Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 تفسير / شرح أعمال الرسل الإصحاح الخامس (أع 5: 33- 42)

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تفسير أعمال الرسل (أع1: 1-11
تفسير أعمال الرسل (أع 1: 12- 26
تفسير أعمال الرسل (أع 2 : 1- 13
تفسير أعمال الرسل (أع 2 :  14- 36
تفسير أعمال الرسل (أع2: 37- 47
تفسير أعمال الرسل (أع 3: 1- 10
تفسير أعمال الرسل (أع 3: 11- 26
تفسير أعمال الرسل (أع 4: 1- 12
تفسير أغمال الرسل (أع 4: 13- 22
تفسير أعمال الرسل (أع 4: 23- 37
تفسير أعمال الرسل (أع 5: 1- 16
تفسير أعمال الرسل (أع 5:  17- 32
تفسير أعمال الرسل (أع 5: 33- 42
تفسير أعمال الرسل (أع 6: 1- 8
تفسير أعمال الرسل (أع 6: 9- 15
تفسير أعمال الرسل (أع 7: 1- 19
تفسير أعمال الرسل (أع 7: 20- 43
تفسير أعمال الرسل (أع 7: 44- 60
تفسير أعمال الرسل (أع 8: 1- 8
تفسير أعمال الرسل (أع 8: 9- 25
تفسير أعمال الرسل (أع 8: 26- 40
تفسير أعمال الرسل (9: 1- 9
تفسير أعمال الرسل (أع 9: 10- 25
تفسير أعمال الرسل (أع 9: 26- 43
تفسير أعمال الرسل (أع 10: 1- 16
تفسير أعمال الرسل (أع 10: 17- 33
تفسير أعمال الرسل )أع 10: 34- 48
تفسير أعمال الرسل (أع 11: 1- 18
تفسير أعمال الرسل (أع 11: 19- 30
تفسير أعمال الرسل (أع 12: 1- 11
تفسير أعنال الرسل (أع 12: 12- 25
تفسير أعمال الرسل (أع 13: 10- 12
تفسير أعمال الرسل (أع 13: 13- 41
تفسير أعمال الرسل (أع 13: 42- 52
تفسير أعمال الرسل (أع 14: 1- 18
تفسير أعمال الرسل (أع 14: 19- 28
تفسير أعمال الرسل (أع 15: 1-  12
تفسير أعمال الرسل (أع 15: 13- 29)
تفسير أعمال الرسل (أع 15: 30- 41
تفسير أعمال الرسل (أع 16: 1- 10
تفسير أعمال الرسل (أع 16: 11- 24
تفسير سفر أعمال الرسل (أع 16: 25- 40
تفسير أعمال الرسل ( أع17:  1- 15
تفسير أعمال الرسل (أع 17: 16- 34
تفسير أعمال الرسل (أع 18: 1- 11
تفسير أعمال الرسل (أع 18: 12- 28
تفسير أعمال الرسل (أع 19: 1- 10
تفسير أعمال الرسل (أع19: 11-20
تفسير أعمال الرسل (أع 19: 21- 42
تفسير أعمال الرسل (أع 20: 1-16
تفسير أعمال الرسل (أع 20: 17- 38
تفسير أعمال الرسل (أع 21: 1- 14
تفسير أعمال الرسل (أ‘ 21: 15- 26
تفسير أعمال الرسل (أع 21: 27- 40
تفسير أعمال الرسل (أع 22: 1- 16
تفسير أعمال الرسل (أع 22: 17- 30
تفسير أعمال الرسل (أع 23: 1- 11
تفسير أعمال الرسل (أع 23: 12- 21
تفسير أعمال الرسل (أع 23: 22- 35
تفسير أعمال الرسل (أع 24: 1- 27
تفسير أعمال الرسل (أع 25: 1- 12
تفسير أعمال الرسل (أع 25: 13- 27
تفسير أعمال الرسل (أع 26: 1- 15
تفسير أعمال الرسل (أع 26: 16- 32
تفسير أعمال الرسل (أع 27: 1- 26
تفسير أعمال الرسل (أع 27: 27- 44
تفسير أعمال الرسل (أع 1- 16
تفسير أعمال الرسل (أع 28: 17- 31
Untitled 8526
Untitled 8527
Untitled 8528
تفسير إنجيل لوقا الفصل9
ت

 

تفسير وشرح سفر أعمال الرسل الإصحاح الحاامس (أع 5: 33- 42)
نمو الكنيسة والمحاكمات
5. موقف غمالائيل  (أع  5: 33 - 40)
6. كلمة الله لا تُقيد  (أع 5: 41 - 42)

تفسير / شرح أعمال الرسل الإصحاح الخامس

5. موقف غمالائيل  (أع  5: 33 - 40)
تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 33) 33 فلما سمعوا حنقوا، وجعلوا يتشاورون ان يقتلوهم

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس


تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 34) . 34 فقام في المجمع رجل فريسي اسمه غمالائيل، معلم للناموس، مكرم عند جميع الشعب، وامر ان يخرج الرسل قليلا.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس




تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 35)  35 ثم قال لهم:« ايها الرجال الاسرائيليون، احترزوا لانفسكم من جهة هؤلاء الناس في ما انتم مزمعون ان تفعلوا.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس


تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 36) 36 لانه قبل هذه الايام قام ثوداس قائلا عن نفسه انه شيء، الذي التصق به عدد من الرجال نحو اربعمئة، الذي قتل، وجميع الذين انقادوا اليه تبددوا وصاروا لا شيء.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس


تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 37) 37 بعد هذا قام يهوذا الجليلي في ايام الاكتتاب، وازاغ وراءه شعبا غفيرا. فذاك ايضا هلك، وجميع الذين انقادوا اليه تشتتوا.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس


تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 38) 38 والان اقول لكم: تنحوا عن هؤلاء الناس واتركوهم! لانه ان كان هذا الراي او هذا العمل من الناس فسوف ينتقض

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس

تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 39) ، 39 وان كان من الله فلا تقدرون ان تنقضوه، لئلا توجدوا محاربين لله ايضا».

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس

تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 40) 40 فانقادوا اليه. ودعوا الرسل وجلدوهم، واوصوهم ان لا يتكلموا باسم يسوع، ثم اطلقوهم.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس



 

تفسير / شرح أعمال الرسل الإصحاح الخامس

6. كلمة الله لا تُقيد  (أع 5: 41 - 42)
تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 41) 41 واما هم فذهبوا فرحين من امام المجمع، لانهم حسبوا مستاهلين ان يهانوا من اجل اسمه

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس


تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 5: 42) . 42 وكانوا لا يزالون كل يوم في الهيكل وفي البيوت معلمين ومبشرين بيسوع المسيح.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس

 










****************

الأصحاح الخامس
خبر حنانيا وسفيرة ع ١ إلى ١١
١ «وَرَجُلٌ ٱسْمُهُ حَنَانِيَّا، وَٱمْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ، بَاعَ مُلْكا».

النبأ الآتي استثناء لما قيل في (ص ٤: ٣٢ و٣٤) وبيان أن وسائط النعمة لا تحقق صلاح الذين يحصلون عليها. ولا عجب من وجود بعض المرائين بين الكثيرين الذين اعترفوا بالدين المسيحي فإن الرسل لم يزيدوا على الاثني عشر وكان احدهم خائناً. وأنبأ المسيح بمثل ذلك بمثل الزوان والقمح (متّى ص ١٣) وفيه بيان أن التجارب أصابت الكنيسة من الداخل من طمع بعض أعضائها كما كانت قد أصابتها من الخارج من اضطهاد اليهود.

حَنَانِيَّا كيوحنا في الاشتقاق ومعنى حنانيا حنو الرب ومعنى يوحنا الرب حنّان.

سَفِّيرَةُ أي مضيئة أو جميلة. وسفيرة وحنانيا اسمان لم يليقا بصفات مسمّييهما.

