفسير (متى 16: 20) : حينئذ اوصى تلاميذه ان لا يقولوا لاحد انه يسوع المسيح .

 

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

ان ما لم يكشفه المسيح قبل صلبه قد كشفه بعد قيامته بعد ان زالت الشكوك التي خامرت الاذهان في حوادث الآلام والصلب والموت فبعد القيامة قويت فيهم روح الشجاعة والثبات فهجروا الملأ بانه المسيح المنتظر ونشروا تعاليمه . فانهم لو كرزوا به قبل تجرعه غصص الآلام لوجد السامعين مندوحة لادحاض تعليمهم وانكارها عليهم ولاقتلعت الشكوك كل ما يزرعونه في القلوب من حقائق الإيمان . فان سمعان نفسه الجريء في الإيمان ما لبث ان رأى الآلام حتى استسلم للشكوك فأفزعته جارية حقيرة ولكنه بعد قيامة المسيح وثب وثوب الاسد وناضل نضال الابطال البواسل وجاهد في الإيمان حتى الموت

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ " أحيانا كان يسوع يوصى تلاميذه كما فى هذه الآية  (متّى ١٧: ٩ ) وفيما هم نازلون من الجبل اوصاهم يسوع قائلا: «لا تعلموا احدا بما رايتم حتى يقوم ابن الانسان من الاموات» وأحيانا كان ينتهرهم أى زجرهم أى منعهم بعنف أن ينشروا خبر أنه المسيح (مرقس ٨: ٣٠ )  فانتهرهم كي لا يقولوا لاحد عنه. ( لوقا ٩: ٢١) فانتهرهم واوصى ان لا يقولوا ذلك لاحد " وتوصية المسيح تلاميذهم أو نهرهم نفس المعنى ويقصد أن لا يقولوا لأحد أنه المسيح لم نكن مدة النهى إلا ستة أشهر فقط ثم اذاعو التلاميذ أنه المسيح إبن الله الحى بعد موته وقيامته 

2) "أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ" يقول سليمان الحكيم ( الجامعة 3: 1) لكل شيء زمان، ولكل أمر تحت السماوات وقت"  رأى يسوع بحكمته ألإلهية إنه لم يأت الوقت الذي يُظهر فيه أنه المسيح إبن الأله الحى . ونرى هذا الموقف فى أول معجزة يجريها يسوع فى عرس قانا الجليل حينماكلبت أمه أن يفعل شيئا لنفاذ الخمر فى العرس فقال للعذراء  (يوحنا 2: 4) قال لها يسوع: «ما لي ولك يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد».

 لقد قدَّم المسيح أدلة كافية أنه هو المسيح بمعجزاته، فأراد أن ينظر الناس إليها ويحكموا لأنفسهم بما رأوا وسمعوا، لا بما شاهده أو أخبرهم غيرهم لقد كان ومن حياة المسيح على الأرض قبل صلبه هو زمن الرؤية والسمع . ولم يرد يسوع أن ينادي تلاميذه بأنه المسيح لئلا يهيج اليهود الذين كانوا يتوقعون ملكاً أرضياً ومملكة زمنية، فينشأ عن ذلك خوف هيرودس والولاة الرومان فيطلبون قتل المسيح لهذا نهاهم المسيح عن أن لا ينادوا جهاراً بذلك الإقرار،

تفسير انجيل متى الاصحاح السادس عشر

المسيح يعلن عن موته وقيامته (متى 16: 21- 23)

المسيح يعلن عن موته وقيامته

 تفسير (متى 16: 21) : من ذلك اليوم ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه انه ينبغي ان يذهب الى اورشليم ويتألم كثيراً من المشايخ ورؤساء الكهنة والكتبة ، ويقتل ، وفي اليوم الثالث يقوم .

 

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

أي من ذلك الحين غرس فيهم التعليم من حيث ابتدأ بقبول الامم وادخالهم في الحظيرة . ولم يفهم التلاميذ قوله ” يقوم ” لان ذلك بعيد عن ادراكهم البشري ولكنهم كانوا يقلقون عند ذكره الموت لانهم لا يرون في موته اقل خير لهم .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس


(متّى ٢٠: ١٧ الخ ) وفيما كان يسوع صاعدا الى اورشليم اخذ الاثني عشر تلميذا على انفراد في الطريق وقال لهم: 18 «ها نحن صاعدون الى اورشليم وابن الانسان يسلم الى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت 19 ويسلمونه الى الامم لكي يهزاوا به ويجلدوه ويصلبوه وفي اليوم الثالث يقوم».( مرقس ٨: ٣١ الخ ) وابتدا يعلمهم ان ابن الانسان ينبغي ان يتالم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وبعد ثلاثة ايام يقوم. ( مر ٩: ٣١ ) لانه كان يعلم تلاميذه ويقول لهم ان ابن الانسان يسلم الى ايدي الناس فيقتلونه وبعد ان يقتل يقوم في اليوم الثالث.( مر١٠: ٢٣، ٣٤ ) «ها نحن صاعدون الى اورشليم وابن الانسان يسلم الى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه الى الامم 34 فيهزاون به ويجلدونه ويتفلون عليه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»( لوقا ٩: ٢٢ الخ ) قائلا: «انه ينبغي ان ابن الانسان يتالم كثيرا ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم»(لو ١٨: ٣١ الخ) واخذ الاثني عشر وقال لهم: «ها نحن صاعدون الى اورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالانبياء عن ابن الانسان 32 لانه يسلم الى الامم ويستهزا به ويشتم ويتفل عليه 33 ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»


1) " مِنْ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ ٱبْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ"
بعد أن عرف الرسل أن يسوع هو المسيح، تقدم إلى أن يعلمهم أنه مع كونه نبياً وملكاً يجب أن يمارس وظيفته الكهنوتية، أي لا بد أن يتألم قبل أن يملك بدليل قوله «يَنْبَغِي أَنَّ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ» (لوقا ٢٤: ٢٦). وهذا التعليم سبق إليه الأنبياء (إشعياء ٥٣: ٤ - ١٠ ودانيال ٩: ٢٦ ولكن اليهود غفلوا عنه، فقد علَّم كتبتهم أن المسيح سيملك مُلكاً أرضياً، ويكون ظافراً منتصراً يرد المجد إلى إسرائيل، فيجعل اليهود كما كانوا في أيام داود وسليمان. وشاركهم الرسل في ذلك الوهم. فابتدأ يسوع يغير أفكارهم بإنبائه بآلامه وبرفض اليهود له بواسطة أحزابهم الثلاثة المذكورة هنا المترئسة، وبقيامته في اليوم الثالث. وهو علم ذلك منذ البدء (يوحنا ١٨: ١٤) لكنه لم يعلّمه علانية إلا الآن.

لم يكن الإنجيل قد اكتمل بعد كان الفكر اليهودى متأصل فى عقلية اليهودى عن المسيا القائد المحارب وعمله فى قيادة الشعب على مثال ملوك بنى إسرائيل فى الحروب كانت هذه الفكرة غير صحيحة. لهذا لم يحن الوقت ليعلن المسيح للتلاميذ ويجب عليهم أن ينتظروا وكان دائما يوصى من يفعل له معجزة ألا يقول لأحد عنه وعندما شفى الأبرص (مت ٨ :٤) قال له يسوع: «انظر ان لا تقول لاحد. بل اذهب ار نفسك للكاهن وقدم القربان الذي امر به موسى شهادة لهم» وعندما شفى الأعميان  (مت ٩ :٣٠) فانفتحت اعينهما. فانتهرهما يسوع قائلا: «انظرا لا يعلم احد!»  (مت 12: 15- 16) فعلم يسوع وانصرف من هناك. وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا. 16 واوصاهم ان لا يظهروه ( مت ١٧ :٩ ) وفيما هم نازلون من الجبل اوصاهم يسوع قائلا: «لا تعلموا احدا بما رايتم حتى يقوم ابن الانسان من الاموات».
2) " أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرا"  "يَنْبَغِي" أي يجب عليه أى أنه ملزم بمقتضى القصد الإلهي كشرط لإتمام غاية تجسده بإعتباره فاديا .

