تفسير (متى 9: 2) واذا مفلوج يقدمونه اليه مطروحاً على فراش . فلما رأى يسوع ايمانهم قال للمفلوج : “ ثق يا بني . مغفورة لك خطاياك “ .
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
وردت معجزة شفاء مفلوج كفر ناحوم فى ثلاثة أناجيل (مر 2: 2- 12) و (لو 5: 18 - 26) و (مت 9: 2- 7)
فعل يسوع معجزات كثيرة جدا ولكن لم يذكرها الإنجيليين الأربعة كلها بل ذكروا المشهورة منها فقط واحيانا كانا يذكرون أنه فعل معجزات كثيرة بدون ذكرها بالتفصيل ( يوحنا 20: 30-31 ) "وايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم اذا آمنتم حيوة باسمه" (يوحنا 21: 24-25 ) "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. وتعلم ان شهادته حق. واشياء اخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة امين.وذكر متّى هنا هذه المعجزة لإثبات أن يسوع هو المسيح لأن متى كان من سبط لاوى . ولم يذكر متّى الحوادث بترتيب تاريخ حدوثها، بل قصد أن يجمع البراهين على قوة المسيح العجيبة الإلهية.
1) "مَفْلُوجٌ " أي مُصاب بداء الفالج (الشلل). راجع (مت 8: 6) والشلل قد يكون جزئى أو كلى أى يصيب كل عضلات الإنسان قيجعله طريح الفراش
2) "يُقَدِّمُونَهُ " ذكر مرقس (مر 2: 3 و 4) أن الذين قدموه ليسوع أربعة، وأنهم لما لم يتمكنوا من الوصول إلى المسيح بسبب ازدحام الناس عليه، صعدوا به على السطح ونقبوه ودلوه إلى أمام المسيح
3) "مَطْرُوح" دليلاً على أن المرض تمكن من كل جسمه فلا يستطيع الحركة وأصبج ضعيفا وعاجزا.
4) " رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُم " هنا يجب أن نتقف فقد رأى يسوع إيمان هؤلاء الأربعة عن طريق أعمالهم رأى يسوع إيمان الأربعة افى عملهم لأنهم حملوه من بيته وساروا به فى الشوارع وعندما وجدوا الناس مزدحمين حول يسوع لم ييأسوا طلعوا للسقف ونقبوه وأنزلوا المفلوج منه رأى يسوع ثقتهم فيه أنه الشافى رأى يسوع إيمانهم فى تعبهم رأى يسوع إيمانهم فى تفكيرهم وإصرارهم على يطلعوا للسقف رأى يسوع إيمانهم فى محبتهم للمفلوج أي إيمان المفلوج وإيمان أصدقائه الذين حملوه، رأى يسوع يمانهم فى تعبهم الذى كان بدون أجر فكان أجرهم هو تذكر ما فعلوه وعدم اكتراثهم بصعوبة الوصول إلى المسيح (مر 2: 4) (لو 5: 19)
5) "ثِقْ يَا بُنَيّ " لم يقل يسوع كلمة "يا بنى" لأحد إلا هذا المفلوج ما أطيب كلمة «يا بنيَّ» هنا، كلمة يا بنى دليل على محبة يسوع لهذا المشلول بمعنى هؤلاء الأربعة يحبونك ويتمنون لك الشفاء بثقتهم فى قوتى وأنا أحبك أيضا أنت أبنى بالتبنى .. المسيح أتى من أجل خاصته أبناء الله الذين هم ال اليهود وهذا المفلوج واحدا من شعبه من خاصته . إنه يقول له: تشجع وقم من الأموات فيضيء لك المسيح. «يا بُنيَّ» دليل حبه له، وشفقته عليه، وعلى العلاقة الجديدة بينهما بناءً على إيمانه.
لم يكتف المسيح بمدح إيمان الأربعة ومعهم المفلوج ، الذي بالرغم من الشلل الذى أصابه إلا أنه كان صحيح النفس ربما كان هو الذى اشار على أصدقاءه الأربعه بان يحملوه للمسيح، فزاده قوة بهذا الكلام. فكأنه قال له: تشجع وافرح بالرجاء. ولعل مرضه وشدة عجزه جعلاه ضعيف الأمل. ربما قال يسوع له يا بنى لأم اليهود يربطون المرض بالخطية فظهر يسوع بهذه الكلمة مقدار محبته لهذا المريض حتى ولو كان فى إعتقاد اليهود أنه خاطئ ويجب الإبتعاد عنه لأن عليه غضب الرب بمرضه ها بسبب خطيئته
ويُحتمل أن نفسه قلقت من ذلك المرض لأنها حسبته ضربة من الله على خطاياه، فجاء المسيح ليشفيه نفساً وجسداً، ويعيد إلى نفسه أحسن الرجاء.
