أننا مختارون ومعينون (يو 15: 16) ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم، وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر، ويدوم ثمركم، لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي." يجب أن تلاحظ أربع نقاط هامة فيما يقوله يسوع هنا:
أولاً: لا يختار الشخص أن يكون جزءاً من الكرمة، ولكن يسوع يختار هؤلاء الذين سيحيون فيه، وقد أختارك أنت.
ثانياً: إن المختارين معينون لمهمة معينة، فهم لا يحيون في المسيح بدون هدف ولا ليتمموا أهدافهم الخاصة، فلم يخترك الله فحسب ولكنه عينك لتتمم أمراً معيناً.
ثالثاً: لقد عين الله المختارين ليأتوا بثمر، وقد عينك الله لتذهب وتأتي بثمر ويدوم ثمرك.
رابعاً:يربط يسوع بين الأثمار والصلوات المستجابة، «لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي»، فهذا هو الهدف من كل الموضوع، فالله اختار أولاده وعينهم من أجل حياة مثمرة يعطيهم فيها الله كل ما يطلبون، وهذه هي الحياة التي اختارها الله لك وعينك من أجلها.
الاختيار عقيدة رائعة. ولكنها ليست دعوة إلى المحسوبية أو الشللية أو الإنتماء القبلى ، بل دعوة ليكونوا قناة، أو أداة، أو وسيلة لمحبة ولفداء الآخرين. في العهد القديم، كان هذا التعبير يُستخدم في المقام الأول للخدمة؛ وفي العهد الجديد يُستخدم بشكل أساسي للدلالة على الخلاص الذي ينشأ عن الخدمة. الكتاب المقدس لا يُوفّق أبداً بين ما يبدو أنه تناقض بين سيادة الرب وإرادة الإنسان الحرة ، بل يؤكدهما كليهما. وخير مثال على الشد في الكتاب المقدس نجده في (رومية ٩ ) عن اختيار الله السيادي و (رومية ١٠) عن تجاوب الإنسان الذي لابد منه (١٠ :١١ ،١٣ )
المفتاح إلى الشد اللاهوتي يمكن أن نجده في (أفسس ١ :٤) .يسوع هو رجل الله المختار ومن وبه أصبح المؤمنون به مختارون فيه يسوع هو ”نعم“ الرب لقيام الإنسان الساقط المطرود من وجه الرب ورحمته تساعدنا (أفسس ١ :٤ ) أيضاً على إيضاح المسألة بالتأكيد على أن الهدف من التعيين السابق هو ليس السماء، بل القداسة (التشبُّه بالمسيح). غالبا الرب ما ننجذب إلى منافع الإنجيل ونتجاهل المسؤوليات! إن دعوة (الاختيار) هي للآن وإلى الأبد.
تأتي العقائد مترابطة مع حقائق أخرى، وليس كحقائق مفردة غير مرتبطة بشيء. قياس التمثيل الجيد سيكون كوكبة إزاء نجم منفرد. الرب يُصّور الحقيقة بصور شرقية وليس غربية. يجب ألا نزيل الشد الذي ينشأ عن ثنائيات الحقائق العقائدية الجدلية (المفارقات): ١ -التعيين السابق إزاء إرادة الإنسان الحرة ٢ -ضمان المؤمنين إزاء الحاجة إلى المثابرة ٣ -الخطيئة الأصلية إزاء الخطيئة الاختيارية ٤ -الخلو من الخطيئة (الكمالية) إزاء تخفيف الخطايا ٥ -التبرير والتقديس الأولي والفوري إزاء التقديس المتدرج ٦ -الحرية المسيحية إزاء المسؤولية المسيحية ٧ -سمو الله إزاء تأ ُّصل الرب إزاء الرب الذي يُعرف بالكتاب ٨ -الله الذي لا يمكن معرفته جوهرياً ٩ -ملكوت الله الحاضر إزاء التحقيق المستقبلي ١٠ -التوبة كعطية من الله إزاء التوبة كتجاوب ميثاقي بشري ضروري ١١ -يسوع كإله إزاء يسوع كإنسان ١٢ -يسوع كمساو للآب إزاء يسوع كتابع للآب يو ِّحد سيادة الله (الذي يأخذ دائماً المفهوم اللاهوتي لـ ”العهد“ المبادرة ويبدأ برنامج العمل) وتجاوب المؤمن التائب الإلزامي الأولي والمستمر عند الإنسان (مر ١ :١٥) ( أع ١٩,١٦:٣ ;٢١:٢٠ ) حاذروا السعي للبرهان الكتابي لأحد جانبي المفارقة وانتقاص شأن الآخر. وحاذروا تأكيد عقيدتكم المفضلة أو نظام اللاهوت المأثور لديكم.