يسوع يعلم ويشفي المرضى
تفسير (متى 4: 23) وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ، ويكرز ببشارة الملكوت ، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب .
انيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
(مت 9: 35 و 24: 14 ) (مر 1: 14 و 21 و 24 و 39) (لو 4: 15و 11: 24)
لا يذكر البشير خبرا عن حدث فى وقت معين ولكن هنا يذكر البشير سرحا عاما عن خدمة وتبشير وكرازة المسيح فى الجليل بعدا إبتدأ يطوف فيها (راجع ع 12: 17) ووضح البشير أن يسوع أن خدمته لم تكن فى مكان واحد فقط فى الجليل بل فى كل بلاد التى كان يجول فيها الجليل قال يوسيفوس المؤرخ أن كان فى إقليم الجليل 204 مدينة كبيرة وصغيرة .. أصغرها كان يسكنها 15 ألف نسمة فإذا كان فى تلك البلاد نحو ثلاثمائة ألف نسمة
1) “وكان يسوع يطوف كل الجليل ” لم يكن يسوع يطوف بمفرده بل كان معه بعض من تلاميذه يدربهم كان تبشيرة وكرازته فى الجليل متعبة جدا لأنه أثناء إقامته فيها 18 شهرا خرج من كفر ناحوم للتبشير تسع مرات وأنه سافر ثلاث رحلات تبشيرية طويلة وخمسا وخمسا أو ستة رحلات تبشيرية قصيرة يجول ويعلم
2) “ يعلم ” التعليم جزء من التبشير وهو لبث الوعى والفهم الدينى بين الشعب فهو قد وضع الأساس الضرورى لفهم رسالته فى الفداء كما أسس تعليم الرسل الشفاهى والكتابى فى رسالتهم
3) “ في مجامعهم ” مَجْمَع (1) هو مكان الاجتماع وعند اليهود مركز للعبادة ودار للقضاء العالي وكان يستعمل كمدرسة. قال يوسيفوس المؤرخ : أنه فى وقت خراب اورشليم كان فى تلك المدينة وحدها 480 مجمعا وكان للمجامع شيوخ (لو 7: 3) ورؤساء(لو 8: 41 و 49) وكيفية العبادة كانت بسيطة تشمل الصلاة وقراءة التوراة والوعظ وبعض الإنذارات .. وقد سمح ليسوع المسيح بان يعظ و (يكرز) فى المجامع إما أن الحرية كانت معطاة لكل إنسان أو أن يسوع كان قد ذاعت شهرته كمعلم وسمعه الناس خارج المجامع وأرادوا أن يمتلئ المجمع من السامعين فدعوه ليعظ ولأنه معله ماهر صانع للعجائب (لو 4: 46) (أع 13: 15)
كانت العبادة قبل السبي تؤدي في هيكل أورشليم فقط وطبعًا كان الكتاب يقرأ في أي مكان (أرميا 36: 6 و10 و12-15).
وكان الناس يذهبون إلى الأنبياء في أي مكان للإرشاد الديني (2 ملو 4: 38) وكانت العبادة في أورشليم مستحيلة وغير ممكنة لما كان الشعب في سبي بابل. ويظهر أنه في ذلك الوقت وفي بابل نشأت فكرة المجامع.
ولقد أقيمت لا لتكون مكانًا للذبائح وإنما للتعليم الكتابي والصلاة وزعم البعض أن المجمع نظمه موسى (عدد 11: 16) وقد جاءت كلمة معاهد الله في (مزمور 74: 8) بمعنى مجامع الله أو محافل أو مقادس من أيام يهوشافاط (2 أخبار 19: 8-11) وأما السنهدريم فقد انتظم في أيام المكابيين وبقي إلى زمن مخلصنا (متى 5: 22)، وهو المجمع الذي حكم على يسوع (مت 26: 59 ومرقس 15: 1) ومن ذلك الوقت أخذت سلطته تضعف وتتناقص إلى وقت خراب أورشليم ثم نقل إلى تبنة وبعد ذلك إلى طبرية حيث انتهى سنة 425 م. وكان لهذا المجلس سلطة عظيمة في الأمور الدينية والمدنية. وكان مؤلفًا من واحد وسبعين عضوًا ينتخبون من الشيوخ والكهنة والكتبة ويرئسه رئيس الكهنة. وأما زمن اجتماعه ففي الصباح قرب الهيكل وحسب تقليد التلمود أخذ من السنهدريم الحكم بالموت قبل موت المسيح بثلاث سنين فلما جاء اليهود بيسوع إلى بيلاطس ليحاكمه قالوا له: "لا يجوز لنا أن نقتل أحدًا" (يو 18: 31).
(2) كان لليهود مجامع أخرى عديدة يختلف نظامها فيما بينها غير أنها كانت كلها خاضعة لمجمع السنهدريم في اورشليم.
