تفسير (متى 5: 22) 22 واما انا فاقول لكم: ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه: رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال: يا احمق يكون مستوجب نار جهنم.
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
قصد المسيح بقوله هذه الاية ما فى القلب لا مجرد النطق بالفم، فوجه كلامه إلى تفسير وفتاوى الكتبة والفريسيين مثل التى وردت فى (مت 23: 17- 19) ومن توجيه بولس مثل ذلك إلى الملحد (1كور 15: 36) " ياغبي! الذي تزرعه لا يحيا ان لم يمت. " بعد أن ذكر المسيح تعليم الفريسيين في هذه الوصية شرحها شرحاً أوسع من شرحهم، لأنهم حددوا القتل في شرحهم بأنه القتل الفعلي وعمداً. ولكن المسيح لم يقف عند العمل الخارجي والنتيجة التى أدت إلى القتل بل تطرق أيضاً إلى النوايا الشريرة التي سببت ذلك. ولأن البغض الذي يتربى في القلب يقود إلى القتل، ويدخل تحت هذا الحكم. فعند الرب يتساوى الانفعال الداخليمع العمل الخارجي سواء أنتج عن الإنفعال قتل أم لم ينتج عنه
1) "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ " لا يقص المسيح ككلمة الرب الإله أن يقارن بين القول الذى سيقوله بقول موسى «لا تقتل» لأنه يسوع المسيح هو الذى اوحى لموسى بهذه الوصية بل مقارنته بشرح وتفسير وفتاوى افريسيين والكتبة الذي بتضيق معنى الوصية على من قتل عمداً وفعلاً.2) "عَلَى أَخِيهِ " حدد المسيح مفهوم الأخ أو الأخت فى المسيحية فقال " "مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي" (إنجيل متى 12: 50؛ إنجيل مرقس 3: 35) " مَنْ يُحِبُّ أَخَاهُ يَثْبُتُ فِي النُّورِ وَلَيْسَ فِيهِ عَثْرَةٌ"(1 يو 2: 10).واشارت آيات أطلق عليها آيات "المحبة الأخوية" فى العهد الجديد إلى التعامل مع الأخوة اى الذين يؤمنون بالمسيح وأعلن المسيح عن وصية جديدة " وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. (يو 13: 34- 35) وكانت الكنيسة الأولى تعيش هذه المحبة الأخوية بدون تعليم من التلاميذ والرسل " وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْفُسَكُمْ مُتَعَلِّمُونَ مِنَ اللهِ أَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. (1 تس 4: 6) وتكررت عبارة "المحب الأخوية" أيضا فى (1 بط 1: 22) ونموذج نعامل الإنسان المسيحى مع من حوله ورد فى (كول 3: 12- 13) فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، ١٣ مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا."
3) " بَاطِلاً " يُدان الناس على القتل عمداً وفعلاً، ولكن يبدأ القتل بالفكر والنوايا الشريرة التي تقودهم الترصد ثم إلى القتل.
