تفسير (متى 5: 4) 4 طوبى للحزانى لانهم يتعزون. .
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
أشعياء ٦١: ٢، ٣ ولوقا ٦: ٢١ ويوحنا ١٦: ٢٩ و٢كورنثوس ١: ٧ ورؤيا ٢١: ٤
1) “ طُوبَى لِلْحَزَانَى،” لِلْحَزَانَى أي الذين يحزنون على الخطية والشرور الناتجة عنها ونرى ونسمع عن هؤلاء المنتصريين الذين آمنوا بالمسيح يحزنون على فترة من عمرهم التى إنقضت فى الإسلام وهم لا يعرفون يسوع ويفتخرون بقولهم "كنت أعمى والآن أبصر" هذه العبارة أخذوها من المولود أعمى الذى شفاه المسيح وعندما سألوه الفريسيين عن المسيح مدعيين أنه خاطئ عندما " دعوا ثانية الانسان الذي كان اعمى، وقالوا له:«اعط مجدا لله. نحن نعلم ان هذا الانسان خاطئ» فأجاب ذاك وقال: «أخاطئ هو؟ لست أعلم. إنما أعلم شيئا واحدا: أني كنت أعمى والآن أبصر».(يو 9: 24- 25) وهم قد نالوا التعزية لأنهم تعمدوا ومسحوا بالروح القدس وهناك حزانى يحزنون على فقرهم الروحي . فلمثل هؤلاء الطوبى والسعادة، .. والحزن نوع من الضسقات التى نواجهها فى العالم لأنه فى العالم سيكون لنا ضيق وهنا نرى أن العملية عكسية بين الفرح والحزن ونجد أن المستهترون فى حياتهم يقول لهم الرب يسوع (لو 6: 25) "ويل لكم ايها الشباعى لانكم ستجوعون. ويل لكم ايها الضاحكون الان لانكم ستحزنون وتبكون."
أنواع الحزن ثلاثة
(أ) وهناك أنواع من الحزن منه الذى يؤدى للموت وهو حزن اليأس من مراحم الرب وهو قد يؤدى إلى الموت الروحى أو الجسدى بالإنتحار مثلا أو كلاهما معا وأحيانا حزن الناس لعدم حصولهم على ما يشتهونه فى الحياة من مطالب محبة الذات والكبرياء والطمع، وهناك الحزن ناتج من تأنيب الضمير الذى يؤدي إلى الموت (٢كورنثوس ٧: ١٠) أو الحزن الناش عن موت جبيب لدينا فقال بولس ( 1 تس 4: 13) ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين، لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم"... بعض أنواع الحزن شر لمجاوزتها الحدود، أو لأنها ناتجة عن عدم إمكاننا أن نتمم مقاصدنا الشريرة. وبعضها طبيعي كحزننا على فقدنا بعض الأصحاب، وهذا قد يعود علينا بالنفع أو بالضرر.
(ب) ولكن نحن الحزانى على خطاياهم نطرحهاامام يسوع فيحملها عنا هذا هو الحزن المثمر الذى يمسحه يسوع بعد دموع التوبة وألإعتراف ... وهذا ما أشار إليه النبى أشعيا فى نبوئته الشهيرة (سفر إشعياء 53: 4) لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحملها. ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا."
(ج) وهناك الأمناء الذين يحزنون على خطايا غيرهم، وورد فى العهد القديم على خراب صهيون الروحي (إر 9: 1) .الضمير الإنسانى والروح القدس وضعا لتبكيت الإنسان على أخطاؤه وهنا يشير بولس الرسول إلى العلاقة بين الضمير والروح القدس وتبكيت الأثنين فنقرأ عنه أنه حزن على عدم قبول بنى إسرائيل (اليهود) المسيح (رو 9 : 1- 2) اقول الصدق في المسيح، لا اكذب، وضميري شاهد لي بالروح القدس: ان لي حزنا عظيما ووجعا في قلبي لا ينقطع .اني كنت اود لو اكون انا نفسي محروما من المسيح لاجل اخوتي انسبائي حسب الجسد، الذين هم اسرائيليون، ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد، ولهم الاباء، ومنهم المسيح حسب الجسد، الكائن على الكل الها مباركا الى الابد. امين."
