تفسير (متى 3: 15) : 16 فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذا السماوات قد انفتحت له فراى روح الله نازلا مثل حمامة واتيا عليه
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
(مر 1: 10) 0إش 11: 2 و 42: 1) (يو 1: 22 و 23)
1) “ فلما اعتمد يسوع ” أى فى الحال أى فى وقت معموديتة أعلن اللاهوت بعلامة منظورة وبصوت مسموع أنه المسيح وأضاف لوقا أن يسوع كان يصلى (لو 3: 21) " ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا. واذ كان يصلي انفتحت السماء" .. فى بداية خدمة يسوع إعتمد من يوحنا بمعمودية التوبة وهو لم يخطئ وأمام ظهور ألاب والروح القدس قبل يسوع أن يكون ذبيحة تذبح كفارة عن توبة من تاب من اليهود وأعلن غفرانه لخطايا كثيريين نه مسبقا قبل توبتهم بمعمودية التوبة وحملها فى جسدة ذبيحة مرضية أمام الرب قبل الصلب غفر الخطايا وبعده
2) “ صعد للوقت من الماء ” بعد أن إعتمد المسيح صعد من داخل النهر إلى الشاطئ حيث إعتمد مثل قوله صعد من الجليل (لو 2: 4) والصعود وتعنى كلمة " الصعود" إلى جبل ومن الماء إلى الشاطئ وفى الكنيسة من أسفل إلى أعلى من الأرض إلى السماء خَمِيسُ الصُّعُودِ : يَوْمُ احْتِفَالِ الْمَسِيحِيِّينَ بِذِكْرَى صُعُودِ الْمَسِيحِ إِلَى السَّمَاءِ
3) “ اذا " إشارة إلى حادثة فجائية غريبة
4) "السموات قد انفتحت له ” أى أن السماء المنظورة التى نراها ظهر طريقا مفتوحة تصل الأرض إلى السماء وأن هناك سبيلا للصلح بين البشر وإلههم وعن إسطفانوس (أع 7: 56) " واما هو فشخص الى السماء وهو ممتلئ من الروح القدس، فراى مجد الله" وبطرس (اع 10: 11) "فراى السماء مفتوحة،" وفى رؤيا يوحنا الحبيب (أع 19: 11) " ثم رايت السماء مفتوحة،"له أى إختصت هذه الرؤيا للمسيح لكى تتم شهادة شهد يوحنا أنه ليس المسيح بل أنه مرسل امامه (بو 1: 22 و 23) وهذه هي شهادة يوحنا، حين ارسل اليهود من اورشليم كهنة ولاويين ليسالوه:«من انت؟» فسالوه وقالوا له:«فما بالك تعمد ان كنت لست المسيح، ولا ايليا، ولا النبي؟» 26 اجابهم يوحنا قائلا:«انا اعمد بماء، ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه. 27 هو الذي ياتي بعدي، الذي صار قدامي، هذا كان في بيت عبرة في عبر الاردن حيث كان يوحنا يعمد" (يو 1: 32 - 34) وشهد يوحنا قائلا:«اني قد رايت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وانا لم اكن اعرفه، لكن الذي ارسلني لاعمد بالماء، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه، فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس. وانا قد رايت وشهدت ان هذا هو ابن الله». .. . وأيضا رآها الشعب (لو 2: 21) "ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا. واذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة. وكان صوت من السماء قائلا: «انت ابني الحبيب بك سررت!"
