Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الإرهاب الكنسي للمعارضة

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تاوضروس الثانى
القس الذى يكرهة الأقباط
الطرق الملتوية للكهنوت وتعطيل اللائحة
تجدد اضطهاد الأب متى المسكين
أصوات فى إجتماع البابا
القبطية التى طردها البابا
مراسم التقديس والقرار الباباوى
الكنيسة والسياسية والسلطة وأموال الشعب القبطي
البابا والإعلام
الأنبا بيشوى يهاجم القمص مكارى
التشكيك فى شرعية البابا
الشعب القبطى والبابا تاوضروس
محاولة تغير نطق الروح القدس
مشروعات كثلكة الكنيسة القبطية
تصريحات الأساقفة الغريبة
الأساقفة والفقر الإختيارى  
قرارات البابا
تصريحات البابا تاوضروس الغريبة1
الفقر الإحتيارى والملابس الكهنوتية
التسيب والفساد الإدارى
البوليس فى الكنيسة القبطية
من حق الشعب اختيار راعية
الأقباط واللجوء إلى القضاء
الأنبا بولا يتنحى
محاولات سلخ الكنيسة القبطية
الأساقفة والبابا تاوضروس
التجارة فى الكنيسة
أفكار وآراء الأساقفة
مشكلة الأنبا مايكل والأنبا مارك
رسالة للأنبا رافائيل وأقوال الأساقفة
آية "لا طلاق إلا لعلة الزنى
البابا تاوضروس وأساقفة بلاد المهجر
البابا يغير موقفه من الطلاق
إنفلات الكهنة
عصا البوليس والحرمانات بدل من عصا الرعاية
ايقونة للسيسى
حكايات عمرو عزت حارس البابا تواضروس
إنفلات الرهبان
الشعب القبطى وقانون بناء الكنائس
البابا تاوضروس وإضطهاد الأقباط
الأساقفة والرهبان وتقبل التعازى
افكار قد تغير عقيدتنا
الكنيسة القبطية والفكر البيزنطى
الكنيسة الإنجليزية وحرمان عاطف عزيز
قائمة الكتب الممنوعة
توريث الكهنوت
الأقباط بين إحترام وعدم إحترام الإكليروس
أخبار متفرقة للبابا
البابا والمجلس المليّ العام
البابا ودير وادي الريان
البابا وحشد الأقباط لإستقبال السيسى
رسالة القمص تادرس مالطى للمجمع
طبخ الميرون كيمائيا
السياحة البابوية والأسقفية
البابا تاوضروس واللاهوت والعقيدة والتقاليد
الكلية الإكليريكية
الإعلام والبابا تاوضروس
زيارة البابا لأستراليا
قداسة الماما المعظم
عدم قانونية رسامة الأسقف بابا
السكرتارية النسائية
زيارة بابا الفاتيكان لمصر والبيان المشترك
الهرطقات بالكنيسة القبطية
إحتفال البابا بالإصلاح اللوثرى
الأزمات داخل الكنيسة
رحلات البابا تواضروس للخارج
أداء البابا
البابا فى الكنيسة اللوثرية
أيديولوجية البابا تواضروس
الهرطقات فى عصر البابا تواضروس
مقالات قناة كلمة منفعة
أخطاء الأساقفة
إحتفال البابا بالكاتدرائية
 بيع اراضى واملاك المسيحيين
Untitled 8179
ألإسلام والكنيسة القبطية
البابا والتدشين برولا الدهان
ضد ترشح أساقفة للبطريركية
حمام الآباء الكهنة وحمام المطربة
قطع الألسنة
البابا تواضروس يعين أقاربة
الموائد الرمضانية
الإنفصال والإنقسام بالكنيسة القبطية
الملتقى العالمى الاول لشباب الاقباط
البابا يرفع شعار اللعنة
مقار البابا تواضروس
توحيد الأعياد وأقوال البابا
رسالة عتاب للمجمع عن أعماله
علاقة البابا بـ بربارة وغيرها
كاهن أرمل فى بيته سيدة
البابا والإخوان
مهازل حرمانات الاساقفة
فلاح فى المدينة أنجيلوس وأمونيوس
النساء مع البابا والأساقفة والرهبان
الحلم الذى تبدد فى كنيستنا
الإرهاب الكنسي للمعارضة

 

قال الباب تواضروس الثانى مؤخرا أثناء حديثه لبرنامج "الباب وأسئلة الشعب" الذى تذيعه الكنيسة شهريا، إلي القول بأن الكنسية لم تعرف طوال تاريخها كلمة معارضة، متابعا حديثه:"مفيش معارضة أو حزب داخل الكنيسة، ومسمعناش إن كنيسة فيها مظاهرة". [ المصدر جريدة اليوم السابع بتاريخ الإثنين، 11 أبريل 2016  فى مقالة بعنوان " التمرد يهدد دولة "السمع والطاعة" فى الكنيسة.. جدل بعد حديث البابا تواضروس عن عدم وجود معارضة داخل النظام الكنسى.. السفر إلى القدس و أزمة متضررى الأحوال الشخصية مشاهد تؤكد الخروج على الطاعة العمياء "

الإرهاب الكنسي 1

القس إبراهيم عبد السيد

2006-04-23

الباب الأول
عارضة تدعيم للديمقراطية
الديمقراطية سمة حضارية أرستها المسيحية
تؤمن الأديان السماوية بالمعارضة والديمقراطية فلا تسفه عقيدة مخالفة، ولا تقيد رأياً معارضاً ولا تصادر فكراً مغايراً, فقبول الرأي الآخر سمة حضارية أرستها الشرائع السماوية.