بَاعَ مُلْكاً حقلاً ع ٣ كغيره من أغنياء الكنيسة (ص ٤: ٣٤) بدعوى أنه فعل ذلك لنفع فقراء الكنيسة محبة للمسيح. وجاء هذا برأي امرأته واتفاقها معه (ع ٢ و٩) فلهذا كانت شريكة له في ما أتاه في ذلك من الإثم.

٢ «وَٱخْتَلَسَ مِنَ ٱلثَّمَنِ، وَٱمْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذٰلِكَ، وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ ٱلرُّسُلِ».

ص ٤: ٣٧

وَٱخْتَلَسَ مِنَ ٱلثَّمَنِ أي أبقى بعض الثمن لنفسه وتظاهر أن ما وهبه منه هو الكل. ولم يكن عليه شيء من الإثم بما أبقاه لو أنبأ بأن ما قدمه هو جزء الثمن لا كله لأن العطاء اختياري لا اضطراري.

وَٱمْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ أي أنها عرفت أن ما أُعطي جزء ثمن المبيع فشاركت زوجها في قصد الخداع والكذب.

وَأَتَى بِجُزْءٍ مدعياً أنه الثمن كله كما يظهر من قول بطرس له «أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ» (ع ٣ و٤).

وكانت خطيئته أولاً الكذب وثانياً الرياء لأنه ابتغى أن يعتبره الناس كريماً منكراً ذاته وثالثاً الطمع لأنه أحب المال حتى خبّأ بعضه وادّعى إعطاء الكل رغبة في نوال المدح.

٣ «فَقَالَ بُطْرُسُ: يَا حَنَانِيَّا، لِمَاذَا مَلأَ ٱلشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ ٱلْحَقْلِ؟».

عدد ٣٠: ٢ وتثنية ٢٣: ٢١ جامعة ٥: ٤ ولوقا ٢٢: ٣ وع ٩

فَقَالَ بُطْرُسُ لا ريب في أن حنانيا توقع أن يمدحه بطرس على سخائه أمام كل الجمهور ولم يعلم بطرس كذب حنانيا إلا بالوحي فالله أعلمه بذلك لكي تُعلن خطيئة الكاذب ويعاقب عليها.

لِمَاذَا مَلأَ ٱلشَّيْطَانُ قَلْبَكَ نسب بطرس أصل هذه الخطيئة إلى تجربة الشيطان وهذا مثل ما في (لوقا ٢٢: ٣ ويوحنا ١٣: ٢٧) وسُمّي الشيطان «أبا الكذاب» (يوحنا ٨: ٤٤ انظر أيضاً تكوين ٣: ١ - ٥).

وتجربة الشيطان ليست بعذر لحنانيا لأنه خطئ بتسليمه لتجربته ولم يستطع الشيطان إغواءه لو لم يجد فيه استعداداً للغواية لما فيه من الطمع وعدم الاكتراث بالصدق. وقوله «لماذا» الخ دليل على أنه غير مجبر على إطاعة وأنه كان قادراً على أن يقاومه وواجباً عليه أن يدفعه. وأشار بقوله «ملأ قلبه» إلى أنه ارتكب ذلك الإثم بكل اجتهاد ومسرة بعدما أسكت ضميره كل الإسكات.

لِتَكْذِبَ بتقديم بعض ثمن الحقل بدعوة أنه الثمن كله.

عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ الأقنوم الثالث من اللاهوت. فحنانيا قصد أن يخدع الرسل وسائر الكنيسة فقط لكن خطيئته كانت أعظم مما ظن لأن الرسل فعلوا ما فعلوه بتأثير الروح القدس وبه علموا التعليم وصنعوا المعجزات واستطاعوا معرفة الغيب فالكذب على الرسل القدس شر من كل الخطايا (متّى ١٢: ٣١ و٣٢ ومرقس ٣: ٢٨ و٢٩). وفيما ذُكر برهان على التمييز بين الأقانيم اللاهوتية إذ أوضح هنا أن الروح القدس أقنوم لا صفة إلهية لأن حنانيا لا يستطيع أن يكذب على صفة. وفيه برهان آخر على أن الروح القدس إله لأنه كذا سمي في الآية الرابعة ولأنه قادر على فحص القلوب والتمييز بين المرائين والمخلصين وهذا لا يقدر عليه إلا الله (١أيام ٢٨: ٩ وإرميا ١٧: ١٠ و١كورنثوس ٢: ١٠ ورؤيا ٢: ٢٣).

٤ «أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هٰذَا ٱلأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ».

وَهُوَ بَاقٍ أي لم يُبع.

كَانَ يَبْقَى لَكَ هذا دليل قاطع على أنه لم يكن مجبراً على البيع وكذلك غيره ممن باعوا.

وَلَمَّا بِيعَ، أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ أي ألم يكن الثمن لكي تتصرف به كيف شئت تعطيه أم تبقيه فأنت خطئت لغير موجب لا خوفاً من اللوم ولا رهبة من العقاب فلو لم تُعط شيئاً أو أعطيت جزءاً علناً لم يعتب أحدٌ عليك لكنك اجتهدت في أن تعبد الله والمال وتكسب الصيت بالكرم والتقوى وتجري في سبيل طمعك.

فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ فالفكر فكرك والفعل فعلك وإن كان الشيطان قد ملأ قلبك لأن الشيطان لا يقدر أن يجبر أحداً على الخطيئة (يعقوب ٤: ٧). ومعنى «الوضع في القلب» النيّة والعزم. وعزمه على الاختلاس زاد إثمه فظاعة وكذا جعْله امرأته تشاركه في ذلك.

أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى ٱلنَّاسِ فقط.

بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ أي على الروح القدس ع ٣ وهذا شر الخطايا فالإساءة إلى الناس ليست شيئاً بالنسبة إلى الإساءة إلى الله. فإن داود أخطأ إلى الله وإلى أوريا ومع ذلك قال «إليك وحدك أخطأت» (مزمور ٥١: ٤). أما إخطاؤه إلى الله فادعاؤه أنه وقف كل الثمن له تعالى على يد الرسل وتظاهره بأن الروح القدس حثّه على تلك التقدمة وعزمه على الخداع يستلزم أنه حسب أن العالم كل شيء لا يعلم خداعه ورياءه.

٥ «فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هٰذَا ٱلْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِك».

ع ١٠ و١١

عرف حنانيا من كلام بطرس أن خداعه ظهر وعرف فظاعة إثمه.

وَقَعَ وَمَاتَ ولنا من هذا خمسة أمور:

الاول: أن ذلك قصاص الله رأساً لحنانيا على خطيئته لا نتيجة خجله أو ندامته (وإن كانا في غاية الشدة) ولا نتيجة قصد بطرس أو قوله.

الثاني: أنه شهادة الله بفظاعة الكذب والرياء والطمع والاستخفاف بروح الله ولا سيما الأول لأنه تعالى يكرهه كل الكراهة.

الثالث: أن مثل شدة العقاب المعلوم كما ذُكر كان ضرورياً في أول أمر الكنيسة الجديدة اتقاء من ذلك الرياء. وكذلك كان أول ما وضع الله الشريعة الموسوية فإنه لما تعداها ناداب وأبيهو ولدا هرون أماتهما (لاويين ١٠: ١٢) وكذلك شُدد العقاب على الإسرائيليين في أول دخولهم أرض الميعاد وتعديهم أوامره (يشوع ص ٧). فأظهر الله شفاء الأعرج وشدة نقمته بأمانة المرائي على الأثر.

الرابع: أن الله يهتم بمنع ضرر الكنيسة من داخل كما يهتم بمنعه من خارج (ص ٥: ١٩ و١٢: ٧).

الخامس: أن الله قصد بذلك أن يثبت سلطان الرسل وأنهم رسله. ومثل هذا ضربة عليم الساحر إثباتاً لرسولية بولس وبرنابا (ص ١٣: ٨ - ١١).

خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الخ أي الذين سمعوا خطاب بطرس في المحفل (ع ٦) ثم ذاع نبأ ذلك في القرب والبعد فخافوا من إغاظة الله ومن نقمته.

٦ «فَنَهَضَ ٱلأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوه».