6)" مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاك" قال يوحنا المعمدان عن يسوع "هذا هو حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم" (يو 1: 29) والمسيح يعتبر هو الحمل الذى كان يقدمه رئيس الكهنة عن الشعب فى يوم عيد يهودى مرة كل سنة هو عيد الكفارة (يوم الكفاره العظيم) يسمى أيضًا Yom Kippur يوم كيبور. يقع في اليوم العاشر من الشهر السابع المسمى ايثانيم אֵתָנִים... يعتبر أهم الطقوس التي ذكرت في سفر اللاويين وتشير هذه الطقوس بصراحة ووضوح إلى العهد الجديد ويعيد المسيحيين هذا اليوه فى جمعة الصلبوت كانت مراسيم يوم الكفارة رمزًا لدخول المسيح رئيس الكهنة الأعظم إلى السماء مرة واحدة بعد أن أكمل خلاص البشرية بدم نفسه (عب 9: 1 - 12، 24 - 28). كان رئيس الكهنة الذي يقدم الكفارة محتاجًا أن يكفر عن نفسه أولا، لأنه يخطئ كسائر البشر وبالتالي يحتاج إلى مغفرة خطاياه ورحمة الله... كان يقدم عن نفسه كبش محرقة وثور ابن بقر لذبيحة خطية. كان يقدم عن الشعب كبش لمحرقة وتيسين من الماعز أحدهما لذبيحة خطية، والأخر لعزازيل. ونلاحظ أن ذبائح رئيس الكهنة عن خطاياه أكثر من التي عن خطايا الشعب. ونحن نعلم أن الكاهن عندما يصلى في القداس يقول "عن خطاياي وجهالات شعبك" لأن الذي يعرف أكثر يطالب أكثر... كانت التقدمة التي يقدمها عن الشعب يشتريها الشعب من مال جماعة إسرائيل... وكانت ذبيحة الخطية أي الثور الذي هو عن خطية رئيس الكهنة، والتيس الذي هو عن خطايا الشعب كانت تحرق بلحمها وعظمها وجلدها حرقا كاملًا خارج المحلة، وليس على مذبح المحرقة داخل خيمة الاجتماع أ
ويسوع حامل خطية العالم حمل خطيئة لمفلوج ولأنه الديان فى نفس الوقت غفر للمفلوج خطيئته فالجميع زاغ وفسد وأعوزه مجد الرب وقصد المسيح أن يبرهن لشعبه أنه يهوه إلههم المكتوب عنه أنه يغفر جميع ذنوبهم ويشفي كل أمراضهم (مزمور 3:103) «وإذا قوم من الكتبة قد قالوا في أنفسهم هذا يُجدف». والتجديف التهمة التى صلب بسببها يسوع وهذه التهمة باطلة لأن ما فعله يسوع مكتوب فى توراه اليهود بما فيها برهان ألأوهيته ولنلاحظ أن مقاومة رؤساء الدين للمسيح تذكر هنا لأول مرة. وسنرى أنها اشتدت أكثر فأكثر. ولم يزل الشعب أقرب إلى قبول المسيح من رؤسائهم لأنهم تأثروا جدًا بمشاهدة سلطان كهذا ومجدوا الله
كان اليهود يعتقدون أن علة مرضه كانت خطيئته. ولكن كل الناس يخطئون ولكن ربط المرض بالخطية عند هذا المفلوج هذا ما اجتهد المسيح في إزالته (يوحنا ٩: ٣ ولوقا ١٣: ٢ - ٥). ولا نقول إن الخطية لا تسبب مرضاً، لكننا ننفي أن كل مرض نتيجة خطية معينة. وأحب المسيح أن يقرن شفاء الجسد بشفاء النفس من الخطية فالسبب الأساسى لتجسد يسوع هو حمله خطايا البشرية ومع مله ذا كان يشفى المرضى ويجبر منكسى القلوب ويطرد الأرواح الشريرة ليجعل الأول رمزاً للثاني وعربوناً له، وليبين أنه طبيب النفس وإهتم يسوع ب غفران الخطايا قبل شفاء الجسد خلافاً لعادة المسيح في الشفاء. وقد أبان هنا أن المغفرة هي البركة العظمى، وأنها تشتمل على سائر البركات. وقصد المسيح بذلك أن يحول أفكار الناس من الشفاء المرحلى والوقتى من لامرض إلى الشفاء الأسمى شفاء الروح من الخطايا ، وعندما سُئل أن يشفي جسد المفلوج أعطاه الشفائين. وإن كان للمسيح في حال اتضاعه على الأرض ذلك السلطان على الغفران، فبالأولى أن يكون له وهو مالك في المجد (أعمال ٥: ٣١).
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
ان هذا المفلوج هو غير المذكور في يوحنا . ويعرف من ان ذاك كان في اسطوان سليمان وهذا في كفرناحوم وذاك كان منذ 38 سنة مفلوجاًًً . وهذا غير مذكور عدد السنين التي بقي فيها مفلوجاًًً . وذاك لم يكن له من يخدمه وهذا كان كثيرون يخدمونه . لذلك قال قد شئت فاطهر . ولهذا مغفورة خطاياك . وقد ارتاى كثيرون غير القديس يوحنا وفيليكسينوس وموسى الحجري ان كلا المخلعين واحد . وكذا الانجيليون فانهم يذكرون مخلعا واحدا في القوانين . ثم ان الحاضرين لشدة ايمانهم بقدرة يسوع دلوه من سقف البيت . والمخلع من ايمانه سلم نفسه لينزل من فوق . اما الانجيليون الآخرون فقد كتبوا ان يسوع كان في البيت . ذلك ليعلمنا الاتضاع ويظهر انه غير محتاج لان يتمجد من الناس . ثم ان الخطايا كانت سبب مرض المخلع فكما ان الاعضاء الصحيحة اذا ربطت بالقيود لا تستطيع ان تاتي باقل حركة فكذلك المخلع فانه لسبب الخطايا قد انحلت وارتخت يداه ورجلاه واعضاءه . ولما قال له مغفورة لك خطاياك في الحال نال الشفاء . وعادت اعضاؤه الى حركتها الطبيعية .