والسيد المسيح نفسه لم يقبل الهوان على نفسه حين لطمه الحارس الروماني على خده أثناء محاكمته فاعترض على عدوانه عليه بغير مسوغ ولم يحول الخد الآخر له بل قال لضاربه: «إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الرديء وإن حسناً فلماذا تلطمني» (إنجيل يوحنا 18: 23).
وفي الإنجيل دستور المسيحية وردت قصة يوحنا المعمدان «يحيى بن زكريا الكاهن الذي عارض فساد الملك هيرودس فكلفته كلمة «لا» ثمناً باهظاً: دمه وحياته حين أطاح الطاغية برأسه وقدمه لعشيقته على طبق من ذهب، وحين ألقى اليهود القبض على بولس تلميذ السيد المسيح ووضعوه في السجن ظلماً ثم أرادوا إطلاق سراحه سراً رفض وأصر أن يصححوا خطأهم في حقه جهراً بقوله: «ضربونا علناً ونحن غير محكوم علينا بعقوبة، وألقوا بنا في السجن، أفالآن يطردوننا سراً، بل ليأتوا هم أنفسهم ويطلقوا سراحنا» وحين أخبر الجلادون قضاتهم بذلك خجلوا وحضروا بأنفسهم واعتذروا لبولس وزميله وأطلقوا سراحهما، وعندما تكرر المشهد نفسه مع بولس ولطمه أحد المنافقين على وجهه تعسفاً لم يقبل الإهانة ولم يدر خده الآخر واعترض على القاضي الظالم بقوله: «أفأنت جالس تحكم علي بحسب الناموس وأنت تأمر بضربي مخالفاً للناموس» فخجل الوالي وأطلق سراحه وتنحى عن محاكمته التي كانوا مزمعين أن يحاكموه.. كما طالب تطبيق قواعد العدالة عليه حين قال: «لأني إن كنت آثماً وصنعت شيئاً يستحق الموت فلست أستعفي من الموت، ولكن إن لم يكن شيء مما يشتكي به هؤلاء فليس لأحد أن يسلمني لهم. إلى قيصر أنا رافع دعواي»، فقد كان بولس يضع أمام عينيه دائماً الآية التي تقول «لا تخف بل تكلم ولا تسكت لأني معك» (سفر أعمال الرسل 3:23 و6:22 و11:25 و12 و18 9:18 و10).
وحين طالب البعض بضرورة ختان اليهود الذين تنصروا قبل قبولهم الإيمان المسيحي كما كان متبعاً في العهد القديم حدثت «مباحثات كثيرة» بين الرأي المؤيد «بطرس وجماعته» والرأي المعارض «يعقوب ومن معه» ولم يفسد الخلاف للود قضية، فقد اتبع المؤمنون منهجاً ديمقراطياً يتسع لكل وجهات النظر، ولم يرد في الكتب المقدسة أن حكم طرف على الطرف المعارض بالردة ولا حرمه من دخول الملكوت لمجرد مخالفته لرأيه.
وقد وقف البابا أثناسيوس الرسولي بطريرك الإسكندرية الشهير معارضاً للممارسات الخاطية والأفكار المغرضة التي انتشرت في عهده حتى إنه قيل له «إن العالم كله ضدك» فرد بقوله: «وأنا أيضاً ضد العالم كله».
وفي التاريخ المعاصر برزت أسماء لمعارضين لامعين في الكنيسة كان من بينهم بطاركة ومطارنة وأساقفة وقساوسة ومدنيين:
1 ـ ففي عام 1913 أصدر الصحفي المستنير الأستاذ فريد كامل كتابه «إحياء الكنيسة القبطية بإعادتها إلى طقوسها الأصلية» الذي تضمن آراء كان ولازال حتى الآن لها صداها الوطني والعالمي في المحيطين الكنسي والدولي.
2 ـ كما أصدر الراهب القمص متى عبد المسيح البراموسي كتابه الشهير «البرهان المحسوس ضد الرهبنة وترمل القسوس» عام 1919 معارضاً فيه ما استقر من مبادئ لقرون طويلة.
3 ـ كما ظهر أنبا باسيليوس مطران أبو تيج معارضاً للممارسات كثيرة في الكنيسة القبطية في الكتيب الذي أصدره عام 1920 بعنوان «الصيحة التمهيدية لإيقاظ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية».
4 ـ كما أصدر القمص مرقس سرجيوس مؤسس كنيسة مارجرجس بالقللي بالقاهرة، وخطيب ثورة 1919 مجلتيه «المنارة المرقسية» في الخرطوم سنة 1912 و«المنارة المصرية» في القاهرة سنة 1930 ولمدة 25 سنة متوالية حارب فيها الموروث من الممارسات المنحرفة في الكنيسة والمجتمع.
5 ـ كما وقف كل من أنبا مكاريوس مطران أسيوط «الذي صار فيما بعد الباب مكاريوس الثالث البطريرك 113» وأنبا ثيوفيلس مطران منفلوط وأبنوب إلى جانب الحق الذي حوكم من أجله القمص مرقس سرجيوس أمام مجمع المطارنة والأساقفة ونشرا بالصحف بياناً بانحيازهما له ضد الأغلبية من زملائهما حين حاكموه عن ستين تهمة ملفقة نسبوها إليه، وطلبوا منه أثناء محاكمته التوقيع على إقرار كتابي بما يزعمونه من أخطاء ارتكبها يعترف فيه بها للعفو عنه، فرفض بإصرار صارخاً بعبارته الشهيرة «لا أريد عفواً بل عدلاً»، فألغيت محاكمته فوراً وتراجع قضاته عن إدانته أمام تمسكه بالحق ضد جحافل الظلم الغاشم.