ينبغى  "dei "والتي تعني الضرورة الأخلاقية يسوع جاء لكي يموت، (مر ٨ :٣١) (مر ١٠ :٤٥) ( يو ٣ :١٤ , ١٦ ) يسوع كان يعرف أن هناك مخطط إلهي لحياته وخدمته (مت ١٢ :١٥ -٢١) ( لو ٢٢ :٢٢)(أع ٢ :٢٣) (أع ٣ :١٨) (أع ٤ :٢٨) (أع ١٠ :٤٢) (أع ١٧ :٣١ ) كان يعرف ذلك منذ كان في الثانية عشر من عمره (لو ٢ :٤١ -٤٩ )
أُورُشَلِيم ليتألم هناك وفق قوله «لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجًا عَنْ أُورُشَلِيمَ» (لوقا ١٣: ٣٣).
وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً راجع  متّى ٢٠: ١٩ ولوقا ١٨: ٣٢، ٣٣.

    كان يوحنا المعمدان قد أدخل هذا المعنى بتسميته يسوع "حمل الله" (يو ١ :٢٩) والذى عرف بعد بأنه حامل خطايا العالم ولم يكن التلاميذ مستعدين لقبول هذه الحقيقة والتى تنبأ عنها الأنبياء فى العهد القديم ،والأفكار اليهودية في القرن الأول عن المسيا كانت منتشرة وقوية ومتغلغلة فى وجدان السيهودى وتعصبه لأمته ولبنى جنسه وكان تعليم المعلمين / الّرابيون على أن مجيء المسيا كان مجيئاً كدينونة وقائد عسكري يطرد المحتل الرومانى (رؤ 19: 11- 16) 

المسيح له مجيئيين فلم يكونوا مخطئين بل أخطأوا في تقديرهم وأخفقوا في تمييز مجيئه الأول كعبٍد متألم (أش ٥٣) المتواضع الآتي على جحش ابن أتان (زك ٩ :٥ ) والتي كان كل منهما يتبع (تك ٣ :١٥) راجع مخطط الرب الأبدي الفدائي على (مت ٢٧ :٦٦)
3) "  مِنَ ٱلشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةِ،" 
هذه عبارة قالها يسوع لوصف مجلس السنهدريم. لقد كان هذا هو الهيئة المسيطرة في اليهود ومؤلفاً من سبعين قائدا وكبيرا من منطقة أورشليم. في أيام يسوع كان السنهدريم فاسداً بسبب السياسات الرومانية لأن  منصب الكهنة العظيم صار منصبا يُشترى. ً
ٱلشُّيُوخِ أي رؤساء الشعب وكبار العائلات أعضاء مجلس السبعين، وهو المجلس الكبير المعروف بالسنهدريم / السنهدرين .
رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَة ويقصد :  رئيس الكهنة، ورؤساء الأربع والعشرين فرقة من الكهنة.
ٱلْكَتَبَة أي معلمي الناموس ومن يكتبونه على الجلد أو أوراق البردى .
4) " وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ يَقُومَ"  كيف يموت من يقيم الموتى؟  وهل ن مات سيفنى ذكره !!! أسئلة كثيرة كانت تدور حول حبر يسوع عن موته وقيامته هنا أنبأ المسيح بقيامته ليعزي تلاميذه ويشجعهم قبل موته حتى لا يحزنوا وأن بعد موته قيامة وكان رد فعلهم أن اعتراهم رفض موته. أما هم فلم يدركوا الخبر المحزن ولا الخبر المفرح.

ذكر يسوع بالتحديد الزمن الذى سيمكث فيه جسده فى القبر عدة مرات، ( مت ١٢ :٤٠) (مت ١٦ :٤ ) حيث كان ذاكرا عدد أيام  يونان النبى كعلامة على مسيانته. بولس تكلم عن ذلك ضمنا (١ كور ١٥ :٤) بأنه كان قد تم التنبؤ بذلك في العهد القديم. الإحتمالان الوحيدان هما (هو ٦ :٢ ) يحيينا بعد يومين.في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا امامه." و (يونان ١ :١٦ ) واما الرب فاعد حوتا عظيما ليبتلع يونان.فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال " يفهم من سياق استخدام يسوع لهذا التعبير أنه لا بد أن يشير إلى يونان.

وهناك نظريات حول زمن مكوث يسوع فى القبر بين زمن موته وقيامته (1) بعض المفسرين يقولون أنه طبيا للتقيم الرومانى للأيام الذين حكموا عليه تكون تلك فترة ٧٢ ساعة كاملة فيكون قام فى يوم سبت النور الساعة حوالى 3 بعد الظهر وليس وقت إكتشاف التلاميذ والمريمات أن القبر فارغ (2) بعض المفسرين يعتمدون التوقيت اليهودى ويقولون أنه مكث فى القبر فقط ٣٦ -٤٠ ساعة. كان اليهود يحسبون أيام جزئية كأنها أيام كاملة. كانت الأيام عندهم تبدأ بالغروب. بعد الظهر. وهذا ُحسب يوما ٦ بعد ظهر الجمعة ً يسوع مات ساعة ٣ بعد الظهر في يوم الجمعة ودفن قبل الساعة ٦ وبقي في الهاوية كل يوم السبت، إلى ٦ بعد ظهر السبت. ثم قبل بزوغ الفجر في يوم السبت قام (راجع مت ٢٧ :٦٣ وهكذا تكون لدينا ثلاثة أيام ٍ يهودية.)  

*********************

المجمع اليهودى: THE SANHEDRIN مجلس السنهدرين / السنهدريم

 

1 -  -مصادر المعلومات

 أ- العهد الجديد

ب . كتاب المؤرخ اليهودى  Flavius Josephus' Antiquities of the Jews

ج- قسم المشنه من التلمود (بحث ”المجمع") للأسف، العهد الجديد ويوسيفوس لا يتفقان في الرأي مع الكتابات الربانية، والتي يبدو أنها تؤكد وجود مجمعين في أورشليم، الأول كهنوتي (أي الصدوقيين)، يسيطر عليه رئيس الكهنة ويتعامل بالأمور المدنية ومقاضاة الجريمة، وآخر يسيطر عليه الفريسيون والكتبة، ويهتم بالقضايا الدينية والتقليدية. إلا أن الكتابات الربانية تعود إلى العام ٢٠٠ م.، وتعكس الوضع الثقافي بعد سقوط أورشليم على يد القائد الرومانى تيطس عام 70 م

لقد أعاد اليهود تأسيس حياتهم الدينية في مدينة تُدعى جمنيه ولاحقا (فى عام ١١٨ م.) انتقلوا إلى الجليل

2 - علم المصطلحات

 المشكلة في تعريف وتحديد هذه الهيئة الشرعية القضائية هي في الأسماء المختلفة التي تُعرف بها. هناك عدة كلمات تُستخدم لوصف الهيئات التشريعية داخل المجتمع اليهودي في أورشليم.

 أ- GIerousia“ – المشيخة“ أو ”المجلس“. هذه أقدم كلمة استُخدمت قرب نهاية الحقبة الفارسية (يوسيفوس: 3.3.12 Antiquities ، والمكابيين الثاني ١١ :٢٧ ) يستخدمها لوقا في أع ٥ :٢١ مع كلمة ”المجمع“. قد تكون طريقة لتفسير الكلمة إلى الق ّراء الناطقين باليونانية (مكابيين الأول ١٢ :٣٥ .

ب- Synedrion“ – المجمع“. هذه مركبة من syn) مع) وhedra) مجلس). من المدهش أن هذه الكلمة تُستخدم في الآرامية، إلا أنها تعكس كلمة يونانية. في نهاية الحقبة المكابية كانت هذه قد أصبحت كلمة مقبولة للدلالة على المجلس الأعلى لليهود في أورشليم (مت ٢٦ : ٥٩؛ مر ١٥ :١؛ لو ٢٢ :٦٦؛ يو ١١ :٤٧؛ أع ٥ :٢٧ ) تأتي المشكلة عندما تُستخدم نفس مفردات علم المصطلحات على المجامع القضائية المحلية خارج أورشليم (مت ٥ :٢٢؛ ١٠ :١٧ )

ج- Presbyterion“ – مجلس الشيوخ“ (لو ٢٢ :٦٦ ) هذه تسمية من العهد القديم تشير إلى قادة الأسباط. ولكن صارت تشير إلى المجلس الأعلى في أورشليم (انظر أع ٢٢ :٥ )

 د- Boulē -هذه الكلمة ”مجلس“ يستخدمها يوسيفوس (2.4.5; 2.16.2 Wars ،ولكن ليس العهد الجديد) لوصف هيئات قضائية متعددة مختلفة:

١ -مجلس الشيوخ في روما

٢ -المجالس الرومانية المحلية

٣ -المجلس اليهودي الأعلى في أورشليم

٤ -المجالس اليهودية المحلية.