يوحنا ١٩: ٤٠

أتوا ذلك على وفق العادة العامة ويقوم بهذه الخدمة طبعاً الأحداث دون الشيوخ.

خَارِجاً من المجتمع ومن المدينة لأنه لم يكونوا يدفنون في مدينة أورشليم غير الملوك والشرفاء.

٧ «ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ أَنَّ ٱمْرَأَتَهُ دَخَلَتْ، وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى».

يظهر من هذا ان جماعة المؤمنين استمروا مجتمعين مدة الساعات الثلاث التي غاب فيها الأحداث للدفن.

أَنَّ ٱمْرَأَتَهُ دَخَلَتْ المحفل.

وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى من أمر زوجها ولا بد من أنها كانت تظن أن الخداع قد نجح ولأنها كانت شريكة لزوجها في الخداع لاق أن تكون شريكته في العقاب.

٨ «فَسَأَلَهَا بُطْرُسُ: قُولِي لِي، أَبِهٰذَا ٱلْمِقْدَارِ بِعْتُمَا ٱلْحَقْلَ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ بِهٰذَا ٱلْمِقْدَارِ».

لم يعطها بطرس فرصة للاستفهام عما جرى بل خاطبها في الحال.

أَبِهٰذَا ٱلْمِقْدَارِ بِعْتُمَا ٱلْحَقْل بلا زيادة. والأرجح أن ذلك المقدار كان أمامه وأشار إليه عند خطابه المرأة وأنه عيّنه ولوقا لم يفصّل. فلو اعترفت بالحق لخلصت لا محالة لكنها أصرت على النفاق الذي اتفقت عليه مع زوجها.

٩ «فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: مَا بَالُكُمَا ٱتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ ٱلرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ ٱلَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى ٱلْبَابِ، وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجا».

متّى ٤: ٧ وع ٣

ٱتَّفَقْتُمَا اتفاقها مع زوحها جعلها مذنبة مثله.

عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ ٱلرَّبِّ هما قصدا خداع الرسل لكنهما امتحنا بذلك أنه هل يقدر روح الرب الساكن فيهم على كشف الخداع أو لا.

هُوَذَا أَرْجُلُ... عَلَى ٱلْبَابِ أي على وشك الوصول. ولا عجب أن شغل الأحداث نحو ثلاث ساعات بحمل حنانيا إلى خارج المدينة وبتهيئة المدفن له وبرجوعهم إلى حيث كانوا. وبما قاله بطرس أنبأها بخيبة مسعاها بتجربة روح الرب وبموت زوجها.

وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجاً أخبرها أن موتها قريب. علم بطرس بوحي الله أن نصيبها كنصيب زوجها في المصاب ووقوع الموت على أثر الخطيئة أبان أنه نتيجتها وعلامة غيظ الله.

١٠ «فَوَقَعَتْ فِي ٱلْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ ٱلشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً، فَحَمَلُوهَا خَارِجاً وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا».

ع ٥

كان موتها سريعاً كما أنبأ بطرس وكان في وسط المحفل. وأسباب شدة العقاب هذا مرّ ذكرها في شرح ع ٥. ونرى غالباً أن العقاب يتأخر عن الإثم لا يقع على أثره ولكن من المحقق أن الله لا بد من أن يعاقب على الخطيئة عاجلاً أو آجلاً ما لم تُمح بالتوبة ولا سيما الكذب والرياء (أيوب ٨: ١٣ و٣٦: ١٣ وأمثال ٦: ١٧ و١٢: ٢٢ و١٩: ٩ ولوقا ١٢: ١ و٢ ورؤيا ٢١: ٨).فبين معجزات الرحمة الكثيرة لم يكن سوى معجزة واحدة من معجزات النقمة وذلك في وقت الاحتياج إليها للتعليم والإنذار فأعلن الله بها أنه إله العدل والحق كما أعلن بغيرها أنه إله المحبة والرحمة.

١١ «فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ ٱلْكَنِيسَةِ وَعَلَى جَمِيعِ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ».

ص ٢: ٤٣ وع ٥ وص ١٩: ١٧

خَوْفٌ عَظِيمٌ من الله باعتبار أنه إله العدل والنقمة وأنه رقيب أعمال العباد ومثل هذا الخوف ينشأ طبعاً عند مشاهدة قرب الله من الإنسان وإجراء قضائه ونتيجة مثل هذا الخوف فحص القلوب وامتحان النفس والسهر والصلاة لكي لا يقع أحد في مثل إثم حنانيا وامرأته ولا شك في أن تأثير ذلك الحادث بقي وقتاً طويلاً في الكنيسة ولم يزل إلى اليوم لمن يقرأون نبأه ويتأملون.

ٱلْكَنِيسَةِ جماعة المؤمنين وهذا أول ذكر لهذا الاسم في أعمال الرسل وذكره المسيح مرتين (متّى ١٦: ١٨ و١٨: ١٧).

ٱلَّذِينَ سَمِعُوا ممن ليسوا من الكنيسة فإن تأثير موت الزوجين بغتة أثر في كل من بلغه النبأ من غير المسيحيين حتى امتنع المراؤون من الالتصاق بهم.

نمو الكنيسة وآيات الرسل ع ١٢ إلى ع ١٦
١٢ «وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي ٱلرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي ٱلشَّعْبِ. وَكَانَ ٱلْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ».

ص ٢: ٤٣ و١٤: ٣ و١٩: ١١ ورومية ١٥: ١٩ و٢كورنثوس ١٢: ١٢ وعبرانيين ٢: ٤ ص ٣: ١١ و٤: ٣٢

الجملة الأولى من هذه الآية متعلقة بالآية الخامسة عشرة وما بينهما كلام معترض وهو تكرار القول في (ص ٤: ٣٣) وشرح له.

آيَاتٌ وَعَجَائِبُ انظر شرح ص ٢: ٤٣ وهذا جواب صلاة المؤمنين التي ذُكرت في (ص ٤: ٣٠).

وَكَانَ ٱلْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ أي كان أعضاء الكنيسة متحدين في المحبة والصلاة والعبادة.

فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ انظر شرح (ص ٣: ١١ ومتّى ٢١: ١٢ ويوحنا ١٠: ٢٣) وكان ذلك الرواق مجتمعاً لعامة الناس وخاصتهم فاتخذه الرسل محل مخاطباتهم للشعب وهذا مضاد كل المضادة لنهي مجلس اليهود الرسولين عن أن ينطقا أو يعلما باسم يسوع (ص ٤: ١٨).

١٣ «وَأَمَّا ٱلآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ، لٰكِنْ كَانَ ٱلشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ».

ع ١٤ ص ٢: ٤٧ و٤: ٢١

وَأَمَّا ٱلآخَرُونَ أي المراؤون كحنانيا لا المؤمنون الحقيقيون.

ٱلشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ أي اعتبرهم وأكرمهم واعتقد أنهم عبيد الله المخلصون ورسله. فكان اعتباره إيّاهم مضاداً لميل الرؤساء الذين كانوا يكرهونهم ولكنهم غضوا النظر حينئذ عن المقاومة علانية وقتاً قصيراً.

١٤ «وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ، جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاء».

مُؤْمِنُونَ هذا الاسم الذي عُرف به رسل المسيح أولاً وذلك لأن الإيمان بأن يسوع هو المسيح جوهر معتقدهم.

يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أي لم يلتصق بالرب سوى المؤمنين وأما المراؤون فامتنعوا خوفاً (ع ١٣). وذكر هنا إحدى طرق تعظيم الشعب إيّاهم وهو الانحياز إليهم على رغم تهديد الرؤساء ومقاومتهم. ومعنى «الرب» هنا يسوع المسيح» ومما يستحق الملاحظة هنا أن الوحي قال أنهم «انضموا للرب» لا للكنيسة لأن الانضمام لها عبث إن لم يكن أولاً للرب وسبيل ذلك الانضمام الإيمان بالمسيح وهو الذي يجعل الناس أغصاناً حية في الكرمة الحقيقية (يوحنا ١٥: ١ و٥).