6 ـ وقد نبه الأستاذ باسيليوس بطرس المحامي بقنا إلى تجاوزات السلطة الكنسية في مؤلفه العظيم «لماذا يترك الأقباط كنيستهم؟» حيث أوضح في شجاعة الآثار الخطيرة لهذه التجاوزات من تسرب أقباط مصر إلى الكنائس الأجنبية الأخرى.
7 ـ كما ظهر على مسرح المعارضة الكنسية في مصر كل من بشارة بسطوروس الذي أصدر كتاب «سقوط الجبابرة وشهوة البطريركية» مبيناً فيه عدم جواز ترشيح مطارنة وأساقفة الإيبارشيات للكرسي البطريركي بعد أن ارتكب هذه المخالفة بطاركة ثلاثة هم: يؤانس التاسع عشر «البابا 115» ومكاريوس الثالث "البابا 114" ويوساب الثاني "البابا 115" وكانت عهودهم متسمة بالأخطاء الفادحة.
8 ـ كما أصدر الأرشيدياكون حبيب بك جرجس مدير الكلية الأكليريكية كتابه الخطير «الوسائل العلمية للإصلاحات القبطية» عام 1944 والذي أعادت أسرة مجلة «مدارس الأحد» طبعه عام 1993 حين حملت من جديد لواء المعارضة في السنوات الأخيرة تأييداً لحملتها ضد السياسات الخاطئة للرياسة الدينية على صفحات أعدادها، مما أسفر عن صدور قرار بحرمانها من الخدمة بجميع كنائس الكرازة في مصر وبلاد المهجر.
9 ـ وفي أواخر عهد الباب يوساب الثاني «1946 ـ 1956» كانت المعارضة على أشدها لسياساته التي أسفرت عن اختطافه وتنحيته من منصبه مرة بمعرفة «جماعة الأمة القبطية» سنة 1954 ومرة في الجلسة التاريخية للاجتماع المشترك لمجمع المطارنة والمجلس الملي العام في السنة نفسها، ثم ظهور «جبهة الإصلاح القبطي» برئاسة المستشار إسكندر حنا دميان.
10 ـ وفي عهد البابا كيرلس السادس أصدر أنبا غبريال أسقف دير أنبا أنطونيوس ببوش منشوره ضد مدارس الأحد وأغراضها ومقاصدها مما أثار عليه عاصفة هجوم عنيفة، كما قاد أنبا شنودة أسقف التعليم حملة شعواء على البابا كيرلس وحرض شباب مدارس الأحد ضده مما دعاه إلى إعادته لديره حتى عفا عنه بعد تدخل وسطاء من المطارنة والأساقفة.
11 ـ كما ظهر على مسرح المعارضة القبطية الأستاذ وهيب جورجي المدرس بالكلية الأكليريكية بالقاهرة صاحب كتاب «كرامتك أيها الأكليريكي» الذي أوضح فيه ما انتاب التعليم اللاهوتي من أخطاء إدارية وأكاديمية، وكذا الأرشيدياكون عبيد ميخائيل صاحب كتاب «الكنيسة القبطية بين الماضي والحاضر»، والقس كيرلس كيرلس راعي كنيسة مارجرجس بخمارويه بشبرا حين أصدر كتابه «أصوامنا بين الماضي والحاضر» سنة 1982 انتقد فيه العديد من الممارسات الخاطئة في الطقس وقدم له بشجاعة نادرة أنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا الحالي ولم يستطع أحد أن يرد على ما أورده من بينات وحجج دامغة.
12 ـ وعلى مدى سنوات طويلة ظهرت من الصحف والمجلات ما حمل لواء المعارضة من أجل الإصلاح الكنسي كجريدة «مصر» اليومية المسائية، و«الفداء الجديد» و«المستقبل» و«رسالة الحياة» و«مارجرجس» التي أصدرها القمص بولس باسيلي العضو السابق بمجلس الشعب و«رسالة الحياة» و«نهضة الكنائس» وغيرها مما تحفظه ذاكرة أجيالنا المعاصرة.
13 ـ وحين حاولت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الانضمام لعضوية مجلس الكنائس العالمي تصدت «مجموعة بيت التكريس لخدمة الكرازة بحلوان» لهذا الاتجاه وتحدته بمنشوراتها العديدة.
14 ـ كما تصدى القس انسطاسي شفيق راعي كنيسة مارجرجس بالشاطبي بالإسكندرية لما أصدره المؤتمر القبطي الذي انعقد بالولايات المتحدة الأمريكية في 31/5/1980 من قرارات ماسة بالوحدة الوطنية في مصر فعوقب من القيادة الكنسية بحرمانه من مرتبه حين أصدر منشوراته ضد هذا المخطط بعنوان «طوق النجاة في محنة الكنيسة الأرثوذكسية» والنفخ في القرية المقطوعة» فظل مغضوباً عليه حتى الآن.
15 ـ وحين تعسفت الرئاسة الكنسية في قراراتها ضد القمص شنودة أنبا بيشوي سكرتير الباب والأستاذ بالكلية الأكليريكية بالقاهرة وراعي كنيسة مارمرقس وأنبا بيشوى بولاية ألينوى بأمريكا وخدامها ووقف شعب هذه الكنيسة إلى جانبهم تلاحقت قرارات الحرمان الكنسي الظالمة التي أوردنا بعضاً منها في الملحق الوثائقي بكتابنا عن «الحب المفقود في الكنيسة القبطية» الذي أصدرناه عام 1995 بعد زيارتنا لشعب هذه الكنيسة واستمعنا إلى شكاياته وعما لحقه من مظالم بعد أن أصدروا المئات من المنشورات التي أبلغوها لجهات رسمية وكنسية كثيرة في مصر والخارج وتحت أيدينا ملف كامل يضمها وقد اعترف الباب بها في حديثه بتاريخ 25/10/1996 إلى مجلة «المصور».