 يوصف يوسف الذي من الرامة بأنه عضو في المجمع باستخدام صيغة من هذه الكلمة (bouleutēs ، الذي يعني ”مستشار"، مر ١٥ : ٣٤.) ( لو 23: 50)

 

III -التطور التاريخي يُقال أن عزرا أصلاًأسس المجمع الكبير (انظر الترجوم على نشيد الأنشاد  ٦ :١ ) في الفترة التي تلت السبي، والذي يبدو أنه صار المجمع في أيام يسوع.

أ- تدون المشنه (أي، التلمود) أنه كان هناك مجلسان رئيسيان في أورشليم (انظر 1:7. Sanh .( ١ -أحدهما مكون من ٧٠ (أو ٧١ ) عضواً (6:1. Sand حتى تقول أن موسى أسس المجمع الأول في عد ١١ ،انظر عد ١١ :١٦ - ٢٥ )

٢ -الثاني مكون من ٢٣ عضواً (ولكن هذا قد يشير إلى مجالس المجمع المحلية).

٣ -يعتقد بعض الدارسين اليهود أنه كانت هناك مجامع مؤلفة من ٢٣ عضواً في أورشليم. عندما يلتقي الثلاثة معاً، يشكلون معا قيادة الاثنين،”المجمع الكبير“ المكون من ٧١ عضوا Din Bet Av وNasi ً

 أ. مجلس كهنوتي (الصدوقيين)

 ب. مجلس تشريعي (الفريسيين)

 ج. مجلس أرستقراطي (الشيوخ)

ب- في الفترة بعد السبي، النسل الداودي العائد كان َزُربَّابِ والنسل الهاروني العائد كان يشوع. بعد موت زربابل نتهى النسل الداودي ولذلك انتقل التفويض التشريعي إلى الكهنة (انظر مكابيين الأول  حصريا ١٢ :٦ ) والشيوخ المحليين (انظر نح ٢ :١٦؛ ً ) (نح٧ :٥)

 ج- هذا الدور الكهنوتي في القرارات القضائية يوثقه ديودوروس ٤٠ :٣ :٤ -٥ خلال الحقبة الهلينية.

 د- هذا الدور الكهنوتي في الحكم استمر خلال حقبة السلوقيين. ويقتبس يوسيفوس عن أنطيوخس ”الكبير“ الثالث (٢٢٣ -١٨٧ ق. م.) في .Antiquities 12.138-142 كتابه

 هـ- استمرت هذه السلطة الكهنوتية خلال الحقبة المكابية بحسب يوسيفوس، 5.15.13; 6-5.10.13 Antiquities .

 و- خلال الحقبة الرومانية أسس حاكم آرام (أي، غابينيوس من ٥٧ -٥٥ ق.م.) خمسة ”مجامع“ إقليمية (يوسيفوس، Antiquities 4.5.14؛ و5.8.1 Wars ،(ولكن هذه أبطلتها روما لاحقاً (عام ٤٧ ق. م.).

 ز- كان للمجمع مواجهة سياسية مع هيرودس (5-3.9.14 Antiquities (وهذا انتقم عام ٣٧ ق.م. وقتل معظم أعضاء المجلس الأعلى .(Antiquities 14.9.4; 15.1.2 ،يوسيفوس)

ح- تحت سلطة المدراء الرومان (٦ -٦٦ م.) يخبرنا يوسيفوس (251,200.20 Antiquities (أن المجمع عاد من جديد فاكتسب قوة وتأثيرا معتبرين(مر ١٤ :٥٥ .) هناك ثلاث محاكمات يدونها العهد الجديد حيث ينفّذ المجمع، تحت قيادة عائلة رئيس الكهنة، العدالة. ً  (مر 14: 53 - 15: 1) (يو 18: 12 و 23 و 28 -32) 

1- محاكمة يسوع  (مر 14: 53) ( مر 15: 1) (يو 18: 12- 23 و 28- 23)

2 - بطرس ويوحنا (أع 4: 3- 6)

3 - بولس (أع 22: 25- 30)

 ط - عندما ثار اليهود عام ٦٦ كانت النتيجة أن دّمر الرومان ذلك المجتمع اليهودي وأورشليم عام ٧٠ م. وحل المجمع نهائياً، رغم أن الفريسيين حاولوا في جمنيه أن يعيدوا المجلس القضائي الأعلى ( Beth Din) إلى الحياة اليهودية الدينية (ولكن ليس المدنية أو السياسية). IV

 

 4 - العضوية

أ- أول ذكر في الكتاب المقدس للمجلس الأعلى في أورشليم هو في (٢ أخ ١٩ :٨ -١١)  . لقد كان مكونا ًمن

١ -لاويين

٢ -كهنة

٣ -رؤساء العائلات (أي، الشيوخ، انظر مكابيين الأول ١٤ :٢٠؛ مكابيين الثاني ٤ :٤٤ )

ب- خلال الحقبة المكابية كانت تسيطر عليه (١ ) العائلات الكهنوتية الصدوقية و(٢ )الأرستقراطية المحلية (انظر المكابيين الأول ٧ :٣٣؛  ١١ :٢٣؛ ١٤ :٢٨ ) وفيما بعد في هذه الحقبة تمت إضافة ”الكتبة“ (الناموسيين الموسويين، وعادة الفريسيين)، وهذا واضح وكان على يد سالومة زوجة   Alexander Jannaeusعام ٧٦ -٦٧ ق.م.). وقيل حتى أنها جعلت الفريسيين هم الجماعة المسيطرة (يوسيفوس،  .Wars of the Jews 1.5.2 )

ج- في أيام يسوع كان المجلس مكوناً من:

1 - عائلات رؤساء الكهنة

2 - الرجال الأثرياء من العائلات المحلية

3 - الكتبة (بو 19: 47)  

 

5 -مراجع الموضوع

أ - Dictionary of Jesus and the Gospels, IVP, pp. 728-732 -

ب -  The Zondervan Pictorial Encyclopedia of the Bible, vol. 5, pp. 268

ج -  -273  The New Schaff-Herzog Encyclopedia of Religious Knowledge, vol. 10, pp. 203-204

د - The Interpreter's Dictionary of the Bible, vol. 4, pp. 214-218

هـ -  Encyclopedia Judaica, vol. 14, pp. 836-839

**

مصدر هذا الموضوع : الكتاب التعليمي المسيحي الأول: إنجيل مت BOB UTLEY Retired professor of hermeneutics (Biblical interpretation) بوب أتلي أستاذ علم تفسير الكتاب المقدس

تفسير (متى 16: 22): فاخذه بطرس اليه وابتدأ ينتهره قائلاً : “ حاشاك يا رب!  لا يكون لك هذا  “ .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

ونحن نظن ان سمعان أخذه من وسط التلاميذ الى خلوة خوف ان يسمعوا انه مزمع ان يموت فيتشككون ولكي لا يسمعوا احتجاجه على المسيح كأن يقول له : انت تموت ؟ اذاً فالنبوات عنك تبطل والمواعيد لا تتحقق لانها تشير الى ان المسيح يدوم الى الابد فكيف تقول انك تموت والآب كشف لي انك انت المسيح ابن الله الحي واين صحة الطوبى التي اعطيتها حاشى لك من آلام الموت . بمثل هذا كان بطرس يحاجج سيده غير عالم انه سيقوم بعد موته ورب سائل كيف جهل هذا من أعلن له الله وخصّه بالطوبى من اجل إيمانه ؟ فنجيب لانه استسلم لذاته عند سماعه ذكر الموت فرآه غريباً على المسامع بحسب الطبيعة بعد إعلان الوحي له انه ابن الله الحي .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "  فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَٱبْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ" أخذ بطرس يسوع وإنفرد به بعيدا عن التلاميذ وبدأ ينتهره أى يوبخه أى يزجره لقول لا يصح أن يقوله وهنا نرى أن نبطرس تجاوز حدوده مهما يكون الدافع لذلك حتى ولو كان الدافع محبة بطرس القوية ليسوع   