5) “ فرأى ” أى يسوع .. هذه الرؤيا رآها الجميع لأنه لم تكن فى حلم أو ظهور وحى لإعلان أمر إلهى لفرد واحد بل أنها رؤيا حسية للمسيح والشعب وليوحنا
6) “ روح الله ” وظهر الأقنومين ا"لآب والروح القدس " فى هذا الوقت مسح الروح القدس يسوع لأجل ممارسة وظائفة بين بنى البشر كنبى ورئيس كهنة وملك كما تنبأ أشعياء (أش 61: 1) روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللماسورين بالاطلاق" والمتأمل فى هذه الاية يتأكد أن الرب نفسه (ألاب) هو الذى مسح يسوع وليس بيد إنسان
7) “ نازلاً ” شبه بعض المفسرين أن الروح تنزل كما تمزل الحمامة فى هدوء مثل رفرفته على وجه المياة يوك نكوين العالم (تك 1: 2) .. وقال آخرون أن الروح أخذ فعلا هيئة حمامة والتى أرسلها نوح خارج الفلك وقال آخرون أنها نزل فى صورة أخرى على هيئة ألسنة نارية فى يوم الخمسين ومع ان الروح من المفروض ألا يرى بالعين إلا نزل بهيئة حمامة ليكون ظاهرا للجميع ويبين الإتصال الحقيقى بينه وبين المسيح ويرى البعض أن الروح إحتار هذه الهيئة لأن الحمامة موصوفة بالطهارة والوداعة والسلام .. كانت العلامة وقتية ولكن الثالوث الإلهى لا ينفصل لأنه واحد
8) “ وآتياً عليه ” القصد بهذه الرؤيا هو المسيح وهو تأييد إلهى ظاهر للجميع وأن الروح القدس ظهر بهيئة جسدية (لو 2: 21) "ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع ايضا. واذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة." وأنه نزل وإستقر غلى يسوع ليدل على انه الشخص المميز والمرسل والمخصص والذى مسح فى المعمودية والتى سوف تصير معمودية المسيحيين بعد ذلك بمسحة الروح القدس .. وحلول الروح القدس على المولود عند إتمام سر العماد فى الكنيسة القبطية ألأرثوذكسية "سر عظيم" ولكن هنا بداية ظهور الروح القدس بصورة جسدية "حمامة" حتى يعطى علامة ظاهرة لجميع المؤمنين بيسوع أن هناك روحا مقدسة تحل اثناء عماد الشخص وهذه العلامة المنظورة " الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة." لتثبت إيماننا بحلول الروح القدس وقت العماد على المعمد
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
فانفتاح السموات اثبت اولاً ان المعتمد هو سماوي وانه من السماء نزل والى السماء يصعد . ثانياً كما ان آدم قد أغلق في وجهنا السموات بمخالفته وتعديه الوصية هو وأولاده من بعده . واغلق الفردوس بواسطة الكاروبي والحربة النارية . هكذا ان عماد المسيح فتح باب السماء والفردوس . ثالثاً ليعلم الذين يعتمدون ان السماء تنفتح لهم وان كانوا ابراراً صعدوا الى السماء بعد القيامة .
( فرأى روح الله الخ ) ان الروح نزل ليظهر انه من طبيعة ذلك المعتمد فاسرع الى من يشبهه لا في السماء لكن على الارض بالتدبير الجسدي . بل لكي تكمل النبوة القائلة : ” ينبت القضيب من اصل يسى ويحل ويستقر عليه روح الله ” . وقد قال الله في الابتداء : ” لا تسكن روحي في الانسان الى الابد لانه قد اخطأ ” . ولان البشر كانوا معدومين منه منذ ذلك الزمان فاوجب الامر ان يحل على مخلصنا الذي كان يهتم بأمورنا . لكي به ترد لنا الموهبة التي كانت قد زالت عنا منذ القدم . قال القديس يوحنا ان الشعب كانوا يظنون ان يوحنا أفضل من المسيح لأنه ابن كاهن وزاهد وقد عمد مخلصنا فلكي لا يتحقق ظنهم انفتحت