16 ـ وحين صدر حكم كنسي متعسف ضد الراهب القمص دانيال البراموسي عام 1991، أصدر الأستاذ كمال زاهر موسى كتابه «المصداقية والافتراق والنكوص» ومعه جبهة من شباب المعارضة تحت اسم «أبناء القديس أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان» وبدأوا سلسلة مقالاتهم حول السلطان المستمر على الاجتماع بالمسؤولين في الكنيسة لمناقشتهم فيما يتخذونه من قرارات عشوائية جائرة.
17ـ وقد سبق هؤلاء القمص إندراوس عزيز سليمان راعي كنيسة الملاك ميخائيل بعياد بك بشبرا في ميدان المعارضة الكنسية حين أصدر كتابه «الحقائق الخفية في الكنيسة القبطية» عام 1985 شرح فيه المظالم التي لحقت بزملائه القمص متى المسكين والقس يسطس شحاته راعي كنيسة مارجرجس بخمارويه بشبرا والقمص يعقوب سوريال راعي كنسية العذراء بعين شمس ورئيس جمعية الرسالة الروحية «الذي صدرت لصالحه عدة أحكام قضائية نهائية لفصله من كنيسته فصلاً تعسفياً» والقس أيوب فام راعي إحدى كنائس شبرا والقس يوسف مرقس راعي كنيسة المستشفى القبطي بالقاهرة والقمص زكريا بطرس راعي كنيسة مارمينا بمنشية التحرير والواعظ الشهير «الذي صدرت أيضاً لصالحه منشورات ممن كانوا يفدون على اجتماعاته التعليمية الشعبية» وغيرهم وطالب القمص إندرواس عزيز في كتابه هذا بوضع قواعد قانونية تضبط الإيرادات والمصروفات في الكنيسة والبطريركية لوقف قرار الفصل التعسفي الذي أصدرته ضده الرئاسة الدينية وتنفيذاً للحكم في الإشكال رقم 67 لسنة 1984 الصادر من محكمة روض الفرح وسددت له البطريركية مبلغاً كبيراً للتنازل عن الحكم الصادر لصالحه.
18 ـ كما كان من أوائل المعارضين المفكر الأرثوذكسي دكتور جورج حبيب بباوي الأستاذ بالكلية الإكليريكية بالقاهرة والأستاذ بجامعة نوتنجهام ببريطانيا والذي طالب مراراً بإحالته للتحقيق معه إن كان فيما أصدر من مؤلفات أو مذكرات أو فيما نشره من مقالات أخطاء عقائدية أو طقسية لكن البابا رفض مقابلته أو الحوار معه بل أصدر قراراً بفصله من الكلية الإكليريكية نهائياً وبدون أسباب.
19 ـ وفي مواجهة مظاهر سلبية الأقباط عن الإسهام في الشؤون العامة وقيام الباب الاستئثار بتمثيلهم وتهميش دورهم تصدي الأستاذ جمال أسعد عبد الملاك العضو السابق بمجلس الشعب، فأصدر كتابه الخطير «من يمثل الأقباط» الدولة أم البابا؟، ويطرح فيه وجهة نظره السياسية الوطنية فاعتبره البابا معارضاً له رغم أنه كان من المقربين إليه واصطنع قطيعة أبعدته عنه لمعارضته له.
20 ـ وحين فتحت الصحف القومية والحزبية صفحاتها لمناقشة الأمور الكنسية باعتبار أن المعارضة موجودة في نفسية كل الشعوب وكل الهيئات خاصة في الأجواء الديمقراطية وأن نقد القادة على كل مستوى أمر وارد حسبما أوضح البابا شنودة نفسه في حديثه للصحفي محمود فوزي في كتابه عن «المعارضة في الكنيسة»، حين حدث ذلك راحت المعارضة القبطية تعبر عن آلامها وأمالها بأقلام رموزها أمثال: الراهب القمص «أغاثون أنبا بشوى» راهب مصر القديمة.
ومكس ميشيل حنا مدير مؤسسة القديس آثنا سيوس الرسولي الذي كان شماساً مكرساً بالبطريركية القبطية وتركها لما لاقاه من معاملة ظالمة وعدم إمكانه الاستمرار في خدمة الديكتاتورية والقهر الفكري والقمع التسلطي «على نحو ما قاله في تصريحه في 28/7/1994 لجريدة «الأحرار».
والمهندس وهيب راغب أيوب الذي شجب المحاكمات الكنسية وإعلانات النفاق للرئاسة الدينية والذي طالب بتطبيق قانون «من أين لك هذا؟» على أسرة الباب وحاشيته. جريدة «مصر» 5/9/1994.
والمهندس الزراعي مجدي بولس باسيلي وشقيقه الأستاذ كمال بولس باسيلي المدير العام بالهيئة المصرية العامة للكتاب وهما نجلا الأستاذ بولس باسيلي المدير الإداري للكلية الإكليريكية ـ جريدة «مصر» 13/9/1994.
والمهندس البير ابراهيم ميخائيل الذي هاجم المحاكم الكنسية التي تعمل بلا ضوابط قانونية «جريدة الشعب» 28/9/1993.
والأستاذ منير فايز عبد الله حفيد القمص الراحل مرقس سرجيوس خطيب ثورة 1919 والمدرس الأول بالتعليم الثانوي جريدة «مصر» 12/9/1994.
والأستاذ جورج توفيق سيدهم بنفس الجريدة.