وكان المجمع في قرية عدد أصحاب بيوتها 120 فصاعدًا مؤلفًا من ثلاثة وعشرين شخصًا، وفي القرى الصغيرة من سبعة قضاة ولاويين أو ثلاثة أعضاء فقط. وقد أشير إلى هذه المجامع وسلطتها في متى 5: 21 و22 ومرقس 13: 9. وأما أرباب المشورة الذين خاطبهم فستوس (أع 25: 12) فكانوا مجمعًا قائمًا بذاته يتعلق أمره بالحكومة الرومانية. وكان لليهود مجامع خارج أرض فلسطين في المدن الصغرى كما كان في سلاميس وفي قبرص (أع 13: 5) وفي أيقونية (أع 14: 1) وفي بيرية (أع 17: 10). وكانت هذه المجامع منفصلة عن الحكومة وتدير شؤونها الدينية والمدنية وهي خاضعة بالطبع لقانون البلاد.
(3) كان ترتيب تلك المجامع أشبه بترتيب خيمة الاجتماع فإن الهيكل كان في الوسط وفيه تابوت لحفظ نسخة من الشريعة وقدامه المنبر وأما المقاعد فيها فكان بعضها أعلى من البعض الآخر أحيانًا وكانت العليا مخصصة للشيوخ وتعرف "بالمجالس الأولى" (متى 23: 6 ويع 2: 2 و3) وكان في الاجتماع الرجال يجلسون في جانب والسيدات في جانب آخر.
وكان لكل مجمع خدمة مخصوصون:-
(أ) رئيس المجمع (مر 5: 35 واع 18: 8) وفي بعض المجامع كان يوجد عدد من الرؤساء (مرقس 5: 22 واع 13: 15) وعمل الرئيس أن يرئس الخدمة ويعين أو يأذن لعدد مناسب أن يصلي ويقرأ الكتب ويعظ وكان مسؤولًا عن الممتلكات (لو 13: 14).
(ب) المجلس ذاته وهو مؤلف من الشيوخ وذوي الرفعة والاقتدار (مر 5: 22).
(جـ) خادم المجمع (لو 4: 30) وكان يعد البناء للعبادة ويعلم في المدرسة الملحقة بالمجمع.
(د) كان لكل مجمع شمامسة لتوزيع الصدقات من أصل مال المجمع (مت 6: 2).
(هـ) مختار الجماعة كان يقرأ الكتاب ويصلي، ونقرأ عن يسوع أنه اختير لقراءة الكتاب في مجمع الناصرة (لو 4: 16) وغالبًا علّم في المجامع (مت 4: 23) وقد دعي بولس وبرنابا رؤساءُ المجمع في إنطاكية بيسيدية لإلقاء كلمات الوعظ (أع 13: 15).
وقد تألفت لجنة من ثلاثة أعضاء أغنياء من المجلس وثلاثة شمامسة والخدام والمختار ومعلم اللاهوت لإدارة العبادة. وكان يحق لمدبري المجمع أن يخرجوا منه المجرمين ويجلدوهم (مت 10: 17) على أن الإخراج من المجمع (يو 16: 2) كان شرًّا من الجلد عند اليهود، وربما كانت تجري محاكمة المجرمين في المجمع. وأما جلدهم فيوكل بالمجلس، والمجلس ينفذ حكم الجلد على يد رجل معين لذلك (أع 22: 19 و26: 11) وبعد أن أخرج الرسل من مجامع اليهود أخذوا يجتمعون معًا للصلاة في بيوت خاصة (أع 2: 36 و5: 42 ورو 5 و1 كو 6: 19 وكو 4: 15).
(4) أما ترتيب الصلاة فكان كما يأتي: كان الواعظ بعد اجتماع الشعب يعلو المنبر ويتلو الصلاة العمومية فيقف عندها كل الشعب في أماكنهم على غاية من الخشوع والوقار (مت 6: 5 ومر 11: 25 ولو 18: 11 و13) ويرددون متحدين كلمة "آمين". وكانت الصلوات تسع عشرة طلبة يعقبها تلاوة بعض الآيات (تث 6: 4-9 و11: 13-21 وعدد 15: 37-41) ثم كانت تكرر بعض الصلوات ثم يقرأ الناموس والانبياء. وأما الناموس فكان مقسمًا إلى أربعة وخمسين فصلًا مع بعض إضافات من أقوال الانبياء يقرأ منها فصل كل سبت إلى أن تقرأ بجملتها على مدار السنة (أع 13: 27 و15: 21).
ومن غريب الاتفاق حسب قول البعض أن التلاميذ كانوا يقرأون في اليوم المقابل ليوم الخمسين فصلًا من يوئيل فيه إشارة إلى حلول الروح القدس عليهم. وبعد رجوع الشعب من السبي عينوا أشخاصًا لقراءة الناموس والانبياء وتفسيرها لأنهم كانوا قد نسوا أثناء لغتهم العبرانية واستبدلوها في الغالب باللغة الأرامية (نح 8: 2-8) فكان التفسير والوعظ يأتيان أخيرًا ويقوم يهما أحد خدمة المجمع أو يكلف بهما شخص آخر اشتهر في التعليم إذا اتفق وجوده هناك، كما اتفق ذلك لمخلصنا وتلاميذه مرارًا عديدة. ثم تختم الصلاة بإعطاء البركة.