رِجَالٍ وَنِسَاءٍ عدل هنا عن بيان عددهم لكثرتهم. فذكره حين كانوا «مئة وعشرين» (ص ١: ٥٠) وحين صاروا «ثلاثة آلاف» (ص ٢: ٤١) وحين بلغوا «خمسة آلاف» (ص ٤: ٤) ولا يلزم من ذكر النساء هنا على خلاف ما ذُكر هنالك أنه لم تكن النساء بين الأولين. فالديانة المسيحية هي الديانة الوحيدة التي تطلب ترقية النساء كما تطلب ترقية الرجال وخلاصهنّ كخلاصهم.

١٥ «حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ ٱلْمَرْضَى خَارِجاً فِي ٱلشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ، حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ».

متّى ٩: ٢١ و١٤: ٣٦ وص ١٩: ١٢

هذا متعلق بالجملة الأولى من الآية الثانية عشرة وما بينهما معترض.

كَانُوا يَحْمِلُونَ أي الأصدقاء والأصحاب.

ٱلشَّوَارِعِ أي أزقة أورشليم المؤدية إلى الهيكل.

فُرُشٍ وَأَسِرَّ هذا دليل على أن المصابين الذين حُملوا كانوا مختلفي الطبقات فالفرش للأغنياء والأسرة للفقراء.

يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ يُستنتج من ذلك أن الشعب ازدحم على بطرس حتى صعب على كل أن يقترب إليه ويلتمس منه الشفاء. والكتاب لا يقول انتفعوا بذلك ولا ينفي الانتفاع به والأرجح أنهم انتفعوا لثلاثة أسباب:

الأول: أن فعلهم يدل على قوة إيمانهم. وهذا الشرط الجوهري لنوال الشفاء (والله قادر على أن يشفي بالوسائط وبدونها ولا فرق عنده بأن تكون الواسطة خيالاً أو لمساً أو كلاماً).

الثاني: أن الحادث هنا يشبه ما نُسب إلى بولس وقد حُقِّق الشفاء فيه وهو قول الكتاب «حَتَّى كَانَ يُؤْتَى عَنْ جَسَدِهِ بِمَنَادِيلَ أَوْ مَآزِرَ إِلَى ٱلْمَرْضَى، فَتَزُولُ عَنْهُمُ ٱلأَمْرَاضُ» (ص ١٩: ١٢).

الثالث: أنه لو كان الذي حملهم على ذلك وهماً لا يأتي بنفع لم يكن من وجه لذكر لوقا إياه. والظاهر من الآية الثانية عشر أن الشفاء من جميع الرسل على السواء ولكن الشعب نسب قوة خاصة إلى بطرس لكونه المتقدم في الكلام والعمل.

١٦ «وَٱجْتَمَعَ جُمْهُورُ ٱلْمُدُنِ ٱلْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ، وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ».

مرقس ١٦: ١٧ و١٨ ويوحنا ١٤: ١٢

الذين ذُكروا في ع ١٥ كانوا من مدينة أورشليم عينها وذُكر في هذه الآية ما نتج عن شيوع الخبر في البلاد المجاورة لها.

أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ انظر شرح (متّى ٤: ٢٣ و٢٤) والنجاسة هنا أدبية. وذكر الكاتب الأمراض الجسديّة ثم الجسديّة والروحيّة.

كَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ عسر على الرسل قبل صعود المسيح إخراج بعض الأرواح النجسة وبعد ذلك لم يعسر عليهم شيء من الإبراء (متّى ١٧: ١٦ و١٩).

سجن الرسل وإطلاق الملاك إيّاهم ع ١٧ إلى ع ٢٤
١٧ «فَقَامَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ مَعَهُ، ٱلَّذِينَ هُمْ شِيعَةُ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ، وَٱمْتَلأُوا غَيْرَةً».

ص ٤: ١ و٢ و٦

فَقَامَ هذا هياج ثانٍ على الرسل وهو أشد من الأول ولكن نتيجته كنتيجة الأول في تقدّم الإنجيل.

رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ لم يتضح أحنّان المقصود هنا أم قيافا ولكن العمل مما يميل إليه كلاهما لأنهما متشابهان في الانفعالات.

ٱلَّذِينَ مَعَهُ أي من شيعته.

صَّدُّوقِيِّينَ انظر شرح (متّى ٣: ٧ وص ٢٣: ٨). قال يوسيفوس كانت فرقة الصدوقيين قليلة العدد وكثيرة التأثير في الناس وأكثرها من الرؤساء والأغنياء. وكان أهم المبادئ عندهم «أن لا قيامة» ولكن أعظم مبادئ الفريسيين «القيامة» فكانوا يسرون بكل ما يحط اعتبار الصدوقيين وينافي تعليمهم فلذلك قلماً اضطهدوا الرسل لأنهم كانوا ينادون بالقيامة وذلك مما يسرهم.

غَيْرَةً لأن وعظ الرسل ينفي تعليمهم ويثبت تعليم الفريسيين ويحكم على الفريقين بقتل المسيح ولأنه خلاف أوامرهم (ص ٤: ١٨ - ٢١) وتأثير تعليم الرسل في الشعب وانتشار صيتهم بواسطة معجزاتهم هيّج حسدهم وغيرتهم.

١٨ «فَأَلْقَوْا أَيْدِيَهُمْ عَلَى ٱلرُّسُلِ وَوَضَعُوهُمْ فِي حَبْسِ ٱلْعَامَّةِ».

لوقا ٢١: ١٢

عَلَى ٱلرُّسُلِ أي جميعهم.

حَبْسِ ٱلْعَامَّةِ في أورشليم ولا ريب في أنه كان متيناً حتى يتبيّن أن لا سبيل إلى نجاتهم منه إلا بمعجزة ولا ريب في أنهم شغلوا مدة سجنهم بالصلاة.

١٩ «وَلٰكِنَّ مَلاَكَ ٱلرَّبِّ فِي ٱللَّيْلِ فَتَحَ أَبْوَابَ ٱلسِّجْنِ وَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ».

ص ١٢: ٧ و١٦: ٢٦

هذا أول مداخلة الله في حماية الرسل وذُكر مثل هذه المعجزة في (ص ١٢: ١٠) وحدث وقتئذ كما هنا بدون معرفة الحراس (ع ٢٣) وغاية هذه العجيبة ثلاثة أمور:

الأول: تبكيت للرؤساء وإظهار بطلان مقاومتهم الحق.

الثاني: تثبيت إيمان الرسل وتحقيق حماية الله إياهم.

الثالث: إقامة برهان جديد للشعب على صحة تعليم الرسل وأنهم رُسل الله لأنه عُلم يقيناً أنهم سُجنوا مساء وشوهدوا صباحاً خارج السجن بلا واسطة بشرية.

٢٠ «ٱذْهَبُوا قِفُوا وَكَلِّمُوا ٱلشَّعْبَ فِي ٱلْهَيْكَلِ بِجَمِيعِ كَلاَمِ هٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ».

يوحنا ٦: ٦٨ و١٧: ٣ و١يوحنا ٥: ١١

ٱذْهَبُوا قِفُوا لم يقل اذهبوا اختبئوا.

فِي ٱلْهَيْكَلِ في موضع هو أنسب مواضع المدينة لإعلانهم إذ يشاهدهم فيه الجميع ويسمعونهم والأرجح أنهم تكلموا في رواق سليمان.

كَلاَمِ هٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ أي تعاليم يسوع المسيح. وهذا على وفق قول بطرس ليسوع «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ ٱلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ» (يوحنا ٦: ٦٨). والحياة المشار إليها هنا هي الحياة الأبدية المعلنة في الإنجيل وتتضمن النجاة من موت الخطيئة وجهنم ونوال القداسة والسعادة الدائمة وبداءتها معرفة الله وابنه يسوع المسيح (يوحنا ١٧: ٣). أخرجهم الله من السجن لا لمجرد وقايتهم من الخطر ولا لكي يجلسوا بطالين بل ليعرضوا أنفسهم أيضاً للأتعاب والمصائب والمخاطر والمقاومات لأجل الحق.

