تفسير (متى 27: 5) . : فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ، ثم مضى وخنق نفسه
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " فَطَرَحَ ٱلْفِضَّةَ " فعل ذلك لأن المال الذى كان يرغب فيه في أول الأمر كرهه في نهايته كان المال سبب خيانته فطرح السبب وظل الذنب وألإثم متشبثا فى نفسه لا يفارقه وأصبح ذنبه أكبر من أن يحتمل غضب وألقى الدراهم على أرض الهيكل (يعقوب 1: 20 )" لان غضب الانسان لا يصنع بر الله " لم يكن فى إمكانه طرح ذنب الخيانة عن نفسه بطرحه الفضة من يديه. فالخاطئ الذي لا يغفر المسيح له لا بد من أن يأخذ أجرة خطيته ، وهي الحزن واليأس والموت، لأن الذي يزرع للجسد فمن الجسد يحصد فساداً. وأمثلة ذلك عخان وجيحزي وحنانيا وسفيرة ويهوذا. ونتعلم من هذا أنه مهما ربح الإنسان من الخطية اختلاساً من الناس بالخداع، أو اختلاساً من الله بتدنيسه يومه، ففرحه بذلك الربح لا يساوي حزنه من توبيخات ضميره، وذلك وفق قول الحكيم «كُنُوزُ الشَّرِّ لاَ تَنْفَعُ» (أمثال ١٠: ٢).
2) "فِي ٱلْهَيْكَلِ" هذه الكلمة اليونانية عادةً تشير إلى الضريح المركزي المؤلف من المقدس وقدس الأقداس كقسم منفصل عن منطقة الهيكل الكامل (يو ٢ :٩ ) أي مكان في الهيكل، وهو إما محفلهم (المكان الذى يجتمع فيه مجلس السنهدرين) هناك قبل انصرافهم وذهابهم إلى بيلاطس مع يسوع . والأرجح هو الأخير.
3) " وَٱنْصَرَفَ" من الهيكل ومن المدينة.
4) " وَخَنَقَ نَفْسَهُ" لم يكن هذا دليلاً نصياً لاهوتياً عن الإنتحار الأن الإنتحار هو يأس من الرجاء والمغفرة أى أن ألإنسان ياس من الرحمة وكره الحياة وهو يحمل ذنبا أكثر من طاقته ليحتمله أو قد يكون بسبب الكرامة أو العار .... ألخ هناك عدة حوادث انتحار مذكورة في العهد القديم: ( قض ٩ ٥٤؛ ١٦ :٣٠؛ ١ صم ٣١ :٤ ,٥؛ ٢ صم ١٧ :٢٣؛ ١مل ١٦ :١٨ ) (٢صموئيل ١٧: ٢٣ ) 23 واما اخيتوفل فلما راى ان مشورته لم يعمل بها شد على الحمار وقام وانطلق الى بيته الى مدينته واوصى لبيته وخنق نفسه ومات ودفن في قبر ابيه" .لا شيء سلبي قيل عن هذه الأعمال.
شعر يهوذا بأن حياته حملٌ لا يطاق فإنه أملَ أن يستريح بطرح الفضة، فلم يجد راحة. فرأى بعد ذلك أن يقتل نفسه بغية الراحة، وخاب أيضاً، لأنه لا ملجأ من اليأس إلا جنب المسيح المطعون. والقبر ليس الخلاص من الخطية . وقصة يهوذا تذكرنا بقصة شاول الملك خاصة في ندامته بعد أوانها وفي قتله نفسه : "فأخذ شاول السيف وسقط عليه" (1صم 31: 4) أي أن شاول مات منتحرًا.ود- عندما شاهد حامل سلاح شاول ما حدث انتحر هو أيضًا: "ولما رأى حامل سلاحه أنه مات شاول سقط هو أيضا ًعلى سيفه ومات معه" (1صم 31: 5)
خطية بلا غفران وإنتحارا بلا رجاء (مت 26: 24) إن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه، ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان. كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد!».
رواية موت يهوذا في أع ١ :١٨ لا تتناقض مع رواية متى ولكن تكملها. من الواضح أن يهوذا خنق نفسه فوق جرف صخري وفيما بعد انقطع الحبل وسقط جسده وانفتح.
ذكر متّى هنا أن يهوذا خنق نفسه ولم يذكر شيئاً ما حدث بعد ذلك . وأما بطرس فقال في مخاطبته التلاميذ بعد نحو أربعين يوماً «فإن هذا (أي يهوذا) اقتنى حقلاً من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه انشقَّ من الوسط، فانسكبت أحشاؤه كلها» (أعمال ١: ١٨). ونستنتج من كل ما ذُكر أن يهوذا علَّق نفسه فوق مكان شاهق، فانقطع الحبل فهوى وكان ما كان. من أعلى منطقة فى حقل الفخار ىالذي هو عبر وادي هنوم جنوب أورشليم تجاه جبل صهيون.
(أعمال 1: 16- 19) «ايها الرجال الاخوة، كان ينبغي ان يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود، عن يهوذا الذي صار دليلا للذين قبضوا على يسوع، 17 اذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. 18 فان هذا اقتنى حقلا من اجرة الظلم، واذ سقط على وجهه انشق من الوسط، فانسكبت احشاؤه كلها. 19 وصار ذلك معلوما عند جميع سكان اورشليم، حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم «حقل دما» اي: حقل دم.
ربما أطلق عليه حقل دم لأن حقل فخارى كانوا يأخذون منه التراب الأحمر لصناعة الفخار والذى يشبه الد أو لأنه دفع فيه ثمن دم يسوع
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى تفسير انجيل متى - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد
يظهر انه تخاصم معهم كثيراً ليأخذوا الفضة فما أخذوها فغضب وطرحها في الهيكل ومضى فخنق نفسه كما قال متى اما لوقا فكتب في اللابركسيس انه انشق من وسطه فانسكبت احشاؤه كلها . والقولان صحيحان الخنق وسكب الاحشاء . وكل من الانجيليين اخبر عن حادثة . فحادثة الخنق هي انه بعد ما طرح الفضة في الهيكل مضى ووضع الحبل في عنقه عند غاب يقال له غاب القصب واتفق عبور اناس مجتازين فرأوه معلقاً قبلما يختنق فحلوه . وزعم بعضهم ان الحبل انقطع به وبقي حياً وبعد مدة قليلة مرض وتورم حتى لم تستطع العجلة ان تحمله وان رأسه انتفخ واجفان عينيه تورمت ودودت ونتنت . وقال افيفانيوس انه عاش أربعين يوماً بعد الصليب وانه انشق من وسطه فانسكبت احشاؤه . وقال آخرون انه مات في تلك الحالة وما دفنوه لان من كان يخنق نفسه لم يكونوا يدفنونه . ولما نتن واكره بني القرية اضطروا هؤلاء ان يخرجوه من القرية في سريره واذ رفعوه سقط وانشق من وسطه الخ . وبعد دفنه كانت رائحة النتنة تصعد من بيته فتضرع بأهل قريته فهدموا بيته واستأصلوه من الاساس واخرجوا التراب والحجارة من هناك وكمل فيه ما كتبه لوقا في كتاب الابركسيس ( لتصر دارهم خراباً ولا يكون فيها ساكن اع 1:20 ).