أمثلة للحزن الذى ورد فى الكتاب المقدس : (أ) حزن الرب على أنه خلق الإنسان بكامل حريته ولكنه أخطأ (تك 6: 6) فحزن الرب انه عمل الانسان في الارض، وتاسف في قلبه" (.تك 6: 7) فقال الرب: «امحو عن وجه الارض الانسان الذي خلقته، الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لاني حزنت اني عملتهم»
(ب) حزن ألأغنياء لأنهم يحبون المال أكثر من محبتهم للرب .. الشاب الغنى (لو 18: 23) فلما سمع ذلك حزن لانه كان غنيا جدا.(لو 18: 24) فلما راه يسوع قد حزن قال: «ما اعسر دخول ذوي الاموال الى ملكوت الله!"
(ج) حزن التلاميذ عندما أنبأهم يسوع عن الإضطهاد الذى سيواجهونه بعد أن يموت ويقوم (يو 16: 6) لكن لاني قلت لكم هذا قد ملا الحزن قلوبكم. (يو 16: 20) "الحق الحق اقول لكم: انكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح. انتم ستحزنون، ولكن حزنكم يتحول الى فرح." ( لو 22: 45) ثم قام من الصلاة وجاء الى تلاميذه فوجدهم نياما من الحزن." وحزن بطرس أيضا بعد موت الرب وقيامته ورجع إلى مهنة الصيد وقابلة يسوع على بحر طبرية وقال له (يو 21: 17) قال له ثالثة:«يا سمعان بن يونا، اتحبني؟» فحــزن بطرس لانه قال له ثالثة: اتحبني؟ فقال له: «يارب، انت تعلم كل شيء. انت تعرف اني احبك». قال له يسوع:«ارع غنمي."
2) “ لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ ” التعزية ناتجة من الروح القدس "المعزى" (إنجيل يوحنا 16: 8) ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة:
لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ يتعزون الآن لشعورهم بالمغفرة (مزمور ٣٢) وسيتعزون في السماء (رؤيا ٧: ١٣ - ١٧) لأن أسباب حزنهم تكون قد زالت، ولأن الله يعزيهم، لا أفكارهم ولا كلام الناس. فإذاً طوبى لهم.( 2 كو 6: 10) كحزانى ونحن دائما فرحون.كفقراء ونحن نغني كثيرين.كان لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء .. وشبه الرب التعزية ولادة المرأة وتعبها ولكنها تفرح بميلاد الطفل فقال لتلاميذه (يو 16: 22) فانتم كذلك، عندكم الان حزن. ولكني ساراكم ايضا فتفرح قلوبكم، ولا ينزع احد فرحكم منكم"
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
فالحزن على نوعين : حزن عالمي ، سببه الفقراء او عدم التمكن من الانتقام من عدو او فراق احباء وغير ذلك . وهذا الحزن يورث الموت فكما ان الحزن لاجل العالم يسبب الموت هكذا الحزن لاجل الله يكسب الحياة ويورث التعزية والسلوان . فالمسيح هنا لا يعطي الطوبى للحزانى من اجل الفقر وموت الاقارب بل للحزانى على خطاياهم خائفين من الدينونة كقوله : ” بللت في كل ليلة سريري ” . وسمي حزانى اولئك الذين يبتعدون عن الخطايا آسفين لشرور الاخرين كصموئيل على شاول . قال داود النبي : “ان الكآبة احاطتني من اجل الخطأة الذين تركوا ناموسك ” . وهكذا كان يفعل احد القديسين اذ كان يبكي عندما يأكل . فاذا سئل عن ذلك أجاب قائلاً : ” اني اتذكر ما كنا فيه في بدء خلقتنا والى اي ذل سقطنا بسبب سقطة ابينا آدم حتى اننا اصبحنا نأكل العشب كالحيوان ” . فالحزانى الذين عناهم المسيح هم الذين يحزنون على ما ارتكبوه من الخطايا مبتعدن عن لذات وافراح هذا العالم لئلا تضعف فيهم الفضيلة . اما القديس ساويرس فيسمي حزناً التنسك والابتعاد من الشهوات العالمية .
( فانهم يعزون ) اي يكشف ويزيل عنهم الخوف من اجل الافراح التي بسببها كانوا حزانى .