والدكتور جمال وجدي نائب رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي ـ جريدة «مصر» 1/8/1994 ـ 16/8/1994.
والأستاذ دكتور مهندس سعد ميخائيل سعد الأستاذ بجامعة لوس أنجلوس بأمريكا بمقالاته العديدة بمجلة «مدارس الأحد» ـ خلال السنوات 1991 وحتى الآن.
ودكتور عياد أمين وهبة مراسل جريدة «الوطن العربي» التي يصدرها حزب العدالة الاجتماعية بلندن «بكلمته المشورة بها في 13/2/1996».
والأستاذ الدكتور يونان لبيب رزق في مقاله المنشور بمجلة «المصور» بعنوان «الباب الظاهرة» 22/7/1994 والذي أوضح فيه الجذور التاريخية للمعارضة بتحليله العلمي الممتع كأستاذ للتاريخ.
الأستاذ سمير تادرس الصحفي بدار أخبار اليوم بمقاله المنشور بـ«روز اليوسف» في 29/5/1995، وعارض فيه البابا صراحة بعنوان «لست فوق كرامة مصر».
واللواء مهندس ألقى أنور عطا الله المقاول المعروف وابن شقيق نيافة أنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي عن ضرورة محاكمة أنبا بيشوي سكرتير مجمع المطارنة والأساقفة بمقاله المنشور بمجلة «روز اليوسف» بتاريخ 1/8/1994 بمخالفاته الخطيرة التي نسبها إليه.
وما نشره الأستاذ الدكتور ميلاد حنا الكاتب والمفكر القبطي المعروف في مقالاته لاسيما في «روز اليوسف» بتاريخي 20/3/1995 و3/10/1995 عن انتهاك ديمقراطية الكنيسة وفضيحة انتخابات المجلس الملي العام وغيرها، وكذا ما فجرته «روز اليوسف» من موضوعات بتاريخ 8/11/1993 عن منشورات المعارضة القبطية الناقدة لأضاع كنيسة عديدة وما يدور في أروقتها وكواليسها لاسيما في المحاكمات الكنسية والشؤون المالية والرهبنة والأديرة والأحوال الشخصية والعديد من هموم أقباط مصر والمهجر.
وفيما نشرته جريدة «القبس» الكويتية بتاريخ 16/8/1994 ذكرت أن منشورات المعارضة القبطية قد بلغت حتى هذا التاريخ 324 منشوراً طالبت فيها بعزل الباب وأن أنبا ميخائيل مطران أسيوط هو أقدم المطارنة رسامة وأكثرهم شعبية.
كما نشرت جريدة «المحرر» اللبنانية في 12/9/1994 ما تنسبه المعارضة القبطية للقيادة الكنسية من اتهامات بالجملة تحت عنوان «سرقة أموال الكنيسة وفرض إتاوات وتهريب الخارجين عن القانون وأشياء أخرى مشينة».
وحين سألت مجلة «إيجبت توداي» الأستاذ دكتور حنا يوسف حنا عضو لجنة الأوقاف القبطية والأستاذ بالجامعات المصرية والأجنبية عن المعارضة الكنسية قال: «إن الأشخاص الذين أصيبوا بأذى عن طريق الكنيسة بدأوا يصرخون وأصبح عددهم يتزايد وأن هناك من الكتاب الأقباط من ينادي بالتغيير إلى جانب بعض نقاد البابا من ذوي الأصوات العالية داخل العائلة الكهنوتية» ـ عدد أبريل سنة 1995.
ومن المعارضين الشبان الأستاذ شريف شكري مرقص المحامي بالاسكندرية الذي أصدر مؤخراً كتابه الإصلاحي الأول «أصولية ومسيحية» وكتب مقدمته المفكر المسيحي المستنير الأب هنري بولاد وقد أوشكت نسخه على النفاذ في الأسواق بعد أن تخاطفته الجماهير الساخطة.
وتحت أيدينا ملفات متخمة بالمنشورات التي أصدرتها في السنوات الأخيرة «جبهة الإصلاح القبطي الكنسي» و«لجنة الشباب للإصلاحات الكنسية» والجبهة الشعبية لتطهير الكنيسة الأرثوذكسية و«الجبهة الشعبية التي تتطلع إلى الإصلاح الداخلي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية» وشباب أنبارويس واجتماع شباب جمعية ثمرة الإخلاص القبطية بشبرا وأنجال الراحل القمص متري جرجس ديمتريوس راعي كنيسة السيدة العذراء بالمحمودية بحيرة وأقباط كنيسة لندن وخدام كنيسة مارمرقس وأبنأ بيشوي بشيكاغو «وهؤلاء الذين ابتعدوا عن الكنيسة الأم و انفصلوا بكنائسهم وأسرهم عنها في كل من الاسكندرية والينوى وأنديانا مما أوضحنا تفصيلاً بمقالاتنا بجريدة «الأخبار»وبكتابنا عن «الحب المفقود».
هذا إلى جانب الخلاف العميق الجذور بين الرئاسة الدينية وكل من:
1 ـ أنبا مينا مطران جرجا الذي احتدم منذ مدة طويلة مما اضطره إلى التخلي عن إيبارشيته لأكثر من ثلاثة سنوات احتجاجاً على التدخل في شؤونها واقتطاع أجزاء منها وتعيين أنبا كيراس أسقف نجع جمادي بالمخالفة للنظام الكنسي، ثم عودته إلى مقره بجرجا بناء على تمسك شعبه به وإلحاحه عليه بعد اعتكافه بقرية المناهرة ـ وقد أشرنا إلى تفصيل هذا الخلاف بكتابنا «السلطان الكنسي أبوة لا إرهاب».