استخدم طريقة إنتهار وتوبيخ التى وردت في سياقات عديدة أخرى قوية (مت ٨ :٢٦) (مت ١٢ :١٠) (مت ١٦ :٢٠ ) مشاعر بطرس الشخصية نحو يسوع كانت تتجاوز مخطط الرب في الفداء
ما نقرأه هنا من أتصرف بطرس فى هذا الموقف يوافق ما نقرأه في أماكن أخرى في الإنجيل من صفاته المندفعة ، فإنه كان يحب المسيح غيوراً في خدمته، لكنه كان سريع الكلام، يعمل بلا روية. فلم يُفهم تمام الفهم معنى كلام المسيح المذكور آنفاً. ويحتمل أنه لم يكن مصدقا أن موت يسوع السريع  أو أن يسوع فى عمر الشباب فلماذا يموت فى هذا العمر أو كيف سيتألم ؟ كيف سيتغلب على يسوع الذى فعل كل هذه المعجوات وتحكم فى الطبيعة ؟ أو قد يكون لحقه شيء من الافتخار الذاتي لما سمعه من مدح المسيح إياه ؟ ، مع أنه وُجِّه إليه باعتباره نائباً عن سائر الرسل.

يَنْتَهِرُهُ أي يردعه ويمنعه حتى من مجرد قول هذا الكلام ، قد يسمى البعض إنتهار بطرس هذا جرأةً عظيمةً منه ويسميه الآخرون إندفاعا كالكلام الذى يخرج من أفواهنا بدون تفكير أو روية ،  ولكن يبقى السؤال قائما كيف يوبخ التلميذ معلمه؟ وكيف ينتهر سيداً اعترف أنه «ابن الله الحي»

ولعله فعل للأسباب التالية: (١) الخوف من تأثير كلام المسيح في بقية الرسل وإنصرافهم عنه . (٢) ظنه أن المسيح قال ذلك لشدة انفعالاته من مقاومة الرؤساء له، ولأوهام وقتية محزنة. (٣) تيقنه استحالة أن المسيح قصد حرفية ما قاله، لأن ذلك يلاشي كل رجائه ورجاء غيره في النجاة والانتصار على يد المسيح. ويظهر مما قيل في (مرقس ٨: ٣٣) أن المسيح أبى أن ينفرد مع بطرس.
2) "  قَائِلاً: حَاشَاكَ يَا رَبُّ!" أى تمالك نفسك يا سيد .. أو لا سمح الله يا سيد .. تجنب ذلك يا سيد
3) "
لاَ يَكُونُ لَكَ هٰذَا"  هذا نفي مضاعف قوي مستخدم لأجل التأكيد وينى كيف يكون لك هذا ؟ لا يمكن أن يحدث !! هذه تعني حرفياً "رحمةً عليك" بالمعنى المتضمن في "ليرحمك الله لئلا يحدث هذا".

تفسير (متى 16: 23)  : فالتفت وقال لبطرس : “ اذهب عني يا شيطان!. أنت معثرة لي ، لانك لا تهتم بما لله لكن بما للناس “ .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

سمّاه شيطاناً اي مضاداً لان غيرته على المسيح اكتسبت صبغة شيطانية فظهرت كعثرة امام المسيح فانتهره وزجره ليتعظ الذين يستحون من ذكر آلام المسيح وصلبه وموته . لانه ان كان ذاك الذي اعلن له عن المسيح انه ابن الله وقبل الطوبى وتسلم المفاتيح سمي شيطاناً فما اعظم جرم الذين يستحون ان يقروا بتعاليمه ويجهروا بإيمانهم امام الجاحدين والمعطلين وقوله ” انك لا تقطن الخ ” أي لست تفكر فيما لله روحياً بل ان فكرك انساني لا يسمو عن طبيعة اللحم والدم .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " فَٱلْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: " نرى هنا سقوط بطرس بعد أن وصل إلى الإعتراف بالمسيح "قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 18:16) إلتفت أى نظر يسوع إليه بعد أن حول وجهه إليه محققا مدققا فى تعابير وجه بطرس

2) " ٱذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ" هذا أشد توبيخ يمكن المسيح أن يتلفظ به ليظهر لبطرس خطأه وتطاوله وتجرؤه على معلمه . هذه الكلمات نفس ما قاله المسيح لإبليس حين جربه في البرية (لوقا ٤: ٨ ) ( متّى ٤: ١٠) وهنا يخاطب يسوع الشيطان الذى أوحى لبطرس بهذه الكلمات  وأن بطرس مثل إبليس المجرب، وأنه شريكه في العمل بقوله أن يرجع يسوع عن القصد الذي لأجله ترك السماء وأتى إلى هذه الأرض، والذي كانت كل كرازته وتبشيره ومعجزاته العلنية في السنين الثلاث الماضية استعداداً له. فكأن المسيح قال لبطرس: هل رجع إليَّ الآن المجرب الأول واستخدم واحداً من تلاميذي ليجربني؟ أبعد عني يا خصمي المقاوم.وهذا هو بطرس، الذي كان قبل بضع لحظات قد تكلم بإعلان منالوحى الإلهى ، يتكلم الآن بتجربٍة من إبليس. هذه كانت نفس التجربة التي واجهت يسوع في البرية، أى يتجنّب الصلب (مت ٤ :١ -١١ ) بمعنة أدق كان بطرس كان الناطق بلسان إبليس.

3) " مَعْثَرَةٌ لِي " هذه الكلمة تشير حرفيا لى شرك يستخدم لصيد حيوانات الصيد. الكلمة كانت تستخدم استعارياً َ. للدلالة على العوائق والموانع التى لا يتنبه لها الحيوان . وتأتى هنا بمعنى أنت يا شيطان تريد أن تمنعنى من إتمام ما جئت لأجله وهو الفداء .
4) " لاَ تَهْتَمُّ " أي لا تكترث أو تبالي. أى إحترس يا بطرس في معنى ما تقوله وهنا فسر المسيح لبطرس بهذه الكلمات غلطه وإثمه ومعنى ما تفوه به .
5) " بِمَا لِلّٰه" أي بمقاصد وتدبير الله وأفكاره وغاياته، أى قصد الرب أن يجعل آلام المسيح وموته واسطة لإنقاذ البشرية من الهلاك الأبدى . فليس ملكوت المسيح أرضياً كما توهم الناس حتى ذاك الحين، وهو لا يُقاس بمقاييس الناس. فما حسبه القوم هيزمة الصليب كان بالحقيقة انتصار للرب (1كور 15: 55) «أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟» فكان إنتصارا حقيقي على الخطية، بالمحبة المفتدية لا بصولجان الملك والسيطرة العالمية.
6) " بِمَا لِلنَّاس" أي ما يشتهيه الناس الذين أحبوا العالم ويتوقعونه ويقصدونه، كالمكانة والسلطة والجاة والربح العالمي إلى غير ذلك مما يختص العالم الذى وضع فى يد الشرير كما توقع اليهود. وكان خطأ بطرس نتيجة عدم إدراكه سر الألم على الصليب ، وهو إيفاء العدل الإلهي حقه بموت المسيح، ونال المؤمنين الحياة الأبدية . فكان خطأ بطرس كخطأ اليهود واليونانيين كما قال الرسول «لكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً» (١كورنثوس ١: ٢٣)

تفسير انجيل متى الاصحاح السادس عشر

 ماذا ينفع الانسان اذا خسر نفسه ؟ (متى 16: 24- 28)

ماذا ينفع الانسان اذا خسر نفسه ؟

تفسير (متى 16: 24): حينئذ قال يسوع لتلاميذه : “ ان أراد احد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني ،

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

لما قال بطرس حاشى لك . أجابه قائلاً أما انا فاقول لك ولا انت تخلص ان لم تكن مستعداً للموت في كل حين . لا تظن يا بطرس ان اعترافك بي اني ابن الله يكفي لخلاصك بل ان عليك مواجب متعددة . فيجب عليك ان تجاهد حتى تنال الاكليل وقال مرقس الانجيلي ” ان يسوع دعا الجمع مع تلاميذه ” فأبان بذلك ان المسيح يدعو الجميع ولا يجبر انساناً على الإيمان به وانما كل انسان حرّ في ان يختار لنفسه ما يحلو له وقوله ” فليكفر بنفسه ” أي ان يسلم جسده للعذابات ويفكر بعقله ان آخر غيره هو المتألم لا هو وقوله ” يحمل صليبه ” أي ان يهيء نفسه للموت كل يوم وهذه نتيجة الكفر بالنفس ” ويتبعني ” أي يقتدي بي في التواضع والوداعة والعمل بما يسمعه مني .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