السموات وسمع الصوت القائل هذا هو ابني . ولكي لا يظن الجمع ان الذي حصل كان لاجل يوحنا . قال هذا هو ابني . لان الروح جاء بشبه الحمامة يجذب الصوت الى يسوع . واشار اليه كما يشار بالاصبع . قال القديس افرام : نزل الروح ليبين ان الرئيس الاعلى نزل وصعد وانه مساو بالجوهر للذي يشهد عنه . قال القديس ساولوغوس ان السموات انفتحت ونزل الروح المساوي له بالجوهر ليشهد له وليظهر جلياً الثالوث الاقدس . فالابن يعتمد والآب يصرخ والروح يحل وقد دل الروح على الابن بحلوله عليه لئلا يقع ريب عند احد في المسيح لان النظر اصدق شاهد من السمع . ولكي يعلمنا ان الروح يتبعنا عندما نعتمد . قال قوم ان المسيح غطس ثلاث مرات في الماء اشارةً عن الثالوث . وقد ترآءى الروح عدة مرات قبلاً على اوجه مختلفة فقد ترآءى لابراهيم شبه انسان وبشّره عن اسحق ابنه ، وللرسل شبه السنة نارية ليبين لهم انهم بالالسنة يجذبون كل الضمائر والعقول . اما في هذه المرة فقد ترآءى شبه الحمامة لان هذا الطائر هو هادئ وويع ومحب للسلام ، فترى ان الناس يخطفون فراخه وهو مع ذلك لا يهرب ولا يسكن الا مع الناس . ولكي يعلمنا انه روح التواضع والالفة . وانه لا يكلمنا بقساوة كما كلم اسرائيل ، لكن بالحلم والسلام . فيعلمنا نحن المعتمدين ان نتشبه به في الوداعة وبساطة القلب ، وابان في الوقت نفسه انه اله العهدين الجديد والقديم . وكما ان الحمامة كانت واسطة لتبشير نوح بانتهاء الطوفان المحسوس ، هكذا انه بواسطة الحمامة اي الروح القدس زال طوفان الخطيئة . فالحمامة هي دليل اذاً على الرضى والرحمة ومحبة الله وزوال الاحزان . قال ثاولوغوس والروح يشهد للالوهية وترآءى من السماء ليرى انه اله ومن طبعه هو . ليس بمحدود في السماء . فقد قال عنه النبي ” ان روح الله ملأت المسكونة ” وهو الذي لا تسعه السماء . يتساءل البعض قائلين اذا كان الروح قد نزل اولاً فما الحاجة الى الصوت ؟ قال مار يعقوب السروجي ان الروح والصوت ظهرا سوية لكن الروح قد ترآءى اولاً كالبرق الذي يسبق الرعد . فهبط الروح ومكث عليه . فكان واجباً ان يعرف السبب من الصوت . اما مرقس ولوقا فيقولان ما معناه بعد ان نزل الروح سمع الصوت . والهراطقة اصحاب شيعة مقدونيون يقولون كما ان الانسان افضل من الحمام كذلك الابن افضل من الروح لان الابن لبس جسد الانسان اما الروح كشبه الحمام . فنجيبهم ، ان الابن لبس جسداً حقيقياً بلا تغيير . اما الروح فلم يتخذ طبيعة الحمام . والشاهد على انه لم يعد ترآءى كشبه حمامة . واذا كان الروح يعتبر ادنى من الابن لانه ترآءى بصورة حمامة فينتج اذاً على حسب رأيهم ان الكاروبيم افضل منه لانهم ترآءوا مثل النسور لحزقيال . وليس بمنكر ان النسر افضل من الحمام . والملائكة قد ترآءوا مثل بني البشر فاذاً هم ايضاً افضل منه . والقديس ثاولوغوس قال ان كنت بالقد والاوزان تحكم على اللاهوت فبالطبع يظهر لك ان الروح صغير . لانه قد ترآءى شبه الحمام . فلا يبعد ان نحتقر ملكوت السماء لانها شبهت بحبة خردل . ونستعظم ابليس اكثر من يسوع . لانه دعي تنيناً وجبلاً وملك المياه . وهذا يسمى خروفاً ودرة ودودة ونطفة . اما الروح فقد قال قوم انه ترآءى ليوحنا وحده . كما رأى يوحنا الانجيلي وحده الدم والماء اللذين جريا من جنب المسيح كما يتضح ذلك من قوله . اني