Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 تفسير / شرح الإنجيل كما رواة  متى الإصحاح الأول (متى 1: 18) 
 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مقدمة تفسير متى
تفسير (مت 1: 1- 17
تفسير  (مت 1: 18
تفسير (مت 1: 19 - 24)
تفسير (متى 2: 1- 12
تفسير (مت 2: 13 - 23
تفسير (مت  3: 1-6
تفسير (مت 3: 7-12
تفسير (مت 3: 13-17
تفسير (متى 4 : 1- 11
تفسير (متى 4: 12- 17)
تفسير (متى 4: 18- 25
تفسير (متى5: 1-  12
تفسير (مت 5: 13- 26
تفسير  (متى 5: 27- 48
تفسير متى 6: 1- 15
تفسير متى 6: 16- 34
تفسير متى الإصحاح7
تفسير متى الإصحاح 8
تفسير متى 9: 1- 17
تفسير متى 9: 18- 38
تفسير متى 10: 1- 23
تفسير متى 10: 24- 42
تفسير متى الإصحاح 11
تفسير متى 12: 1- 21
تفسير متى 12: 22- 50
تفسير متى 13: 1- 32
تفسير متى 13: 33- 58
تفسير متى الإصحاح14
تفسير متى 15: 1- 20
تفسير متى 15: 21- 39
تفسير متى الإصحاح16
تفسير متى الإصحاح17
تفسير متى الإصحاح18
تفسير متى الإصحاح19
تفسير متى الاصحاح20
تفسير متى 21: 1- 22
تفسير متى 21: 23- 46
تفسير متى 22: 1- 22
تفسير متى 22: 23- 46
تفسير متى 23: 1- 22
تفسير متى 23: 23- 39
تفسير متى 24: 1- 22
تفسير متى 24: 23- 51
تفسير متى الإصحاح25
تفسير متى 26: 1- 25
تفسير متى 26: 26- 46
تفسير متى 36: 47- 75
تفسير (مت 27: 1- 26)
تفسير (مت 27 : 27- 44)
فسير (مت 27 : 45- 66)
تفسير متى الفصل 28
جدول بالتآريخ والحكام  بإسرائيل ومصر
إقتباسات متّى من العهد القديم
Untitled 8095
Untitled 8102
Untitled 8410
Untitled 8411

فيما يلى تتفسير / شرح الإنجيل كما رواة  متى الإصحاح الأول (متى 1: 18)

تقسيم فقرات الإصحاح  الأول من إنجيل متى (متى 1: 18)
4. مريم المخطوبة (مت 1: 18)

تفسير انجيل متى - الاصحاح الأول

4. مريم المخطوبة (مت 1: 18)

تفسير (متى1: 18) : أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا : لمّا كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف ، قبل ان َيجتمعا ، وُجِدت حبلى من الروح القدس . 

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1)  “مريم أمه مخطوبة ليوسف” ومريم العذراء خطبيت إلى يوسف لكى يكون إسمها محفوظا  من التهم إذ أن خطوبتها كانت لحمايتها وليكون الزواج مكرما حسب ما ورد فى (لو1: 27 و 35) "الى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف. واسم العذراء مريم "

آدم الأول خلق من تراب لم يكن فيه خطية ولكن لحريته سقط فيها ثم ورثت البشرية خطية أبويهم الأوليين أما  يسوع الذى هو آدم الثانى ليخلص ولد من عذراء بدون خطية حسب ما قالت للملاك (لو1: 34) كيف يكون لى هذا وأنا لا أعرف رجلا "وهذا ما صرح به الملاك للعذراء (لو1: 35)" فاجاب الملاك: «الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله. "

2) مخطوبة ” كانت المدة بين الخطبة والزواج فى النظام الشريعة فى هذا الوقت سنة ، وقد يمكن تطويل المدة أو تقصيرها   كما تقتضى الأحوال المعيشية والتجهيزات  وكانت هذه المدة تقضيها العروس فى العادة فى بيت أبيها (تث20: 7) وعدم أمانة البنت وطهرها فى خلال هذه المدة يعد زنا يجب رجمها ، وإذا خطيبها لم يتمم وعدة بأخذها إلى بيته كان عليها ان يعطيها كتاب الطلاق حسب سنة الطلاق بعد الزواج