٢١ «فَلَمَّا سَمِعُوا دَخَلُوا ٱلْهَيْكَلَ نَحْوَ ٱلصُّبْحِ وَجَعَلُوا يُعَلِّمُونَ. ثُمَّ جَاءَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ، وَدَعَوُا ٱلْمَجْمَعَ وَكُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَرْسَلُوا إِلَى ٱلْحَبْسِ لِيُؤْتَى بِهِمْ».

ص ٤: ٥ و٦ وع ١٧

لم يبالوا براحتهم وأمتهم إنما أتوا ذلك إطاعة لأمر الله بواسطة الملاك.

نَحْوَ ٱلصُّبْحِ كما فعل المسيح (لوقا ٢٤: ١ ويوحنا ٨: ٢).

يُعَلِّمُونَ كان الشعب مجتمعاً صباحاً للصلاة كالعادة فأمكن الرسل أن يشاهدوه ويعلّموه.

وَٱلَّذِينَ مَعَهُ من فرقة الصدوقيين (ع ١٧).

دَعَوُا ٱلْمَجْمَعَ أي مجمع السبعين الشرعي ليحاكموا الرسل لعصيانهم أوامره.

كُلَّ مَشْيَخَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أي معتبري الشعب لتقدمهم في السن ولحكمتهم واختبارهم وهم ليسوا من أعضاء المجلس قانونياً بل كانوا يُدعون إلى المجلس للنظر في الأمور ذات الشأن. فينتج من ذلك أن الرؤساء استعظموا أمر الرسل وقصدوا ملاشاتهم بأحسن طريقة.

أَرْسَلُوا إِلَى ٱلْحَبْسِ لأنهم لم يعرفوا أن الرسل كانوا في تلك الساعة يعلّمون في الهيكل.

٢٢، ٢٣ «٢٢ وَلٰكِنَّ ٱلْخُدَّامَ لَمَّا جَاءُوا لَمْ يَجِدُوهُمْ فِي ٱلسِّجْنِ، فَرَجَعُوا وَأَخْبَرُوا ٢٣ قَائِلِينَ: إِنَّنَا وَجَدْنَا ٱلْحَبْسَ مُغْلَقاً بِكُلِّ حِرْصٍ، وَٱلْحُرَّاسَ وَاقِفِينَ خَارِجاً أَمَامَ ٱلأَبْوَابِ، وَلٰكِنْ لَمَّا فَتَحْنَا لَمْ نَجِدْ فِي ٱلدَّاخِلِ أَحَداً».

ص ٤: ١

ٱلْخُدَّامَ أي جند الهيكل (ص ٤: ١ ولوقا ٢٢: ٥٢). والأرجح أنهم هم الذين ذهبوا أمس بالرسل إلى السجن بأمر الرؤساء.

وَجَدْنَا ٱلْحَبْسَ مُغْلَقاً يلزم من هذا أن الملاك أغلق أبواب السجن بعد أن فتحها وأطلق الرسل (ع ١٩). ووجود الأبواب المغلقة والأقفال صحيحة وعدم معرفة الحراس بخروج الرسل واعتقادهم أن الرسل لم يزالوا في السجن أثبت أنهم لم يخرجوا بوسائط بشرية إنما خرجوا بمعجزة إلهية.

وقوف الرسل أمام المجمع وخطابهم ع ٢٤ إلى ع ٣٢
٢٤ «فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْكَاهِنُ وَقَائِدُ جُنْدِ ٱلْهَيْكَلِ وَرُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ هٰذِهِ ٱلأَقْوَالَ، ٱرْتَابُوا مِنْ جِهَتِهِمْ: مَا عَسَى أَنْ يَصِيرَ هٰذَا؟».

لوقا ٢٢: ٤ وص ٤: ١

قَائِدُ جُنْدِ ٱلْهَيْكَلِ انظر شرح (ص ٤: ١ ولوقا ٢٢: ٥٢).

ٱرْتَابُوا الخ علة ارتيابهم أولاً أنهم وجدوا أن لا تأثير لسلطانهم وأوامرهم بعدما كانوا قد اختبروا فاعليتها.

ثانياً: أنهم رأوا القصاص الذي أوقعوه على الرسل دفعته عنهم قوة سرية أعظم من قوتهم هم.

ثالثا: أنهم تيقنوا أن التعليم الذي سعوا في إبطاله زاد وعظم بين الشعب على رغمهم.

رابعاً: أنهم عجزوا عن مقاومة مساعد الرسل غير المنظور. والحق أنه لم يكن من داع لأن يرتابوا لأنه وضح أن الله كان مع الرسل وأن القوة التي كانت مع الإنجيل أعظم من التي كانت عليه أي قوتهم وتبيّن أنه لا بد من انتصار الإنجيل وانكسارهم.

٢٥ «ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَأَخْبَرَهُمْ قَائِلاً: هُوَذَا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ وَضَعْتُمُوهُمْ فِي ٱلسِّجْنِ هُمْ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَاقِفِينَ يُعَلِّمُونَ ٱلشَّعْبَ».

هذا أصعب ما يمكن أن يسمعوه فلو قيل أنهم هربوا واختبأوا لهان عليهم بالنسبة إلى هذا.

٢٦ «حِينَئِذٍ مَضَى قَائِدُ ٱلْجُنْدِ مَعَ ٱلْخُدَّامِ، فَأَحْضَرَهُمْ لاَ بِعُنْفٍ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ ٱلشَّعْبَ لِئَلاَّ يُرْجَمُوا».

ع ٢٤ متّى ٢١: ٢٦

لو شاء التلاميذ الفتنة على الرؤساء لسهلت عليهم لأن الشعب مال إليهم لما فعلوا من الحسنات والمعجزات النافعة.

لاَ بِعُنْفٍ لم يكّتفوهم أو يضربوهم أو يقسوا عليهم.

٢٧ «فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي ٱلْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ».

أتى الرسل طوعاً وكانوا يطيعون دائماً أوامر الرؤساء في كل ما لا يخالف أوامر الله.

٢٨ «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا بِهٰذَا ٱلٱسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هٰذَا ٱلإِنْسَانِ».

ص ٤: ١٨ متّى ٢٣: ٣٥ و٢٧: ٢٥ وص ٢: ٢٣ و٣٦ و٣: ١٥ و٧: ٥٢

لم يسألهم رئيس الكهنة لا تصريحاً ولا تلميحاً عن أمر خروجهم من السجن حذراً من إعلان المعجزة واقتصر على أن سألهم عن سبب مخالفتهم أوامر المجلس (ص ٤: ١٨).

بِهٰذَا ٱلٱسْمِ أبى أن يقول يسوع كرهاً وازدراء.

مَلأْتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ هذه شكواه الأولى عليهم وهي إقرارٌ بأمانتهم في التعليم وعظمة تأثيره في الشعب.

تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هذه شكواه الثانية عليهم وهي أنهم يقنعون الشعب بأن الرؤساء قتلوا برياً وأنهم اعتدوا على الله وعرّضوا أنفسهم لنقمته بقتلهم المسيح. فقولهم هنا يختلف كل الاختلاف عن قولهم أمام بيلاطس «دمه علينا وعلى أولادنا» (متّى ٢٧: ٢٥). والرسل لم يبتغوا بما علمونا أن يهيجوا الشعب على الرؤساء بدليل أنهم لما خاطبوا الشعب أبانوا له أن مذنب بقتله وأما ما قالوه على الرؤساء في هذا خاطبوهم به مواجهة (ص ٢: ٣٦ و٣: ١٣ و١٤ و٤: ١٠).

هٰذَا ٱلإِنْسَانِ أي يسوع ولم يذكره ادّعاء أنه لا يستحق أن يسمّى.

٢٩ «فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَٱلرُّسُلُ: يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلنَّاسِ».

ص ٤: ١٩

أبان الرسل بجوابهم أولاً أن أمر الله فوق أمر المجلس كقول بطرس في (ص ٤: ١٩ و٢٠).