4) " يغضب" إذا كانت الوصية القديمة أشارت إلى نتيجة الوصية القتل الفعلى أما المسيح فقد اشار إلى سبب الفعل وذكر الإنجيل عن سبب كسر الوصية «كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ» (1يو 3: 15). والا ينهانا لكتاب المقدس عن الغضب فهناك غضب يظهر عندما يشاهد عملاً شريراً بشرط أن يكون بلا خطأ(أفسس 4: 26) اغضبوا ولا تخطئوا. لا تغرب الشمس على غيظكم، "ويجب أن يكون الغضب من الحدث أكثر مما على قاعله
5) " مستوجب الحكم " الكلمة المترجمة هنا «بالحكم» تشير إلى أصغر محاكم اليهود وهى مؤلفة من سبعة أعضاء (تث 16: 18) قضاة وعرفاء تجعل لك في جميع ابوابك التي يعطيك الرب الهك حسب اسباطك فيقضون للشعب قضاء عادلا. 6) " رَقَا " ذكر المسيح أولاً الحكم على انفعال البغض، وذكر هنا الحكم على كلام البغض. فمعنى «رقا» قد تعنى عبدا أو ضعيفا أو فارغ، وهي كلمة كان يستعملها اليهود وتعتبر شتيمة والتعيير، فهي علامة الغضب والاحتقار. بها عيَّرت ميكال داود حين رقص أمام التابوت (2 صم 6: 20) ورجع داود ليبارك بيته فخرجت ميكال بنت شاول لاستقبال داود وقالت ما كان اكرم ملك اسرائيل اليوم حيث تكشف اليوم في اعين اماء عبيده كما يتكشف احد السفهاء.(انظر الأصل العبراني واليوناني). إثم الإنسان يتنوع بحسب حالة قلبه. وعلى هذا القياس يستوجب القصاص هنا وفي المستقبل. وهذه الثلاثة «الغضب على الأخ» واستعمال كلمتي «رقا وأحمق» ليست كناية عن ثلاثة أنواع من الخطية تستوجب ثلاثة أنوع من القصاص «الحكم» «والمجمع» «ونار جهنم»، بل هي إشارة إلى انفعالات النفس المختلفة في قوتها، التي جميعها في عيني الله تستوجب الموت. فلا تمييز هنا بين خطايا عرضية وخطايا مميتة كما يزعم البعض، لأن كل الخطايا مميتة في عيني الله.
7) " ٱلْمَجْمَعِ " يُستعمل غالباً للإشارة إلى مجمع السنهدرن أو السنهدريم السبعيني الذي هو أكبر هيئة دينية عند اليهود. فهذا الذنب الذي يستخف به الفريسيون يحسبه المسيح مستوجباً حكم هذا المجلس الكبير. فنتعلم من ذلك أن كل كلمة بطالة وشتيمة سندان عليها (مت 12: 36) ".ولكن اقول لكم: ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابا يوم الدين "
8) " يَا أَحْمَقُ " هذه الكلمة تستعمل للاحتقار والغضب لأنها تضع الآخرين فى موضع أدنى شخصيا وفكريا ، وباستعمالها مُنع موسى وهارون من دخول أرض الميعاد (عد 20: 10) وجمع موسى وهرون الجمهور امام الصخرة فقال لهم اسمعوا ايها المردة.امن هذه الصخرة نخرج لكم ماء. (انظر الأصل العبراني واليوناني).
9) "نَارِ جَهَنَّمَ " هو المكان الذى أعده الرب للعقاب ويشار به كثيرا بـ وادي هنوم قرب أورشليم وعلى الجنوب الغربي منها حيث جرت العادة أن تحرق جثث المذنبين وبقايا ذبائح الهيكل (يش 18: 16) (أر 7: 31) وبنو مرتفعات توفة التي في وادي ابن هنوم ليحرقوا بنيهم وبناتهم بالنار الذي لم امر به ولا صعد على قلبي " وكانت النيران مضطرمة دائماً، فكانت رمزاً للعذاب الأبدي. وفي هذا الوادي قدمت الذبائح إلى الإله «مولوك» وقيل عن ملك احاز بن يوثام ملك يهوذا أنه (2مل 16: 3) سار في طريق ملوك اسرائيل حتى انه عبر ابنه في النار حسب ارجاس الامم الذين طردهم الرب من امام بني اسرائيل أى أنه عبد الإله مولوك مولوك Molech the God -(أع 7: 43) ويسمى ملكوم أي ملككم (1 مل 11: 5 وصف 1: 5) هو إله للعمونيين وكانوا يذبحون له ذبائح بشرية ولا سيما الأطفال. يقول الربيون أن ضمنه كان من نحاس جالسًا على عرش من نحاس وكان له رأس عجل عليه إكليل وكان العرش والصنم مجوفين وكانوا يشعلون في التجويف نارًا حامية جدًا حتى إذا بلغت حرارة الذراعين إلى الحمرة وضعوا عليها الذبيحة فاحترقت عاجلًا. وفي أثناء ذلك كانوا يدقون الطبول لمنع سماع صراخها. ومع أن الأنبياء نددوا تنديدًا شديدًا بهذه العادة الشنيعة سقط اليهود مرارًا في عبادة هذا الصنم ومارسوا عبادته هذه في توفة في وادي بني هنوم (2 مل 23: 10) وفي أماكن أخرى (خر 20: 26) وربما كانت لفظة الملك (اش 30: 33) مولوك (أع 7: 43) ويسمى ملكوم أي ملككم (1 مل 11: 5 وصف 1: 5) هو إله للعمونيين وكانوا يذبحون له ذبائح بشرية ولا سيما الأطفال. يقول الربيون أن ضمنه كان من نحاس جالسًا على عرش من نحاس وكان له رأس عجل عليه إكليل وكان العرش والصنم مجوفين وكانوا يشعلون في التجويف نارًا حامية جدًا حتى إذا بلغت حرارة الذراعين إلى الحمرة وضعوا عليها الذبيحة فاحترقت عاجلًا. وفي أثناء ذلك كانوا يدقون الطبول لمنع سماع صراخها. ومع أن الأنبياء نددوا تنديدًا شديدًا بهذه العادة الشنيعة سقط اليهود مرارًا في عبادة هذا الصنم ومارسوا عبادته هذه في توفة في وادي بني هنوم (2 مل 23: 10) وفي أماكن أخرى (خر 20: 26) وربما كانت لفظة الملك (اش 30: 33) وكعادة اليهود جعلوه مكان إلقاء كل أقذار المدينة.
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
اي أقول لكم ما لم يقله لكم الانبياء ولا غيرهم . وبقوله انا اقول لكم اعلن سلطانه وبما انه يضع النواميس فهو اله .
( ان من غضب على أخيه ) يعني من حسدٍ او حقدٍ او بغضة . فالذي يغضب باطلاً يدان باطلاً . فحيث يجب الغضب نغضب فلا ندان كمثل بولس اذ غضب على الغلاطين والقورنشيين فشفاهم وهداهم الى الصواب . فنحن كذلك يجب علينا ان نغضب على الاشرار لكي يصطلحوا . وايضاً يجب ان نغضب على الشيطان لانه يزرع فينا زرعاً شريراً . فكأنه يقول ان الناموس يمنع القتل وانا امنع الغضب الذي يولّد القتل . فذاك قطع الاغصان وانا اقلع اصل الشر . فيسمي عموم الناس أخوته . ثم ان الذين يرزلون العتيقة يقولون ان كان الله صالحاً فلماذا قال العين بالعين . فنجيبهم انه تعالى قد وضع الوصية والجود والرحمة حتى اذا خفنا لئلا نجازي نمتنع عن اخراج عين غيرنا . ولولا هذا الناموس لحدثت شرور كثيرة . ثم ان كان احدا يظن ان قتل القاتل هو شر فكم بالاحرى يظن امر ربنا بقوله ان من غضب على اخيه باطلاً يقتل . فاذاً لا الاوليات صعاب ولا الاخريات والله فارض الاثنين . ويثبت ذلك من قوله اني اعطيكم عهداً جديداً لا كالعهد الذي اعطيت لابائكم
فالسريانيون يفسرون راقا بمعنى حقير أي مرذول واليونانيون يفسرونها بمعنى انت يا فلان . ومضمونها الافتخار فقائلها اذاً يجب عليه الحكم وفي يوم الانتقام يكون محكوماً عليه ويخزى امام جمهور الملائكة وبني البشر . ( ومن قال يا احمق ) يعني غير عارف وبلا عقل ولا تمييز فقد وجبت عليه نار جهنم لانه اخرج اخاه من رتبة الناطقين وجعله في عدد غير الناطقين . فالقول يا جاهل يقال عن الجسد والقول يا احمق عن النفس التي هي صورة الله . لاجل ذلك جعل دينونتها أعظم من القول ياجاهل .