ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " ٱمْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ " سكان إقليم سور وصيدا كانوا من الفينيقيين وهم فى الأصل من أولاد كنعان حفيد نوح، ولم يطردهم بنو إسرائيل من أرضهم كما طردوهم من أرض الميعاد . وسماها مرقس «أممية» لأنها وثنية، وفينيقية سورية لأنها من سلالة القبائل التي أمر الرب بإهلاكهم لأنهم يعبدون أوثانا وكانت شرورهم كثيرة . وكانت هاتين البلدتين تابعتين إلى سوريا لأن الأرض التي سكنتها كانت فى التقسيم عند الرومان جزءاً من ولاية سوريا وتحت حكم واليها.
نقرأ في سفر التكوين أن نوح لعن كنعان «ملعون كنعان، عبد العبيد يكون لإخوته» (التكوين ٢٥:٩)، واللعنة عند اليهود تمّتد إلى كلّ ذريّة الملعون. (أبنائهم سدوم وعمورة ومارسوا الشذوذ الجنسي - عبدوا آلهة كثيرة - كثر عندهم العهر...)، ولكن المسيح هو مزيل كلّ لعنة التي هي الخطيئة.
الله تجسّد لخلاص كل الشعوب وغيّر كلّ المفاهيم الضيّقة لنكون جميعنا شعبًا واحدًا للرّب،
2) " خَارِجَةٌ مِنْ ٱلتُّخُومِ " أي آتية من بيت أو قرية في تلك الأرض قريبة أو بعيدة.
3) " ٱرْحَمْنِي" يبدوا أن انتشر خبر أعمال المسيح ومعجزاته وتعاليمه في كل سوريا حتى بلغ أقاصيها (متّى ٤: ٢٤) فذاع خبره في جميع سورية. فاحضروا اليه جميع السقماء المصابين بامراض واوجاع مختلفة والمجانين والمصروعين والمفلوجين فشفاهم. " وأتى الناس إليه من صور وصيدا (مرقس ٣: ٨) ومن اورشليم ومن ادومية ومن عبر الاردن. والذين حول صور وصيداء جمع كثير اذ سمعوا كم صنع اتوا اليه " . وكما سمع أهل تلك البلاد بيسوع سمعت تلك المرأة برأفته وحنوه وشفقته على الحزانى والمرضى والمصابين، فقالت له عن مصيبتها فى إبنتها وتأمل من المسيح أن يشفي ابنتها وهذا يعتبر إيمانا . فسألته الرحمة لنفسها إذ حسبت مصيبة بنتها مصيبة لها.
وكثيراً ما تكون مصائب الإنسان الغير مؤمن أو حتى المؤمن بركة له، لأنها تقوده إلى الإيمان المسيح. فلولا مرض تلك البنت ما عرفت هي ولا أمها المسيح ، ولا أتت الأم إليه. ومن أعظم ما كان لتلك البنت من خير مع مصابها أنه كان لها والدة صلَّت إلى المسيح من أجلها. فعلى كثيرين من الأولاد الآن أن يشكروا الرب أن أمهاتهم لم تكف عن الصلاة إلى المسيح من أجلهم، فإن تلك الصلاة من وسائل خلاصهم.
4) " صَرَخَتْ إِلَيْهِ" إنها فرصة أن تراه لعدم قدرتها على السفر لتذهب إليه فى الجليل لتشفى إبنتها المجنونة وما أن رأته كانت تصرخ بصو ٍت عال مرتفع وبشكل متكرر والسؤال الذى يطرح نفسه كيف عرقته ؟ . هذا الزمن الناقص يمكن أن يعني
(أ) عمل متكرر في زمن ماض أو (ب) بدء عمل فيزمن ماضى .