2) "  وُجِدت حبلى  " مما يذكر أنها بعد بشارة الملاك ذهبت إلى أليصابات التى كانت فى الشهر السادس ومكثت تخدمها ثلاثة أشهر (لو1: 29) أى بعد هذه الثلاثة أشهر ظهر أمرها وليوسف وربما أخبرت العذاء آخريين

3)  الروح القدس " هذا هو تأكيذ لفعل إلهى خارق للطبيعة ظل مجهولا مخفيا عن يوسف حتى هذه اللحظة

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

" يسوع المسيح  " دعي الرب يسوع في الكتب المقدسة باثنين وخمسين اسماً . منها ما يناسب الزمان الذي . التجسد نحو قوله الكلمة والابن والمشرق . ومنها ما يناسب الزمان الذي بعد التجسد نحو قوله يسوع المسيح . ومنها تخبر عن اتحاده كقوله عمانوئيل الذي تفسيره إلهنا معنا وهو اشارة الى اللاهوت والناسوت . واسم يسوع هو عبراني معناه المخلص . ويدعى مخلص لانه خلص شعبه من خطاياهم ” فستلد ابناً ، وتسميه يسوع ، لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم ” ( متى 1: 21 ) . ودعاه النبي الشفاء ، لانه قد ” أتى لشفاء المبتلين بالاوجاع والامراض ” ( ملاخي 4 : 2) . وسمّى موسى النبي تلميذه باسم يشوع بن نون رمزاً الى المسيح وكان اولاًً يسمى هوشع . ودعي بالمسيح كونه صار انساناً يقال له ممسوح لانه قد مُسِح ناسوتياً . ان المسح في العهد القديم كان على ثلاثة أنواع : (1) رمز ، كمسحة الملوك والكهنة . (2) مسح بالنعمة أي بالروح سراً وخفياً ، كمسح الانبياء والكهنة. (3) مسح اكرامي لاصلاح الامور ، كمثل ابراهيم وكورش وحزقيال . ثم ان المسح يقال على سبعة انواع : (1) بالكمية ، كما يقاس الشيء بالأذرع والأشبار فيقال ان فلان مسح الارض أي قاسها كما قاس الملاك اورشليم الف ذراعاً . (2) انعاماً ، كالأنبياء الذين مسحوا بالروح سراً . (3) بالزيت ، كمثل الملوك والكهنة الذين مسحوا بالدهن المقدس والناس أيضاً يدهنون مسحاً مطلقاً . (4) بنوع الاكرام ، كابراهيم واسحق المقول عنهما لا تدنوا من مسحائي . (5) بالانتخاب والتخصيص ، كالمختارين لاستقامة الامور مثل كورش وحزقيال المدعوين مسحاء . (6) التثبيت من الايمان والعماد ، كقوله الجسد هو المسيح . (7) بالروح القدس ، كمسحة اللاهوت للناسوت كما مسح المسيح جسده ، أعني بلاهوته وبروحه . الا اننا نقول ان يسوع المسيح هذا الذي نسجد له ليس انساناً فقط ولد من مريم ثم بعد ذلك مسح بالروح وتقدس حسب هذر الهراطقة ، بل هو الله الكلمة المولود من الآب أزلياً . فسمّي مسيحاً لأنه رضي ان يُمسح بالروح ويتقدس بالجسد. وكما هو ، بطبعه ، أشرف من ولادة المرأة ومن الآلآم والموت ، وقَبِل الميلاد والموت والآلام بالجسد لأجلنا ، كذلك ارتضى ان يمسح بالروح اذ هو واهب الروح وقدوس بطبعه وقبِل حلول الروح القدس عليه كغير المحتاج . فاذاً قد قبله بالجسد ليعطينا اياه . وفي كل شيء صار لنا بداءة مثل آدم الثاني كقـول الرسول بولس : “على ان كلّ واحد منّا قد أُعطي نعمة توافق مقدار ما يهبُه المسيح لكي بواسطته يعطينا الروح القدس ” ( افسس 4 : 7 ) . وأيضاً ندعوه مسيحاً لانه ممسوح من الآب أزلياً ” أحببتَ البر وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك ” ( مزمور 45 : 7 ) . ولان الروح القدس حلّ في بطن العذراء كقول الملاك ” الروح القدس يحلّ عليك ، وقدرة العليّ تظللك . لذلك ايضاً فالقدوس المولود منك يدعى ابن الله ” ( لوقا 1 : 35 ) وجبل الروح القدس جسد الله الكلمة ومسحه وقدّسه واتّحد الكلمة مع الجسد اتحاداً اقنومياً . وهذا ما عمله الروح لا لأن الابن لم يكن قادراً ان يجبل جسده ويقدسه ، بل ليعرف ان ذاك المولود هو إله وابن طبيعة الروح وليصير عدد الثلاثة أقانيم معلوماً . ان الآب شاء ان يتجسّد الابن والروح القدس جسم الابن بما انه جبل جسده من البتول . كذلك كان هذا العمل نحو رتبة المخلوقات . الآب أمر ان تكون ، والابن عمل ، والروح القدس تمّم وكمّل . بل الآب مسح ، والابن مُسح ، والروح القدس قام مقام المسح . لهذا نسمي الله الكلمة مسيحاً وذلك لسببين : اولاً ، لانه قَبِل ان يمسح بالجسد من الروح القدس . ثانياً ، لان الروح مسح جسده وقدّسه لما اتّحد الله الكلمة معه . ثم نقول ان المسيح ليس انساناً ممسوحاً بالمسح حسبما قيل ولا كتب عنه انه انتُخِب من