٢٤ «حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي».
1) "  حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: "
الأشخاص الذى دعاهم يسوع ليتبعوه وأطلق عليهم تلاميذ (الحواريون) أى الذين رغبوا أن يتلقوا العلم الدينى اليهودى منه. وهذا تأكيد أن تعليم يسوع كان مستمرا ولم يكن متقطع وكان هناك تعليم نظرى فى صورة تعاليم ووصايا وآخر عملى فى صورة كرازة وتبشير (مت ٢٨ :١٩)
أنبأ المسيح تلاميذه هنا أن ما استغربوه مما ذُكر من أمر آلامه سيحدث يقينا ، وأبلغهم أمرا آخر أنه يجب عليهم فوق ذلك أن يكونوا مستعدين أن يتألموا هم أيضاً كأعضاء الجسد مع الرأس الذى كلل آلامه بتاج من شوك  .
2) " إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ "
هذه جملة شرطية فئة أولى يفترض أنها صحيحة من منظور الكاتب أو لأجل أغراضه الأدبية. يسوع يفترض أن من آمنوا به سيريدون أن يتبعوه . أي بلا استثناء

3) " يَأْتِيَ وَرَائِي" أي أن التلميذ يتبع معلمه أينما يمضى وهذه إستعارة لمن يريد أن يتعلم ينبغى أن يتبع معلمه ليس فى المكان ولكن فى طريقة حياته فالمسيحية حياة المسيح ذاته يجب أن نتبعه  .
4) : فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ "
أمر ماضي ناقص مبني للمتوسط.  أي لا يفكر فى العالم وأمله أن يسلك الطريق الذى سلى سلكه المسيح كغاية عظمى. وإنكار النفس لا يكون بمجرد اعتزال الشهوات، بل بترك كل شيء يمنعه من خدمة المسيح  الكاملة وهذا ما ذكره هامة الرسل ( مرقس 10: 28) وابتدأ بطرس يقول له: «ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك».. وليس هذه إشارة إلى تعذيب الجسد الاختياري، إنما إلى احتمال ما يأمر به الرب فى حياتنا ويحدث في طريق القيام بالواجبات. - وهذا التعبير يأتى بمعنى التوبة أى ترك كل الرغبات التى تبعد الإنسان عن العمل الإلهى داخليا كان أو خارجيا ألا وهو إنكار الذات

5) " يَحْمِلْ صَلِيبَهُ " فعل أمر ماضي ناقص مبني للمعلوم. هذا التوكيد نفسه مدّون في (مر ٨ :٣٥)ودعا الجمع مع تلاميذه وقال لهم: «من اراد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني  (  لو 9: 23) وقال للجميع: «ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني. ( يو 12: 25- 26) من يحب نفسه يهلكها، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها الى حياة ابدية. 26 ان كان احد يخدمني فليتبعني، وحيث اكون انا هناك ايضا يكون خادمي. وان كان احد يخدمني يكرمه الاب."

هذا مجاز يشير إلى المجرمون المدانوان المحكوم عليهم بالصلب كانوا يحملون لوح صليبهم فى مدينة أورشليم فى طريقهم إلى مكان الصلب (يو ١٢ :٢٤) . ولما كان الصلب أشر أنواع الموت لما فيه من العار العظيم والألم الشديد، استُعير حمل الصليب إلى اما سوف يلاقيه المؤمنون بالمسيح  من أشد العار، والألم بالتواضع والصبر.

كان الصليب هو نوع الألام الذى سيجتازها يسوع وهنا يخبر يسوع تلاميذه بطريقة إستعارية مجازية وطريق الصليب ليس طريق يسوع فقط بلا طريق التلاميذ أيضا

 كان يتوجب عليهم أن يحملوا إلى كانت هذه استعارة تشير إلى الموت المليء بالعذاب، في هذا السياق، موت حياة الذات (يو ١٢ :٢٤) ( ٢ كور ٥ :١٣ -١٤) ( غل ٢ :٢٠) ( ١ يو ٣ :١٦)

6) " ويَتْبَعْنِي" هذا أمر مضارع مبني للمعلوم كما أن العبارتين السابقتين كانتا توصيا ت حاسمة (أفعال أمر ماضي ناقص) هذه أيضاً الإعتيادية.

أي في كل شيء لا في تعليمي أو سيرتي فقط، بل في احتمال المصائب والموت أيضاً. فكأنه قال: إني فى طريقى إلى أورشليم فى طريقى الصاعد إلى الجلجثة فكونوا مستعدين أن تتبعوني ولو إلى هناك. فلا يمكن أن يكون الإنسان مسيحياً إلا بإنكار الذات وحمل الصليب.

 الشركة (التلمذة الرابية) في يهودية القرن الأول كان التعليم الدينى له متطلبات محددة. ولكن حول يسوع التلمذة إلى شركة فقد دعا يسوع الإثني عشر ليكونوا معه فى الأفراح والأتراح ، فإنه فى الإنجيل يدعو المؤمنين في كل دهٍر وجيل. يسوع سكب حياته في هؤلاء الرجال وكان عليهم أن يسكبوا حياتهم إلى الآخرين (٢ تيم ٢ :٢) ( ١ يو ٣ :١٦ ) غالباً ما بشر يسوع عن الطبيعة المستمرة لشركة المؤمنين (مت ١٠ :٣٧ -٣٩؛ مر ٨ :٣٨ -٣٩؛ لو ٩ :٢٣ -٢٧؛ ١٤ :٢٥ -٢٧؛ ١٧ :٣٣؛ يو .(٢٥ :١٢

تفسير (متى 16: 25): فان من اراد ان يخلص نفسه يهلكها ، ومن يهلك نفسه من اجلي يجدها .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

أي من يحتمل الآلام باسمي ولاجلي في هذا العالم تخلّد نفسه في العالم الآتي . وهذه الدعوة مقدمة للعموم ولا يؤخذ منها انه يطلب منا ان نقتل انفسنا بل ان نعبد الله مؤمنين به كما يجب . ويقول لوقا البشير عوض يجدها يحييها . أي ان الذي لا يسلم نفسه للشهوات النجسة فانه يحييها . واما الذي يحب سد اطماع نفسه فانه يهلكها .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) «فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا».
 كرر المسيح هذا القول قبلاً وشُرح ما يقصده فى (متّى ١٠: ٣٩) من وجد حياته يضيعها ومن اضاع حياته من اجلي يجدها. " . فاستعدادنا أن نموت لأجل المسيح يفتح لنا أبواب الحياة الأبدية. ويقول بعض المفسرين ان فى المسيحيين موتان الموت بترك الخطية لكى  ننال حياة جديدة بغفران من كل ما هو ميت .. وبذل حياتنا إذا كان هناك إضطهادا (لوقا ١٧: ٣٣ ) من طلب ان يخلص نفسه يهلكها ومن اهلكها يحييها. ( يوحنا ١٢: ٢٥ ) من يحب نفسه يهلكها، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها الى حياة ابدية.  ( رؤيا ١٢: ١١) وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم، ولم يحبوا حياتهم حتى الموت

فمن ينكر المسيح ليخلِّص حياته الأرضية يضيِّع رجاء الحياة السماوية. والخسارة لأجل المسيح ربح (متّى ٣: ٧، ٨) وبالموت لأجله الحياة، وبالعار المجد، وبالصليب الإكليل.