قد رأيت وشهدت . واثبت ذلك مرقس ولوقا اذ قالا عن يوحنا الانجيلي انه رأى ولم يقولا انهما رأيا . اذاً الجميع قد سمعوا الصوت اثباتاً لكلام يوحنا . والقديس الذهبي الفم يقول ان يوحنا والجمع كله رأوا الروح وسمعوا الصوت . والا لظن الحضور ان ذاك الصوت القائل هذا هو ابني كان عن يوحنا . لانهم رأوا حلول الروح على الابن . اما انتقاله عنه فلم يره احد دلالة على انه غير ممكن ان يكون خلواً من شريك له بالطبع فمكتوب انه استقر عليه ( يو1 : 32 ) ليدل بذلك انه روحه . وكما ان الآب في الابن والابن في الآب هكذا الروح القدس في الآب وفي الابن لأن الجوهر واحد . وقد شهد يوحنا بما اوحى اليه في البرية . ان الذي ترى الروح نازلا ومستقرا ً عليه … هو ابن الله ( يو1 : 33 ) وهذا القول عينه كان يقوله لكل الذين كانوا يأتون اليه ليعتمدوا منه . كما قال انه لما كان يوحنا يمارس خدمته كان يقول دافعاً عنه الشبهة بكونه المسيح . وكان ينادي عن المسيح انه سيأتي عقيب خدمته ولم ينكر انه عمّد المسيح المنتظر . وكما ان شاول ادرك وهو ملك بعد ان ملكه انتقل منه الى داود . هكذا كان يوحنا يخبر بان ايامه معدودة . ولما كانت الجموع الغفيرة تجتمع حوله لتعتمد منه . فبعد ان يعمدها كان يقص عليها خبر معموديته وعودته من البرية وذاك الذي اعتمد منه . وكيف اعتمد . وما الذي جرى حين عماده وهو كان حاضراً . وكان يذكر بحضرة كثيرين كما ذكر بطرس وبولس بكتاب القوانين ان الروح ترآءى لكل الناس وانه بعيد العماد يجب ان يبطل كل عمل . لانه فيه ظهر الثالوث الاقدس للحاضرين ونزل الروح وسمع الصوت بعد ما اعتمد كقول مرقس ولوقا . ان الروح لم ينزل ليقدس الماء او المسيح ويجعله ابناً مثلنا لكن ليرينا انه الابن فقط ولو قبل الروح كمن يحتاج اليه لقبله مثلنا لا بعد ما صعد من الماء . اما لوقا فيزيد انه بعد عماده .
واذا كان يصلي انفتحت السماء ( لو 3 : 21 )
فلم يصلّ لانه محتاج . فانه هو القابل الصلوات . ولكن حتى كما كانت لنا بداءة بعماده هكذا تكون بداءة للكهنة ان يصلوا بواسطة صلاته . فكما انه حين كان يصلي نزل عليه الروح . هكذا قد اعطى مثالاً للكهنة المعمدين انهم عندما يصلون وهم يباشرون العماد فليطلبوا من الله اللآب ان يرسل الروح القدس ليمتزج بماء المعمودية ويقدّس المعتمدين . وكما ان الكهنة بهذا الزمان يعتمدون اولاً ثم يصيرون كهنة فيصلون طالبين من الله ان يرسل الروح القدس . هكذا سيدنا السيد المسيح رئيس الكهنة اعتمد اولاً ، ثم ترآءى واقفاً على المعمودية يدعوا للروح . فاذا كان قد صلّى ليكون بداءة ومثالاً فلماذا لا يترآءى الروح اليوم عياناً في العماد كما ترآءى في عماد المسيح ؟ فاعلم يا انسان انه بعمادك تنفتح السموات فان كنت لا ترى ذلك بعينك فلا ترتب فيه في قلبك . لانه في مبدأ النصرانية كانت لمناظر ظاهرة بسبب غير المؤمنين كما حدث للرسل يوم حل عليهم الروح اذ سمعوا صوتاً كالريح العاصفة وظهرت لهم السنة نارية منقسمة ( اع 2 : 2 و 3 ) وذلك لاجل اليهود الحاضرين هناك . اما الآن فيكفيك الايمان آمن وصدق ولو لم تتجل الآيات لك ظاهرةً لكنها تفعل فعلها سراً . فمكتوب هناك نزل على المسيح اما هنا فلم ينزل على الكهنة لانهم قبلوه مرة واحدة في الرسامة . لكنه ينزل على الماء باطنا ً ويقدسه للميلاد الثاني .