الله كالبشر . يقول بطرس الرسول ” ان الله مسحه ” ( اعمال 4 : 27 ) لكي يزيل ظن اليهود القائلين انه مضل ، وليؤمنوا انه مرسل من الآب . وأيضاً ان اسم المسيح لم يأخذ قوة حد الاسماء ولا يطلق عليه لفظ ما ، كما يطلق على الانسان والحيوان ، لكن الفعل المضمون يُعرف عند كل أحد تعريفاً . فيُعرف عن المسيح الذي صار انساناً لاجلنا انه إله متجسد ، كالروح الذي له جوهرياً ، أي انه اتخذ جسداً كاملاً مقدساً بالروح القدس ذا نفس عاقلة ناطقة وجعله واحداً مع لاهوته اي اتحد معه اتحاداً اقنومياً . وعدا ذلك ان اسم المسيح يعلمنا الاعتقاد بالثالوث فان الآب مَسح والابن مُسح والروح القدس هو المسحْ أي المسحة . والذي يقول ان المسيح صار انساناً طبيعياً ومُسح بالروح القدس ليتقدس فليقل لنا في أي وقت مُسح  أقبل الميلاد ؟ فنقول انه قبل ان يُحبل به في بطن البتول لم يكن له جسداً . وان قيل أثناء المعمودية ، فنقول انه في مولده دعي المسيح . يقول بعض الهراطقة ان معنى يسوع المسيح هو انسان ولكن هذا محض خطأ ، فان اسم يسوع المسيح هو الله الكلمة . لا لأنه إله ، بل لأنه صار انساناً . ثم نقول ان اسم يسوع المسيح لا يعني الجسد المأخوذ من مريم ، ولا يعني انسان وإله معاً ، لكنه يعني الهاً متجسداً . وذلك واضح من قول يسوع لليهود : ” ان الذي قدّسه الآب وأرسله الى العالم أتقولون له إنكَ تُجدف لأني قلتُ إني ابن الله ” ( يوحنا 10 : 36 ) . فمن هو المـرسل من الآب أإنسان هو ، أم إله وانسان معاً ام الله الكلمة ؟ كقول بولس : ” ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ” ( غلاطية 4 : 4 ) . فاذاً ذاك الذي أُرسل من الآب الى العالم هو الكلمة وهو المدعو يسوع . وهو هو المقدس . لا انسان . ولا انسان وإله معاً . لكن الآب هو الذي قدّس الكلمة بالروح القدس الذي مسحه ، لا بما انه إله ابن الله بالطبع ومساوٍ له والروح القدس وهو واهب القداسة ، بل لأنه صار انساناً لاجلنا . وقد قال المسيح ايضاً ” الحق الحق اقول لكم قبل ان يكون ابراهيم انا كائن ” ( يوحنا 8 : 58 ) . فمن هو الذي كان قبل ابراهيم ؟ اهو الإنسان الذي من مريم أم الإله والإنسان معاً ؟ فالانسان الذي من مريم لم يكن قبل ابراهيم فقط ، ولم يكن قبل مريم ، لكنه بعد مريم ولد منها . فقد صار معلوماً ان الذي كان قبل مريم هو الله الكلمة المدعو بهذا الاسم ” يسوع المسيح ” . وقد قال يسوع لليهود ماذا تقولون عن المسيح ابن من هو ؟ فقالوا له ابن داود . فقال لهم : ” فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً : قال الرب لربي أجلس عن يميني . فان كان داود يدعوه رباً فكيف يكون ابنهُ ؟ ” ( مت 22 : 42 – 44 ) فمن هو الآن رب داود ، أهو الانسان الذي من مريم الذي لم يكن في زمان داود ولا مريم التي ولد منها ، أم الإله المتجسد الذي يدعى مسيحاً ؟ فدعاه رباً واحداً ولم يقل أرباباً . اعني انه واحد لا كثيرين . فاتضح ان الله الكلمة ابن الآب الطبيعي دعي رباً كما في قوله تعالى : ” فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً من عند الرب من السماء ” ( تك 19 : 24 ) . وكقوله : ” انه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب ” ( لوقا 2 : 11 ) . فاذاً اياه دعا المسيح . ومكتوب أيضاً : ” ان كرسيك يا الله الى دهر الدهور . أحببت البر وأبغصت الإثم من اجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك ” ( مزمور 45 : 6-7 ) . فبعدما سمّاه إلهاً قائلاً كرسيك الى الابد ، يعني لا نهاية ولا فناء لملك سلطانك ، قال من اجل هذا مسحك الله اي ان الآب مسح الابن الكلمة بالروح القدس . فاذاً لا بما انه إله بل بما انه قد صار انساناً . كما قال الكلمة نفسه : ” ان الذي قدّسه الآب وأرسله ” . وايضاً قال : ” انه أفضل من رفقائه لذلك مسحه ” .  يعني مسحه افضل منا نحن وافضل من الانبياء والرسل والمسحاء الاخرين . لان جميع الناس يقبلون مسحة الروح القدس على سبيل الهبة والنعمة ، أما الكلمة فلما تقدس ومُسح بالروح فلم يقبلها محتاجاً بل كغير المحتاج وكالغني وواهب النعم كقول يوحنا : ” ملئه نحن جميعاً اخذنا ونعمة فوق نعمة ” ( يوحنا 1 : 16 ) . ولأنه وهاب وابن طبيعة الروح رضي ان يُمسح منه لكي ننال نحن المحتاجون المسحة بواسطته . فاذاً الله الكلمة يدعى المسيح بما انه قد صار انساناً . ويثبت هذا يوحنا قائلاً : ” امتحنوا الأرواح هل هي من الله لا بد ان انبياء كذبة كثيرين قد خرجوا الى العالم . بهذا تعرفون روح الله . كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله ” ( 1 يوحنا 4 : 1-3 ) .  