الأرض والسماء .. أورشليم الأرضية واورشليم السمائية .. عالمان مختلفان عن بعضهما فالحياة فى الأرض  تتمحور حول الذات . ولكن السير فى طرق المسيح يظهر التحول فيهم من خلال طريقة عيشهم وعلاقتهم بالآخرين (متى ٧ و ١٣ ) الحياة البارة لا تجعل المرء باراً (أف ٢ :٨ -٩(؛ الإعتراف والإيمان والأعمال يفعلان ذلك (١٦ :١٦ ) . العالم يتميز بانجذاٍب إلى الذات (تك 3)   ولكن الدهر الآتى يتميز بالغيرية. صورة ًالله في البشرية (تك ١ :٢٦ -٢٧ ) التى تدمّرت بالسقوط. الخلاص يسترد الصورة لكي تستعاد الشركة مع الرب (هدف الخلق). الذات تستبدل بالخدمة، والخطيئة بالتقليص، والأنا بالخدمة، ومبدأ أريد أكثر فأكثر بأقل تكلفة ممكنة إلى مبدأ أنا أنقص وهو يزيد

تفسير (متى 16: 26) : لانه ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟ ام ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه ؟

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

خسارة النفس هلاكها فاذا خسرتها لم يبق لك شيئاً وان اعطيت العالم كله لانه لا يساوي نفساً تشتريها عوضاً نفسك . فالنفس اشرف واثمن ما للانسان فماذا تعطي عوض عنها اذا انت اهلكتها . وكل ما في العالم من الجواهر والنفائس لا يقوم مقامها وماذا يعود عليك اذا رايت العالم كله متنعماً وانت معذب .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "  لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ ٱلإِنْسَانُ  "  منذ أن يولد الإنسان وهدفه فى الحياة الربح وليس الخسارة اللذان  كلاهما كفتا ميزان الحياة ، فأي الاثنتين نرجح؟ فبماذا ينتفع الإنسان خسارة حسب الظاهر أى خسارة كل ما فى الحياة من محبة المال وبذخ العيش والشهوة أم خسارة بحسب الحق الإلهى المحبة والرحمة والإيمان والسعادة . والربح، أي نوع هو؟ أهو ربح المال أيس الرب يعطى الجميع ومتّى كان المعطي رابحاً؟ أليس الآخذ هو الرابح؟ لا! ليس الربح في شريعة المسيح وفي دين اتباعه الحقيقيين. كل شيء حسبته نفاية لأربح المسيح.
2) " لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟" لَوْ
هذه جملة شرطية فئة ثالثة والتي كانت تعني عملاً يقام به فى المستقبل محتملاً. البعض يربح بكده وتعبه أموالا يخزنها أو بيوتا وأشياء دنيوية ولكن يخسرون أشياء روحية أبدية  لأنهم لم يعطون الرب وقتا (اليوم السابع ) أو جزءا مما أعطاهم من أموال وباقى الأشياء التى أنعم عليهم بها  هكذا قال الرب مثل عن (لوقا ١٢: 16- 20) «انسان غني اخصبت كورته  ففكر في نفسه قائلا: ماذا اعمل لان ليس لي موضع اجمع فيه اثماري؟ وقال: اعمل هذا: اهدم مخازني وابني اعظم واجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي ... فقال له الله: يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون؟
وهنا إستعار المسيح كلمة "ربح" التى يستعملها الناس كثيرا فى التجارة ليشير إلى الروحيان ، فالربح في كلامه ليس هو ربحاً حقيقياً كما يظن الناس ، وإن ظهر كذلك، والخسارة فيه ليست خسارة كما يعتقد الناس .
3) "مَاذَا يَنْتَفِعُ؟ " بهذا السؤال الإنسان وجه المسيح الفكر البشرى إلى أن الإنسان لن يعيش طويلا فيجب ان يعمل فى حياته بكل حكمة لكى يقوت نفسه ومن حوله كما يجب النظر في المستقبل إلى  الأمور الروحية للنفع لأنها هى الباقية ، كما يستعملها لذلك في الأمور التجارية.
4) "العالم كله: " العالم وضع فى يد الشرير وإذا لم ينتبه الإنسان فإنه سيصبح شريرا إذا لم يكن حكيما وأخذ كل ما يقدمه الشيطان له من لذة أو شرف أو غنى أو رتبة أو اشتهار أو رئاسة .. ألخ وأهمل طريق السماء  . من الواضح أنه يستحيل أن أحداً من الناس يربح العالم كله. لكن لو فُرض إمكان ذلك لم يكن شيئاً بالنسبة إلى خسارة النفس.
5) "خَسِرَ نَفْسَه"  ظن بعض المفسرين المراد بالنفس هنا الحياة، فعلى هذا يكون المعنى: إن مات الإنسان فماذا ينتفع من ماله وشرفه وسلطته؟ إنه لا يأخذ شيئاً من ذلك معه، لأنه يخسر بخسارة حياته كل ما كسبه من هذا العالم.. وظن مفسرين آخرين إن المقصود بالنفس هنا حياة الروح الخالدة لا حياة الجسد، ولكن المعنى الحقيقى هو ترك الرب ونسيانه فى الحياة خسران كل ما تشتهيه النفس التى تنجذب لكل خطية أو أى شر يقدمه الشرير فى العالم فيسوء حال الإنسان  وتكون العاقبة فى النهاية وهو الموت الأبدي ، ولعلنا نقرأ فى الإنجيل عن من ماتوا على رجاء مجئ المسيح وظهروا فى اورشليم يوم صلبه فمن هذا يظهر أن نفس الإنسان الخاطئ  التى تشتهى تموت اوتتلاشى مع موت الجسد فالإنسان الذى لم يقمع جسده هو إنسانً بلا رجاء المسيح يتبعه حتماً هلاك النفس الأبدي.
 إن من يخسر ويقمع شهوه نفسه فى حياته الدنيا يمكنه أن يربح حياة أفضل منها عوضاً عنها فى السماء . وبمقتضى هذا العدد إن الذي يخسر الحياة الأبدية يهلك إلى الأبد. فمن المحال أن يكون ربح بدلاً من هذه الخسارة. وهذا هو الجواب لسؤال المسيح.
6) " مَاذَا يُعْطِي ٱلإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ" 
ونتيجة ذلك أن من يتبع المسيح فى وصاياه وتعاليمه مع ما يلحقه من الآلام والخسائر خيرٌ من التمتع الوقتي بكل لذات العالم وشهواته . (١) أنه لكل إنسان نفس، أي جزء أخلاقي  لا بد أن يحاسبه الله عنه. (٢) أنه يمكن أن يخسر الإنسان نفسه، وهذا في غاية الخطر. (٣) إن فُقدت النفس فاللوم على الإنسان وحده، لأن الله أعد طريقاً لخلاصها. (٤) إن نفساً واحدة أثمن من العالم كله. (٥) تموت نفس الإنسان بموته فإن فُقدت النفس مرة ضاعت إلى الأبد، فلا عوض عن تلك الخسارة إذ لا فداء لروح الإنسان في جهنم.
7) " فِدَاءً عَنْ نَفْسِه" الفداء هنا بمعنى البدل أو العوض. وقيمة النفس غير محدودة فلا شيء في العالم يصلح أن يكون فداءً عنها لها فتره محدوده فى حياة الإنسان تهتم بحياة جسد الإنسان وغرائزة . ويبين عظمة قيمتها ما بذله المسيح ليجعل فداءها ممكناً. فإن خسر الإنسان نفسه بترك فداء المسيح رغبة في العالم فأين يجد فداءً آخر له.

