تفسير (متى 7: 3) : ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك ، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها ؟
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
تكررت هذه الاية فى (لو 6: 41 و 42) لماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها؟ 42 او كيف تقدر ان تقول لاخيك: يا اخي دعني اخرج القذى الذي في عينك وانت لا تنظر الخشبة التي في عينك. يا مرائي! اخرج اولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى الذي في عين اخيك."
هنا بدأ يسوع بتكلم بصيغ المفرد أى بصورة شخصية فإنتقل المسيح من الكلام للجمع إلى الأفراد، ربما ليحس كل سامعٍ أن يسوع يقصدة شخصيا . وربما ارأى يسوع فريسي يدين يقكره أو بكلامه تلاميذ المسيح أو غيرهم وى شك أن الجموع التى كانت واقفع تسمع عظة يسوع كانت تردد عبارة ايوب الصديق ” بسمع الأذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عيني” ( أي 5:42 ).
1) "لِمَاذَا تَنْظُرُ؟ " الاستفهام هنا للتوبيخ، فكأنه يقول لا سبب ولا عذر لك أن تفعل هذا. وهنا أشار المسيح إلى عادة الناس عامة فى غصرة يب قى جميع الغصور أن تتكلم عن سقطات الناس وعيوبهم ويتغاضى عن عيوب نفسه، فكأنه يقول: لماذا تنظر إلى عيوب غيرك وتذمه عليها وى تتذكر عيوبك أعظم منها؟
العين هى نافذة الإنسان للعالم فمن خلالها يتعلم الإنسان ويخزن فى عقله الجيد والردئ مما رأته عيناه وقد علمنا السيد المسيح أن العين سراج للجسد، خلقها الله لتنير للإنسان طريقه نحو الأبدية السعيدة” سراج الجسد هو العين، فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرا”( مت 22:6 )،والعين في الكتاب المقدس لها معان كثيرة، وذكر الرب العين الشريرة ”لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الأفكار الشريرة، زنى فسق قتل سرقة طمع خبث مكر عهارة عين شريرة …”(مر 22،21:7). … وإن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلما، فإن كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون؟”(مت 23:6)، وفي سفر الأمثال نرى كيف تأتي العين الشريرة بالمصائب على الانسان”ألعين المستهزئة بأبيها والمحتقرة إطاعة أمها تقورها غربان الوادي وتأكلها فراخ النسر”(أم17:30).كما أن العين الشريرة تجعل الانسان غير نقي القلب متكبرا، ومن خلال العين نظهر الرغبة والشعوة “ألعين لاتشبع من النظر”(جا8:1)، ويعطينا سليمان الحكيم خبرته مع العين الشهوانية فيقول”ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما، ثم التفت، فاذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس”(جا11،10:2). وأنه لا يخفى علينا أن كل ما نراه بأعيننا في هذا العالم لابد أن ينتهي ويزول”لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم، والعالم يمضي وشهوته وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد( 1يو 17،16:2 ). ولقد طالبنا الرب أن نتعامل بمنتهى القسوة مع أعيننا الشريرة إذا أعثرتنا” فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك لأنك خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقي جسدك كله في جهنم”( مت29:5 ). يدين الآخرين.ومن خلال العين تظهر البغضة والحسد التي في القلب، عين عمياء بالكراهية والحقد، لذلك يقول الكتاب” وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لأن الظلمة أعمت عينيه” (1يو11:2)، كما أنها تكشف عن الالتواء والطريق الغير المستقيمة” ألرجل اللئيم الرجل الأثيم يسعى باعوجاج الفم، يغمز بعينيه يقول برجله يشير بأصابعه في قلبه أكاذيب يخترع الشر كل حين يزرع خصومات” ( أم6: 12-14 ).
أما العين الصالحة، فهي مكشوف لها أسرار السماء، لذلك يطلب داود المرنم إلى الله ويقول”أكشف عن عيني فأرى عجائب من شريعتك”(مز 18:119)، وهي عين شاخصة دائما إلى فوق نحو الله مترجية مراحم الرب بثقة أكيدة أنه يستجيب بحسب غنى صلاحه” إليك رفعت عيني ياساكنا في السموات” ( مز1:123 )، ” أعين الكل إياك تترجى” ( مز15:145 )،” لأن رحمتك أمام عيني” ( مز3:26 )، وصاحب العين المرفوعة إلى السماء، يعلم تماما أنه لابد أن ينجو من فخاخ الشيطان ومن كافة القوى الشريرة الروحية غير المنظورة ” عيناي دائما إلى الرب لأنه هو يخرج رجلي من الشبكة ” ( مز 15:25).
وذكر الكتاب عيون أخرى غير عين الانسان الجسدية، وهناك العين الروحية التي ترى ما لا تراه العين الطبيعية في الجسد، كما أنه توجد أعين للحيوانات والطيور والحشرات والأسماك والمخلوقات المختلفة بأشكال وألوان مختلفة. ونسمع أيضا عن ما يسمى بعين العقل. وكأن العقل يرى وله عين، ونسمع في الكتاب المقدس أيضا عن طغمات الكاروبيم المملؤة أعينا، أي مملؤة معرفة. ثم يكشف لنا الكتاب عن عين الله، أنهما كلهيب نار”هذا يقوله ابن الله الذي له عينان كلهيب نار”(رؤ18:2). وهذه الكلمة لاتعني محدودية الرؤيا بالنسبة لله، ولكنها تقودنا من خلال اللغة القاصرة لكي نستوعب بالروح- بقدر استطاعتنا – ما هو أشمل وأوسع فيما يخص أمور الله، لأنه هكذا يخبرنا الكتاب”من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرا؟!”( رو34:11 ).
2) " ٱلْقَذَى" ما يحمله الهواء من الغبار الدقيق والتبن ونحوهما، فيقع في العين. ومعنى القذى فى اللغة العربية ما يتكوّن في العين من وسخ أبيض جامد يتجمّع في مجرى الدمع من العين (العماص) والمقصود به هنا الخطأ الصغير.
3) " أَخِيكَ " أي إنسان مثلك.
4) " ٱلْخَشَبَة " مجازٌ ومبالغة، فيراد بالخشبة الذنب الكبير. والفرق عظيم بين القذى والخشبة، فى العين فالقذى تستطيع العين أن تفصله إلى الجانب ولا تؤثر على الرؤية بينما الخشبة فهى تؤلم العين ما امت موجودة فيها وتحجب النظر وتؤذى الإنسان داخليا هكذا تفعل الخطايا الكبيرة فى الإنسان منماسى ذنوبنا الكبيرة التى مثل الخشبة وهنا لم يحدد يسوع حجم الخشبة أى حجم الذنب ، ونرى ذنب الآخرين كالقذى. ويجب أن نفترض أعذاراً للغير ولا نعذر أنفسنا.
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
قال القديس يوحنا الذهبي الفم ان كثيرين اذا رأوا عند الرهبان والمتوحدين ثوباًً زائداً خاطبوهم بالآية القائلة ” لا تقتنوا ثوبين ” وهم يخطفون ثياب غيرهم ظلماًً . كذلك اذا رأوا الراهب يأكل قوته اليومي يلومونه مع انك تراهم يدمنون المسكرات ويستعملون الشراهة في الاكل فانهم بذلك يضرون انفسهم اذ ينظرون النقص الصغير اي القذى في عين غيرهم وهم لا يفطنون للخشبة اي الخطايا الكبرى التي يرتكبونها .