2 ـ أنبا غريغوريوس أسقف عام البحث العلمي والثقافة القبطية والدراسات العليا وعميد معهد الدراسات القبطية ومقاطعته لاجتماعات مجمع المطارنة والأساقفة لسنوات طويلة احتجاجاً على منعه من ممارسة اختصاصاته وتجميده حتى إصابته بالمرض الحالي الذي يعالج من آثاره لدى شقيقته المقيمة بالولايات المتحدة منذ أكثر من سنتين ـ وقد أشرنا إلى هذا الخلاف في كتابنا سالف الذكر.
3 ـ أنبا إيساك أسقف عام القليوبية الذي تم حرمانه من مباشرة اختصاصاته مما اضطره إلى الاعتكاف بدير السريان بوادي النطرون منذ أكثر من 15 سنة احتجاجاً وحتى الآن.
4 ـ أنبا متياس أسقف المحلة الكبرى الذي اختلف مع الرئاسة الدينية منذ سنوات ولازال مقاطعاً لها ولاجتماعات المجمع منذ سنوات احتجاجاً على تحكمها في تصرفاته بإيبارشيته.
5 ـ القمص متى المسكين رائد وآب رهبان دير أنبا مقار بوادي النطرون الذي حاول الوساطة بين الرئاسة الدينية وبين الرئيس الراحل محمد أنور السادات إبان أحداث الفتنة الطائفية ومعه تلاميذه من مدرسته الفكرية المتميزة بعد أن تم تحريم إصدارته ومؤلفاته الموسوعية الكبيرة.
إلى جانب مما نما إلى علم جماهير الأقباط من خلافات عقيدية مع خدام كثيرين منهم: دكتور عماد نزيه والأستاذ ثروت فؤاد سكرتير تحرير مجلة «مرقس» السابق وغيرهما ممن تركوا الكنيسة القبطية وانضموا إلى طوائف أخرى.
وكذلك ما يردده كل من حصل على أحكام قضائية نهائية بتطليقهم من أزواجهم ورفضت الكنيسة منحهم تصاريح زواج ثان وأعدادهم كثيرة سبق أن أشرت إليهم في مقالات صحفية عديدة.
وأيضاً من قاموا بزيارة الأماكن المقدسة بفلسطين ولم ينشروا اعتذاراتهم بالصحف كشرط فرضته الرئاسة الدينية للعفو عنهم.
إلى جانب من أصدرت المحاكم الكنسية ضدهم أحكاها العشوائية ومعهم أسرهم.
وأسر الرهبان والراهبات الذين تركوا أديرتهم لأسباب عديدة سبق أن أوضحتها منشورات المعارضة وغيرهم من المثقفين وطوائف الشعب الغاضبة والخائفة من سيف السلطان الكنسي المسلط على رقابهم ولقمة عيشهم.
فلا داع للمكابرة أو الزعم بأن المعارضة ليس لها إلا العدد القليل من الرموز فالمعارضة ضرورة حتمية لبقاء الديمقراطية فهي تاج للرؤساء وليست أحذية في أقدامهم فالقوي هو الذي يستمع للرأي الآخر أما الهزيل فهو الذي لا يطيق أن يسمع كلمة «لا».


المعارضة والديمقراطية في الكنيسة القبطية:
فكر المعارضة موجود في نفسية كل الشعوب، وفي نفسية كل الهيئات فكون أن هذه الجماعة (يقصد بها جماعة «الأمة القبطية»التي اختطفت الباب يوساب الثاني عام 1954) تحمل اتجاهاً فكرياً معارضا للكنيسة من الداخل.. هذا موجود وحتى الآن، ووجود في كل وقت فلا يستطيع ـ خصوصاً وسط انتشار الأجواء الديمقراطية ونقد كبار القادة على كل مستوى ـ أن يوجد من يتولى هذه المعارضة حتى داخل الكنيسة هذا ممكن الأمر وارد تماماً وكل هذا يحدث «البابا شنودة» والمعارضة في الكنسية» ـ (محمود فوزي 1992 ـ ص31).
وحين نشرت «روز اليوسف» في عددها الصادر بتاريخ 8/11/1993 عن «منشورات المعارضة في الكنيسة» ذكرت أن «المعارضة داخل الكنيسة ليست بدعة جديدة فإن الخلاف بين الباباوات وبعض الأقباط موجود في كل العصور حتى أن البابا شنودة نفسه قد اختلف مع البابا كيرلس السادس مما اضطره إلى معاقبته في حينه بإبعاده إلى أحد الأديرة قبل أن يعفو عنه ويعيده كأسقف للتعليم، لكن الجديد في المعارضة هو إصدارها لبيانات متعددة تعرض فيها وجهة نظرها بقسوة وحدة «وإن كانت المجلة قد ذكرت» أن حجم المعارضة ليس كبيراً بين الأقباط ولكنه يتصاعد بشدة وأن موجتها قد بدأت تتفاقم في الأوساط القبطية بعد أن بدأ المعارضون في تشكيل جماعة تلتقي مرة كل شهر في القاهرة للتباحث فيما ينبغي عمله من أجل ما أسموه بإصلاح الكنيسة..الخ» ص(8 ـ 11).
وقالت «روز اليوسف» في معرض تقييمها لما نشرته خلال عام 1993 في عددها الصادر في 27/12/1993 تحت عنوان «نجوم وفضائح» إن ما نشرته عن المعارضة الكنسية لم يمنع غضب البابا وأنه كان سبباً في تغيير موقفه من «روز اليوسف» التي كان تفسيرها الوحيد (حسب قولها) لهذا الانقلاب هو أن «الديمقراطية لا تزال في الحضانة وأن الذين يطالبون بها عليهم أن يؤمنوا بسلطانها».