الحياة التي تعاش بأنانية تنتهي بالموت، ولكن الحياة التي تعاش لأجل المسيح تؤدي إلى حياةٍ أبدية (مر٨ :٣٤ -٣٨ )

******

 النفس البشرية

الكتاب المقدس لا يذكر مطلقا ان «النفس» خالدة،‏ بل يقول ان النفس تموت.‏ (‏حزقيال ١٨:‏٤،‏ ٢٠‏)‏ لذلك يشير الكتاب المقدس الى الشخص الميت بالقول انه «نفس ميتة».‏ —‏ لاويين ٢١:‏١١‏.‏

معظم الكتاب المقدس كُتب في الاصل باللغتين العبرانية واليونانية.‏ وعندما اشار كتبة الكتاب المقدس الى النفس،‏ استخدموا الكلمة العبرانية نيفيش او الكلمة اليونانية پسيخِه.‏ وترد هاتان الكلمتان اكثر من ٨٠٠ مرة في الاسفار المقدسة،‏ وتنقلهما ترجمة العالم الجديد في معظم الاحيان الى «نفس».‏ وإذا تأملت في آيات الكتاب المقدس التي ترد فيها هذه الكلمة،‏التى تشير بصورة رئيسية الى ‏(‏١)‏ الشخص بعينه،‏ (‏٢)‏ الحيوانات،‏ او (‏٣)‏ حياة الانسان او حياة الحيوان.‏ وطبيعى تنتهى نفس الحيوان بموته لأن النفس ليست خالدة ومرتبطة بالحياة الفسيولوجية للإنسان

 النفس البشرية هي جزء غير مادي من الإنسان. يصف تكوين 35: 18 موت راحيل زوجة يعقوب بالقول أنها سمت إبنها "عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِهَا (لانَّهَا مَاتَتْ)". من هذا نعرف أن النفس تختلف عن الجسد . إن النفس البشرية مركزية بالنسبة لشخصية الإنسان. يقول سي إس لويس "أنت لا تمتلك نفساً. أنت نفس. وانت تمتلك جسداً". يتكرر في الكتاب المقدس الإشارة إلى الناس كـ "نفوس" (خروج 31: 14؛ أمثال 11: 30)، خاصة في سياق التركيز على قيمة الحياة والشخصية الإنسانية أو في إطار مفهوم "الكائن الكامل" (مزمور16: 9-10؛ حزقيال 18: 4؛ أعمال الرسل2: 41؛ رؤيا 18: 13). النفس البشرية تختلف عن القلب (تثنية26: 16؛ 30: 6) والروح (تسالونيكي الأولى5: 23؛ عبرانيين4: 12) والعقل (متى22: 37؛ مرقس12: 30؛ لوقا10: 27). خلق الله النفس البشرية (إرميا38: 16). ويمكن أن تكون قوية أو مهزوزة (بطرس الثانية 2: 14)؛ يمكن أن تفقد أو تخلص (يعقوب1: 21؛ حزقيال18: 4). النفس البشرية بحاجة إلى الفداء (لاويين17: 11) وهي ذلك الجانب منا الذي يتم تطهيره وحمايته بالحق وبعمل الروح القدس (بطرس الأولى1: 22). الرب يسوع هو راعي النفوس العظيم (بطرس الأولى2:25). يقول متى11: 29 أننا يمكن أن نلجأ إلى الرب يسوع لنجد راحة لنفوسنا. كثيراً ما يتم الخلط بين الروح والنفس الإنسانية. فيبدو أن الكتاب المقدس يستخدم المصطلحين بالتبادل، ولكن قد يكون هناك إختلاف طفيف بينهما. وإلا فكيف يمكن أن تخترق كلمة الله مفصل "النفس والروح" (عبرانيين4: 12)؟ عندما يتحدث الكتاب المقدس عن الروح، فهو عادة يشير إلى قوة داخلية تدفع الإنسان في إتجاه أو آخر.  كل إنسان عاش يوماً على وجه الأرض كان له نفس، وكل هذه النفوس مازالت موجودة في مكان ما. السؤال هنا هو أين؟ إن النفوس التي ترفض محبة الله محكوم عليها أن تدفع ثمن خطاياها في الجحيم إلى الأبد (رومية6: 23). ولكن النفوس التي تعترف بخطيتها وتقبل عطية غفران الله الفائضة سوف تعيش إلى الأبد بجوار مياه الراحة مع راعيها، حيث لا يعوزها شيء (مزمور23: 2).

تفسير (متى 16: 27): فان ابن الانسان سوف يأتي في مجد ابيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب اعماله .

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

ابان بهذا ان مجده ومجد أبيه واحد . ولما ذكر آلامه امام تلاميذه فزعوا وتقدم سمعان وقال حاشا لك يا رب . فأخذ هؤلاء الثلاثة وصعد الى الجبل لينفي عنهم الخوف ويزيل ما اعتراهم من الحزن والكآبة .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

ترك متّى هنا وصية ذكرها مرقس ولوقا، وهو إنذار المسيح للذين يستحون به وينكرونه من أجل ربح العالم . ولعل تركه إياه هنا لأنه ذكر مثله في موضع آخر (متّى ١٠: ٣٣).ولكن من ينكرني قدام الناس انكره انا ايضا قدام ابي الذي في السماوات."
1) "
فَإِنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ "  استخدم المسيح لقب ابن الإنسان في مناسبات تدل على لاهوته.
1- فهو كابن الإنسان له سلطان أن يغفر الخطايا. وهذا واضح من حديثه مع الكتبة في قصة شفائه للمفلوج، إذ قال لهم: ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمفلوج قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك (إنجيل متى 9: 2-6).
2- وهو كابن الإنسان يوجد في السماء والأرض معًا. كما قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (إنجيل يوحنا 3: 13). فقد أوضح أنه موجود في السماء، في نفس الوقت الذي يكلم فيه نيقوديموس على الأرض. وهذا دليل على لاهوته.
3- قال إن ابن الإنسان هو رب السبت. فلما لامه الفريسيون على أن تلاميذه قطفوا السنابل في يوم السبت لما جاعوا، قائلين له "هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبوت" شرح لهم الأمر وقال "فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا" (مت12: 8). ورب السبت هو الله.
4- قال إن الملائكة يصعدون وينزلون على ابن الإنسان. لما تعجب نثنائيل من معرفة الرب للغيب في رؤيته تحت التينة وقال له "يا معلم أنت ابن الله" لم ينكر أنه ابن الله، إنما قال له "سوف ترى أعظم من هذا.. من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يو1: 48- 51). إذن تعبير ابن الإنسان هنا، لا يعنى مجرد بشر عادى، بل له الكرامة الإلهية.
5- وقال إن ابن الإنسان يجلس عن يمين القوة ويأتي على سحاب السماء. فلما حوكم وقال له رئيس الكهنة "أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟ أجابه "أنت قلت. وأيضًا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء" (مت26: 63- 65). وفهم رئيس الكهنة قوة الكلمة، فمزق ثيابه، وقال قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى شهود!
ونفس الشهادة تقريبًا صدرت عن القديس اسطفانوس إذ قال في وقت استشهاده "ها أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائم عن يمين الله" (اع7: 56).
6- وقال إنه كابن الإنسان سيدين العالم. والمعروف أن الله هو "ديان الأرض كلها" (تك18: 25). وقد قال السيد المسيح عن مجيئه الثاني "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه، مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). ونلاحظ هنا في قوله "مع ملائكته، نسب الملائكة إليه وهم ملائكة الله.

7- ويقول عن الإيمان به كابن الإنسان، نفس العبارات التي قالها عن الإيمان به كابن الله الوحيد.
قال "وكما رفع موسى الحية في البرية، ينبغي أن يرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 14- 16).
هل ابن الإنسان العادي، يجب أن يؤمن الناس به، لتكون لهم الحياة الأبدية. أم هنا ما يُقال عن ابن الإنسان هو ما يُقال عن ابن الله الوحيد.
8- نبوءة دانيال عنه كابن للإنسان تحمل معنى لاهوته. إذ قال عنه "وكنت أرى رؤيا الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان. أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا. لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول. وملكوته ما لن ينقرض" (سفر دانيال 7: 13، 14). من هذا الذي تتعبد له كل الشعوب، والذي له سلطان أبدى وملكوته أبدى، سوى الله نفسه..؟!
2) " سَوْفَ يَأْتِي " سَوْفَ يَأْتِي أشار المسيح بذلك إلى مجيئه الثاني للدينونة. وورد مجيء المسيح ثانيةً في الإنجيل بثلاثة معانٍ: (١) مجيئه عند موت كل مؤمن (يوحنا ١٤: ٣٢). (٢) مجيئه لخراب أورشليم (يوحنا ٢٠: ٢٢). (٣) مجيئه ليدين العالم، وهو المقصود هنا.
3) " فِي مَجْد
أَبِيهونلاحظ في عبارة (مجد أبيه) معنى لاهوتيًا هو:
 قال إنه هو ابن الله له مجد أبيه، فيما هو ابن الإنسان. ابن الإنسان يأتي في مجد أبيه، أي في مجد الله أبيه. فهو ابن الإنسان، وهو ابن الله في نفس الوقت. وله مجد أبيه، نفس المجد.. ما أروع هذه العبارة تقُال عنه كابن الإنسان. إذن هذا اللقب ليس إقلالًا للاهوته...
وقال إنه كابن الإنسان يدين العالم، يخاطب بعبارة (يا رب). فقال: ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب.. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن يساره. فيقول للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبى رثو الملكوت المعد لكم.. فيجيبه الأبرار قائلين: يا رب متى رأيناك جائعًا فأطعمناك.." (مت25: 31- 37).
عبارة (يا رب) تدل على لاهوته. وعبارة (أبى) تدل على أنه ابن الله فيما هو ابن الإنسان.
فيقول "اسهروا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم" (مت24: 42). فمن هو ربنا هذا؟ يقول "اسهروا إذن لأنكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان" (مت25: 13). فيستخدم تعبير (ربكم) و(ابن الإنسان) بمعنى واحد.