قال بولس الرسول : ” لنا إله واحد الآب الذي به جميع الاشياء ونحن له ” ( 1 كورنثوس 8 : 6 ) . فنسأل الهراطقة من هو الذي به خلق الكل أهو انسان ؟ حاشا ، لأن الانسان هو خليقته .  فاذاً بالله الكلمة خُلق الكل كما قال يوحنا : ” كان في العالم وكُوِّنَ العالم به ولم يعرفه العالم ” ( يوحنا 1 : 10 ) . قال بولس الرسول في رسالته الى أهل كولوسي : ” فإنه فيه خُلِقَ الكُل ما في السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين . الكُل به وله قد خُلِق ” ( كولوسي 1 : 16 ) انظر أيضاً ( عبرانيين 11 : 3 ) . فاذاً الذي به خلق الكل هو الله الكلمة الذي دعاه بولس رباً ومسيحاً ، لا الانسان الذي من مريم حسب زعم الهراطقة . وقد قال بولس الى اهل فيلبي ايضاً : ” الذي إذ كان في صورة الله لم يُحسب خلسة أن يكون معادلاً لله ” ( فيلبي 2 : 6 ) . فهل ذلك يطلق على الانسان ؟ كلا ، فان الانسان فضلاً عن كونه ليس نظيراً لله فقط بل خليقة ومتعبد . أما الابن الكلمة فهو نظير الله الآب ، لانه ابن طبيعي ومساوٍ له في الجوهر ولم يخطف هذا اختطافاً بل طبيعياً كان له . فمن هو أيضاً الذي اخلى ذاته وأخذ صورة عبد أهو الانسان الذي من مريم أم اللاهوت ألم يكن هو الله الكلمة ؟ بلى لان الانسان مجرد على كل حال . وقوله اخلى ذاته لم يتكلم الرسول عن اثنين ، لانه ليس هناك ابنان مساويان لله ولا اثنان اخليا ذاتهما بل واحد هو الله الكلمة بما انه قد صار انساناً وهو الذي اخلى ذاته واخذ جسداً وهو الذي لا يتغير .  مكتوب انه اخذ صورة عبد فأيهما الآخذ وايهما المأخوذ ؟ ان الانسان هو المأخوذ وليس بآخذ كما يزعم الهراطقة ، أما اللاهوت والناسوت معاً فغير ممكن ان يكونا كلاهما مأخوذين ، الا ان الواحد آخذ والآخر مأخوذ . فاذاً الله الكلمة هو الآخذ الذي اخذ جسداً ذا نفس عاقلة ناطقة من البتول وجعله معه واحداً . وعلى الله الكلمة قال الرسول ان يسوع المسيح قد اخلى ذاته واخذ صورة عبد وكإنسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب . ” وبعدما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي صائراً اعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً افضل منهم ” ( عبرانيين 1 : 3 و 4 ) . فما معنى قوله انه اخلى ذاتهُ ؟ معناه أولاً ، انهُ مع كونه الهاً صار انساناً بإرادته ولم يتغير . ثانياً ، ومع كونه ابن الله الازلي وواحداً معه الروح ، وان كان قد تجسد ، هو القدوس في ذاته قبل ان يمسح بالروح القدس بما انه قد تجسد . ثالثاً ، ومع كون طبعه غير قابل الآلآم فقد قبل ان يتألم ويموت بالجسد لا بما انه إله مجرد ، بل بما انه قد صار انساناً وتألم آلاماً طبيعية بعيدة عن الملامة كالجوع والعطش وما اشبه ذلك ، وقبل ان يتسمّى بأسماء دنيّة وهو الإله الرب والملك . فالآباء القديسون الثلاثمائة والثمانية عشر الذين اجتمعوا في نيقية ، قالوا : ” وبرب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب ” . ونحن نقول للضالين ان كان اسم المسيح يدل تعريفاًً على إله وانسان كقولهم . فالاثنان مسحاء ، لذلك يطلق الاسم عليهما كليهما . والاسماء هي ثلاثة : ماسح وممسوح والمسْحة . فالماسح هو فاعل المسحة ، والمسح هو الفعل والممسوح هو الذي وقع عليه الفعل بياناً . وكذلك ان كان اسم المسيح يدل على إله وانسان كقولهم ، اذاً قد مُسِح الانسان ومُسِح الاله ايضاً ، واذا كان ذلك ، لماذا تمتنعون عن القول بان الله الكلمة مُسِح من الآب بالروح القدس بما انه صار انساناً . وأيضاً ، ان كان اسم المسيح يدل على الله والانسان معاً فينتج من القول مسيحان لا مسيح واحد . مثلاً اسم الفَرَس يدل على الفرس البري والفرس البحري اذ يطلق الاسم على كل فرد منهما وعليهما معاً ويقال لها فرسان . كذلك اذا قلتم الانسان مُسِح والله مسحه ، فتكون النتيجة ان المسيح