يُطَاعَ ٱللّٰهُ أي أمره بفم يسوع ثم بفم الملاك الذي أخرجهم من السجن.

ٱلنَّاسِ أي أنتم وإن كنتم أعضاء المجلس الكبير. وليس في ذلك إنكار لسلطان المجلس بل بيان أن سلطان الله أعظم. وهذا مبدأ الحرية المسيحية اعتمده كل شهداء الكنيسة وشهودها.

٣٠ «إِلٰهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ ٱلَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ».

ص ٣: ١٣ و١٥ و٢٢: ١٤ ص ١٠: ٣٩ و١٣: ٢٩ وغلاطية ٣: ١٣ و١بطرس ٢: ٢٤

إِلٰهُ آبَائِنَا إضافة إلى الآباء بياناً أنهم لم ينادوا بديانة جديدة تنافي الديانة القديمة لكن إله الإنجيل هو إله التوراة ودين المسيح وارث كل ما في دين الآباء والأنبياء وملوك العهد القديم.

أَقَامَ أي أحيا بعد الموت.

ٱلَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ هذا قيد معين لمن أُقيم وبيان أنهم لم يرجعوا عما نسبوه إلى الرؤساء من قتل المسيح ولم يخافوا من قولهم «وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هٰذَا ٱلإِنْسَانِ» (ع ٢٨) ونسبوا ذلك القتل إليهم لأنهم علته. ومع أن الرسل أثبتوا على رؤساء اليهود أنهم قتلوا المسيح بشروهم في الآية التالية بالرحمة والغفران.

مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ بتسليمكم إيّاه إلى بيلاطس ليصلبه. وتسمية الصليب «بالخشبة» مبنية على ما في (تثنية ٢١: ٢٣) وسماه بذلك بطرس في خطابه لكرنيليوس (ص ١٠: ٣٩) وبولس في (غلاطية ٣: ١٣).

٣١ «هٰذَا رَفَّعَهُ ٱللّٰهُ بِيَمِينِهِ رَئِيساً وَمُخَلِّصاً، لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ ٱلتَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا».

ص ٢: ٣٣ و٣٦ وفيلبي ٢: ٩ وعبرانيين ٢: ١٠ و١٢: ٢ ص ٣: ١٥ متّى ١: ٢١ لوقا ٢٤: ٤٧ وص ٣: ٢٦ و١٣: ٣٨ وأفسس ١: ٧ وكولوسي ١: ١٤

رَفَّعَهُ ٱللّٰهُ انظر شرح (ص ٢: ٣٣) هذا عكس ما فعله الرؤساء فإنهم أهانوه إلى الغاية والله أكرمه كل الإكرام لا لتبرئته وتمجيده فقط بل ليقدره فوق ذلك على إجراء عمل الفداء.

بِيَمِينِهِ أي بقوته ويحتمل الأصل «إلى يمنيه» فيكون المعنى محل الشرف والسلطان.

رَئِيساً انظر شرح (ص ٣: ١٥) والمراد أنه جعله ملكاً لمملكته الروحية وهي كنيسته في الأرض والسماء. ويلزم من كونه كذلك أنه قادر وغنيٌ فتجب الطاعة له والثقة بأنه يستطيع أن يهب التوبة والمغفرة.

مُخَلِّصاً من الخطيئة وعاقبتها (متّى ١: ٢١) فيستحق أن يتكل عليه من يرغب في النجاة من الإثم. وما نسبه الرسل هنا إلى يسوع من الرئاسة والتخليص صفتان مختصتان بالمسيح الموعود به وبرهان على أن يسوع هو بعينه. والكلام هنا على شيء مضى لا على أمرٍ في المستقبل.

لِيُعْطِيَ إِسْرَائِيلَ ٱلتَّوْبَةَ معنى «إسرائيل» هنا أولاده أي اليهود. ونعمة التوبة التي وهبها الله للإسرائيليين وهبها للأمم أيضاً لكنه خصّ إسرائيل بالذكر لأن الإنجيل عُرض أولاً عليهم ولأن المخاطبين هنا يهود. وهذه النعمة من النعم التي يهبها المسيح بعد ارتفاعه. وكانت المناداة بالتوبة من تعاليم يوحنا المعمدان (متّى ٣: ٢) وتعاليم المسيح ورسله قبل الصلب ولكن بعد صعود المسيح وحلول الروح القدس أُعلنت المغفرة للتائبين أوضح إعلان ومُنحت النعمة للتوبة بوفرة.

وَغُفْرَانَ ٱلْخَطَايَا غاية الإنجيل بيان العلاقة بين التوبة والمغفرة وكلاهما برهان على إتمام عمل الفداء ويوضح ذلك ثلاثة أمور:

الأول: أنه يلزم من ذلك أن الله قبل موت المسيح على الصليب كفارة كافية ففتح باب المغفرة للتائبين.

الثاني: أنه يلزم منه أن المسيح أخذ كل سلطان في السماء والأرض لأن مغفرة الخطايا مما يختص بالله ونوالها من خواص الناس.

الثالث: أن منح التوبة والمغفرة يدل على أن الروح القدس قد أُعطي وهذا من نتائج إتمام عمل الفداء.

وكون المسيح يهب المغفرة التي يختص منحها بالله دليل على أنه الله (مزمور ١٣٠: ٤ وإشعياء ٤٣: ٢٥ ودانيال ٩: ٩).

٣٢ «وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ بِهٰذِهِ ٱلأُمُورِ، وَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَيْضاً، ٱلَّذِي أَعْطَاهُ ٱللّٰهُ لِلَّذِينَ يُطِيعُونَه».

يوحنا ١٥: ٢٦ و٢٧ ص ٢: ٤ و١٠: ٤٤

وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ عيننا الله للشهادة ولذلك لا نستطيع أن نسكت (ص ١: ٨ و٢١ و٢٢ و٢: ٣٢ و٣: ١٥ و٤: ٢٠ ولوقا ٢٤: ٤٨).

بِهٰذِهِ ٱلأُمُورِ وهي قيامته بعد موته على الصليب وصعوده إلى السماء وارتفاعه إلى يمين الله والمناداة بالخلاص وشروطه.

وَٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ أَيْضاً وهذا الشاهد أصدق من كل البشر لأنه الله وأعلن شهادته يوم الخمسين بآيات ظاهرة من الألسن النارية والتكلم بلغات مختلفة وصوت كهبوب ريح عاصفة (ص ٢: ١ - ٤) وأعلنها أيضاً بتأثيره في قلوب الناس بأن قادهم إلى التوبة والإيمان (ص ٢: ٤١ و٤: ٤ و٥: ١٤) وبالمعجزات التي أجراها على أيدي الرسل وهو فوق ذلك يشهد في قلوب المؤمنين (رومية ٨: ١٦ وغلاطية ٤: ٦ و١يوحنا ٣: ٢٤). وذلك كله دليل قاطع على أن المسيح غلب الموت وصعد إلى السماء وأرسل الروح القدس كما وعد.

لِلَّذِينَ يُطِيعُونَه بقبول شهادته أن يسوع هو المسيح وهذا يستلزم أن أولئك الصدوقيين المتكبرين القساة يمكنهم أن ينالوا البركات المذكورة إذا شاءوا.

نجاة الرسل بواسطة مشورة غمالائيل ع ٣٣ إلى ع ٤٢
٣٣ «فَلَمَّا سَمِعُوا حَنِقُوا، وَجَعَلُوا يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ».

ص ٢: ٣٧ و٧: ٥٤

فَلَمَّا سَمِعُوا أي الصدوقيون كلام الرسل في تكرار الحكم عليهم بأنهم قتلة المسيح وفي بيان على أنهم لم يسكتوا على وفق أمرهم والوعظ بيسوع أمامهم.

حَنِقُوا اغتاظوا غيظاً شديداً وعلة غيظهم تطاول أولئك الصيادين عليهم وهم في المحاكمة متهمين بأن نسبوا إلى الرؤساء أفظع الآثام. وكان حنق الصدوقيين أعظم لأن تعليم الرسل سند اعتقاد الفريسيين القيامة.

يَتَشَاوَرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ عزموا على ذلك في قلوبهم بلا حكم مجلسي وأظهروا ذلك بالإمارات والأقوال وكان موضوع تشاورهم كيفية قتل الرسل.

وعلى ما ذُكر يتبين أن الكنيسة المسيحية الصغيرة كانت يومئذ في شديد الخطر لأن كل مدبريها كانوا بين أيدي أرباب المجلس الذين امتلأت قلوبهم حنقاً عليهم وعزموا على قتلهم والذي منعهم من ذلك أمر أعجب من إطلاق الملاك إيّاهم من السجن وهو محاماة غمالائيل عنهم.

٣٤ «فَقَامَ فِي ٱلْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ ٱسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ، مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ، مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ، وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ ٱلرُّسُلُ قَلِيلاً».

ص ٢٢: ٣

فَقَامَ كعادتهم في الخطاب المجلسي.

فِي ٱلْمَجْمَعِ أي مجلس السبعين.

فَرِّيسِيٌّ انظر شرح (متّى ٢: ٧) وهو من فرقة تعتقد القيامة التي ينكرها الصدوقيون.

غَمَالاَئِيلُ اسم شائع بين اليهود. الظاهر أن هذا الرئيس كان مائلاً إلى الحرية الدينية أكثر من سائر أعضاء المجلس وأنه كان أحلم منهم يحب العدل والإنصاف لكن لا دليل على أنه تنصر بعد ذلك. وقيل أنه حفيد الرباني المشهور المسمّى هليل وأن خليفة هليل ابنه سمعان أبو غمالائيل وظن البعض أن سمعان هذا هو الشيخ الذي حمل المسيح على ذراعيه في الهيكل (لوقا ٢: ٣٢) ولكن ليس من دليل قاطع على صحة ذلك. والأرجح أن غمالائيل أحد مشاهير اليهود السبعة في تواريخهم. ولا بد من أنه سمع مشورة نيقوديموس في المجلس من جهة يسوع (يوحنا ٧: ٥٠ و٥١) ولعله كان كنيقوديموس ويوسف الرامي في أنهما لم يكونا موافقين لرأي الرؤساء وعملهم في قتل المسيح (لوقا ٢٣: ٥١).

مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ أي توراة موسى (متّى ١٥: ٣) وهو من الكتبة الذين يكتبون الكتاب ويفسرونه ويشرحون التقاليد ولشهرة هذا المعلم قصده شاول (أي بولس) من طرسوس ليأخذ العلم عنه (ص ٢٢: ٣).

مُكَرَّمٌ لعلمه وحكمته وتقواه وعلى ذلك يكون رأيه عندهم معتمداً.

أَنْ يُخْرَجَ ٱلرُّسُلُ كعادة المجالس عند المذاكرة (ص ٤: ١٥) لكي لا يسمع المشكو عليهم ما يتكلمون. ولعل غمالائيل أمر حينئذ بإخراجهم لمعرفته أن وجودهم في المجلس يهيج حنق الصدوقيين فلا يستطيعون أن يسمعوا مشورته ويتدبروها ولكي لا يطمع الرسل في معصية المجلس بناء على محاماته عنهم.

٣٥ «ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِسْرَائِيلِيُّونَ، ٱحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هٰؤُلاَءِ ٱلنَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا».

ٱحْتَرِزُوا لا تفعلوا شيئاً بالغيظ خوفاً من الجور على الناس ومن غضب الله عليكم.

فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا أي في الحكم عليهم بالموت والتشاور في الوسائل إلى ذلك. واستنتج أن ذلك مقصودهم من إمارات وجوههم ومن أقوالهم.

٣٦ «لأَنَّهُ قَبْلَ هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ، ٱلَّذِي ٱلْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ ٱلرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ، ٱلَّذِي قُتِلَ، وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ ٱنْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ».

غاية غمالائيل أن يردهم عن عزمهم على قتل الرسل (ع ٣٨) وأورد لهم مثلين في (ع ٣٧ و٣٨) بياناً أنه إن كان الرسل خادعين تلاشت قوتهم بعد قليل ولم يبق لهم من أثر وإن كانوا صادقين فالمقاومة لهم عبث وأثم.

قَبْلَ هٰذِهِ ٱلأَيَّامِ المدة غير معينة.

قَامَ أي للثورة والعصيان.

ثُودَاسُ اسم شائع بين اليهود لم يُذكر في غير هذا الموضع ولكن ذكر يوسيفوس المؤرخ اليهودي إنساناً آخر بهذا الاسم عصى الدولة الرومانية لكنه كان بعد خمس عشرة سنة من تلك المحاكمة وتبعه ألوف لكن هذا لم يتبعه سوى أربع مئة.

قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ لعله ادعى أنه نبي أو أنه المسيح المنتظر لأن الذين ادعوا ذلك في تلك الأيام كانوا كثيرين.

ٱلْتَصَقَ بِهِ أي آمن به واتّبعه.

صَارُوا لاَ شَيْءَ فمع أن ذلك الرجل نجح في أول أمره كانت عاقبته الهوان والانكسار والموت. وغاية غمالائيل من هذه القصة التلميح إلى أنه تكون آخرة الرسل كآخرة ثوداس.

٣٧ «بَعْدَ هٰذَا قَامَ يَهُوذَا ٱلْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ ٱلٱكْتِتَابِ، وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْباً غَفِيراً. فَذَاكَ أَيْضاً هَلَكَ، وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ ٱنْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا».

لوقا ٢: ١

ذكر يوسيفوس ثلاثة رجال اسم كل منهم يهوذا أثاروا الفتن مدة أربع سنين فخص بالذكر واحداً منهم وعيّنه بأنه جليلي كما في هذا الخطاب إلا أنه قال وُلد في جمالة وسكن في الجليل. فالأرجح أن هذا هو الذي ذكره غمالائيل.

أَيَّامِ ٱلٱكْتِتَابِ هذا ليس الاكتتاب الذي ذُكر في (لوقا ٢: ١) لأن ذلك كان عند ميلاد المسيح وأما هذا فبعده بنحو ست سنين أو سبع وفيه أمر أوغسطس قيصر أمبراطور الرومانيين بأخذ الجزية من كل اليهود فقاوم يهوذا ذلك وهيّج الشعب للمقاومة على أن تأدية الجزية لملك أرضي نفي معاهدتهم لله اللمك السماوي (متّى ٢٢: ١٧). قال يوسيفوس أن الثورة عُظمت يومئذ فأزالها الرومانيون بالقوة وقتلوا كثيرين من العصاة في الحرب وصلبوا كثيرين من الأسرى بعد ذلك. وغاية غمالائيل من هذا الخبر كغايته من الخبر الذي قبله.

٣٨ «وَٱلآنَ أَقُولُ لَكُمْ: تَنَحَّوْا عَنْ هٰؤُلاَءِ ٱلنَّاسِ وَٱتْرُكُوهُمْ! لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هٰذَا ٱلرَّأْيُ أَوْ هٰذَا ٱلْعَمَلُ مِنَ ٱلنَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ».

إشعياء ٨: ١٠ ومتّى ١٥: ١٣

تَنَحَّوْا عَنْ هٰؤُلاَءِ أي دعوهم وشأنهم ولا تقاوموهم لأن مقاومتهم إما لا داعي إليها وإما لا نفع منها. علم غمالائيل لنباهته أن المقاومة كثيراً ما تعظم الأمور الزهيدة الخلافية وأن تركها يؤول إلى فتور المقاومين وتوانيهم وإما إتيانها فيهيّج الغيرة والتعصب.

هٰذَا ٱلرَّأْيُ أي قصد الرسل أن يخدعوا ويكذبوا بأن يسوع قام من الأموات وأنه المسيح.

هٰذَا ٱلْعَمَلُ الذي أتاه الرسل ليثبتوا رأيهم.

مِنَ ٱلنَّاسِ دون الله.

يَنْتَقِضُ أي يبطل بدون اجتهادكم كما يتضح من المثالين اللذين أوردتهما لكم.