وقد رصدت مجلة «المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي» ـ التي تصدرها نخبة من الدارسين والباحثين بمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ـ منشورات المعارضة في الكنيسة وفي تقريرها عن «هموم الأقليات» نشرت تحت عنوان الباب بين المعارضة الدينية والسياسية بعددها الصادر في ديسمبر 1993 أن الكنيسة المصرية كنيسة شامخة الوطنية لم ترس حدود العقيدة فحسب بل هي أيضاً قلعة للديمقراطية والاستنارة حيث لم يتوقف الصراع الديمقراطي، ولم يهدأ منذ تأسيسها وحتى الآن، وأن هناك من الباركة من انضم للعمانيين مثل البابا مكاريسو الثالث ومنهم من اختطف ونفي كالبابا يوساب الثاني، وأن الصراع الديمقراطي لم يتوقف أيضاً حتى حين حدد الرئيس السابق أنور السادات إقامة البابا شنودة الثالث وشكل لجنة خماسية لتحل محله فقد صفق المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس تأييداً لهذا الإجراء».
وحين تفاقم تيار المعارضة الكنسية تصاعدت نبراته وتعددت كان هناك من يحاول التقليل من حجمه وتأثيره فيصر على أن «الكنيسة كلها في وحدة فكر ووحدة قلب وأن من يرفع راية المعارضة هم أفراد قلائل يعدون على الأصابع وأن ما ينشروه يقابل بسخط شديد في محيط الأقباط وأنهم لا يعبرون إلا عن أنفسهم ولا يشكلون معارضة داخل الكنيسة! وأن كلمة «معارضة» ليست تعبيراً كنسياً فالمفروض في الكنيسة أن تكون رأياً واحداً وليس المفروض أن يكون المقياس هو وجود المعارضة، وأنه وإن كان في السياسة لا توجد ديمقراطية إن لم توجد معارضة إلا أنه في الكنيسة ينبغي ألا توجد معارضة!! وحتى في مجمع المطارنة والأساقفة لا توجد معارضة على الإطلاق فكل قراراته بالإجماع!
وهكذا المجلس الملي العام فمن الممكن أن يكون بين أعضائه الأربعة والعشرين معارض أو معارضان ومن الممكن أيضاً أن يؤخذ القرار بالأغلبية المطلقة، ولكن لمزيد من الديمقراطية(!!) ومنعاً لجرح شعور المعارضين يترك الموضوع لجلسة أخرى ليصدر القرار أيضاً بالإجماع!!! أتوجد ديمقراطية أكثر من هذا؟!
«البابا شنودة ومحاكمات القساوسة» ـ محمود فوزي ـ 1994 ـ ص67، 72، و«آخر ساعة» ـ 5/1/1994 ـ ص14».
وما بين عامي 1992 و1994 تختلف الرؤية وتتناقض بزاوية مقدارها 180 درجة!!
ففي كنيسة العهد الجديد حين طالب بعض اليهود الذين تنصروا بضرورة ختان المؤمنين قبل قبولهم في الإيمان المسيحي كما كان متبعاً في العهد القديم حصلت مباحثة كثيرة» (حسبما ورد بسفر أعمال الرسل 7:15) كان هناك الرأي والرأي الآخر: بطرس الرسول في جانب ويعقوب الرسول في جانب آخر ولم يفسد الخلاف للود قضية، وهكذا سارت الكنيسة في عهدها الرسولي الأول بمنهج ديمقراطي يتسع لكل وجهات النظر ولم يرد في تاريخ الكنيسة قط أن أصدر طرف حرمانه للطرف الآخر لمخالفته في الرأي.
بل أن هناك من المشكلات قد حدثت بسببه المشاجرات بين الرسل أنفسهم تلك المشكلات التي بلغ مداها في واحدة منها أن فارق أحدهما الآخر دون أن يضيق بالرأي المعارض (سفر أعمال الرسل 15: 36 ـ 41) ولم يحسبه كعدو بل: كأخ (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي 14:3)، بل وحتى الذين أظهروا للخادم شروراً كثيرة والذين تخلوا عنه رغم احتياجه لهم، فقد ترك مجازاتهم لله لا لشخصه (رسالته الثانية إلى تلميذه تيموثاؤس 14:4 و17)، ذلك أن جماعة الرسل قد وضعوا لأنفسهم مبدأ رعوياً هاماً هو أنه «إن ضل أحد عن الحق فرده آخر فليعلم أن من رد خاطئاً عن ضلال طريقه، فإنه يخلص نفساً من الموت ويستر كثرة من الخطايا» (رسالة يعقوب الرسول 19:5) «حتى لا يقع هؤلاء المخالفون في الرأي أسرى لإبليس، الأسد الزائر الذي يجول ملتمساً من يبتلعه» رسالة بطرس الأولى 8:5 ـ أن يحترسوا من أن ينقادوا بضلال الأردياء فيسقطوا من ثباتهم» ـ رسالته الثانية 17:3 أمثال ديوتريفس الذي كان يحب أن يكون الأول بينهم ولا يقبل الإخوة المؤمنين ويطردهم من الكنيسة «رسالة يوحنا الرسول الثالثة: 10» حقيقة مهمة غابت عن أذهان الكثيرين وهي أنه ليس في المعارضة تقليل من محبة الابن لأبيه بل العكس هو الصحيح تماماً، فمتى زادت المحبة زادت غيرته عليه وزاد تمسكه ببقاء صورة أبيه الحسنة أمام جميع ناظريه، ومن ثم زادت معارضته له ولممارساته الخاطئة حتى يعدل عنها خوفاً عليه من أن يفقد محبة غيره أو احترامه له ففي فقدانه له اهتزاز لصورته وصورة كل من يمثله من تابعيه وباقي أفراد شعبه.