4) "
مَعَ مَلاَئِكَتِهِ" كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته، والمختارين مختاريه، والملكوت ملكوته.
قال عن علامات نهاية الأزمنة "حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء.. ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظم الصوت، فيجمعون مختاريه.." (مت24: 29- 31).
ويقول أيضًا "هكذا يكون في انقضاء هذا العالم: يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار" (مت13: 40- 41). وواضح طبعًا إن الملائكة ملائكة الله (إنجيل يوحنا 1: 51)، والملكوت ملكوت الله (مر9: 1)، والمختارين هم مختاروا الله.
(متّى ١٣: ٤١ ) (مت ٢٥: ٣١ ) (٢تسالونيكي ١: ٧ ) (يهوذا ١٤).
5) "
وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ" قال في سفر الرؤيا إنه الألف والياء، الأول والآخر... قال يوحنا الرائي "وفى وسط المنائر السبع شبه ابن إنسان.. فوضع يده اليمنى علىّ قائلًا لي: لا تخف أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين" (رؤ1: 13- 18). وقال في آخر الرؤيا "ها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، لأجازى كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر" (رؤ22: 12، 13). وكل هذه من ألقاب الله نفسه (سفر إشعياء 48: 12، أش44: 6).
6) " يُجَازِي" لا يأتي حينئذٍ ليتألم كما أتى أولاً، بل يأتي ملكاً يثبت الأبرار ويعاقب الأشرار ويجازي الذين تألموا معه بأن يجعلهم شركاء مجده. فلا يحسن أن يتوقع الأبرار مكافأة في هذا العالم إلا بشعورهم بوجود الرب معهم يقويهم لأنهم لم يوعدوا بنواله إلا عند مجيء المسيح ثانيةً (٢تيموثاوس ٤: ٨).

 ( دانيال ٧: ١٠ ) ( زكريا ١٤: ٥ ) ( متّى ٢٥: ٣١ ) ( مت ٢٦: ٦٤ ) ( يهوذا ١٤ ) ( أيوب ٣٤: ١١ ) ( مزمور ٦٢: ١٢ ) ( أمثال ٢٤: ١٢ ) ( إرميا ١٧: ١٠ ) ( أر٣٢: ١٩ ) ( رومية : ٦ ) ( ١كورنثوس ٣: ٨)

تفسير (متى 16: 28): الحق اقول لكم : ان من القيام ههنا قوماً لا يذقون الموت حتى يروا ابن الانسان آتياً في ملكوته “ .

 

 فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

صعد يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا الى الجبل معه واراهم مجده الذي مزمع ان يأتي به في مجيئه الثاني الذي يسميه ملكوته . وفي اليوم الذي كلمهم فيه لم يصعد الى الجبل لئلا يشك سائر التلاميذ ويزداد حزنهم وغيرتهم من رؤية ثلاثة منهم يتمتعون وحدهم بذلك المجد الباهر . فانهم جميعاً كانوا متشوقين لرؤيته لانه كان قد انبأهم بالامر قبل ذلك بايام ليمنعوا نظرهم فيتوقون لذلك المشهد السامي الذي تجلى به .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

 هناك فرق بين ألاية 27 و 28 فالآية 27 من إصحاح 16 يتكلم المسيح عن الدينونة وكرسي المسيح لذلك قال مع ملائكته أما الآية 28 تتكلم عن بداية ملكوت الله علي الارض بالقيامة بل وقبلها وهي حادثة التجلي فتكلم بتعبير اتيا في ملكوته وليس مع ملائكته
لا شك أن المعمدان وتلاميذ المسيح قد تحققوا من ملكوته قبل وبعد قيامته رأى المعمدان مجد ملكوت المسيح عندما كان يعمد المسيح ورأى الروح القدس وسمع صوتا من السماء يقول هذا هو إبنى الحبيب ، رآى بطرس ويوحنا ويعقوب المسيح ممجدا على جبل طابور عندما تجلى أمامهم فى هيئته الإلهية ، المؤمنون لا يزالون يتحققون منه إلى أن يتم هذا الملكوت في قلوب الناس وسيرهم وأعمالهم.

1) " ٱلْقِيَامِ هٰهُنَا قوما "أي تلاميذه الاثني عشر.
2) " يَذُوقُونَ ٱلْمَوْت " هناك موتان موتا روحيا ناتج عن إنغماس نفس الإنسان فى الخطية وموت جسدى وشبَّه يسوع الموت بكأس شراب مر حُتم على الإنسان أن يشربه. وهذا القول يفيد أن الحادثة التي ينبئ بها تحدث وبعض الحاضرين في الحياة.
3) "آتِياً فِي مَلَكُوتِه " أي في عظمته وبهائه الملكي ومجده اللاهوتى ، كقوله «أتى بقوة» (مرقس ٩: ١) وقوله «يروا ملكوت الله» (لوقا ٩: ٢٧). فالمقصود أنه يُظهِر أثناء حياة بعض الحاضرين أدلةً قاطعة على أن الملكوت الذي أنبأ به الأنبياء والمسيح نفسه قد تأسس على الأرض.
بعد الآية السابقة والتي تحدث فيها السيد المسيح عن المجد، أصبح إشتياق التلاميذ شديداً أن يروه أو حتى يعرفوا ما هو. والسيد في هذه الآية يطمئنهم بأن بعضاً منهم لن يذوقوا الموت قبل أن يروا ملكوت إبن الإنسان. فما هو ملكوت إبن الإنسان؟ ملكوت إبن الإنسان هو حين يجلس عن يمين أبيه، ويكون في صورة مجد الآب. وهو قيامته من الاموات وصعوده الي السموات فهو مجد وملكوت بدأ بالقيامة
وهذا ما تنبأ عنه دانيال سفر دانيال 7 13 «كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. 14 فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ. وبالفعل استفانوس شهد ان هذا تحقق (أع 7: 56) فَقَالَ: «هَا أَنَا أَنْظُرُ السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً، وَابْنَ الإِنْسَانِ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ». فبقيامة المسيح راى تلاميذه ابن الانسان اتيا في ملكوته وهو اكد ذلك انجيل يوحنا 14
وفي أمر إتيان الملكوت ثلاثة آراء (١) أنه حادثة تجلّي المسيح، التي حدثت بعد ذلك بستة أيام. وكان هذا التجلي عربون مجيئه ثانيةً ولمعان المجد الذي سيظهر في وقته. ويوافق هذا الرأي قول بطرس وهو يشير إلى التجلي «عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ... مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ» (٢بطرس ١: ١٦). (٢) حلول الروح القدس يوم الخمسين وإيمان ثلاثة آلاف يهودي بالمسيح، وتأسيس الكنيسة المسيحية وقتئذٍ ونجاح الإنجيل على أثر ذلك. وهذا كله دلالة واضحة على أن الملكوت الجديد قد أتى، وأن المسيح قد مارس مُلكه الروحي على القلوب. (٣) خراب أورشليم الذي حدث بعد هذا بنحو أربعين سنة، فإن الخراب كان نهاية كل ما يتعلق بالنظام الموسوي ورمزاً إلى مجيئه في اليوم الأخير لخراب العالم.
ومن الملاحظ أن ثلاثة من الرسل شاهدوا التجلي، وكلهم ما عدا واحداً شاهدوا حوادث يوم الخمسين ونجاح الإنجيل. وواحد منهم على الأقل (هو يوحنا التلميذ المحبوب) عاش بعد خراب أورشليم وشاهد انتشار الإنجيل في آسيا وبلاد اليونان وروما وأكثر المسكونة المعروفة في ذلك الوقت.

 

 

This site was last updated 08/09/19