ماسح ومُسِح لا مسيح فقط . وان قلتم ايضاً الانسان هو الممسوح بسبب الاتحاد واشرَكَ الكلمة باسمه لأنه دعي ممسوحاً ، فكان يجب ايضاً ان الكلمة يشرك الانسان باسمه فيدعى ماسحاً . فنسمي اذاً الله الكلمة مسيحاً لا بنوع انه عار عن الجسد بل بما انه قد صار انساناً لم يتغير ، ولا ندعو إنسان متأله مسيحاً كهذيان الهراطقة لانه ليس انساناً قد تأله بل إله قد صار انساناً كما قال البشير : ” الكلمة صار جسداً ” ( يوحنا 1 : 14 ) . وليس أرضياً صار سماوياً بل سماوي قد صار أرضياً كقوله تعالى ” اني قد نزلت من السماء ” ( يوحنا 6 : 56 ) و ” الى خاصته جاء ” ( يوحنا 1 : 11 ) . والمعلمون يشهدون محققين ان الكلمة يسمى المسيح الممسوح بالروح القدس بما انه قد صار انساناً . قال القديس غريغوريوس النازينزي : ” ان مسحة الوحيد هي الروح القدس ” . وبعد كلام وجيز يقـول : ” ان كان المسيح الله الوحيد فالمسحة هي الروح القدس ” . والقديس يوحنا في تفسيره لرسالة الغلاطيين يقول : ” لهذا يسمى يسوع لانه المخلص شعبه من خطاياهم ” ، وفي كنية المسيح ذكر مسحة الروح القدس . والقديس ساويرس في الفصل الثاني والاربعين ضد غراماطيقوس يتساءل : ” لِمَ لم يدع كلمة الله مسيحاً قبل التجسد بل بعد التجسد دعي مسيحاً ؟ ” كقول القديس كيرلس في رسالته الى متوحدي مصر : ” ان الكلمة لم يعط اسم المسيح حين كان بعد عارياً أي قبل تجسده ، بل أعطي حين صار انساناً مثلنا لانه حينئذ مُسح بسبب اتحاده ” . فلذلك لم يوضع اسم المسيح لكلمة الآب قبل ان يولد ولادة بشرية . فان دعي في بعض الاماكن مسيحاً فلا تفهمه الا بحال تجسده . وان سمعت بانه يدعى كلمة بعد كمال التجسد فإياك ان تنسى الجسد المتحد معه . والزعم بان لفظة مسيح تليق لهذا وحده ولذاك وحده هو زعم باطل وكلام هتر بل هو محض خطأ ، لانه بمسحه انسانياً قد مُسحنا به . كما أننا بعماده اعتمدنا معه . قال القديس غريغوريوس الثاولوغوس في المقالة الثانية عن الابن : ” يقال انه يدعى المسيح لأنه إله ” . أما المسحة فلأنه انسان وليست مسحته منحة تمنح القداسة كما تمنح الممسوحين والقديس ساويرس في الرسالة الى مارون يقول : ” ان المتكلم باللاهوت غريغوريوس يقول ان المسيح كامل ليس لاجل الالوهية فقط التي ليس شيء اكمل منها ، بل أيضاً من جهة الجسد المأخوذ الممسوح باللاهوت . وصار كأنه هو الماسح ” . وأنا واثق ان أقول انه كامل في جوهره اللاهوتي وان مسحته دلالة على اتحاد الكلمة مع الناسوت ولو انه صار بالقول دليلاً على المسحة . لانه ما كان يُمسح لو لم يصر انساناً ، لكن بما انه قد قال انه صار ما لم يكن فهذا يعني انه صار الماسح . وأنا واثق من القول ايضاً ان المسيح كامل بطبيعتيه ” اللاهوت والناسوت ” وهو واحد بدون افتراق بعد الإتحاد ليصير هو بعينه ذاك الماسح والممسوح بالفعل . قال القديس فيلكسينوس : ” لهذا يسمى المسيح لان الآب قد أخبر عنه بواسطة الروح القدس انه الابن الطبيعي المساوي له في الجوهر” . كقوله : ” مجدني ايها الآب بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم ” ( يوحنا 17 : 5 ) . وقوله : ” فجاء صوت من السماء   مَجَّدْتُ وأُمَجِّدُ أيضاً ” ( يوحنا 12 : 28 ) ومن اجل الروح قال : ” عندما يأتيكم روح الحقّ يرشدكم الى الحقّ كله ، لأنه لا يقول شيئاً من عنده ، بل يخبركم بما يسمعه ، ويطلعكم على ما سوف يحدث وهو سيمجدني لأن كل ما سيحدثكم به صادر عني ” ( يوحنا 16 : 13 و 14 ) . فمتى مُسِح المسيح أقبل ان يُحبل به أم في حال الحبل أم بعد الميلاد ؟ قال الهراطقة أنه بعد ان ولد من البتول ولم يصدقوا . ولكنه يتبين من قول متى ” كتاب ميلاد يسوع المسيح ” انه ولد ممسوحاً . أما المعلمين فالبعض يقول انه مٌسح قبل ان يُحبل به أي باعتبار ارساله من الآب مسحة له وبرهانهم قوله تعالى ان الذي قدّسه الآب وارسله الى العالم . ومن الذي صعد الى السماء واحدر المسيح .. الخ . أما نحن فنقول انه في حال الحبل به في البطن مسح الله الكلمة اذ انحدر الروح الى بطن البتول وطهّرها وجبل منها جسداً للكلمة فمسح وقدّس ذاك الجسد واتّحد الكلمة معه اتحاداً اقنومياً ويعرف ذلك من قوله : ” الروح القدس يحلّ عليك وقوة العلي تظللك ” ( لوقا 1 : 35 ).