وكان اليهود يسمون المجمع بلغتهم "بيت هكنست" ولا تزال بقايا مباني المجامع هذه موجودة في الجليل في تل حوم التي هي كفر ناحوم قديمًا وفي اربيد وكفر بيريم وفي أماكن أخرى. وشكل هذه المباني مربع ممتدة من الشمال إلى الجنوب يتوسطها فناء كبير وبابان صغيران على الجانب الجنوبي، وفي الداخل أربعة صفوف من الأعمدة يعلو كل منها تاج من الفن الإغريقي والمباني مزينة برسوم من ورق الكرمة وأغصان العنب. وقد دلت الرمة وأغصان العنب. وقد دلت الاكتشافات الحديثة عام 1934 على وجود مجامع على الضفة اليمنى لنهر الفرات على طريق من حلب إلى بغداد يرجع تاريخها إلى عام 245 ميلادية ووجدت على جدرانها نقوش كثيرة توضح مناظر كتابية وتبين عصر أصول الفن المسيحي.
وتدل المجامع العظمى على أن نحميا نظمها منذ عام 410 ق.م. وكان يشتمل المجمع على 120 عضوًا (سفر المجلات 17 و18) وقد تَرَأَّس عزرا على هذا المجمع. وكان سمعان العادل الذي مات حوالي 275 ق.م. آخر أعضاء هذا المجمع، وإن كانت فكرة وجود هذا المجمع غير مذكورة في مؤلفات يوسيفوس وفيلو وفي الكتاب المقدس إلا أن بعض التقاليد قد تصدق. وربما كان هذا المجمع العظيم مجلسًا من الكتبة لتقرير المسائل اللاهوتية.
4) “ ويكرز ببشارة الملكوت ” ولكن ما هو الملكوت المعلَن عنه كبشارة؟ انه الملكوت الذي علمنا أن نصلى من أجل ان يأتى جرى تعليم الملايين ان يصلّوا من اجله بهذه الكلمات المألوفة: «ابانا الذي في السموات، ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض». (مت 6: 9- 10) انه الملكوت الذي تحدث عنه النبي العبراني دانيال قبل اكثر من ٢٥ قرنا عندما كتب: «يقيم اله السموات مملكة لن تنقرض ابدا وملكها لا يُترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت الى الابد».(دا 2: 44)
5) “ ويشفي ” المسيح أتى كملك يفعل ما يفعله الملوك الأبرار الصالحين فكان معطى الخيرات عندما جاع الشعب فى البرية أشبعه من خمس خبزات وسمكتين وعندما لم يجد المرضى من شعبه شفاءا من طبيب كان يشفيهم ولم يقتصر الشفاء على أمراضهم الجسدية بل وللنفسية أيضا .. اى أنه أراد أن يخلص االشعب وينقذه من الهلاك زإن كان غير مفهوم العدو من البشر الذين تملكهم الشيطان إلى الشيطان ذاته وكما كان يعمل فى العهد القديم إستمر فى العمل فى العهد الجديد
3) “ كل مرض ” أى أن المسيح كان يشفى كل مإنسان مريض ولم يقتص فى شفاؤه للمرضى على خاصته من اليهود بل كان من الأممر أيضا بشرط واحد هو الإيمان به ولم نسمع قط أنه طرد أحدا من الذين أتوا إليه أملا فى نوال الشفاء منه
4) “ وكل ضعف في الشعب ” الضعف تشير إلى بعض الأمراض التى تصيب الإنسان نتيجة مرض عضوى أو تأثير فى الجسم أو نتيجة توقف بعض أجهزة الجسم مثل الكلى والكبد عن العمل أو نتيجة نقص فى الغذاء .. ألخ من الأسباب الأخرى
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
الجليل هي بلدة . وكان يعلم في المجامع ليبين انه غير مخالف لأوامر الله الآب بل يطيعه في كل شيء . وتعليمه للجموع كان هذا . اي انه كان يفسر لهم النبوات التي قيلت عن مجيئه وآلامه مفهماً اياهم ان زمان الناموس قد جاز وبلغ الانجيل . وغير ممكن التبرر بالناموس . وكان يعلمهم ان يؤمنوا به وبأبيه وبروحه القدوس . وان يحتقروا العالم ويعملوا الصالحات . ( يكرز ببشارة الملكوت ) فيشير الى كرازته وصنعه العجائب . وكان المسيح اذا علم شيئاً جديداً يؤيده بالعجائب . وكذلك عندما كان يحرضهم على الاعمال الفاضلة ويكرز لهم عن ملكوت السموات كان يؤيد كلامه بالعجائب لان الملكوت كان مجهولاً عندهم . وبقوله كل مرض وضعف ابان كل العجائب والامراض التي شفاها .