٣٩ «وَإِنْ كَانَ مِنَ ٱللّٰهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ، لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ لِلّٰهِ أَيْضاً».

أمثال ٢١: ٣٠ ولوقا ٢١: ١٥ و١كورنثوس ١: ٢٥ ص ٧: ٥١ و٩: ٥ و٢٣: ٩

وَإِنْ كَانَ مِنَ ٱللّٰهِ أي إن كان الله منشئه.

فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ لأن الله غير متغير في رأيه وقادر على عمله. وقد ثبت بمقتضى هذا القانون الذي ذكره غمالائيل صحة الدين المسيحي لأن الناس استفرغوا المجهود في أن يلاشوه بهزئهم والسجون والسيف ولم يستطيعوا ملاشاته.

تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ لِلّٰهِ بمقاومتكم الرسل الذين أرسلهم وتكون تلك المقاومة إثماً وعبثاً وعلى الفرضين يجب ترك المقاومة.

ومن العجب أن يكون هذا الإنسان مثل تلك الحكمة لتقديم مثل هذا النصح. ذهب بعضهم إلى أنه كان مسيحياً في القلب ولكن لا دليل على ذلك. والظاهر أنه إنسان نبيه يحب العدل والإنصاف استخدمه الله ليجري مقاصده ويحمي كنيسته من الإبادة ولكنه لم يتكلم بالوحي وكلامه ليس بقانون ديني لأنه ليس بقاعدة مطردة أن الضلالة لا تنجح لأنه قد نجحت أحياناً نجاحاً عظيماً ولكن لا بد للحق أخيراً من أن يغلب الباطل فلا يجوز لنا أن نجعل نجاح ديانة من الديانات دليلاً على صحتها وعدم نجاحها في الحال دليلاً على بطلانها. وإذا اعتقدنا بطلان أحد التعاليم وجب أن لا نتنحى عنه كل التنحي لكي يتلاشى من نفسه بل أن نبطله بالوسائط الأدبية لا بالوسائط السياسية. فقانون غمالائيل لم يستوف كل واجبات أعضاء المجلس لأنه كان يجب عليهم باعتبار أنهم رؤساء الشعب في الدين أن يبحثوا عن صحة دعوى الرسل ويسلموا بها بعد الإثبات لوفرة الوسائل إلى ذلك.

٤٠ «فَٱنْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعَوْا ٱلرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ، وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِٱسْمِ يَسُوعَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ».

تثنية ٢٥: ٢ ومتّى ١٠: ١٧ و٢٣: ٣٤ ومرقس ١٣: ٩ ص ٤: ١٨

فَٱنْقَادُوا إِلَيْهِ لما ظهر لهم من الحكمة في نصحه ولاعتبارهم إيّاه فعدلوا عن قصدهم قتل الرسل لكنهم لم ينقادوا إلى تركهم أبداً.

وَجَلَدُوهُمْ أربعين جلدة إلا جلدة كما جُلد بولس خمس مرات (٢كورنثوس ١١: ٢٤). وهذا إتمام لنبوءة يسوع (متّى ١٠: ١٧) وعلّة جلدهم إياهم خوفهم من سقوط اعتبارهم عند الشعب إذا صرفوهم بلا قصاص والأرجح أنهم أتوا ذلك أيضاً ليشفوا شيئاً من غيظهم. ولعلهم ظنوا أن الرسل يخجلون من الشعب لجلدهم علناً فيكفوا عن التعليم حياء. ولأن ذلك كان عندهم عاراً شديداً نهى الرومانيون عن جلد إنسان روماني.

وَأَوْصَوْهُمْ الخ كما غفلوا سابقاً مرتين بلا فائدة (ص ٤: ٨ و٥: ٢٨).

٤١ «وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ ٱلْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ ٱسْمِهِ».

متّى ٥: ١٢ ورومية ٥: ٣ و٢كورنثوس ١٢: ١٠ وفيلبي ١: ٢٩ وعبرانيين ١٠: ٣٤ ويعقوب ١: ٢ و١بطرس ٤: ١٣ و١٦

فَرِحِينَ لا خجلين كما توقّع المجلس أن يكون ولم تكن علة فرحهم ألم الضرب والإهانة بالضرورة بل خمسة أمور:

الأول: أنهم قاسوا ذلك وهو يجرون إرادة الرب.

الثاني: أنهم ماثلوا به سيدهم الذي تألم بمثله لأجلهم (قابل هذا بما في ٣: ١٠ وكولوسي ١: ٢٤ و١بطرس ٤: ١٣).

الثالث: أنهم اتخذوا ما أصابهم دليلاً على أنهم أصدقاء المسيح وتابعوه على وفق قول بولس في نفسه «إَنِّي حَامِلٌ فِي جَسَدِي سِمَاتِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ» (غلاطية ٦: ١٧) وعلى وفق أنباء سيدهم بأنهم يُضطهدون من أجل اسمه (متّى ١٠: ١٧ و٢٢ انظر أيضاً ٢كورنثوس ١٢: ١٠ وفيلبي ١: ٢٩ ويعقوب ١: ٢).

الرابع: معرفتهم أن احتمالهم الاضطهاد من جملة الوسائل إلى انتشار الإنجيل.

الخامس: معرفتهم أنه أُعد لهم إكليل المجد إثابة لهم على شدائدهم وعلى هذا امتثلوا لأمر المسيح وهو قوله «اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ» (متّى ٥: ١٢).

لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أي عدّهم الله أهلاً لينوبوا عن المسيح في احتمال الشدائد كما عدهم أهلاً للنيابة عنه في التعليم فكانوا شهوداً بالحق كما كانوا شهداء فيه. وكذلك رؤساء اليهود حسبوهم نواباً عن المسيح فعاملوهم معاملتهم إيّاه.

أَنْ يُهَانُوا بالجلد. كان قصد الرؤساء إهانتهم بذلك وكذا اعتبره العامة وأما الرسل فاعتبروه شرفاً لما ذُكر في نهاية الآية.

مِنْ أَجْلِ ٱسْمِهِ اضطهد الرسل أعداؤهم لاعترافهم باسم يسوع وأما هم ففرحوا بما أُهينوا لأن ذلك الاسم تمجّد باحتمالهم الإهانة بالصبر. وما برح أهل العالم من ذلك الوقت إلى هذه الساعة يضطهدون الذين تسموا باسم المسيح فإنهم سجنوهم وجلدوهم واتهموهم بأفظع الجنايات وسلبوا أموالهم وعذبوهم وقتلوهم بالإحراق والسيف والصلب. وما برح المسيحيون من ذلك العهد إلى الآن يفرحون بالنوازل والأرزاء حباً لذلك الاسم المحبوب ويوقنون أنهم يُثابون قولاً وفعلاً (متّى ١٠: ٢٥ ويوحنا ١٥: ١٨ - ٢٠).

٤٢ «وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَفِي ٱلْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ».

ص ٢: ٤٦ و٤: ٢٠ و٢٩

لاَ يَزَالُونَ لم يمكن تهديد الرؤساء أن يمنع الرسل من التكلم علانية بالإنجيل ولا ما لاقوا منهم من الاضطهاد.

كُلَّ يَوْمٍ فِي ٱلْهَيْكَلِ انظر شرح (ص ٢: ٤٦).

وَفِي ٱلْبُيُوتِ (٢تيموثاوس ٤: ٢). الوعظ على المنابر بفصاحة ليس كل ما يجب على الرعاة فعليهم أيضاً أن يزوروا الناس ويعلموهم في البيوت ويخاطبوا المرضى في مضاجعهم ويرشدوا الأولاد.

مُبَشِّرِينَ هذه أول مرة لورود التبشير في سفر الأعمال بمعنى الوعظ ويسمى أيضاً «كرازة» (ص ٨: ٥ و١٠: ٣٧) و «مناداة» (ص ٤: ٢ و١٧: ١٨) و «تعليماً» (ص ٢: ٤٢ و٤: ٢ و١٨) و «شهادة» (ص ٤: ٣٣ و٢٣: ١١).

 

 

This site was last updated 10/18/21