بقوله ولادة يسوع كانت هكذا . بيّن للسامعين جنسه وأعلمهم ان هذا هو المسيح الذي قال عنه يعقوب : انه سوف يأتي عندما يزول القضيب من يهوذا ( تكوين 49 : 10 ) . وعند نهاية السبعين اسبوعاً التي قال عنها دانيال . فالتعريف هنا عن مولده الجسداني تعليماً . اي انك متى سمعت أحداً يدعوه رجلاً فلا تظن انه يولد حسب ناموس الطبيعة . ولما اراد ان يبين شرف مولده قال : ” أما ولادة ….. ” يعني انه لم يولد كسائر الناس لكنه وُلد بشكل يفوق الطبيعة ومشرف عن طبيعة المولودين لاجل ذلك قال ” فكانت هكذا ” ليبين وحدانية الميلاد الذي لا نظير له.

     ان مريم كانت مخطوبة ليوسف وليست زوجة بالمعنى المفهوم وقبل ان يجتمعا وجدت حبلى . ولماذا لم تحبل قبل ان تخطب ؟ الجواب لكي يختفي هذا الامر العجيب عن رئيس هذا العالم . فلم يعرف الشيطان من طريقة مولده انه إله متجسد . قال القديس اغناطيوس : ” ان بتولية مريم وولادتها وموت المسيح اضلوا الشيطان ” . وليختفي الامر عن اليهود لم تحبل قبل الخطبة . ولتصير البتول بريئة وخالصة من القضاء والبلاء ، لكونها مرتبطة برجل ، لم ترجم مثل الفاجرات حسب الشريعة  ( تثنية 22 : 23 و24 ) ولان نسبة القبائل لم تكن تُكتب باسم النساء قبلت اسم الخطيب .