5) " يَا سَيِّدُ يَا ٱبْنَ دَاوُدَ. " إشتهر المسيح بهذا الاسم أكثر من سائر أسمائه الأخرى ، وهذا اللقب مسياني من(٢ صم ٧ ) .لقد كانت تعرف شيئاً عن الإيمان والرجاء اليهودي. انظر التعليق على (مت ٩ :٢٧ ) فلا بد من أن الذين أخبروها بأعمال المسيح سموه بهذا الاسم ( راجع متى 20: 31) فانتهرهما الجمع ليسكتا، فكانا يصرخان أكثر قائلين: «ارحمنا يا سيد، يا ابن داود!».
6) " إرحمنى" إهذا أمٌر ماضي ناقص مبني للمعلوم يستخدم بمعنى طلبة صلاة، وليس أمرا ، شتهر يسوع بالرحمة والحنّو نحو الفقراء والمرضى والممسوسين بالشرير قد تناقلت أخبارها ألسنة الناس على مدى واسع. حتى المرأة غير اليهودية شعرت بأنه سيتصرف معها كما تصرف مع بنى جنسه من اليهود رحمة ورأفة بها وبأبنتها من أجلها (مت ٩ :٢٧) (مت ١٧ :١٥ ) .(
7) " يَا سَيِّدُ" هذه كانت إما (أ) إسم سيد أو " رب" استخدام عام شائع لكلمة "سير" الإنجليزية (ب) الإستخدام اللاهوتي لـ "معلم" و"المسيا"؛ وحده السياق يمكن أن يخبرنا المقصود بالضبط. بما أنها مدمجة مع لقب مسياني هنا، فإن الخيار الثاني هو الأفضل.
8) " اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّا" مَجْنُونَةٌ أي فيها شيطان (مرقس ٧: ٢٩). هذا هو الإستخدام الوحيد لهذه الكلمة في العهد الجديد، رغم أن صيغة مشابهة لها نجدها في اسم (مر ٧ :٢٦ ) وكانت المراة اممية وفي جنسها فينيقية سورية - فسالته ان يخرج الشيطان من ابنتها. " لأن أهل سورية أخذوا المصابين بالأرواح النجسة إليه فى الجليل فشفاهم ( مر 3: 11 ) والارواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة: «انك انت ابن الله!» . كانت تدعى امرأة فينيقية سورية، والتي ستكون في العالم اليوم امرأة من جنوب لبنان. حدثت في منطقة أممية ً يهودية. هذه الرواية، مثل (مت ٨ :٥ -١٣ )،أظهرت اهتمام يسوع بالأ لها في مت بمجملها (مر ٧ :٣١ )
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
ان المراة الكنعانية ما مضت لاورشليم لان اليهود كانوا ينفرون من الامم وهي حسبت نفسها غير مستحقة ان تمضي الى هناك . ويشار بالكنعانية الى الجنس البشري وبابنتها الى النفس المعذبة من آلام الخطيئة . وكذلك الكنعانية هي رمز الى البيعة اي أنفس القديسين . والبنت المعذبة كناية عن بني البشر المعذبين من الآلام السمجة . وعليه فكل فرد منا يجب عليه ان يضرع الى المسيح بالحاح لتعتق نفسه من الآلام وان ظهر له كأن ضراعته غير مسموعة فلا يكل ولا يمل عن الصراخ اليه من صميم قلبه حتى يجاب فكما ان المسيح خرج من تخومه أي من اليهودية هكذا البيعة خرجت من تخومها وتقدمت اليه وحينئذٍ استطاعا ان يتكلما فيما بينهما . فالشعوب الذين أفسدوا ناموس الطبيعة ونزحوا عن بلاد اسرائيل كيلا يغيروا عاداتهم ويحيدوا عن ضلالهم أسرعوا اليه واليهود الذين أتى لاجلهم وشفى مرضاهم يطردونه . ثم ان الكنعانية ما تجاسرت ان تاتي بالمجنونة اليه او ان تدعي الطبيب اليها كما دعاه عبد الملك لكنها قالت ترحم علي . وقد كانت ابنتها في أشد الضيق من سكون ذلك الشيطان فيها .