كذلك فإن النقد البناء لازمة من لوازم البقاء، وهو أمر نطالب به كل غيور على كنيسته وهو في ذاته يستحق الشكر والثناء لا الذم والهجاء.
ومادمنا نؤمن بعدم الوحدانية بين الكنيسة والرؤساء ونؤكد دوماً على الفصل بينها أي الكنيسة ـ كمؤسسة عقيدية لها احترامها وغير وارد نقدها أو الاعتراض على إيمانها ـ وبين أشخاص العاملين فيها مهما علت مناصبهم ـ وهم حتماً إلى زوال ـ فإن الاعتراض على ممارساتهم الإدارية التي تقبل الصحة والخطأ أمر ينبغي أن يرحب به الجميع بغير استثناء.
أما الإصرار على أن الفرعون هو الملك والإله والقاضي وقائد الجيش والشرطة، وما الرعية سوى قطعان من الأغنام فهو ردة حضارية إلى عصور الوثنية وعبادة الأصنام فالديمقراطية والمعارضة وجهان لعملة واحدة لا يفترقان، وكفانا تشدقاً بشعارات عفا عليها الزمان.
وإن كان في بعض الأحيان قد تمتع رجال الكهنوت بسلطات واسعة أو ترك لهم الشعب مهمة تدير كل الأمور بغير رقيب فإما كان ذلك في عصور مظلمة ولظروف خاصة أحاطت بالأقباط أصحاب الكنيسة رأوا فيها حتمية توحيد القيادة في يد واحدة ضماناً لوحدة الرأي ومنعاً من الفرقة والانقسام الذي لا يستفيد منه سوى عدو الخير، غير أن الكنيسة التي يستحيل أن يتم تعيين واحد فيها بغير رضاء شعبي كامل ولا يمكن أن تقيم صلاة جماعية بغير شركة كاملة للجماهير لا تسمح بإطلاق يد واحدة لتصريف أمورها بغير معقب أو تحت أي ستار أو وراء أي حجة أو تبرير أو تضع نفسها تحت وصاية زعيم أو كبير مهما بلغت حكمته أو درجته، فوضع كامل السلطان في يد الأكليروس كان يتم في ظروف استثنائية لا يمكن أن ينقلب إلى حق موروث يستأثر به مدى الدهر يشاركه فيه غيره من البشر، وهو أمر لا يجيزه عقل أو دين، ولا تقره المصلحة العامة أو أبسط مبادئ الرعاية السليمة.
وإن كانت الضرورة قد اقتضت في بعض الظروف أن يجمع رجل الدين «البطريرك أو الأسقف أو القسيس» في شخصه وظائف متعددة وصلاحيات متشعبة كرئيس وقاض ومدير مالي وإداري ووصي وقيم وولي أمر لكل الشعب في آن واحد فقد برهنت الأيام على استحالة استمرارية هذه الأوضاع إلى الأبد، إذ لا بد أن يأخذ المدنيون من الشعب دورهم في قيادة الكنيسة وخدماتها المتشعبة والمتزايدة فحين انفرد رجل الدين بالتصرف في شؤون الكنيسة تفشت سياسة الارتجال والعمل بغير مشورة طيبة وازدادت أخطاء أصحاب النفوذ والسلطان فتصرفوا في أمورها بعلمهم المحدود وأغراضهم غير المحدودة مما دفع الشعب للتسرب خارج كنيستهم بعد أن تملكهم اليأس من إصلاح أمورها وشاعت الفوضى والفساد في شؤونها ونجح الأجانب في استمالتهم إلى دروبهم وازدهرت أنشطتهم على حساب كنيستنا الوطنية وفوق أشلاء أبنائها الذين تبعثروا كمحصلة طبيعية لما آلت إليها أحوالها، وويل لمن أوصلهم إلى هذه المسالك وأعثرهم في هذا الطريق فدم هؤلاء يطلب من يده.
إن الكنيسة القبطية منذ نشأتها كنيسة شعبية ديمقراطية لجميع أبناءها حق الاشتراك مع الأكليروس «رجال الدين» في الإشراف على شؤونها وإدارتها وتوجيه سياستها، لذا حرص الآباء الأولون على الرجوع إلى أرخنتها «كبار مفكريها» للاستعانة بآرائهم وجهودهم في تصريف أمورها عملاً بحكمة سليمان النبي القائلة «حيث لا تدبير يسقط الشعب أما الخلاص فبكثرة المشيرين» و«أن المقاصد بكثرة المشيرين تقوم وبغير مشورة تبطل». سفر الأمثال 14:11 و21:15.
وقد التزم الرعيل الأول من آباء الكنيسة بحكمة الاستئناس بآراء الأبناء في أوقات الأزمات والشدائد وحين الاستشعار باحتياجات الجماهير ومتطلباتها. - صدرت الطبعة الأولى من كتاب «الإرهاب الكنسي» في «فبراير 1998» عن «الإعلامية للنشر».
ـ وعلى الغلاف الأخير اقتطع الناشر حكاية موحية.. وهي أنه عندما وقف الباب أثناسيوس الرسولي بطريرك الاسكندرية الشهير معارضاً للممارسات الخاطئة والأفكار المغرضة.. قيل له: «إن العالم كله ضدك».. فرد قائلاً: «وأنا أيضاً ضد العالم».
وهي حكاية تصلح إلى حد كبير أن تقال عن حياة إبراهيم عبد السيد.



This site was last updated 06/13/19