 

( وجدت حبلى ) لا قبل ان تأتي الى بيته لانها كانت ساكنة عنده من قبل الحبل . وهكذا قد سكن يعقوب مع خطيبته في بيت خاله لابان . فقد كانت عادة المخطوبات ان يسكنّ ثلاثة سنوات مع الخطيب وبعدها كنّ يتزوّجن . وهذا لاظهار ان زواجهنّ لم يكن قهراً من الشهوة وتغلبها عليهنّ بل لأجل ايلاد البنين الذين كانوا محسوبين عندهم مجازاة الأجر وأثمار البر . فاحتاجت البتول الى خطيب ليعينها ويحفظها من اليهود حتى انهم اذا رأوها حبلى لا يختلجهم ريب او شك فيرجموها . بل ليذهب معها الى مصر هرباً من وجه هيرودس الذي كان يريد اهلاك الصبي . ثم لنزع عار البتول اذ كان وجود امرأة بلا رجل يجلب عاراً بين اليهود كقول اشعيا : ” ليدع فقط اسمك علينا . انزع عارنا ” ( اشعيا 4 : 1 ) . ولان العادة كانت ان من ينذر نفسه للرب نذر العفة لا يتزوج . والبتول كونها كانت نذراً للرب خُطبت لرجل شيخ كبير السن ليحفظها وليس ليتزوج بها . والشاهد لقولنا ان يشوع بن نون كان نذيراً فما فدا نفسه بثمن ولذلك لم يتزوج امرأة . أما كيف خطبت فيقول القديس غريغوريوس النازينزي واثناسيوس الكبير ويعقوب الرهاوي انها خطبت لتحفظ وهذا بأمر الكهنة لانها كانت نذيرة ويعـرف ذلك من قولها للملاك : ” اني لم أعرف رجلاً ” ( لوقا 1 : 34 ) . أما يعقوب السروجي والقديس ساويرس فقالا انها قد خُطبت للزواج بدليل قول الانجيلي ” قبل ان يتعارفا ” أي أنهما كانا سيتعارفان قريباً ولكن الاعجوبة سبقت الزواج . ولا يصحّ ان نفهم من هذا بانهما تعارفا بعد ذلك كما قال بعض الهراطقة . بل يعرف انها خطبت للزواج مع انها لما حبلت لم يُلم يوسف كمن قد خالف وتجاوز المنذور لله . وبقوله ” قبل ” أبعد يوسف من الشركة.

 

( وُجِدت حبلى ) يعني صارت معروفة عند يوسف انها حبلى . ولمنع الشك اين وكيف حبلت اذ عادة النساء تحبلن من الرجال . وهذه حبلت ولم تعرف حال الزواج . فمختصراً قال

 

( من الروح القدس ) فبقوله ” الروح ” بيّن انها لا بشركة يوسف ولا بغيره حبلت . ولانه زاد قائلاً ” القدس ” أظهر ان الحبل ليس من ريح مجتمعة حبلت كما جرى لبعض النساء كقول اشعيا : ” حبلنا تلوّينا كأننا ولدنا ريحاً ” ( 1شعيا 26 : 18 ) . أما لفظة ” من ” فتقال بأنواع شتى : طبيعية كالشعاع من النور . وروحية كالابن من الآب أزلياً . وعملية كالكرسي من النجار . وخلقية كالخليقة من الخالق وبانواع اخرى غير هذه . أما ههنا فهي مفعولية . لان الروح القدس جبل وخلق جسداً والكلمة اتحد معه . ( ومن الروح القدس ) أي الروح القادر على كل شيء ، الذي من البدء خلق آدم الانسان الاول من الارض بلا زواج . واخرج حواء من ضلعه . ” وافْرَخَ العصا ” ( عدد 17 : 8 ) . ” واجرى انهاراً من الصخرة ” ( خروج 17 : 6 ) و ” من الفك اليابس ماء ” ( قضاء 15 : 19 )  و من العواقر بنين ( لوقا 1 : 7 ) وهو الآن من البتول جبل جسـداً طاهراً لله الكلمة . وفي كل حين يخلق الروح مع الكلمة ويتمّم الخليقة كقوله : ” بكلمة الرب خلقت السماوات وبروح فيه جميع جنودها ” ( مزمور 33 : 6 ) . ان الجسد الذي اتّحد الكلمة به هو من البتول لأنها قدمت ما تقدمه النساء الى جبلة الجسد . وهو من الروح لانه قام مقام الرجل فخلقه وجبله ومسحه واتّحد الكلمة به اتحاداً أقنومياً . أما انت فمتى سمعت ان الروح قد عمل هذا فآمن وصدق ولا تفحص . لانه لا جبرائيل ولا متى ولا غيره استطاعوا ان يقولوا كيف صار هذا . لانه سر عجيب وغير مدرك فبشّر ونادي باسم الذي عمله فقط ولا تقل كيف صار . لانه كما يقول القديس كيرلس التفسير غير ممكن . ثم يجب ان نعلم انه لما حُبل بالكلمة وتجسّد من البتول جاء الروح القدس اليها لكي يزيل اللعنة المقولة ” بالوجع تلدين أولاداً ” ( تكوين 3 : 16 ) وليطهرها ويقدّسها ويقام لها مقام الرجل فيجعل الجسد متّحداً بالكلمة ، والكلمة يقبله أولاً ويمسح ويتقدّس به ثم يناوله لنا.

 

 

 

This site was last updated 01/16/21